الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 فبراير 2024

الطعن 35 لسنة 15 ق جلسة 17 / 1 / 1946 مج عمر المدنية ج 5 ق 26 ص 59

جلسة 17 من يناير سنة 1946

برياسة حضرة محمد كامل مرسى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتى الجزايرلى بك ومحمد توفيق إبراهيم بك وسليمان حافظ بك المستشارين.

----------------

(26)
القضية رقم 35 سنة 15 القضائية

(أ) نقض وإبرام. دعوى. 

طلب رافعها حماية يده من الراسى عليه المزاد لكونه لم يختصم فى حكم مرسى المزاد. الحكم الصادر فيها. حكم فى دعوى يد. جواز الطعن فيه بطريق النقض. المادة 10 من قانون محكمة النقض.
(ب) دعوى وضع اليد. 

حكم مرسى مزاد لم يكن واضع اليد خصما فيه. تنفيذه بالتسليم. تعرض.
(جـ) دعوى وضع اليد. 

الجمع بينها وبين دعوى الملكية. بناء الحكم برفض دعوى اليد على ملكية المدعى عليه للعقار. مخالفة للقانون. (المادة 29 مرافعات)

-----------------
1 - إذا كان الثابت بصحيفة الدعوى وبالحكمين الابتدائى والاستئنافى الصادرين فيها يفيد أن الدعوى، وإن أشير فيها إلى صدور حكم مرسى مزاد الأطيان التى كان المدعى واضعاً يده عليها بموجب عقد قسمة وإلى محضر تسليم هذه الأطيان تنفيذاً لهذا الحكم، ليست دعوى بإبطال هذا الحكم وإلغاء إجراءات التنفيذ السابقة عليه، بل هى فى حقيقتها دعوى وضع يد يطلب بها المدعى حماية يده ومنع التعرض الواقع له المبنى على ذلك الحكم الذى لم يكن مختصماً فيه، فالحكم الصادر فيها يجوز الطعن فيه وفقاً للمادة 10 من قانون محكمة النقض.
2 - إن القانون يحمى وضع اليد من كل تعرض له، يستوى فى ذلك أن يكون التعرض اعتداءً محضاً من المتعرض أو بناءً على حكم مرسى مزاد لم يكن واضع اليد خصماً فيه، إذ الأحكام لا حجية لها إلا على الخصوم ولا يضار بها من لم يكن طرفاً فيها، لا فرق فى هذا بين حكم مرسى المزاد وغيره من الأحكام (1).
3 - إن دعاوى وضع اليد أساسها الحيازة المادية بشروطها القانونية ولا محل فيها لبحث الملكية ولا مستنداتها إلا على سبيل الاستئناس بها فى شأن وضع اليد وبالقدر الذى تقتضيه دعوى اليد دون التعرض إلى أمر الملكية بأى حال. فعلى المحكمة أن تقيم حكمها فى هذه الدعاوى على الحيازة المادية بشروطها فتقضى بقبولها أو برفضها بناءً على توافر تلك الشروط أو عدم توافرها. أما إذا هى أسست قضاءها فيها على الملكية ومستنداتها فإنها تكون بذلك قد أقحمت دعوى الملك على دعوى اليد (2)، وأغفلت أمر وضع اليد وخالفت المادة 29 من قانون المرافعات (3).
وإذن فإذا كانت المحكمة، وهى تفصل فى دعوى وضع يد، بعد أن أثبتت وضع يد المدعى على الأرض موضوع النزاع، وأثبتت أن المدعى عليه تسلمها تنفيذاً لحكم رسو مزادها عليه وأن المدعى لم يكن ممثلاً فى دعوى نزع الملكية، قد أقامت حكمها برفض هذه الدعوى على أساس أيلولة ملكية الأرض إلى المدعى عليه بموجب حكم مرسى المزاد، وعلى حجية هذا الحكم على المدعى، فى حين أن القضاء فى دعوى وضع اليد لا يصح أن يؤسس على الملكية وفى حين أن حكم مرسى المزاد هذا ليس فى مسألة وضع اليد حجة على المدعى، فإنها تكون قد خالفت القانون (4).


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن فى أنه فى 30 أغسطس سنة 1934 سجل بنك الأراضى المصرى تنبيهاً عقارياً على 18 ف و16 ط و8 س ضد عبد الفتاح البحيرى والسيد البحيرى، وسجل محضر الحجز العقارى فى 4 من ديسمبر سنة 1934 وعين للبيع يوم 12 من مارس سنة 1936. وفى 8 من مارس سنة 1936 باع المدينان 21 ف و9 ط و8 س من ضمنها المقدار سالف الذكر للمطعون ضده وإخوته على الشيوع بحق الربع للمطعون ضده والربع لأخيه سويلم والسدس لكل واحد من إخوته لأمه، وهم الطاعنون الثلاثة الأخيرون، وذلك بعقد سجل فى 10 من مارس سنة 1936 ودفع المشترون الأقساط المتأخرة إلى البنك فشطبت دعوى البيع.
وفى 17 من سبتمبر 1940 حرر عقد قسمة لإنهاء حالة الشيوع فى جميع الأراضى المملوكة لأسرة سويلم ومنها هذا القدر المبيع. وبموجب القسمة وقع القدر المذكور كله فى نصيب الطاعن الأول ووضع عليه يده وكان يستغله بمباشرة أولاده باقى الطاعنين، ولما كان عقد القسمة لم يوقعه كل الشركاء رفع بعضهم، ومنهم الطاعن الأول، دعوى القسمة رقم 36 سنة 1942 أمام محكمة دكرنس الجزئية. ثم إنه لعدم دفع الأقساط جدد بنك الأراضى إجراءات البيع ضد مدينيه الأصليين عن مقدار 18 ف و16 ط و8 س سالف الذكر ورسا مزادها عليه فى 4 من مارس سنة 1943 فقرر المطعون ضده زيادة العشر، وبجلسة 8 من أبريل سنة 1943 رسا المزاد عليه. وفى 30 من أكتوبر سنة 1943 قام محضر المحكمة المختلطة بتنفيذ حكم مرسى المزاد وتسليم الأرض موضوعه إلى المطعون ضده، فعارض الطاعن الثانى فى التنفيذ بأنه لم يعلن بأية ورقة من إجراءات نزع الملكية، وأثبت المحضر أنه ضرب صفحاً عن معارضته وسلم الأرض وما بها من زرع وشجر إلى المطعون ضده كما أثبت فى آخر محضر التسليم وصول تلغراف من الطاعنين الثلاثة الآخرين باعتراضهم على التسليم.
وفى 9 من نوفمبر سنة 1943 رفع الطاعنون على المطعون ضده الدعوى رقم 52 لسنة 1944 أمام محكمة دكرنس الجزئية طلبوا فيها الحكم عليه على وجه الاستعجال بعدم تعرضه لهم فى وضع يدهم على تلك الأرض مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ودفع المطعون ضده بعدم اختصاص المحاكم الأهلية. وفى 4 من يناير سنة 1944 قضت المحكمة برفض الدفع الفرعى وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى وفى الموضوع برفضها وإلزام رافعها بالمصاريف و300 قرش أتعاباً للمحاماة. فرفع الطاعنون على المطعون ضده استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة المنصورة الابتدائية طلبوابه - على ما أثبته الحكم المطعون فيه - إلغاء الحكم المستأنف والحكم بمنع تعرض المطعون ضده لهم فى الأرض المبينة الحدود والمعالم بذيل صحيفة الدعوى الافتتاحية وتسليمها إليهم مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وبجلسة 10 من فبراير سنة 1944 رفع المطعون ضده استئنافاً فرعياً عن قضاء الحكم المستأنف برفض الدفع بعدم الاختصاص. فدفع الطاعنون بعدم جواز هذا الاستئناف الفرعى. وفى 29 من فبراير سنة 1944 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئنافين الأصلى والفرعى شكلا وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة إلى قضاءه باختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى، وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون بالطرق القانونية كافة وضع يدهم وضعاً صحيحاً قانونياً ظاهراً بنية التملك وبغير منازع ولينفى المطعون ضده ذلك بالطرق عينها. وفى 29 من أكتوبر سنة 1944 تم التحقيق وأحيلت الدعوى إلى المرافعة بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1944. وفى 15 من يناير سنة 1945 قضت المحكمة الاستئنافية فى الموضوع برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. الخ. الخ.
ولم يعلن هذا الحكم إلى الطاعنين وطعن فيه بطريق النقض فى 11 من مارس سنة 1945 بتقرير أعلن إلى المطعون ضده... طلب فيه نقض الحكم المطعون فيه والحكم بمنع تعرض المطعون ضده للطاعنين فى الـ 18 ف و16 ط و8 س المبينة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى مع التسليم، واحتياطياً إحالة الدعوى إلى دائرة استئنافية أخرى للحكم فيها مجدداً مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف الخ. وقدم طرفا الخصومة مذكراتهما ومستنداتهما فى المواعيد القانونية، وقدمت النيابة العمومية مذكرة بأقوالها طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم جواز الطعن لأن الدعوى ليست دعوى وضع يد بل اعتراضاً على حكم رسو المزاد والإجراءات السابقة عليه وطعناً فى إجراءات التنفيذ وطلبت احتياطياً رفض الطعن.
وعين النظر الطعن جلسة 27 من ديسمبر سنة 1945 وفيها سمعت المرافعة على الوجه المبين بمحضر الجلسة وتأجل النطق بالحكم فيه أخيراً إلى جلسة اليوم وقد صدر بالآتى:


المحكمة

من حيث إنه عن دفع النيابة العمومية بعدم جواز الطعن فان الثابت أولا بصحيفة افتتاح الدعوى المعلنة فى 9 من نوفمبر سنة 1943 أن الطاعنين بعد أن ذكروا ما سبق إيراده فى وقائع هذا الطعن من شراء الثلاثة الأخيرين منهم لنصف الأرض موضوع النزاع ثم اختصاص الطاعن الأول وحده بها ووضع يده عليها فعلا بموجب القسمة الحاصلة فى سنة 1940 واستغلاله لها هو وأولاده باقى الطاعنين، وأنهم لم يعنلوا ولم يعلموا باجراءات نزع الملكية ولا بالحكم الذى أرسى مزاد الأطيان على المطعون ضده، وأنه يتعرض لهم فى وضع يدهم الثابت على تلك الأرض، ولذلك يطلبون الحكم عليه بمنع تعرضه، وثانيا بالحكم الصادر فى الدعوى من محكمة الدرجة الأولى أن المدعين ليس لهم طلبات موجهة ضد حكم مرسى المزاد ولا محضر التسليم، فهم لم يطلبوا الحكم باعتبارهما باطلين بل رفعوا دعواهم على اعتبار أنها منع تعرض وقالوا إن وضع يدهم ثابت على هذه الأرض من سنة 1940 للآن بصفة ملاك، وأنهم يعتبرون محضر التسليم الذى تسلم المدعى عليه به الأرض تعرضاً لهم فى وضع يدهم، وإن شروط وضع يدهم على هذه الأرض متوافرة. وثالثا بالحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية فى 29 من فبراير سنة 1944 أنه بعد رسو المزاد على المطعون ضده قدم الحكم للتنفيذ فى 30 من أكتوبر سنة 1942، ثم رفع الطاعنون هذه الدعوى عليه يطلبون الحكم بمنع تعرضه لهم فى الأطيان، وقالت المحكمة إن دعاوى وضع اليد أساسها الحيازة المادية بشروطها القانونية، وإن لكل واضع يد أن يستعين بدعوى وضع اليد ولذلك أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون وضع يدهم القانونى ولينفيه المطعون ضده. وهذا الثابت بصحيفة الدعوى وبالحكمين المذكورين يفيد أن الدعوى وإن أشير فيها إلى حكم مرسى المزاد ومحضر التسليم فهى فى حقيقتها دعوى وضع يد يطلب بها الطاعنون حماية يدهم ومنع التعرض الواقع لهم - ذلك التعرض المبنى على حكم لم يكونوا مختصمين فيه ومن ثم لا محل للدفع بعدم جواز الطعن.
وحيث إن الطعن يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه، والدعوى دعوى وضع يد، أقام قضاءه برفضها على أسباب تتعلق بالملكية، فقال بأن المطعون ضده حق التمسك بحكم مرسى المزاد الذى تسلم الأطيان بموجبه، وإن هذا الحكم حجة على الطاعنين ولو لم يمثلوا فى إجراءات نزع الملكية، فى حين أن دعوى وضع اليد لا ينظر فيها إلا إلى توافر شروط وضع اليد لا إلى أسباب الملك، وبذلك جاء الحكم مخالفاً للمادة 29 من قانون المرافعات ومخالفاً أيضاً للحكم الصادر فى الدعوى نفسها فى 29 من فبراير سنة 1944 والقاضى بعدم جواز الاستناد إلى أسباب الملكية فى الدعوى.
وحيث إن القانون جعل دعوى وضع اليد حماية لواضع اليد من كل تعرض له، سواء فى ذلك أن يكون التعرض اعتداءً محضاً من المتعرض أم بناءً على حكم مرسى مزاد لم يكن واضع اليد خصما فيه، لأن الأحكام لا حجية لها إلا على الخصوم ولا يضار بها من لم يكن طرفاً فيها بلا تفرقة بين حكم مرسى المزاد وغيره. وغير مقبول ألبتة أن صاحب اليد ترفع يده عن موضعها فيحرم من حقه فى رفع دعوى وضع اليد، وهى الدعوى التى جعلها القانون الحماية الطبيعية ليده، ويلزم بالالتجاء إلى دعوى الملك وتحمل عبء الإثبات فيها بمجرد إبراز حكم مرسى مزاد لم يكن هو طرفاً فيه، فى حين أن حكم مرسى المزاد لا يكسب الراسى عليه المزاد إلا الحقوق التى كانت للمنزوعة ملكيته ومنه الحق فى وضع اليد والحق فى أصل الملكية وهما حقان ليسا متلازمين دائماً فقد لا يجتمع للمنزوعة ملكيته وضع اليد مع الملك، وإذ كان لصاحب اليد الحق فى رفع دعوى وضع اليد على المطلوب نزع ملكيته لو وقع منه تعرض، فان له ولا بد الحق فى رفعها كذلك على الراسى عليه المزاد عند حصول التعرض منه.
وحيث إن دعاوى وضع اليد أساسها الحيازة المادية بشروطها القانونية ولا محل فيها لبحث الملكية ولا مستنداتها إلا فى سبيل الاستئناس بها فى شأن وضع اليد وبالقدر الذى تقتضيه دعوى اليد دون التعرض إلى أمر الملكية بأى حال. فالواجب على المحكمة أن تقيم حكمها فى هذه الدعاوى على الحيازة المادية بشروطها ويكون قضاؤها بقبولها أو برفضها بناءً على توافر تلك الشروط أو عدم توافرها. أما إذا هى أسست قضاءها فيها على الملكية ومستنداتها وحدها فانها تكون بذلك قد أقحمت دعوى الملك فى دعوى وضع اليد وأغفلت أمر واضع اليد، وخالفت المادة 29 من قانون المرافعات.
وحيث إن المحكمة بعد أن قررت أن التحقيق الذى تم طبقاً للحكم الصادر فى 29 من فبراير سنة 1944 قد أثبت وضع يد الطاعنين وضعاً قانونياً على الأرض التى رسا مزادها على المطعون ضده قالت إن الفصل فى الدعوى يكون تبعاً لنتيجة البحث فى هل يمكن أن يحتج عليهم بدعوى نزع الملكية التى انتهت بحكم مرسى المزاد الذى بمقتضاه آلت ملكية الأرض موضوع النزاع إلى المطعون ضده، ثم تعرضت المحكمة إلى هذا البحث فقالت إن الطاعنين يعلمون بحقوق البنك على الأرض وبتسجيله التنبيه العقارى فى 30 من أغسطس سنة 1934 وإنهم قد اشتروها فى 6 من مارس سنة 1936 محملة بالرهن وبالتسجيل المذكور، وإن القانون لا يوجب تمثيلهم فى دعوى نزع الملكية فلا يجوز لهم الاحتجاج ببطلان إجراءات البيع وحكم مرسى المزاد على المطعون ضده الذى له الحق فى التمسك ضدهم بحكم مرسى المزاد الذى تسلم بموجبه هذه الأرض. وبناءً على ذلك قضت بتأييد الحكم المستأنف الصادر برفض الدعوى. ويبين من هذا أن المحكمة - وهى تفصل فى دعوى وضع يد وبعد أن أثبتت وضع يد الطاعنين على الأرض موضوع النزاع، وأن المطعون ضده تسلمها تنفيذاً لحكم مزادها عليه، وأن الطاعنين لم يكونوا ممثلين فى دعوى نزع الملكية - أقامت حكمها برفضها على أساس أيلولة ملكية الأرض إلى المطعون ضده بموجب حكم مرسى المزاد، وعلى حجية هذا الحكم على الطاعنين، فى حين أن القضاء فى دعوى وضع اليد لا يصح أن يؤسس على الملكية، وفى حين أن حكم مرسى المزاد هذا ليس هو فى مسألة وضع اليد حجة على الطاعنين. وبذلك تكون المحكمة قد خالفت القانون ويتعين نقض حكمها.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
وحيث إن وضع يد الطاعن الأول ومعه أولاده باقى الطاعنين ثابت على الأرض موضوع النزاع بشروطه القانونية من هدوء وظهور واستمرار ونية الملك منذ حصول القسمة فى 17 من سبتمبر سنة 1940 إلى أن تسلمها المطعون ضده رسمياً فى 30 من أكتوبر سنة 1943 تنفيذاً لحكم مرسى المزاد. فقد شهد به جميع شهود طرفى النزاع فى التحقيق الذى أجرى يوم 29 من أكتوبر سنة 1944 طبقاً للحكم الصادر فى الدعوى فى 29 من فبراير سنة 1944 وقرره المطعون ضده نفسه فى محضر تحقيق الشكوى الإدارية رقم 271 سنة 1944 مركز دكرنس حيث قال: "إن الأطيان موضوع النزاع استمرت تحت يد المشترين لها بعقد 10 من مارس سنة 1936 حتى قسمة الأطيان ملك العائلة على المستحقين فيها، وعند التقسيم اختار الطاعن الأول هذا الجزء من ضمن الأطيان التى اختص بها ووضع يده عليها وباشر زراعتها ثم لعدم سداد الأقساط المطلوبة لبنك الأراضى اتخذ إجراءات نزع الملكية ضد المالك الأصلى لها حتى رسا مزادها علىّ، وبعد ذلك حضر محضر المحكمة المختلطة وسلمها إلىّ أمس (30 من أكتوبر سنة 1943)".
وحيث إن الطاعنين طلبوا أمام محكمة الدرجة الأولى منع تعرض المطعون ضده لهم إلا أنهم بعد أن نزعت الأرض فعلا من يدهم طلبوا أمام المحكمة الاستئنافية تسليمها إليهم، وبذلك تكون الدعوى فى حقيقة أمرها دعوى رد حيازة.
وحيث إنه لما كان وضع يد الطاعنين على الأرض موضوع النزاع ثابتاً على هذا النحو بشروطه القانونية حتى نزعها المطعون ضده من يدهم، فان دعوى الطاعنين تكون فى محلها.


(1) هذه القاعدة مقررة فى الفقه والقضاء. بل إن المحاكم المصرية تذهب إلى اعتبار تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية بالتسليم على غير من كان طرفاً فيها سلباً للحيازة يجيز رفع دعوى استرداد الحيازة (انظر الدكتور محمد حامد فهمى فى المرافعات ص 397 وهامشها رقم 3 وص 409 وهامشها رقم 3 وكتابه فى التنفيذ بآخر رقم 424).
(2) بهذا يقرر الحكم قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى وضع اليد ودعوى الملكية عند القضاء فى وضع اليد، أى منع قاضى وضع اليد من التعرض للملكية.
ويجب أن يلاحظ أنه لا تعارض بين القول بأن المحكمة تخالف القانون إذا هى أسست قضاءها فى دعوى وضع اليد على الملكية ومستنداتها، وبين القول بأن قاضى وضع اليد ليس ممنوعاً من الاطلاع على مستندات الملكية ليستأنس بها فى الفصل فى النزاع على وضع اليد من طريق تحقيق ما يدعى به من توافر شروطه أو عدم توافرها، ولا بين القول بأن الحكم لا يعيبه استناده إلى أسباب نافلة متعلقة بالملكية إذا اشتمل على أسباب أخرى متعلقة بوضع اليد تكفى لبناء الحكم عليها (تراجع الأحكام المنشورة فى الجزء الأول من هذه المجموعة تحت رقم 15 ورقم 66 وفى الجزء الثالث تحت رقم 77 وفى الجزء الرابع تحت رقم 30 ورقم 82).
(3) منع قاضي وضع اليد من تأسيس حكمه على الفصل فى الملكية ليس مقرراً بالمادة 29 من قانون المرافعات ولا هو مستفاد منها، وإنما يقتضيه اختلاف وضع اليد عن الملكية واختلاف الدعوى بهما سبباً وموضوعاً (انظر الدكتور محمد حامد فهمى فى المرافعات رقم 370 مكرراً و371).
(4) الثابت من وقائع هذه الدعوى أن المدين باع عقاره المحجوز وغيره للطاعن وإخوته وأن المشترين تقاسموا المبيع فاختص الطاعن بالعقار المحجوز ووضع يده عليه تنفيذاً للقسمة، ولما أجرى البيع الجبرى وتسلم المشترى بالمزاد العين تنفيذاً لحكم مرسى المزاد رفع الطاعن دعواه باسترداد حيازة العقار من المشترى، وأسسها على أنه كان صاحب اليد عليه بموجب عقد القسمة وأن تنفيذ حكم مرسى المزاد يعتبر تعرضاً ليده أو سلباً لحيازته إذ هو لم يكن طرفاً فى ذلك الحكم.
وقد بنت محكمة الموضوع حكمها برفض الدعوى على أن المدعى (الطاعن) اشترى الأطيان فى سنة 1936 محملة بتسجيل تنبيه نزع الملكية وتسجيل محضر الحجز العقارى الحاصلين من قبل فى سنة 1934، وأن القانون إذ لا يوجب اختصامه فى دعوى نزع الملكية (والمراد هو باقى إجراءات التنفيذ العقارى المؤدية إلى البيع) فلا يجوز له الاحتجاج ببطلان إجراءات البيع وحكم مرسى المزاد الصادر لمصلحة المدعى عليه (المطعون ضده) ويكون للمدعى عليه أن يتمسك ضد المدعى بحكم مرسى المزاد الذى تسلم الأطيان بموجبه.
وقد رأت محكمة النقض أن محكمة الموضوع إذ بنت حكمها على أيلولة ملكية الأرض إلى المدعى عليه بموجب حكم مرسى المزاد وعلى حجية هذا الحكم فى حق المدعى، قد أقحمت الملكية فى دعوى وضع اليد وخالفت القانون.
ويبدو أنه لما كان التعرض المسند إلى المدعى عليه هو تنفيذه حكم مرسى المزاد فى وجه من لم يكن طرفاً فيه، فلا مندوحة على أن يكون مدار البحث هو ما إذا كان هذا الحكم يمكن أن يعتبر حجة على المدعى فيصح تنفيذه فى مواجهته أو لا يعتبر هو طرفاً فيه.
ولا شك فى أن محكمة الموضوع إذ نوهت بأن المدعى قد اشترى الأطيان محملة بتسجيل التنبيه وأنه لذلك لا يجوز له الاحتجاج على المدعى عليه ببطلان إجراءات البيع وحكم مرسى المزاد، كانت تعتبر بنص المادة 608 من قانون المرافعات المختلط على أنه من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية يمتنع على المدين التصرف فى العقارات المبينة فى التنبيه، فإن تصرف كان تصرفه باطلا بدون حاجة إلى صدور الحكم ببطلانه"….à peine de nullité et sans qu'il soit besoin de la faire prononcer"
وبما قيل فى تفسير هذه العبارة الأخيرة من أن للدائن الحاجز أن يمضى فى إجراءات التنفيذ حتى البيع متجاهلا حصول التصرف الباطل ووجود المتصرف إليه (انظر تعليقات دالوز على المادة 686 مرافعات رقم 56). ويقتضى هذا النظر أن الراسى عليه المزاد - وهو خلف للحاجز - يمكنه الاحتجاج بحكم مرسى المزاد على الشخص الذى صدر له التصرف، كما يمكنه تنفيذه فى مواجهته باعتبار هذا الشخص خلفاً للمدين يسرى عليه ما يسرى على سلفه. ولو كان المتصرف له يقبل منه الاحتجاج بعدم نفاذ حكم مرسى المزاد فى مواجهته ويجوز له الاحتجاج بوضع يده على الراسى عليه المزاد لما كان للعبارة التى اقتبسناها من نص المادة 608 مختلط أى معنى (مع العلم بأن القانون المختلط هو الواجب التطبيق فى صورة القضية لأن الحاجز أجنبى ولأن الحجز قد أوقع وفق أحكام القانون المختلط) بل لكان على الحاجز، إذا هو أراد أن يأمن - ويأمن الراسى عليه المزاد - اعتراض المتصرف له، أن يدخله على وجه ما فى إجراءات التنفيذ، أو كان على الراسى عليه المزاد رفع دعوى الملكية عليه لإبطال سنده، وهو عين ما قصد الشارع إغفاءهما منه.
ولا يصح الاعتراض بأن الكلام فى الملكية وفى نفاذ التصرفات أو بطلانها مما لا يجوز إقحامه فى دعاوى وضع اليد. ذلك بأن المزاد من دعوى وضع اليد هو حماية المالك فى شخص واضع اليد وتمكينه من الوقوف فى مركز المدعى عليه المدافع فى دعوى الملكية عند رفعها. فإذا كان أمر الملكية مقطوعاً فيه بحكم من القضاء بين الطرفين المتنازعين أو بين أسلافهما فلا يكون لدعوى وضع اليد أى محل. وهكذا يتمحض النزاع فى هذه القضية عن أن حكم مرسى المزاد نافذ أو غير نافذ على ذلك الذى آلت إليه حقوقه من المدين بعد وضع الأعيان تحت يد القضاء بتسجيل تنبيه نزع الملكية، ولم يدع سنداً لوضع يده غير العقد الصادر له من المدين.
ومن قضاء المحاكم المختلطة فى مثل صورة هذه القضية حكم محكمة الاستئناف فى 17 مارس 1921 (التشريع والقضاء س 33 ص 221) بأن مشترى العقار من المدين بعقد باطل لصدوره بعد تسجيل التنبيه، إذا نزعت منه حيازته تنفيذاً لحكم مرسى المزاد لا تقبل منه دعوى استرداد الحيازة مهما طالت مدة يده بسبب بطء إجراءات التنفيذ، فإن حكم مرسى المزاد حجة عليه.
وفيما يلى نص قاعدة الحكم:
"Le jugement d'adjudication est opposable à celui qui a acquis les biens en vertu d'un acte posterieur à la transcription du commande - ment et, partant, radicalement nul (art. 608 C. Pr.); il ne peut done, même si, par suite de longueurs de la procédure, il est resté en possession plusieurs années agir en réintegrande pour avoir été dépossdé en vertu de ce jugement".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق