جلسة أول إبريل سنة 1969
برياسة السيد المستشار/
الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس
زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم الديواني.
--------------
(90)
الطعن رقم 155 لسنة 35
القضائية
وصية. "صدور التصرف
في مرض الموت أو ما في حكمه" مرض الموت. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
قيام مرض الموت أو ما في
حكمه من مسائل الواقع. تحصيله من حالة المتصرف النفسية ومن صدور التصرف وهو تحت
تأثير اليأس من الحياة أو في حالة الاطمئنان والأمل فيها. استخلاص الحكم بأسباب
سائغة أن تصرف المورث قبل سفره للأقطار الحجازية لا يأخذ حكم تصرف المريض مرض
الموت وبالتالي لا يعد وصية. لا خطأ.
-------------
قيام مرض الموت أو ما في
حكمه من مسائل الواقع التي لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من حالة المتصرف النفسية
وما إذا كان التصرف قد صدر منه وهو تحت تأثير اليأس من الحياة أو في حالة
الاطمئنان إليها والرجاء منها والأمل فيها، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه بأسباب
سائغة أن تصرف مورث طرفي النزاع قبل سفره للأقطار الحجازية لا يعد صادراً وهو في
حالة نفسية تجعله في حكم المريض مرض الموت ورتب على ذلك أنه لا يعتبر وصية فإن
النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهن أقمن الدعوى
رقم 397 سنة 1958 مدني كلي سوهاج ضد الطاعنين وطلبن الحكم بإثبات صحة التقاعد
المؤرخ 28/ 5/ 1958 والمتضمن بيع مورث طرفي النزاع المرحوم عباس محمد إبراهيم لهن
منزلين مساحتهما 10 و110 متر مقابل ثمن قدره 1100 ج. دفع الطاعنون بأن العقد صوري
إذ حرره المورث قبل سفره إلى الأقطار الحجازية وقصد منه حرمانهم من حقهم في
الميراث فيما لو أدركه الموت وقد مات بها. وبتاريخ 25/ 4/ 1962 حكمت المحكمة
بإثبات صحة التعاقد بالنسبة للثلث من هذه المساحة تأسيساً على أن العقد يخفي وصية.
استأنف المطعون عليهن هذا الحكم بالاستئناف رقم 300 سنة 37 ق أسيوط. وبتاريخ 5
يناير سنة 1965 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة عقد البيع
المؤرخ 28/ 5/ 1958 الصادر من المرحوم عباس محمد إبراهيم - مورث الطرفين - للمطعون
عليهن والمتضمن بيعه لهن 10 و110 متراً بثمن قدره 1100 ج. طعن الطاعنون في هذا
الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليهن ببطلان الطعن تأسيساً على أن صور إعلان
التقرير التي سلمت للمطعون عليها الأخيرة عن نفسها وعن باقي المطعون عليهن جاءت
خالية من جميع البيانات الواردة بأصل إعلان الطعن والتي يوجب القانون وإن تشتمل
عليها الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها ومنها تقرير الطعن، وفي ذلك ما يبطل
إعلان الطعن عملاً بالمادتين 12، 24 من قانون المرافعات السابق مما يؤدي إلى بطلان
الطعن. ورد الطاعنون بأن الأوراق التي قدمها المطعون عليهن ويستندن إليها في إثبات
دفعهن لا دليل على أنها هي صورة الإعلانات التي سلمها المحضر إلى المطعون عليهن.
كما أنه لا مصلحة لهن في هذه الدفع إذ تقدمن بمذكرة بالرد في الميعاد. وقدمت
النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بقبول الدفع وبعدم قبول الطعن فيما لو
ثبت أن الصور المقدمة من المطعون عليهن هي التي سلمها المحضر لهن، وبالنسبة
للموضوع وفي حالة قبول الطعن شكلاً أبدت الرأي برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن
صممت النيابة على رأيها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على الحافظة المقدمة من المطعون عليهن والمؤرخة 22/ 8/ 1965 أنها تحوي أوراقاً
يقول المطعون عليهن إنها صورة من ورقة إعلان تقرير الطعن التي سلمها المحضر لهن.
لما كانت هذه الأوراق قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي سلمت للمحضر لإعلانها
وأنها هي التي قام المحضر بتسليمها للمطعون عليهن وجاءت مجردة من أي بيان محرر بخط
يده يمكن أن يتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صور أصل الإعلان التي يحاج بها
المطعون عليهن، ودلت المقارنة على عدم مطابقة صفحاتها وأسطر كل صفحة منها لأصل الإعلان
من حيث ترتيب الكتابة بها، فإن المحكمة لا تعول على هذه الأوراق في اعتبار أنها هي
الصور التي سلمت فعلاً للمطعون عليهن. لما كان ذلك وكانت هذه الأوراق هي سند
المطعون عليهن الوحيد في دفعهن ببطلان الإعلان، وإذ نفى الطاعنون أن هذه الأوراق
هي الصور التي سلمت للمحضر وأعلنها، وكان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن للمطعون
عليهن والمقدم من الطاعنين أنه اشتمل على جميع البيانات التي يستوجبها القانون
لصحته، فإن الدفع الذي أبداه المطعون عليهن - وآياً كان وجه الرأي في الأثر
المترتب على تقديمهن مذكرة بالرد في الميعاد - يكون على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على
سببين حاصل أولهما الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم
المطعون فيه وقد أثبت في صدد بيانه للوقائع أن الثمن لم يدفع وأن تصرف مورث طرفي
النزاع في العين موضوع الدعوى لزوجته وبناته كان بمناسبة سفره للأقطار الحجازية
وخشية وفاته هناك وقد مات بها، فإنه بإنزال حكم القانون على هذه الوقائع يكون
التصرف قد صدر من المورث وهو في حالة نفسية تأخذ حكم مرض الموت فيعتبر تصرفه وصية،
وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعتبر التصرف وصية فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في الرد على ما أثاره الطاعنون بسبب
النعي ما يلي. "إن الثابت من أوراق الدعوى أن المرحوم عباس محمود إبراهيم قد
تصرف للمستأنفات - المطعون عليهن - وهن بناته وزوجته في منزلين وثلثي صندل بموجب
عقد البيع موضوع الدعوى وقد تنفذ التصرف في حياته ولم يثبت المستأنف عليهم -
الطاعنون - صوريته وأن القصد منه هو الوصية.. وأن ما قرره الشهود وكذلك زوجة
المورث شفيقة حفني من أن المورث باع ما يملكه لبناته وزوجته قبل ذهابه للأقطار
الحجازية لأداء فريضة الحج خشية أن يفاجئه الموت لا يفيد أن المورث كان يقصد
الإيصاء بل يفهم من ذلك أن التصرف كان منجزاً حال حياته ولا يحرم القانون مثل هذا
التصرف على الشخص كامل الأهلية ولو كان فيه حرمان ورثته". ولما كان قيام مرض
الموت أو ما في حكمه هو من مسائل الواقع التي لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من حالة
المتصرف النفسية وما إذا كان التصرف قد صدر منه وهو تحت تأثير اليأس من الحياة أم
في حالة الاطمئنان إليها والرجاء منها والأمل فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد
استخلص - على ما سلف البيان - أن تصرف مورث طرفي النزاع قبل سفره للأقطار الحجازية
لا يعد صادراً وهو في حالة نفسية تجعله في حكم المريض مرض الموت ورتب على ذلك أنه
لا يعتبر وصية، وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً يؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن
النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من وجوه ثلاثة. أولها أن
الحكم نفى واقعة إضافة تصرف المورث إلى ما بعد الموت بقوله "وقد تنفذ التصرف
حال حياته" وهي عبارة مرسلة غير مستندة إلى الدليل وكان يتعين على الحكم أن
يحقق وضع يد مورث المطعون عليهن على أرض النزاع. وحاصل الوجهين الثاني والثالث أن
محكمة أول درجة استندت في التدليل على أن التصرف كان مضافاً إلى ما بعد وفاة
المورث إلا أن هذا الأخير باع كل تركته وقسمها. فحص زوجته الثمن وهو نصيبها طبقاً
للفريضة الشرعية، غير أن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على ذلك بأن للبائع أن
يقسم المبيع بالنسبة التي يراها وهو ما لا يصلح رداً على أسباب الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يأخذ بدفاع الطاعنين الذي
تمسكوا فيه بأن العقد الصادر من مورثهم قصد منه حرمانهم من حقهم في الميراث بصدوره
منه قبل سفره للأقطار الحجازية خشية أن يدركه الموت بها وذلك على ما سبق بيانه في
الرد على السبب الأول، وإذ انتهى الحكم إلى أن العقد المتنازع عليه لم يصدر من
المورث وهو في حكم المريض مرض الموت وإنما هو تصرف منجز صدر منه قبل سفره إلى
الأقطار الحجازية وحدد بموجبه مقدار ما يخص كلاً من المطعون عليهن من العقار
المتصرف فيه، وكان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه هو استخلاص سائغ ويحمل
الرد على دفاع الطاعنين ويؤدي إلى ما انتهى إليه، فلا عليه إن هو لم يحل الدعوى
إلى التحقيق لإثبات استمرار وضع يد المورث، وحسبه للتدليل على إنجاز التصرف ما
أورده من أن المورث كان يرغب في تمليك المطعون عليهن الأعيان التي تصرف فيها إليهن
حال حياته وقبل سفره، كل منهن بحسب نصيبها الذي تصرف فيه إليها. لما كان ذلك فإن
النعي على الحكم بالقصور في التسبيب بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق