الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 أبريل 2023

الطعن رقم 143 لسنة 39 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 4 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من أبريل سنة 2023م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 143 لسنة 39 قضائية دستورية.

المقامة من
طه علي محمد محمود
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العـــدل
3- رئيس مجلس الوزراء
4- عوض الله محمد حسن أحمد عويس
5- رجب حسين حامد
6- ربيع حسين حامــد
7- مدير هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية بكوم أمبو
8- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية

----------------

" الإجراءات "
بتاريخ التاسع من نوفمبر سنة 2017، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، المستبدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرين برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حیث إن الوقائع تتحصل - على ما یتبین من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام أمام محكمة أسوان الابتدائية - مأمورية كوم أمبو - الدعوى رقم 426 لسنة 2016 مدني كلي كوم أمبو، طالبًا الحكم بطرد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس من الأرض محل النزاع، وإلزامهم بأن يؤدوا إليه متضامنين مبلغ ثمانين ألف جنيه، تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به جرَّاء حرمانه من الانتفاع بأرضه والاستيلاء على محاصيلها. على سند من أن المدعى عليهم المذكورين تعدوا على الحد الفاصل بين أرضه وأرضهم، وأتلفوا مزروعاته. وبجلسة 4/ 10/ 2016، كلفت المحكمة المدعي بإعلان المدعى عليهما الأخيرين بأصل الصحيفة وتصحيح شكل الدعوى، وبجلسة 29/ 11/ 2016، حكمت المحكمة بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر لتخلف المدعي عن تنفيذ ما أمرت به المحكمة دون عذر مقبول. عجَّل المدعي دعواه من الوقف بصحيفة حدد قلم الكتاب لنظرها جلسة 14/ 2/ 2017، أُعلنت للمدعى عليهما الخامـس والسادس فـي 9/ 1/ 2017، وللمدعـى عليه الرابـع فـي 7/ 2/ 2017، ولم تعلـــن للمدعـى عليهما السابع والثامـن، فأجلـت المحكمة الدعـوى إلـى جلسة 7/ 3/ 2017، وفيها حضر المدعى عليهم الرابع والخامــس والسادس ودفعوا باعتبــار الدعـــوى كأن لم تكن، وبجلسة 18/ 4/ 2017، حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن، مشيدة قضاءها على سببين، أولهما: أن صحيفة التعجيل من الوقف أعلنت للمدعى عليه الرابع بعد خمسة عشر يومًا من تاريخ انتهاء مدة الوقف الجزائي، وثانيهما: أن المدعي لم ينفذ قرار المحكمة بإعلان المدعى عليهما السابع والثامن بأصل الصحيفة. طعن المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 874 لسنة 36 قضائية مأمورية أسوان، وبجلسة 11/ 10/ 2017، دفع المدعي بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانـــون رقم 13 لسنة 1968، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، المستبدلة بالقانونين رقمي 18 لسنة 1999 و76 لسنة 2007 تنـص على أنه تحكـــم المحكمـــة على من يتخلف من العاملين بهـــا أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعـــات في الميعـــاد الذي حددتـــه له المحكمة بغرامة لا تقل عن أربعين جنيهًا ولا تجاوز أربعمائة جنيه ويكون ذلك بقرار يثبت في محضر الجلسة له ما للأحكام من قوة تنفيذية. ولا يقبل الطعن فيه بأي طريـق ولكن للمحكمة أن تقيل المحكـوم عليه من الغرامـة كلهـا أو بعضها إذا أبدى عذرًا مقبولاً.
ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تجاوز شهرًا بعد سماع أقوال المدعى عليه.
وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعي السير في دعواه خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانتهائها، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الـدعـــوى الدستوريـــة - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أوقفت الدعوى جزاءً لمدة شهر لعدم إعلان المدعى عليهما السابع والثامن بأصل الصحيفة، وعدم تنفيذ المدعي لقرارها بتصحيح شكل الدعوى، فعجَّل دعواه من الوقف الجزائي بصحيفة أعلنت للمدعى عليه الرابع بعد الميعاد، فأصدرت المحكمة حكمها باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تنفيذ المدعي قرار المحكمة الذي كان سببًا لوقف الدعوى، ولإعلان المدعى عليه الرابع بعد الميعاد المحدد بالفقرة الأخيرة من المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكان هذا النص هو ما تساند إليه حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من اعتبار الدعوى كأن لم تكن، ومن ثم فإن الفصل في دستورية ذلك النص يكون ذا أثر وانعكاس أكيد على النزاع الموضوعي، الأمر الذي تتحقق به للمدعي مصلحة شخصية مباشرة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (99) من القانون السالف الذكر، من أنه وإذا مضت مدة الوقف ولم يطلب المدعي السير في دعواه خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانتهائها، أو لم ينفذ ما أمرت به المحكمة حكمت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه، فيما تضمنه من تحديد ميعاد قصير يتعين خلاله تجديد السير في الدعوى والإعلان بها، رغم أن عدم مراعاة هذا الميعاد قد يرجع لسبب لا دخل لإرادته فيه أو لاستحالة تنفيذه خلاله، على نحو يغاير حالة تعجيل الدعوى من الشطب أو قبل القضاء بسقوط الخصومة، مخلاً بذلك بمبدأ المساواة، ومقيدًا حق التقاضي بقيود لا تحتملها طبيعته ولا يقتضيها تنظيمه، وهو ما يخالف نص المادتين (53 و97) من الدستور.
وحيث إن التنظيم التشريعي الذي قرره المشرع بالفقرة الأخيرة من المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية - المطعون فيها - قد استهدف، على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانونين المعدلين لهذا النص، تحفيز الخصوم على موالاة دعواهم، تحقيقًا للالتزام الدستوري بسرعة الفصل في القضايا وتخفيف العبء عن كاهل المحاكم الذي ينتج عن تراكم الدعاوى لأسباب تتعلق بمطل المدعي في تنفيذ ما أمرته به المحكمة، مسلطًا الدعوى القضائية - بعيدًا عن طلب الترضية القضائية - سيفًا على المدعى عليهم، فمنح المشروع بمقتضاه قاضي الموضوع دورًا إيجابيًّا في توجيه الخصومة وذلك بقصر مدة تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي من ثلاثين يومًا إلى خمسة عشرة يومًا من نهاية مدة الوقف، ووجوب تنفيذ ما أمرت به المحكمة، منتهجًا بذلك مذهبًا وسطًا ، لا توسع فيـــه ولا تقتير، بل جاء بين ذلك قوامًا، وصولاً للترضية القضائية التي يبتغيها الخصوم، إذ أجاز لقاضي الموضوع أن يُنزِل الجزاء الذي يراه مناسبًا لمطل الخصوم وقعودهم عن تهيئة دعواهم للفصل فيها، والقيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذى حددته المحكمة، بتوقيع الغرامة المبينة بالفقرة الأولى من المادة (99) السالفة أو الحكم بوقف الدعوى جـزاءً لمدة لا تجاوز شهرًا بعد سماع أقوال المدعى عليه، فإذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعي ما أمرت به المحكمة، حكمت باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ليبلغ بذلك جزاء مطل المدعي منتهاه، دون إخلال بجواز الطعن على ذلك الحكم، فإذا ما تبين لمحكمة الطعن مخالفته لمقتضيات تطبيق النص المطعون فيه على وجهه الصحيح، قضت بإلغائه، وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة، للفصل في موضوعها، حتى لا يفوت على المدعي درجة من درجات التقاضي.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مبدأ المساواة ليس مبدأ تلقينيًّا جامدًا منافيًا للضرورة العلمية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. وإذا جاز للسلطة التشريعية أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائمًا من التدابير، لتنظيم موضوع محدد، وأن تغاير - من خلال هذا التنظيم، ووفقًا لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها، فإن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينقض محتواه هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيمًا تشريعيًّا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها، بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، كان التمييز انفلاتًا وعسفًا، فلا يكون مشروعًا دستوريًّا، وأن مبدأ خضوع الدولة للقانون، مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يعتبر صونها مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية.
وحيث إن المادة (97) من الدستور الحالي، تنص على أن التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصــل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي .... وقد دل المشرع الدستوري بذلك على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًـا لا يـتمـــايـــزون فيمــا بينهم في مجال حقهـــم في النفـــاذ إلى قــاضـيــهــم الطبيعي، ولا في نـــطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعيـــة التــي تحكـم الخصومـــة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيمه لحق التقاضي، أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغي التزامها، وفي إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حالة ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يباشر الحق في التقاضي في نطاقها، وبما لا يصل إلى إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا، فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا، التزامًا بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق، في صورتها الأكثر اعتدالاً.
وحيث إن الميعاد المحدد بالنص المطعون فيه، لطلب المدعي السير في دعواه، لا يعدو أن يكون حدًّا زمنيًّا يعجل خلاله المدعي دعواه من الوقف الجزائي، تغيا المشرع به تنظيم إجراءات التداعي، بما يحقق سرعة الفصل في القضايا، بحسبانه التزامًا دستوريًّا قررته المادة (97) من الدستور، وكان الميعاد المنعي عليه يبدأ من اليوم التالي للحكم بوقف الدعوى جزاءً، ويضاف إليه مواعيد المسافة المقررة، ومن ثم يغدو الميعاد المبين بالنص المطعون فيه مبررًا، لا يُحمّل المدعين في الخصومات القضائية ما لا يطيقون، بل يُدنيهم من الحقوق التي يسعون للحصول عليها. إذ كان ذلك، وكان المشرع بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة (99) المشار إليه، قد منح المحكمة سلطة تقديرية في اختيار الوسيلة التي تمكنها من حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، بين فرض الغرامة أو وقف الدعوى جزاءً، فإذا اختارت البديل الأخير، واستمر المدعي في مطله، حكمت باعتبار الدعوى كأن لم تكن، إعمالاً لمبدأ التدرج في توقيع الجزاءات من ناحية، وصونًا لسرعة الفصل في القضايا من ناحية أخرى، وذلك في إطار من سلطة المشرع التقديرية في تنظيم الحق في التقاضي، دون أن يكون في ذلك مساس بأصل هــذا الحــق، أو إخلال باستقلال السلطة القضائية.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع بالنص المطعون فيه لم يمايز بين ذوي المصلحة في الخصومات القضائية، ممن يتمسكون بالحكم باعتبار الدعاوى المقامة عليهم كأن لم تكن، حال توافر أسباب ذلك، كما لم يمايز بين المدعين الذين يماطلون في موالاة دعواهم أو يتقاعسون عن تنفيذ ما تأمر به المحكمة، فيوقع عليهم الجزاء المطعون في دستوريته، دون أن ينال من ذلك الاحتجاج باختلاف المدة المقررة لطلب السير في الدعوى المحكوم بوقفها جزاءً، عن مثيلاتها في حالتي شطب الدعوى وسقوط الخصومة، لاختلاف شروط وطبيعة وإجراءات وغاية التنظيم في الحالة التي انتظمها النص المطعون فيه، عن الحالتين المتمحل بهما، على نحو يسوغ معه استقلال كل منهما بأحكام تغاير الأخرى، ومن ثم يضحى النعي على النص المطعون فيه، بقالة إخلاله بالحق في التقاضي وإهداره مبدأ المساواة، لا سند له، خليقًا برفضه.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف حكمًا آخر من أحكام الدستور، فإن المحكمة تقضي برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعـوى، ومصادرة الكفالة، وألزمــت المدعي المصروفات.

الطعن 83 لسنة 13 ق جلسة 17 / 2 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 100 ص 264

جلسة 17 فبراير سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

---------------

(100)
القضية رقم 83 سنة 13 القضائية

حكم. تمهيدي. 

قرار بمناقشة الخصوم في مسائل معينة. لا تملك المحكمة العدول عنه إلا برضاء الخصوم.

---------------
إذا كان القرار الصادر من المحكمة يتناول وقائع معينة رأت المحكمة ضرورة مناقشة الخصوم فيها مما يشعر باتجاه رأيها في موضع من مواضع النزاع يتوقف الفصل فيه على إجابات الخصوم بناءً على هذا القرار، فإن هذا القرار يكون حكماً تمهيدياً لا تملك المحكمة العدول عنه إلا برضاء الخصوم لتعلق حقهم به. ولا يسوغ عدولها عنه من تلقاء نفسها أن تقول - بعد أن أقفلت باب المرافعة دون تنفيذه - إنها وجدت في مذكرات الخصوم التي قدمت بعد صدوره ما أرادت استجوابهم عنه، وخصوصاً إذا كان أحد الخصوم قد تمسك في مذكرته بوجوب تنفيذه.

الطعن 59 لسنة 13 ق جلسة 17 / 2 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 99 ص 264

جلسة 17 فبراير سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-------------

(99)
القضية رقم 59 سنة 13 القضائية

أ - وكالة. 

عقد. تفسيره. موضوعي.
ب - حكم. تسبيبه. 

أسباب نافلة. الخطأ فيها لا يعيب الحكم.

-----------
1 - إذا قضت المحكمة بأن تصرف الوكيل كان في حدود التوكيل وأن التوكيل يبيح له الانفراد بالتصرف، وبنت ذلك على تفسيرها عقد الوكالة، واعتمدت في هذا التفسير على عبارة التوكيل وعلى قصد المتعاقدين المستفاد من الوقائع والملابسات التي اتصلت بتصرف الوكيل، وكان ما انتهت إليه متسقاً مع الوقائع التي استندت إليها وغير متنافر مع عقد الوكالة، فذلك من شأنها ولا معقب عليها فيه لمحكمة النقض.
2 - إذا قضت المحكمة بأن تصرف الوكيل كان في حدود وكالته وأضافت في أسباب حكمها أن الموكل قد أجاز التصرف بعد حصوله، كان ذلك منها تزيداً مهما ينعى عليه من خطأ فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم وقيامه على صحة التصرف ونفاذه أصلاً.

الطعن 416 لسنة 45 ق جلسة 17 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 200 ص 1015

جلسة 17 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حمدي عبد العزيز وعاصم المراغي.

------------------

(200)
الطعن رقم 416 لسنة 45 القضائية

(1، 2) تقادم "قطع التقادم". أمر أداء.
(1) التكليف بالوفاء السابق على طلب أمر الأداء. لا يعد تنبيهاً قاطعاً للتقادم. علة ذلك.
(2) صلة القرابة. لا تعد في ذاتها مانعاً أدبياً. وجوب الرجوع إلى ظروف كل دعوى على حدة.
(3) تقادم "تقادم مسقط". وديعة.
ثبوت أن محل الوديعة مبلغ من المال. اعتبارها وديعة ناقصة. للمودع حق شخصي للمطالبة بقيمة ماله. سريان أحكام التقادم المسقط في شأن هذا الحق.

---------------
1- التقادم وفقاً لنص المادة 983 من القانون المدني لا ينقطع إلا بالمطالبة القضائية أو بالتنبيه أو بالحجز، والتكليف بالوفاء السابق على طلب أمر الأداء لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم، وإنما هو مجرد إنذار بالدفع لا يكفي لترتيب هذا الأثر، إذ المقصود بالتنبيه الذي يقطع التقادم هو التنبيه المنصوص عليه في المادة 460 من قانون المرافعات السابق، وفي المادة 281 من قانون المرافعات القائم، والذي يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بالوفاء بالدين.
2- تنص المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أديباً." وصلة القرابة مهما كانت درجتها، لا تعتبر في ذاتها مانعاً أديباً، بل يرجع في ذلك إلى ظروف كل دعوى على حدة تستخلص منها محكمة الموضوع - بما لها من سلطة تقديرية - قيام أو انتفاء المانع الأدبي، دون معقب عليها في ذلك، متى أقامت استخلاصها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق.
3 - الوديعة إذا كان موضوعها مبلغاً من المال، فإنها لا تكون وديعة تامة بل تعتبر وديعة ناقصة، وأقرب إلى عارية الاستهلاك منها إلى الوديعة، ويكون كل ما للمودع هو المطالبة بقيمة ماله، وهذا حق شخصي يسري في شأنه التقادم المسقط.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة استصدرت أمر الأداء رقم 211 سنة 1971 مدني جنوب القاهرة، بإلزام المطعون ضده بأن يدفع لها مبلغ 6000 جنيه، استناداً إلى سند كتابي مؤرخ 10/ 10/ 1959 موقع عليه منه يتضمن إقراراً بمديونيته للطاعنة بهذا المبلغ وتعهدا بسداده وقت الطلب، فتظلم المطعون ضده من هذا الأمر، وقيد تظلمه برقم 4592 سنة 1974 مدني. بتاريخ 1/ 12/ 1974 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتأييد أمر الأداء، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 5459 سنة 91 ق، وبتاريخ 23/ 2/ 1975 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وأمر الأداء. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم ألغى أمر الأداء تأسيساً على تقادم الدين الثابت بالإقرار للمطالبة به بعد مضي أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ استحقاقه، ذلك على اعتبار أن التاريخ الصحيح لتحرير السند واستحقاقه هو 10/ 8/ 1959 كما أقرت الطاعنة بذلك في مقدمة ونهاية إنذارها المؤرخ 12/ 12/ 1960 الموجه منها للمطعون ضده بمطالبته بالسداد - ولم يعتد الحكم في قطع التقادم بهذا الإنذار - وهذا الذي ذهب إليه الحكم خطأ في الاستدلال وفي تطبيق القانون ذلك أنه وإن كان السند يحمل تاريخين إلا أن التاريخ الصحيح لتوقيعه هو 10/ 10/ 1959 لأنه محرر بخط المدين وبذات القلم الذي حرر به صلب السند، وفي مكانه الطبيعي منه، وبدلالة إثبات تاريخ السند في اليوم التالي أي في 11/ 10/ 1959، أما التاريخ الذي أخذ به الحكم وهو 10/ 8/ 1959 فيبعد عن المكان المخصص عادة لتوقيع المدين، وقد حرر بخط آخر ولعله كتب عند إعداد السند وقبل استلام المطعون ضده لقيمته، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه إذ أطرح التنبيه المؤرخ 12/ 12/ 1960 ولم يعتد به في قطع التقادم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن التاريخ الصحيح لتحرير السند واستحقاقه هو 10/ 8/ 1959 على ما استبان للمحكمة من اطلاعها على السند وعلى ورود هذا التاريخ مرتين في الإنذار الموجه من الطاعنة إلى المطعون ضده بتاريخ 12/ 12/ 1960 وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل الحكم، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يعتبر مجادلة موضوعية تنحسر عنها رقابة محكمة النقض، ولما كان التقادم وفقاً لنص المادة 983 من القانون المدني لا ينقطع إلا بالمطالبة القضائية أو بالتنبيه أو بالحجز، وكان التكليف بالوفاء السابق على طلب أمر الأداء لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم، وإنما هو مجرد إنذار بالدفع لا يكفي لترتيب هذا الأثر، إذ المقصود بالتنبيه الذي يقطع التقادم هو التنبيه المنصوص عليه في المادة 460 من قانون المرافعات السابق وفي المادة 281 من قانون المرافعات القائم، والذي يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذي مع تكليفه بالوفاء بالدين، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ولم يعتد في قطع التقادم بالإنذار الموجه من الطاعنة إلى المطعون ضده بتاريخ 12/ 12/ 1960، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تفسير القانون وتطبيقه وفي بيان ذلك تقول إنها زوجة للمطعون ضده، ورغم أن العلاقة الزوجية تعتبر مانعاً أديباً يوقف سريان التقادم، إلا أن المحكمة لم تعتبرها كذلك بمقولة أن قيام هذه الزوجية لم يمنع الطاعنة من توجيه إنذار إلى زوجها المطعون ضده بتاريخ 12/ 12/ 1960، كما أنه لم يحل دون مطالبتها بالدين في 2/ 10/ 1975 في حين أن الخلاف الطارئ الذي يقوم بين زوجين ويدفع أحدهما إلى المطالبة بحقوقه، لا يعني إهدار المانع الأدبي ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 382 من القانون المدني تنص على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أديباً..." وكانت صلة القرابة مهما كانت درجتها، لا تعتبر في ذاتها مانعاً أديباً، بل يرجع في ذلك إلى ظروف كل دعوى على حدة تستخلص منها محكمة الموضوع - بما لها من سلطة تقديرية - قيام أو انتفاء المانع الأدبي دون معقب عليها في ذلك متى أقامت استخلاصها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى قيام المانع الأدبي تأسيساً على أن قيام رابطة الزوجية بين الطرفين لم يمنع الطاعنة من توجيه إنذار على يد محضر لزوجها في 12/ 12/ 1960 تطالبه بسداد الدين موضوع التداعي، ولم يثنها عن استصدار أمر أداء بقيمة دينها وكانت هذه الأسباب سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها؛ فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون أو واقع النزاع في الدعوى، وفي بيان ذلك تقول أن الثابت بسند الدين موضوع المطالبة أن الطاعنة أودعته لدى المطعون ضده بصفة أمانة تستحق الوفاء لدى طلبها، ومن ثم يعتبر المطعون ضده نائباً عنها في حيازة هذا المبلغ، ولا يسري في شأنه التقادم المسقط، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط الحق في المطالبة بالمبلغ المشار إليه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الوديعة إذا كان موضوعها مبلغاً من المال فإنها لا تكون وديعة تامة بل تعتبر وديعة ناقصة، وأقرب إلى عارية الاستهلاك منها إلى الوديعة، ويكون كل ما للمدع هو المطالبة بقيمة ماله، وهذا حق شخصي يسري في شأنه التقادم المسقط، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور، وفي بيان ذلك تقول أنه أغفل الرد على دفاعها الذي تضمنته مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة تشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من مذكرتها التي تقول أنها تضمنت دفاعاً أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليه، ولم تبين في نعيها أوجه هذا الدفاع، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً وعارياً عن الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 72 لسنة 13 ق جلسة 10 / 2 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 98 ص 257

جلسة 10 فبراير سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

------------------

(98)
القضية رقم 72 سنة 13 القضائية

أ - حكم. تسبيبه. 

دفع رفضته المحكمة الابتدائية بناءً على سببين. استبعاد المحكمة الاستئنافية أحدهما. استقامة الحكم بالسبب الآخر. حكم مسبب.
ب - دعوى قسمة. 

عقار مؤجر. حق المستأجر هو حق شخصي. كون عقد الإجارة مسجلاً. أثره. الاحتجاج به قبل من انتقلت إليه ملكية العين. صدوره ممن تجاوز حقه في الإدارة. لا يحتج به.

-------------
1 - إذا كان الحكم الابتدائي الصادر برفض دفع قد بني على سببين، ثم جاءت المحكمة الاستئنافية فأيدته فيما قضى به مع استبعادها أحد السببين، وكان السبب الباقي يستقيم به الحكم فهذا يكفي لصحته.
2 - إن حق المستأجر هو مجرد حق شخصي، فلا يصح منه - ولو كان عقده مسجلاً - أن يتمسك بأن إجراءات قسمة العقار الذي منه العين المؤجرة له، لا تكون حجة عليه إذا هي لم تتم في مواجهته. فإنه ليس لعقد الإيجار إن كان مسجلاً من الأثر أكثر من جواز الاحتجاج به قبل من استقرت له ملكية العين المؤجرة بالقسمة. وذلك في حدود أحكام القانون.
ولا يجوز الاحتجاج على المالك بعقد الإيجار إذا كان قد صدر باطلاً ممن لا حق له في التأجير أو ممن تجاوز حدود حقه في الإدارة، كالحارس القضائي الذي يخرج على قواعد التأجير الصالح النافع للمصلحة المشتركة.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضده الأول رفع دعوى ضد الطاعن ومحمود محمد علي زيان المشمول بقوامة المطعون ضدها الثانية لدى محكمة السيدة زينب قيدت برقم 1122 سنة 1942 قال بصحيفتها إن محمد علي إبراهيم زيان، مورث المطعون ضدهما وآخرين، توفي في مايو سنة 1938 وترك عدة عقارات بالقاهرة، وقد رفعت الوصية على القصر دعوى مستعجلة بتعيين حارس على الأعيان لشيوعها، وحكم في 16 من يوليو سنة 1938 بتعيين كل وارث حارساً على عقارات توازي نصيبه في التركة إلى أن ينتهي الشيوع، وعلى مقتضى هذا الحكم عين محمود محمد علي زيان حارساً على المنزل رقم 40 بشارع خيرت بالقاهرة. وفي سنة 1939 رفع المطعون ضده الأول دعوى قسمة أمام محكمة السيدة زينب بطلب فرز وتجنيب نصيبه في التركة، كما طلبت الوصية على القصر فرز نصيبهم أيضاً، وقد تمت القسمة واختص المطعون ضده الأول بالمنزل رقم 40 بشارع خيرت وتسلمه مع عقارات أخرى وتعاقد مع الساكنين بذلك المنزل بالتأجير لهم. ولما أراد أن يتفق مع الطاعن ليؤجر له المسكن الذي يشغله بالمنزل رفض بدعوى أنه مستأجر له من محمود محمد علي زيان بعقد إيجار رسمي تاريخه 14 من يوليو سنة 1940 لمدة خمس سنوات ونصف تنتهي في 31 من ديسمبر سنة 1945 وأنه دفع الإيجار عن هذه المدة مقدماً. وبما أن العقار أصبح ملكاً له ولا حق لمحمود محمد علي زيان في التأجير بعد القسمة لذلك طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له 5 ج إيجار الشقة عن شهر فبراير سنة 1941 وما يستجد شهرياً بواقع 5 ج لغاية الوفاء مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة. وبتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1941 قررت محكمة السيدة زينب إحالة الدعوى باتفاق الطرفين إلى محكمة مصر الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 1345 سنة 1941. وبتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1941 أعلن الطاعن المؤجر له محمود محمد علي زيان ليسمع الحكم أصلاً برفض دعوى المدعي وإلزامه بمصاريفها واحتياطياً لكي يحكم عليه مباشرة بما قد يكون للمدعي من حق مع إلزامه في الحالتين بالمصاريف والأتعاب مع حفظ كافة الحقوق.
وبتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1941 أعلن الطاعن كلاً من محمود محمد علي زيان ومحمد محمد علي زيان طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له 25 ج تعويضاً مع المصاريف والأتعاب والنفاذ. وقد دفع الطاعن دعوى المطعون ضده الأول بعدم قبولها لأن حكم القسمة لم يسجل وأن عقد إيجاره تسجل. وبتاريخ 2 من يناير سنة 1942 حكمت المحكمة أولاً - برفض الدفع الفرعي. ثانياً - بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول 5 ج إيجار الشقة موضوع الدعوى عن شهر فبراير سنة 1941 بخلاف ما يستجد شهرياً بواقع 5 ج حتى تمام الوفاء و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض الدعوى الفرعية ودعوى الضمان.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والحكم أولاً بعدم قبول دعوى المستأنف ضده الأول (المطعون ضده الأول) أو برفضها وفي كلتا الحالتين بإلزامه مع محمود محمد علي زيان بأن يدفعا له بطريق التضامن مبلغ 25 ج تعويضاً، واحتياطياً إلزام محمود محمد علي زيان بأن يدفع له (أي للطاعن) ما قد يكون للمطعون ضده الأول من حق مع إخراج المستأنف (الطاعن) من الدعوى، وعلى سبيل الاحتياط الكلي الحكم على محمود محمد علي زيان بما قد يحكم به على الطاعن مع إلزامه هو ومحمد محمد علي زيان بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وقد أوقع الحجر على محمود محمد علي زيان وعينت زوجه السيدة فتحية شاكر قيمة عليه وأعلنت في الدعوى بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1942. وبتاريخ 10 من إبريل سنة 1943 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف ضده الأول محمد محمد علي زيان مبلغ 4 ج شهرياً ابتداءً من أول يوليه سنة 1941 لغاية تاريخ هذا الحكم والمصاريف المناسبة عن الدرجتين والمقاصة في أتعاب المحاماة وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 22 من إبريل سنة 1943 فطعن فيه بطريق النقض في 20 من مايو سنة 1943 بتقرير أعلن للمطعون ضده الأول إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبني طعنه على أربعة أوجه:
وحيث إن محصل الوجه الأول هو أن الطاعن دفع الدعوى الأصلية بعدم قبولها لانعدام الصفة لرافعها وقت أن أقامها مطالباً بإيجار شهر فبراير سنة 1941 مما جعله يرتب عليه تبعاً ما يستجد. وذلك لأنه رفع الدعوى قبل تسجيل حكم القسمة، وقد قضت المحكمة الابتدائية برفض هذا الدفع استناداً إلى أن عقد إيجار الطاعن صوري إلا أن محكمة الاستئناف استبعدت الصورية وبحثت في الدعوى على ضوء صحة العقد، ولكنها قضت بتأييد الحكم الابتدائي فيما عدا ما عدلته للأسباب التي لا تتنافى مع أسباب حكمها. وبذلك تكون قد أيدت ما قضى به من رفض الدفع من غير أن تبدي أسباباً أخرى في صدده، ولما كان رفض الدفع قد جرى ابتداءً على أساس الصورية التي نفتها محكمة الاستئناف فإنه لا يبقى للحكم المطعون فيه سبب قانوني وإلا تناقضت أسبابه وتخاذلت.
وحيث إن الحكم الابتدائي رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسببين: الأول - صورية عقد الإيجار، والثاني - أن محجور المطعون ضدها الثانية وقد كان حارساً على العين المؤجرة له حق التأجير إلا أنه يجب لاستعمال هذا الحق أن يكون في حدود الإدارة الطيبة، وقد رأت المحكمة أنه ما كان لمحجور المطعون ضدها الثانية أن يؤجر الشقة للطاعن لمدة خمس سنوات ونصف في الوقت الذي يعلم فيه أن إدارته موقوتة قد تزول بوقوع العقار في ملك غيره من الشركاء واستخلصت من ظروف الدعوى أن الإدارة الطيبة توجب ألا تزيد مدة الإيجار على سنة واحدة وعلى ذلك اعتبرت أن عقد الطاعن قد انتهى في أول يوليو سنة 1941 وأن لا أثر له في حق المطعون ضده الأول بعد التاريخ المذكور.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم الابتدائي لم يقتصر في رفض الدفع على الصورية التي استبعدها الحكم الاستئنافي، بل قد بني أيضاً على السبب الثاني المتقدم ذكره والذي يستقيم به الحكم ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن النزاع كان قائماً أمام محكمة الاستئناف على حجية عقد التأجير الصادر من محمود محمد علي زيان لصدوره من مالك ظاهر بغير معارض أو منازع وبتخويل من شركائه بالانتفاع بطريق التخصيص بهذا المنزل مما يترتب عليه أنهم يحاجون بما يصدر عنه من التزامات، كما أن الطاعن لا يمكن أن يحاج بإجراءات القسمة التي تمت في غير مواجهته. ولكن المحكمة لم تفصل في هذا الأمر الجوهري ولم تقل على أي أساس من القانون يصح للمطعون ضده الأول أن يحتج على الطاعن بإجراءات لم يكن طرفاً فيها، ولأي سبب لم تعتبر القسمة التي تمت بين الشركاء باطلة بالنسبة لحقه الذي حفظه بتسجيل عقد إيجاره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى بأن عقد الإيجار الصادر للطاعن من محمود محمد زيان بصفته حارساً باطل فيما تجاوز السنة من مدته كما سبق إيراده، وبالتالي فلا يصح الاحتجاج به فيما زاد على السنة على المطعون ضده الأول الذي اختص بالعين المؤجرة بمقتضى عقد القسمة. وأما ما يقوله الطاعن من أنه تعاقد مع المؤجر له باعتباره المالك الظاهر فإن ذلك لا تأثير له في حق من أصبح مالكاً بمقتضى القسمة لأنه ليس في القانون ما يسمح بالأخذ بهذا القول. وأما ما يثيره الطاعن خاصاً بإجراءات دعوى القسمة فإنه لا يجوز قانوناً أن يكون طرفاً فيها، لأنه ليس بذي حق عيني على العقار، وحقه باعتباره مستأجراً هو حق شخصي، وتسجيل عقد الإيجار لا أثر له إلا أن يحتج به قبل من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة من المالك المؤجر له في حدود أحكام القانون، لا أن يحتج به على المالك إذا صدر باطلاً ممن لا حق له في التأجير أو تجاوز حدود حقه في الإدارة كما هو الحال في هذه الدعوى.
وحيث إن مؤدى الوجه الثالث هو أن المحكمة أخذت بعقد قسمة المهايأة ثم ألبست المؤجر ثوب الحارس واعتبرت أنه أجر للطاعن بهذه الصفة وحددت مدة العقد بسنة تحكماً، كما أنها خالفت القانون في تقدير الأجرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ عرض لما يثيره الطاعن في هذا الوجه قال إنه أبرم بين الشركاء في 20 من مايو سنة 1938 عقد قسمة مهايأة خول لمحمود محمد زيان حق الانتفاع بالمنزل رقم 40 بشارع خيرت، وقد انقضت هذه القسمة بحصول الفرز والتجنيب وانتهاء حالة الشيوع في 5 من يناير سنة 1941 مما كان يقتضي أن يعتبر عقد الإيجار الصادر للطاعن منتهياً في هذا التاريخ، إلا أنه بالنظر إلى أن المؤجر كان معيناً حارساً قضائياً على العين المؤجرة اعتبر أن عقد الإيجار يسري حتى أول يوليو سنة 1941 أي لمدة سنة للأسباب التي تقدم ذكرها. ويبين من ذلك أن المحكمة اعتبرته حارساً على أساس حكم صدر بتعيينه، وتحديدها العقد بسنة لم يكن تحكماً منها بل بنته على أسباب استخلصتها من ظروف الدعوى ووقائعها مما لا سبيل لإثارة الجدل بشأنها أمام محكمة النقض. وأما ما يعيبه الطاعن على الحكم من مخالفته للقانون في تقدير الأجرة فإن تقرير الطعن خلو من أي بيان عن هذه المخالفة، ولذلك فلا يعتد بما قاله في هذا الصدد.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن محكمة أول درجة قضت برفض دعوى التعويض والضمان على أساس صورية عقد الإيجار وقد نفت محكمة الاستئناف هذه الصورية دون أن تذكر أسباباً جديدة لرفض تلك الدعوى سوى قولها عن طلب التعويض إن حق رافع الدعوى الأصلية يرجع إلى سند صحيح، ولكن إن صلح هذا السبب بالنسبة إلى المطعون ضده الأول فإنه لا يصلح بالنسبة للمطعون ضده الثاني، وكان يجب على المحكمة أن تبين سبب رفض طلب التعويض بالنسبة له. وأما فيما يتعلق بدعوى الضمان فقد قال الحكم إن حق المطعون ضده الأول في مقابل الانتفاع بملكه مستمد من القانون والطاعن ملزم به مباشرة. ويقول الطاعن إن ما ذكره الحكم غير صحيح لأنه منتفع بالشقة بموجب سند صادر من ذي صفة في التأجير، على أنه إذا صح قضاء المحكمة في ذلك فإنه يبقى أنها لم تعرض لطلبه بإلزام المطعون ضدها الثانية بما قد يحكم به عليه.
وحيث إنه فيما يتعلق بما جاء في هذا الوجه خاصاً بدعوى التعويض الذي طلب إلزام المطعون ضدهما به بسبب رفع هذه الدعوى عليه فإن الحكم المطعون فيه بعد أن بين أن عقد إيجار الطاعن باطل فيما تجاوز السنة التي انتفع بها كما سبق ذكره قال إن طلب التعويض أصبح على غير أساس بعد ما تبين أن هذه الدعوى تقوم في جملتها على سند صحيح مما يدل على أن الحكم عرض لطلب التعويض بجملته قبل المطعون ضدهما.
وحيث إنه فيما يتعلق بدعوى الضمان فقد تقدم القول تفصيلاً بأن عقد الإيجار باطل فيما تجاوز السنة. وأما ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يقض على المطعون ضدها الثانية بما قضى به عليه فإنه ثابت أنه لم يتقدم بهذا الطلب للمحكمة الابتدائية وما كان يصح أن يتقدم به لأول مرة لمحكمة الاستئناف.

الطعن 311 لسنة 43 ق جلسة 17 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 199 ص 1012

جلسة 17 من إبريل 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين ومحمود حمدي عبد العزيز.

-------------

(199)
الطعن رقم 311 لسنة 43 القضائية

(1) مسئولية "مسئولية تقصيرية". نقض.
وصف الفعل بأنه خطأ من عدمه. من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
(2، 3) شركات "تصفية الشركة". مسئولية.
(2) تصفية الشركة. وجوب استنزال المصفى للمبالغ اللازمة لوفاة الديون المتنازع عليها. لا يغير من ذلك أن تكون هذه الديون غير معروضة على القضاء.
(3) مصفى الشركة. اعتباره وكيلاً عنها لا عن دائنيها. مسئوليته قبل الدائنين عن خطئه يسيراً أو جسيماً.

--------------
1 - من المقرر أن وصف الفعل بأنه خطأ موجب للمسئولية التقصيرية أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 - النص في المادة 536/ 1 من القانون المدني يدل على أن المشرع قد أوجب على المصفى - قبل أن يقسم أموال الشركة بين الشركاء - أن يقوم باستنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون المتنازع عليها ولم يفرق بين ما كان منها مطروحاً على القضاء وبين ما لم يطرح بعد.
3 - المصفى يعتبر وكيل عن الشركة لا عن دائنيها وهو وإن كان لا يسأل قبل الشركاء إلا عن خطئه اليسير متى كان يباشر أعمال التصفية بدون مقابل إلا أنه يسأل بالنسبة للدائنين عن كل خطأ يرتكبه سواء كان يسيراً أم جسيماً طالما قد ألحق ضرراً بهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4517 سنة 1966 مدني كلي القاهرة على الطاعن طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 714 جنيه وفوائده القانونية وقالت شرحاً لدعواها إنها كانت تداين الشركة العربية للتجارة في مبلغ 714 جنيه بموجب إقرار مؤرخ 23/ 12/ 1948 أقامت الدعوى رقم 532 سنة 3 ق للمطالبة به أمام محكمة القضاء الإداري وقد قضى فيها بتاريخ 7/ 4/ 1953 بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظرها وإذ كانت الشركة المدينة قد تقرر تصفيتها وعين المطعون ضده مصفياً لها وكان يتعين عليه أن يجنب من أموال الشركة ما يقابل دين الطاعنة والاحتفاظ به حتى يحسم النزاع في شأنه ولكن المطعون ضده لم يقم بذلك حتى تمت التصفية في 31/ 5/ 1955 فارتكب بذلك خطأ نجم عنه ضرر لحق الطاعنة قدرته بالمبلغ المطالب به وبتاريخ 28/ 12/ 1969 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 440 سنة 87 ق وبتاريخ 30/ 1/ 1973 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين حاصل أولهما أن المادة 536 من القانون المدني توجب على المصفى الوفاء بالديون الحالة واستنزال المبالغ اللازمة للوفاء بالديون التي لم تحل والديون المتنازع عليها ولكن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بنفي الخطأ عن المطعون ضده استناداً إلى أن الديون المتنازع عليها التي يتعين على المصفى الاحتفاظ بالمبالغ اللازمة للوفاء بها إنما هي الديون المطروح أمرها على القضاء في حين أن النعي جاء عاماً مطلقاً يشمل جميع الديون المتنازع عليها سواء ما طرح منها على القضاء أو ما لم يطرح بعد وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المصفى بصفته وكيلاً لا يسأل عن خطئه اليسير إلا إذا كان يتقاضى أجراً في حين أن المصفى لا يعتبر وكيلاً عن دائني الشركة ولا علاقة تربطه بهم فضلاً عن أن عدم الاحتفاظ بالمبالغ اللازمة للوفاء بالديون المتنازع عليها يعتبر خطأ جسيماً ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كان من المقرر أن وصف الفعل بأنه خطأ موجب للمسئولية التقصيرية أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نفى عن المطعون ضده الخطأ استناداً إلى أن مصفى الشركة لا يلتزم باستنزال المبالغ اللازمة للوفاء بالديون المتنازع فيها إلا إذا كان أمرها مطروحاً على القضاء وإلى أن المصفى لا يسأل عن خطئه اليسير إلا إذا كان يتقاضى أجراً عن أعمال التصفية وكان هذا الذي أورده الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن النص في المادة 536/ 1 من القانون المدني على أن (تقسم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً وذلك بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها...) مفاده أن المشرع قد أوجب على المصفى - قبل أن يقسم أموال الشركة بين الشركاء - أن يقوم باستنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون المتنازع عليها ولم يفرق المشرع بين ما كان مطروحاً على القضاء، وبين ما لم يطرح بعد، هذا فضلاً عن أن دين الطاعنة سبق طرحه على القضاء الإداري فقضى بعدم اختصاصه ولائياً بنظره. لما كان ذلك وكان المصفى يعتبر وكيلاً عن الشركة لا عن دائنيها فإنه وإن كان لا يسأل قبل الشركاء عن خطئه اليسير متى كان يباشر أعمال التصفية بدون مقابل إلا أنه يسأل بالنسبة للدائنين عن كل خطأ يرتكبه سواء كان يسيراً أم جسيماً طالما قد ألحق ضرراً بهم. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصحيح فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإحالة.

تسبيب الأحكام الجنائية / الجنايات - تعذيب / إدانة - مثال من محكمة النقض

 الطعن 15220 لسنة 75 ق جلسة 28 /12/ 2005 مكتب فني 56 ق 114 ص 844

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصته المحكمة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة وحسبما استقر في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل في أن المجنى عليه / ...... كان قد اتهم في القضايا أرقام ..... ، ..... ، .... لسنة .... جنح ..... ، ..... لسنة ..... جنح ..... التي حررها المتهم / ..... معاون مباحث قسم ..... وأجرى تحرياته فيها وقد قام بالقبض على المجني عليه صباح يوم ..... من ..... سنة ..... واحتجزه بقسم ..... حتى وفاته بتاريخ .... من ..... سنة ..... وقام بتعذيبه بأن اعتدى عليه بالضرب بيديه وقدميه في مواضع مختلفة من جسمه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وذلك بقصد حمله على الاعتراف بجرائم السرقة وإخفاء المسروقات موضوع القضايا سالفة البيان .
ومن حيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد صحت لدى المحكمة إسناداً وثبوتاً في حق المتهم بما شهد به كل من ..... و... و.... و.... و... و.... و..... و..... وما جاء بأقوال الملازم أول ..... ومن تقريري الطب الشرعي وما ثبت من مناظرة النيابة العامة للمجني عليه في القضية رقم ..... لسنة ..... جنح ..... 
فقد شهد المجني عليه ..... بتحقيقات النيابة العامة فى المحضر رقم ..... لسنة ..... جنح .... بأن المتهم .......... ضابط المباحث بقسم ..... اعتدى عليه بالضرب بيديه وقدميه بقصد حمله على الاعتراف بارتكابه وقائع السرقات في تلك القضية والقضايا الأخرى التي نسب إليه الاتهام فيها .
وشهد ....... أنه قد تم القبض على نجله المجنى عليه الساعة الواحدة والنصف صباح يوم ..... من ..... سنة ..... وعند عرض نجله المذكور على مستشفى ..... بعد أن ساءت حالته الصحية تقابل معه وأخبره أنه تم الاعتداء عليه بقسم الشرطة خلال احتجازه به وأن المتهم هو الذي اعتدى عليه .
وشهد ...... أنه كان محبوساً بحجز قسم ..... على ذمة إحدى القضايا وأن المجني عليه كان برفقته فى ذات الحجز وكان يتمتع بصحة جيدة غير أن حالته الصحية بدأت تسوء بعد تكرار عرضه على المباحث ليلاً وعودته في حالة إعياء شديدة من شدة التعدي عليه حتى أصبح غير قادر على الوقوف وأضاف أنه كان يسمع صراخ المجني عليه من التعذيب أثناء تواجده بوحدة المباحث ولدى عودته كان يشاهد به إصابات من جراء التعدي عليه .
وشهد ...... بمضمون ما شهد به الشاهد السابق وأضاف أنه استفسر من المتواجدين بالحجز عن سبب سوء حالة المجني عليه بعد عودته من وحدة المباحث أخبروه بأن ذلك بسبب شدة التعدي عليه في غرفة بوحدة المباحث يطلق عليها (الثلاجة) وهي التى يتم فيها تعذيب المحجوزين .
وشهد الطبيب ..... مفتش صحة ..... بأن المجني عليه عرض عليه يوم ..... من ..... سنة ..... رفقة شخصين قررا له أنهما من رجال المباحث وأن المجني عليه كان مكبلاً بالقيود الحديدية في يديه وقدميه وعندما طلب فك تلك القيود رفضا وطلبا منه عدم إثبات الإصابات التي كانت بظهر المجني عليه بدعوى أنه اصطنعها بنفسه .
وشهدت الطبيبة ..... مفتشه صحة مكتب ..... بأنها قد وقعت الكشف الطبي على المجني عليه بتاريخ .... من ..... سنة ..... ووجدت به إصابات عديدة بعموم جسده وأنها أثبتت ضرورة علاجه بالمستشفى لسوء حالته الصحية بسبب تلك الإصابات.
وشهد ....... أمين الشرطة بقسم ..... أنه عرض المجني عليه ثلاث مرات على النيابة العامة بتكليف من رؤسائه وأنه عندما عرضه أول مرة على نيابة ...... كانت حالته جيدة غير أن حالته بدأت تسوء فى المرات التالية .
وشهد الطبيب الشرعى ...... كما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أنه ذو بنيان عضلي متناسق ولم توجد به آثار هزال أو نهوكه مع وجود إصابات متعددة ومنتشرة بالجسم وأن بعض تلك الإصابات حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة وتشير التطورات إلى حدوث ذلك خلال فترة زمنية معاصرة لفترة حجزه وأن آثار تلك الإصابات تشير إلى حدوث تكرار للتعدى عليه .
وشهد الملازم أول ..... أن المجني عليه أُحضر إلى حجز قسم ..... بمعرفة وحدة المباحث وكانت حالته الصحية عند حضوره جيدة ثم ساءت بعد ذلك وأن المتهم هو المحرر للمحاضر التى كان محجوزاً على ذمتها وأنه استلم المجني عليه يوم .... من ..... سنة ..... لعرضه عن مفتش الصحة بناء على أمر النيابة العامة بذلك .
وثبت من مناظرة النيابة العامة للمجني عليه فى القضية رقم ..... لسنة ..... جنح ..... وجود إصابات به عبارة عن جرح سطحي بفروة الرأس وآخر بالساق اليمنى وبعض الإصابات بالقدم والساق اليسرى وإصابات باليد اليمنى وكدمة بها وقد أرجع المجني عليه تلك الإصابات لتعدي المتهم عليه بالضرب لحمله على الاعتراف بقضايا لم يرتكبها .
وقد ثبت من مطالعة صور المحاضر أرقام ..... لسنة ..... جنح ..... و..... لسنة ..... جنح ..... و ..... لسنة ..... جنح ..... و ..... لسنة ..... جنح ..... و ..... لسنة ..... جنح ..... أن المتهم هو المحرر لها جميعاً وأثبت فيها ضبط ..... الذي أقر له بارتكاب واقعة السرقة فى كل منها وأنه باع متحصلات السرقة للمجني عليه الذى كان يعلم أنها متحصلة عن سرقة وأثبت أيضاً استدعاء المجني عليه فأقر له بشراءه المسروقات .
ومن حيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه بالتحقيق الابتدائى وصمم على إنكاره بجلسة المحاكمة ، والدفاع الحاضر معه شرح ظروف الدعوى وشكك فى أدلة الثبوت والتمس براءته مما أسند إليه .
ومن حيث إنه من المقرر أن القانون لم يعرف التعذيبات البدنية ولم يشترط لها درجة معينة من الجسامة ولا يلزم أن تؤدى إلى إصابة المجنى عليه والأمر فى ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى  كما أنه من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه .
ومن حيث إن المحكمة ترى فى مجموع الأدلة التى سبق إيرادها واطمأنت إليها ما يكفى لتكوين عقيدتها بأن المتهم وهو موظف عام ( معاون مباحث ..... ) قام بتعذيب المجنى عليه بأن تعدى عليه ضرباً بيده وركلاً بقدمه وكان ذلك بقصد حمله على الاعتراف بالاتهام المنسوب إليه فى المحاضر أرقام ..... ، ..... ، ..... لسنة ..... جنح ..... و ..... ، ..... لسنة ..... جنح ..... فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى ومناظرة النيابة للمجنى عليه فى المحضر رقم ..... لسنة ..... جنح ..... ، ولا ترى فى إنكار المتهم وما أثاره من دفاع ما يؤثر فى سلامة معتقدها فى هذا الشأن .
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإنه يكون قد ثبت لهذه المحكمة أن المتهم : ..... خلال الفترة من ..... من ..... سنة ..... وحتى .... من ..... سنة .... بدائرة قسم .....عذب المجنى عليه ..... المتهم فى القضايا أرقام .... ، .... ، ..... لسنة ..... جنح ..... و ...... و ..... لسنة ..... جنح ..... وذلك لحمله على الاعتراف بارتكاب الوقائع المنسوبة إليه فيها الأمر الذي يتعين معه عقابه عملاً بالمادتين 304 /2 من قانون الإجراءات الجنائية و 126 /1 من قانون العقوبات .
ومن حيث إنه وقد عاملت محكمة الجنايات المتهم بالرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات فقد بات حق له فى تطبيقها لا مناص من إعماله لتعلقه بالعقوبة المقضى بها عليه ، على النحو المبين بمنطوق هذا الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تسبيب الأحكام الجنائية / الجنح - سب وقذف / إدانة - مثال من محكمة النقض

الطعن 24055 لسنة 67 ق جلسة 7/ 12 / 2006 مكتب فني 57 رقم 110 ص 947

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما هي مستخلصة من سائر الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة ، يتحصل في أن المتهم قد سب المجني عليها سباً علنياً أمام المارة في المحل الذي يستأجره منها بألفاظ تحمل معاني الإهانة والسخرية " ...... " وتخدش شرفها واعتبارها .
وقد استقام الدليل على صحة الواقعة وإسنادها للمتهم لدى هذه المحكمة من أقوال المجني عليها والتي لا تخرج في مضمونها عما استخلصته المحكمة في بيانها لواقعة الدعوى على النحو المار ذكره 
ومن شهادة شاهد الإثبات ...... في المحضر الإداري رقم ..... لسنة ..... إداري ...... المرفق صورته الرسمية والذي قرر أنه شاهد وسمع المتهم وهو يسب المجني عليها بالألفاظ المار ذكرها بواقعة الدعوى . 
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها ، وأن القانون لم يجعل لإثبات جريمة السب طريقاً خاصاً ، وكان الثابت من المحضر الإداري السالف الإشارة إليه سواء من أقول المجني عليها أو شاهد الإثبات أن المتهم قد سبها علانية في المحل الذي يستأجره منها بألفاظ تخدش شرفها وتمس اعتبارها ، ومن ثم فقد توافرت في الأوراق أركان الجريمة المسندة إليه ، ولا يؤثر في ذلك أو يقدح فيه ما ذهب إليه المتهم في دفاعه من تلفيق الاتهام وكيديته ووجود خلافات سابقة دلل عليها بمستندات ، ذلك لأن المحكمة وقد اطمأنت إلى أقوال المجني عليها وشاهد الإثبات ، فإنها لا تأخذ بدفاع المتهم في هذا الشأن الذي لم يكن القصد منه سوى التشكيك في أدلة الثبوت التي استقرت في يقين هذه المحكمة ، ومن ثم تنتهي المحكمة وقد استقر في يقينها ارتكاب المتهم للجرم المسند إليه معاقبته بالعقوبة المبينة بالمنطوق وعملاً بالمادة 306 من قانون العقوبات . 
لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت إلى إدانة المتهم بجريمة السب سالفة الذكر فإن مؤدى ذلك توافر أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية ، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيه تعويضاً نهائياً والمصاريف المدنية وأتعاب المحاماة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تسبيب الأحكام الجنائية / الجنح - تبديد / براءة (منقولات زوجية) - مثال من محكمة النقض

الطعن 20179 لسنة 2 ق جلسة 23 / 3 / 2013 مكتب فني 64 ق 51 ص 400

ومن حيث إن الطاعن كان قد قدم دليلي عذر عن التقرير بالاستئناف والمعارضة الاستئنافية بعد الميعاد والمحكمة تطمئن إليهما وتقضي بإلغاء الحكم الاستئنافي القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً وقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً .
ومن حيث إن الحكم المستأنف خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة خلافاً لما توجبه المادة (310) من قانون الإجراءات الجنائية فيتعين القضاء ببطلانه وتصحح هذه المحكمة البطلان وتقضي في الدعوى .
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه بتاريخ .... بدائرة مركز .... – محافظة .... بدد أعيان جهاز .... وذلك على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابه بالمادة (341) من قانون العقوبات .
ومن حيث إن واقعات الدعوى – على ما يبين من أوراقها – تتحصل في أن المدعية بالحقوق المدنية أقامت دعواها قبل الطاعن بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة .... بوصف أنه بدد أعيان جهازها والمسلم إليه على سبيل الأمانة فاختلسه لنفسه بنية تملكه إضراراً بها ، وطلبت عقابه بالمادة (341) من قانون العقوبات ، وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
وحيث إنه من المقرر أن التأخير في رد الشيء أو الامتناع عن رده إلى حين ، لا يتحقق به الركن المادي لجريمة التبديد ، ما لم يكن مقروناً بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه ، إذ من المقرر أن القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يتحقق بمجرد قعود الجاني عن الرد ، وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الأوراق أن الطاعن قد عرض على المدعية بالحقوق المدنية المنقولات الواردة بقائمة المنقولات الزوجية بموجب إنذار عرض مؤرخ في .... تبين من الاطلاع عليه أن العرض مطابق تماماً لما جاء بقائمة المنقولات المرفقة بالأوراق وأن المدعية بالحقوق المدنية استلمت جزءاً منها ورفضت استلام الجزء المتبقي رغم مطابقة العرض لما جاء بالقائمة دون مبرر مقبول ، الأمر الذي ينتفي معه قيام الركنين المادي والمعنوي لجريمة التبديد في حق الطاعن ، ومن ثم تقضي المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه .
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 29 أبريل 2023

تسبيب الأحكام الجنائية / الجنايات - كسب غير مشروع / براءة - مثال من محكمة النقض

الطعن 33873 لسنة 84 ق جلسة 29 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 79 ص 572

        من حيث إن إدارة الكسب غير المشروع أسندت للمتهم / .... أنه في خلال الفترة من عام .... وحتى عام .... – بدائرة قسم .... – محافظة .... :- بصفته من العاملين بالجهاز الإداري للدولة " مديراً إدارياً للشئون المالية والإدارية بـــ .... " حصل لنفسه على كسب غير مشروع وقيمته ( .... ) .... جنيهاً و.... قرشاً ، مستغلاً في ذلك سلطان ونفوذ وظيفته بأن دأب على التلاعب في حسابات .... ، والاختلاس ، والاستيلاء على أموالها بطرق احتيالية والتزوير في مستنداتها ، كما اعتاد الحصول على منافع مادية وعينية من المقاولين الموردين المتعاملين مع جهة عمله ، وأقام علاقات مشبوهة معهم مما نتج عنه زيادة في عناصر ذمته المالية ، وبصورة لا تتناسب مع مصادر دخله ، وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها على الرغم من عدم وجود أي ممتلكات له قبل توليه الخدمة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ، وطلبت عقابه بالمواد 1/1 ، 2 ، 14/ 2 ، 18 /1-4 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع ، والمادة 15/ 3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المذكور .

   وقد ركنت إدارة الكسب غير المشروع في إثبات الاتهام قبل المتهم إلى أقوال وتحريات الضابط / .... عضو هيئة الرقابة الإدارية ، وأعضاء لجنحة الفحص (....، و.... ، و.... ، و.... و....) ، وما شهدت به .... ( مدير عام الشئون القانونية بالهيئة العامة للـــ ....) ، وما ورد بملاحظات هيئة الفحص والتحقيق ، إذ شهد الضابط / .... بأن التحريات السرية التي أجراها دلته على أن المتهـم / .... " مدير إدارة الشئون المالية والإدارية بـ .... سابقاً " قام باستغلال وظيفته بأن دأب على التلاعب في حسابات .... ، والاختلاس ، والاستيلاء على أموالها بطرق احتيالية ، والتزوير في مستنداتها ، كما اعتاد الحصول على منافع مادية وعينية من المقاولين والموردين المتعاملين مع جهة عمله ، وأقام علاقات مشبوهة معهم ، مما أدى إلى تضخم عناصر ذمته المالية بطريقة غير مشروعة ، وبصورة لا تتناسب مع مصادر دخله ، وأنه لم يكن يمتلك شيئاً قبل التحاقه بالعمل الوظيفي ، وأن سمعته ليست فوق مستوى الشبهات ، وسبق اتهامه في عدة قضايا منها القضية رقم .... حصر تحقيق أموال عامة عليا ، والدعوى رقم .... بالمحكمة التأديبية العليا ، وأن من ممتلكاته : 1- شقة رقم .... الدور ... بالعقار ... شارع .... مساحتها .... م2 ، 2- منزل من طابقين بــــ ... زمام .... مركز .... محافظة .... مساحتها .... م ، 3- سيارة .... موديل ..... فضي اللون رقم .... ملاكي .... ، 4- سيارة .... موديل .... كحلي اللون رقم .... ملاكي .... ، 5- حساب رقم .... بنك .... فرع .... ، 6- حساب رقم .... البنك .... فرع .... ، وبتفتيش مسكن المتهم بناء على الإذن الصادر بذلك عثر على كشف حساب من بنك .... فرع .... وآخر من البنك .... فرع .... ، ورخصة سيارة برقم .... ملاكي .... ، كما عثر بـشقته بـ .... على إخطار سداد بشركة .... "استغلال غاز" ، وأن دخله من عمله الوظيفي منذ تعيينه في عام .... حتى تاريخ ضبطه مبلغ .... جنيه ، وليس له أية عائد سوى عمله الوظيفي ، وأضاف أن تحرياته أكدت فضلاً عن استغلال المتهم لأعمال وظيفته على نحو ما تقدم عدم تناسب مصادر دخله مع ممتلكاته التي أسفرت عنها التحريات .

   وشهد .... (رئيس قسم الخبراء بإدارة الكسب غير المشروع) بتكليفه من إدارة الكسب غير المشروع بتشكيل لجنة برئاسته وعضوية كل من :- .... ، و.... ، و.... ، و.... لفحص ممتلكات المتهم ، وانتهت اللجنة إلى نتيجة مؤداها أنه بفحص عناصر الذمة المالية للمتهم منذ تعيينه في عام .... وحتى عام .... تاريــخ ضبطه تبين وجود مصروفات غير معلومة المصدر قدرها (....) .... جنيهاً و.... قرشاً .

    وشهدت / .... (مدير عام الشئون القانونية بالهيئة العامة للـــ ...) أنها أبلغت من هيئة الرقابة الإدارية بقيام المتهم بإضافة شيكات مستحقة لأحد الموردين يدعى .... لحسابه الخاص ، وقام بتحصيلها لنفسه ، وقامت بإبلاغ النيابة العامة عن تلك الواقعة ، وتم قيدها بدفاترها ، وأضافت بأن وظيفة المتهم تتيح له استغلال سلطات وظيفته من أجل تحقيق كسب غير مشروع ، وأنها سبق لها التحقيق معه لارتكابه مخالفات إدارية ، ومجازاته بالإضافة إلى أنه أحيل للنيابة الإدارية ، وتمت إحالة للمحاكمة التأديبية لقيامه بالتلاعب في مستندات الصرف الخاصة بعملية إنشاء وتطوير .... .

    وجاءت ملاحظات هيئة الفحص والتحقيق مقتبسة من أقوال ضابط الواقعة وتحرياته وما قال به أعضاء لجنة الفحص ، والشاهدة الأخيرة ولا تعدو أن تكون ترديداً لشهاداتهم آنفة البيان ، اللهم إلَّا ما نقلته عما جاء بإقرارات الذمة المالية للمتهم وزوجته وأولاده ، والتي أفادت بعدم وجود ممتلكات لهم حتى عام .... .

        وحيث إنه بسؤال المتهم بالتحقيقات أنكر ما أسند إليه من اتهام ، واعتصم بذلك طوال جلسات محاكمته أمام محكمتي الجنايات ، ولم يحضر أمام هذه المحكمة وحضر عنه وكيل .

    وحيث إن ممثل النيابة الحاضر بالجلسة صمم على طلب معاقبة المتهم طبقاً لمواد الاتهام .

     وحيث إن المحكمة تمهد لقضائها في هذا الاتهام بأن المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون ، مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة ، وهذا هو المعني الذي عناه الشارع وبينه سواء فيما أورده نصه أو فيما أفصح عنه في الأعمال التحضيرية استهدافاً للقضاء على الشره إلى المال ، وقلة الأمانة والإبقاء على سلامة أداة الحكم وسمعته ، وذلك بإحكام الرقابة على الموظفين ومن في حكمهم من ذوي الصفة النيابية العامة ، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 لا يعدو صورتين الأولى :- وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور ، وهي التي يثبت فيها في حق الموظف – ومن في حكمه أياً كان نوع وظيفته – استغلاله بالفعل لأعمال ، أو نفوذ ، أو ظروف وظيفته ، أو مركزه ، وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال ، والثانية :- وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ذاتها ، وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف أو من في حكمه ، ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها ، وفي هذه الحالة يتعيَّن أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير ، ويتعيَّن على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين ، وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف ، وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع ، وكان من المقرر – كذلك - أن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة . لما كان ما تقدم ، وكان البيِّن من مطالعة أوراق الدعوى ، وما تضمنته أقوال الشهود أنها قد خلت من دليل معتبر على أن المتهم قد حصل على ثروته نتيجة استغلاله لأعمال وظيفته ، أو أن تلك الوظيفة سواء وقت أن كان يعمل فنياً بالهيئة العامة لــــ .... أو صراف خزينة بــــ .... التابعة لذات الهيئة ، أو مديراً للشئون المالية والإدارية بــــ .... يتيح له نفوذها أو ظروفها أو مركزه فيها الحصول على ثروته محل الاتهام نتيجة استغلاله لها ، وكان ما ساقته سلطة الاتهام من قرائن أسمتها أدلة الاتهام لا ترقى إلى مستوى الدليل اليقيني على ثبوت استغلال المتهم لوظيفته والحصول من ورائها على كسب غير مشروع ، أو أنها من الوظائف التي تتيح له ذلك ، فيما خلا ما جاء بالتحريات على لسان مُجْرِيها في هذا الشأن ، والتي لا تطمئن إليها المحكمة لعدم قيام دليل تستند إليه ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، وما تضمنته أقوال الشاهدة / .... (مدير عام الشئون القانونية بالهيئة العامة للــــ .... ) من قرائن لا تصلح أن تكون دليلاً على اقتراف المتهم الواقعة المسندة إليه ، ذلك أنها بنيت على شفا جرف هار من الريب والافتراضات ، وجاءت مثلها كافة القرائن التي حوتها أوراق الدعوى في عبارات عامة مرسلة ، ودون أن تتضمن تحديد وقائع محددة كسب منها المتهم كسباً غير مشروع ، وبنيت على مجرد الاتهام في قضايا لم يثبت من الأوراق صدور أحكام فيها بالإدانة نهائية وباتة، وعلى الظن والاستنتاج ، وعلى عجز المتهم عن إثبات مصدر مشروع لثروته ، وهو الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد الاتهام للمتهم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية في النظام الاتهامي لا ترخص فيها - تفرضها حقائق الأشياء وتقتضيها الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتحامل - بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل جاد قاطع يبلغ مبلغ الجزم واليقين ولا يدع مجالاً لشبهة انتفاء التهمة أو الشك فيها ، ودون ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى ما أسمته سلطة الاتهام أدلة الثبوت واستندت إليها ، وترى فيها أنها مجرد قرائن تطرحها ولا تطمئن إليها وترى أنها لا تبلغ حد الكفاية لإدانة المتهم بجريمة الكسب غير المشروع ، ومن ثم يتعيَّن القضاء ببراءته مما أسند إليه ، عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تسبيب الأحكام الجنائية / الجنح - تقليد علامة تجارية / براءة - مثال من محكمة النقض

الطعن 11533 لسنة 82 ق جلسة 28 / 10 / 2015 مكتب فني 66 ق 110 ص 720

ومن حيث إن المعارضة الاستئنافية حازت كافة أوضاعها المقرر قانوناً فهي مقبولة شكلاً .

ومن حيث إن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة الجنائية بوصف أنه بتاريخ ../../.... بدائرة مركز .... بمحافظة .... عرض للبيع منتجات هي طفايات حريق إنتاج مصنع .... عليها علامات تجارية مزورة مع عمله بذلك ، وطلبت عقابه بالمواد 63 ، 64 ، 65 ، 74 ، 113 فقرة 1 بند 4 والفقرتين 3 ، 4 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن قانون حماية حقوق الملكية الفكرية .

ومن حيث إن هذه المحكمة أصدرت حكماً تمهيدياً بندب لجنة ثلاثية من خبراء إدارة العلامات التجارية بوزارة التموين والتجارة الداخلية لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوقه ، ونفاذاً لذلك باشرت اللجنة مأموريتها وأودعت تقريرها والذي أثبتت فيه أنه بالرجوع إلى قاعدة البيانات المُسجلة على الحاسب الآلي الخاص بإدارة العلامات التجارية تبين أن شركة .... للصناعات الهندسية مالكة العلامة المدعى بتقليدها قد قامت بتسجيل العلامة بتاريخ ../../.... ، وتم شطب العلامة بتاريخ ../../.... لعدم تجديدها ، وبتاريخ ../../.... قُدمت العلامة ذاتها للتسجيل من جديد ، وتم تسجليها بتاريخ ../../.... ثم انتهى إلى نتيجة مؤداها : " تبين للجنة أن هناك اختلافاً في الشكل العام بيّن العلامة المُسجلة والعلامة الثابتة على الحرز المضبوط ، وأن التشابه ينحصر في رقم " 99 " وبالنظر إلى وجود اسم الشركة مالكة العلامة أعلى طفايتي الحريق ، فقد اتفق رأى اللجنة إلى وجود تشابه من شأنه إحداث الخلط واللبس نظراً للتشابه بين رقم " 99 " في العلامة الأصلية مع رقم " 99 " ووجود اسم الشركة مالكة العلامة الأصلية على المنتج المدعى بتقليده " .

ومن حيث إن القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن إصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية قد عرف العلامة التجارية في المادة 63 منه ، ونص في المادة 65 على أن : " يعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكاً لها متى اقترن ذلك باستعمالها خلال الخمس سنوات التالية للتسجيل ، ثم نظم في المادة 73 وما بعدها إجراءات تسجيل العلامة التجارية ، وأفرد المادة 113 منه لبيان العقوبة التي يتعين تطبيقها على من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك . لما كان ذلك ، فإن الشارع يكون قد أفصح عن مراده بأن مناط الحماية التي أسبغها على ملكية العلامة التجارية بتأثيم تزويرها أو تقليدها أو استعمالها من غير مالكها هو بتسجيلها ، والذي يعتبر ركناً من أركان جريمة تزويرها أو تقليدها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من تقرير اللجنة الثلاثية أن الشركة مالكة العلامة الأصلية قد قامت بتسجيلها في غضون عام .... ، ثم تم شطبها لعدم قيام الشركة بالتجديد إعمالاً لنص المادتين 90 ، 92 من القانون رقم 82 لسنة 2002 سالف الإشارة بتاريخ ../../.... ، ثم قامت بتاريخ ../../.... بتقديم العلامة ذاتها للتسجيل من جديد ، وسجلت بتاريخ ../../.... ، مما مفاده أن العلامة التجارية موضوع الدعوى لم تكن وقت حدوث الواقعة في ../../.... مسجلة من قبل الشركة المالكة لها ، والذي هو مناط الحماية الجنائية للعلامة التجارية ، ذلك أن وسيلة حماية العلامة التجارية من استخدام الغير لها هي بتسجيلها ، وعليه فإن قيام المتهم باستخدام العلامة موضوع الدعوى ، وأياً ما كان الرأي في سوء أو حسن نيته في تاريخ ضبطه لا يكون مؤثماً ، لعدم قيام الشركة المالكة لها بتسجيلها في تلك الفترة ، ومن ثم يكون الحكم المستأنف إذ قضى بإدانة المتهم عن التهمة المسندة إليه قد جانبه الصواب ، ويتعين إلغاؤه والقضاء ببراءة المتهم من تلك التهمة عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المناطق الحرة

free zones
- zones franches

ليس ثمة تعريف موحد لها، كما يلاحظ بالنسبة إلى التشريعات والنظم المختلفة التي تنظم أسلوب العمل بالمناطق الحرة في العالم أنها لم تضع تعريفاً محدداً للمنطقة الحرة، وإنما وضعت تحديداً لحدود المنطقة أو للإجراءات والتنظيمات الجمركية التي يخضع لها نظام العمل بداخل المنطقة؛ أو تعييناً لمجالات الأنشطة التي من الممكن ممارستها داخل حدود تلك المناطق.

وتعرّف المنطقة الحرة عموماً بأنها جزء من أراضي الدولة تدخل ضمن حدودها سياسياً وتخضع لسلطتها إدارياً، ويتم التعامل فيها بصورة خاصة من النواحي الجمركية والاستيرادية والنقدية والضريبية وغيرها من المعاملات التجارية التي تتعلق بحركة البضائع دخولاً وخروجاً بحيث لا تنطبق على هذه المعاملات تلك الإجراءات العادية المعمول بها داخل الدولة؛ بهدف السماح بقدر أكبر من المعاملات والمبادلات التي من شأنها جذب الاستثمارات إليها وزيادة التبادل التجاري.




المناطق الحرة تطورت عبر الزمن من حيث:

> نوعية النشاط والغرض: فبعد أن كانت مجرد مناطق تُمنح فيها المشروعات التجارية بعض الامتيازات بغرض تنشيط التجارة العابرة؛ أصبحت مناطق تمارس فيها عمليات مختلفة من التخزين والتصنيع البسيط إلى التصنيع الثقيل فضلاً عن أنشطة الخدمات، وكذلك من الإنشاء بغرض خدمة المصالح الأجنبية للدول الاستعمارية، إضافة إلى كونها أداة من أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية.

> الموقع: فبعد أن كانت تتخذ مواقعها بالقرب من الموانئ البحرية أصبحت تتخذ مواقعها بالقرب من الموانئ الجوية أو داخل البلاد لتعمير المناطق النائية وتنميتها.

> المساحة: فبعد أن كانت تقام على مساحة محدودة أصبحت تقام على مساحات شاسعة، بل أصبحت تشمل مدناً أو موانئ بأكملها.


وتتسم المناطق الحرة بهذا المعنى بالخصائص التالية:

1ـ العزل: بمعنى أن المنطقة الحرة محصورة عن بقية إقليم الدولة المضيفة لها، وفي حالة الضرورة يمكن وضع عازل غير ممكن اقتحامه، كما لا يمكن لأي شخص طبيعي أن يأتي للإقامة فيها باستثناء الأيدي العاملة.

2ـ الخروج عن الإقليم الجمركي: إن المنطقة الحرة توجد خارج الإقليم الجمركي للدولة المضيفة لها، بمعنى أن العمليات بداخلها لا تخضع للتشريعات والأنظمة الجمركية والقانونية والقيود المطبقة بالنسبة إلى الأنشطة ذاتها داخل الإقليم الجمركي.

3ـ التعطيل الضريبي: إذ إن الميزة الأساسية للمناطق الحرة تكمن في نظامها الضريبي الذي يخضع له المتعاملون ومن خلال مختلف العمليات التي تجري داخل المناطق الحرة، ذلك أن المنطقة الحرة لا يمكن تحديدها كما هي؛ إلا إذا مُنحت أنظمة تشريعية مشجعة وخاصة من الناحية الضريبية مقارنة بالمحيط الاقتصادي الذي تعمل من حوله.

4ـ العالمية: فالمناطق الحرة مفتوحة على كل المتعاملين الذين يرغبون في الاستثمار فيها من دون أي تفرقة بالنظر إلى الجنسية الأصلية لرؤوس الأموال المستثمرة.

5ـ المساواة: إن كل المتعاملين في المنطقة الحرة يعاملون على قدم المساواة، ذلك أن الامتيازات تُمنح للجميع، فليس هناك أي تمييز تفضيلي في المعاملة داخل المنطقة نفسها.

6ـ تيسير الإجراءات الإدارية: فالمناطق الحرة تتميز بانسحاب ملحوظ للإدارات، فالإجراءات الإدارية داخل المنطقة تتميز بالسرعة والمرونة والبساطة.