برئاسة السيد المستشار/ عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه
ومحمد ماضي أبو الليل.
----------
- 1 دعوى " الخصوم في الدعوى". نقض " شروط قبول الطعن .
الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام الي القضاء أمر متعلق بوظيفة السلطة القضائية قبول الطعن
بالنقض شرطه أن يكون بين خصوم حقيقيين في النزاع .
إذ كان لا قضاء إلا في خصومة بشأن حق متنازع فيه و كان الاحتكام إلى
القضاء أمراً متعلقاً بالوظيفة العامة للسلطة القضائية و تنظمه القواعد القانونية
العامة و من أجل ذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن الطعن لديها لا يكون مقبولاً إلا
إذا كان بين خصوم حقيقيين في النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه بأن تنازعوا
الحق المدعى به بينهم و ظلوا كذلك حتى صدور ذلك الحكم ، لما كان ذلك ، و كان البين
من أوراق الطعن أن أحداً من الخصوم لم يطلب إلى محكمة الموضوع الحكم على المطعون
عليه الثاني بشيء ما و كان موقفه من الخصومة سلبياً و لم يقض الحكم المطعون فيه بشيء
عليه ، فإنه لا يكون من ثم من الخصوم الحقيقيين في الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم و
يكون اختصامه في هذا الطعن في غير محله .
- 2 حكم " الطعن في الحكم . الأحكام غير جائز الطعن فيها".
عدم جواز الطعن استقلالا في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة م 212
مرافعات .
إن نص المادة 212 من قانون المرافعات يدل ـ و على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة ــ على أن الشارع قد وضع قاعدة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام
الصادرة أثناء سير الخصومة و قبل الحكم الختامي المنهى لها ، و ذلك فيما عدا الأحكام
الوقتية و المستعجلة و الصادرة بوقف الدعوى و كذلك الأحكام التي تصدر في شق من
الدعوى متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري ، و رائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع
تقطيع أوصال القضية الواحدة و توزيعها بين مختلف المحاكم و ما يترتب على ذلك
أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى و ما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي .
- 3 حكم " الطعن في الحكم . الأحكام غير جائز الطعن فيها".
طلب طرد شاغل عين تأسيسا علي انتفاء العلاقة الإيجارية واحتياطيا ندب
خبير لتقدير أجرة العين القضاء برفض الطلب الأصلي وندب خبير لتحقيق باقي الطلبات
قضاء غير منه للخصومة عدم جواز الطعن فيه استقلالا .
إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون عليها الأولى طلبت في مذكرتها
الختامية ــ التي تسلم الطاعن صورتها أمام محكمة أول درجة ــ الحكم ضد هذا الأخير
بإلغاء قرار لجنة تقدير الإيجارات عن مدخل العقار المبين بصحيفة الدعوى و طرده من
هذا المدخل تأسيساً على أنها منحته بمقتضى العقد المؤرخ .. .. .. حق استغلاله ، و
أن تلك العلاقة لا تخضع للقانون رقم 52 لسنة 1969 و لا لقواعد تحديد الأجرة
المنصوص عليها فيه ، و انتهت بانتهاء مدتها ثم طلبت المطعون عليها الأولى في مذكرتها
ــ المشار إليها ـ احتياطياً ندب خبير لتقدير الأجرة ، و كان حكم محكمة أول درجة
الصادر بجلسة .. .. .. قد اقتصر على القضاء برفض طلب الطرد و ندب خبير لتحقيق باقي
الطلبات ، فإنه يكون قد فصل في شق من الطلبات التي وجهتها المطعون عليها للطاعن استناداً
إلى أساس واحد ، و إذا كان ذلك الحكم غير قابل للتنفيذ الجبري فإن الطعن فيه على استقلال
يكون غير جائز ، و يكون استئنافه بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها و في هذه
الحالة تنظر محكمة الاستئناف الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم
المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف .
- 4 عقد " تكييف العقد".
تكييف العقد مناطه عدم الاعتداد بما يطلقه المتعاقد أن علية من أوصاف
وعبارات متى خالفت حقيقة التعاقد.
العبرة في تكييف العقد هي بما عناه المتعاقدان ، و لا يعتد بما أطلقوه
عليه من وصف أو ضمنوه من عبارات إذا تبين أن هذا الوصف أو تلك العبارات تخالف
حقيقة التعاقد و ما قصده المتعاقدان منها .
- 5 عقد " تكييف العقد". محكمة الموضوع " سلطة محكمة
الموضوع . تفسير العقد". نقض " سلطة محكمة النقض".
التعرف علي قصد المتعاقدين من سلطة محكمة الموضوع . التكييف القانوني
لما عناه المتعاقدان . خضوعه لرقابة محكمة النقض .
إذ كان التعرف على ما عناه الطرفان من العقد هو مما يدخل في سلطة
محكمة الموضوع إلا أن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدان و إنزال حكم القانون
على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
- 6 عقد " تكييف العقد". ايجار .
الاتفاق على قيام المستأجر ببعض تجهيزات في المكان المؤجر على أن
يمتلكها المؤجر بعد إتمامها. لا يغير من اعتبار المكان قد تم تأجيره خاليا.
اتفاق الطرفين في العقد على أن يكون للطاعن المستأجر تركيب فاترينتين
و أرفف لعرض و بيع الملابس على نفقته تمتلكها المطعون عليها الأولى " المؤجرة
" بمجرد وضعها لا يغير من اعتبار التعاقد قد انصب على مكان خال و هذه كانت
حقيقته وقت التعاقد ، بما لا يجوز معه القول بأن التعاقد قد انصب على متجر لم يكن
قد نشأ بعد و اشتمل على مقومات معنوية و مادية و بما لا يجوز معه القول بأن
التعاقد قد أنصب على مكان مفروش بمنقولات من عند المؤجر ذات قيمة .
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن
– تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 1641 سنة 1975 كلي
الإسكندرية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني يطلب الحكم بقبول طعنهما على قرار لجنة
تقدير الإيجارات – الصادر بتقرير أجرة المنشآت المقامة في مدخل العقار رقم .....
بمبلغ 298ج شهريا – شكلا وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار، وقالت بيانا للدعوى إنها
تعاقدت مع الطاعن في 26/7/1973 على منحه حق استغلال مدخل العقار المشار إليه بأن
يقوم بتركيب فاترينتين وأرفف لعرض ملابس به لقاء أجرة قدرها 180ج تسدد بواقع 15ج
في كل شهر، على أن تصبح هذه المنشآت ملكا لها بمجرد تركيبها ورغم أن هذا التعاقد لا
يخضع لقانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 فقد أخطر الطاعن لجنة تقدير الإيجارات
التي قدرت أجرة المنشآت بمبلغ 298ج شهريا ومن ثم أقامت الدعوى بطلباتها، ثم طلبت
بجلسة 16/10/1975 في مواجهة الطاعن الحكم بطرده من العين وتسليمها لها خالية
تأسيسا على انتهاء عقد الاستغلال وبتاريخ 27/5/1976 حكمت المحكمة برفض طلب الطرد
وقبل الفصل في شكل وموضوع الطعن في قرار لجنة تقدير الإيجارات بندب خبير لتحديد
أجرة عين النزاع وبيان ما إذا كان قرار لجنة تقدير الإيجارات أعلن للمطعون عليها
الأولى وتاريخ ذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 27/3/1980 بعدم قبول
الطعن شكلا. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 419 لسنة 36ق،
وبتاريخ 8/1/1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في كل من الطلبين
الأصلي والاحتياطي وبطرد الطاعن من المكان محل التعاقد المؤرخ 26/7/1973 وبإلزامه
بتسليم المنشآت المبينة بذلك العقد خالية للمطعون عليها الأولى. طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليه الثاني بعدم قبول الطعن بالنسبة له وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بإجابة هذا الدفع وفيما عدا ذلك برفض الطعن. وعرض
الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها
التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم القبول أن المطعون عليه الثاني – وزير
الإسكان – لم توجه له طلبات ولم ينازع خصمه في طلباته ووقف موقفا سلبيا من الخصومة
فلا يعد خصما حقيقيا ولا يقبل توجيه الطعن له.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لما كان لا قضاء إلا في خصومة بشأن
حق متنازع فيه وكان الاحتكام إلى القضاء أمرا متعلقا بالوظيفة العامة للسلطة
القضائية وتنظمه القواعد القانونية العامة ومن أجل ذلك جرى قضاء هذه المحكمة على
أن الطعن لديها لا يكون مقبولا إلا إذا كان بين خصوم حقيقيين في النزاع الذي فصل
فيه الحكم المطعون فيه بأن تنازعوا الحق المدعى به بينهم وظلوا كذلك حتى صدور ذلك
الحكم، لما كان ذلك وكان البين من أوراق الطعن أن أحدا من الخصوم لم يطلب إلى
محكمة الموضوع الحكم على المطعون عليه الثاني بشيء ما، وكان موقفه من الخصومة
سلبيا ولم يقض الحكم المطعون فيه بشيء عليه، فإنه لا يكون من ثم من الخصوم
الحقيقيين في الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم ويكون اختصامه في هذا الطعن في غير
محله مما يتعين معه على هذه المحكمة الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل النعي بالوجهين الأول والرابع من
السبب الأول – وبالوجه الأول من السبب الثاني أن الدعوى تضمنت طلبين أصليين هما
طلب الطرد وطلب الطعن في قرار لجنة تقرير الإيجارات لعين النزاع، وكل من الطلبين
مستقل عن الآخر ومختلف عنه في سببه وموضوعه وخصومه فيكون الحكم في أي منها منهيا
للخصومة في شأنه ويقبل الطعن على استقلال من تاريخ صدوره، وإذ أصدرت محكمة أول
درجة بتاريخ 27/ 5/ 1976 حكما برفض طلب الطرد تأسيسا على أن العلاقة الإيجارية
التي تربط الطاعن بالمطعون عليها الأولى تخضع للقانون رقم 49 لسنة 1977، ولم
تستأنف الأخيرة ذلك الحكم من تاريخ صدوره وحتى انقضاء الميعاد القانوني، فيكون ذلك
الحكم بما قام عليه من أسباب قد حاز قوة الأمر المقضي، غير أن الحكم المطعون قد
خالف ذلك واعتبر أن الخصومة انعقدت بطلبين أحدهما أصلي وهو طلب الطرد والثاني
احتياطي وهو طلب الطعن في قرار لجنة تقدير الإيجارات، ورتب على ذلك أن الخصومة لم
تنته بالفصل في الطلب الأول وأن استئناف الحكم الصادر في الطلب الثاني يستتبع
استئناف الحكم الصادر في الطلب الأول وقضى بقبول الاستئناف شكلا بالنسبة للطلبين
وأسس قضاءه في الموضوع على أن العلاقة الإيجارية بين الطرفين لا تخضع لقانون إيجار
الأماكن، مخالفا بذلك ما تأسس عليه حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 27/ 5/ 1976
والذي حاز قوة الأمر المقضي، فيكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وخالف الثابت
بالأوراق وعابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن نص المادة 212 من قانون المرافعات
يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن الشارع قد وضع قاعدة تقضي بعدم
جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة وقبل الحكم الختامي
المنهي لها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى وكذلك
الأحكام التي تصدر في شق من الدعوى متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد الشارع
في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم
وما يترتب على ذلك أحيانا من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب عليه حتما من
زيادة نفقات التقاضي، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون عليها الأولى
طلبت في مذكرتها الختامية – التي تسلم الطاعن صورتها – أمام محكمة أول درجة، الحكم
ضد هذا الأخير بإلغاء قرار لجنة تقدير الإيجارات عن مدخل العقار المبين بصحيفة
الدعوى وطرده من هذا المدخل تأسيسا على أنها منحته بمقتضى العقد المؤرخ 26/ 7/ 1973
حق استغلاله وأن تلك العلاقة لا تخضع للقانون رقم 52 لسنة 1969 ولا لقواعد تحديد
الأجرة المنصوص عليها فيه، وانتهت بانتهاء مدتها ثم طلبت المطعون عليها الأولى في
مذكرتها – المشار إليها احتياطيا ندب خبير لتقدير الأجرة، وكان حكم محكمة أول درجة
الصادر بجلسة 27/ 5/ 1976 قد اقتصر على القضاء برفض طلب الطرد وندب خبيرا لتحقيق
باقي الطلبات، فإنه يكون قد فصل في شق من الطلبات التي وجهتها المطعون عليها
للطاعن استنادا إلى أساس واحد، وإذ كان ذلك الحكم غير قابل للتنفيذ الجبري فإن
الطعن فيه على استقلال يكون غير جائز، ويكون استئنافه بعد صدور الحكم المنهي
للخصومة كلها وفي هذه الحالة تنظر محكمة الاستئناف الدعوى بحالتها التي كانت عليها
قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف. وإذ التزم الحكم المطعون
فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون مما يكون معه النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن الثابت من تقرير
الخبير أن المطعون عليها الأولى استلمت بتاريخ 3/ 4/ 1975 إخطارا من محافظة
الإسكندرية بتحديد الأجرة القانونية لعين النزاع وإذ هي أقامت الدعوى طعنا على
قرار تحديد الأجرة بتاريخ 10/ 5/ 1975 أي بعد الميعاد القانوني فإن حقها في الطعن
يكون قد سقط، غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بقبول طعنها شكلا
فيكون معيبا بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 13 من القانون رقم 52
لسنة 1969 على أن "تكون قرارات لجان تحديد الأجرة نافذة رغم الطعن عليها
وتعتبر نهائية إذا لم يطعن عليها في الميعاد. ويكون الطعن في هذه القرارات أمام
المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها المكان المؤجر خلال ثلاثين يوما من تاريخ
الإخطار بقرار اللجنة" يدل على أن المشرع قد حدد موعد الثلاثين يوما بحيث
يتعين أن يتم الطعن خلاله في قرار اللجنة من تاريخ الإخطار به. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقبول طعن المطعون عليها على قرار اللجنة على ما
أورده في مدوناته من أن "أوراق الدعوى لا تحوي ما يدل على إعلان المستأنفة
بقرار لجنة تحديد الإيجارات، وذلك أن كل ما ثبت من تقرير الخبير وملحقه أن إخطار
لجنة تقدير الإيجارات قد سلمه حي وسط إلى مكتب بريد المسلة في 3/ 4/ 1975 وليس في
تسليم الإخطار لمكتب البريد ما يقطع بتسلم المستأنفة له، إذ العبرة في انفتاح
ميعاد الطعن عليه بثبوت تسلم المخطر به في تاريخ معين فضلا عن أن ...... الذي مثل
أمام الخبير وإن قرر أن المستأنفة قد أخطرت بقرار اللجنة إلا أنه لم يحدد تاريخ
استلامها الإخطار ومن الذي أخطرها به" وهو استخلاص سائغ من محكمة الاستئناف
في حدود سلطتها الموضوعية بعدم ثبوت إخطار المطعون عليها الأولى بقرار لجنة تحديد
الأجرة على نحو يبدأ منه موعد طعنها عليه، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من السبب الأول وبالوجه الثاني من
السبب الثاني أن – الثابت بعقد الإيجار أنه ورد على مكان خال غير أن الحكم المطعون
فيه قرر أن الإجارة وردت على منشأة تجارية واستدل على ذلك بتصريح المطعون عليها
الأولى للطاعن بتركيب فاترينتين وأرفف بالمكان المؤجر تؤول إليها ملكيتها بمجرد
تركيبها في حين أن قيام المستأجر بوضع تركيبات خشبية في العين المؤجرة بتكاليف من
عنده لا يغير من وصف العين المؤجرة، فيكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون
بإخراجه من نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن علاقة إيجار تخضع له كما عابه الفساد
في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن العين
موضوع الدعوى تشمل مدخلي عقار وحجرة أسفل السلم، ومن ثم فهي مكان يخضع لقانون
إيجار الأماكن سواء من حيث التحديد القانوني للأجرة أو من حيث الامتداد القانوني
لا يغير من ذلك وصف المتعاقدين للعقد بأنه عقد استغلال، إذ العبرة في تكييف العقد
هي بما عناه المتعاقدان ولا يعتد بما أطلقوه عليه من وصف أو ضمنوه من عبارات إذا
تبين أن هذا الوصف أو تلك العبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده المتعاقدان منها.
ولئن كان التعرف على ما عناه الطرفان من العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع
إلا أن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدان وإنزال حكم القانون على العقد
هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان اتفاق الطرفين في
العقد على أن يكون للطاعن "المستأجر" تركيب فاترينتين وأرفف لعرض وبيع
الملابس على نفقته تمتلكها المطعون عليها الأولى "المؤجرة" بمجرد وضعها
لا يغير من اعتبار التعاقد قد انصب على مكان خال وهذه كانت حقيقته وقت التعاقد،
بما لا يجوز معه القول بأن التعاقد قد انصب على متجر لم يكن قد نشأ بعد واشتمل على
مقومات معنوية ومادية، وبما لا يجوز معه القول بأن التعاقد قد انصب على مكان مفروش
بمنقولات من عند المؤجر ذات قيمة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مقررا أن
مفاد العقد المبرم بين الطرفين أن المطعون عليها جهزت المكان بفاترينتين وأرفف آلت
ملكيتها لها وسمحت للطاعن باستعمال مدخل العقار وحوائطه لمباشرة نشاطه في عرض وبيع
الملابس فيضحى مبنى الحجرة التي حددت اللجنة أجرتها عنصرا ثانويا بالنسبة لهذه
المنشآت، ومن ثم لا يخضع المكان لقانون إيجار الأماكن من حيث تحديد أجرته تحديدا
قانونيا ومن حيث الامتداد القانوني للعقد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون
وشابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه بالنسبة لطلب الرد المؤسس على انتهاء
مدة العقد – الاتفاقية، ولما تقدم من خضوع العين المؤجرة موضوع الدعوى لقانون
إيجار الأماكن بما لا يجوز معه طلب إنهاء عقد إيجارها بانتهاء مدته القانونية إذ
تمتد بقوة القانون، فقد تعين القضاء في موضوع الاستئناف بالنسبة لذلك الطلب برفضه
وتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق