جلسة 25 ديسمبر سنة 1930
تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة.
-----------------
(135)
القضية رقم 1835 سنة 47 القضائية
القصد الاحتمالى.
معناه. متى يتحقق؟
(المادة 43 ع)
(1) لحضرة الدكتور محمد مصطفى القللى أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق تعليق على هذا الحكم منشور بمجلة القانون والاقتصاد بالعدد الخامس من السنة الأولى بالصفحات من 875 إلى 885، ورأيه أن وجهة نظر محكمة النقض فى تحديد القصد الاحتمالى لا تتفق مع العمل ولا مع وجهة نظر الشارع المصرى. أما عدم اتفاقها مع مصلحة العمل فذلك لأنها تفضى إلى صعوبة كبرى من حيث الإثبات وتكاد تجعل توفر القصد الاحتمالى مستحيلا إذ ليس من السهل إثبات أن المتهم يكون توقع النتيجة التى أدّى إليها فعله وقبلها مع أنه لم يردها. وأما أنها لا تتفق مع وجهة نظر الشارع المصرى فذلك لأنه ليس فى القانون المصرى تعريف عام للقصد الاحتمالى ولكن هناك أحوالا عديدة ألقى فيها المشرع عبء مسئولية النتيجة التى وقعت على عاتق مرتكب الفعل الذى أدّى إليها ولو أنه لم يقصد هذه النتيجة بالذات، وإذا رجعنا إلى هذه الأحوال نجد أن الشارع يكتفى فيها صراحة أو ضمنا بمجرّد احتمال حدوث هذه النتيجة وإمكان توقعها دون أن يستلزم توقعها بالفعل وقبولها من جانب المتهم. مثال ذلك جرائم الضرب والجرح عمدا إذا أدّى الضرب أو الجرح إلى عاهة مستديمة أو إلى الوفاة، ومسئولية الشريك عن الجريمة التى ارتكبها الفاعل ولو كانت غير التى تعمد ارتكابها متى كانت الجريمة التى وقعت بالفعل نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة التى حصلت منه، وتعطيل سير القطارات عمدا تعطيلا يؤدّى إلى موت أشخاص، والحريق عمدا إذا أدى الحريق إلى موت شخص أو أكثر، وتعريض الطفل للخطر وتركه فى محل خال من الآدميين إذا أدى ذلك إلى موته - كل هذه الأحوال إنما يعاقب المشرع عليها لأنها نتيجة محتملة. ومن هنا يتبين أن الشارع المصرى فى نظرته إلى النتائج الاحتمالية هو أقرب إلى النظرية المادية التى تنظر إلى التسلسل الطبيعى للنتيجة التى انتهى إليها الفعل فارضة أن فى مقدور المتهم أن يتوقعها. وهذا يخالف نظرية محكمة النقض التى توجب - لمساءلة المرء عن النتيجة الاحتمالية لفعلته المقصودة له بالذات - أن يثبت قبله أنه كان عند ارتكاب فعلته المقصودة له بالذات مريدا تنفيذها ولو تعدّى فعله غرضه الأصلى إلى الأمر الإجرامى الآخر الذى وقع فعلا ولم يكن مقصودا له فى الأصل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق