جلسة 21 مارس سنة 2007
برئاسة
السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين
/ محمد حسين مصطفى ، إبراهيم الهنيدي ، محمـود عبد الحفيظ وربيع شحاتة نواب رئيس المحكمة .
-----------
(56)
الطعن 6280 لسنة 68 ق
(1) حكم " بيانات
التسبيب " .
عدم
رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم
الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " شهود " . محكمة
الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " "
سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن
أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ
المحكمة بأقوال الشهود . مفاده : اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع
لحملها على عدم الأخذ بها .
المجادلة
لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين . غير جائزة أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) إثبات " شهود ". حكم " ما
لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة
الحكم في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت
متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
مثال .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل
" .
تحصيل
الحكم أقوال المجني عليه بما يرتد إلي أصول ثابتة بالأوراق ولم يحد عنها . النعي
عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(5) إثبات " شهود " . إجراءات
" إجراءات المحاكمة " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها " .
جواز سماع الشهود
الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين . للقاضي الأخذ بأقوالهم على سبيل
الاستدلال إذا آنس فيها الصدق .
النعي
على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه لعدم استطاعته التمييز لصغر سنه . غير مقبول .
ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة أقواله وإلى أنه يدرك ويعي ما يقول وما دام
الطاعن لم يطلب تحقيق عدم تمييزه .
العبرة
في المحكمة الجنائية باقتناع القاضي بناءً علي الأدلة المطروحة عليه .
الجدل
الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات
المحاكمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
لمحكمة
الموضوع تكوين عقيدتها بما تطمئن إليه من أدلة الدعوى .
وزن
أقوال الشهود . موضوعي .
تكامل
عناصر الشهادة بحلف اليمين . لا ينفي عن الأقوال التي تدل بغير يمين وصف شهادة . أساس
ذلك ؟
(7)
دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . مالا
يوفره " .
الدفع
بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم .
(8) إثبات " بوجه عام " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . مالا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " .
بحسب
الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما
استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه
غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(9)
إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم "
ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " .
للمحكمة
الاستغناء عن سماع شهود الإثبات . إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحةً أو
ضمناً . لا يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات . مادامت مطروحة على
بساط البحث .
مثال
.
(10)
قبض . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الجنايات " الإجراءات
أمامها " .
أمر محكمة الجنايات بالقبض على المتهم أو حبسه احتياطياً . إجراء
تحفظي . لا يغير من ذلك قضاؤه مدة العقوبة . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كـان مجموع ما أورده الحكم
- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها
حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه
إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير
معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها . وكان الحكم قد كشف عن
اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة
التي شهدوا بها وأيدها التقرير الطبي الشرعي ، وكان ما أورده الحكم سائغاً في
العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة
في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى القصور في التسبيب والتناقض لا يعدو أن يكون
مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين ، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي
ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى
أقوال....ـ والدة المجني عليه - وأحال في
إيراد أقوال زوجها ..... إلى ما حصله من أقوالها كما يبين من المفردات المضمومة أن
أقوالهما متفقة في جملتها في خصوص واقعة الدعوى ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في
إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند
إليه الحكم منها .
4
- لما كان ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه يرتد إلى أصول ثابتة في تحقيقات
النيابة ، ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه ، فإن ما ينعاه الطاعن على
الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
5 - لما كان القانون قد أجاز سماع الشهود
الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال ، ولم يحرم
الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق ، فهي عنصر
من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه ، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على
الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه ما دامت
المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به وركنت إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما
يقول ويعيه ، وإذ كان الطاعن لا يدعى بأن الطفل المجني عليه لا يستطيع التمييز أصلاً ولم يطلب إلى المحكمة تحقيق عدم توافر
التمييز لديه ، بل اقتصر بجلسة المحاكمة
على القول بأنه حديث السن وغير مميز وغير قادر على الإدلاء بشهادته وعاب على الحكم
بدعوى أنه ما كان يصح الاعتماد على أقوال المجني عليه لعدم استطاعته التمييز بسبب صغر سنه ، وكانت العبرة
في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا
يصح مطالبته الأخذ بدليل دون آخر ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو
أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها
ممالا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها بما تطمئن إليه
من أدلة وعناصر في الدعوى وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها
شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه
إلى محكمة الموضوع ، وأنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد
اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلفه أنها شهادة
، وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً
بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن
ثم فلا يعيب الحكم وصفه أقوال من لم يحلفوا اليمين بأنها شهادة ، ومن حق محكمة
الموضوع أن تعتمد في قضائها على أقوال هؤلاء الشهود إذ مرجع الأمر كله إلى ما
تطمئن إليه من عناصر الاستدلال .
7 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن باستحالة حدوث الواقعة
على نحو ما قرر به المجني عليه مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية
التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
8 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن
يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه مقارفة المتهم للجريمة المسندة
إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها
أنه اطرحها .
9 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما
قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحةً أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من
أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال
مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة
والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات بالتحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم
يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك بل ترافع عنه محاميه طالباً البراءة دون التمسك
بسماع أي من شهود الإثبات كما خلا محضر الجلسة مما يشير إلى تقديم
المدافع عن الطاعن أي مذكرات بدفاعه مما يفصح عن عدم اتصال علم المحكمة بمذكرة
دفاع الطاعن التي أورى بأسباب طعنه أنها تضمنت طلباً بسماع أقوال شاهدي الإثبات
المشار إليهما فيها ، ومن ثم فليس للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن
سماعهما .
10 - من المقرر أن المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على
أن لمحكمة الجنايات في جميع الأحوال أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره ، ولها أن
تأمر بحبسه احتياطياً ، وأن تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس
احتياطياً ، فإنه لا وجه لما يقوله الطاعن من أن المحكمة أمرت باستمرار حبسه بعد
قضائه فترة العقوبة ما دام أن ذلك لا يعدو أن يكون إجراءً تحفظياً مما يدخل في
حدود سلطتها المخولة لها بمقتضى القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـوقـائـــع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن بأنه: هتك عرض "....." والذي لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة بالقوة ، بأن استدرجه إلى أحد الحقول وكمم فاهه وخلع
بنطاله وأولج قضيبه في دبره . وأحالته إلى
محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعى والد
المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة
جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمادة 304/ 2 أ . ج والمادة 268 /1 ، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن
لمدة ثلاث سنوات ، وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع له مبلغ خمسمائة جنيه وواحد
على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليه في
هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتفصل فيها من جديد
دائرة أخرى . ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة أخرى) قضت حضورياً عملاً بالمادة
268/1 ، 2 من قانون العقوبات والمادة 304 /2 أ . ج والمادة 17 من ذات
القانون أولاً : بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة
سنتين عما أسند إليه . ثانياً : وفي الدعوى
المدنية بإلزام المحكوم عليه
بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته ولياً طبيعياً على المجني عليه مبلغ
خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن الأستاذ / ....المحامي
نيابة عن الأستاذ / ....المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه للمرة الثانية في
هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون
فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض صبي - لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة - بالقوة قد
شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك
بأنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه ووالديه رغم ما بينها من تناقض
ولم يورد مؤدى أقوال والدي المجني عليه مكتفياً بالإحالة بشأنها إلى ما هو وارد
بالتحقيقات كما حصل أقوال المجني عليه بما يخالف الثابت بالأوراق وأغفل الرد عما
دفع به الطاعن بشأن عدم قدرة المجني عليه على التمييز وببطلان شهادة الملازم أول ....
لعدم حلفه اليمين قبل إدلائه بها وباستحالة حدوث الواقعة على نحو ما قرر به المجني
عليه ، كما التفتت المحكمة عن طلب دفاع الطاعن بشأن سؤال شاهدي الإثبات ....و.....
، هذا إلى أن المحكمة قررت تأجيل الدعوى وأمرت بحبس المتهم على ذمة القضية رغم
تنفيذه للعقوبة المقضي بها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم
المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي
دان الطاعن بها ، وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه
عليها استمدها من أقوال المجني عليه ووالديه والملازم أول .... معاون مباحث مركز ...
وما أورى به التقرير الطبي الشرعي ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً
خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى
كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم
الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ،
وكان من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه
اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه
بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها . وكان الحكم قد كشف عن
اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها
وأيدها التقرير الطبي الشرعي ، وكان ما أورده الحكم سائغاً في العقل والمنطق
ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما
استخلصه الحكم بدعوى القصور في التسبيب والتناقض لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح
أدلة الدعوى على وجه معين ، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان
قاضي الموضوع بالدليل الصحيح ، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً
عن أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى أقوال.....ـ والدة المجني
عليه - وأحال في إيراد أقوال زوجها ....إلى ما حصله من أقوالها كما يبين من المفردات
المضمومة أن أقوالهما متفقة في جملتها في خصوص واقعة الدعوى ، وكان لا يعيب الحكم
أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع
ما استند إليه الحكم منها . لما كان ذلك ، وكان ما حصله الحكم من أقوال المجني
عليه يرتد إلى أصول ثابتة في تحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه
فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ،
وكان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين
على سبيل الاستدلال ، ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى
بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها
الصدق ، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره
القاضي حسب اقتناعه ، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني
عليه بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما
أدلى به وركنت إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما يقول ويعيه ، وإذ كان الطاعن يدعي
بأن الطفل المجني عليه لا يستطيع التمييز أصلاً ولم يطلب إلى المحكمة تحقيق عدم
توافر التمييز لديه ، بل اقتصر بجلسة
المحاكمة على القول بأنه حديث السن وغير مميز وغير قادر على الإدلاء بشهادته وعاب
على الحكم بدعوى أنه ما كان يصح الاعتماد على أقوال المجني عليه لعدم استطاعته
التمييز بسبب صغر سنه ، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي من
كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته الأخذ بدليل دون آخر ، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى
سلطة المحكمة في استنباط معتقدها ممالا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها بما تطمئن إليه من أدلة
وعناصر في الدعوى وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء عليها ، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى
محكمة الموضوع ، وأنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد
اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلفه أنها شهادة
، وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً
بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن
ثم فلا يعيب الحكم وصفه أقوال من لم يحلفوا اليمين بأنها شهادة ومن حق محكمة
الموضوع أن تعتمد في قضائها على أقوال هؤلاء الشهود ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما
تطمئن إليه من عناصر الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع
الطاعن باستحالة حدوث الواقعة على نحو ما قرر به المجني عليه مردودًا بأن نفي
التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من
أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن
يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه مقارفة المتهم للجريمة المسندة
إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها
. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما
قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحةً أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من
أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال
مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة
والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات بالتحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم
يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك بل ترافع عنه محاميه طالباً البراءة دون التمسك
بسماع أي من شهود الإثبات كما خلا محضر الجلسة مما يشير إلى تقديم المدافع عن
الطاعن أي مذكرات بدفاعه مما يفصح عن عدم اتصال علم المحكمة بمذكرة دفاع الطاعن التي
أورى بأسباب طعنه أنها تضمنت طلباً بسماع أقوال شاهدى الإثبات المشار إليهما فيها
، ومن ثم فليس للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن سماعهما . لما كان ذلك
، وكانت المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن لمحكمة الجنايات في
جميع الأحوال أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره ولها أن تأمر بحبسه احتياطياً ، وأن
تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطياً ، فإنه لا وجه لما يقوله
الطاعن من أن المحكمة أمرت باستمرار حبسه بعد قضائه فترة العقوبة ما دام أن ذلك لا
يعدو أن يكون إجراءً تحفظياً مما يدخل في حدود سلطتها المخولة لها بمقتضى القانون
. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق