جلسة 15 من يناير سنة 1979
برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، الدكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي ويوسف أبو زيد.
--------------
(51)
الطعن رقم 369 لسنة 46 القضائية
نقل بحري "أعمال الشحن والتفريغ".
أعمال الشحن والتفريغ. حظر مزاولتها بطريق مباشر على غير المقيدين في السجل الخاص بذلك. جواز الاتفاق مع متعهد التخليص على الإشراف على عملية التفريغ والالتزام بنفقاتها، فيعيد بهذه العملية إلى إحدى الشركات المقيدة في السجل الخاص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1253 سنة 65 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة الطاعنة طالباً إلزامها بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات عما قام به من عمليات تحميل ونولون المهمات الواردة إليها من الخارج إلى أرصفه جمرك الإسكندرية في الفترة من 27/ 6/ 1965 حتى 29/ 8/ 1965 على أساس سعر الطعن 237 قرشاً، مع إلزامها بغرامة تهديدية قدرها خمسة جنيهات عن كل يوم تأخير تأسيساً على أن الشركة الطاعنة كانت قد أسندت إليه هذه العمليات بالسعر المذكور بموجب اتفاق شفوي اعتباراً من أول إبريل سنة 1965، وبتاريخ 9/ 2/ 1966 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإلزام الشركة الطاعنة بتقديم كشف الحساب المطلوب لجلسة 26/ 3/ 1966 وبغرامة تهديدية قدرها خمسة جنيهات عن كل يوم تأخير، وإذ قدمته طلب المطعون ضده ندب خبير لفحصه وتصفية الحساب بينهما فقضت المحكمة بذلك في 6/ 4/ 1966 وقبل أن يقدم الخبير تقريره أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1631 لسنة 67 على المطعون ضده بطلب إلزامه بمبلغ 4294.132 ج والفوائد بواقع 5% من تاريخ إعلانه بالصحيفة قولاً منها بأنه اتفق معها بموجب عقد مؤرخ 1/ 5/ 1965 على أن يقوم بعمليات تخليص وتحميل ونقل وتفريغ الخامات والمعدات التي ترد إليها من جمرك الإسكندرية إلى مقرها بعين حلوان بسعر 3.370 ج للطن، وأنه تسلم منها مبلغ 5824.510 ج متجاوزاً المبالغ التي تستحق له، ومع ذلك امتنع - وبدون وجه حق - عن تنفيذ التزامه بغية حملها على رفع الأسعار، فاضطرت إلى إسناد عملياتها إلى الجمعية التعاونية الإنتاجية لشئون التخليص والأعمال الجمركية مما ألحق بها خسارة مالية مقدارها 4294.932 ج تتمثل في غرامات التأخير ورسوم الأرضية وفروق الأسعار. وهو مبلغ أقر المطعون ضده بمديونيته به في اتفاق مؤرخ 19/ 1/ 1966 وفقاً لنتيجة الفحص والمراجعة التي قام بها الجهاز المركزي للمحاسبات. وبجلسة 1/ 1/ 1969 قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الشركة الطاعنة مدينة للمطعون ضده في مبلغ 3464.965 ج. وقدمت الشركة الطاعنة تقريراً استشارياً يؤكد مديونية المطعون ضده لها في مبلغ 4844.322 ج، وبجلسة 26/ 3/ 1969 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب خبير مرجح للقطع برأي في كل نقط الخلاف بين الطرفين، و تصفية مركز كل منهما، وتحديد ما يستحقه كل منهما قبل الآخر، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى مديونية الشركة الطاعنة للمطعون ضده في مبلغ 3074.965 ج فبادر الأخير بتعديل طلباته في مواجهة الحاضر عن الشركة الطاعنة إلى إلزامها بأن تدفع له هذا المبلغ وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة الحاصلة في 16/ 10/ 1965، ومبلغ خمسة آلاف جنيه كتعويض عن قيامها بفسخ العقد من جانبها بلا مبرر. وطلبت الشركة الطاعنة رفض دعوى المطعون ضده، وإلزامه في دعواها بأن يدفع لها مبلغ 4844.322 ج قيمة مستحقاتها لديه ومبلغ 1067.503 جنيهاً قيمة غرامات تأخير مستحقه عليه. وبجلسة 24/ 2/ 1971 ندبت المحكمة كلية التجارة بجامعة الإسكندرية لتندب أحد أساتذتها المختصين بالمحاسبة وأعمال التخليص والجمارك لحسم أوجه الخلاف بين الطرفين، وإذ أفادت كلية التجارة بعدم وجود تخصص في أعمال التخليص والجمارك أصدرت المحكمة حكمها في الموضوع بجلسة 22/ 1/ 1975 قاضياً: (أولاً) في دعوى المطعون ضده بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 3074.965 ج والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 12/ 1970 ومبلغ 1000 ج كتعويض، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. (ثانياً) وفي دعوى الشركة الطاعنة برفضها. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 140 لسنة 31 ق تجاري الإسكندرية فقضت محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 23/ 2/ 1976 بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتعويض إلى مبلغ خمسمائة جنيه، وتأييده فيما عدا ذلك - طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول، وبالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قد خالف نصوص عقد الممارسة وكراسة شروطها التي ارتضاها المطعون ضده، والتي تضمنت صراحة التزامه بمصاريف التفريغ، كما أغفل الرد على ما وجهته من مطاعن جوهرية إلى تقرير الخبير، ومنها إغفاله خصم مبلغ 1800 جنيه كانت الطاعنة قد سددته لتوكيل أمون للملاحة من حساب المطعون ضده الذي أقر به في الاتفاق المؤرخ 19/ 1/ 1966 ووافق على قيده في حسابه عند التسوية النهائية إلى أن الحكم المطعون فيه قد أطرح الشق الأول من هذا الدفاع، وساير الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من التزام الطاعنة بتلك المصاريف أخذاً بما رآه الخبير المنتدب في الدعوى من أن المطعون ضده لا يمكنه القيام بأعمال التفريغ ذلك أن المادة السابعة من القانون رقم 12 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري قد حظرت القيام بأعمال الشحن والتفريغ إلا على إحدى الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بالمؤسسة المذكورة، وهذا من الخبير والحكم خلط بين القيام بعمليات التفريغ كعمل مادي وبين الالتزام بنفقات هذه العمليات. ذلك أن هذه المادة إنما تتحدث عن العمليات المادية للتفريغ ولم تعرض لنفقات هذه العمليات التي يمكن أن تكون محل اتفاق مع باقي أعمال متعهد النقل يلتزم بها كشق من التزامه على أن يعهد هو في تنفيذها إلى إحدى الشركات المقيدة في السجل، ويؤدي لها تكاليفها. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد قام على فهم خاطئ لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1964 - مما أدى به إلى الخروج على نصوص العقد التي ارتضاها الطرفان بما يجعله معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب بمجازاته للحكم الابتدائي وإغفاله الرد على الشق الثاني من دفاع الطاعنة المنصب على خطأ الخبير بعدم احتسابه مبلغ 1800 ج الذي قامت بسداده عن المطعون ضده لتوكيل المطعون أمون الملاحي رغم إقرار الأخير به. وهو دفاع جوهري لو فطن الحكم المطعون فيه إليه وعرض له ومحصه لتغير وجه الرأي في الدعوى، الأمر الذي يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد في شقه الأول ذلك أنه لما كان الثابت من صحيفة الاستئناف - التي قدمت الطاعنة صورة رسمية منها - أنها نعت فيها على الحكم الابتدائي مخالفة الشروط الصريحة في الاتفاق المبرم بين الطرفين بتاريخ 1/ 5/ 1965 وفي كراسة شروط الممارسة الموقع عليها من المطعون ضده وأخذه بما انتهى إلهي الخبير المنتدب في الدعوى من تفسير خاطئ لنص المادة السابعة من القانون رقم 12 لسنة 1964 بشأن إنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري، وكانت هذه المادة إذ جرى نصها على أنه: "لا تجوز مزاولة أعمال النقل البحري والشحن والتفريغ والوكالة البحرية وتموين السفن وإصلاحها وصيانتها والتوريدات البحرية وغيرها من الأعمال المرتبطة بالنقل البحري والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير المواصلات إلا لمن قيد في سجل يعد لذلك بالمؤسسة المصرية للنقل البحري.... "فقد دلت على أن المشرع حظر مزاولة أعمال الشحن والتفريغ بطريق مباشر على غير المقيدين في السجل. إلا أن ذلك لا يحول دون الاتفاق مع متعهد التخليص والتحميل والنقل على أن يتولى كذلك الإشراف على عملية التفريغ والالتزام بنفقاتها فيعهد عندئذ بهذه العملية إلى إحدى الشركات المقيدة في السجل الخاص ويؤدي لها الرسوم المقررة - لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاع الطاعنة في هذا الخصوص وحملها - دون المطعون ضده - بنفقات تفريغ البضائع الواردة إليها تأسيساً على ما انتهى إليه تقرير اللواء البحري (الخبير المنتدب في الدعوى) وتأييداً للحكم الابتدائي فيما أورده في أسبابه من قوله: "كما أنه ثابت من التقرير أن المقاول لم يقم بعمليات التفريغ بتاتاً وهي ليست من اختصاصاته بقوة القانون لأن عملية التفريغ عملية قائمة بذاتها تخص شركة قطاع عام تنفذها بقوة القانون وحسب التسعيرة الخاصة سواء رضيت شركة النصر أم لم ترض، وإن شركة الشحن والتفريغ هي الشركة الوحيدة التي لها هذا الحق وذلك حسب القرار الجمهوري رقم 883 لسنة 1967 بتأسيس الشركة والقانون رقم 12 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري، وقد نصت المادة السابعة والثانية عشرة على ذلك...." فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون و تفسيره مما حجبه عن بحث شروط الاتفاق المبرم بين الطرفين بتاريخ 1/ 5/ 1965 وكراسة الشروط الملحقة به لإنزال حكم الشروط الواردة بهما على واقعة الدعوى. والنعي صحيح في شقه الثاني ذلك أن الثابت من صحيفة الاستئناف أن الطاعنة نعت فيها على الحكم الابتدائي إغفاله الرد على الاعتراضات التي وجهتها إلى تقرير الخبير في مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة بجلسة 3/ 2/ 1971 وكان يبين من الحكم الابتدائي الصادر لجلسة 24/ 2/ 1971 - الذي قدمت الطاعنة صورة رسمية منه - أنه أورد بمدوناته أن الطاعنة تمسكت في مذكرتها المشار إليها بأن الخبير رفض احتساب مبلغ 1800 ج كانت قد سددته عن المطعون ضده إلى توكيل أمون للملاحة رغم اعتراف الأخير بذلك في الاتفاق المبرم بينهما بتاريخ 19/ 1/ 1966 وموافقته على قيده في الحساب عند تصفيته، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري، وجاري الحكم الابتدائي في إغفال الرد عليه، في حين أنه لو عنيت المحكمة بفحصه وتمحيصه لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق