عودة إلى صفحة : المجلة وشرحها لعلي حيدر
(الْمَادَّةُ 79) : الْمَرْءُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ إلَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ مُكَذَّبًا شَرْعًا
وَقَدْ أُخِذَتْ هَذِهِ عَنْ الْمَجَامِعِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِمَالِ لِآخَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ عَنْ خَطَأٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهِ ادَّعَى بِأَنَّهُ كَانَ أَوْفَى ذَلِكَ الدَّيْنَ يُنْظَرُ إذَا كَانَ الِادِّعَاءُ بِالْأَدَاءِ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلُ حَيْثُ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ وَتَنَاقُضًا فِي الْقَوْلِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ غَيْرِ مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ يُقْبَلُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1632) .
كَذَا: إذَا قَبَضَ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ وَبَعْدَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ ادَّعَى أَنَّ النُّقُودَ الَّتِي قَبَضَهَا مُزَيَّفَةٌ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ.
هَذَا وَإِنَّ الْمَادَّةَ (1581) مِنْ الْمَجَلَّةِ الَّتِي تَنُصُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِآخَرَ بِكَذَا ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: رَجَعْت عَنْ إقْرَارِي هَذَا فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُ وَيُلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ.
وَالْمَادَّةُ (1127) فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِهَا أَيْضًا.
قُلْنَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَا مَعْنَاهُ: إذَا كَذَبَ الْإِقْرَارُ شَرْعًا فَلَا يُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1654) أَنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي يَكْذِبُ شَرْعًا بَاطِلٌ وَالْمُقِرُّ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِهِ وَإِلَيْك الْمِثَالُ:
إذَا تَخَاصَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بِأَلْفَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ هَذَا مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ أَقَامَ الشَّفِيعُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَتَمَلَّكَ تِلْكَ الدَّارَ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ لَا بِالْأَلْفِ بِدَاعِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اعْتَرَفَ فِي دَعْوَاهُ مَعَ الْبَائِعِ بِأَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِأَلْفٍ فَقَدْ كَذَبَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَأَصْبَحَ بَاطِلًا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ.
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ الْمَدِينُ لَهُ بِأَمْرِهِ وَطَلَبَ إلْزَامَهُ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَبِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ أَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي وَاسْتَوْفَى بَدَلهَا يَحِقُّ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدِينِ بِالْبَدَلِ الْمَدْفُوعِ مِنْهُ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ الْكَفَالَةَ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ شَرْعًا.
هَذَا وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ. كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1512) أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَاقِلًا بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَعْتُوهَةِ. وَفِي الْمَادَّةِ (1575) يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الْمُقِرِّ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِالْجَبْرِ. وَفِي الْمَادَّةِ (1577) أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرُّ ظَاهِرَ الْحَالِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق