الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 فبراير 2022

الطعن 3878 لسنة 56 ق جلسة 22 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 211 ص 1113

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مسعد الساعي وأحمد سعفان (نائبي رئيس المحكمة) والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد.

---------------------

(211)
الطعن رقم 3878 لسنة 56 القضائية

أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام الدفاع الشرعي". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". "أثر الطعن".
حق الدفاع الشرعي. شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره.
حالة الدفاع الشرعي يكفي لقيامها صدور فعل من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي.
الفعل المتخوف منه الذي تقوم به حالة الدفاع. لا يلزم فيه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته كفاية أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره. ما دام لذلك أسباب معقولة. أساس ذلك؟
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي، شرط ذلك؟
نقض الحكم في تهمة يوجب نقضه بالنسبة لما ارتبط بها من تهم أخرى.
مثال لتسبيب معيب في نفي قيام حالة الدفاع الشرعي.

----------------------
لما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره. وكان قيام حالة الدفاع الشرعي لا يستلزم حصول اعتداء بالفعل بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي - كما لا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقاً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب مقبوله، إذ أن تقرير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهه شخصية تراعى فيها مختلف الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت العدوان مما لا يصح محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات وتقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤه وإن كان يتعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم سواء في إثباته لواقعة الدعوى أو في معرض رده على دفاع الطاعن لا يستقيم مع ما انتهى إليه من نفي قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس، ذلك أن النتيجة التي خلص إليها تتجافى مع موجب الوقائع والظروف المادية التي أوردها، فليس فيما استدل به الحكم من أن المجني عليه لم تكن بيده سوى عصا صغيرة لا تتناسب مع السكين التي استعملها الطاعن في الاعتداء عليه ما يمكن أن يستخلص منه أنه لم يكن هناك ما يخشى منه الطاعن على نفسه وقت أن حضر إليه المجني عليه حاملاً عصا بعد أن كان هو قد شرع في قتل شقيقته، بل إن ما أورده الحكم في هذا الصدد لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الآلة التي استعملها الطاعن وتلك التي كان يحملها المجني عليه الأمر الذي يعيب الحكم ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى فيما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة للتهمة الأولى بما يستوجب نقضه والإعادة بالنسبة لتلك التهمة وكذلك بالنسبة لتهمة الشروع في القتل التي وقعت تلك الجريمة في أعقابها ونتيجة لها بما يستلزم حسن سير العدالة أن تكون الإعادة بالنسبة إليهما معاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1) قتل..... عمداً بأن طعنه بسكين ببطنه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 2) شرع في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم على قتلها وأعد لذلك سلاحاً "أبيض" مطواة قرن غزال وترصد لها بمكان يعلم بوجودها فيه وما أن ظفرا بها حتى انهال عليها طعناً قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليها بالعلاج. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 230، 231، 232، 236/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن كل واحدة من التهمتين المسندتين إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والشروع في القتل العمد قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن أسس دفاعه على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بأسباب غير سائغة ولا تتفق مع القانون. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن الآنسة.... (المجني عليها في تهمة الشروع في القتل) كانت مع والدتها.... في زيارة لأحد أقاربها بمنطقة الورديان وحال نزولها أبصرت بالمتهم (الطاعن) الذي كان خطيباً لها من قبل وفسخت خطبته لسوء سلوكه واقفاً بانتظارها أسفل المنزل وما أن شاهدها حتى انهال عليها طعناً بمطواة فحدثت إصاباتها المتعددة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأخذ يهلل بالطريق معلناً قتله لها ثم سارع بالفرار ولدى توجه... (المجني عليه في تهمة الضرب المفضي إلى الموت) للمتهم بمنزله لمعاتبته عما أحدثه بشقيقته أسرع بإحضار سكين طعن به المجني عليه ببطنه محدثاً إصابته التي أودت بحياته.." ثم تحدث الحكم عن دفاع الطاعن المؤسس على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس عند إحداثه إصابة المجني عليه في جريمة الضرب المفضي إلى الموت وأطرحه في قوله. "ومن حيث إنه بالنسبة للتهمة الأولى فقد عدلتها المحكمة إلى ضرب أفضى إلى موت وركن القصد متوافر في حق المتهم من اعتداءه بسكين حاد في بطن المجني عليه طعنه نافذة وصلت لتجويفه البطني وأودت بحياته ولا يعد ذلك كما يقول الدفاع من سبل الدفاع الشرعي ذلك أن المجني عليه لم يكن بيده سوى عصا صغيره لا تتناسب البته مع السكين الذي استعمله في الاعتداء وبقوة مما جعله ينفذ للتجويف البطني ويحدث هذه التهتكات الشديدة والتي قضي عليه بسببها..." لما كان ذلك، وكان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره. وكان قيام حالة الدفاع الشرعي لا يستلزم حصول اعتداء بالفعل بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي - كما لا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقاً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب مقبولة، إذ أن تقرير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهه شخصية تراعى فيها مختلف الظروف الدقيقة التي أحاطت بالمدافع وقت العدوان مما لا يصح محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات وتقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤه وإن كان يتعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه مؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم سواء في إثباته لواقعة الدعوى أو في معرض رده على رده على دفاع الطاعن لا يستقيم مع ما انتهى إليه من نفي قيام حالته الدفاع الشرعي عن النفس، ذلك أن النتيجة التي خلص إليها تتجافى مع موجب الوقائع والظروف المادية التي أوردها، فليس فيما استدل به الحكم من أن المجني عليه لم تكن بيده سوى عصا صغيره لا تتناسب مع السكين التي استعملها الطاعن في الاعتداء عليه ما يمكن أن يستخلص منه أنه لم يكن هناك ما يخشى منه الطاعن على نفسه وقت أن حضر إليه المجني عليه حاملاً عصا بعد أن كان هو قد شرع في قتل شقيقته، بل أن ما أورده الحكم في هذا الصدد لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الآلة التي استعملها الطاعن وتلك التي كان يحملها المجني عليه الأمر الذي يعيب الحكم ويعجز محكمة النقض عن مراقبه صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى فيما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة للتهمة الأولى بما يستوجب نقضه والإعادة بالنسبة لتلك التهمة وكذلك بالنسبة لتهمة الشروع في القتل التي وقعت تلك الجريمة في أعقابها ونتيجة لها بما يستلزم حسن سير العدالة أن تكون الإعادة بالنسبة إليهما معاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق