جلسة 26 من فبراير سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / حسن حمزة نائب
رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين / مصطفى كامل ، عاصم الغايش ، يحيى محمود وأحمد عبدالودود نواب رئيس المحكمة .
----------
(36)
الطعن 62351 لسنة 76 ق
(1) نيابة عامة . استدلالات . أمر بألا وجه . أمر حفظ . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
مجرد إحالة الأوراق من
النيابة العامة لأحد مأموري الضبط القضائي أو إلى قسم الشرطة . يعد انتداباً لها لإجراء
التحقيق . المحضر الذي يحرره مأمور الضبط القضائي بناءً على هذه الإحالة محضر جمع
استدلالات لا تحقيق . قرار النيابة العامة بحفظه لا يمنعها من رفع الدعوى الجنائية
فيه دون صدور أمر من النائب العام بإلغاء أمر الحفظ . علة ذلك ؟
اعتبار الحكم تأشيرة
وكيل النيابة بإحالة الشكوى إلى أمين شرطة استيفاء النيابة لسؤال الشاكي ندباً للتحقيق واعتباره أمر النيابة بحفظ الشكوى
إدارياً بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية . تقرير قانوني خاطئ . لا
أثر له على سلامة الحكم . ما دام انتهى لإجازة عدول النيابة العامة عن قرار الحفظ
ورفع الدعوى الجنائية فيه دون صدور أمر من النائب العام بإلغائه . علة ذلك ؟
(2) قوة الأمر المقضي .
دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
قوة الشيء المقضي به .
شرطها : اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين . اختلاف الدعويين موضوعاً و
سبباً . أثره : أن الحكم في الأولى لا يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة للثانية ولو
أثير فيها موضوع الدعوى الثانية . علة ذلك؟
مثال .
(3) حكم " بيانات
حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " .
وجوب اشتمال حكم
الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً . أساس ذلك ؟
المراد بالتسبيب
المعتبر ؟
إفراغ الحكم في عبارة
عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة مجملة . لا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من
استيجاب تسبيب الأحكام .
مثال .
(4) تزوير " أوراق رسمية " . اشتراك . جريمة " أركانها " . موظفون
عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
التزوير في الأوراق
الرسمية أو الاشتراك فيه . مناط تحققه ؟
وجوب اعتقاد المحكمة
حصول التزوير من ظروف الدعوى وملابساتها لكي تقضي بالإدانة به . حد ذلك ؟
عدم إفصاح الحكم عن
اختصاص الطاعن بصفته موظفاً عاماً في صدد إدانته بجريمة التزوير في الأوراق
الرسمية وخلو مدوناته من بيان الظروف والملابسات التي تظاهر الاعتقاد باشتراك باقي
الطاعنين معه في التزوير في الأوراق الرسمية واستناده في إدانتهم على مجرد القول
بتوافر القصد الجنائي . قصور .
(5) إثبات " بوجه عام " . اشتراك . قصد جنائي
. حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها
" .
مجرد تمسك المتهم
بالمحرر المزور وكونه صاحب المصلحة في التزوير . غير كاف بذاته في ثبوت اقترافه
التزوير أو اشتراكه فيه . ما دام منكراً ارتكابه له ويجحد العلم به . عدم تدليل
الحكم على قيام الطاعنين بالاشتراك في ارتكاب التزوير . قصور . أثر ذلك ؟
______________________
1- لما كان مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة لأحد
مأموري الضبط القضائي أو إلى قسم الشرطة ، لا يعد انتدابا لإجراء التحقيق ، إذ يشترط
لكي يضحى الندب صحيحاً منتجاً أثره أن يكون صريحاً منصباً على عمل معين أو أكثر من
أعمال التحقيق - فيما عدا استجواب المتهم ، وألا ينصب على تحقيق قضية برمتها، وأن
يكون ثابتاً بالكتابة وأن يصدر عن صاحب الحق في إصداره إلى أحد مأموري الضبط
القضائي المختصين مكانياً ونوعياً، ومن ثم كان المحضر الذى يحرره مأمور الضبط
القضائي في غير هذه الأحوال ، أي بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع استدلالات
لا محضر تحقيق ، فإذا ما قررت النيابة العامة حفظه جاز لها رفع الدعوى الجنائية
دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغاء أمر الحفظ ، إذ إن أمر الحفظ المانع
من العودة إلى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذى يسبقه تحقيق تجريه
النيابة العامة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها في
الحدود المشار إليها سلفاً باعتبار أن الأصل أن الأمر الصادر من النيابة العامة
بحفظ الشكوى إدارياً الذى لم يسبقه تحقيق قضائي ، لا يكون ملزماً لها ، بل إن لها
حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى اعتبار
إشارة وكيل النيابة بإحالة الشكوى إلى أمين شرطة استيفاء النيابة لسؤال الشاكي -
المدعي بالحقوق المدنية الأول - ندباً للتحقيق واعتبر أمر النيابة بحفظ الشكوى
إدارياً بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، لا يعدو أن يكون
تقريراً قانونياً خاطئاً، لا أثر له على منطق الحكم أو سلامته طالما أنه انتهى إلى
نتيجة صحيحة بإجازة عدول النيابة العامة عن قرار الحفظ ، ورفع الدعوى الجنائية دون
حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغائه بما يتفق مع ما هو مقرر من أن العبرة في
تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة العامة في هذا الشأن هو بحقيقة الواقع، فإن
هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل .
2- لما كانت قوة الشيء المقضي به مشروطة باتحاد الخصوم
والموضوع والسبب في الدعويين ، وكانت جريمة النصب موضوع الجنحة رقم .... تختلف
موضوعاً وسبباً عن جريمة التزوير والاشتراك فيه واستعمال المحررات المزورة - موضوع
الدعوى الراهنة - فإن الحكم الصادر في الأولى لا يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة
للثانية ، ولا يغير من ذلك ما يقرره الطاعنون من أن الدعوى السابقة التي قضى فيها
ببراءة الطاعن الثاني أثير فيها موضوع جرائم التزوير والاشتراك فيه والاستعمال
للتوكيلات في الدعــوى الحالية ، فإن هذا القول مردود بأن تقدير الدليل في دعوى
معينة لا يحوز قوة الشيء المقضي به في دعوى أخرى ، إذ إن للمحكمة الجنائية وهى
تحقق الدعــوى المرفوعة إليها وتحدد مسئولية المتهم فيها ، أن تتصدى إلى أية واقعة
أخرى ، ولو كانت جريمة وتقول كلمتها فيها في خصوص ما يتعلق بالدعوى المقامة أمامها
دون أن يكون قولها ملزماً للمحكمة التي ترفع أمامها الدعوى عن التهمة موضوع تلك
الواقعة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم مضمون هذه الوجهة من النظر ، ومن
ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بشأن رفض الدفع بعدم جواز
نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم ... .
3- لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهم الثالث - الطاعن الثاني - بانتفاء مصلحته في
اقتراف جرائم التزوير واطرحه بقوله : "... كما أن المحكمة لا تتصور أن يتطوع
المتهمون بارتكاب مثل هذه الجرائم دون اتفاق مسبق مع المتهم الثالث ، الذى هو
المستفيد الأول والأخير من حدوثها وإعمال أثرها بعد سلب المصنع منه دون سداد الثمن
، ورغم قناعة المحكمة على وجه القطع واليقين أن المتهم لم يحصل على ثمن المصنع من
المدعيين بالحق المدني ، وأنه وقع ضحية لهما دون واعز من ضمير أو أخلاق وهذا لا
يبرر استعادة الحق عن طريق التزوير ، .... فإذا ما اختار هو هذا الطريق فلا يلومن
إلا نفسه ومن ثم فإن المحكمة لا تعول على دفاعه في هذا الشأن .. " ، وبعد أن
أورد الحكم بعض التقريرات القانونية أضاف لما تقدم قوله : " وحيث إنه لما كان
القصد من تزوير المحررات سالفة البيان هو استعمالها فيما غيرت الحقيقة من أجله وقد
قدمت هذه المحررات للجهات المختصة وهم عالمون بتزويرها ، ومن ثم فإن جريمة التزوير
والاشتراك فيها الواردة في الأوراق قيداً ووصفاً ، قد توافرت أركانها القانونية
كما هي معرفة به في القانون وثابتة في حق المتهمين " . لما كان من
المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم
بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر
الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي
له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في
بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في
عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع
من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على
الواقعة كما صار إثباتها في الحكم .
4- من المقرر أن التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك
فيه ، لا يتحقق إلا إذا كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف العام على مقتضى
وظيفته في حدود اختصاصه أيا كان سنده من القانون أو تكليف رؤسائهما أن
الاشتراك في التزوير وإن كان يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن
الاستدلال بها عليه ، إلا أنه يتعين لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من
ظروف الدعوى وملابساتها طالما كان اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها
الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يفصح عن اختصاص الطاعن الأول
.... الموظف العام في صدد جريمة التزوير في الأوراق الرسمية ، حالة أن
الاختصاص الفعلي للموظف ركن في جناية التزوير في المحرر الرسمي كما خلت مدوناته من
بيان الظروف والملابسات التي تظاهر الاعتقاد باشتراك الطاعنين الآخرين مع الموظف
العام في التزوير في الأوراق الرسمية ، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة
ومجهلة، وأسس إدانة الطاعن الأول بتزوير محرر رسمي والاشتراك في تزوير محرر رسمي
آخر، ودان الطاعنين الآخرين بالاشتراك في تزوير المحرر الرسمي واستعماله ، وذلك على
مجرد القول بتحقق القصد الجنائي لديهم ، وكان الحكم لم يستظهر في حق الطاعنين قيام
أية صورة من صور الاشتراك في التزوير ولم يعن بإيراد أسباب كافية وسائغة تدل على
علمهم بالتزوير .
5- من المقرر أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور ، وكونه
صاحب المصلحة في التزوير لا يكفي بذاته في ثبوت اقتراف الطاعن الأول التزوير أو
اشتراكه فيه ، وكذا ارتكاب الطاعنين الآخرين الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية
موضوع الدعوى أو العلم به ، ما داموا ينكرون ارتكابهم له ويجحدون العلم به - كما
الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم إذ لم يدلل على قيام الطاعنين بالاشتراك في
ارتكاب التزوير وعول في إدانتهم على توافر القصد الجنائي لديهم ، يكون مشوباً
بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين
الأربعة وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى .
_______________________
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر "
قضى ببراءته "
في
قضية الجناية أولاً :ـ المتهم الأول :ـ (أ) بصفته موظفاً عاماً "
موثق بالشهر العقاري .... " ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو التوكيل رقم....
حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت زوراً
مثول.... أمامه خلافاً للحقيقة ومكن المتهم الرابع من التوقيع كموكل على ذلك
التوكيل فتمكن من توثيقه. (ب) بصفته سالفة الذكر اشترك مع آخر مجهول في ارتكاب
تزوير في محرر رسمي هو دفتر الاستلام الخاص بالتوكيل رقم .... حال تحريره المختص
بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت زوراً مثول... أمامه
لاستلام التوكيل على خلاف الحقيقة ومكن ذلك المجهول من التوقيع بالدفتر بالاستلام
. ثانياً :ـ المتهمون من الثالث إلى الخامس:ـ اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع
المتهم الأول في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن اتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه
بأن أمدوه بالبيانات المراد إثباتها بالتوكيل المزور ومهره المتهم الرابع بتوقيع
عزاه زوراً إلى ... فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة . ثالثاً:ـ
المتهم الرابع:ـ وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو
التوكيل رقم .... بأن مهره بتوقيع عزاه زوراً إلى ... على النحو المبين
بالتحقيقات. رابعاً :ـ المتهمون الأول والثالث والخامس :ـ اشتركوا بطريقي الاتفاق
والمساعدة مع المتهم الرابع في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة السابقة بأن اتفقوا
معه على ارتكابها ومكنه المتهم الأول من التوقيع على التوكيل باسم .... فوقعت
الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. خامساً :ـ المتهمون من الثالث إلى
الخامس :ـ استعملوا المحرر المزور موضوع التهمة الأولى فيما زور من أجله مع علمهم
بتزويره بأن أقاموا بموجبه الدعوى رقم .... مدني كلي..... وحضر فيها المتهم
الخامس بصفته وكيلاً عن .... على النحو المبين بالتحقيقات. سادساً:ـ المتهم الثالث:ـ
اشترك مع المتهم الثاني بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو
التوكيل رقم ..... بأن اتفق معه على تزويره وساعده بأن أمده بالبيانات المراد
إثباتها بالتوكيل المزور فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
سابعاً :ـ المتهمان الثالث والرابع:ـ استعملا المحرر المزور موضوع التهمة السابقة
فيما زور من أجله مع علمهما بتزويره بأن حضر بموجبه المتهم الثالث عن المتهم
الخامس في الدعوى رقم .... على النحو المبين بالأوراق . وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة . وادعى كل من ... و.... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ .... على سبيل
التعويض.
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمواد 40/ثانياً و ثالثاً و 41/ أولاً و 211 و 212 و 213 و 214 من قانون العقوبات
- مع إعمال المادتين 17 و 32 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول والثالث والرابع
بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبمعاقبة الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة
وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس وبمصادرة الأوراق المزورة المضبوطة وبإحالة الدعوى
المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن
المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
______________________
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم التزوير في محررات رسمية
وعرفية والاشتراك فيها واستعمال المحررات المزورة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنهم دفعوا ببطلان قرار رئيس النيابة
باستخراج المحضر رقم ..... من الحفظ ، لأنه في حقيقته أمر بألا وجه لإقامة الدعوى
الجنائية بحسبان أن وكيل نيابة .... قد انتدب مأمور الضبط القضائي لسؤال المدعي
بالحقوق المدنية الأول ، وهو إجراء من إجراءات التحقيق ، فلا يجوز إلغاء هذا الأمر
إلا من النائب العام ويضحى قرار رئيس النيابة سالف الذكر قد صدر من غير مختص ، كما
أنه أثار دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم .... التي
أقامها المدعي بالحقوق المدنية الأول قبل الطاعن الثاني ، اتهمه فيها بالاستيلاء
على أمواله بالاحتيال والنصب باستعمال التوكيلات المزورة موضوع الدعوى الماثلة -
وقد اطرح الحكم المطعون فيه هذين الدفعين بما لا يتفق وصحيح القانون ، هذا إلى أنه
لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على دفاع الطاعنين بعدم توافر أركان جرائم التزوير
وطرق الاشتراك فيه المسندة إليهم وانتفاء القصد الجنائي لديهم وعدم العلم بالتزوير
، ودون أن يبين صفة الطاعن الأول بأنه موظف عام مختص بتحرير بيانات التوكيل المزور
رقم.... ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن البين من
الاطلاع على المفردات المضمومة أن المدعي بالحقوق المدنية الأول.... ، أقام الدعوى
رقم .... بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن الثاني .... متهماً إياه بجريمة النصب لاستيلائه
على أمواله وأموال المدعي بالحقوق المدنية الثاني.... ، وذلك بتزوير واشتراك في
تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها وهما التوكيل رقم .... ، والتوكيل رقم ....
، واستعمالهما في رفع الدعوى رقم ... مدني كلي ... المقامة من المدعو... بصفته
الممثل القانوني لشركة.... الإنجليزية ، قبل الطاعن الثاني بصفته الممثل القانوني
لشركة .... في مصر - التابعة للشركة الأم الأولى .... - وكان ذلك باستعمال
التوكيلين المزورين سالفي البيان ، وموضوع تلك الدعوى المدنية هو عدم الاعتداد
بالعقد المؤرخ ... المبرم بين الطاعن الثاني وبين المدعيين بالحقوق المدنية
والمتضمن شراءهما بعض أسهم الشركة التابعة التي سددا قيمة تلك الأسهم للطاعن
الثاني وكذا بطلان قرار الجمعية العمومية في هذا الشأن وكافة الإجراءات والآثار التي
ترتبت على هذا العقد ، وانتهت تلك الدعوى صلحاً بين الطرفين ، وبجلسة .... حكمت
محكمة جنح .... في الدعوى آنفة الذكر
ببراءة الطاعن الثاني من جريمة النصب المنسوبة إليه وإحالة الدعوى المدنية قبله
إلى المحكمة المدنية المختصة فتقدم المدعيان بالحقوق المدنية بشكوى إلى النائب
العام لتحقيق واقعة التزوير سابقة الإيضاح وتحديد المسئول عن تلك الجريمة . وعرضت
الأوراق على نيابة .... ، وبتاريخ .... أشر عضو النيابة المختص على الأوراق عبارة
" ج .أ لسؤال مقدمه والعرض " فقام أمين شرطة استيفاء النيابة بسؤال
الشاكي - المدعي بالحقوق المدنية الأول - وقيدت الأوراق برقم.... إداري...، وفى
يوم.... قرر وكيل نيابة.... حفظ المحضر إدارياً مادة نزاع مدني. وإذ تظلم المدعيان
بالحقوق المدنية للمحامي العام لنيابة .... الكلية من حفظ المحضر ، أشر رئيس
النيابة في .... باستخراج الأوراق من الحفظ وإعادتها للجزئية لتحقيق الواقعة
تحقيقاً قضائياً وإعدادها للتصرف . وبعرض الأوراق على نيابة .... - التابع لها محل
إقامة المشكو في حقه " الطاعن الثاني " أحيلت للقسم لاتخاذ اللازم
قانوناً ، وأثر تنفيذ هذا الاستيفاء بسؤال الشاكي ووكيل المشكو ، أرسلت الأوراق
إلى نيابة .... للاختصاص ومنها إلى نيابة.... التي تجرى تحقيق ذات الواقعة في
المحضر الإداري رقم.... ، وعقب انتهاء تحقيقاتها وافق النائب العام بتاريخ ....
على إحالة القضية إلى محكمة الجنايات طبقاً للقيد والوصف الواردين بالحكم المطعون
فيه . لما كان ذلك ، وكان مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة لأحد مأموري الضبط
القضائي أو إلى قسم الشرطة ، لا يعد انتدابا لإجراء التحقيق ، إذ يشترط لكي يضحى
الندب صحيحاً منتجاً أثره أن يكون صريحاً منصباً على عمل معين أو أكثر من أعمال
التحقيق - فيما عدا استجواب المتهم ، وألا ينصب على تحقيق قضية برمتها، وأن يكون
ثابتاً بالكتابة وأن يصدر عن صاحب الحق في إصداره إلى أحد مأموري الضبط القضائي المختصين
مكانياً ونوعياً، ومن ثم كان المحضر الذى يحرره مأمور الضبط القضائي في غير هذه
الأحوال ، أي بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع استدلالات لا محضر تحقيق ،
فإذا ما قررت النيابة العامة حفظه جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور
أمر من النائب العام بإلغاء أمر الحفظ ، إذ إن أمر الحفظ المانع من العودة إلى
إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذى يسبقه تحقيق تجريه النيابة العامة
بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها في الحدود المشار
إليها سلفاً باعتبار أن الأصل أن الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الشكوى
إدارياً الذى لم يسبقه تحقيق قضائي ، لا يكون ملزماً لها ، بل إن لها حق الرجوع
فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية . لما كان ذلك ، وكان الحكم
المطعون فيه قد ذهب إلى اعتبار إشارة وكيل النيابة بإحالة الشكوى إلى أمين شرطة
استيفاء النيابة لسؤال الشاكي - المدعي بالحقوق المدنية الأول - ندباً للتحقيق
واعتبر أمر النيابة بحفظ الشكوى إدارياً بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى
الجنائية ، لا يعدو أن يكون تقريراً قانونياً خاطئاً، لا أثر له على منطق الحكم أو
سلامته طالما أنه انتهى إلى نتيجة صحيحة بإجازة عدول النيابة العامة عن قرار الحفظ
، ورفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغائه بما يتفق
مع ما هو مقرر من أن العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة العامة في هذا
الشأن هو بحقيقة الواقع، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل . لما كان ذلك ،
وكانت قوة الشيء المقضي به مشروطة باتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين ،
وكانت جريمة النصب موضوع الجنحة رقم .... ، تختلف موضوعاً وسبباً عن جريمة التزوير
والاشتراك فيه واستعمال المحررات المزورة - موضوع الدعوى الراهنة - فإن الحكم الصادر
في الأولى لا يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة للثانية ، ولا يغير من ذلك ما
يقرره الطاعنون من أن الدعوى السابقة التي قضى فيها ببراءة الطاعن الثاني أثير
فيها موضوع جرائم التزوير والاشتراك فيه والاستعمال للتوكيلات في الدعــوى الحالية
، فإن هذا القول مردود بأن تقدير الدليل في دعوى معينة لا يحوز قوة الشيء المقضي
به في دعوى أخرى ، إذ إن للمحكمة الجنائية وهى تحقق الدعــوى المرفوعة إليها وتحدد
مسئولية المتهم فيها ، أن تتصدى إلى أية واقعة أخرى ، ولو كانت جريمـــة وتقول
كلمتها فيها في خصوص ما يتعلق بالدعوى المقامة أمامها دون أن يكون قولها ملزماً
للمحكمة التي ترفع أمامها الدعوى عن التهمة موضوع تلك الواقعة ، ولما كان الحكم
المطعون فيه قد التزم مضمون هذه الوجهة من النظر ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه بشأن رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل
فيها في القضية رقم .... . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع
المتهم الثالث - الطاعن الثاني - بانتفاء مصلحته في اقتراف جرائم التزوير واطرحه
بقوله: "... كما أن المحكمة لا تتصور أن يتطوع المتهمون بارتكاب مثل هذه
الجرائم دون اتفاق مسبق مع المتهم الثالث ، الذى هو المستفيد الأول والأخير من حدوثها
وإعمال أثرها بعد سلب المصنع منه دون سداد الثمن ، ورغم قناعة المحكمة على وجه
القطع واليقين أن المتهم لم يحصل على ثمن المصنع من المدعيين بالحق المدني ، وأنه
وقع ضحية لهما دون واعز من ضمير أو أخلاق وهذا لا يبرر استعادة الحق عن طريق
التزوير ،.... فإذا ما اختار هو هذا الطريق فلا يلومن إلا نفسه ومن ثم فإن المحكمة
لا تعول على دفاعه في هذا الشأن .. " وبعد أن أورد الحكم بعض التقريرات
القانونية أضاف لما تقدم قوله : " وحيث إنه لما كان القصد من تزوير المحررات
سالفة البيان هو استعمالها فيما غيرت الحقيقة من أجله وقد قدمت هذه المحررات
للجهات المختصة وهم عالمون بتزويرها ، ومن ثم فإن جريمة التزوير والاشتراك فيها
الواردة في الأوراق قيداً ووصفاً ، قد توافرت أركانها القانونية كما هي معرفة به في
القانون وثابتة في حق المتهمين " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع
يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على
الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر الذى يحفل به
القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من
حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل
بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة
أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب
الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار
إثباتها في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التزوير في الأوراق الرسمية
أو الاشتراك فيه ، لا يتحقق إلا إذا كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف
العام على مقتضى وظيفته في حدود اختصاصه أيا كان سنده من القانون أو تكليف رؤسائه
، كما أن الاشتراك في التزوير وإن كان يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية
محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، إلا أنه يتعين لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت
حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها طالما كان اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي
أثبتها الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يفصح عن اختصاص الطاعن
الأول .... الموظف العام في صدد جريمة التزوير في الأوراق الرسمية ، حالة أن الاختصاص
الفعلي للموظف ركن في جناية التزوير في المحرر الرسمي كما خلت مدوناته من بيان
الظروف والملابسات التي تظاهر الاعتقاد باشتراك الطاعنين الآخرين مع الموظف العام في
التزوير في الأوراق الرسمية ، إذا اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة،
وأسس إدانة الطاعن الأول بتزوير محرر رسمي والاشتراك في تزوير محرر رسمي آخر، ودان
الطاعنين الآخرين بالاشتراك في تزوير المحرر الرسمي واستعماله ، وذلك على مجرد
القول بتحقق القصد الجنائي لديهم ، وكان الحكم لم يستظهر في حق الطاعنين قيام أية
صورة من صور الاشتراك في التزوير ولم يعن بإيراد أسباب كافية وسائغة تدل على علمهم
بالتزوير وكان من المقرر أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور ، وكونه صاحب المصلحة
في التزوير لا يكفي بذاته في ثبوت اقتراف الطاعن الأول التزوير أو اشتراكه فيه ،
وكذا ارتكاب الطاعنين الآخرين الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية موضوع الدعوى أو
العلم به ، ما داموا ينكرون ارتكابهم له ويجحدون العلم به - كما الحال في الدعوى
المطروحة - فإن الحكم إذ لم يدلل على قيام الطاعنين بالاشتراك في ارتكاب التزوير
وعول في إدانتهم على توافر القصد الجنائي لديهم ، يكون مشوباً بالقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين الأربعة وذلك بغير
حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى .
__________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق