الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 524 لسنة 37 ق جلسة 25 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 21 ص 108

جلسة 25 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

---------------

(21)
الطعن رقم 524 لسنة 37 القضائية

(1) دعوى. "شروط قبول الدعوى. الصفة". دفوع. "الدفع بعدم القبول".
اكتساب المدعي الصفة في رفع الدعوى أثناء نظرها. أثره. زوال العيب وانتفاء مصلحة المدعى عليه في التمسك بالدفع بعدم القبول.
(2) دعوى. "شروط قبول الدعوى. الصفة". استئناف. "نطاق الاستئناف. السبب الجديد".
الصفة في رفع الدعوى. جواز أن يكون سند المدعي في ثبوت صفته أمام محكمة الاستئناف مغايراً لسنده أمام محكمة أول درجة أو صادراً بعد نقض الحكم السابق. ليس من شأن ذلك تغيير موضوع النزاع.
(3) نقض. "أثر نقض الحكم". استئناف.
نقض الحكم. للخصوم أن يقدموا أمام محكمة الإحالة ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع إلا ما سقط الحق فيه. جواز اعتماد هذه المحكمة في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما يقدم لها من تلك الوجوه وما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة.
(4) دعوى. "شروط قبول الدعوى. الصفة". دفوع "الدفع بعدم القبول". حوالة. استئناف.
إقامة الطاعن دعواه ابتداء بطلب التعويض الناشئ عن إخلال الشركة المطعون عليها بتنفيذ عقد المقاولة المبرم بينها وبين جمعية بناء المساكن تأسيساً على أنه تضمن اشتراطاً لمصلحة الأعضاء. اعتماده أمام محكمة الإحالة - بعد نقض الحكم الصادر في الدعوى - على أن الجمعية أحالت إليه حقوقها بما فيها التعويض بموجب عقد أعلن إلى الشركة أثناء نظر الاستئناف. أثره. انتفاء مصلحة الشركة في التمسك بالدفع بعدم القبول. عدم ترتيب الحكم المطعون فيه على الحوالة أثرها في اعتبار صفة الطاعن في المطالبة بالحق موضوعها لأنها قدمت في الاستئناف بعد صدور حكم النقض السابق. خطأ.

-----------------
1 - إنه وإن كان يجوز للمدعى عليه أن يدفع بعدم قبول الدعوى إذا لم يكن المدعي صاحب صفة في رفعها إلا أنه متى اكتسب المدعي هذه الصفة أثناء نظر الدعوى مراعياً المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في القانون، فإن العيب الذي شاب صفته عند رفعها يكون قد زال وتصبح الخصومة بعد زوال العيب منتجة لآثارها منذ بدايتها، ولا يكون للمدعى عليه مصلحة في التمسك بهذا الدفع.
2 - لا يؤثر في اعتبار صفة المدعي - في رفع الدعوى - أن يكون السند الذي اعتمد عليه في ثبوت صفته أمام محكمة الاستئناف مغايراً لسنده أمام محكمة أول درجة أو صادراً بعد نقض الحكم السابق، ذلك أن التمسك بسبب جديد لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليس من شأنه تغيير موضوع النزاع، وإنه وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 411 من قانون المرافعات السابق يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه.
3 - للخصوم أمام محكمة الإحالة ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع، إلا ما يكون منها قد سقط الحق فيه، ولمحكمة الإحالة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما يقدم إليها من هذه الوجوه، وعلى ما يستمد من وقائع ومستندات وأدلة.
4 - متى كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب التعويض الناشئ عن إخلال الشركة المطعون عليها بتنفيذ عقد المقاولة على أساس أن هذا العقد الذي أبرمته مع الجمعية التعاونية لبناء المساكن تضمن الاشتراط لمصلحة أعضاء الجمعية، إلا أن الطاعن اعتمد أمام محكمة الإحالة على أن الجمعية أحالت إليه حقوقها بما في ذلك الحق في التعويض بموجب عقد حوالة أعلن إلى الشركة أثناء نظر الاستئناف، وكان يترتب على هذه الحوالة اعتبار الطاعن صاحب صفة في طلب الحق موضوع الحوالة، ولا يستطيع المدين الوفاء للمحيل بعد نفاذ الحوالة في حقه، فإن توجيه الدعوى إليه من المحال له الذي أصبح وحده صاحب الصفة في المطالبة بالحق يكون صحيحاً، وتنتفي كل مصلحة للمدين في التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى لأن للمدين وفقاً لنص المادة 312 من التقنين المدني أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يرتب على الحوالة أثرها في اعتبار صفة الطاعن في المطالبة بالحق موضوعها لأنها لم تقدم إلا في الاستئناف بعد صدور حكم النقض السابق، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2546 سنة 1959 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليهم الأول والثاني والرابع والخامس طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين، وفي مواجهة المطعون عليه الثالث بصفته بأن يدفعوا له مبلغ 3649 ج و530 م، وقال بياناً للدعوى إنه باعتباره أحد الأعضاء في الجمعية التعاونية لبناء المساكن لرجال القضاء والنيابة العامة اختص بقطعة أرض ليقيم عليها مسكناً طبقاً للنموذج حرف (ج)، وهو أحد النماذج الأربعة التي صممها المطعون عليهما الرابع والخامس وقدرت التكاليف بمبلغ 3094 ج، وأن الجمعية التعاونية عهدت بإقامة هذا المسكن مع مساكن أعضائها إلى الشركة التي يمثلها المطعون عليهما الأول والثاني بمقتضى عقد مقاولة مؤرخ 14/ 5/ 1955 وأشرف المطعون عليهما الرابع والخامس على التنفيذ، إلا أنه تبين بعد أن تسلم الطاعن البناء من الجمعية أن الشركة خالفت الشروط والمواصفات الواردة في العقد وظهرت عيوب في البناء وأوجه نقص عديدة في التنفيذ فرفع الدعويين رقم 807 لسنة 58 ورقم 11023 مستعجل القاهرة لإثبات حالة البناء وما فيه من عيوب ومدى مطابقته لعقد المقاولة وللأصول الفنية، وقدم الخبير المنتدب فيهما تقريراً بالعيوب الموجودة في البناء وبالمخالفات لشروط العقد ونظراً لأن الشركة هي التي أقامت البناء ووضع المطعون عليهما الرابع والخامس تصميمه وقاما بالإشراف على التنفيذ وهم جميعاً مسئولون بالتضامن عن تعويض الأضرار الناشئة عن تلك العيوب والمخالفات فقد انتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات. وأقرت الجمعية التعاونية بحق الطاعن وانضمت إليه في طلباته، ودفعت الشركة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى أن عقد المقاولة أبرم بينهما وبين الجمعية لبناء مساكن لها وأن الجمعية وحدها تتولى بيعها لأعضائها من رجال القضاء والنيابة ولا شأن للشركة بهذا التوزيع ولا علاقة بينها وبين الطاعن تخوله مقاضاتها بسبب التزاماتها المترتبة على عقد المقاولة، وبتاريخ 14/ 10/ 1960 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم القبول تأسيساً على أن عقد المقاولة يتضمن اشتراطاً لمصلحة أعضاء الجمعية، ثم عادت بتاريخ 25/ 6/ 1961 فحكمت بإلزام الشركة والمطعون عليهما الرابع والخامس متضامنين بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 1049 ج و520 م والمصروفات المناسبة، واستأنفت الشركة هذا الحكم طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها وقيد الاستئناف برقم 1409 سنة 78 قضائية، وبتاريخ 28/ 4/ 1962 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وأسست قضاءها برفض الدفع على أن عقد المقاولة أبرم في حدود نيابة الجمعية عن أعضائها وأن ما ينشأ عن العقد من حقوق والتزامات يضاف إليهم فيكون للطاعن توجيه الدعوى مباشرة إلى الشركة، وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 277 سنة 32 قضائية، وبتاريخ 29/ 12/ 1966 نقضت المحكمة هذا الحكم على أساس أنه أخطأ في تكييف العلاقة القانونية بين الجمعية التعاونية وأعضائها في شأن عقد المقاولة وفي ترتيب آثاره، وبعد أن أحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف تمسك الطاعن بأن الجمعية أحالت إليه الحقوق الناشئة عن عقد المقاولة بما فيها التعويضات المترتبة على مخالفة شروطه منذ تاريخ رفع الدعوى على الشركة وذلك بموجب إقرار من الجمعية مؤرخ 12/ 3/ 1967 فضلاً عن انتقال الحق في التعويض بموجب تسجيل عقد ملكيته عن الأرض المقام عليها البناء بتاريخ 17/ 9/ 1966 تحت رقم 2697 شهر عقاري الجيزة، وبتاريخ 25/ 11/ 1967 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها عن غير ذي صفة، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن أقام الدعوى ابتداء على أساس قاعدة الاشتراط لمصلحة الغير، وأنه لم يحصل على حوالة الحق من الجمعية التعاونية إلا بتاريخ 12/ 3/ 1967 بعد صدور حكم النقض فلا تصلح لاعتباره صاحب صفته في الدعوى لأن العبرة في ذلك هي بوقت رفع الدعوى، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أنه لا يجب أن يتحقق شرط الصفة للمدعي في وقت رفع الدعوى، وإنما يكفي اكتساب هذه الصفة أثناء نظرها، لأنه بزوال العيب الذي كان يشوب صفته تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها ولا محل بعد ذلك للدفع بانعدام الصفة ولا يكون لصاحب الدفع مصلحة فيه، ورغم أن حق الجمعية في اقتضاء التعويض المترتب على إخلال الشركة في تنفيذ عقد المقاولة قد انتقل إلى الطاعن بموجب حوالة نافذة قبل الشركة التي أعلنت بها أثناء الاستئناف، إلا أن الحكم لم يرتب على الحوالة أثرها، وحسب أنه مقيد بأدلة الإثبات وأوجه الدفاع المقدمة إلى محكمة أول درجة أو التي تكون سابقة على حكم النقض، مع أنه يجوز تقديم أدلة وأوجه دفاع جديدة أمام محكمة الاستئناف بعد نقض الحكم ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كان يجوز للمدعى عليه أن يدفع بعدم قبول الدعوى إذا لم يكن المدعي صاحب صفة في رفعها، إلا أنه متى اكتسب المدعي هذه الصفة أثناء نظر الدعوى مراعياً المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في القانون فإن العيب الذي شاب صفته عند رفعها يكون قد زال وتصبح الخصومة بعد زوال العيب منتجة لآثارها منذ بدايتها، ولا تكون للمدعى عليه مصلحة في التمسك بهذا الدفع، ولا يؤثر في اعتبار صفة المدعي أن يكون السند الذي اعتمد عليه في ثبوت صفته أمام محكمة الاستئناف مغايراً لسنده أمام محكمة أول درجة أو صادراً بعد نقض الحكم السابق، ذلك أن التمسك بسبب جديد لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليس من شأنه تغيير موضوع النزاع وإنه وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 411 من قانون المرافعات السابق يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، وكذلك يكون للخصوم أمام محكمة الإحالة ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع إلا ما يكون منها قد سقط الحق فيه، ولمحكمة الإحالة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما يقدم إليها من هذه الوجوه وعلى ما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة. وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب التعويض الناشئ عن إخلال الشركة المطعون عليها بتنفيذ عقد المقاولة على أساس أن هذا العقد الذي أبرمته مع الجمعية التعاونية لبناء المساكن تضمن الاشتراط لمصلحة أعضاء الجمعية، إلا أن الطاعن اعتمد أمام محكمة الإحالة على أن الجمعية أحالت إليه حقوقها بما في ذلك الحق في التعويض بموجب عقد حوالة مؤرخ 12/ 3/ 1967 أعلن إلى الشركة أثناء نظر الاستئناف، وكان يترتب على هذه الحوالة اعتبار الطاعن صاحب صفة في طلب الحق موضوع الحوالة، ولا يستطيع المدين الوفاء للمحيل بعد نفاذ الحوالة في حقه، فإن توجيه الدعوى إليه من المحال له الذي أصبح وحده صاحب الصفة في المطالبة بالحق يكون صحيحاً، وتنتفي كل مصلحة للمدين في التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى، لأن للمدين وفقاً لنص المادة 312 من التقنين المدني أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يرتب على الحوالة أثرها في اعتبار صفة الطاعن في المطالبة بالحق موضوعها، لأنها لم تقدم إلا في الاستئناف بعد صدور حكم النقض السابق، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع في شأن الدفع بعدم القبول صالح للفصل فيه، ولما تقدم ولأن الطعن للمرة الثانية، فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف في قضائه برفض الدفع وتحديد جلسة للفصل في الموضوع.

الطعن 978 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 18 ص 118

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

-----------------

(18)

القضية رقم 978 لسنة 5 القضائية

كادر العمال 

- الامتحان الفني أمام اللجنة المختصة - لا يقوم دليلاً على أدائه الشهادة اللاحقة من بعض موظفي المصلحة السابقين - لا اعتداد بما يقدم من أوراق لا أصل لها في سجلات المصلحة أو ملف خدمة العامل - أساس ذلك.

----------------
إذا كان الثابت أنه لا دليل في الأوراق على تأدية المدعي امتحاناً فنياً ما عند بدء دخول الخدمة ونجاحه في هذا الامتحان. ولا تقوم شهادة موظفي المصلحة السابقين المحررة في سنة 1948، أي بعد تعيينه بزهاء أربعة عشر عاماً، بأنه نال تمريناً كافياً بمعمل الصناعات الزراعية يجعله جديراً بالمساعدة مقام هذا الامتحان، إذ فضلاً عن أنها لم تتضمن معنى اختباره عند التعيين أو في تاريخ لاحق، فإن التمرين الذي تشير إليه لم يكن بطبيعة الحال يتوفر له عند بدء تعيينه بل اكتسبه - إن صح - بعد مضي وقت من هذا التعيين، وما دامت الأوراق خلوة من دليل كاف مقبول مثبت لأداء المدعي امتحاناً عند التحاقه بالخدمة ونجاحه في هذا الامتحان فإن الشهادة اللاحقة الصادرة من موظفين سابقين غير مختصين ولا مسئولين بالمصلحة لا تقبل في إثبات شيء من ذلك، والقول بغير هذا يفتح الباب للتحايل على أحكام كادر العمال بوسائل غير منضبطة لا يمكن الاطمئنان إليها، كما لا يمكن الأخذ في هذا الشأن بما هو وارد في صور شمسية لأوراق لا تحمل طابع الرسمية وتصر الجهة الإدارية على عدم وجود أصول لها لديها إلى حد طلبها إجراء تحقيق في موضوعها بوساطة النيابة الإدارية.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الزراعة بالإقليم المصري سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 978 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 19 من إبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 364 لسنة 3 القضائية "محاكم" المقامة من: سيد أحمد خليل ضد وزارة الزراعة القاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لأحكام كادر العمال بأجر يومي قدره 300 مليم في الدرجة (240/ 400 مليم) المعدلة إلى (300/ 500) طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 من تاريخ دخوله الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وفروق وألزمت الوزارة المصروفات". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "قبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 20 من يوليه سنة 1959 فعقب عليه بمذكرة انتهى فيها إلى طلب "رفض الطعن". وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً أبدت فيه رأيها بأن الطعن قام على غير سند من القانون "ويتعين الحكم برفضه" وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من أكتوبر سنة 1960، وفي 21 من سبتمبر سنة 1960 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1960 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة عطلة العيد من 15 إلى 19 من يونيه سنة 1959 وامتداد الميعاد إلى أول يوم عمل بعدها وهو 20 من يونيه سنة 1959 وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 364 لسنة 3 القضائية "محاكم" ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في أول يوليه سنة 1956 ذكر فيها أنه عين في أول فبراير سنة 1934، بعد اختباره، عاملاً باليومية في وظيفة مساعد معمل، ولما صدر كادر العمال سويت حالته على أساسه بوضعه في درجة بدايتها 300 مليم من أول مايو سنة 1954.
ولما كانت قواعد الكادر بالنسبة للمعينين قبل صدوره توجب تسوية حالتهم من وقت التعيين لا من وقت صدوره، فقد كان لزاماً أن تسوى حالته في الدرجة 300 مليم من أول فبراير سنة 1934 وما يترتب على ذلك من آثار أهمها الترقية إلى درجة الدقة الممتازة بعد ست سنوات ما دام قد استكمل هذه المدة قبل أول مايو سنة 1945 ولذا فإنه يطلب "الحكم بأحقية الطالب في تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق (من 300/ 500 مليم) اعتباراً من أول فبراير سنة 1934، وما يترتب على ذلك من آثار أهمها الترقية لدرجة الدقة الممتازة بعد ست سنوات، مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة والنفاذ". وقد ردت وزارة الزراعة على هذه الدعوى بأن المدعي التحق بخدمة مصلحة البساتين بوظيفة عامل تليفون في أول فبراير سنة 1934 وقد كان يبلغ من العمر وقتذاك 14 سنة أي أقل من السن المقرر لتعيين العمال وهو 18 سنة ولذا كان اشتغاله بمثابة تمرين تحت الاختبار، وقد بدأ كعامل بقسم الصناعات الزراعية وقضى فترة التمرين في أعمال هذا القسم، ثم نقل للعمل كعامل تليفون وقت تطبيق الكادر، الأمر الذي جعل لجنة الكادر تمنحه وظيفة عامل تليفون حيث وضع في الفئة (120/ 300 مليم) المخصصة لهذه الوظيفة. وقد تقدم في 25 من يناير سنة 1948 بملتمس يرجو فيه وضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) تأسيساً على أنه قد تمرن التمرين الكافي في الأعمال الفنية الخاصة بالصناعات الزراعية، معترفاً بهذا أنه كان تحت التمرين حتى هذا التاريخ. وقد عرض أمره على لجنة شئون العمال بالمصلحة فوافقت على تعديل حالته بوضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) اعتباراً من أول مايو سنة 1945، واعتبرت المدة من تاريخ إلحاقه بالعمل بقسم الصناعات الزراعية في أول مايو سنة 1945 فترة تمرين واختبار، ولا سيما أنه يشترط للتعيين في وظيفة مساعد معمل أن يجتاز المرشح اختباراً فنياً، ولو أن المدعي اختبر مساعداً فنياً من تاريخ تعيينه الأول لانعدمت شروط التعيين الواجب توافرها في مثل هذه الحالة والمنصوص عليها في كادر العمال. هذا إلى أن مصلحة البساتين لم تكن لديها ملفات خدمة للعمال. إذ لم تنشأ هذه الملفات بها إلا بعد تطبيق الكادر، ولذا فإن الكادر قد طبق على عمالها على أساس طبيعة العمل القائمين به، وإنما تضمنت سجلاتها بياناً لوظائف العمال، وقد ورد بها أن وظيفة المدعي هي عامل تليفون، ولذا عومل بوضعه في الفئة (120/ 300 مليم) المخصصة لهذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ تعيينه في أول فبراير سنة 1934، ولا دليل من هذه السجلات أو من ملف خدمة المدعي على أنه أدى امتحاناً ما عند بدء التحاقه بالخدمة، ومن ثم فإنه لا يكون على حق في دعواه، أما الشهادة التي تقدم بها في سنة 1948 فقد قدمت بعد تطبيق الكادر، فضلاً عن أنها موقعة من بعض موظفي المصلحة السابقين بأنه تمرن تمريناً كافياً في عمل الصناعات الزراعية وأن عمله مرض، هذا إلى عدم إمكان التعويل عليها لعدم وجودها أصلاً في ملف خدمته وعدم ورود أي ذكر لاختباره فنياً سواء في سجلات المصلحة أو في ملف خدمة المذكور. وخلصت الوزارة من هذا إلى طلب الحكم برفض الدعوى. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه إلى أنه يرى "الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات" وأسس رأيه على أن المدعي قد عجز عن تقديم الدليل على أنه التحق بالخدمة بوظيفة مساعد معمل بعد اختباره. وقد عقب المدعي بمذكرة أوضح فيها أنه عين ابتداء في أول فبراير سنة 1934 عاملاً باليومية بوظيفة صانع منتجات زراعية درجة أولى وظل قائماً بهذا العمل حتى صدر كادر العمال الذي كان يجب تطبيق أحكامه عليه من وقت تعيينه، بيد أن الوزارة لم تسو حالته على أساس هذه الأحكام إلا اعتباراً من أول مايو سنة 1945، تاريخ نفاذ الكادر، وأضاف أنه ثابت من الاستمارة رقم 97 مالية المتضمنة تطورات تعيينه إنه عين منذ بدء اشتغاله بالخدمة "صانع منتجات زراعية" لا "عامل تليفون" كما تقرر الوزارة وأنه تقدم بشهادة موقعة من مسئولين تثبت اختباره عند تعيينه في أول فبراير سنة 1934 واختتم مذكرته بالتصميم على طلباته على أساس أنه دخل الخدمة بامتحان في وظيفة صانع منتجات زراعية. وبجلسة 19 من إبريل سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لأحكام كادر العمال بأجر يومي قدره 300 مليم في الدرجة (240/ 400 مليم) المعدلة إلى الدرجة (300/ 500) مليم طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق وألزمت الوزارة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن جهة الإدارة قد عجزت عن تقديم أوراق تعيين المدعي أو السجل الثابتة به وظيفته وبذا لم يقم أي دليل يؤيد ادعاءها بأن المدعي قد عين في سنة 1934 في وظيفة عامل تليفون بينما قدم المدعي أوراقاً تثبت أنه عين في وظيفة صانع بعمل الشربات والمربات في أول فبراير سنة 1934 بعد أن أدى امتحاناً ظهر منه أنه ملم بأعمال الشربات والمربات. يؤيد هذا أن الوزارة وضعته في الدرجة (300/ 500 مليم) في وظيفة "مساعد معمل" اعتباراً من أول مايو سنة 1945. الأمر الذي تستشف منه المحكمة أنه قد التحق بالخدمة ابتداء في وظيفة صانع مربات بعد اختباره. والذي يتعين تسوية حالته على أساسه اعتباراً من أول فبراير سنة 1934 لا من أول مايو سنة 1945، وذلك بوضعه في درجة صانع دقيق (240/ 400 مليم) المعدلة إلى (300/ 500 مليم) من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار. وقد طعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 20 من يونيه سنة 1959 طلبت فيها "قبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". واستندت في أسباب طعنها إلى أن الثابت من الأوراق أن المدعي عند بدء التحاقه بالعمل كانت سنه لا تجاوز 13.5 سنة، ولذا فإن اشتغاله وقتذاك إنما كان بمثابة تمرين تحت الاختبار، وقد أمضى سنتين بقسم الصناعات الزراعية، ثم نقل إلى وظيفة عامل تليفون، كما هو ثابت من كشوف تطبيق كادر العمال، أما الاستمارة رقم 97 المقدمة صورتها من المدعي فإنها لا تجدي في إثبات وظيفته وقت تعيينه. إذ أن ما تحويه من بيانات إنما هو عن الوظيفة الحالية لا الوظيفة التي بدأ بها خدمته. وقد سوت لجنة الكادر حالته بناء على الطلب المقدم منه في 25 من يناير سنة 1948 على أساس اعترافه فيه بأن الفترة من تاريخ التحاقه بالعمل حتى 30 من إبريل سنة 1945 كانت فترة تمرين، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون. وقد عقب المدعي على هذا الطعن بمذكرة ردد فيها دفاعه السابق رداً على أسباب الطعن، وأكد أنه التحق بالخدمة في وظيفة مساعد معمل بعد اختباره أمام لجنة فنية واتضاح لياقته لهذا العمل. وبعد أن ناقش أسانيد الطعن انتهى إلى أحقيته في التسوية التي يطالب بها لقيامه فعلاً بوظيفة مساعد معمل من بدء خدمته. واختتم مذكرته بطلب "رفض الطعن" وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً أيدت فيه ما جاء بأسباب حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه من حجج، وخلصت من ذلك إلى أن الطعن "قد قام على غير سند من القانون ويتعين الحكم برفضه".
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي، وهو من مواليد 19 من يوليه سنة 1920، دخل الخدمة بمصلحة البساتين اعتباراً من أول فبراير 1934، أي وهو يناهز سن الثالثة عشرة والنصف، وغير حاصل على أي مؤهل دراسي، وألحق بالعمل في قسم الصناعات الزراعية. ولدى صدور كادر العمال سويت حالته بوضعه في الفئة (120/ 300 مليم) المخصصة لوظيفة عامل تليفون، واعتبر أنه قضى في البداية فترة تمرين تحت الاختبار في أعمال القسم المشار إليه، وتدرج أجره بالعلاوات على هذا الأساس حتى بلغ 170 مليماً يومياً في أول مايو سنة 1944. وقد تقدم في سنة 1948 بشهادة موقعة من بعض موظفي المصلحة السابقين بأنه نال تمريناً كافياً بمعمل الصناعات الزراعية وأن عمله كان مرضياً ويستحق المساعدة، والتمس في طلب له مؤرخ 25 من يناير سنة 1948 وضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) مستنداً في ذلك إلى حصوله على التمرين الكافي في الأعمال الفنية بناء على تلك الشهادة. وبعرض هذا الطلب على اللجنة الفنية المختصة بتطبيق كادر العمال بالمصلحة وافقت على تعديل حالته بوضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) بمعامل الصناعات الزراعية اعتباراً من أول مايو سنة 1945 طبقاً لطبيعة عمله وقتئذ، وصدر بذلك أمر المصلحة رقم (70) واعتبرت مدة خدمته السابقة على هذا التاريخ بمثابة فترة تمرين واختبار، ثم سوى أجره اليومي على هذا الأساس فبلغ 400 مليم في أول مايو سنة 1955 وتقرر الجهة الإدارية أن الثابت بسجلاتها أن المدعي عين في وظيفة عامل تليفون نقلاً من قسم الصناعات الزراعية بعد قضائه فترة فيه متمرناً تحت الاختبار، وأنه لم يرد في هذه السجلات ما يدل على أنه أدى امتحاناً عند بدء التحاقه بالخدمة. وقد أودعت الوزارة أخيراً حافظة مستندات تحوي مستخرجاً طبق الأصل من كشف كادر عمال المياومة بديوان مصلحة البساتين ثابت به أن المدعي كان يشتغل في وظيفة "عامل تليفون" في الفئة (120/ 240 مليم) على البند 19 أجور قبل تعيينه في درجة عامل فني بوظيفة "مساعد معمل" في الفئة (200/ 360) اعتباراً من أول مايو سنة 1945. وقد أنكرت الوزارة المستندات التي تقدم المذكور بصور منها لعدم وجود أصولها بالمصلحة حتى يمكن معرفة مدى صحتها، وذكرت أن النيابة الإدارية قد أجرت مع المدعي تحقيقاً في هذا الموضوع لمعرفة كيفية حصوله على هذه المستندات وتصويرها.
ومن حيث إنه ظاهر مما تقدم أنه لا دليل في الأوراق على تأدية المدعي امتحاناً فنياً ما عند بدء دخول الخدمة ونجاحه في هذا الامتحان. ولا تقوم شهادة موظفي المصلحة السابقين المحررة في سنة 1948، أي بعد تعيينه بزهاء أربعة عشر عاماً، بأنه نال تمريناً كافياً بمعمل الصناعات الزراعية يجعله جديراً بالمساعدة، مقام هذا الامتحان إذ فضلاً عن أنها لم تتضمن معنى اختباره عند التعيين أو في تاريخ لاحق، فإن التمرين الذي تشير إليه لم يكن بطبيعة الحال ليتوفر له عند بدء تعيينه بل اكتسبه - إن صح - بعد مضي وقت من هذا التعيين. وما دامت الأوراق خلوة من دليل كاف مقبول مثبت لأداء المدعي امتحاناً عند التحاقه بالخدمة ونجاحه في هذا الامتحان فإن الشهادة اللاحقة الصادرة من موظفين سابقين غير مختصين ولا مسئولين بالمصلحة لا تقبل في إثبات شيء من ذلك. والقول بغير هذا يفتح الباب للتحايل على أحكام كادر العمال بوسائل غير منضبطة لا يمكن الاطمئنان إليها. كما لا يمكن الأخذ في هذا الشأن بما هو وارد في صور شمسية لأوراق لا تحمل طابع الرسمية وتصر الجهة الإدارية على عدم وجود أصول لها لديها إلى حد طلبها إجراء تحقيق في موضوعها بوساطة النيابة الإدارية.
على أنه مهما يكن من أمر في شأن صحة أو عدم صحة واقعة الاختبار التي يزعمها المدعي، فإن إلمامه بأعمال الشربات والمربات - كما هو مذكور في تلك الأوراق - لا يحدد له مركزاً قانونياً في وظيفة بعينها، ولا يخوله حقاً محتوماً في وظيفة "مساعد معمل" بدرجة صانع دقيق في الفئة (300/ 500 مليم) من بدء تعيينه في أول فبراير سنة 1934، إذ فضلاً عن قصور هذا الوصف عن بيان الدرجة التي قدرت للمدعي والوظيفة التي يصلح لها والفئة التي تؤهله لها كفايته، فإنه ينقصه ما هو ثابت من أن المذكور لم يكن في هذا التاريخ قد بلغ من السن سوى قرابة ثلاثة عشر عاماً ونصف، أي أدنى ببضع سنوات من السن القانوني المقرر للصناع والعمال الفنيين، الأمر الذي يؤيد قول الوزارة بأن اللجنة الفنية المختصة بتطبيق كادر العمال بها قد اعتبرت هذه الفترة بمثابة تمرين واختبار والذي يعززه ما هو مدون بسجلاتها وما ورد بالمستخرج طبق الأصل من كشف كادر العمال الخاص بالمدعي. والمقدم منها أخيراً من أنه كان يقوم بعمل عامل تليفون في الفئة (120/ 240) قبل أول مايو سنة 1945، وهو عمل يدخل في عداد وظائف العمال العاديين الواردة في الكشف رقم (1) من الكشوف الملحقة بكادر العمال والتي لا يستلزم الكادر في شاغلها أداء امتحان فني ما.
ومن حيث إنه لما تقدم لا يكون المدعي على حق في دعواه، ويكون حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه، إذ قضى بإجابته إليها قد جانب الصواب، ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 86 لسنة 33 ق جلسة 17 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 111 ص 769

جلسة 17 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

---------------

(111)
الطعن رقم 86 لسنة 33 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". "ميعاده". "بطلان". قانون.
قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965. إعلان الطعن. ميعاده. بدؤه. القانون 4 لسنة 1967. منحه الطاعن ميعاداً جديداً لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات وتصحيح ما لم يصح منها. مدته. بدؤه. عدم إعلان الطعن في الميعادين. أثره. بطلان الطعن. المادة 431 مرافعات.
(ب) إعلان. "إعلان الخصوم في الطعن". بطلان. "البطلان في الإعلان" تجزئة. "أحوال عدم التجزئة". عمل. "الدعاوى الناشئة عن عقد العمل". "نقض". "إعلان الطعن".
النزاع حول استحقاق العامل لإعانة غلاء المعيشة وبدل الإجازات وفي أحقية ورثة رب العمل في فصله. غير قابل للتجزئة.

---------------
1 - متى كان الطعن قد رفع ثم أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون، وكانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن - وورثته من بعده - إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من 22 يوليه سنة 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965، وإذ خلت أوراق الطعن مما يثبت قيام الطاعن أو ورثته بإعلان بعض المطعون عليهم بتقرير الطعن خلال هذا الميعاد أو في خلال الميعاد الذي منحه لهم القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة وهذا الميعاد الجديد بالنسبة لإعلان هذا الطعن، هو - طبقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 4 لسنة 1967 - خمسة عشر يوماً تبدأ من 11 مايو سنة 1967 تاريخ نشر هذا القانون الأخير، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات واعتبار الطعن باطلاً بالنسبة لمن لم يعلن من المطعون عليهم (1).
2 - إذا كان موضوع النزاع يدور حول استحقاق الطاعن لإعانة غلاء المعيشة وبدل الإجازات وفي أحقية المطعون عليهم في فصله من عمله وهو على هذه الصورة موضوع غير قابل للتجزئة لأن الطاعن كان يقوم بعمل واحد لدى المطعون عليهم ولدى مورثهم من قبل فلا يتصور أن يستحق إعانة غلاء معيشة أو بدل إجازة قبل بعضهم دون البعض الآخر كما لا يتصور أن يكون فصله من العمل قد تم دون مبرر في حق البعض دون الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن أنطون صليبي جورج أقام الدعوى رقم 557 سنة 1957 عمال القاهرة الابتدائية ضد السيدة/ ماري أفراموسى وأنسطاس وروبير أفراموسى يطلب إلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 6335 ج و793 م والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعوه إنه بتاريخ 20/ 6/1950 اتفق مع مورث المدعى عليهم المرحوم أفانجيل أفراموسى على أن يحصل له من شركة استديو الأهرام على بعض مطالبه وأخصها دينه الذي يبلغ 34 ألف جنيه وفي مقابل ذلك تعهد المورث بأن يعينه مديراً للشركة المذكورة باعتباره من كبار المساهمين فيها وقام بتنفيذ ما تعهد به وانتظر أن يعين مديراً للشركة ولكنه فوجئ بتعيين مدير آخر لها ولما طالب المورث بالوفاء بالتزامه عينه في مؤسسته الخاصة بمرتب شهري قدره 50 ج ثم رفعه إلى 60 ج واستمر في عمله إلي أن فصله الورثة في 15/ 5/ 1956 بعد وفاة مورثهم وإذ كان هذا الفصل تعسفياً وبلا مبرر ويستحق 239 ج و155 م مكافأة نهاية الخدمة، 75 ج مكافأة عن أعمال إضافية أداها بشركة الأهرام، 191 ج و324 م بدل إجازة، 83 ج و314 م إعانة غلاء، 5000 ج تعويض ومجموعها 6335 ج و793 م فقد انتهى إلي طلب الحكم له بهذا المبلغ. وبتاريخ 30/ 10/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير المحاسب بمكتب الخبراء المحاسبين بوزارة العدل للانتقال إلي مؤسسة مورث المدعى عليهم والاطلاع على دفاترها لبيان (أولاً) ما إذا كانت المؤسسة المذكورة قد استمرت في مباشرة نشاطها التجاري بمعرفة المدعى عليهم بعد وفاة مورثهم أو أنها توقفت وتاريخ هذا التوقف وسببه (ثانياً) ما إذا كان الأجر الذي يتقاضاه المدعي شاملاً لإعانة غلاء المعيشة وفقاً للقانون والأوامر العسكرية الخاصة بتقرير تلك الإعانة وما إذا كانت تتفق مع حالة المدعي الاجتماعية من عدمه أم أن هذا المرتب لا يشمل الإعانة المذكورة مع تحديد فروق متجمد الإعانة في هذه الحالة (ثالثاً) بيان مدة خدمة المدعي وهل كانت تسند إليه أعمال إضافية في خلال مدة خدمته على نحو دفاعه ثم احتساب المكافأة التي يستحقها قانوناً (رابعاً) بيان ما إذا كان المدعي قد حصل على إجازته السنوية أو مقابلاً عنها من عدمه، وبعد أن باشر الخبير المأمورية وقدم تقريره عادت وبتاريخ 3/ 2/ 1962 فحكمت حضورياً بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعي مبلغ 264 ج و667 م والمصروفات المناسبة ومبلغ ثلثمائة قرش أتعاباً للمحاماة وأعفت المدعي من باقي المصروفات وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 1347 سنة 79 قضائية وبتاريخ 3/ 1/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنف من المصاريف وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الطعن استناداً إلى أن المطعون عليهما الأولى والثالث لم يعلنا بتقرير الطعن في الميعاد القانوني وأن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة مما يوجب البطلان بالنسبة للمطعون عليه الثاني أيضاً.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن الطعن قد رفع في 4 مارس سنة 1963 وأدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون وإذ كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليو سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن - وورثته من بعده - إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من 22 يوليو سنة 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965، وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن أو ورثته بإعلان المطعون عليهما الأولى والثالث بتقرير الطعن خلال هذا الميعاد أو في خلال الميعاد الذي منحه لهم القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة وهذا الميعاد الجديد بالنسبة لإعلان هذا الطعن هو طبقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 4 لسنة 1967 خمسة عشر يوماً تبدأ من 11 مايو سنة 1967 تاريخ نشر هذا القانون الأخير إذ كان ذلك فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات واعتبار الطعن باطلاً بالنسبة للمطعون عليهما الأولى والثالث، وإذ كان موضوع النزاع يدور حول استحقاق الطاعن لإعانة غلاء المعيشة وبدل الإجازات وفي أحقية المطعون عليهم في فصله من عمله وهو - على هذه الصورة - موضوع غير قابل للتجزئة لأن الطاعن كان يقوم بعمل واحد لدى المطعون عليهم ولدى مورثهم من قبل فلا يتصور أن يستحق إعانة غلاء معيشة أو بدل إجازة قبل بعضهم دون البعض الآخر كما لا يتصور أن يكون فصله من العمل قد تم دون مبرر في حق البعض دون الآخر ومن ثم فإن بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الأولى والثالث اللذين لم يعلنا به يترتب عليه بطلانه حتماً بالنسبة للمطعون عليه الثاني الذي تم إعلانه.


(1) نقض 26/ 10/ 1967 - الطعن رقم 94 لسنة 32 ق. السنة 17 ص 1557.

الجمعة، 29 سبتمبر 2023

الطعن 280 لسنة 34 ق جلسة 16 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 110 ص 762

جلسة 16 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

-----------------

(110)
الطعن رقم 280 لسنة 34 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية عقدية". "مسئولية تقصيرية".
المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية. استقلال كل منهما بأحكام خاصة خصه المشرع بها بقصد تحديد نطاق كل منها. مناط العمل بأحكام كل من المسئوليتين.
(ب) مسئولية حارس البناء. المادة 177/ 1 من القانون المدني.
المادة 177/ 1 من القانون المدني وضعت لحماية غير المتعاقدين مع حارس البناء في حالة تهدم البناء أو جزء منه. المتعاقدون معه يخضعون لأحكام العقد ونصوص القانون المدني الخاصة بأحكام عقد الإيجار.

----------------
1 - مفاد نص المادة 567 من القانون المدني أن التزام المؤجر - طبقاً لأحكام الإيجار في القانون المدني - بصيانة العين المؤجرة وحفظها إنما هو تقرير للنية المحتملة للمتعاقدين وأنه إذا اتفق الطرفان على ما يخالفها تعين إعمال اتفاقهما، وإذ أورد المشرع هذه المادة والمادة 577 التي تقضي بالتزام المؤجر بضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة وغيرها من النصوص التي تنظم أحكام عقد الإيجار وتبين آثاره وتحدد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه بالفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من القانون المدني، كما أورد في شأن العقود الأخرى المنصوص عليها بذات الكتاب الأحكام التي تناسبها في هذا الخصوص، وكانت المادة 177/ 1 من القانون المدني الخاصة بمسئولية حارس البناء قد وردت بالفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى، فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين. فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه. ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد.
2 - دل المشرع بإفراده لكل من المسئوليتين التعاقدية والتقصيرية أحكاماً مستقلة تختص بها دون الأخرى على النحو السالف الإشارة إليه، على أنه وضع المادة 177/ 1 لحماية غير المتعاقدين في حالة تهدم البناء أو جزء منه، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المدني الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني التي تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هي وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر. ولا يغير من ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقاً على المادة 565/ 2 الواردة في الكتاب الثاني ضمن أحكام عقد الإيجار من أنه "إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه الخطر جسيم وأصابه من ذلك ضرر بالفعل. وثبت خطأ في جانب المؤجر فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية، ويجوز له أيضاً أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً لأن الأمر يتعلق بالنظام العام" ذلك أنه وقد خلت هذه المادة من عبارة "طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية" وورد نصها آمراً في تنظيم أحد التزامات المؤجر المترتبة على العقد فإنه لا يخرج مسئولية المؤجر - في خصوص هذا الالتزام - عن طبيعتها ولا يحيلها إلى مسئولية تقصيرية وذلك ما لم يثبت أن المؤجر ارتكب خطأ جسيماً أو غشاً أو فعلاً يؤثمه القانون على النحو السالف بيانه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 27/ 12/ 1956 هدم جزء من المنزل رقم 8 ( أ ) الكائن بشارع الصبان قسم الظاهر والمملوك للطاعنين ونتج عن ذلك وفاة وإصابة بعض سكانه، فأقام المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وصياً على إخوته سعاد وفتحي ومحمد الدعوى رقم 1750 سنة 1958 كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا مبلغ 5000 ج تعويضاً عن وفاة والدهم المرحوم أحمد أحمد عطيه ووالدتهم المرحومة سيدة إبراهيم وأخيهم المرحوم صلاح أحمد عطيه وأقام المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 1751 سنة 1958 كلي القاهرة بطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1000 جنيه تعويضاً عن وفاة ابنته ليلى عبد الفتاح علي، كما أقام المطعون ضده الثالث الدعوى رقم 1752 سنة 1958 كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 5000 ج تعويضاً عن وفاة زوجته المرحومة عطيات أحمد مصطفى وأولاده نعيمة ومصطفى وعلي، وأقام أيضاً المطعون ضده الرابع الدعوى رقم 1753 سنة 1958 كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2500 ج تعويضاً عن وفاة ابنه المرحوم محمد السيد عطية وإصابة ابنته فوزية السيد عطية بإصابة تخلفت عنها عاهة مستديمة. وأسس المطعون ضدهم هذه الدعاوى على أن الطاعنين تسببا بإهمالهما في انهيار جزء من المنزل سالف الذكر وهو السلم والغرفتين الملاصقتين له من الجهة الغربية القبلية بكامل ارتفاع المنزل البالغ خمسة أدوار حتى سطح الأرض بأن تركا المنزل بدون صيانة ولم يتخذا الإجراءات الكفيلة بحماية السكان وضمنت المحكمة الدعاوى الأربع ليصدر فيها حكم واحد وبتاريخ 31/ 12/ 1961 حكمت بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول عن نفسه مبلغ 600 ج ولكل من إخوته المشمولين بوصايته مبلغ 800 ج، وبأن يدفعا للمطعون ضده الثاني مبلغ 500 ج وللمطعون ضده الثالث مبلغ 3000 ج وللمطعون ضده الرابع مبلغ 800 ج. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 595 سنة 79 ق. وبتاريخ 10 مارس سنة 1964 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ 1200 ج وللمطعون ضده الثاني مبلغ 300 ج وللمطعون ضده الثالث 600 ج وللمطعون ضده الرابع مبلغ 320 ج. وبتاريخ 28 أبريل سنة 1964 قرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه بمسئوليتهما عن وفاة بعض سكان المنزل المملوك لهما وإصابة آخرين نتيجة لسقوط جزء منه وتهدمه، على ما تقضي به المادة 177/ 1 من القانون المدني من مسئولية حارس البناء مسئولية تقصيرية مفترضة، هذا في حين أن الصحيح في القانون هو وجوب إعمال قواعد المسئولية العقدية وذلك لقيام علاقة عقدية بين الطاعنين ومن أصيبوا من تهدم بعض مباني المنزل لاستئجارهم وحدات سكنية فيه، مما لا يجوز معه تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية في أية صورة من صورها. وأضاف الطاعنان أنه قد ترتب على هذا الخطأ أن الحكم لم يبحث دفاعهما المؤسس على وجوب إعمال أحكام المسئولية التعاقدية التي تقضي بإلزام المستأجر بإخطار المؤجر بما يتطلبه العقار من ترميمات مستعجلة وبصحة شرط الإعفاء من المسئولية الوارد بعقدي الإيجار المقدمين في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في مدوناته أن هناك علاقة تعاقدية بين الطاعنين والمطعون ضدهم وأن بعضهم قدم عقود إيجار عن وحدات سكنية بالمنزل الذي هدم جزء من مبانيه وقرر آخرون أنهم كانوا يقيمون بوحدات سكنية بالمنزل بوصفهم مستأجرين لها من الباطن. ولما كانت المادة 567 من القانون المدني قد نصت في فقرتها الأولى على إلزام المؤجر بأن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة وبأن يقوم بجميع الترميمات الضرورية لحفظها، ونصت في فقرتها الأخيرة على جواز أن يقضي الاتفاق بين المؤجر والمستأجر بغير ذلك، مما مفاده أن التزام المؤجر طبقاً لأحكام الإيجار في القانون المدني بصيانة العين المؤجرة وحفظها إنما هو تقرير للنية المحتملة للمتعاقدين وأنه إذا اتفق الطرفان على ما يخالفها تعين إعمال اتفاقهما، وإذ أورد المشرع هذه المادة والمادة 577 التي تقضي بالتزام المؤجر بضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة وغيرهما من النصوص التي تنظم أحكام عقد الإيجار وتبين آثاره وتحدد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه بالفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من القانون المدني، كما أورد في شأن العقود الأخرى المنصوص عليها بذات الكتاب الأحكام التي تناسبها في هذا الخصوص، وكانت المادة 177/ 1 من القانون المدني الخاصة بمسئولية حارس البناء قد وردت بالفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد. وقد دل المشرع بإفراده لكل من المسئوليتين التعاقدية والتقصيرية أحكاماً مستقلة تختص بها دون الأخرى على النحو السالف الإشارة إليه على أنه وضع المادة 177/ 1 لحماية غير المتعاقدين في حالة تهدم البناء أو جزء منه، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المدني الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني التي تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هي وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر. ولا يغير من ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقاً على المادة 565/ 2 الواردة بالكتاب الثاني ضمن أحكام عقد الإيجار من أنه "إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه لخطر جسيم وأصابه من ذلك ضرر بالفعل وثبت خطأ في جانب المؤجر فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ويجوز له أيضاً أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً لأن الأمر يتعلق بالنظام العام" ذلك أنه وقد خلت هذه المادة من عبارة "طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية" وورد نصها آمراً في تنظيم أحد التزامات المؤجر المترتبة على العقد فإنه لا يخرج مسئولية المؤجر - في خصوص هذا الالتزام - عن طبيعتها ولا يحيلها إلى مسئولية تقصيرية وذلك ما لم يثبت أن المؤجر ارتكب خطأ جسيماً أو غشاً أو فعلاً يؤثمه القانون على النحو السالف بيانه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق للمطعون ضدهم الحق في الرجوع على الطاعنين بدعوى المسئولية التقصيرية المفترضة المبينة بالمادة 177/ 1 من القانون المدني بوصف الطاعنين حارسين للبناء وتأسيساً على أن المطعون ضدهم قد أصابهم ضرر من تهدم جزء منه، والتفت الحكم عن بحث العلاقة الإيجارية السابق الإشارة إليها ومدى تطبيق أحكام المسئولية العقدية عليها وذلك لتحديد أطراف هذه العلاقة وبيان نطاقها من حيث انطباقه على البناء بأكمله أو على أجزاء منه وبيان ما يخرج عن نطاقها ويدخل في نطاق المسئولية التقصيرية، فإن الحكم يكون قد خالف صحيح القانون. وإذ حجب الحكم نفسه بهذه المخالفة عن بحث دفاع الطاعنين المؤسس على أن مسئوليتهما مسئولية تعاقدية وبيان مدى صحته وإنزال حكم القانون عليه، فإنه يكون فوق مخالفته للقانون قد شابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 513 لسنة 37 ق جلسة 25 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 19 ص 98

جلسة 25 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

-----------------

(19)
الطعن رقم 513 لسنة 37 القضائية

(1) حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد فساداً في الاستدلال" ملكية. ارتفاق.
إقرار الطاعنة أمام محكمة أول درجة بملكية المطعون عليها للأرض. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن الطاعنة أنكرت في دفاعها الأخير ملكية البائعة للمطعون عليها دون أن تدعي حقاً على الأرض خلاف حق الارتفاق، وأنه لذلك لا محل لمناقشة هذه الملكية. قيام الحكم على هذه الدعامة - دون الإقرار المسند للطاعنة - وهي دعامة مستقلة وكافية لحمله لا خطأ في الاستدلال.
(2) حكم. "تسبيب الحكم". دعوى. "الدفاع في الدعوى".
إثارة دفاع جوهري يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى. بحث الحكم هذا الدفاع. لا خطأ.
(3) بيع. "آثار البيع". حيازة. دعوى. "تكييف الدعوى". ارتفاق.
عقد البيع العقاري - ولو لم يكن مشهراً - ينقل إلى المشتري جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به بما في ذلك طلب نفي حق الارتفاق. استناد المطعون عليها في دعواها بطلب التسليم ضد الطاعنة - مدعية حق الارتفاق على العقار المبيع - إلى هذا العقد. اعتبار تلك الدعوى متعلقة بأصل الحق وليست من دعاوى الحيازة.

----------------
1 - متى كان يبين أن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه على إقرار الطاعنة أمام محكمة أول درجة بملكية المطعون عليها للأرض، وإنما أثبت أن الطاعنة قد أنكرت في دفاعها الأخير ملكية البائعة للمطعون عليها المذكورة، دون أن تدعي حقاً على الأرض خلاف حق الارتفاق، وإنه لذلك لا يكون ثمة محل لمناقشة هذه الملكية، وكان الحكم قد أقام قضاءه على هذه الدعامة وحدها دون ذلك الإقرار المسند إلى الطاعنة، وهي دعامة مستقلة وتكفي لحمله، فإن النعي عليه بالخطأ في الاستدلال يكون على غير أساس.
3 - متى كانت المطعون عليها قد أسست دعواها على عقد البيع الابتدائي الصادر لها، والذي ينقل إليها - ولو لم يكن مشهراً - جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به بما في ذلك طلب نفي حق الارتفاق الذي تدعيه الطاعنة، فإن الدعوى تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق، وليست من دعاوى الحيازة، ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بتسليم العين وطرد الطاعنة منها استناداً إلى أن العقد العرفي يمنح المشتري الحق في استلام المبيع لأنه من الآثار التي تنشأ عن عقد البيع صحيحاً في القانون، ولا عبرة بما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه قضى بتسليم العين رغم سبق القضاء به في دعوى صحة التعاقد المرفوعة على البائعة طالما أن الطاعنة لم تكن طرفاً فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن...... المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 865 سنة 1964 مدني كلي المنصورة ضد...... الطاعنة........ المطعون عليها الثانية بطلب الحكم بطرد الأولى من الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليها وذلك في مواجهة المدعى عليها الثانية وقالت بياناً للدعوى إنها اشترت من هذه المدعى عليها قطعة أرض فضاء بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 24/ 4/ 1957، ثم استصدرت ضدها الحكم رقم 1540 سنة 1960 بندر المنصورة بصحة ونفاذ هذا البيع مع التسليم، ولما كانت المدعى عليها الأولى تقف عقبة في سبيل تنفيذ حكم التسليم، فقد أقامت الدعوى بطلباتها السابقة. ردت المدعى عليها الأولى بأن الغرض من رفع الدعوى هو غلق باب منزلها الذي يطل على قطعة الأرض المذكورة ويفضي إليها، وأن حقها في الانتفاع بالباب وإن كان في ملك المدعية قد تقرر بتخصيص من المالك السابق للعقارين ولا يجوز لهذه الأخيرة أن تعترض عليه عملاً بالمادة 1017 من القانون المدني وبتاريخ 28/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بندب خبير لمعاينة الأرض وتطبيق مستندات الطرفين عليها، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت في 19/ 12/ 1965 وحكمت برفض الدعوى. استأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 14 سنة 18 ق مدني المنصورة، وبتاريخ 25/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بإعادة الدعوى إلى الخبير لتحقيق دفاع الطاعنة من أن المطعون عليها الثانية لم تكن تملك العين موضوع النزاع عندما باعتها إلى المطعون عليها الأولى، في 24/ 4/ 1957 وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 28/ 8/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وطرد الطاعنة من قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية وتسليمها إلى المطعون عليها الأولى، وذلك في مواجهة المطعون عليها الثانية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على إقرار الطاعنة بملكية المطعون عليها الأولى للأرض المتنازع عليها، في حين أن هذا الإقرار لم يصدر منها، وليس أدل على ذلك من الحكم بندب خبير في الدعوى لبحث هذه الملكية.
وحيث إن هذا الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "إنه لما كان الحكم الصادر بندب الخبير من ذات المحكمة بهيئة أخرى لا يقيد المحكمة لأن الثابت من دفاع المستأنف عليها الأولى أمام محكمة أول درجة أنها اعترفت بملكية المستأنفة للعين موضوع التداعي كما هو ثابت من مذكرتها السابق الإشارة إليها، وهي وإن ادعت وجود حق ارتفاق بتخصيص رب الأسرة وهو المالك السابق، إلا أنها اقتصرت في دفاعها الأخير على إنكار ملكية البائعة للمستأنفة دون أن تدعي حقاً على الأرض خلاف حق الارتفاق وإذن لا يكون ثمة محل لمناقشة ملكية البائعة للمستأنفة طالما أن المستأنف عليها الأولى لم تقدم ما يفيد ملكيتها هي الأرض، وأنها تلقت حقاً عليها من مالك آخر لها خلاف المستأنف عليها الثانية". ومن ذلك يبين أن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه على إقرار الطاعنة أمام محكمة أول درجة بملكية المطعون عليها الأولى للأرض، وإنما أثبتت أن الطاعنة قد أنكرت في دفاعها الأخير ملكية البائعة للمطعون عليها المذكورة دون أن تدعي حقاً على الأرض خلاف حق الارتفاق، وأنه لذلك لا يكون ثمة محل لمناقشة هذه الملكية، ولما كان الحكم قد أقام قضاءه على هذه الدعامة وحدها دون ذلك الإقرار المسند إلى الطاعنة وهي دعامة مستقلة وتكفي لحمله، فإن النعي عليه بالخطأ في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين ذهب إلى اعتبار الارتفاق محل النزاع مقرراً بعمل رب الأسرة وأن شروطه غير متوفرة، في حين أن دفاع الطاعنة قد تحصل في أن هذا الارتفاق مقرر قبل شراء المطعون عليها الأولى وكان ظاهراً ومعلوماً لها، وظل كذلك لمدة تزيد على اثني عشر عاماً بينما تكفي سنة واحدة لثبوته، وبذلك تكون دعوى الطرد غير مقبولة قانوناً لأنها من دعاوى وضع اليد التي تستلزم توافر شروط معينة، هذا إلى أن الحكم قضى بالتسليم رغم سبق الحكم به في دعوى صحة التعاقد التي سبق أن رفعتها المطعون عليها الأولى.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن الثابت من دفاع الطاعنة في مذكرتها المقدمة أمام محكمة أول درجة "أن حق المدعى عليها في الانتفاع بهذا الباب بالكيفية التي هو عليها حتى ولو كان في ملك المدعية فإنه قد تقرر بتخصيص من المالك السابق ولا يجوز لمن تلقى الملك عنه الاعتراض وذلك عملاً بنص المادة 1017 مدني" فإذا كانت الطاعنة هي التي أثارت هذا الدفاع وهو دفاع جوهري يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا تعرض لبحثه، ولا وجه لما تتحدى به الطاعنة من أن الدعوى هي من دعاوى وضع اليد التي لها شروط يتعين توافرها، ذلك أنه متى كانت المطعون عليها الأولى قد أسست دعواها على عقد البيع الابتدائي الصادر لها والذي ينقل إليها - ولو لم يكن مشهراً - جميع الحقوق المتعلقة بالبيع والدعاوى المرتبطة به، بما في ذلك طلب نفي حق الارتفاق الذي تدعيه الطاعنة، فإن الدعوى تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق وليست من دعاوى الحيازة ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بتسليم العين وطرد المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) منها استناداً إلى أن العقد العرفي يمنح المشتري الحق في استلام المبيع لأنه من الآثار التي تنشأ عن عقد البيع - صحيحاً في القانون، ولا عبرة بما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه قضى بتسليم العين رغم سبق القضاء به في دعوى صحة التعاقد المرفوعة على البائعة طالما أن الطاعنة لم تكن طرفاً فيها.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 637 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 17 ص 111

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة عبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-----------------

(17)

القضية رقم 627 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - تقرير سنوي 

- لجنة شئون الموظفين - تقديرها الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر من العناصر الواردة في التقرير السنوي - أمر تترخص فيه اللجنة بسلطتها التقديرية - قانون موظفي الدولة وقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 4 لسنة 1954 الصادر تنفيذاً للمادة 30 منه لم يقيدا اللجنة في التقدير - للجنة الاستعانة بالطرق التي تراها مؤدية إلى سلامة تقدير درجة كفاية الموظف واتفاقه مع الحق والواقع.
(ب) موظف - تقرير سنوي 

- عناصره - عنصرا الغياب والتأخير - توقيع الموظف على دفاتر الحضور والانصراف - لا يعني استحقاقه الدرجة القصوى لهذين العنصرين ولا يمنع لجنة شئون الموظفين من الهبوط بتقديرها إلى أدنى درجاتهما - عدم وجود هذه الدفاتر - لا يقوم سبباً لإلغاء تقدير اللجنة المذكورة - أساس ذلك - مثال.

----------------
1 - إن تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر من العناصر الواردة في التقرير السنوي لدرجة الكفاية هو أمر تترخص فيه لجنة شئون الموظفين بسلطتها التقديرية. كما أن القانون لم يعين للجنة شئون الموظفين طريقاً معيناً تلتزم به في تقدير كافة العناصر المطلوب تقديرها في التقرير السنوي بل يقوم تقديرها لأي عنصر من العناصر على كافة الطرق التي تراها موصلة لهذا التقدير تقديراً سليماً دقيقاً يتفق مع الحق والواقع ولم يكن قرار وزير المالية رقم 4 لسنة 1954 الذي صدر تنفيذاً للمادة الثلاثين من القانون رقم 210 لسنة 1951 مقيداً للجنة شئون الموظفين في تقديرها ولا محدداً لها العناصر التي تستمد منها تقديرها بل كل ما فعله هو أن بين العناصر التي يمكن للجنة شئون الموظفين أن تستعين بها على التقدير ولم يمنعها من أن تستمد التقدير من عناصر أخرى وقد خص القانون لجنة شئون الموظفين بتلك السلطة التقديرية المطلقة في تقدير درجات كفاية الموظفين لحكمة ظاهرة وهي أنها تضم عدداً من كبار موظفي الوزارة أو المصلحة التي يعمل بها الموظف الذين لهم من خبرتهم ومرانهم وإشرافهم على أعمال الموظفين ما يمكنهم من وزن كفاية الموظف وتقدير درجة تلك الكفاية تقديراً دقيقاً سليماً يتفق مع الحق والواقع.
2 - إنه بالنسبة لعنصري الغياب والتأخير فإنه فضلاً عن أن القانون لم يلزم المصلحة الحكومية بإعداد دفاتر للحضور والانصراف فإن نص قرار وزير المالية رقم 4 لسنة 1954 على أن تكون دفاتر الحضور والانصراف من أسس التقدير لا يعني وجوب إعدادها، ومن ثم فلا يجوز اتخاذ عدم وجود هذه الدفاتر سبباً لإلغاء تقدير لجنة شئون الموظفين لعنصري الغياب والتأخير - كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - إذ أن وجود هذه الدفاتر وتوقيع الموظف عليها لا يجعله مستحقاً للدرجة القصوى لعنصري الغياب والتأخير ولا يمنع من الهبوط بتقديرها إلى أدنى درجاتهما إذ قد ينصرف الموظف ويتغيب عن عمله ما بين موعدي الحضور والانصراف.
فإذا كانت مصلحة المساحة قد أفادت في خصوصية هذه المنازعة بعدم وجود دفاتر حضور وانصراف، هذا فضلاً عن أن طبيعة عمل المدعي وهو مساعد مفتش مدن تستدعي وجوده خارج المصلحة وبعيداً عنها مما لا يستطاع معه بالتالي التوقيع على دفاتر الحضور والانصراف وذلك لاستحالة حضوره إلى المصلحة وانصرافه منها، كما أنه لا يعقل أن ترسل إليه الدفاتر لتوقيعها حيث يعمل في الحقول البعيدة عن المصلحة وأن ثبوت تغيبه عن عمله مائتين وسبعين يوماً - ولو كان ذلك بإجازة مرضية - وعدم مروره على مرءوسيه في التسعين يوماً الباقية من العام إلا تسعة وعشرين مرة لما يقطع بصحة التقدير وسلامته.


إجراءات الطعن

في 30 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 9 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 499 لسنة 3 القضائية المرفوعة من حلمي السيد ضد وزارة الأشغال (المساحة) والقاضي بإلغاء قرار حرمانه من علاوته الدورية التي كانت مستحقة في أول مايو سنة 1955 والمؤجلة إلى أول مايو سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصاريف. وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف وقد أعلن الطعن للحكومة في 14 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 21 منه وأحيل للمرافعة لجلسة 12 من يونيه سنة 1960، وفي هذه الجلسة والجلسات التالية سمعت الدعوى على الوجه المبين بالمحضر وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
بما أن الطعن قد استوفى شرائطه القانونية.
وبما أن وقائع هذه المنازعة تتلخص - حسبما هو ثابت من الاطلاع على الأوراق - في أن المطعون ضده يعمل بمصلحة المساحة بوظيفة مساعد مفتش مدن وأن لجنة شئون الموظفين قررت تأجيل علاوته الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة استناداً إلى أنه قد حصل على تقرير ضعيف في سنة 1954، فأقام الدعوى رقم 720 لسنة 2 القضائية طالباً إلغاء هذا القرار ونظراً لرفعها بعد الميعاد القانوني فقد عدلها إلى طلب تعويض قدره عشرة مليمات بصفة مؤقتة ثم قررت في 12 من إبريل سنة 1956 حرمانه من تلك العلاوة تنفيذاً لنص القانون رقم 210 لسنة 1951 نظراً لحصوله على درجة ضعيف أيضاً (35 درجة) في التقرير السنوي لسنة 1955 فأقام هذه الدعوى طالباً إلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار وأسس دعواه على تقاريره السنوية من بدء عمله في سنة 1918 إلى سنة 1953. وأن السبب في تقديره تقديراً سيئاً يرجع إلى الاضطهاد الواقع عليه من مساعد مدير المصلحة وأودع المطعون ضده حافظة بها صورة من التظلم الذي قدمه في أول يونيه سنة 1956 بشأن القرار المطعون فيه ورد الجهة الإدارية المؤرخ 2/ 9/ 1956 برفضه وصورة خطابين من ديوان الموظفين بالرجوع إلى تقارير السنوات السابقة في حالة كثرة الإجازات المرضية. وقد ردت مصلحة المساحة على الدعوى رقم 499 لسنة 3 القضائية المرفوع عنها هذا الطعن بأنه سبق أن قررت لجنة شئون الموظفين بالمصلحة في 28 من إبريل سنة 1955 تأجيل منح العلاوة الدورية التي كان يستحقها المدعي في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة وذلك لضعف كفايته في العمل لحصوله على أقل من 40 درجة في التقرير السنوي لعام 1954 ونظراً لتقديره أيضاً بدرجة ضعيف في التقرير السنوي لعام 1955 - إذ قد حصل على 35 درجة - فقد قررت اللجنة في 12 من إبريل سنة 1956 حرمانه من تلك العلاوة بصفة نهائية طبقاً لنص القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة.
وقد رد المدعي على ذلك بأنه لم يتغيب بدون إذن أو يتأخر عن عمله خلال سنة 1955 ولذلك كان يجب منحه ست درجات في عنصري الغياب والتأخير بدلاً من الدرجة الوحيدة التي منحت له في عنصر التأخير - إذ لم يعط أي درجة في عنصر الغياب - وبذلك يصل مجموع درجات تقديره إلى أربعين درجة ولا يكون تقديره والحالة هذه بدرجة ضعيف وينهار ركن من الأركان التي استوجبها القانون للحرمان من العلاوة وهو حصول الموظف على تقديرين بدرجة ضعيف.
وأودعت الحكومة بياناً أثبتت فيه أن المدعي غاب عن عمله مدة 270 يوماً بإجازات مرضية متتابعة وأنه في خلال التسعين يوماً الباقية من العام لم يثبت مروره - كما هو ثابت من تقارير المرور الشهرية - إلا تسعة وعشرين يوماً فقط، وأنه كان يعمل بوظيفة مساعد مفتش مدن وطبيعة عمله تقتضي المرور على أعمال الغيط ولم يكن ثمة كشوف حضور وانصراف لتوقيعه عليها.
وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بإلغاء قرار الحرمان المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصاريف، وأسست قضاءها بذلك على أنه تبين من الاطلاع على التقرير السنوي للمدعي عن سنة 1955 أن رئيسه المباشر قدر كفايته بخمس وثلاثين درجة منها درجة واحدة لعنصر التأخير وصفر لعنصر الغياب وقد وافق كل من المدير المحلي ورئيس المصلحة على هذا التقدير دون تغيير في أي بند من بنوده وأبدت لجنة شئون الموظفين هذا التقدير وقررت في 12 من إبريل سنة 1956 حرمانه من علاوته الدورية لحصوله على درجة ضعيف في تقريري عامي 1954 و1955 إعمالاً لنص المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأنه وإن كان الأصل أن تقدير درجة كفاية الموظف من الملاءمات التقديرية التي ترجع إلى مطلق اختصاص الإدارة حسبما تراه محققاً للمصلحة العامة دون معقب عليها من القضاء ما دام تقديرها قد خلا من إساءة استعمال السلطة إلا أن هذه الرقابة تعمل في حالتين: أولاهما إذا لم تتبع الإدارة الإجراءات السليمة المنصوص عليها في القانون حتى تصل إلى تقدير درجة الكفاية، وثانيهما - إذا كان محل التقدير عناصر أصولها محددة في الأوراق كما هو الشأن بالنسبة لعنصري التأخير والغياب فبالنسبة لهذين العنصرين فإنه يتعين تطبيقاً للمادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 4 لسنة 1954 الذي صدر تنفيذاً لأحكامها - أن تخصص الإدارة دفاتر للحضور والغياب حتى تكون المرجع في تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف بالنسبة لهذين العنصرين، وأنه لما كان الثابت أن مصلحة المساحة خالفت هذه القاعدة فلم تخصص دفاتر أو كشوفاً لحضور المدعي وانصرافه فمن ثم لا يصح لها أن تحل التقدير الشخصي لعنصري الغياب والتأخير محل الدفاتر الواجب تخصيصها لذلك، وإذا أضيف إلى ذلك أن ملف خدمة المدعي خال تماماً من أية إشارة أو تحقيق أجري معه بسبب تأخيره عن عمله أو تغيبه بدون إذن في المدة التي عمل فيها فإن الأمر يقتضي منحه النهاية القصوى لكل من عنصري الغياب والتأخير - أي ست درجات بدلاً من درجة واحدة أي بزيادة خمس درجات فيرتفع تقدير درجة الكفاية إلى أربعين درجة بدلاً من خمس وثلاثين وبذلك يتخطى درجة ضعيف، ولما كان من مقتضى هذه النتيجة وبدون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن أن يكون التقرير السنوي السري المقدم عن المدعي عن عام 1955 مشوباً بعيب البطلان وبالتالي ينتفي الشرط الذي أوردته المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 حتى يمكن حرمان الموظف من علاوته وهو تقديم تقريرين متتاليين عنه بدرجة ضعيف وبالتالي يكون القرار الصادر بحرمانه من العلاوة استناداً إلى هذا السبب قراراً مشوباً بعيب مخالفة القانون وغير قائم على سبب الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه.
وبما أن الطعن يقوم على أنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الرخصة التي خولها القانون للإدارة في تقدير كفاية الموظف تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أسس أصل ثابت من الأوراق كما هو الشأن بالنسبة لعنصري التأخير والغياب - لا وجه لذلك - لأن طبيعة عمل المدعي في سنة 1954/ 1955 كانت تقتضي إعفاءه من التوقيع على كشوف الحضور والانصراف الأمر الذي كان يستوجب عدم الاعتداد بواقعة عدم توقيع المدعي على تلك الكشوف أو بعدم وجودها للقول ببطلان ما جاء بالتقرير عن عنصري الحضور والغياب فضلاً عن أن القانون لم يرسم للإدارة طريقاً معيناً تلزم به تقدير كافة العناصر المنصوص عليها في التقرير بحيث يكون هو المصدر الوحيد الذي تستمد منه تقريرها ولا يسوغ لها الخروج عنه.
وبما أن تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر من العناصر الواردة في التقرير السنوي لدرجة الكفاية هو أمر تترخص فيه لجنة شئون الموظفين بسلطتها التقديرية. كما أن القانون لم يعين للجنة شئون الموظفين طريقاً معيناً تلتزم به في تقدير كافة العناصر المطلوب تقديرها في التقرير السنوي بل يقوم تقديرها لأي عنصر من العناصر على كافة الطرق التي تراها موصلة لهذا التقدير تقديراً سليماً دقيقاً يتفق مع الحق والواقع ولم يكن قرار وزير المالية رقم 4 لسنة 1954 الذي صدر تنفيذاً للمادة الثلاثين من القانون رقم 210 لسنة 1951 مقيداً للجنة شئون الموظفين في تقديرها ولا محدداً لها العناصر التي تستمد منها تقديرها بل كل ما تفعله هو أن يبين العناصر التي يمكن للجنة شئون الموظفين أن تستعين بها على التقدير ولم يمنعها من أن تستمد التقدير من عناصر أخرى. وقد خص القانون لجنة شئون الموظفين بتلك السلطة التقديرية المطلقة في تقدير درجات كفاية الموظفين لحكمة ظاهرة وهي أنها تضم عدداً من كبار موظفي الوزارة أو المصلحة التي يعمل بها الموظف الذين لهم من خبرتهم ومرانهم وإشرافهم على أعمال الموظفين ما يمكنهم من وزن كفاية الموظف وتقدير درجة تلك الكفاية تقديراً دقيقاً سليماً يتفق مع الحق والواقع.
وبما أنه بالنسبة لعنصري الغياب والتأخير فإنه فضلاً عن أن القانون لم يلزم المصلحة الحكومية بإعداد دفاتر للحضور والانصراف فإن نص قرار وزير المالية رقم 4 لسنة 1954 على أن تكون دفاتر الحضور والانصراف من أسس التقدير لا يعني وجوب إعدادها ومن ثم فلا يجوز اتخاذ عدم وجود هذه الدفاتر سبباً لإلغاء تقدير اللجنة لعنصري الغياب والتأخير - كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، إذ أن وجود هذه الدفاتر وتوقيع الموظف عليها لا يجعله مستحقاً للدرجة القصوى لعنصري الغياب والتأخير ولا يمنع من الهبوط بتقديرها إلى أدنى درجاتهما إذ قد ينصرف الموظف ويتغيب عن عمله ما بين موعدي الحضور والانصراف.
وبما أنه بالنسبة لخصوصية هذه المنازعة فإن مصلحة المساحة أفادت بعدم وجود دفاتر حضور وانصراف، هذا فضلاً عن أن طبيعة عمل المدعي وهو مساعد مفتش مدن تستدعي وجوده خارج المصلحة وبعيداً عنها مما لا يستطاع معه بالتالي التوقيع على دفاتر الحضور والانصراف وذلك لاستحالة حضوره إلى المصلحة وانصرافه منها، كما أنه لا يعقل أن ترسل إليه الدفاتر لتوقيعها حيث يعمل في الحقول البعيدة عن المصلحة وأن ثبوت تغيبه عن عمله مائتين وسبعين يوماً - ولو كان ذلك بإجازة مرضية - وعدم مروره على مرءوسيه في التسعين يوماً الباقية من العام إلا تسعة وعشرين مرة لما يقطع بصحة التقدير وسلامته.
وبما إنه يبين من كل ذلك أن الحكم المطعون فيه ما كان يملك تعديل تقدير لجنة شئون الموظفين - الذي يتفق مع تقدير الرئيس المباشر والرئيس الأعلى للمدعي - ورفعه بحيث يجاوز حد درجة ضعيف ويكون تقدير لجنة شئون الموظفين تقديراً سليماً وفي حدود السلطة المخولة لها ولا مخالفة فيه ولا بطلان.
وبما أنه ما دام المدعي قد حصل على تقدير ضعيف في سنة 1954 وعلى مثله في سنة 1955 فيكون محروماً من علاوته الدورية بالتطبيق لأحكام المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ويكون قرار اللجنة بذلك الحرمان سليماً ومتفقاً مع القانون ولا مخالفة فيه أو تعسف مما يجعله حصيناً من الإلغاء وبمنأى من أي طعن.
وبما أنه لذلك تكون دعوى المدعي بإلغاء قرار الحرمان من العلاوة على غير أساس ولا سند لها من القانون وواجبة الرفض ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبولها وإلغاء قرار الحرمان المطعون عليه قد خالف القانون وتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 449 لسنة 37 ق جلسة 25 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 18 ص 92

جلسة 25 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

----------------

(18)
الطعن رقم 449 لسنة 37 القضائية

استئناف. "الاستئناف الفرعي". نقض. نزع الملكية للمنفعة العامة.
الاستئناف الفرعي يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله. إعمال هذه القاعدة لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي في موضوعه. القضاء برفض الاستئنافين. الطعن من أحد الطرفين لا يتناول إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه ولا يفيد إلا رافعه ما لم تكن المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابلة للتجزئة. مثال في نزع ملكية للمنفعة العامة.

----------------
إنه وإن كان يجوز للمستأنف عليه الذي قبل الحكم الابتدائي، وفوت على نفسه ميعاد الطعن فيه أن يرفع قبل إقفال باب المرافعة استئنافاً فرعياً، يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله باعتبار أن قبوله للحكم معلق على شرط أن يكون مقبولاً من الطرف الآخر، إلا أن إعمال هذا الشرط لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي في موضوعه وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل، شأنه في ذلك شأن أي استئناف آخر، فإذا صدر الحكم برفض موضوع الاستئنافين، وطعن فيه أحد الطرفين دون الآخر بطريق النقض، فإنه لا يفيد من الطعن إلا رافعه، ولا يتناول النقض - مهما تكن صيغة الحكم الصادر به - إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه، ولا يمتد إلى موضوع الاستئناف الآخر ما لم تكن المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابله للتجزئة، وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاموا استئنافاً أصلياً بطلب إلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى فيما زاد على المبلغ الذي قدرته جهة الإدارة ثمناً للأطيان المستولى عليها وأودعته خزانة المحكمة، وأن المطعون عليهم أقاموا من جانبهم استئنافاً فرعياً بطلب تعديل الحكم المستأنف والحكم لهم بالمبلغ الذي قدره الخبير المنتدب في الدعوى، وكانت محكمة الاستئناف قد أصدرت حكماً بقبول الاستئنافين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، ولم يطعن فيه المطعون عليهم، وصدر الحكم بنقضه على أساس أنه أغفل بحث ما تمسك به الطاعنون في دفاعهم من أن أطيان المطعون عليهم التي لم تنزع ملكيتها قد زادت قيمتها بسبب تنفيذ المشروع فإن النقض يكون مقصوراً على موضوع الاستئناف الأصلي، ويمتنع على محكمة الاستئناف أن تعود إلى النظر في الاستئناف الفرعي من جديد. وإذ كانت محكمة الاستئناف قد خالفت هذا النظر، واعتبرت الاستئناف الفرعي قائماً بعد نقض الحكم وأصدرت حكماً بقبوله، وحكمت في موضوعه بما يجاوز المبلغ المحكوم به ابتدائياً، فإن هذا القضاء يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 94 لسنة 1954 كلي كفر الشيخ ضد الطاعنين طالبين الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ 3868 ج و280 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، وقالوا بياناً للدعوى إن وزارة الأشغال قامت بعمل المشروع رقم 9842 بتعديل وتعلية وتقوية جسر النيل بناحية فوة واستولت دون إنذار أو اتفاق سابق على أطيانهم المجاورة للمشروع وقدرها 5 ف و12 ط، وأتلفت الزراعة القائمة بها وهدمت سواقيها وانتزعت الأتربة من مساحة أخرى قدرها 2 ف و21 ط و9 س فقاموا بإنذارها مطالبين بثمن الأطيان مع التعويض ولما لم تجيبهم إلى طلبهم رفعوا عليها الدعوى رقم 14 سنة 1950 كفر الشيخ طلبوا فيها ندب خبير لإثبات الحالة وقدم الخبير تقريره، ثم رفعوا هذه الدعوى للحكم لهم بالطلبات السابقة، وبتاريخ 19/ 2/ 1955 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان قيمة الأطيان المستولى عليها وقت نزع الملكية وقيمة الزراعة والأشجار والمنشآت وقت الاستيلاء وثمن الأتربة والريع السنوي للأطيان موضوع النزاع، وبتاريخ 12/ 2/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم مبلغ 2766 ج و949 م والفوائد بالنسبة لمبلغ 1026 ج و618 م بسعر 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 18/ 4/ 1954 حتى السداد، واستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى فيما زاد على المبلغ الذي أودعته الحكومة خزانة المحكمة وقدره 1740 ج و331 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 126 سنة 6 قضائية كما رفع المطعون عليهم استئنافاً فرعياً طالبين تعديل الحكم المستأنف والحكم لهم بالمبلغ الذي أظهره الخبير وقدره 3899 ج و868 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 160 سنة 6 قضائية، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين وبتاريخ 6/ 6/ 1957 حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 215 سنة 37 قضائية وبتاريخ 24/ 1/ 1963 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه على أساس أنه أغفل بحث دفاع الطاعنين من أن أطيان المطعون عليهم التي لم تنزع ملكيتها قد زادت قيمتها بسبب تنفيذ المشروع، وبعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف وبتاريخ 4/ 11/ 1965 حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً وبندب خبير لتقدير قيمة الزيادة ومقابل التعويض، ثم عادت وبتاريخ 29/ 5/ 1967 فحكمت في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنفين أصلياً بأن يدفعوا متضامنين إلى المستأنف ضدهم أصلياً مبلغ 1499 ج و347 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدوره. طعن الطاعنون في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكمين.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكمين المطعون فيهما أن الحكم الأول اعتبر الاستئناف الفرعي قائماً بعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف من محكمة النقض وأن الحكم الثاني قضى في هذا الاستئناف بإلزام الطاعنين بدفع ثمن عن الأرض المنزوعة ملكيتها يزيد على تقدير الحكم الابتدائي، وهو من الحكمين مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أن الطعن بالنقض رفع من الطاعنين عن الحكم السابق صدوره من محكمة الاستئناف بتاريخ 6/ 6/ 1957 وصدر حكم النقض لصالحهم في الاستئناف الأصلي بسبب عدم مراعاة للفائدة التي عادت على الأرض التي لم تنزع ملكيتها من تنفيذ المشروع، ولم يكن تقدير الثمن بالحكم السابق محل طعن من جانب المطعون عليهم فيكون الاستئناف الأصلي وحده هو المطروح على محكمة الإحالة دون الاستئناف الفرعي، وكان يتعين على محكمة الإحالة أن تلتزم حدود التقدير المحكوم به ابتدائياً لأنه لا يجوز أن يضار طاعن من طعنه، ولأن هذا التقدير أصبح نهائياً بالحكم الصادر في الاستئناف الفرعي وهو لم يكن محل طعن سابق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان يجوز للمستأنف عليه الذي قبل الحكم الابتدائي وفوت على نفسه ميعاد الطعن فيه أن يرفع قبل إقفال باب المرافعة استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله باعتبار أن قبوله للحكم معلق على شرط أن يكون مقبولاً من الطرف الآخر، إلا أن إعمال هذا الشرط لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي في موضوعه، وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل شأنه في ذلك شأن أي استئناف آخر، فإذا صدر الحكم برفض موضوع الاستئنافين وطعن فيه أحد الطرفين دون الآخر بطريق النقض فإنه لا يفيد من الطعن إلا رافعه ولا يتناول النقض مهما تكن صيغة الحكم الصادر به إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه، ولا يمتد إلى موضوع الاستئناف الآخر ما لم تكن المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابله للتجزئة، وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاموا استئنافاً أصلياً بطلب إلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى فيما زاد على المبلغ الذي قدرته جهة الإدارة ثمناً للأطيان المستولى عليها وأودعته خزانة المحكمة وأن المطعون عليهم أقاموا من جانبهم استئنافاً فرعياً بطلب تعديل الحكم المستأنف والحكم لهم بمبلغ 3899 ج و868 م الذي قدره الخبير المنتدب في الدعوى، وكانت محكمة الاستئناف قد أصدرت بتاريخ 6/ 6/ 1957 حكماً بقبول الاستئنافين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ولم يطعن فيه المطعون عليهم وصدر الحكم بنقضه على أساس أنه أغفل بحث ما تمسك به الطاعنون في دفاعهم من أن أطيان المطعون عليهم التي لم تنزع ملكيتها قد زادت قيمتها بسبب تنفيذ المشروع، فإن النقض يكون مقصوراً على موضوع الاستئناف الأصلي، ويمتنع على محكمة الاستئناف أن تعود إلى النظر في الاستئناف الفرعي من جديد. وإذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد خالفت هذا النظر واعتبرت الاستئناف الفرعي قائماً بعد نقض الحكم، وأصدرت حكماً بقبوله وحكمت في موضوعه بما يجاوز المبلغ المحكوم به ابتدائياً، فإن هذا القضاء يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الطعن للمرة الثانية، ولما تقدم وللأسباب الواردة بالحكم الابتدائي، ولما هو ثابت في واقع الدعوى بعد إحالتها إلى محكمة الاستئناف من أنه لم تترتب أية فائدة لباقي أطيان المطعون عليهم بسبب تنفيذ المشروع ولأحقية المطعون عليهم في صرف المبلغ المحرر عنه محضر الإيداع المؤرخ 7/ 11/ 1954، فإنه يتعين القضاء بالمبلغ المحكوم به ابتدائياً بعد خصم المبلغ المودع والفوائد القانونية عن باقي المبلغ.

لذلك

نقضت المحكمة الحكمين المطعون فيهما وحكمت في موضوع الاستئناف الأصلي رقم 126 سنة 6 ق طنطا بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنفين بأن يدفعوا متضامنين للمستأنف عليهم مبلغ 1062 ج و121 م (ألف واثنين وستين جنيهاً ومائة وواحد وعشرين مليماً) وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدور هذا الحكم حتى تمام السداد وألزمت المستأنفين بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين وألزمت المطعون عليهم بمصروفات هذا الطعن وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضي.

الطعن 353 لسنة 34 ق جلسة 11 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 109 ص 755

جلسة 11 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، السيد عبد المنعم الصراف، سليم راشد أبو زيد، محمد صدقي البشبيشي.

----------------

(109)
الطعن رقم 353 لسنة 34 القضائية

(أ) وقف. "الدعاوى المتعلقة بالوقف". نيابة عامة. "تدخل النيابة العامة في الدعوى". دعوى.
الدعوى بطلب تثبيت ملكية جزء من الأطيان الموقوفة بعد إلغاء الوقف على غير الخيرات استناداً إلى استحقاق مورث المدعي حصة الخمس في غلة الوقف وأنه من طبقة المستحقين الحاليين. المنازعة في الاستحقاق وفي كون المدعي من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق. التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية وتفسير أحكام قانون الوقف. هي دعوى من الدعاوى المتعلقة بالوقف. وجوب تدخل النيابة العامة فيها وإلا كان الحكم باطلاً.
(ب) اختصاص. "اختصاص المحاكم الشرعية". وقف. "دعاوى الاستحقاق في الأوقاف الملغاة".
اختصاص المحاكم الشرعية - قبل إلغائها - بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه. صيرورة هذا الاختصاص للمحاكم العادية بعد إلغاء المحاكم الشرعية.
(ج) بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام". نيابة عامة. "تدخل النيابة في الدعاوى". دعوى. وقف.
البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالوقف. بطلان متعلق بالنظام العام. لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك الطاعن به بل وبالرغم من معارضته في الأخذ به.

-----------------
1 - متى كانت الدعوى قد رفعت بطلب تثبيت ملكية المدعية لجزء من الأطيان الموقوفة يعادل نصيبها الميراثي في حصة والدها في الوقف استناد إلى المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 التي تجعل ما ينتهي فيه الوقف المرتب الطبقات ملكاً للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق وقولاً من المدعية بأن مورثها كان يستحق حصة الخمس في غلة الوقف وأنه من طبقة المستحقين الحاليين وعلى ذلك تصبح هذه الحصة ملكاً لها ولباقي ذريته وقد نازعها في ذلك المدعى عليهما وهما ولدا الواقف وأنكرا عليها استحقاقها في الوقف وتمسكا بأنها لا تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق الذين تؤول إليهم ملكية الوقف بمقتضى المادة الثالثة سالفة الذكر، وكان الفصل في الدعوى قد اقتضى من محكمة الموضوع التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية التي تؤول إليها ملكية الوقف طبقاً للمادة الثالثة من المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات والتعرض أيضاً لتفسير بعض أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 واستجلاء قصد الواقف وهذه كلها مسائل تتعلق بالوقف والاستحقاق فيه، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون من القضايا المتعلقة بالوقف بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 والتي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً.
2 - لئن أنهى المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 الوقف على غير الخيرات وجعل ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين على التفصيل الوارد في المادة الثالثة منه، فإنه قد أبقى في المادة الخامسة منه المعدلة بالقانون 399 لسنة 1953 على اختصاص المحاكم الشرعية بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه ثم صار هذا الاختصاص للمحاكم العادية بالقانون رقم 462 لسنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. فإذا كانت الدعوى لا يمكن الفصل فيها قبل الفصل في النزاع على الاستحقاق الذي أثير فيها فإنه يجب تدخل النيابة فيها.
3 - إذا كان البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالوقف بطلاناً متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها على الرغم من عدم تمسك الطاعن به بل ومن معارضته في الأخذ به وذلك عملاً بحق المحكمة المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 429 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 485 سنة 1960 كلي الزقازيق على المطعون ضدهما وقالت شرحاً لها إنه بموجب إشهاد شرعي صادر أمام محكمة ههيا الشرعية بتاريخ 21 فبراير سنة 1903 وقف المرحوم محمد دقن أطياناً زراعية مساحتها 413 ف و5 ط و11 س على نفسه حال حياته ثم من بعده على أولاده الذكور على وإسماعيل ومحمد صديق وعبد العزيز وعمر ومن يحدثه الله له من الأولاد الذكور بالسوية بينهم ثم من بعدهم على أولادهم الذكور ثم على أولاد أولادهم الذكور دون الإناث وهكذا طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع وعلى أن من مات منهم دون عقب من الذكور انتقل نصيبه لأخوته الذكور فإذا انقرضت ذرية الواقف من الذكور يكون الاستحقاق لذريته من البنات على الوجه المبين بكتاب الوقف وقد توفى الواقف في سنة 1904 عن أولاده الخمسة الذكور المبينة أسماؤهم بكتاب الوقف فاستحق كل منهم خمس غلة هذا الوقف. ثم توفى ولده عبد العزيز في سنة 1913 ثم ولده محمد صديق في سنة 1937 وآلت حصة كل منهما إلى أولاده الذكور. وفي سنة 1937 توفى عمر ابن الواقف دون عقب من الذكور وانحصر ميراثه في بنتيه منيرة (الطاعنة) ووردة وبدرتاس بنت ابنه محمد الذي توفى في سنة 1933 قبل وفاة والده وطبقاً لشرط الواقف عاد نصيب عمر إلى أخويه علي وإسماعيل واستمر الحال كذلك حتى صدر القانون رقم 180 سنة 1952 في 14 سبتمبر سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات ونص في مادته الثالثة على أن يصبح ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. فأقامت الطاعنة الدعوى رقم 224 سنة 1952 أمام محكمة القاهرة الشرعية طالبة الحكم باستحقاقها لعشر فاضل ريع هذا الوقف بعد صرف الخيرات والمرتبات التي شرطها الواقف استناداً إلى القانون رقم 180 سنة 1952 سالف الذكر. وفي 13 مايو سنة 1953 قضت محكمة القاهرة الشرعية برفض تلك الدعوى لما رأته من أن القانون المذكور لا يرتب استحقاقاً لأحد في غلة الوقف وإنما يقضي بإنهائه وجعل ما ينتهي فيه ملكاً لمستحقيه على النحو الوارد في المادة الثالثة منه وعلى أثر صدور هذا الحكم أقامت الطاعنة الدعوى الحالية أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها إلى ثلث نصيب والدها وقدره 27 ف وقيراطان و4 أسهم من الأطيان المبينة بالصحيفة وكف المنازعة لها فيها وذلك تأسيساً على المادة 3 من القانون رقم 180 سنة 1952 سالفة الذكر وفي 25 يونيه سنة 1963 قضت تلك المحكمة للطاعنة بطلباتها فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 188 سنة 6 ق وطلبا بطلان الحكم المستأنف وإلغاءه ورفض الدعوى وكان ضمن ما تمسكا به في صحيفة الاستئناف أن الفصل في هذا النزاع يقتضي الرجوع إلى كتاب الوقف وتفسير شروطه وإلى أحكام قانون الوقف رقم 48 سنة 1946 وهي مسائل تدخل في اختصاص دوائر الأحوال الشخصية ولا تختص بها الدوائر المدنية هذا علاوة على وجوب تدخل النيابة في هذه الدعوى لتعلقها بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 وفي 6 من إبريل سنة 1964 قضت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبتقرير تاريخه 27 مايو سنة 1964 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة تمسكت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه بطلاناً مطلقاً لعدم تدخل النيابة في الدعوى عملاً بالمادة الأولى من القانون 628 لسنة 1955 ورأت نقض الحكم لهذا السبب وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة طلبت نقض الحكم المطعون فيه لبطلانه بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قرر أن النزاع بين طرفين يدور حول ملكية عين كانت موقوفة وتتصل اتصالاً وثيقاً بمراد الشارع من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وهو أمر لا يتعلق بإنشاء الوقف أو صحته أو بالاستحقاق فيه وبالتالي لا يجب تدخل النيابة في الدعوى. وترى النيابة أن هذا الذي قرره الحكم غير صحيح ذلك أن الطاعنة وإن أقامت الدعوى بطلب تثبيت ملكيتها لأطيان زراعية إلا أنها تؤسس هذه الدعوى على أن الأطيان التي تطالب بملكيتها هي نصيبها في حصة والدها المرحوم عمر دقن في وقف المرحوم محمد دقن وأنها تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق ممن هم في طبقة المستحقين الحاليين في حكم المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 ولما كانت محكمة الاستئناف قد بحثت هذه المسألة وأطرحتها استناداً إلى كتاب الوقف الذي جعل الاستحقاق للذكور دون الإناث من ذرية الواقف إلى أن ينقرض الذكور من ذريته، فإن حكمها يكون - خلافاً لما قررته - قد صدر في مسألة من صميم الوقف دون أن تكون النيابة ممثلة في الدعوى مما يجعل هذا الحكم باطلاً بطلاناً مطلقاً عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 وأن الطاعنة وإن كانت لم تتمسك بهذا السبب في تقرير الطعن إلا أن لمحكمة النقض أن تأخذ به من تلقاء نفسها لأنه من الأسباب المبنية على النظام العام.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أقامت الدعوى بطلب تثبيت ملكيتها لجزء من الأطيان الموقوفة يعادل نصيبها الميراثي في حصة والدها المرحوم عمر دقن في الوقف استناداً إلى المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 التي تجعل ما ينتهي فيه الوقف المرتب الطبقات ملكاً للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق وقولاً منها بأن والدها المرحوم عمر دقن إذ كان يستحق حصة مقدارها الخمس في غلة الأطيان الموقوفة وكان من طبقة المستحقين الحاليين فإن هذه الحصة تصبح ملكاً لها ولباقي ذريته وقد نازعها المطعون ضدهما وهما ولدا الواقف المرفوعة عليهما الدعوى وأنكرا عليها استحقاقها في الوقف وتمسكا بأنها لا تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق الذين تؤول إليهم ملكية الوقف بمقتضى المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 - قائلين إن المقصود بالذرية التي تؤول إليها ملكية الأطيان الموقوفة والمشار إليها بهذه المادة هي الذرية التي تستحق في غلة الوقف إذا ما انقرضت طبقة أصلها التي حالت دون استحقاقها بناءً على ما شرطه الواقف من ترتيب الاستحقاق في الوقف وأن الطاعنة وإن كانت من ذرية المرحوم عمر دقن ابن الواقف إلا أنها محرومة من الاستحقاق فيه بما شرطه الواقف في كتاب وقفه من جعل الاستحقاق لأولاده الذكور دون الإناث وأن من مات منهم عن غير ذرية من الذكور يؤول نصيبه إلى الأحياء من إخوته الذكور وقد توفى عمر دقن والد الطاعنة ولم يعقب نسلاً من الذكور فآلت حصته طبقاً لشرط الواقف إلى أخويه علي وإسماعيل المطعون ضدهما لما كان ذلك وكان الفصل في الدعوى قد اقتضى من المحكمتين الابتدائية الاستئنافية التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية التي تؤول إليها ملكية الوقف طبقاً للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات. كما تعرضت محكمة الاستئناف أيضاً في حكمها المطعون فيه إلى تفسير بعض أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 واستجلاء قصد الواقف وهذه كلها مسائل تتعلق بالوقف والاستحقاق فيه فإن الدعوى بهذه الصورة تكون من القضايا المتعلقة بالوقف بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 والتي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً ولا يقدح في ذلك كون المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 الذي استندت إليه الطاعنة في دعواها قد أنهى الوقف على غير الخيرات وجعل ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين على التفصيل الوارد في المادة الثالثة منه، ذلك أنه مع نصه على ذلك فقد أبقى في المادة الخامسة منه المعدلة بالقانون رقم 399 سنة 1953 على اختصاص المحاكم الشرعية بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه - والدعوى الحالية لا يمكن الفصل فيها قبل الفصل في النزاع على الاستحقاق وهو أمر كانت تختص به المحاكم الشرعية وصار من اختصاص المحاكم العادية بالقانون رقم 462 سنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. ومن ثم يجب طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 أن تتدخل النيابة في الدعوى، ولما كان الثابت أن النيابة لم تتدخل فيها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن الواردة في التقرير. وإذ كان هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها على الرغم من عدم تمسك الطاعنة به بل ومن معارضتها في الأخذ به وذلك عملاً بحق المحكمة المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 429 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955.

الطعن 636 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 16 ص 98

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة عبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمود عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-----------------

(16)

القضية رقم 636 لسنة 5 القضائية

(أ) دعوى 

- دعوى التعويض - ميعاد رفعها - عدم سريان ميعاد الستين يوماً في شأنها - جواز رفعها طالما لم يسقط الحق في إقامتها - أساس ذلك.
(ب) دعوى 

- دعوى التعويض عن الحرمان من العلاوة الدورية المستحقة - هي في حقيقتها منازعة في مرتب.

----------------
1 - إن ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والذي رددته المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، أن هذا الميعاد خاص بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات فلا يسري على طلبات التعويض التي يجوز رفعها ما دام لم يسقط الحق في إقامتها طبقاً للأصول العامة وذلك للاعتبارات الآتية:
أولاً: لأن عبارة المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) تقطع في تخصيص حكمها بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات إذ هي قد جعلت مبدأ سريان الميعاد من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به. كما قضت بوقف سريان هذا الميعاد في حالة التظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية، وبأنه يعتبر في حكم قرار بالرفض فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة. ومفاد ذلك أن المادة المذكورة إذ تحدد ميعاد الستين يوماً لا تتحدث إلا عن الدعوى الخاصة بإلغاء قرار إداري، ومن هنا جعلت إعلانه أو نشره مبدأ لسريان الميعاد والتظلم موقفاً لهذا السريان.
ثانياً: لأن الميعاد السابق ذكره مأخوذ عن القانون الفرنسي وترديد لأحكامه وهذا القانون يقصر هذا الميعاد على طلبات الإلغاء دون طلبات التعويض.
ثالثاً: لأن طلب التعويض منوط بحلول الضرر وهذا لا يترتب حتماً على إعلان القرار الإداري أو نشره بل يترتب في الغالب على تنفيذ القرار فلو أن ميعاد الستين يوماً يسري على طلب التعويض لكان مقتضى هذا أنه يلزم رفعه حتى لو لم يحل الضرر بصاحب الشأن، مما تأباه البداهة القانونية.
رابعاً: لأن الحكمة التشريعية لقصر رفع الدعوى على ستين يوماً هي استقرار القرارات الإدارية حتى لا تكون مستهدفة لخطر الإلغاء وقتاً طويلاً، وهذه الحكمة إن كانت متوافرة فيما يتعلق بطلبات إلغاء القرارات فإنها منعدمة بالنسبة إلى دعاوى التعويض إذ هذه لا تخرج عن كونها دعاوى عادية.
خامساً: إن المشرع عندما تكلم عن طلبات الإلغاء في المادة 19 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) قضى بأن ميعاد رفع الدعوى ستون يوماً بأن نص على ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً بينما أطلق المشرع في المادة 9 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة 9 من القانون رقم 55 لسنة 1959) ولم يحدد ميعاداً لدعوى التعويض تاركاً ذلك للقواعد العامة - بأن قال "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في المادة السابقة إذا رفعت إليه بصفة أصلية أو تبعية".
2 - إذا كان المدعي يطلب التعويض لحرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1955 فتكون الدعوى في حقيقتها هي مطالبة المدعي بالعلاوة المذكورة، وهذه العلاوة إذ استحقت للموظف تعتبر جزءاً من مرتبه فالمنازعة فيها هي منازعة في المرتب طبقاً للفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959).


إجراءات الطعن

في يوم 12 من إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 9 من فبراير سنة 1959 في القضية رقم 720 لسنة 2 القضائية المقامة من حلمي محمد ضد وزارة الأشغال العمومية والقاضي "بأحقية المدعي في أن يقتضي من الحكومة مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت الحكومة مصروفات هذا الطلب وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن للحكومة في 14 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 21 من يونيه سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12 من يونيه سنة 1960 - وأبلغت الحكومة والمدعي في 18 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وعينت لذلك جلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 21 من سبتمبر سنة 1955 طالباً إلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بمصلحة المساحة في 28 من إبريل سنة 1955 بتأجيل منحه علاوته الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة المعلن إليه في 3 من مايو سنة 1955 والمتظلم منه في 14 من مايو سنة 1955 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصاريف وأتعاب المحاماة - وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه التحق بمصلحة المساحة إثر حصوله على دبلوم مدرسة المساحة وكان متفانياً في أداء عمله حريصاً على القيام بواجبه على أكمل وجه وأحسن نحو وكان القدوة الحسنة لأقرانه كما كان عند رؤسائه المثال الطيب لما ينبغي أن يكون عليه الموظف علماً وخلقاً ويذكر أنه رقي بالاختيار للدرجات السادسة والخامسة والرابعة ويقول إن الأمور ظلت تسير سيرها الطبيعي وظل محلاً لرضاء وتقدير جميع رؤسائه حتى وقع الخلاف بين رابطة مهندسي المساحة، التي تنتظم في عضويتها جميع خريجي مدرسة المساحة والتي شرفته برئاستها، وبين نقابة المهن الهندسية بشأن تفسير نصوص القانون ومدى انطباقه على المهندسين المساحين وأحقيتهم في الانضمام إلى النقابة فتقرر خصم خمسة عشر يوماً من مرتبه عن شهر أغسطس سنة 1954 بمقولة إنه خرج عن حدود اللياقة والأدب عند وجوده بمكتب السيد مساعد المدير وتلفظه بعبارات غير لائقة مع سيادته كما عمدت إلى نقله من وظيفته الرئيسية التي شغلها من سنة 1949 وهي وظيفة مفتش مساحة المدن إلى وظيفة مساعد مفتش المدن مع نقله إلى أسيوط فرفع الدعوى رقم 121 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري يطلب فيها إلغاء القرار التأديبي الصادر من مدير عام مصلحة المساحة بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه وإلغاء القرار الصادر من مدير عام مصلحة المساحة في سبتمبر سنة 1954 بتكليفه بأخذ الجشنى على أعمال المدن بالوجه القبلي من المنيا إلى أسوان ويكون مقره تفتيش أسيوط وما يترتب على ذلك من آثار منها حرمانه من لقب مفتش مساحة المدن، وعلى أثر ذلك فوجئ بخطاب من مصلحة المساحة في 3 من مايو سنة 1955 يتضمن أن لجنة شئون الموظفين قررت بجلستها المنعقدة في يوم 28 من إبريل سنة 1955 تأجيل منحه العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1955 لمدة سنة واحدة لضعف كفايته في العمل وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - ويقول المدعي إنه بادر من فوره في 12 من مايو سنة 1955 إلى التظلم من هذا القرار ويذكر أنه انقضى من يوم إرسال التظلم بالبريد المسجل أكثر من ستين يوماً دون أن ترد المصلحة لذلك اعتبر هذا السكوت منها بمثابة رفض لتظلمه الأمر الذي يجعله في حل من رفع دعواه بالطعن في قرار تأجيل علاوته طالباً إلغاءه - ويستطرد المدعي قائلاً أن القرار المذكور لم يستهدف الصالح العام وأنه لا يستقيم عقلاً أن يصبح الكفء الممتاز في غمضة عين ضعيف الكفاية وأن لجنة شئون الموظفين لا تستطيع أن تحرم موظفاً من علاوته أو تؤجلها دون سبب قوي يتصل بالصالح العام ويستقي من واقع ملفات وتقارير الموظف وفي ذلك تقول المادة 42 (ولا تمنح العلاوة إلا لمن يقوم بعمله بكفاية وتقرير ذلك يرجع فيه إلى لجنة شئون الموظفين المختصة على أساس من التقارير السنوية) أي أن العبرة في تقرير منح العلاوة أو منعها أو تأجيلها هو التقارير السنوية وغير ذلك يكون من قبيل العقوبة التأديبية المنصوص عليها في المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والذي يملك مجلس التأديب وحده توقيعها. وأن أساس القرار المطعون فيه وسنده باطلان إذ أن القول بضعف كفايته قول غير صحيح لمخالفته ما اضطردت عليه تقاريره السابقة من الإشادة بكفايته وأن الأمر دبر وبيت وأن هذا القرار قصد به النكاية فهو قرار بعيد عن الصالح العام - مخالف للقانون متسم بإساءة استعمال السلطة ما يجعله حرياً بالإلغاء.
وأجابت مصلحة المساحة على الدعوى بمذكرتها المؤرخة 22 من أكتوبر سنة 1955 ضمنتها أنه عرض على لجنة شئون الموظفين بالمصلحة التقرير السنوي السري لعام 1954 المقدم عن المدعي فقدرت اللجنة درجة كفايته عن ذلك العام بما يقل عن أربعين درجة الأمر الذي يرتب قانوناً اعتبار هذا الموظف ضعيفاً في الكفاية خلال العام المذكور ولدى نظر اللجنة أمر العلاوات المستحقة لموظفي المصلحة اعتباراً من أول مايو سنة 1955 قررت بجلستها المنعقدة في 28 من إبريل سنة 1955 إعمالاً لاختصاصها المنصوص عليه بالمادتين 42، 43 من القانون تأجيل منح العلاوة الدورية المستحقة لبعض الموظفين ومن بينهم المدعي لحصولهم على درجة ضعيف في كفاية العمل بالتقارير السنوية المقدمة عنهم عام 1954 وأخطرت المصلحة المدعي بذلك القرار بموجب خطاب موصى عليه بتاريخ 3 من مايو سنة 1955 فقدم تظلماً إدارياً بالطعن في القرار ناعياً عليه أنه بني على التعسف وإساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون فأجيب المدعي عن تظلمه بالخطاب المرسل إليه في 9 من أغسطس سنة 1955.
وأضافت المصلحة رداً على ما أثاره المدعي بأن سلامة ماضي خدمة الموظف لا تنهض دليلاً على كفايته في السنوات اللاحقة وأن قرار توقيع الجزاء وقرار النقل اللذين أشار إليهما المدعي قد صدرا بناء على إجراءات قانونية سليمة وفي حدود القواعد المقررة وأنهما محل طعن في دعوى أخرى وأن لجنة شئون الموظفين تختص بتقرير تأجيل العلاوة الاعتيادية لضعف الكفاية وأن ليس هناك من دليل على قيام عيب إساءة استعمال السلطة المدعى به وانتهت المصلحة إلى طلب رفض الدعوى.
وقدم المدعي مذكرة في 21 من يناير سنة 1957 ضمنها أن تقرير سنة 1954 تقرير باطل لأن المهندس تادرس فام الذي وقعه لم يكن رئيساً له - ويقول إنه لو رجعت المحكمة إلى كشوف الحضور والانصراف لوجدت أن المدعي لم يتغيب إطلاقاً أو لم يتأخر في الحضور إلى عمله ولذا فهو يستحق 3 درجات بدلاً من درجة عن الغياب وثلاث درجات كاملة عن التأخير بدلاً من درجة واحدة ولهذا فهو يطلب زيادة التقدير أربع درجات - كما ضمن المدعي مذكرته هذه طلب الحكم بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامها بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 19 من مارس سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول دعوى الإلغاء وألزمت المدعي بالمصروفات وقررت إحالة طلب التعويض إلى مفوض الدولة لتهيئته. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت في الدعوى أن المدعي أعلن بالقرار المطعون فيه بخطاب مؤرخ في 3 مايو سنة 1955 فتظلم منه إلى وزير الأشغال العمومية بتظلم أرسل بالبريد المسجل بعلم الوصول في 14 من مايو سنة 1955 ووصل في 15 من مايو سنة 1955 ولم تجب الجهة الإدارية على هذا التظلم خلال ستين يوماً من هذا الوصول الذي يعتبر تاريخاً لتقديم التظلم يبدأ منه الميعاد لذلك فإن فوات هذا الميعاد دون رد يعتبر بمثابة رفض للتظلم ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة أي ميعاد غايته 12 من سبتمبر سنة 1955 لذلك فإن الدعوى وقد رفعت بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 21 من سبتمبر سنة 1955 تكون قد رفعت بعد الميعاد ويتعين الحكم بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقالت المحكمة أن المدعي أضاف بمذكرته المودعة بجلسة 22 من يناير سنة 1957 إلى طلبه الأصلي طلباً احتياطياً هو إلزام الوزارة بأن تدفع له قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت وهو طلب جديد أبدي بعد أن قدم مفوض الدولة تقريره الذي اقتصر فيه على مناقشة طلب الإلغاء من الناحية الشكلية لذلك يتعين وقد أبدي هذا الطلب في ظل القانون رقم 165 لسنة 1955 أن تقرر المحكمة بإحالته إلى مفوض الدولة لتهيئته طبقاً للمواد 27 وما بعدها من القانون المذكور. وبناء على ذلك قامت هيئة المفوضين بتحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة وأودعت تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه إلى التوصية بالحكم بالتعويض. وبجلسة 9 من فبراير 1959 صدر الحكم المطعون فيه وقضت المحكمة بأحقية المدعي في أن يقتضي من الحكومة مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الإدارة لا تسأل عن القرارات التي تصدر منها إلا في حالة وقوع خطأ من جانبها بأن تكون هذه القرارات غير مشروعة أي مشوبة بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة وهذه العيوب هي عدم الاختصاص ووجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة بشرط أن يتحقق الضرر الناجم عنها وأن تقوم رابطة السببية بين الخطأ والضرر فإذا برأت من هذه العيوب كانت سليمة مشروعة مطابقة للقانون فلا تسأل الإدارة عن نتائجها مهما بلغت جسامة الضرر المترتب عليها لانتفاء ركن الخطأ إذ لا مندوحة من أن يتحمل الأفراد في سبيل المصلحة العامة نتائج نشاط الإدارة المشروع أي المطابق للقانون - وتقول المحكمة إنه يخلص من أوراق الدعوى أن المدعي يبني طلب التعويض على أن جهة الإدارة أخطأت حين أصدرت قرارها بتأجيل العلاوة المستحقة له ذلك أن هذا القرار بنى سببه على التقرير السري المقدم عن حالة المدعي في سنة 1954 والذي قدرت كفايته فيه بدرجة ضعيف ولما كان هذا التقرير في نظر المدعي باطلاً فإن القرار المبني عليه يكون بالتالي باطلاً هو الآخر؛ ومن ثم يتعين تعويضه بما أصابه من ضرر بسبب هذا الخطأ.
ولما كان المدعي يرجع بطلان التقرير سالف الذكر إلى سببين الأول أنه انتقص من درجتي التأخير والغياب في حين أنه لم يتأخر عن عمله مرة واحدة كما أنه لم يحدث أن غاب بدون إذن - والثاني أنه لا صفة للسيدين تادرس فام وعبد الحليم أمين في التوقيع على التقرير إذ أن الأول لم يكن رئيسه المباشر ولم يكن الثاني المدير المحلي.
وتقول المحكمة إنه لما كان الثابت من الاطلاع على هذا التقرير وهو مرفق بملف الخدمة أنه منح درجة من ثلاث درجات عن كل من الغياب والتأخير وأن الرئيس المباشر قدر كفايته بأربعين درجة من مائة فأنقص المدير المحلي التقدير إلى 39 درجة أي بدرجة ضعيف وسجلت لجنة شئون الموظفين هذا التقدير بجلستها المنعقدة في 28 من إبريل سنة 1955 وبذات الجلسة قررت تأجيل علاوته الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة استناداً إلى أن تقدير كفايته في التقرير المذكور جاء بدرجة ضعيف.
ولما كان الواضح من رد المصلحة ومن المناقشة التي أجراها مفوض الدولة مع السيدين تادرس فام وعبد الحليم أمين الموقعين على التقرير أنه في المدة من أول يناير سنة 1954 لم تكن ثمة كشوف للحضور والانصراف مخصصة للتوقيع عليها من موظفي الدرجة الرابعة فما علا حال حضورهم فانصرافهم وأنه لما احتاج الأمر إلى ضبط هذه العملية خصصت كشوف لهذا الغرض اعتباراً من أول أغسطس سنة 1954، غير أن المدعي لم يوقع عليها لأنه من 16 من يونيه سنة 1954 انتدب للعمل في جرد المخازن وظل في هذا العمل إلى أن منح إجازة مرضية اعتباراً من 16 من أكتوبر سنة 1954 حتى نهاية العام، وأن كلاً منهما قدر درجة التأخير والغياب على أساس التقدير الشخصي ولم يكن ذلك مبنياً على أي كشوف حضور أو انصراف أو أي بيان آخر.
وإنه وإن كانت تقديرات الرؤساء لكفاية الموظف لا رقابة للقضاء عليها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه إلا أن هذه الرقابة تعمل في حالتين إذا لم تتبع الإدارة الإجراءات السليمة المنصوص عليها في القانون حتى تصل إلى تقدير درجة الكفاية وإذا كان محل التقدير عناصر أصولها محدودة في الأوراق - ولما كانت المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 نصت في فقرتها الثانية على أن التقارير السنوية تكتب على النموذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد موافقة ديوان الموظفين.
وإذ جاء بظهر النموذج المعتمد على الوجه المتقدم بقرار وزير المالية رقم 4 لسنة 1954 ملاحظات أولاها أن هذه التقديرات تبنى على البيانات الموجودة في.... (د) دفاتر الحضور والغياب والإجازات؛ فكأن هناك قاعدة تنظيمية في هذا الشأن هي أن تقدير بيان الغياب والتأخير يجب أن يرجع فيه إلى دفاتر الغياب والحضور.
ولما كانت جهة الإدارة قد خالفت هذه القاعدة فلم تخصص دفاتر لهذا الغرض عن المدة من أول عام 1954 حتى أول أغسطس منه أما المدة الباقية والسابقة على قيامه بالإجازة المرضية فكان المدعي منتدباً في جرد المخازن ولم تقدم المصلحة دفاتر أو كشوف حضور وغياب عن هذه المدة حتى يمكن الرجوع إليها وإعمال رقابة المحكمة على التقدير الواجب أن يستمد منها فإذا أضيف إلى ذلك أن ملف خدمة المدعي خلا من أية إشارة أو تحقيق أجري معه بسبب تأخيره أو تغيبه بدون إذن طيلة العام فإن الأمر يقتضي أن يمنح النهاية القصوى في بندي التأخير والغياب. وبذلك يرتفع تقدير كفايته إلى 43 أي يتخطى درجة ضعيف وأنه من مقتضى هذه النتيجة، ودون بحث في باقي أوجه الطعن أن يكون التقرير السنوي المقدم عن حالة المدعي في سنة 1954 باطلاً لمخالفته القانون وبالتالي يكون قرار لجنة شئون الموظفين بتأجيل علاوة المدعي هو الآخر معيباً عملاً بقاعدة أن ما بني على الباطل فهو باطل وبذلك يكون ركن الخطأ متوافراً في جانب الإدارة ويحق للمدعي أن ينال تعويضاً عما أصابه من ضرر هو تأجيل علاوته لمدة سنة إذ لولا صدور هذا القرار الخاطئ ما كان وقع الضرر وانتهى الحكم إلى القول بأنه يبين مما تقدم أن المدعي على حق في طلب التعويض ويتعين الحكم له به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 42 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلاً بالقانون رقم 579 لسنة 1953 تنص على أن "يمنح الموظف علاوة اعتيادية طبقاً للنظام المقرر بالجداول المرافقة، بحيث لا يجاوز المرتب نهاية مربوط الدرجة، ولا تمنح العلاوة إلا لمن يقوم بعمله بكفاية وتقرير ذلك يرجع فيه إلى لجنة شئون الموظفين المختصة على أساس من التقارير السنوية" - والمستفاد من هذا النص أن منح العلاوة الاعتيادية طبقاً للنظام المقرر بالجداول المرفقة بقانون التوظف رهين بقيام الموظف بعمله بكفاية وقد ناط القانون بلجنة شئون الموظفين تقدير درجة هذه الكفاية وترك لها الحرية في اختيار العناصر التي تستقي منها هذا التقدير ولم يقيدها بالتقرير السري المقدم عن الموظف فحسب بحيث يصبح المصدر الوحيد الذي تستمد منه تقديرها، وإنما جعله عنصراً تستهدي به إلى جانب ما يقوم لديها من عناصر أخرى، فإذا كانت لجنة شئون الموظفين حسبما هو ثابت بمحضر اللجنة المؤرخ 28 من إبريل سنة 1955 بعد أن استهلت هذا المحضر ببيان حكم المادتين 42، 44 من قانون التوظف قررت تأجيل العلاوة الاعتيادية المستحقة للمدعي في أول مايو سنة 1955 نظراً لحصوله على درجة ضعيف في كفاية العمل فإن هذا القرار لا يمكن حمله على أن درجة التقدير في التقرير السنوي عن سنة 1954 هي السبب الوحيد لهذا القرار.
ويضاف إلى ذلك أن تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر من العناصر الواردة في التقرير السنوي لدرجة الكفاية هو أمر لا رقابة للقضاء عليه ولا سبيل له إلى مناقشته لتعلقه بصميم عمل الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها. ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الرخصة التي خولها القانون للإدارة في تقدير كفاية الموظف تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أساس أصل ثابت في الأوراق كما هو الشأن بالنسبة لعنصري التأخير والغياب، لا وجه لذلك؛ لأن طبيعة عمل المدعي في سنة 1954 كانت تقتضي إعفائه من التوقيع على كشوف الحضور والانصراف الأمر الذي كان يستوجب عدم الاعتداد بواقعة عدم توقيع المدعي على تلك الكشوف أو بعدم وجودها للقول ببطلان ما جاء بالتقرير السنوي عن عنصري الحضور والغياب. ويضاف إلى ذلك أن القانون لم يرسم للإدارة طريقاً معيناً تلتزم به في تقدير كافة العناصر المنصوص عليها في التقرير السنوي بحيث يكون هو المصدر الوحيد الذي تستقي منه تقديرها ولا يسوغ الخروج عليه وإلا كان تقديرها مخالفاً للقانون. وعلى هذا المقتضى فليست كشوف الحضور والانصراف هي وحدها المعول عليه في تقدير عنصري التأخير والغياب؛ إذ قد يستفاد التأخير والغياب من أصول أخرى كشهادة الرئيس المباشر أو غير ذلك مما لا سبيل للقضاء إلى التعقيب عليه.
ويقول الطعن إنه لما كان الحكم المطعون فيه باستحقاق المدعي للتعويض المؤقت يقوم على أساس أن القرار الصادر من جهة الإدارة بتأجيل علاوته الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة هو قرار باطل لانبنائه على التقرير الباطل المقدم عن المدعي عن سنة 1954 وهو ما لا يمكن الأخذ به للأسباب المشار إليها فيما تقدم فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون متعيناً الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه مما يجب التنبيه إليه بادئ ذي بدء أنه لا محل للتحدي بفوات ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والذي رددته المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة إذ أن هذا الميعاد خاص بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات فلا يسري على طلبات التعويض التي يجوز رفعها ما دام لم يسقط الحق في إقامتها طبقاً للأصول العامة وذلك للاعتبارات الآتية:
أولاً - لأن عبارة المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) تقطع في تخصيص حكمها بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات إذ هي قد جعلت مبدأ سريان الميعاد من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به. كما قضت بوقف سريان هذا الميعاد في حالة التظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية، وبأنه يعتبر في حكم قرار بالرفض فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة. ومفاد ذلك أن المادة المذكورة إذ تحدد ميعاد الستين لا تتحدث إلا عن الدعوى الخاصة بإلغاء قرار إداري. ومن هنا جعلت إعلانه أو نشره مبدأ لسريان الميعاد والتظلم منه موقفاً لهذا السريان.
ثانياً - لأن الميعاد السابق ذكره مأخوذ عن القانون الفرنسي وترديد لأحكامه وهذا القانون يقصر هذا الميعاد على طلبات الإلغاء دون طلبات التعويض.
ثالثاً - لأن طلب التعويض منوط بحلول الضرر وهذا لا يترتب حتماً على إعلان القرار الإداري أو نشره بل يترتب في الغالب على تنفيذ القرار فلو أن ميعاد الستين يوماً يسري على طلب التعويض لكان مقتضى هذا أنه يلزم رفعه حتى لو لم يحل الضرر بصاحب الشأن، مما تأباه البداهة القانونية.
رابعاً - لأن الحكمة التشريعية لقصر رفع الدعوى على ستين يوماً هي استقرار القرارات الإدارية حتى لا تكون مستهدفة لخطر الإلغاء وقتاً طويلاً، وهذه الحكمة إن كانت متوافرة فيما يتعلق بطلبات إلغاء القرارات فإنها منعدمة بالنسبة إلى دعاوى التعويض إذ هذه لا تخرج عن كونها دعاوى عادية.
خامساً - إن المشرع عندما تكلم على طلبات الإلغاء في المادة 19 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) قضى بأن ميعاد رفع الدعوى ستون يوماً بأن نص على أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً، بينما أطلق المشرع في المادة 9 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة 9 من القانون رقم 55 لسنة 1959) ولم يحدد ميعاداً لدعوى التعويض تاركاً ذلك للقواعد العامة - بأن قال "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في المادة السابقة إذا رفعت إليه بصفة أصلية أو تبعية".
ومن حيث إن المدعي يطلب التعويض لحرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1955 فتكون الدعوى في حقيقتها هي مطالبة المدعي بالعلاوة المذكورة.
ومن حيث إن هذه العلاوة إذا استحقت للموظف تعتبر جزءاً من مرتبه فالمنازعة فيها هي منازعة في المرتب طبقاً للفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959). ومن ثم تكون هذه الدعوى قد أقيمت في الميعاد.
ومن حيث إن المدعي ينعى على القرار المطعون فيه استناده إلى تقريره السنوي عن سنة 1954 وهو صادر من غير مختص فضلاً عن أن غياب المدعي لم يثبت من الأوراق.
ومن حيث إنه عن المسألة الأولى فإن هذا الموضوع بداية قد عرض على لجنة شئون الموظفين وارتأت ضمناً أن التقرير صادر من الرئيس المباشر والمدير المحلي المختص ولم يقدم المدعي دليلاً على خلاف ذلك.
من حيث إنه عن المسألة الثانية فإنه يبين من مطابقة الأوراق أن التقرير السنوي السري عام 1954 عن المدعي يتضمن حصوله على أربعين درجة من رئيسه المباشر (وهو تادرس فام) وعلى 39 درجة من كل من المدير المحلي وهو (عبد الحليم أمين) ورئيس المصلحة وأن لجنة شئون الموظفين قد قدرت درجة الكفاية بتسعة وثلاثين درجة.
ومن حيث إن المادة 31 من قانون موظفي الدولة معدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953، الذي تم التقرير السنوي في ظله تنص على أن "يقدم القانون السنوي السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقريرها نهائياً".
ومن حيث إن المشرع يستهدف بتعديله المادة 31 من قانون نظام موظفي الدولة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1953 ضمان تقدير درجات الكفاية وذلك بأن يكون التقدير بمعرفة الرئيس المباشر للموظف ثم يعرض التقرير على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة ليبدي كل منهما ملاحظاته عليه ثم يعرض التقرير على لجنة شئون الموظفين للتصديق عليه إذا لم يكن هناك خلاف على التقدير العام وإلا فيكون لهذه اللجنة أن تقدر كفاية الموظف ويكون تقديرها في هذا الشأن نهائياً.
ومن حيث إنه بمطابقة التقرير السري عن عام سنة 1954 على النحو السالف بيانه يتضح أن الخلاف على تقدير كفاية المدعي كان ظاهراً بين الرئيس المباشر من جهة وبينه وبين المدير المحلي ورئيس المصلحة من جهة أخرى: فالأول كان تقديره للمدعي بأربعين درجة بينما هبط به المدير المحلي ورئيس المصلحة إلى درجة ضعيف بتقديرهما كفايته بتسعة وثلاثين درجة وفضلاً عن ذلك فقد نعى المدعي على كل من الرئيس المباشر والمدير المحلي بأن التقدير الصادر منهما في حقه صدر من غير مختص، فلا مناص والحالة هذه للجنة شئون الموظفين، كما قضى بذلك المشرع في نهاية المادة 31 المشار إليها علاجاً للموقف وتوحيداً لمقاييس التقدير بين مختلف الموظفين أن تقوم بتقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً - ولجنة شئون الموظفين إذ تضع التقدير النهائي في مثل هذه الحالة تعتمد على معرفة أعضائها لأحوال الموظفين.
ومن حيث إن المدعي ينعى على تقدير كفايته عن عام 1954 غبنه في درجة المواظبة بدعوى أنه لم يتخلف عن الحضور حتى يستقطع منه بدرجات لو أضيفت لرفع تقديره إلى أكثر من 40 درجة لا محل للتحدي بذلك ما دام رؤساء المدعي المباشرون قرروا - كما يبين من مطابقة الأوراق - بأن المدعي إذا كان لم يتغيب إلا أنه كان لا يحرص على البقاء طوال الوقت كما كان لا يحرص على تنفيذ ما يعهد إليه من عمل على نحو يثبت حرصه على تأدية عمله بالدقة المطلوبة وفي الوقت المناسب وكان منصرفاً عن عمله الرسمي إلى أعمال لا علاقة لها بالعمل الرسمي مولياً تلك الأعمال وقته باذلاً فيها جهده.
ومن حيث إن ما عدا ذلك من عناصر التقدير فلا يعدو دفاع المدعي فيها أن يكون مجادلة في أمور هي من صميم الإدارة بسلطتها التقديرية مما يخرج عن رقابة القضاء الإداري ما دام لم ينطو على إساءة استعمال السلطة، الأمر الذي لم يقم عليه دليل صحيح في الأوراق وبوجه خاص إذا لوحظ من مقارنة التقارير في السنوات السابقة أن حالة المدعي كانت في التدهور.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القرار المطعون فيه صدر مطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.