الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 أبريل 2024

الطعن 740 لسنة 46 ق جلسة 6 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 373 ص 181

جلسة 6 ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الخولي، ويوسف أبو زيد، ومصطفى كمال سليم ودرويش عبد المجيد.

----------------

(373)
الطعن رقم 740 لسنة 46 القضائية

(1، 2) مسئولية. "المسئولية التقصيرية".
(1) مسئولية المتبوع. تحققها كلما كان فعل التابع قد وقع أثناء تأدية وظيفته أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته على ذلك وسواء كان الفعل لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي بعلم المتبوع أو بغير علمه.
(2) مسئولية المتبوع عن خطأ تابعه. لا يمنع من تحققها تعذر تعيين التابع.
(3) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي".
(3) الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق. لا تكتسب أية حجية أمام القضاء المدني للمحكمة أن تقضى بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها لفاعلها على خلاف القرارات. المذكورة.

------------------
1 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن المشرع بصدد تحديده نطاق مسئولية المتبوع وفقا لحكم المادة 174 من القانون المدني لم يقصد قصر المسئولية على خطأ التابع وهو يؤدى عملاً من أعمال وظيفته وبسببها بل تحقق المسؤولية كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل هذه الوظيفة أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأي طريقة كانت فرصة ارتكابها سواء ارتكب لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي وسواء أكان الباعث الذى دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه.
2 - مسؤولية المتبوع تتحقق ولو لم يعين تابعه الذى وقع سنه الفعل غير المشروع إذ يكفى في مسألة المتبوع أن يثبت وقوع خطأ من تابع له ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه (2).
3 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (3) - أن الحكم الجنائي هو الذي يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى فاعلها على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق، لما كان ذلك. فإن قرار النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في الجناية موضوع الفعل غير المشروع المؤسس عليه طلب التعويض لا يكون له ثمت حجة أمام القضاء المدني أياً ما كان فحوى هذا القرار والأسباب التي بني عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 136 لسنة 1966 مدني كلي الجيزة مختصمين الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي لهم مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عما حاق بهم من أضرار نتيجة مقتل أبيهم أثناء أداء عمله بمصنع الشركة الطاعنة. وبتاريخ 21 من يونيه سنة 1972 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم بكافة طرق الإثبات أن أباهم قد قتل باعتداء وقع عليه من أحد تابعى الشركة الطاعنة فلحقهم الضرر من جراء هذا الحادث وأجازت للشركة الطاعنة نفي ذلك بذات الطرق، وبعد أن باشرت المحكمة تحقيقاً سمعت فيه شهود الطرفين قضت بتاريخ 21 من مارس سنة 1973 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والقضاء لهم بطلباتهم، وقيد الاستئناف برقم 3525 لسنة 90 ق، وبتاريخ 27 من مايو سنة 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضدهم مبلغ ألف وخمسمائة جنيه يقسم بينهم بالتساوي. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة تنعى بأولها على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وتقول بياناً لذلك أن تطبيق نص المادة 174 من القانون المدنى يتطلب ارتكاب التابع خطأ وأن يكون الخطأ قد وقع أثناء تأديته وظيفته أو بسببها، فعلاقة الوظيفة بالخطأ فى مفهوم هذا النص لا تقوم على مجرد أن الوظيفة ساعدت على وقوع الخطأ أو هيأت الفرصة لارتكابه بل هى أكثر من ذلك فهى ضرورية لإمكان وقوع الخطأ ولولاها لما استطاع التابع أن يأتى الفعل غير المشروع ولذا يسأل التابع وحده دون المتبوع إذا ارتكب التابع الخطأ بدافع شخصى، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس من تحقق مسئولية المتبوع دون أن يورد الدليل القاطع الذى يثبت أن جريمة القتل اقترفها عامل معين أو عمال معينون تابعون للشركة وأن الجريمة وقعت فى حالة تأدية التابع لوظيفة أو بسببها على نحو ما سلف، بل بنى قضاءه فى هذا الصدد على قول مرسل متجرد من دليل يسانده فإنه يكون معيباً بالقصور مشوباً بالفساد فى الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بصدد تحديده نطاق مسئولية المتبوع وفقاً لحكم المادة 174 من القانون المدنى لم يقصد قصر المسئولية على خطأ التابع وهو يؤدى عملاً من أعمال وظيفته وبسببها بل تحقق المسئولية كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأديته الوظيفة أو كلما استغل الوظيفة أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأى طريقة كانت فرصة ارتكابه سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصى وسواء كان الباعث الذى دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه وكان من المقرر أيضاً أن مسئولية المتبوع تتحقق ولو لم يعين تابعه الذى وقع منه الفعل غير المشروع إذ يكفى فى مساءلة المتبوع أن يثبت وقوع خطأ من تابع له ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد الأدلة والقرائن التى اتخذها قواما لقضائه وأفصح عن المصدر الذى استقاها منه، فأبان أن جريمة قتل مورث المطعون ضدهم ارتكبت داخل فناء مصنع الشركة الطاعنة وأطرح دفاع الطاعنة بأن الحادث وقع خارج المصنع وألقيت الجثة داخله مستدلاً على ذلك بأقوال حارس الشركة التى أدلى بها فى تحقيقات النيابة وما أسفرت عنه المعاينة، ثم أورد الحكم فى تقريراته "وحيث إن الثابت من التحقيقات أن العاملين فى فرز الخرده وهم...... و...... و..... كانوا يباشرون عملهم بداخل حوش الخردة بجوار الباب الغربي في صباح يوم الحادث 27/ 4/ 1961 في الوقت الذي شوهد فيه المجني عليه متجهاً إلى الناحية الغربية داخل حوش الخردة وهم الذين ورد ذكرهم في محضر تحريات المباحث أنهم..... قد ارتكبوا الحادث وإن كانت التحقيقات لم تسفر عن دليل يصح لاتهامهم إلا أن جماع أقوال المسئولين في الشركة وعلى الأخص شاهدي الشركة أمام محكمة أول درجة وهما..... رئيس الإدارة، والحسابات بالمصنع و...... الموظف بالشركة غير مصرح لأحد غير عمال الشركة بالدخول إلى فناء الخردة سالف الذكر بغير تصريح ومرافق ويثبت اسمه بدفتر البوابة وهو أمر لا يحدث إلا مرتين أو ثلاثة في السنة للمقاولين الذين يطلبون معاينة الخردة، أما الشحن والتفريغ فإنه يتم بواسطة قاطرات الشركة بعمالها..... وقد قرر الشاهد الثاني من شهود الشركة أمام محكمة أول درجة أنه لا يذكر شيئاً عن وجود آخرين أو وجود سائق القطار في يوم الحادث - هذا بالإضافة إلى أنه لم يرد في تحقيقات الشرطة أو النيابة أية إشارة إلى وجود أي عنصر غريب عن عمال الشركة بداخل حوش الخردة يوم الحادث الأمر الذي يقطع بأن الحادث وقع من بعض أو أحد العاملين بالشركة وهم وحدهم الذين كشفت التحقيقات عن توفر الدافع لديهم لقتل المجنى عليه لما عرف عن الأخير من شدة تدينه وتمسكه بالفضيلة وحرصه على صالح الشركة ودأبه على ضبط المخالفين والسارقين منهم والتبليغ عنهم للجهات المختصة بالشركة ولا يقدح فى ذلك أن التحقيقات لم تسفر عن التوصل لمعرفة الفاعل أو الفاعلين من بين هؤلاء العمال....." لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة في بحث ما يقدم لها من الدلائل والمستندات وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه كما لها السلطة في تقدير أقوال الشهود والأخذ بأقوال بعضهم دون البعض الآخر واستخلاص ما يقتنع به وجدانها وتراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض في ذلك متى كان استخلاصها سائغا له أصله الثابت بالأوراق، وكانت الأدلة والدلائل التي ساقها الحكم المطعون فيه سائغة ومستمدة من التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة عن الحادث ومن أقوال الشاهدين اللذين أدليا بشهاداتهما أمام محكمة أول درجة، وهى من شأنها مجتمعة أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من أن حادث مقتل مورث المطعون ضدهم وقع داخل فناء مصنع الشركة الطاعنة ومن فعل أحد أو بعض العاملين بها، وكان يكفي في القانون وعلى هدي ما سلف - لقيام مسئولية الشركة الطاعنة عن التعويض - أن يثبت الحكم المطعون فيه وقوع الجريمة من عامل بها ولو لم يعرف بشخصه وتعيينه من بين تابعيها وتتحقق المساءلة ولو كان الباعث على القتل - كما أفصح الحكم - شخصيا وليس لمصلحة المتبوع طالما كانت الوظيفة هي التي ساعدت التابع أو هيأت له إتيان فعله، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من نعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقها في الدفاع وبياناً لذلك تقول أن الدعوى ظلت تؤجل أمام محكمة الاستئناف عدة جلسات لضم المفردات وإذ ضمت بجلسة 10 من مايو سنة 1976 فقد طلبت التأجيل للاطلاع عليها إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وقررت حجز الدعوى للحكم وحددت للنطق به جلسة 27 من مايو سنة 1976 وأذنت بتقديم مذكرات بطريق الإيداع ودون تصريح منها بالاطلاع مما يعد إخلالاً بالحق في الدفاع. مبطلاً للحكم ومستوجباً نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير مقبول ذلك أنه لما كانت الشركة الطاعنة لم تقدم الدليل على ما تمسكت به أمام محكمة الاستئناف من طلب التأجيل للاطلاع على المفردات أثر ضمها وعند حجز الدعوى للحكم والتفات المحكمة عن الاستجابة لهذه الطلبات فإنه نعيها يكون مفتقراً إلى الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثالث أن النيابة العامة بعد أن انتهت من تحقيق حادث مورث المطعون ضدهم فى الجناية رقم 77 لسنة 1961 البدرشين أصدرت قراراً - صار نهائياً - بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل، وإذ كان هذا القرار قد أثبت أن الفاعل الذى اقترف الحادث غير معلوم فإن مفاده انتفاء تعيينه من بين تابعى الشركة الطاعنة مما كان متعيناً على الحكم المطعون فيه الالتزام بقوة الأمر المقضى لقرار النيابة وإذ جاء قضاؤه مناقضاً له فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي هو الذى يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني ويكون له أن يقضى بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى فاعلها على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق، لما كان ذلك. فإن قرار النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في الجناية موضوع الفعل غير المشروع المؤسس عليه طلب التعويض لا يكون له ثمت حجية أمام القضاء المدني أيا ما كان فحوى هذا القرار والأسباب التي بني عليها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 18/ 3/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 صـ 795.
(2) نقض 22/ 11/ 1943 ص 626 بند 74 مجموعة 25 عاماً.
(3) نقض 27/ 1/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 صـ 307.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق