جلسة 15 من فبراير سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ حسن حسن منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد الراضي، عبد السلام المزاحي، ياسر نصر
نواب رئيس المحكمة وفوزي حمدان.
----------------
(25)
الطعنان رقما 13850، 15265 لسنة 83 القضائية
(1 - 5) دعوى "الدفاع في الدعوى: الدفاع
الجوهري". حق "حماية الحق: حق المؤلف". محكمة الموضوع "سلطة
محكمة الموضوع في تقدير توافر القيود على حق المؤلف وشروطها".
(1) المؤلف. حقه في حماية إبداعه في المصنف.
المادتان 1/ 1، 2، 2/ 1، 2 ق 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف. ماهيته. حق
مقيد. علة ذلك. المذكرة الإيضاحية للقانون ذاته.
(2) القيود على حق المؤلف. منها التحليلات
والاقتباسات القصيرة بقصد النقد أو المناقشة أو الإخبار. م 13 ق 354 لسنة 1954
بشأن حماية حق المؤلف. المصنف الكتابي المتعلق بالأدب أو التاريخ أو العلوم أو
الفنون أو من الكتب الدراسية. جواز نقل المقتطفات القصيرة منه. شرطه. م 17 من
القانون ذاته.
(3) سلطة محكمة الموضوع في تقدير توفر القيد
على حق المؤلف وتحقق شروطه. لازمه. إقامة قضائها على أسباب سائغة كافية لحمله.
(4) تمسك الطاعن بأنه لم ينقل من مؤلف مورث
المطعون ضدهم حرفيا وأشار له في قائمة المراجع بنهاية كتابه وأن ذلك المؤلف من
الكتب الدراسية المباح نقل مقتطفات منها. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه
عنه مكتفيا بما أورده من تجاوز الطاعن حدود الاقتباس المباح وأن شرط الاقتباس
إيراد اسم المصنف ومؤلفه مناقضا ما أثبته من إيراد الطاعن اسم مصنف مورث المطعون
ضدهم بإحدى الصفحات وما أثبته تقرير الخبراء والمطعون ضدهم بصحيفة دعواهم من
إيراده إياه بقائمة المراجع بنهاية الكتاب. مخالفة للثابت بالأوراق وقصور وخطأ.
(5) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع
وتقدير الأدلة ومنها أعمال الخبرة ومدي توفر القيود على حق المؤلف وشروط إعمالها.
شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة كافية لحمله. (مثال لقضاء النقض في الموضوع).
------------------
1 - مفاد النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى
والفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن
حماية حق المؤلف واجب التطبيق على الدعوى أن المؤلف بالمعنى الوارد في هذه النصوص
يتمتع بالحماية التي فرضها هذا القانون فيما يقدمه من إبداع في المصنفات التي يقوم
بتأليفها أيا كان مظهر التعبير عنها، وهذه الحماية وإن كانت حقا خالصا للمؤلف إلا
أنها ليست حقا مطلقا بل هي حق مقيد، على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا
القانون من أن القيود التي ترد على حق المؤلف يمليها الصالح العام لأن للهيئة
الاجتماعية حقا في تيسير سبل الثقافة والتزود من ثمار العقل البشري فلا تحول دون
بلوغ هذه الغاية حقوق مطلقة للمؤلفين.
2 - من القيود (التي ترد على حق المؤلف) ما
نصت عليه المادتان 13 و17 من القانون سالف الذكر (القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن
حماية حق المؤلف) من إباحة التحليلات والاقتباسات القصيرة إذا عملت بقصد النقد أو
المناقشة أو الإخبار، ومؤدى ذلك أن المصنف إذا كان مظهر التعبير عنه الكتابة أيا
كانت صورتها وكان موضوعه متعلقا بالأدب أو التاريخ أو العلوم أو الفنون أو من
الكتب الدراسية، فإن حق المؤلف لا يحول دون نقل مقتطفات قصيرة من المصنفات التي
سبق نشرها متعلقة بهذه الموضوعات فأباح المشرع هذا النقل بشرط أن يذكر الناقل في
مصنفه بوضوح المصدر الذي نقل عنه واسم المؤلف له.
3 - إن تقدير مدى توافر القيد الوارد على حق
المؤلف وشروط تحققه يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض
متى أقامت قضاءها في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه
بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام الطاعن بمبلغ التعويض المقضي به للمطعون
ضدهم، على سند من أنه اعتدى على حق مورثهم على مؤلفه بعنوان "....."
بالنقل منه في مواضع متفرقة، دون الإشارة إليه في كثير من المواضع، رغم أنه تمسك
في دفاعه أمام محكمة الاستئناف، بأن الثابت بالأوراق وتقارير الخبراء المنتدبين في
الدعوى ومنها تقرير مكتب خبراء وزارة العدل الذي انتهى إلى أن الطاعن لم يقم بنقل
مادة مؤلف مورث المطعون ضدهم حرفيا، وأنه أشار لهذا المؤلف في قائمة المراجع
الواردة بنهاية كتابه كما تمسك بأن مؤلف مورث المطعون ضدهم من الكتب الدراسية التي
أباح قانون حماية حق المؤلف نقل مقتطفات قصيرة منها عملا بالمادة 17 من هذا
القانون، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهري حقه من البحث
والتمحيص من مختلف جوانبه، مكتفيا في ذلك بقالة إن المستأنف (الطاعن) تجاوز حد
الاقتباس العلمي المباح وهو ما لا يصلح ردا على هذا الدفاع الجوهري، إذ المباح في
حكم المادة 17 سالفة الذكر هو نقل المقتطفات وليس مجرد الاقتباس من المصنف المكتوب
الذي سبق نشره، فضلا عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه فيما أورده بأسبابه من أن شرط
الاقتباس الإشارة إلى اسم المصنف واسم المؤلف خالف الثابت بالأوراق وناقض نفسه
فيما ذكره من قبل من أن الطاعن أشار في الصفحة رقم 77 من كتابه إلى مؤلف مورث
المطعون ضدهم وما انتهى إليه تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بل وما أورده مورث
المطعون ضدهم في صحيفة دعواه المبتدأة من أن الطاعن أشار صراحة في قائمة المراجع
المثبتة بنهاية كتابه إلى مؤلف هذا المورث، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيبا
بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها
ومنها أعمال أهل الخبرة وتقدير مدى توفر القيود الواردة على حق المؤلف وشرائط
إعمالها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، وحسبها أن تبين الحقيقة التي
اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان
الثابت بالأوراق، وتقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى أن المستأنف (الطاعن) أورد
في مؤلفه بعنوان "......" بعض النقول من مؤلف مورث المستأنف ضدهم
(المطعون ضدهم) بعنوان "......" وبالاطلاع على هذين المؤلفين تبين أن ما
تم نقله في غالبيته العظمي وارد على سرد تاريخي تراثي لأمور متعلقة بتاريخ طباعة
ونشر الكتاب وعلى سبيل المثال إن ما جاء بالصفحة رقم 61 تحت عنوان:
"......" من مؤلف المستأنف هو منقول مما جاء بالصفحة رقم 28 تحت عنوان:
"......" من مؤلف مورث المستأنف ضدهم "المطعون ضدهم" وهذا ما
جعل تقرير لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الأعلى للثقافة يصف مؤلف المستأنف بأنه أقرب
ما يكون إلى تاريخ الكتب وليس نشرها، فضلا عن ذلك فإن الثابت بصحيفة افتتاح الدعوى
وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل وبالاطلاع على مؤلف المستأنف (الطاعن) أنه أورد ذكر
مؤلف مورث المستأنف ضدهم (المطعون ضدهم) في قائمة المراجع المثبتة بنهاية مؤلفه
(المستأنف) كما أشار صراحة في هامش الصفحة رقم 77 منه لمؤلف هذا المورث مع الثناء
عليه بعبارة "وهو كتاب قيم من أهم المراجع المؤلفة باللغة العربية - دار
المعارف ... ص 34"، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة أن المستأنف لم يتجاوز
الحد المقرر في قانون حماية المؤلف للنقل المباح من المصنفات التي سبق نشرها، وأن
ما أورده من موضعي الإشارة لمؤلف مورث المستأنف ضدهم (المطعون ضدهم) يكفي لانتفاء
سوء القصد في حقه، أو رغبته في العدوان على حق غيره من المؤلفين، ومن ثم ينحسر عن
الدعوي ركن الخطأ في المسئولية المدنية.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم في الطعنين أقام على الطاعن فيهما الدعوى رقم ...
لسنة 1997 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ 250 ألف جنيه
تعويضا، وإتلاف نسخ الكتاب المبين بالأوراق على نفقته، وقال بيانا لذلك إنه يعمل
أستاذا بكلية الإعلام، وله العديد من المؤلفات والأبحاث العلمية، ومنها مؤلفه
"....." الصادر في عام 1983، إلا أنه فوجئ بالطاعن يصدر مؤلفا عام 1986،
تحت عنوان: "......"، وهو صلب المادة العلمية للكتاب الأول، وهو منقول
منه حرفيا جملة وتفصيلا مع تغيير بسيط في عناوين الفصول، ومما يؤكد اعتداء الطاعن
على مؤلف المدعي، أنه أشار إليه في هامش الصفحة رقم 355 من مؤلفه، وإذ لحق بمورث
المطعون ضدهم أضرارا مادية وأدبية من جراء ذلك، فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة
خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بإلزام الطاعن بأن يؤدي لمورث المطعون ضدهم
مبلغ 35 ألف جنيه، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف مورث المطعون ضدهم هذا الحكم
بالاستئناف رقم ... لسنة 60 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ...
لسنة 60 ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت الاستئنافين، قضت بتاريخ 4/ 7/ 2005 برفض
الأخير وفي الاستئناف الأول بتعديل مبلغ التعويض المحكوم به بجعله 50 ألف جنيه،
وإتلاف نسخ الكتاب. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي ...، ...
لسنة 75 ق، وبتاريخ 28/ 1/ 2008 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية
إلى محكمة استئناف الإسكندرية. عجل كل من الطاعن، ومورث المطعون ضدهم استئنافه.
ندبت المحكمة لجنة ثلاثية من أساتذة المكتبات والمعلومات بالمجلس الأعلى للجامعات،
وبعد أن أودعت تقريرها، قضت بتاريخ 11/ 6/ 2013 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن
في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 13850، 15265 لسنة 83 ق، وقدمت النيابة
مذكرة في كل من الطعنين، أبدت في كل منهما الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعنين على
هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما شكلا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في الطعنين على الحكم المطعون فيه، الخطأ في
تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتأييد الحكم
الابتدائي القاضي بإلزامه بمبلغ التعويض المقضي به، على سند من أن الطاعن اعتدي
على حق مورث المطعون ضدهم بما نقله من كتاب هذا الأخير في مواضع متفرقة، ولم يشر
إليه فيها، إلا في موضع واحد وأنه تجاوز حد الاقتباس العلمي المباح، رغم أنه تمسك
في دفاعه أمام محكمة الاستئناف، من أن الثابت بالأوراق وتقارير الخبراء المنتدبين
في الدعوى ومنها تقرير اللجنة الثلاثية المنتدبة من المجلس الأعلى للجامعات، الذي
أورد أن كلا الكتابين موضوعي الدعوى، يتناولان صناعة الكتاب ونشره وهو موضوع يصعب
فيه الابتكار بالمعنى الشائع لكلمة الابتكار، لأنهما يصفان واقعا ولا يخترعان شيئا
جديدا، ومنها تقرير خبير وزارة العدل، الذي انتهى إلى أن الطاعن لم ينقل مادة مؤلف
مورث المطعون ضدهم حرفيا، كما أنه أورده في قائمة المراجع في نهاية كتابه، وأن
الكتاب الأول دراسي يتعلق بتاريخ صناعة الكتاب ونشره، فيباح الاقتباس منه، عملا
بالمادة 17 من قانون حماية حق المؤلف رقم 354 لسنة 1954، المنطبق على الدعوى، إلا
أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، والتفت عن تمحيص هذا الدفاع الجوهري من كل
جوانبه مكتفيا بقالة إن الطاعن تجاوز حد الاقتباس العلمي المباح، دون تبيان لأوجه
هذا التجاوز، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن النص في الفقرتين الأولى والثانية
من المادة الأولى من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف واجب التطبيق
على الدعوى على أنه "يتمتع بحماية هذا القانون مؤلفو المصنفات المبتكرة في
الآداب والفنون والعلوم أيا كان نوع هذه المصنفات أو طريقة التعبير عنها أو
أهميتها أو الغرض من تصنيفها. ويعتبر مؤلفا الشخص الذي نشر المصنف منسوبا إليه
سواء كان ذلك بذكر اسمه على المصنف أو بأي طريقة أخرى ...."، وأن النص في
الفقرة الأولى من المادة الثانية من ذات القانون على أنه "تشمل هذه الحماية
بصفة خاصة مؤلفي: المصنفات المكتوبة ...."، وأن النص في الفقرة الثانية من
هذه المادة على أنه "وتشمل الحماية بوجه عام مؤلفي المصنفات التي يكون مظهر
التعبير عنها الكتابة أو الصوت أو الرسم أو التصوير أو الحركة"، مفاد ذلك أن
المؤلف بالمعنى الوارد في هذه النصوص يتمتع بالحماية التي فرضها هذا القانون فيما
يقدمه من إبداع في المصنفات التي يقوم بتأليفها أيا كان مظهر التعبير عنها، وهذه
الحماية وإن كانت حقا خالصا للمؤلف إلا أنها ليست حقا مطلقا بل هي حق مقيد، على
نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن القيود التي ترد على حق
المؤلف يمليها الصالح العام لأن للهيئة الاجتماعية حقا في تيسير سبل الثقافة
والتزود من ثمار العقل البشري فلا تحول دون بلوغ هذه الغاية حقوق مطلقة للمؤلفين،
ومن هذه القيود ما نصت عليه المادة 13 من القانون سالف الذكر من إباحة التحليلات
والاقتباسات القصيرة إذا عملت بقصد النقد أو المناقشة أو الإخبار، وما نصت عليه
المادة 17 من ذات القانون من أنه "في الكتب الدراسية وفي كتب الأدب والتاريخ
والعلوم والفنون يباح: (أ) نقل مقتطفات قصيرة من المصنفات التي سبق نشرها. (ب) ...
ويجب في جميع الأحوال أن يذكر بوضوح المصادر المنقول عنها وأسماء المؤلفين"،
ومؤدى ذلك أن المصنف إذا كان مظهر التعبير عنه الكتابة أيا كانت صورتها وكان
موضوعه متعلقا بالأدب أو التاريخ أو العلوم أو الفنون أو من الكتب الدراسية، فإن حق
المؤلف لا يحول دون نقل مقتطفات قصيرة من المصنفات التي سبق نشرها متعلقة بهذه
الموضوعات فأباح المشرع هذا النقل بشرط أن يذكر الناقل في مصنفه بوضوح المصدر الذي
نقل عنه واسم المؤلف له، وتقدير مدى توافر القيد الوارد على حق المؤلف وشروط تحققه
يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها في
هذا الشأن على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام الطاعن بمبلغ التعويض المقضي به
للمطعون ضدهم، على سند من أنه اعتدى على حق مورثهم على مؤلفه بعنوان
"......" بالنقل منه في مواضع متفرقة، دون الإشارة إليه في كثير من
المواضع، رغم أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف، بأن الثابت بالأوراق
وتقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى ومنها تقرير مكتب خبراء وزارة العدل الذي انتهى
إلى أن الطاعن لم يقم بنقل مادة مؤلف مورث المطعون ضدهم حرفيا، وأنه أشار لهذا
المؤلف في قائمة المراجع الواردة بنهاية كتابه كما تمسك بأن مؤلف مورث المطعون
ضدهم من الكتب الدراسية التي أباح قانون حماية حق المؤلف نقل مقتطفات قصيرة منها
عملا بالمادة 17 من هذا القانون، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع
الجوهري حقه من البحث والتمحيص من مختلف جوانبه، مكتفيا في ذلك بقالة إن المستأنف
(الطاعن) تجاوز حد الاقتباس العلمي المباح وهو ما لا يصلح ردا على هذا الدفاع
الجوهري، إذ المباح في حكم المادة 17 سالفة الذكر هو نقل المقتطفات وليس مجرد
الاقتباس من المصنف المكتوب الذي سبق نشره، فضلا عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه
فيما أورده بأسبابه من أن شرط الاقتباس الإشارة إلى اسم المصنف واسم المؤلف خالف
الثابت بالأوراق وناقض نفسه فيما ذكره من قبل من أن الطاعن أشار في الصفحة رقم 77
من كتابه إلى مؤلف مورث المطعون ضدهم وما انتهى إليه تقرير مكتب خبراء وزارة العدل
بل وما أورده مورث المطعون ضدهم في صحيفة دعواه المبتدأة من أن الطاعن أشار صراحة
في قائمة المراجع المثبتة بنهاية كتابه إلى مؤلف هذا المورث، ومن ثم يكون الحكم
المطعون فيه معيبا بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق الذي جره إلى الخطأ
في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعنين.
وحيث إن الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه للمرة الثانية، فإنه
وعملا بالفقرة الثالثة من المادة 269 من قانون المرافعات، يتعين القضاء في موضوع
الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 60 ق الإسكندرية، ولما تقدم، وكان من المقرر - في
قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى
وتقدير الأدلة المقدمة فيها ومنها أعمال أهل الخبرة وتقدير مدى توفر القيود
الواردة على حق المؤلف وشرائط إعمالها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض،
وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي
لحمله. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق، وتقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى
أن المستأنف (الطاعن) أورد في مؤلفه بعنوان "......" بعض النقول من مؤلف
مورث المستأنف ضدهم (المطعون ضدهم) بعنوان "......" وبالاطلاع على هذين
المؤلفين تبين أن ما تم نقله في غالبيته العظمى وارد على سرد تاريخي تراثي لأمور
متعلقة بتاريخ طباعة ونشر الكتاب وعلى سبيل المثال إن ما جاء بالصفحة رقم 61 تحت
عنوان: "......" من مؤلف المستأنف هو منقول مما جاء بالصفحة رقم 28 تحت
عنوان: "......" من مؤلف مورث المستأنف ضدهم "المطعون ضدهم"
وهذا ما جعل تقرير لجنة الكتاب والنشر بالمجلس الأعلى للثقافة يصف مؤلف المستأنف
بأنه أقرب ما يكون إلى تاريخ الكتب وليس نشرها، فضلا عن ذلك فإن الثابت بصحيفة
افتتاح الدعوى وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل وبالاطلاع على مؤلف المستأنف
(الطاعن) أنه أورد ذكر مؤلف مورث المستأنف ضدهم (المطعون ضدهم) في قائمة المراجع
المثبتة بنهاية مؤلفه (المستأنف) كما أشار صراحة في هامش الصفحة رقم 77 منه لمؤلف
هذا المورث مع الثناء عليه بعبارة "وهو كتاب قيم من أهم المراجع المؤلفة
باللغة العربية - دار المعارف ... ص 34"، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة أن
المستأنف لم يتجاوز الحد المقرر في قانون حماية المؤلف للنقل المباح من المصنفات
التي سبق نشرها، وأن ما أورده من موضعي الإشارة لمؤلف مورث المستأنف ضدهم (المطعون
ضدهم) يكفي لانتفاء سوء القصد في حقه، أو رغبته في العدوان على حق غيره من
المؤلفين، ومن ثم ينحسر عن الدعوى ركن الخطأ في المسئولية المدنية، بما يجدر معه
القضاء في موضوع الاستئنافين على ما سيرد بالمنطوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق