جلسة 1 من مارس سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / صلاح البرجي
نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /وفيق الدهشان ، نير
عثمان ، محمود مسعود شرف وفتحي
جودة نواب رئيس المحكمة .
------------
(40)
الطعن 48891 لسنة 76 ق
(1) نقض
" التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن في الميعاد
دون إيداع الأسباب . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . أساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
بيان
الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن
بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما انتهى إليه . لا قصور.
عدم
رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في
تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . أساس ذلك ؟
(3) نقض
" أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب
أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما
يرمي إليه مقدمه . علة ذلك ؟
نعي الطاعن بالتناقض بين ما أثبته الضابط في محضره وما شهد به في تحقيقات النيابة العامة
وجلسة المحاكمة دون الكشف عن أوجهه . غير مقبول .
(4) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل
" . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
بحسب الحكم
كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما
استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في
وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(5)
تزوير " الادعاء بالتزوير " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير الدليل " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير جدية الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق
الدعوى . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى
واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(6) إثبات
"بوجه عام " " أوراق رسمية " . دفوع "
الدفع بنفي التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها " .
الأدلة في
المواد الجنائية إقناعية . لمحكمة الموضوع الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية .
ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديه من باقي الأدلة
.
دفاع
المتهم بنفي التهمة . موضوعي . لا يستلزم رداً . ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً
من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي فى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها .
غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) إثبات " بوجه
عام " . استدلالات . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة
التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .
(8) إثبات "
بوجه عام " " قرائن "
. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة
عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون
بدليل معين .
تساند الأدلة في
المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام
محكمة النقض .
مثال .
(9) عقوبة " تطبيقها " . عزل . نقض " عدم جواز مضاراة الطاعن
بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الحكم
الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وعزله من وظيفته لمدة سنتين خلافاً لما تقضي
به المادة 118 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس
ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
لما كان البين أن المحكوم عليه الثاني
.... وإن قرر الطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين
معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدل بالقانون رقم 23
لسنة 1992 .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر
به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو
يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي
عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما
كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في
تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى
الماثلة – كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون
الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له .
3- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً
محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة
وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم
يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين ما أثبته الرائد / .... في محضره وبين
ما شهد به في تحقيقات النيابة العامة وجلسة المحاكمة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً
فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
4- من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم
قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة
المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد
التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إبلاغ جهة عمله بفقد أو
سرقة دفتر التوفير الذى قرر مجري التحريات أن الطاعن وآخر قاما بسرقته وتغيير رقمه
ليتسنى لهما الاستيلاء على المال موضوع الدعوى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في
تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما
لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى
المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم
بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر
الدعوى المطروحة على بساط البحث ، وكان ما قاله الحكم بأن الطاعن يمكنه الذهاب إلى
التأمين الصحي أو أي مكان آخر ويعود إلى عمله في ذات اليوم من شأنه أن يؤدي إلى ما
رتب عليه من اطراح دفاعه بتزوير توقيعه على دفتر الحضور والانصراف لتناقضه مع ما
أثبت ببطاقة التأمين الصحي من تواجده بالمستشفى يوم الواقعة ومن ثم يضحى ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
6- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية
ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في
العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في
الدعوى وهى غير ملزمة من بعد بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي القائم على
أساس نفي التهمة ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى
أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى
جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو
ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على
ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد
عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
8- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي
بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح
إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي
اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن
تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال
اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة –
ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانته إلى اعتراف
المحكوم عليه الثاني من حصوله منه على مبلغ خمسة آلاف جنيه من المبلغ المستولى
عليه بحجة أنه عن واقعة استيلاء أخرى إذ إنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة
الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن
المشدد لمدة خمس سنوات إلا أنه قضى بعزله من وظيفته لمدة سنتين على خلاف ما تقضي
به المادة 118 من قانون العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة
الحكم بعقوبة الحبس طبقاً لما تقضى به المادة 27 من ذات القانون ومن ثم فإن الحكم
المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم
عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم
عليه إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت
النيابـة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :ـ أولاً :ـ المتهمان الأول والثاني:ـ بصفتهما موظفين عامين
( الأول مراجع توفير بمكتب بريد ..... والثاني بمنطقة
بريد ..... استوليا بغير حق وبنية التملك على مال خاص قدره 28700 جنيه فقط ثمانية
وعشرون ألفا وسبعمائة جنيه تحت يد إحدى الجهات المبينـة بالمادة 119 من قانون
العقوبات جهة عمل الأول والمودع بدفتر التوفير رقم ..../... لـ ...... وكان ذلك
حيلة بأن استولى الأول وبغير حق وبينة التملك على أوراق لجهة عمله آنفة البيان
دفتر توفير خالي البيانات ثم دون فيه بيانات الدفتر السالفة الذكر وحضور صاحبه وطلبه سحب المبلغ المستولى عليه وسلمه للثاني
بصرفه من خزينة المكتب فتمكنا بهذه الحيلة من الاستيلاء على المبلغ آنف البيان وقد
ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي التزوير في المحررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل
التجزئة وذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكب المتهم الأول وبصفته آنفة
البيان تزويراً في محرر رسمي ودفتر التوفير رقم ..../... خالي البيانات وكان ذلك
بطريق الاصطناع وتغيير المحررات وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع
علمه بتزويرها بأن محا الرقم المسلسل الخاص به وأثبت فيه بيانات الدفتر الأول
الخاص بالعميل سالف الذكر ومهره بالخاتم الصحيح لجهة عمله واستعملا المحرر سالف
البيان فيما زور من أجله مع علمهما بتزويره بأن قدمه المتهم الأول للمتهم الثاني
ثم قدمه الأخير للمتهم الثالث المختص بمكتب بريد .... منتحلاً صفة واسم العميل
سالف البيان لصرف المبلغ المستولى عليه على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً .
المتهم الأول :ـ استحصل بغير حق على خاتم جهة عمله آنفة البيان واستعمله استعمالاً
ضاراً بأن بصم به على دفتر التوفير المستولى عليه موضوع التهمة الأولى وذلك على
النحو المبين بالتحقيقات . ثالثاً :ـ المتهمان الثالث والرابع :ـ بصفتهما موظفين عامين
الثالث صراف بمكتب بريد .... والرابع كاتب بإدارة .....
تسببا بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملان بها آنفة البيان
وبأموال ومصالح الغير المعهود بها لتلك الجهة بأن أهملا في أداء الأعمال المنوطة
بهما وأخلا بواجبات وظيفتهما بأن صرف الثالث للمتهم الثاني المبلغ المستولى عليه
المبين بالتهمة الأولى دون التحقيق من شخصية العميل سالف الذكر ودون تحرير
استمارات الصرف اللازمة لذلك بينما تقاعس الرابع في مراجعة عملية الصرف وصحة
الإجراءات اللازمة لذلك وهو ما مكن المتهمين الأول والثاني من ارتكاب الجرائم
المنسوبة إليهما على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم
إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم عملاً بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
.
والمحكمـة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 116 مكرراً ، أ /1 ، 118 مكرراً ، 119 /ب ، 119 مكرراً أ
/ هـ ، 207 ، 211 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات . أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة خمس
سنوات ومعاقبة المتهم الثاني بالسجن المشدد ثلاث سنوات وتغريمهما مبلغ ثمانية وعشرين
ألف وسبعمائة جنيه وبرد مثل ذات المبلغ وعزلهما من وظيفتهما لمدة سنتين . ثانياً :
ببراءة كل من المتهمين الثالث والرابع مما أسند إليهما وقدرت مبلغ ثلاثمائة جنيه
لكل محام من المنتدبين .
فطعن المحكوم عليهما في
هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني ........
:-
حيث إن المحكوم عليه الثاني ....... وإن قرر الطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم
يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة
34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة
1959 والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 .
ثانياً :
بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الأول ...... :-
وحيث إن ما
ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاستيلاء المرتبط بجريمتي
التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، والإضرار العمدى بأموال ومصالح الغير
المعهود بها لجهة عمله ، والاستحصال بغير حق على خاتم جهة عمله واستعماله
استعمالاً ضاراً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع ، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها وعول على أقوال شهود الإثبات
دون أن يورد مؤداها ، ولم يعرض لدفاع الطاعن بتناقض مجرى التحريات الرائد / .... فيما أثبته بمحضره عما شهد به في
تحقيقات النيابة العامة وجلسة المحاكمة ، كما التفت عن دفاعه القائم على أن جهة
عمله لم تبلغ بفقد أو سرقة دفتر التوفير الذى قرر مجري التحريات أن الطاعن – وآخر
– قاما بسرقته ومحو رقمه وإعطائه رقماً آخر حتى يتمكنا من الاستيلاء على المبلغ
موضوع الدعوى ، كما أن الحكم لم يعرض لدفاعه بالطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب
له بدفتر الحضور والانصراف في يوم الواقعة لتناقضه مع ما قدمه من مستند رسمي وهو
بطاقة التأمين الصحي الخاصة به والتي تفيد أنه كان بمستشفى التأمين الصحي ببنها
يوم الواقعة، هذا وقد تساند الحكم إلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، كما عول على
اعتراف المتهم الثاني بحصوله على مبلغ خمسة آلاف جنيه مــن المبلغ المستولى عليه في
حين أن هذا الاعتراف كان عن واقعة استيلاء أخرى مغايرة لواقعة الدعوى مما ينم عن
عدم إحاطة المحكمة بالواقعة وعدم إلمامها بظروفها ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب
نقضه .
وحيث إن الحكم
المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي
دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى
إليه وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي
وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث
لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان
القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – كان
ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية
ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه
مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة
الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه
التناقض بين ما أثبته الرائد / .... في محضره وبين ما شهد به في تحقيقات
النيابة العامة وجلسة المحاكمة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً فإن منعاه في هذا الشأن
لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه
أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى
المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه
اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إبلاغ جهة عمله بفقد أو سرقة دفتر
التوفير الذي قرر مجري التحريات أن الطاعن وآخر قاما بسرقته وتغيير رقمه ليتسنى
لهما الاستيلاء على المال موضوع الدعوى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا
يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق
الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا
تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية
لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ، وكان ما قاله الحكم بأن الطاعن يمكنه
الذهاب إلى التأمين الصحي أو أي مكان آخر ويعود إلى عمله في ذات اليوم من شأنه أن
يؤدى إلى ما رتب عليه من اطراح دفاعه بتزوير توقيعه على دفتر الحضور والانصراف
لتناقضه مع ما أثبت ببطاقة التأمين الصحي من تواجده بالمستشفى يوم الواقعة ومن ثم
يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو
حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت
لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى وهي غير ملزمة من بعد بالرد صراحة على
دفاع المتهم الموضوعي القائم على أساس نفي التهمة ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً
من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ومن ثم فإن
منعى الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر
الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات
الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط
البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ،
وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه
، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل
معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ
كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية
متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل
بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة
مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما
انتهت إليه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في
شأن استناد الحكم في إدانته إلى اعتراف المحكوم عليه الثاني من حصوله منه على مبلغ
خمسة آلاف جنيه من المبلغ المستولى عليه بحجة أنه عن واقعة استيلاء أخرى إذ إنه لا
يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما
كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات
إلا أنه قضى بعزله من وظيفته لمدة سنتين على خلاف ما تقضى به المادة 118 من قانون
العقوبات ذلك أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس طبقاً
لما تقضي به المادة 27 من ذات القانون ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع
تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه إذ من المقرر أنه لا يصح أن
يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق