الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 أبريل 2024

الطعن 272 لسنة 43 ق جلسة 11/ 1/ 1979 مكتب فني 30 ج 1 ق 47 ص 195

جلسة 11 من يناير سنة 1979

برياسة السيد المستشار عبد العال السيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، الدكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فودة وعبد الحميد المنفلوطي.

---------------

(47)
الطعن رقم 272 لسنة 43 القضائية

استئناف. حكم. تعويض. مسئولية.
الحكم ابتدائياً بإلزام المتبوع متضامنين بتعويض المضرور. استئناف المتبوع وحده. القضاء بإلزامه بتعويض أقل مما قضى به ابتدائياً. لا يتضمن إساءة للمتبوع باستئنافه. علة ذلك.

----------------
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب على محكمة الاستئناف عند الحكم بإلغاء حكم مستأنف أن تذكر الأسباب التي من أجلها قضت بإلغائه، أما في حالة الحكم بتعديله فلا ينصب هذا الوجوب إلا على الجزء الذي شمله التعديل فقط. ويعتبر الجزء الذي لم يشمله التعديل كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة بالنسبة له، وإذ كان الحكم الابتدائي قد قضى على الطاعن والمطعون عليه الثالث متضامنين بتعويض قدره عشرة آلاف جنيه على أساس أن الأول مسئول عن الضرر الذي أحدثه الثاني (تابعه) بعمله غير المشروع أثناء وبسبب وظيفته لديه، وعندما استأنف الطاعن ذلك الحكم قضى الحكم المطعون فيه في موضوع الاستئناف بإلزام المستأنف بصفته بأن يدفع للمستأنف عليهما مناصفة مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، فإن مفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه عدل حكم محكمة أول درجة في شأن مقدار التعويض فقط فيعتبر حكم محكمة أول درجة فيما عدا ذلك محكوم بتأييده، وتبقى أسبابه قائمة في هذا الخصوص، ومن بينها إقامته قضاءه على الطاعن بالتعويض باعتباره مسئولاً عن أعمال تابعه المطعون عليه الثالث غير المشروعة تطبيقاً للمادة 174 من القانون المدني، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن في استئنافه بمبلغ ستة آلاف جنيه. وهو يقل عما قضى به عليه الحكم الابتدائي المستأنف، فإنه لا يكون قد أساء إليه باستئنافه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، تتحصل في أن المطعون عليهما الأولين أقاما الدعوى رقم 2247 لسنة 1969 مدني كلي القاهرة، على الطاعن (السيد وزير الحربية بصفته) والمطعون عليه الثالث للحكم عليهما متضامنين بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه، تعويضاً لهما (أي للمدعين) عن الأضرار التي لحقت بها من جزاء وفاة المرحوم ....، ابنهما وشقيق القصر المشمولين بولاية أولهما، وما لحق القاصر.... بسبب إصابتها وذلك بخطأ المطعون عليه الثالث أثناء وبسبب عمله لدى متبوعته وزارة الحربية. وبتاريخ 9/ 5/ 1971 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما (الطاعن والمطعون عليه الثالث) بالتضامن بأن يدفعا للمدعي الأول عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر وللمدعية الثانية مبلغ عشرة آلاف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه، وقيد الاستئناف برقم 2928 سنة 88 ق. وبتاريخ 22/ 5/ 1972 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف بإلزام المستأنف بصفته (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف عليهما (المطعون عليهما الأولين) مناصفة مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وللمستأنف عليه الأول بصفته مبلغ ثلاثة آلاف جنيه طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى أمام محكمة أول درجة أقيمت عليه وعلى تابعه المطعون عليه الثالث، باعتباره ضامناً وكفيلاً لهذا الأخير، وقد صدر الحكم الابتدائي عليهما متضامنين بتعويض قدرة عشرة آلاف جنيه على هذا الأساس، بما مقتضاه وتطبيقاً للمادة 175 من القانون المدني، أنه يستطيع الرجوع على تابعه المذكور بما قد ينفذ به ضده المحكوم لهما، وأنه استأنف الحكم الابتدائي بذات الصفة التي قضى عليه بها أي باعتباره كفيلاً، غير أن الحكم المطعون فيه قضى عليه وحده بمبلغ ستة آلاف جنيه واعتبره بذلك مديناً أصلياً أو مسئولاً مسئولية ذاتية فيكون قد أساء إليه باستئنافه وفي هذا مخالفة للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب على محكمة الاستئناف عند الحكم بإلغاء حكم مستأنف أن تذكر الأسباب التي من أجلها قضت بإلغائه، أما في حالة الحكم بتعديله فلا ينصب هذا الوجوب إلا على الجزء الذي شمله التعديل فقط، ويعتبر الجزء الذي لم يشمله التعديل كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة بالنسبة له، وكان الحكم الابتدائي قد قضى على الطاعن والمطعون عليه الثالث متضامنين بتعويض قدره عشرة آلاف جنيه، على أساس أن الأول مسئول عن الضرر الذي أحدثه الثاني "تابعه" بعمله غير المشروع أثناء وبسبب وظيفته لديه، وعندما استأنف الطاعن ذلك الحكم قضى الحكم المطعون فيه في موضوع الاستئناف بإلزام المستأنف بصفته بأن يدفع للمستأنف عليهما مناصفة مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمستأنف عليه الأول ثلاثة آلاف جنيه، وأورد ضمن أسبابه "وحيث أنه وإن كان النزاع ينحصر في تقدير التعويض الجابر لجميع أنواع الضرر التي لحقت المستأنف عليهم من الوفاة والإصابة فإن هذه المحكمة استهداء بظروف وملابسات الواقعة ترى أن التعويض الجابر لكل الأضرار الناجمة عن وفاة .... هو 3000 ج أن التعويض بالنسبة للقاصر.... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف على هدى ذلك؛ مما مفاده أن الحكم المطعون فيه عدل حكم محكمة أول درجة في شأن مقدار التعويض فقط فيعتبر حكم محكمة أول درجة فيما عدا ذلك محكوم بتأييده، وتبقى أسبابه قائمة في هذا الخصوص، ومن بينها إقامته قضاءه على الطاعن بالتعويض باعتباره مسئولاً عن أعمال تابعة المطعون عليه الثالث غير المشروعة تطبيقاً للمادة 174 من القانون المدني وإذ كان هذا، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن في استئنافه بمبلغ ستة آلاف جنيه، وهو مبلغ يقل عما قضى به عليه الحكم الابتدائي المستأنف، فإنه لا يكون قد أساء إليه باستئنافه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 75 لسنة 46 ق جلسة 29 / 10 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 339 ص 10

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ دكتور سعيد عبد الماجد؛ عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.

----------------

(339)
الطعن رقم 75 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. إفلاس.
دعوى الإفلاس. تقدير مدى جدية المنازعة في الدين وحالة الوقوف عن الدفع. هو مما تستقل به محكمة الموضوع.
(2) إثبات "العدول عن إجراء الإثبات".
عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات لوجود أوراق في الدعوى كافية لتكوين عقيدتها. عدم بيانها صراحة أسباب العدول. لا خطأ. علة ذلك.

-----------------
1 - تقدير مدى جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وحالة الوقوف عن الدفع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من المسائل التي يترك الفصل فيها لمحكمة الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله.
2 - مؤدى نص المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1971 أن حكم الإثبات لا يجوز قوة الأمر المقضي طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما حدث في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فى موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، والمشرع وأن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ نتيجة إجراء الإثبات - الذى تنفذ - في أسباب الحكم، إلا أنه لم يرتب جزاءً معيناً على مخالفة ذلك، فجاء النص في هذا الشأن تنظيمي، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون حاجة إلى تنفيذ حكم الاستجواب، وكان هذا منها عدولاً ضمنياً عن تنفيذه، فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة في محضر الجلسة أو فى مدوناته عن أسباب هذا العدول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 40 لسنة 1972 إفلاس الإسكندرية على الطاعن طالباً الحكم بإشهار إفلاسه لتوقفه عن سداد ديونه التجارية البالغ مجموعها 11253 ج و451 م مثبت بعضها في سبع سندات اذنية مؤرخة في 17/ 12/ 1971 وفى قيمة كل منها 1500 ج استحق سدادها خلال شهري يناير وفبراير سنة 1972 وفى سندين آخرين مستحقي السداد في 10، 15/ 3/ 1972 قيمتها 199 ج و600 م مظهرين له من الطاعن والباقي وقدره 545 ج و751 م قيمة رصيد مفتوح مدين. وبتاريخ 27/ 1/ 1973 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 لسنة 39 ق تجارى، وبتاريخ 28/ 2/ 1974 قضت محكمة استئناف الإسكندرية باستجواب الخصوم فى بعض نقاط أوضحتها بهذا الحكم، ثم قضت بتاريخ 25/ 11/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس المستأنف ضده (الطاعن). طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بإشهار إفلاس الطاعن على أنه توقف عن دفع ديون غير متنازع عليها استحق سدادها للمطعون ضده 11186 ج و75 م، في حين أنه ثابت بالأوراق أنه نازع أمام محكمة أول درجة في تلك الديون منازعة جدية فأنكر مديونيته برصيد الحساب المفتوح وقدم سند شحن خاص ببضائع مرتجعة إلى المطعون ضده قيمتها 7987 ج و851 م وأكد استحقاقه لفروق أسعار قدرها 2791 ج و425 م وأوضح أن تظهير السندين الصادرين من....... يعتبر تظهيراً توكيلياً لتخلف بعض البيانات الشكلية الواجب توافرها فى التظهير الناقل للملكية، كما نعى على السند الإذني البالغ قيمته 500 ج والمقدم أمام محكمة الاستئناف بأنه وقع على بياض تحت سيطرة المطعون ضده وهو تاجر كبير، وأنه لا وجه للاحتجاج بما ورد من إجابته على محاضر عدم الدفع المحررة عن خمس سندات إذنية فقط بأن سيدفع مستقبلاً فإن تاريخ هذه الإجابة سابق على إعادة البضائع. ولما كان يشترط في التوقف عن الدفع الذى يبيح إشهار الإفلاس أن يكون نتيجة عجز عن الدفع أو مماطلة لا نتيجة نزاع جدى في الدين فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإشهار إفلاسه (الطاعن) رغم منازعته جدياً في ديون المطعون ضده فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي فى غير محله ذلك أن تقدير مدى جدية المنازعة فى الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وحالة الوقوف عن الدفع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من المسائل التى يترك الفصل فيها لمحكمة الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمنازعة الطاعن في دين المطعون ضده واضطراب مركزه المالي بقوله".. .. إن المستأنف ضده بصفته (الطاعن) مدين للمستأنف (المطعون ضده) بمبلغ 10500 ج قيمة سبع سندات إذنية كل منها بمبلغ 1500 ج المقدم بشأنها طلب الحكم بشهر الإفلاس والمستحقة السداد في 31/ 1 و5/ 2 و10/ 2 و15/ 2 و20/ 2 و25/ 2 و29/ 2/ 1972 وكذا مبلغ 186 ج و75 م قيمة السندين المحولين منه لصالح المستأنف ضده ........ الأول بمبلغ 68 ج و470 م والثاني بمبلغ 115 ج و800 م والمستحقين السداد في 10/ 3، 25/ 3/ 1972 بالإضافة إلى مصاريف بروتستات عدم الدفع المحررة من المستأنف عليه بموجب هذه المستندات، ومن جهة أخرى فإن السند المؤرخ 19/ 3/ 1972 والمستحق السداد في 30/ 4/ 1972 وهو أحد السندين الصادر بهما أمر الأداء رقم 91 سنة 72 تجارى كلى إسكندرية قد استحق قبل تقديم عريضة هذه الدعوى في 10/ 5/ 1972 أي أن جملة الديون المستحقة للمستأنف قبل المستأنف عليه والسابقة على رفع الدعوى بلغت 10500ج + 186ج 75 م + 500 ج = 11861 ج و75 م بخلاف المصاريف، ولم يقدم المستأنف عليه ثمنه ما يفيد الوفاء بهذه الديون. أما عن كشوف البضاعة المرتجعة المقابل بها فإنها لا تحمل أي دليل يفيد استلام المستأنف لها أو قبوله استرداده، ولا تفيد ذلك بوليصة الشحن المقدمة من المستأنف عليه إذ أنها لا تعدو أوراقاً محررة بين المستأنف عليه والشركة الناقلة وليس أدل على ذلك من أن المستأنف حلف اليمين الحاسمة التي وجهها إليه المستأنف عليه أثناء نظر الدعوى رقم 2161 سنة 72 تجارى كلى إسكندرية بأنه لم يتسلم بضاعة مرتجعة من المستأنف عليه تزيد قيمتها على الألف جنيه وهى ذات البضاعة المقال بإرجاعها من المستأنف عليه للمستأنف فى الدعوى الماثلة فضلاً عن ذلك فقد أجاب المستأنف عليه على بروتستات عدم الدفع جميعها بأنه سيدفع فيما بعد وبعضها معلن إليه فى تاريخ لاحق للتاريخ المقال بإرجاع البضاعة فيه وهو 23/ 2/ 1972 وهذه الإجابة يستفاد منها انشغال ذمة المستأنف عليه بالمبالغ المبينة بتلك المستندات ولو أنه قام برد بضاعة إلى المستأنف لما تردد فى إبداء ذلك أمام المحضر عند إعلانه هذه البروتستات وتقديم ما فيه استلام المستأنف للبضاعة المرتجعة، ولكنه لم يفعل الأمر الذى تستبين منه المحكمة عدم جدية منازعته في هذا الصدد وليس أدل على أن المستأنف عليه قد أصبح فى مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمانه مما يعرض حقوق دائنيه للخطر مما ثبت من محضر الحجز التنفيذي الموقع ضده بتاريخ 27/ 3/ 1975 تنفيذاً لأمر الأداء رقم 91 لسنة 72 تجارى كلى إسكندرية من أنه تصرف بالبيع في محله التجاري لمن يدعى ..... بموجب عقد بيع ثابت التاريخ فى 20/ 3/ 1975 يضاف إلى ما تقدم أن المستأنف عليه لم يقدم ثمة دليل على وجود اتفاق بينه وبين المستأنف يترتب عليه استحقاقه لفروق أسعار بأكثر مما احتسبه له المستأنف ومن ثم تلتفت المحكمة عما قرره المستأنف عليه في هذا الخصوص...." وكان هذا الذى أورده الحكم المطعون فيه يكفى لحمل قضائه فيما انتهى إليه من عدم جدية المنازعة في دين المطعون ضده، ووقوع الطاعن في مركز مالي مضطرب وضائقة مالية مستحكمة يتزعزع معها ائتمانه مما يعرض حقوق دائنيه للخطر فإن النعي بهذا السبب على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الاستئناف قضت بجلسة 28/ 2/ 1974 باستجواب الخصوم فى بعض نقاط الدعوى وأنه حضر الجلسات التي تأجلت الدعوى بيد أن المطعون ضده تخلف عن حضورها فأصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه دون أن تنفذ حكم الاستجواب ودون بيان سبب عدولها عن تنفيذه كما تقضى بذلك المادة التاسعة من قانون الإثبات هذا فضلاً عن إغفال الحكم للدلالة المستفادة من تعمد المطعون ضده التخلف عن حضور جلسات الاستجواب وهى فساد ادعاءاته، فجاء الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن النص فى المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك فى حكمها"، يدل على أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عن عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه والمشرع وأن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذى تنفذ فى أسباب الحكم، إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك، فجاء النص فى هذا الشأن تنظيمي، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وجدت في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون حاجة إلى تنفيذ حكم الاستجواب، وكان هذا منها عدولاً ضمنياً عن تنفيذه فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة في محضر الجلسة أو في مدوناته عن أسباب هذا العدول، لما كان ذلك وكان تقدير القرائن أمر تستقل به محكمة الموضوع ولم تر محكمة الاستئناف في تخلف المطعون ضده ما يدل على فساد ادعاءاته فإن النعي على الحكم المطعون فيه إغفال هذه القرينة وعدم الأخذ بها يعتبر مجادلة موضوعية في سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الدليل ينحسر عنها رقابة محكمة النقض ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 880 لسنة 46 ق جلسة 15 / 11 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 344 ص 37

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين/ محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.

---------------

(344)
الطعن رقم 880 لسنة 46 القضائية

(1) إثبات "الاستجواب". دعوى.
استجواب الخصوم؛ ماهيته. عدم اعتباره وسيلة للتحقق من صحة الادعاء بوفاة أحد الخصوم.
(2) بيع "صحة ونفاذ عقد البيع". ملكية.
دعوى المشتري بصحة ونفاذ عقد البيع. ماهيتها. إجابة المشتري إلى طلبه. شرطه. أن يكون انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين.

---------------
1 - استجواب الخصوم طريق من طرق تحقيق الدعوى شرع لاستجلاء بعض عناصر ووقائع المنازعة المرددة في الخصومة توصلاً إلى معرفة وجه الحق فيها وليس وسيلة للتحقق من صحة الادعاء بوفاة أحد الخصوم، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله، فإنه لا يترتب على تلك المحكمة إن هي أعرضت عن طلب استجواب الخصوم المتدخلين بغية التحقق من أمر وفاتهم، وإذ كانت الطاعنتان لم تطرحا على المحكمة دليلا يؤيد القول بأن هؤلاء الخصوم قد توقفوا قبل انعقاد الخصومة فلا على الحكم المطعون فيه من أن التفت عن هذا الدفاع العاري من الدليل.
2 - دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى استحقاق مآلا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فيتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 794 لسنة 1963 مدنى كلى الجيزة اختصمتا فيها مورث المطعون ضدهما الأولين بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في أول مارس سنة 1962 والمتضمن بيع هذا المورث لهما أرضاً زراعية مساحتها ثلاثة وعشرون فداناً لقاء ثمن مقداره ثلاثة وعشرون ألف جنيه وإلزامه تسليمهما الأرض المبيعة - وأثناء سير الخصومة أمام محكمة أول درجة مثل وكيل عن باقي المطعون ضدهم طالباً قبول تدخلهم في الدعوى ليقضى برفضها استناداً إلى أنهم يمتلكون أرض النزاع وأن بيعا لم يصدر من مورثهم إلى البائع للطاعنتين سواء بعقد عرفي أو عقد مسجل, وأنهم سبق أن أبلغوا النيابة العامة ضده وزوجي الطاعنتين لتزويرهم عقداً مؤرخا في 12/ 11/ 1923 نسب صدوره إلى مورثهم وقد ثبت تزويره في تحقيقات الجناية التي أجريت عن هذه الواقعة وبتاريخ 25 من يونيو سنة 1964 قضت المحكمة بقبول التدخل وبرفض الدعوى. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالبتين إلغاءه والقضاء لهما بطلباتهما وقيد استئنافهما برقم 589 لسنة 81 ق وبتاريخ 3 من نوفمبر سنة 1968 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً, ثم بتاريخ 8 من يونيو سنة 1976 قضت في الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى عدم قبول الدعوى. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة, تنعى الطاعنتان بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق, وتقولان في بيان ذلك أن دفاعهما أمام محكمة الاستئناف ارتكز على المنازعة في صحة التوكيلات الصادرة إلى وكيل المتدخلين وكذلك الأوراق المقدمة منه والمنسوبة إلى سلطات الدولة الأجنبية التي ينتمي إلى جنسيتها هؤلاء المتدخلين وذلك بما تحقق لديهما من أن أياً منهم لم يكن على قيد الحياة منذ بدء التدخل أمام محكمة الدرجة الأولى وطلبتا من المحكمة على النحو الثابت بمحضر الجلسة والدفاع المكتوب الأمر بإحضار أولئك الخصوم المتدخلين واستجوابهم للتحقق من أمر وفاتهم وإذ كان الحكم قد التفت عن طلب الاستجواب ولم يعن بتحقيق وتمحيص دفاعهما مجتزئا في الرد عليه قوله أن الطاعنتين لم تطعنا على التوكيلين الذين حضر بمقتضاها محامى المتدخلين بسبب وفاتهم فإنه يكون بالإضافة إلى إخلاله بحق الدفاع وقصوره فى التسبيب معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه لما كان استجواب الخصوم طريقاً من طرق تحقيق الدعوى شرع لاستجلاء بعض عناصر ووقائع المنازعة المرددة في الخصومة توصلاً إلى معرفة وجه الحق فيها وليس وسيلة للتحقق من صحة الادعاء بوفاة أحد الخصوم، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله، فإنه لا يترتب على تلك المحكمة إن هي أعرضت عن طلب استجواب الخصوم المتدخلين بغية التحقق من أمر وفاتهم، وإذ كانت الطاعنتان لم تطرحا على المحكمة دليلاً يؤيد القول بأن هؤلاء الخصوم قد توقفوا قبل انعقاد الخصومة فلا على الحكم المطعون فيه من أن التفت عن هذا الدفاع العاري من الدليل, ومن ثم يكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ عرض في قضائه لبحث ملكية البائع لهما وقضى بعدم قبول الدعوى لعدم توافر دليل ثبوت هذه الملكية فى حين أن هذا البائع قد أقر بصدور البيع منه فكان متعيناً على المحكمة أن تقضى بصحة ونفاذ العقد باعتباره عقداً صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية بين عاقدين ولا يؤثر هذا القضاء في ادعاء الخصوم المتدخلين الذين لا يحاجون بهذا العقد ويكون لهم حق الاعتراض على الحكم أن نفذ على ما يدعون من العقار المبيع أنه ملك لهم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى استحقاق مآلا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فيتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذى يصدر في الدعوى ممكنين, لما كان ذلك فإن الحكم إذ التزم في قضائه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 222 لسنة 46 ق جلسة 24 / 11 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 348 ص 53

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور إبراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.

---------------

(348)
الطعن رقم 222 لسنة 46 القضائية

(1) تزور. نقض "السبب الجديد".
الادعاء أمام محكمة النقض لأول مرة بتزوير العقد السابق تقديمه لمحكمة الموضوع. غير مقبول، علة ذلك.
(2 ، 3) نقض. "السبب المفتقر للدليل". نظام عام.
(2) التزام الطاعن بتقديم الدليل على ما يتمسك به من أوجه الطعن فى المواعيد المحددة قانونا.
(3) تمسك الطاعن بأسباب جديدة لم يوردها بصحيفة الطعن بالنقض. شرطه. أن تكون متعلقة بالنظام العام ولا يخالطها واقع.
(4) دعوى. "وقف الدعوى". حكم.
وقف الدعوى المدنية حتى يفصل في الدعوى الجنائية. شرطه. عدم التزام المحكمة بوقف الدعوى متى استندت في قضائها لأسباب لا تتعلق بالواقعة الجنائية.

------------------
1 - الطعن بطريق النقض لا ينقل الدعوى إلى محكمة النقض بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المطعون فيه ويطرح عليها الخصومة بكامل عناصرها كما هو الشأن في الاستئناف وإنما يقتصر ما يطرح على هذه المحكمة على المواضع التي ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه وفي حدود الأسباب التي يوردها في صحيفة طعنه وفي نطاق ما يجيز القانون إثارته أمام محكمة النقض من ذلك، مما يتأتى معه القول بعدم جواز التمسك أمامها بوجه من أوجه الدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام بشروطه، لما كان ذلك وكان ما أورده الطاعن في تقرير الادعاء بالتزوير أمام محكمة النقض لا يعدو جدلاً موضوعياً في صحة دليل سبق تقديمه في الدعوى وغير متعلق بالنظام العام. فإنه يكون غير مقبول.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكوا به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون - وإذ لم يقدم الطاعن صورة رسمية من محضر جلسة التحقيق - كما لم يقدم ما يثبت تمسكه أمام محكمة الاستئناف بما يثيره حول صحة إعلانه بحكم الإثبات حتى تستطيع هذه المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم فإن نعيه يصبح عارياً عن دليله.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للتمسك أمامها بأسباب لم يوردها الطاعن في صحيفة طعنه أن تكون متعلقة بالنظام العام وألا يخالطها واقع مما يجب طرحه على محكمة الموضوع.
4 - مناط وقف الدعوى المدنية انتظاراً للفصل في الدعوى الجنائية هو أن تكون الدعوى الجنائية لازمة للفصل في الحق المدعى به فإذا قام لدى المحكمة من الأسباب الأخرى ما يفي للفصل في الدعوى دون توقف على مسألة جنائية فلا عليها إن هي فصلت في الدعوى دون التفات إلى الواقعة الجنائية ومن ثم لا تكون محكمة الموضوع بقضائها في الدعوى قد خالفت قاعدة من قواعد النظام العام عملاً بالمادة 253/ 3 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 690 سنة 1974 مدني كلي الجيزة ضد الطاعن والمطعون عليها الثانية بطلب الحكم بإخلائهما من الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وقال في بيان ذلك أن الطاعن استأجر منه تلك الشقة بعقد إيجار مؤرخ 21/ 12/ 1962 وعلى الرغم من نص العقد على حظر تنازله عنها فقد نزل عنها إلى مطلقته المطعون ضدها الثانية ومن ثم أقام عليهما دعواه بالإخلاء إعمالاً لحكم المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن إيجار الأماكن. حكمت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1434 سنة 92 ق القاهرة. أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق وليقدم المطعون عليه الأول صورة من إقرار التنازل عن الشقة ولتقدم المطعون عليها الثانية أصل إشهاد طلاقها من الطاعن وأصل وثيقة زواجها من آخر. وبتاريخ 23/ 2/ 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن والمطعون عليها الثانية من عين النزاع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وادعى فى 8/ 4/ 1976 بتزوير عقد إيجار الشقة محل النزاع والمقدم من المطعون عليه الأول وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الادعاء بالتزوير وبرفض الطعن. وبجلسة 9/ 6/ 1979 قدم الطاعن مذكرة ضمنها ثلاثة أسباب جديدة بالإضافة إلى أسباب طعنه وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية برأيها انتهت فيها إلى عدم قبول هذه الأسباب لعدم تعلقها بالنظام العام.
وحيث إنه بالنسبة للادعاء بالتزوير الذى قرر به الطاعن في قلم كتاب هذه المحكمة في 8/ 4/ 1976 على عقد إيجار شقة النزاع بمقولة أن العقد مصطنع بكامله وأن التوقيع المنسوب إلى الطاعن مزور عليه وأن كلمة (أولاده) التى كانت واردة فى العقد الصحيح قد محيت - فإنه لما كان الطعن بطريق النقض لا ينقل الدعوى إلى محكمة النقض بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المطعون فيه ويطرح عليها الخصومة بكامل عناصرها كما هو الشأن فى الاستئناف وإنما يقتصر ما يطرح على هذه المحكمة على المواضع التي ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه وفى حدود الأسباب التي يوردها في صحيفة طعنه وفى نطاق ما يجيز القانون إثارته أمام محكمة النقض من ذلك، مما يتأتى معه القول بعدم جواز التمسك أمامها بوجه من أوجه الدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام بشروطه، لما كان ذلك وكان ما أورده الطاعن في تقرير الادعاء بالتزوير لا يعدو جدلاً موضوعياً في صحة دليل سبق تقديمه في الدعوى وغير متعلق بالنظام العام فإنه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن أقام طعنه على ثلاثة أسباب ينعى بأولها على الحكم المطعون فيه بطلاناً في الإجراءات أثر في الحكم، وقال في بيان ذلك أن محاضر جلسات محكمة الاستئناف جاءت خلواً من أية إشارة إلى أسباب عدول المحكمة عن تنفيذ حكم التحقيق الذى أصدرته مع تعلق حقه بهذا الحكم وحضوره بجلسة 17/ 11/ 1975 المحددة للتحقيق وعدم طلبه إحالة الدعوى للمرافعة ودون انتهاء الأجل المحدد لانتهاء التحقيق فيه، وعلى الرغم من ذلك قال الحكم المطعون فيه بعدم حضوره هو أو شهوده وقضت بسقوط حقه في الاستشهاد بشهود وقد جر هذا البطلان في الإجراءات إلى خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ لم تتحقق المحكمة من صحة إعلانه بمنطوق حكم الإثبات.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض، أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ لم يقدم الطاعن رفق طعنه صورة رسمية من محضر جلسة التحقيق في 17/ 11/ 1975، كما لم يقدم ما يثبت تمسكه أمام محكمة الاستئناف بما يثيره حول صحة إعلانه بحكم الإثبات، حتى تستطيع هذه المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه، فإن قوله فى هذا الخصوص يصبح عارياً عن دليله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم قد أخطأ إذ لم يجمع في التفسير بين عبارات التنازل والتوكيل معاً لاتحادهما تاريخاً وموضوعاً وأطراف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن هذا التوكيل ومستندات إيداع المطعون عليها الثانية أجرة العين المؤجرة لحساب المطعون عليه الأول نفاذاً للتوكيل لا تقدح فى حقيقته التنازل ووضعه موضع التنفيذ، فإنه يكون قد شابه فساد فى الاستدلال إذ التفسير الصحيح لنصوص التنازل عن عين النزاع أنها لمصلحة الولدين حتى لو ثبتت إقامة أيهما خارجها. لذلك أغفل الحكم المطعون فيه ما قدمه الطاعن من مستندات.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - سلطة تفسير العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود العاقدين، مستعينة في ذلك بظروف الدعوى وملابساته، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان تفسيرها تحتمله عبارات هذه الشروط ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر لها - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته "أن الثابت من محضر التصديق رقم 228 مأمورية الظاهر ...... أنه أجرى بتاريخ 7/ 7/ 1974 متضمناً إقرار الطاعن بتنازله عن الشقة موضوع النزاع إلى مطلقته المطعون عليها الثانية كما شمل التنازل عن التليفون الموجود بالعين وجاء بالإقرار أنه ليس للمقرر أية منقولات أو مستلزمات شخصية بتلك العين مع الترخيص للمتنازل لها بالإقامة بالعين واستعمالها وانتهى الإقرار بتوقيعه، ومفاد ذلك الإقرار أنه قد تضمن النص صراحة على تنازل المستأجر عن العين المؤجرة موضوع النزاع إلى مطلقته المتنازل إليها - المطعون عليها الثانية - وأنه قد سلم العين المؤجرة إليها خالية من جميع منقولاته ومستلزماته الشخصية، وإن هذا الإقرار قد جرى بعد مدة تزيد على العشرة أشهر من طلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى من مطلقها وبعد أن غدت أجنبية عنه بذلك الطلاق بل إنها تزوجت بآخر من مدة سابقة على هذا التنازل تزيد على الثمانية أشهر ولم ينكر الطاعن ذلك الإقرار المصدق عليه ولم يطعن عليه بأي مطعن ........ وأنه بالنسبة للتوكيل الرسمي المصدق عليه بتاريخ 7/ 7/ 1974 والصادر من الطاعن إلى مطلقته المطعون عليها الثانية، فإنه قد تضمن توكيلها فيما رأى الوكيل توكيل مطلقته فيه....... لما كان ذلك، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه تحتمله عبارات التنازل والتوكيل ولا خروج فيه عن المعنى الظاهر له، فإن النعي عليه بهذا الشق يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأن لمحكمة الموضوع السلطة فى تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفى تقدير ما يقدم لها من أدلة وبحث المستندات المقدمة لها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن وجدانها إلى ترجيحه منها واستخلاص ما ترى أنه هو واقع الدعوى، فلا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله دون أن يكون لمحكمة النقض رقابة عليها في ذلك، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع ليست بحاجة إلى التحدث عن كل ما يقدم في الدعوى من وجوه الدفاع، إذ هي متى أقامت الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمه، فإنها ليست ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للمستندات التي قدمها الطاعن وانتهى إلى القول بأنها لا تقطع فى الدلالة على استمرار الطاعن في الإقامة بالعين موضوع النزاع على الرغم من تنازله عنها في 7/ 7/ 1974 ولا تعتبر حتى مجرد قرينة على عدم تنفيذ ذلك التنازل من جانب المتنازل" - وإذ كان ذلك من الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه للقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أغفل الإشارة إلى كلمة "أولاد المستأجر" الواردة في عقد الإيجار تبياناً للغرض من استعمال العين المؤجرة وهو أن تكون سكناً خاصاً له ولأسرته المكونة من زوجته وأولاده على الرغم مما لهم من حقوق مباشرة قبل المؤجر باعتبارهم مستأجرين أصليين من وقت إبرام العقد في سنة 1962 وقبل صدور القانون رقم 53 لسنة 1969 الذى اعتبرهم كذلك ولو لم يرد لهم ذكر فى العقد.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار المبرم بين الطاعن والمطعون عليه الأول منصوص فيه على أن الغرض من الإيجار هو سكناه هو وزوجته دون إشارة إلى أولاده، ولما كان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بتزوير هذا العقد فيما يقول به من احتوائه على كلمة "أولاده" فإنه لا يقبل منه إثارة هذا النعي أمام محكمة النقض ويكون مما ينعاه على الحكم المطعون فيه من القصور في تحصيل الواقع في الدعوى في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم قد أغفل إعمال أثر الإقرار القضائي الذي صدر من المطعون عليه الأول بجلسة التحقيق الذى أجرته محكمة الاستئناف فى 17/ 11/ 1975 والذى أقر فيه بأن الطاعن لم يترك عين النزاع.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن لم يقدم محضر جلسة 17/ 11/ 1975 ومن ثم يكون عارياً عن الدليل، وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم قد أغفل بحث محل إقامة ولدى الطاعن في الفترة السابقة على تاريخ تحويلهما إلى مدار مافوسينا واتخذ من مجرد التحويل إليها - دليلاً على أنه ترك من الولدين للمسكن، في حين أن الترك هو الترك الاختياري.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد استخلص بالأسباب الموضوعية التي أوردها - أن الطاعن وولديه قد تركوا العين المؤجرة وأنه تنازل عنها إلى مطلقته المطعون عليها الثانية، وإذ كان ما استخلصه الحكم له أصله الثابت بالأوراق وسائغاً وكافياً للرد على ما يثيره الطاعن من دفاع في هذا الشأن، فإن النعي عليه بما جاء بهذا الوجه يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن مؤدى الأسباب الجديدة التي أوردها الطاعن وإلى المذكرة المقدمة منه أمام هذه المحكمة، هو وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم ومخالفة القانون قولاً منه أن المطعون عليه الأول أقام دعواه على سببين حاصل أولهما أن الطاعن والمطعون عليها الثانية وأولادهما قد تركوا عين النزاع بعد تنازل الطاعن عنها إلى المطعون عليها الثانية، والآخر أن الشقة بقيت فى يد الطاعن بعد ذلك الحين بدليل استعماله لها استعمالاً مخالفاً لشروط الإيجار المعقولة وضارة بمصلحة المؤجر مما يقوم معه تناقض يتماحى به سبب الدعوى وبطلانها بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، وأنه لا يغير من ذلك اقتصار الحكم المطعون فيه على الاستناد فى قضائه بالإخلاء إلى التنازل عن العين موضوع النزاع دون بحث السبب الآخر وهو إساءة استعمال العين. هذا إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وفساده فى الاستدلال باتخاذه من إقامة الطاعن فى مدينة أخرى بحكم عمله دليلاً على تركة العين فى حين أن هذه الإقامة مفروضة عليه بحكم القانون ومن ثم متعلقة بالنظام العام، وأخيراً وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم ذلك أنه وقد استند المطعون عليه الأول فى طلب الإخلاء إلى إساءة الطاعن استعمال العين المؤجرة بسماحه الاعتداء على المطعون عليه الأول فيها وكان هذا السبب ينطوى على جريمة فقد كان على المحكمة وقف دعوى الإخلاء إلى حين الفصل فى الدعوى الجنائية وإذ لم تفعل فإنها تكون قد خالفت قاعدة من قواعد النظام العام.
وحيث إن هذه الأسباب غير مقبولة ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لقبول أسباب لم يوردها الطاعن فى صحيفة طعنه أن تكون متعلقة بالنظام العام وألا يخالطها واقع مما يجب طرحه على محكمة الموضوع - لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعن بالسبب الأول منها من تناقض بين سببى الدعوى أمراً موضوعياً لا تعلق له بالنظام العام. وكان السبب الثانى من الأسباب الجديدة لا يعدو مجادلة فى مدى سلامة استخلاص المحكمة لواقعة ترك عين النزاع فإنه يكون بدوره غير متعلق بالنظام العام، وكذلك فإنه بالنسبة للسبب الثالث وبغض النظر من عدم استناد الحكم المطعون فيه فى قضائه إلى اساءة استعمال العين المؤجرة فإن مناط وقف الدعوى المدنية انتظاراً للفصل فى الدعوى الجنائية هو أن تكون الواقعة الجنائية لازمة للفصل فى الحق المدعى به، فإذا قام لدى المحكمة من الأسباب الأخرى ما يكفى للفصل فى الدعوى دون توقف على مسألة جنائية، فلا عليها إن هى فصلت فى الدعوى دون التفات إلى الواقعة الجنائية - ومن ثم لا تكون محكمة الموضوع بقضائها فى الدعوى قد خالفت قاعدة من قواعد النظام العام وتكون الأسباب الجديدة برمتها غير جائزة القبول عملا بنص المادة 53/ 3 من قانون المرافعات.
لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.

الأحد، 7 أبريل 2024

الطعن 593 لسنة 46 ق جلسة 27 / 11 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 352 ص 75

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فاروق راتب، ومصطفى قرطام، جلال الدين أنسي وأحمد كمال سالم.

----------------

(352)
الطعن رقم 593 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى "التدخل في الدعوى". حكم. صلح.
التدخل الهجومي. أثره. صيرورة المتدخل طرفاً في الخصومة. الحكم الصادر فيها حجة له وعليه ولو حسم النزاع صلحا بين الخصوم الأصليين.
(2) حيازة "دعوى منع التعرض". دعوى "قبول الدعوى".
تنفيذ الحكم الصادر بتسليم العين. لا يعتبر تعرضاً للمحكوم عليه فى حيازته. أثره. عدم قبول دعوى منع التعرض المرفوعة منه.

----------------
1 - يترتب على الحكم الصادر بقبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى أن يصبح المتدخل طرفاً في الدعوى الأصلية ويكون الحكم الصادر فيها حجة له وعليه ولو حسم النزاع صلحاً، إذ لم يكن اعتماد الصلح إلا ثمرة القضاء برفض طلبات هذا الخصم المتدخل. ولما كان الطاعن الأول قد تدخل تدخلاً هجومياً في الدعويين مدعياً ملكية الأرض موضوع الدعويين ومنازعاً في التسليم قضى فيهما برفض طلباته وبإثبات الصلح المبرم بين طرفي الخصومة في الدعوى الأولى وفي الثانية بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بين طرفي الخصومة مع تسليم العين محل النزاع للمطعون عليه، فإن الحكم الصادر في الدعويين يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة للخصوم الحقيقيين في الدعويين ومن بينهم الطاعن الأول.
2 - يشترط لقبول دعوى منع التعرض أن يكون المدعى عليه قد تعرض للمدعي في وضع يده، ولا يعتبر تسليم العين المتنازع عليها تنفيذا للحكم الصادر بذلك ضد واضع اليد تعرضاً له. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه برفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول إلى أن تنفيذ الحكم الصادر ضده في الدعويين رقمي ... ... لا يعد تعرضاً لهذا الطاعن في وضع يده، فإن الحكم لا يكون بذلك قد بنى على أسباب متعلقة بأصل الحق وإنما نفى عن الدعوى توافر أحد شروط قبولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا ضد المطعون عليه الدعوى رقم 472 سنة 1973 مدني كلي أسيوط، وطلبوا فيها الحكم بمنع تعرضه لهم فى الأرض البالغ مساحتها 433 متراً مربعاً المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى. وقالوا بياناً لدعواهم أنهم يضعون اليد على هذه الأرض منذ أن اشتروها من آخرين في سنة 1959 حسبما ثبت من تقرير الخبير المقدم فى الدعويين رقمي 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدني جزئي ديروط اللتين سبق رفعهما من المطعون عليه ضد البائعين له وقضى فيهما بإثبات التعاقد والتسليم عن أرض شائعة في الأرض محل النزاع وإذ تحرر نتيجة لذلك محضر تسليم بتاريخ 19/ 3/ 1973 ضد البائعين مما يعتبر تعرضا للطاعنين في وضع يدهم على الأرض، فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم. وفى 13/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الوقائع المبينة بمنطوق حكمه، وبعد سماع أقول شهود الطرفين حكمت في 30/ 4/ 1975 للمدعين بطلباتهم. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط، وقيد استئنافه برقم 339 سنة 50 ق. وبتاريخ 22/ 4/ 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأيبرفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأول من السبب الأول والشق الأول من السبب الثانى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم المطعون فيه اعتد بالحكم الصادر فى الدعويين رقمى 957 سنة 1966 و201 سنة 1967 مدنى ديروط وجعل التسليم المقضي به فى هذا الحكم لازماً فى حق الطاعنين، حال أن تدخل الطاعن الأول فى الدعوى رقم 953 سنة 1966 مدنى ديروط لا يجعل القضاء بالتسليم حجة عليه لأنه لم يكن موجهاً ضده، بل أن التسليم كان بناء على صلح لم يكن الطاعن المذكور طرفاً فيه - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه إذ رفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول استناداً إلى حجية الحكم الصادر فى الدعويين المذكورتين، يكون قد أقام قضاءه على أسباب متعلقة بأصل حق الملكية ومن ثم جمع بين دعوى الملك ودعوى وضع اليد، وهو ما لا يجوز.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يترتب على الحكم الصادر بقبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى أن يصبح المتدخل طرفاً في الدعوى الأصلية ويكون الحكم الصادر فيها حجة له وعليه، ولو حسم النزاع صلحاً، إذ لم يكن اعتماد الصلح إلا ثمرة القضاء برفض طلبات هذا الخصم المتدخل. ولما كان الطاعن الأول قد تدخل تدخلاً هجومياً فى الدعويين رقمي 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدني ديروط مدعياً ملكية الأرض موضوع الدعويين ومنازعاً في التسليم وقضي فيهما بقبول تدخله ورفض طلباته وبإثبات الصلح المبرم بين طرفي الخصومة في الدعوى الأولى وفى الثانية بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بين طرفي الخصومة مع تسليم العين محل النزاع للمطعون عليه، فإن الحكم الصادر في الدعويين يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة للخصوم الحقيقيين في الدعويين ومن بينهم الطاعن الأول. وإذ يشترط لقبول دعوى منع التعرض أن يكون المدعى عليه قد تعرض للمدعى في وضع يده، ولا يعتبر تسليم العين المتنازع عليها تنفيذاً للحكم الصادر بذلك ضد واضع اليد تعرضاً له. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه برفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول إلى أن تنفيذ الحكم الصادر ضده في الدعويين رقمي 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط لا يعد تعرضا لهذا الطاعن فى وضع يده، فإن الحكم لا يكون بذلك قد بنى على أسباب متعلقة بأصل الحق، وإنما نفى عن الدعوى توافر أحد شروط قبوله، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون الخطأ فى تطبيقه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالشق الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين (الأول) أنه أخطأ في تحميل عبارة الطاعن الأول في الشكوى الإدارية رقم 3375 سنة 1968 ديروط معان لا تحملها فهي لا تنهض دليلاً على تأييد وجهة نظر الحكم من اعتباره مقراً بتسليم الأرض أو أن حيازته لها غير مقترن بنية الملك (والثاني) أن الحكم أخطأ بأن جعل من تدخل الطاعن المذكور في الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط وما ورد على لسانه في الشكوى المشار إليها سارياً في حق باقي الطاعنين
وحيث إن النعي في الوجه الأول مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن الأول على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، الأولى أن تسليم الأرض تنفيذاً للحكم الصادر ضد الطاعن المذكور لا يعتبر تعرضاً له في وضع يده على الأرض محل النزاع، والثانية انتفاء نية الملك لديه، وإذ تكفى الدعامة الأولى وحدها لحمل قضاء الحكم، فإن تعيبه فى الدعامة الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج. ولا جدوى منه. والنعي في الوجه الثاني غير صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يجعل من تدخل الطاعن الأول في الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط سارياً في حق باقي الطاعنين، كما لم يتخذ الحكم من أقواله في الشكوى الإدارية دليلاً عليهم، وإنما نفى حيازتهم لأرض النزاع بالأدلة الأخرى التي أوردها.
وحيث إن حاصل الشق الثاني من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أن الحكم المطعون فيه نفى حيازة الطاعنين عدا الأول للأرض موضوع النزاع، مع أن الثابت من عقد شرائهم ومما أثبته الخبير المنتدب فى الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط ومن تحقيقات الشكوى الإدارية رقم 2375 سنة 1968 ديروط ومن أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة أن الأرض في وضع يد جميع الطاعنين.
وحيث إن النعى مردود ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وفى بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديما صحيحا وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منه، دون رقابة عليه لمحكمة النقض فى ذلك متى أقام قضاءه على أسباب تكفى لحمله، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه نفى حيازة الطاعنين عدا الأول للأرض محل النزاع استنادا إلى أن الطاعن الأول هو الذى تدخل وحده في الدعويين 953 سنة 1966، 201 سنة 1967 مدنى ديروط وقدم فيهما شهادة صادرة من رجال الإدارة تفيد أن الأرض في حيازته وحده وأن الخبير المنتدب في الدعويين خلص فى تقريره إلى أن الأرض في وضع يد الطاعن الأول دون إشارة إلى وضع يد باقي الطاعنين عليه، وأن الثابت من عقدي شراء الأرض أنها صادره للطاعن الأول منفرد، ولما كانت هذه الأسباب التي أوردها الحكم تكفى لحمل النتيجة التي انتهى إليه، فإن ما يثيره الطاعنين فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقرير المحكمة للأدلة، مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 626 لسنة 46 ق جلسة 29 / 11 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 358 ص 103

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ يوسف أبو زيد، مصطفى كمال سليم، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.

----------------

(358)
الطعن رقم 626 لسنة 46 القضائية

(1) عقد "تكييف العقد" محكمة الموضوع. نقض.
تكييف العقد. لمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع في ذلك.
(2) التزام "سبب الالتزام". بطلان. تركة. نظام عام. هبة.
الهبة الصادرة من والد لولده. تضمنها تعاملا مسبقا في تركته. أثره. بطلان التصرف بطلانا متعلقا بالنظام العام. اعتباره سببا غير مشروع هو الباعث الدافع إلى التبرع في العقد.
(3) التزام. "السبب غير المشروع". عقد.
السبب غير المشروع المبطل للعقد. وجوب أن يكون معلوماً للمتعاقد الآخر أو في استطاعته أن يعلمه. م 136 مدني.

---------------
1 - العبرة في تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه هو بما حواه من نصوص. ولمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع في هذا التكييف.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد نهج في تكييف العقد محل التداعي تكييفاً صحيحاً ولم يخرج في تفسيره عما تحتمله نصوصه فلقد استخلص من عباراته الظاهرة أن تصرف الأب المطعون ضده لابنه الطاعن في حق الانتفاع بالأرض الزراعية التي سلمها إياه كان بغير عوض مما يعتبر من التصرف تبرعا أي هبة وقد وقعت الهبة باطلة لعدم مشروعية سببها المخالف للنظام العام بانصرافه إلى تعامل فى تركة مستقبلة، وكان من المقرر أن تعيين الورثة وأنصبتهم وانتقال الحقوق في التركات بطريق التوريث لمن لهم الحق فيها شرعاً مما يتعلق بالنظام العام وتحريم التعامل في التركات المستقبلة بأن نتيجة لهذا الأصل فلا يجوز قبل وفاة إنسان الاتفاق على شيء يمس بحق الإرث وإلا كان الاتفاق باطلاً، وكان الحكم قد استدل على قيام ذلك السبب غير المشروع - وهو الباعث الدافع إلى التبرع - بما ورد في الإنفاق من بيان صريح يفصح عن أن ما تسلمه الابن الطاعن - أرض زراعية يمثل مقدار نصيبه ميراثا عن أبيه الذي لم يزل على قيد الحياة ومن اشتراط على هذا الابن بعدم المطالبة بميراث أرض أخرى من بعد وفاة الأب، وهو ما يعد استدلالاً سائغاً له مأخذه الصحيح من واقع ما أثبت بالاتفاق الذي انعقد بين الطرفين، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون في تفسير الاتفاق وتكييف التصرف الثابت به الذى لحقه البطلان.
3 - السبب غير المشروع الذى من شأنه أن يبطل العقد وفقاً لحكم المادة 136 من القانون المدني يجب أن يكون معلوما للمتعامل الآخر فإذا لم يكن على علم به أو ليس في استطاعته أن يعلمه فلا يعتد بعدم المشروعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 399 سنة 1973 مدني كلي بني سويف مختصماً الطاعن وشارحاً دعواه بقوله أنه بمقتضى اتفاق مؤرخ فى 15 من إبريل سنة 1966 سلم ابنه أرضاً زراعية يمتلكها مساحتها ثمانية أفدنة لكى يستغلها وينتفع بريعها ووعد إياه فى هذا الاتفاق بأن يبيعه هذه الأرض التي تسلمها شريطة إلا يكون له نصيب بالإرث الشرعي فيما يخلفه من أرض زراعية ولا يحق له طلب شيء من الميراث من بعد وفاته، وأنه إذ كان هذا الاتفاق باطلاً لمخالفته النظام العام فقد أنذر ولده الطاعن أن يرد له الأرض التى تسلمها تنفيذاً له فأبى، الأمر الذى ألجأه لرفع دعواه ابتغاء الحكم بطرده من هذه الأرض وتسليمها إليه. وبتاريخ 29 من نوفمبر سنة 1975 قضت المحكمة برفض الدعوى . فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف بنى سويف طالباً إلغاءه والقضاء بطلباته وقيد الاستئناف برقم 103 لسنة 13 ق، وبتاريخ 2 من مايو سنة 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد الطاعن من الأطيان الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والاتفاق المؤرخ فى 15 من أبريل سنة 1966 وتسليمها للمطعون ضده. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على أسباب ثلاثة حاصل أولها النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد والتناقض، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً عن إيراد الأسباب التى تسوغ قضاءه وتفسير الاتفاق محل النزاع وتكييفه بأنه عقد هبة لحق الانتفاع بالأرض الزراعية فى حين أن عبارات الاتفاق تكشف عن قيام بيع حال ومنجز لمنفعة هذه الأرض، وشاب الحكم فساد فى استدلاله بأن الهبة باطلة لعدم مشروعية سببها بعلة انصراف الاتفاق إلى تصرف فى تركة مستقبلة، والحكم أيضاً على الرغم من أنه أسبغ على الاتفاق وصف الهبة فقد ألحقه ببيع حقوق فى تركة إنسان على قيد الحياة مع أنه من غير الجائز أن يجتمع للتصرف وضعان وصف الهبة ووصف البيع مما يصم الحكم بالتناقض فضلاً عن القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك بأنه لما كان البين من الاتفاق المحرر فى 15 من أبريل سنة 1966 أنه تضمن النص على أن المطعون ضده سلم ابنه الطاعن ثمانية أفدنة من الأرض الزراعية التى يمتلكها كى يستغلها لنفسه على وجه الاستمرار مع التزام الأب بسداد جميع الديون العالقة بها ومن بعد سداده الديون يتعهد أن يبيع لولده الطاعن هذه الأرض على ألا يكون لهذا الأخير ثمت نصيب فى ميراث أبيه المطعون ضده المخلف من أرض زراعية، وأعقبت ذلك فى الاتفاق إثبات عبارة "وحيث إن ما تسلم إليه بموجب هذه الشروط هو مقدار نصيبه فى الميراث....... وفقط يكون له الحق فى الميراث فى النخيل......"، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض فى قضائه لتكييف هذا الاتفاق فأورد بأسبابه أن تصرف المطعون ضده فى حق الانتفاع بالأطيان التى تسلمها ابنه الطاعن بغير عوض فيكون التصرف عقد هبة وهذا العقد كسائر العقود ينبغى أن يقوم على سبب مشروع وهذا السبب هو الباعث الدافع للواهب إلى التبرع، ومضى الحكم فى تقريراته قائلاً "وحيث إن العقود يجب أن تفسر حسب مقصود العاقدين منها وكان المستخلص من العقد موضوع الدعوى أن المستأنف لم يهب ابنه المستأنف ضده حق الانتفاع بالأطيان موضوع النزاع لمجرد أنها هبة صادرة من والد لولده بل أن الباعث الدافع على هذا التبرع هو ما أفصح عنه من أن هذا التسليم أساسه أن ما سلم هو مقدار نصيب المستأنف ضده فى الميراث وأنه لا يحق لهذا الأخير المطالبة بميراث أرض أخرى بعد وفاة والده، ولما كان هذا الباعث الذى دفع المستأنف إلى هبة حق الانتفاع بالأطيان إلى ابنه المستأنف باعثاً باطلاً لمخالفته للنظام العام إذ هو ينصرف إلى التصرف فى تركة مستقبلة فإن هذا العقد يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً...... "لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة فى تفسير العقد وتفهم نية المتعاقدين لاستنباط حقيقة الواقع منه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قضاؤها فى ذلك يقوم على أسباب سائغة وطالما لم تخرج فى تفسيرها للعقد واستظهار نية المتعاقدين عن المعنى الظاهر لعباراته وكانت العبرة فى تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه هو بما حواه من نصوص ولمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع فى هذا التكييف وكان الحكم المطعون فيه قد نهج فى تكييف العقد محل التداعى تكييفاً صحيحاً ولم يخرج فى تفسيره عما تحتمله نصوصه فلقد استخلص من عباراته الظاهرة أن تصرف الأب المطعون ضده لابنه الطاعن فى حق الانتفاع بالأرض الزراعية التى سلمها إياه كان بغير عوض مما يعتبر من التصرف تبرعاً أى هبة وقد وقعت الهبة باطلة لعدم مشروعية سببها المخالف للنظام العام بانصرافه إلى تعامل فى تركة مستقبلة، وكان من المقرر أن تعيين الورثة وأنصبتهم وانتقال الحقوق فى التركات بطريق التوريث لمن لهم الحق فيها شرعاً مما يتعلق بالنظام العام وتحريم التعامل فى التركات المستقبلة يأتى نتيجة لهذا الأصل فلا يجوز قبل وفاة إنسان الاتفاق على شيء يمس بحق الإرث وإلا كان الاتفاق باطلاً، وكان الحكم قد استدل على قيام ذلك السبب غير المشروع - وهو الباعث الدافع إلى التبرع - بما ورد فى الاتفاق من بيان صريح يفصح عن أن ما تسلمه الابن الطاعن أرض زراعية يمثل مقدار نصيبه ميراثاً عن أبيه الذى لم يزل على قيد الحياة ومن اشتراط على هذا الابن بعدم المطالبة بميراث أرض أخرى من بعد وفاة الأب، وهو ما يعد استدلالاً سائغاً له مأخذه الصحيح من واقع ما أثبت بالاتفاق الذى انعقد بين الطرفين، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون فى تفسير الاتفاق وتكييف التصرف الثابت به الذى لحقه البطلان وقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله ولها أصلها الثابت بالأوراق. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من تناقض بقوله أنه بعد أن كيف الاتفاق بأنه عقد هبة خلع عليه وصف البيع فهو غير صحيح ذلك بأن الحكم لم يورد فى تقريراته سوى أن الاتفاق يتضمن تصرفا تبرعياً هو عقد هبة لحق الانتفاع بالأرض الزراعية التى سلمت للطاعن ولم يسبغ على هذا التصرف وصف البيع بل أبان فى مقام الحديث عن البطلان الذى أصاب عقد الهبة أن الباعث الذى دفع الواهب إلى تبرعه ينصرف إلى تعامل فى تركة مستقبلة لما كان ذلك فإن نعى الطاعن بالسبب الأول يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه اعتراه قصور آخر في التسبيب ومخالفة للقانون ذلك أن من المقرر فى القانون أنه إذا كان الباعث الذي دفع أحد المتعاقدين إلى التعاقد غير مشروع ولم يكن المتعاقد الأخير يعلم بهذا الباعث وليس في استطاعته أن يعلم به فلا يعتد به يكون العقد صحيحاً قائماً على الإرادة الظاهرة، وإذ كان الحكم قد أغفل بيان علم الطاعن بسبب التعاقد الذى وصفه بعدم المشروعية فإنه يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أنه وإن كان السبب غير المشروع الذى من شأنه أن يبطل العقد وفقاً لحكم المادة 136 من القانون المدنى يجب أن يكون معلوماً للمتعاقد الآخر فإذا لم يكن على علم به أو ليس فى استطاعته أن يعلمه فلا يعتد بعدم المشروعية، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استقى بيان السبب غير المشروع من واقع الاتفاق الذى أبرم بين الطرفين بما انطوى عليه من إثبات عبارة ظاهرة تكشف بوضوح فى دلالتها على ما اتفق عليه الطرفان من مساس بحق الإرث التى تتصل قواعده بالنظام العام لما ورد به من نص على أن الاطيان المسلمة إلى الطاعن هى مقدار نصيبه فى ميراث الأرض الزراعية التى سيخلفها الأب المطعون ضده ومن اشتراط على الابن الطاعن بعدم المطالبة بحقه فى إرث الأرض خلاف ما تسلمه، لما كان ذلك فإن ما أورده الحكم فى هذا الصدد يعد بياناً كافياً لدليل كاشف عن أن السبب غير المشروع كان معلوماً من الطرفين متفقاً عليه فيما بينهما مما يكون معه النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان لإخلاله بحق الدفاع قائلاً فى بيان ذلك أنه تمسك فى دفاعه لدى محكمة الموضوع بأن التكييف الصحيح للاتفاق محل النزاع أنه عقد بيع متكامل الأركان وأن الثمن يتمثل فى التزامه أى الطاعن - بسداد جميع الديون المستحقة على الأطيان من ماله وأن بطلان شرط عدم المطالبة بالميراث مستقبلاً لا يؤثر فى صحة ونفاذ الالتزامات الأخرى وليدة عقد البيع ولكن الحكم المطعون فيه أغفل إيراد هذا الدفاع ولم يعن ببحثه وتمحيصه فأصابه عوار البطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه متى أقامت محكمة الموضوع قضاءها على أسباب تسوغه فلا تكون بعد ملزمة بأن تورد كل الحجج التى يدلى بها الخصوم وتفصيلات دفاعهم وترد عليها استقلالاً لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمنى المسقط لكل حجة تخالفها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى تكييف الاتفاق مثار الخلاف بأنه عقد هبة وقعت باطلة لعدم مشروعية سببها وكان تكييفه لهذا الاتفاق صحيحا محمولا على أسباب سائغة على نحو ما سلف بيانه فى مقام الرد على السبب الأول، فإن فى ذلك ما يتضمن رداً على ما أثاره الطاعن فى دفاعه من تكييف العقد بأنه بيع، هذا إلى أن قول الطاعن فى دفاعه بأن الثمن يتمثل فى التزامه هو بسداد الديون المستحقة على الأرض المسلمة إليه يتجافى مع الثابت بالاتفاق من أن هذا الالتزام يقع على عاتق الأب المطعون ضده الذى سلمه هذه الأرض فلا تثريب إذن على محكمة الموضوع إن هى التفتت عن ذلك الدفاع الذى يناقض حقيقة ثابتة بالأوراق ويكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير اساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.

الطعن 146 لسنة 46 ق جلسة 4 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 367 ص 151

جلسة 4 ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ صلاح الدين يونس، محمد وجدى عبد الصمد، محمد على هاشم وصلاح الدين عبد العظيم.

----------------

(367)
الطعن رقم 146 لسنة 46 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية". إفلاس.
عدم التبليغ عن توقف المنشأة وعدم تقديم الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة في الميعاد القانوني. أثره. التزام الممول بدفع الضريبة عن سنة كاملة. لا عبرة بأسباب التوقف ودواعيه. م 58 ق 14 لسنة 1939. مثال بشأن إشهار إفلاس التاجر.

----------------
نصت المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في الفقرة الأولى منها على أنه "إذا وقفت المنشأة عن العمل الذى تؤدي الضريبة على أرباحه وقوفاً كلياً أو جزئياً تحصل الضريبة على الأرباح لغاية التاريخ الذى وقف فيه العمل" وفى فقرتها الثانية على أنه "لأجل الانتفاع بهذا الحكم يجب على الممول في بحر ستين يوماً من التاريخ الذى وقف فيه العمل أن يبلغ ذلك إلى مصلحة الضرائب وأن يقدم إليها الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة وإلا التزم بدفع الضريبة عن سنة كاملة". فإنها بذلك تكون قد جعلت من الفقرة الثانية شرطاً أو قيداً للانتفاع بالحكم الوارد في الفقرة الأولى هي وجوب التبليغ عن توقف المنشأة وتقديم الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة في ميعاد ستين يوماً من تاريخ التوقف صيانة لحقوق الخزانة العامة وحتى تتمكن مصلحة الضرائب من سرعة العمل على تسوية الضريبة وضمان تحصيلها في الوقت المناسب، ورتبت على تخلفه نوعاً من الجزاء المالي مناطه عدم التبليغ وعدم تقديم الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة في الميعاد القانوني، ومعياره التزام الممول بدفع الضريبة عن سنة كاملة بصرف النظر عن أسباب التوقف ودواعيه وهي منقطعة الصلة بواقعة التبليغ، وإذ كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن حكم إشهار الإفلاس يعتبر حجة على الكافة وبمثابة حجز على أموال المفلس وأن توقف منشأته عن العمل بسبب بيع وكيل الدائنين لها لا يدخل تحت مدلول التوقف المنصوص عليه في المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939، فإنه يكون قد خالف القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب روض الفرج قدرت صافى أرباح المطعون ضده من نشاطه في تجارة الفاكهة في سنة 1956 بمبلغ 7530 جنيهاً، وإذ اعترض أحيل الخلاف إلى لجنة الطعن وأصدرت قرارها بتاريخ 15/ 7/ 1964 بتأييد تقدير المأمورية، فقد أقام الدعوى رقم 1685 سنة 1966 تجارى كلى - القاهرة التي قيدت بعد ذلك برقم 2433 سنة 1971 جنوب القاهرة بالطعن في هذا القرار، وبتاريخ 6/ 5/ 1968 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 18/ 5/ 1972 فحكمت بتعديل قرار اللجنة إلى مبلغ 112 ج و500 م تأسيساً على ما ورد بتقرير الخبير من صدور حكم بإشهار افلاس المطعون ضده بتاريخ 22/ 2/ 1954 فى الدعوى رقم 155 سنة 1953 إفلاس القاهرة وأن وكيل الدائنين قام بتأجير المنشأة للغير فى سنة 1955 بواقع خمسة وأربعين جنيهاً شهرياً ثم باعها بالمزاد فى 17/ 3/ 1956، فتكون إيرادات المطعون ضده فى سنة 1956 مقصورة على قيمة الأجرة من 1/ 1/ 1956 إلى 17/ 3/ 1956. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 55 سنة 91 ق القاهرة وكان من بين ما تمسكت به فى صحيفة الاستئناف وجوب إلزام المطعون ضده بالضريبة عن سنة 1956 بأكملها لعدم إخطاره بالتوقف عن مزاولة نشاطه تطبيقاً لنص المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939، وبتاريخ 21/ 12/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقضه، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه لم يلزم المطعون ضده بالضريبة عن سنة 1956 بأكملها رغم عدم إخطار مصلحة الضرائب عن توقف المنشأة عن العمل تطبيقاً لنص المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على سند من القول بعدم انطباق هذه المادة لأن المطعون ضده أشهر إفلاسه بحكم قضائى له حجية مطلقة، فيعتبر حجة على الكافة حتى بالنسبة لمن لم يكن طرفاً فى دعوى الإفلاس، وهو منه مخالفة للقانون وخطأ فى تطبيقه ذلك أن المادة 58 سالفة الذكر رتبت الجزاء بالالتزام بالضريبة عن سنة كاملة على عدم الإخطار عن التوقف أياً كانت أسبابه ودواعيه.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وقد نصت المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في الفقرة الأولى منها على أنه "إذا وفقت المنشأة عن العمل الذى تؤدي الضريبة على أرباحه وقوفاً كلياً أو جزئياً تحصل الضريبة على الأرباح لغاية التاريخ الذى وقف فيه العمل" وفي فقرتها الثانية على أنه "لأجل الانتفاع بهذا الحكم يجب على الممول في بحر ستين يوماً من التاريخ الذى وقف فيه العمل أن يبلغ ذلك إلى مصلحة الضرائب وأن يقدم إليها الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة وإلا التزم بدفع الضريبة عن سنة كاملة" فإنها بذلك تكون قد جعلت من الفقرة الثانية شرطا أو قيداً للانتفاع بالحكم الوارد في الفقرة الأولى هي وجوب التبليغ عن توقف المنشأة وتقديم الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة في ميعاد ستين يوما من تاريخ التوقف صيانه لحقوق الخزانة العامة وحتى تتمكن مصلحة الضرائب من سرعة العمل على تسوية الضريبة وضمان تحصيلها فى الوقت المناسب ورتبت على تخلفه نوعا من الجزاء المالي مناطه عدم التبليغ وعدم تقديم الوثائق والبيانات اللازمة لتصفية الضريبة في الميعاد القانونى، ومعياره التزام الممول بدفع الضريبة عن سنة كاملة بصرف النظر عن أسباب التوقف ودواعيه وهى منقطعة الصلة بواقعة التبليغ، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى فى قضائه على أن حكم إشهار الإفلاس يعتبر حجة على الكافة وبمثابة حجز على أموال المفلس وأن توقف منشأته عن العمل بسبب بيع وكيل الدائنين لها لا يدخل تحت مدلول التوقف المنصوص عليه فى المادة 58 من القانون رقم 14 لسنة 1939، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلزام المطعون ضده بالضريبة عن سنة 1956 باكملها على أساس أن صافى ربحه فيها مبلغ 540 جنيها.


(1) نقض رقم 70 لسنة 39 جلسة 26/ 2/ 1975 مجموعة المكتب الفنى السنة 26 صـ 495.

الطعن 413 لسنة 46 ق جلسة 6 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 372 ص 171

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الخولي، ويوسف أبو زيد، ومصطفى صالح سليم وعزت حنورة.

---------------

(372)
الطعن رقم 413 لسنة 46 القضائية

(1) بطلان. دعوى. نيابة عامة.
البطلان الناشئ عن عدم إخبار النيابة العامة بالدعاوى الخاصة بالقصر. نسبى. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) تقادم. دعوى. "الدعوى البوليصية".
الدفع بسقوط دعوى عدم نفاذ التصرف بالتقادم الثلاثي. م 243 مدني. وجوب إثبات الدافع علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتاريخ علمه. لا يكفي إثبات علمه بحصول التصرف.
(3) التزام. "تضامن". دعوى "الدعوى البوليصية". كفالة.
الدفع بالتجريد. مقصور على العلاقة بين الدائنين والكفيل غير المتضامن عند الشروع في التنفيذ على أمواله. دعوى عدم نفاذ التصرف لا محل فيها لأعمال أحكام هذا الدفع.
(4) دعوى "المصروفات".
مصروفات الدعوى وجوب أن تفصل فيها المحكمة من تلقاء نفسها عند إصدارها الحكم المنهى للخصومة.

---------------
1 - عدم إخبار النيابة بالدعاوى الخاصة بالقصر وفقاً للمادة 92 من قانون المرافعات يعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم، إلا أن هذا البطلان من النوع النسبي مما لا يجوز معه لغير القصر أو من يقوم مقامهم التمسك به ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - مفاد نص المادة 243 من القانون المدني أن الدعوى البوليصية تسقط بأقصر المدتين: الأولى ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف في حقه لأن الدائن قد يعلم بالتصرف ولا يعلم بما يسببه من إعسار للمدين أو بما ينطوي عليه من غش إذا كان من المعاوضات. والثانية خمس عشرة سنة من الوقت الذى صدر فيه التصرف ومن ثم فإنه على من يتمسك بالتقادم الثلاثي المشار إليه أن يبين علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتاريخ هذا العلم لتبدأ منه مدة ذلك التقادم.
3 - التجريد رخصة تخول الكفيل غير المتضامن الحق في أن يمنع التنفيذ على أمواله وفاءاً للدين المكفول إلا بعد فشل الدائن في استيفاء حقه جبراً من المدين. ومن ثم فإن التجريد لا يكون إلا في العلاقة بين الدائن والكفيل وبصدد شروع الدائن في التنفيذ على أموال الكفيل ولا يتثبت للكفيل المتضامن أما في دعوى عدم نفاذ التصرف التي يقيمها الدائن على مدينه وعلى من تصرف إليهم هذا المدين حسب الدائن - على ما تقضى به المادة 239 من القانون المدني - أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين المتصرف نفسه أن يثبت أنه له ما لا يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها. ويجوز ذلك للمتصرف إليهم أيضا. ولا يعتبر ذلك منهم دفاعاً بالتجريد وإنما هو إثبات لتخلف أحد شروط الدعوى المذكورة وهو تسبب التصرف فى إعسار المتصرف أو في زيادة إعساره.
4 - القضاء في مصاريف الدعوى لا يستند إلى طلبات الخصوم بصددها وإنما تفصل فيها المحكمة من تلقاء نفسها عند إصدارها الحكم المنهى للخصومة وطبقا للقواعد التي نصت عليها المواد 184 وما بعدها من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن البنك المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 98 لسنة 1968 مدنى كلى المنصورة على الطاعنين والمطعون ضدهما الثانى والثالثة بطلب الحكم فى مواجهة المطعون ضده الرابع بعدم نفاذ التصرف الصادر من المطعون ضده الثانى للطاعنين الأربعة الأول والمطعون ضدها الثالثة بعقد الصلح المؤرخ 31/ 10/ 1964 الذى ألحق بمحضر الجلسة فى الدعوى رقم 1473 سنة 1961 ميت غمر، ومع ما يترتب على ذلك من عدم نفاذ التصرف الصادر من الطاعنين الأربعة الأول والمطعون عليها الثالثة إلى الطاعنه الخامسة بصفتها والمسجل برقم 2820 فى 24/ 6/ 1965 المنصورة، والعقد الصادر من المطعون ضده الثانى إلى الطاعنة الخامسة عن نفسها وبصفتها والمسجل بتاريخ 19/ 6/ 1965 برقم 2744 المنصورة، فى حق البنك المطعون ضده الأول، وقال شرحاً لدعواه أنه استصدر حكماً استئنافياً بإلزام المطعون ضده الثانى بأن يدفع له مبلغ 32232 ج و744 م وفوائد هذا المبلغ بواقع 7% سنوياً من 30/ 11/ 1963 إلا أنه فوجئ بصدور التصرفين المذكورين من المطعون ضده الثانى بهدف نقل ملكية جميع أملاكه العقارية إلى أولاده حتى لا يتمكن البنك المطعون ضده الأول من التنفيذ عليها وذلك بأن سخر أخوته ووالدته - الطاعنين الأربعة الأول والمطعون ضدها الثالثة - فى إقامة الدعوى رقم 1473 سنة 1964 مدنى ميت غمر ضده للحكم بتثبيت ملكيتهم لمعظم العقارات المكلفة باسمه برغم أنها كانت لوالده وآلت إليهم بطريق الميراث ولكنها كلفت خطأ باسمه وحده لكونه الولد الأكبر للمورث وبالجلسة الأولى لتلك الدعوى انهيت بعقد صلح ألحق بمحضر الجلسة أقر فيه المطعون ضده الثانى بملكية الطاعنين الأربعة والمطعون ضدها الثالثة الذين قاموا بدورهم ببيع تلك العقارات جميعا إلى أولاده عن طريق والدتهم الطاعنة الخامسة بصفتها قابلة للشراء عنهم ومتبرعة لهم بالثمن، وهو التصرف المشهر برقم 2820 فى 24/ 6/ 1965 وأن المطعون ضده الثانى تصرف أيضاً فى المنزل الذى بقى له إلى زوجته الخامسة بصفتها قابلة الشراء عن أولادها وذلك بالعقد المشهر برقم 2744 فى 19/ 6/ 1965 وأن هذه التصرفات تمت بطريق التواطؤ والغش بين طرفيها الذين يعلمون بأنها تؤدى إلى إعسار المتصرف إضراراً بالبنك الدائن. وبعد أن أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق وسمعت الشهود قضت بتاريخ 7/ 2/ 1974 للمطعون ضده الأول بطلباته استأنف الطاعنون ذلك الحكم بالاستئناف رقم 130 سنة 26 ق المنصورة فقضى فيه بالتأييد. وبتاريخ 4/ 3/ 1976 طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع وبرفضه بالنسبة للباقين. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفى فيمن يختصم فى الطعن أن يكون طرفاً فى الخصومة التى صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون له مصلحة فى الدفاع عن ذلك الحكم حين صدوره. ولما كان المطعون ضده الرابع - أمين الشهر العقارى - قد اختصم فى مراحل الدعوى السابقة ليصدر الحكم فى مواجهته ولم يحكم له أو عليه بشيء فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الرابع قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه بالبطلان وفى بيان ذلك يقولون أن المادة 92 من قانون المرافعات توجب على قلم الكتاب أخبار النيابة كتابة بمجرد قيد الدعوى فى جميع الأحوال التى ينص فيها القانون على تدخل النيابة العامة. وأن محكمة الاستئناف أمرت بجلسة 5/ 5/ 1974 بإخطار النيابة بوجود قصر فى الدعوى ولكن هذا القرار لم ينفذ كما لم يثبت فى مدونات الحكم أنه نفذ، وقدموا شهادة رسمية تفيد عدم تنفيذه الأمر المبطل للحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه وإن كان عدم إخبار النيابة بالدعاوى الخاصة بالقصر وفقاً للمادة 92 من قانون المرافعات يعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم، إلا أن هذا البطلان من النوع النسبي مما لا يجوز معه لغير القصر أو من يقوم مقامهم التمسك به ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. وإذ خلت أوراق الطعن مما يثبت سبق التمسك بذلك البطلان أمام محكمة الموضوع فإنه لا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع ومخالفة الثابت في الأوراق. وفى بيان ذلك يقولون أن البنك المطعون ضده الأول حينما وجه الدعوى الابتدائية إلى الطاعن السادس بصفته ولياً طبيعياً على أولاده ومن بينهم ...... و ..... و.... و...... تمسك بأن بناته المذكورات لسن قاصرات مستنداً في ذلك إلى عقود البيع محل التداعي ودفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة له تأسيساً على أنه لا صفة له في تمثيلهن. إلا أن محكمة أول درجة رفضت هذا الدفع على سند من القول بأن المدعى حينما جدد الدعوى من الموقوف لجلسة 12/ 10/ 1972 اختصم كلاً من..... و .... و...... وهم القصر الذين بلغوا سن الرشد أثناء سير الدعوى وبذلك تكون الخصومة قد استأنفت سيرها بالنسبة لهم بصفتهم الشخصية وهو ما ينطوي على خطأ في فهم الواقع ومخالفة الثابت في الأوراق وإذ أخطأ الحكم في تحديد من عناهم الطاعن السادس بصفته بهذا الدفع وأن الحكم المطعون فيه أيد ذلك القضاء لأسبابه وأضاف أن الطاعن السادس اختصم بصفته ولياً طبيعياً على أولاده ولم ينازع في صفته وبذلك يكون تمثيله صحيحاً إذ انتقلت نيابته القانونية إلى نيابة اتفاقية بموافقتهم الضمنية على استمراره فى تمثيلهم وأن هذه الإضافة أيضاً تخالف الثابت فى أوراق الدعوى. ذلك أنه تمسك أمام محكمتى الموضوع بعدم تمثيل من حددهم بالدفع لبلوغهم سن الرشد.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الطاعن السادس لم يقدم ما يثبت أنه أثار دفعاً بعدم القبول أمام محكمة أول درجة وإنما الذى أثار ذلك الدفع كانت الطاعنة الخامسة اعتراضاً منها على اختصامها بوصفها قابلة الشراء عن أولادها فضلاً عن أنها لا تمثلهم وهذا الدفع هو الذى رفضته محكمة أول درجة أما الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للطاعن السادس بصفته ولياً طبيعياً على بناته...... و...... و.... و.... فقد أبداه (المذكور) فى صحيفة الاستئناف وفى مذكرته أمام محكمة ثانى درجة - المقدم صورتيهما الرسميتين - ولم يركن فى إثبات بلوغ بناته المذكورات سن الرشد سوى إلى أنهن سبق أن اشترين عقار النزاع بأشخاصهن فى العقد محل الدعوى. ولما كان مجرد قيام أى شخص بالشراء لنفسه بنفسه وتوقيعه العقد بهذه الصفة لا يدل بذاته على وجه اللزوم أنه بالغ سن الرشد فعلاً أو أهل للتعاقد. فمن ثم يكون الدفع ببلوغ المذكورات سن الرشد قد ظل مفتقراً إلى الدليل حتى صدور الحكم المطعون فيه. ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على أى دفع أو دفاع لم يقم عليه دليل وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى فى أسبابه إلى رفض ذلك الدفع فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه بعد ذلك أن يكون قد أخطأ فى بعض التقريرات الواقعية التى لا يتأثر بها قضاؤه وبالتالى فإن النعى على هذه التقريرات بأنها بنيت على خطأ فى فهم الواقع أو مخالفة الثابت فى الأوراق يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا بسقوط دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علم البنك بسبب عدم نفاذ التصرف عملاً بالمادة 243 من القانون المدني تأسيساً على أن البنك علم بسبب عدم نفاذ التصرف في 22/ 11/ 1965 حين قدم لمأمورية الشهر العقاري بميت غمر طلباً باستبعاد العقارات التي كان يطلب اتخاذ الإجراءات عليها ضد الطاعن السادس وكذلك في 27/ 4/ 1966 حين طلب استخراج صور رسمية من العقود المطعون عليها وسلمت إليه هذه الصور في 16/ 5/ 1966 في حين رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع تأسيساً على أن البنك أقام دعواه قبل مضى ثلاث سنوات على إشهار التصرف وعلمه به فيكون قد نأى بدعواه عن السقوط، وذلك دون أن يناقش الحكم التواريخ التي تسمك بها الطاعنون والمستندات التي أيدوا بها هذه التواريخ وبذلك يكون قد خالف القانون وشابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن نص المادة 243 من القانون المدني على أن "تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذى صدر فيه التصرف المطعون فيه" مفاده أن الدعوى البوليصية تسقط بأقصر المدتين: الأولى ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف في حقه لأن الدائن قد يعلم بالتصرف ولا يعلم بما يسببه من إعسار للمدين أو بما ينطوي عليه من غش إذا كان من المعارضات. والثانية خمس عشرة سنة من الوقت الذى صدر فى التصرف ومن ثم فإنه على من يتمسك بالتقادم الثلاثي المشار إليه أن يبين علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتاريخ هذا العلم لتبدأ منه مدة ذلك التقادم. ولما كان الطاعنون قد ركنوا في إثبات علم البنك الدائن بسبب عدم نفاذ التصرفات إلى الطلب الذي قدمه إلى مأمورية الشهر العقاري وإلى استخراجه صوراً رسمية من عقود هذه التصرفات دون أن يبين الطاعنون وجه استدلالهم من ذلك على علم البنك الدائن بأن تلك التصرفات سببت إعسار المدين وأنها انطوت على غش. وكان ما قام به البنك إن دل على مجرد علمه بحصول التصرفات فإنه لا يدل بذاته على أنها تؤدي إلى إعسار المدين وأنها انطوت على غش وإذ تخلف الطاعنون عن تقديم الدليل على علم البنك المطعون ضده الأول بسبب عدم نفاذ التصرف على الوجه المشار إليه وتاريخ هذا العلم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بالتقادم يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني أن الطاعنين الخامسة والسادس بصفته كانا قد دفعا في صحيفة الاستئناف وفى مذكرتهما أمام محكمة ثاني درجة بوجوب تجريد المدين الأصلي ....... وضامنه المطعون ضده الثاني وأنهما قدما الدليل على ملاءة المدين الأصلي ويساره لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بقالة أن حق التجريد لا يقوم إلا بالنسبة للكفيل العادي أما الكفيل المتضامن فلا يجوز له الدفع بالتجريد عملا بالمادة 793 من القانون المدني في حين أن الدعوى البوليصية إنما هي دعوى تكميلية لا تعطى للدائن إلا بعد أن يجرد المدين، أي بعد أن يثبت أنه ليس للمدين مال ظاهر يمكن التنفيذ عليه غير الحق الذى تصرف فيه بما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن التجريد رخصة تخول الكفيل غير المتضامن الحق في أن يمنع التنفيذ على أمواله وفاءاً للدين المكفول إلا بعد فشل الدائن في استيفاء حقه جبراً من المدين. ومن ثم فإن التجريد لا يكون إلا في العلاقة بين الدائن والكفيل وبصدد شروع الدائن في التنفيذ على أموال الكفيل ولا يتثبت للكفيل المتضامن أما في دعوى عدم نفاذ التصرف التي يقيمها الدائن على مدينه وعلى من تصرف إليهم هذا المدين فحسب الدائن - على ما تقضي به المادة 239 من القانون المدني - أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين المتصرف نفسه أن يثبت أنه له ما لا يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها. ويجوز ذلك للمتصرف إليهم أيضاً. ولا يعتبر ذلك منهم دفاعاً بالتجريد وإنما هو إثبات لتخلف أحد شروط الدعوى المذكورة وهو تسبب التصرف في إعسار المتصرف أو في زيادة إعساره. ولما كان المطعون ضده الثاني كفيلاً متضامناً مع المدين الأصلي للبنك وقد حصل البنك على حكم بإلزامه بالدين فقد أضحى بدوره مديناً للبنك وإذ تصرف في أمواله محل الدعوى البوليصية ولم يثبت الطاعنان الخامسة والسادس بصفته - وهما من المتصرف إليهم - أن للمتصرف ما لا يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها وكان لا يحق لهم الدفع بتجريد المدين الأصلي الذى كفله من تلقوا منه التصرفات موضوع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض ذلك الدفع يكون قد التزم صحيح القانون يكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث أن الطاعنين الأربعة الأول دفعوا الدعوى بأنهم مالكون أصلاً للعقارات محل عقد الصلح الموثق فى الدعوى رقم 1473 سنة 1964 ميت غمر ملكية أساسها الميراث عن مورثهم المرحوم...... ولم ينشئ عقد الصلح هذه الملكية وإنما قررها ومن ثم فلا يعتبرون منصرفاً إليهم في الدعوى البوليصية. وأنهم ساندوا دفاعهم بما ثبت في إجراءات مصلحة الشهر العقاري بصدد بحث الملكية من أن أصل ملكية المورث..... ناشئة عن عقد وصية صادر له من جده ثابت التاريخ رسمياً بمحكمة المنصورة المختلطة برقم 2775 سنة 1987 وسبق الاعتداد به كمستندات تمليك في عقود مسجلة قبل العمل بقانون الشهر العقاري. وأنهم طلبوا من محكمتي الموضوع تحقيق هذه الملكية ولكن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع بما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما قدمه الطاعنون في هذا الطعن من أوراق قد خلت جميعاً من دليل على أنهم أثاروا أمام قضاء الموضوع أن سند ملكية مورثهم هو عقد وصية ثابت التاريخ ومأخوذ به في عقود مسجلة قبل العمل بقانون الشهر العقاري وإنما أطلقوا القول بأن الملكية آلت إليهم ميراثاً عن والدهم وركنوا في إثبات ذلك إلى أهل الخبرة. وإذ كان تعيين الخبراء من الرخص المخولة لقاضى الموضوع وله وحده تقدير لزوم أو عدم الاستعانة بهم. وكانت محكمة أول درجة بحكمها المؤرخ 16/ 11/ 1972 قد أتاحت الفرصة لتحقيق دفاع الطاعنين المذكورين المشار إليه بقضائها بإحالة الدعوى إلى التحقيق كي يثبتوا أن تصرف المطعون ضده الثاني لهم لم يقصد به الإضرار بالبنك الدائن. وهو ما يتيح لهم إثبات عدم ملكية المتصرف أصلاً لما تصرف فيه بما تنتفى به مضارة البنك الدائن. وإذ تم تحقيق ذلك أمام محكمة أول درجة، فإنه لا على محكمة ثاني درجة عدم إجابتها طلب ندب خبير اكتفاء منها بما استخلصته محكمة أول درجة من تحقيق بشهادة الشهود في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الرابع على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أورد أسماء شهودهم الخمسة وحاصل أقوالهم ولكنه لم يمحصها واكتفى بالقول بأن المحكمة لا تطمئن لأقوال الشهود، الأمر الذى يجعله قاصر البيان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن تقدير أقوال الشهود والاطمئنان إليها كلها أو بعضها هو مما تستقل به محكمة الموضوع حسبما يطمئن إليه وجدانها دون أن تكون ملزمة ببيان أسباب هذا الترجيح ولا معقب عليها في ذلك.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الخامس أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور إذ قضى بإلزام الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في حين لم يطلب رافع الدعوى (المطعون ضده الأول) سوى إلزام المطعون ضده الثاني بها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القضاء في مصاريف الدعوى لا يستند إلى طلبات الخصوم بصددها وإنما تفصل فيها المحكمة من تلقاء نفسها عند إصدارها الحكم المنهى للخصومة وطبقاً للقواعد التي نصت عليها المواد 184 وما بعدها من قانون المرافعات. وإذ علل كل من الحكمين الابتدائى والاستئنافى إلزام الطاعنين المصروفات بخسرانهم الدعوى وإخفاقهم فى الطعن بالاستئناف استناداً إلى المادة 184 مرافعات فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 740 لسنة 46 ق جلسة 6 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 373 ص 181

جلسة 6 ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الخولي، ويوسف أبو زيد، ومصطفى كمال سليم ودرويش عبد المجيد.

----------------

(373)
الطعن رقم 740 لسنة 46 القضائية

(1، 2) مسئولية. "المسئولية التقصيرية".
(1) مسئولية المتبوع. تحققها كلما كان فعل التابع قد وقع أثناء تأدية وظيفته أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته على ذلك وسواء كان الفعل لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي بعلم المتبوع أو بغير علمه.
(2) مسئولية المتبوع عن خطأ تابعه. لا يمنع من تحققها تعذر تعيين التابع.
(3) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي".
(3) الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق. لا تكتسب أية حجية أمام القضاء المدني للمحكمة أن تقضى بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها لفاعلها على خلاف القرارات. المذكورة.

------------------
1 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن المشرع بصدد تحديده نطاق مسئولية المتبوع وفقا لحكم المادة 174 من القانون المدني لم يقصد قصر المسئولية على خطأ التابع وهو يؤدى عملاً من أعمال وظيفته وبسببها بل تحقق المسؤولية كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل هذه الوظيفة أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأي طريقة كانت فرصة ارتكابها سواء ارتكب لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي وسواء أكان الباعث الذى دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه.
2 - مسؤولية المتبوع تتحقق ولو لم يعين تابعه الذى وقع سنه الفعل غير المشروع إذ يكفى في مسألة المتبوع أن يثبت وقوع خطأ من تابع له ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه (2).
3 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (3) - أن الحكم الجنائي هو الذي يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى فاعلها على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق، لما كان ذلك. فإن قرار النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في الجناية موضوع الفعل غير المشروع المؤسس عليه طلب التعويض لا يكون له ثمت حجة أمام القضاء المدني أياً ما كان فحوى هذا القرار والأسباب التي بني عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 136 لسنة 1966 مدني كلي الجيزة مختصمين الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي لهم مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عما حاق بهم من أضرار نتيجة مقتل أبيهم أثناء أداء عمله بمصنع الشركة الطاعنة. وبتاريخ 21 من يونيه سنة 1972 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم بكافة طرق الإثبات أن أباهم قد قتل باعتداء وقع عليه من أحد تابعى الشركة الطاعنة فلحقهم الضرر من جراء هذا الحادث وأجازت للشركة الطاعنة نفي ذلك بذات الطرق، وبعد أن باشرت المحكمة تحقيقاً سمعت فيه شهود الطرفين قضت بتاريخ 21 من مارس سنة 1973 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والقضاء لهم بطلباتهم، وقيد الاستئناف برقم 3525 لسنة 90 ق، وبتاريخ 27 من مايو سنة 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضدهم مبلغ ألف وخمسمائة جنيه يقسم بينهم بالتساوي. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة تنعى بأولها على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وتقول بياناً لذلك أن تطبيق نص المادة 174 من القانون المدنى يتطلب ارتكاب التابع خطأ وأن يكون الخطأ قد وقع أثناء تأديته وظيفته أو بسببها، فعلاقة الوظيفة بالخطأ فى مفهوم هذا النص لا تقوم على مجرد أن الوظيفة ساعدت على وقوع الخطأ أو هيأت الفرصة لارتكابه بل هى أكثر من ذلك فهى ضرورية لإمكان وقوع الخطأ ولولاها لما استطاع التابع أن يأتى الفعل غير المشروع ولذا يسأل التابع وحده دون المتبوع إذا ارتكب التابع الخطأ بدافع شخصى، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس من تحقق مسئولية المتبوع دون أن يورد الدليل القاطع الذى يثبت أن جريمة القتل اقترفها عامل معين أو عمال معينون تابعون للشركة وأن الجريمة وقعت فى حالة تأدية التابع لوظيفة أو بسببها على نحو ما سلف، بل بنى قضاءه فى هذا الصدد على قول مرسل متجرد من دليل يسانده فإنه يكون معيباً بالقصور مشوباً بالفساد فى الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بصدد تحديده نطاق مسئولية المتبوع وفقاً لحكم المادة 174 من القانون المدنى لم يقصد قصر المسئولية على خطأ التابع وهو يؤدى عملاً من أعمال وظيفته وبسببها بل تحقق المسئولية كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأديته الوظيفة أو كلما استغل الوظيفة أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأى طريقة كانت فرصة ارتكابه سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصى وسواء كان الباعث الذى دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه وكان من المقرر أيضاً أن مسئولية المتبوع تتحقق ولو لم يعين تابعه الذى وقع منه الفعل غير المشروع إذ يكفى فى مساءلة المتبوع أن يثبت وقوع خطأ من تابع له ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد الأدلة والقرائن التى اتخذها قواما لقضائه وأفصح عن المصدر الذى استقاها منه، فأبان أن جريمة قتل مورث المطعون ضدهم ارتكبت داخل فناء مصنع الشركة الطاعنة وأطرح دفاع الطاعنة بأن الحادث وقع خارج المصنع وألقيت الجثة داخله مستدلاً على ذلك بأقوال حارس الشركة التى أدلى بها فى تحقيقات النيابة وما أسفرت عنه المعاينة، ثم أورد الحكم فى تقريراته "وحيث إن الثابت من التحقيقات أن العاملين فى فرز الخرده وهم...... و...... و..... كانوا يباشرون عملهم بداخل حوش الخردة بجوار الباب الغربي في صباح يوم الحادث 27/ 4/ 1961 في الوقت الذي شوهد فيه المجني عليه متجهاً إلى الناحية الغربية داخل حوش الخردة وهم الذين ورد ذكرهم في محضر تحريات المباحث أنهم..... قد ارتكبوا الحادث وإن كانت التحقيقات لم تسفر عن دليل يصح لاتهامهم إلا أن جماع أقوال المسئولين في الشركة وعلى الأخص شاهدي الشركة أمام محكمة أول درجة وهما..... رئيس الإدارة، والحسابات بالمصنع و...... الموظف بالشركة غير مصرح لأحد غير عمال الشركة بالدخول إلى فناء الخردة سالف الذكر بغير تصريح ومرافق ويثبت اسمه بدفتر البوابة وهو أمر لا يحدث إلا مرتين أو ثلاثة في السنة للمقاولين الذين يطلبون معاينة الخردة، أما الشحن والتفريغ فإنه يتم بواسطة قاطرات الشركة بعمالها..... وقد قرر الشاهد الثاني من شهود الشركة أمام محكمة أول درجة أنه لا يذكر شيئاً عن وجود آخرين أو وجود سائق القطار في يوم الحادث - هذا بالإضافة إلى أنه لم يرد في تحقيقات الشرطة أو النيابة أية إشارة إلى وجود أي عنصر غريب عن عمال الشركة بداخل حوش الخردة يوم الحادث الأمر الذي يقطع بأن الحادث وقع من بعض أو أحد العاملين بالشركة وهم وحدهم الذين كشفت التحقيقات عن توفر الدافع لديهم لقتل المجنى عليه لما عرف عن الأخير من شدة تدينه وتمسكه بالفضيلة وحرصه على صالح الشركة ودأبه على ضبط المخالفين والسارقين منهم والتبليغ عنهم للجهات المختصة بالشركة ولا يقدح فى ذلك أن التحقيقات لم تسفر عن التوصل لمعرفة الفاعل أو الفاعلين من بين هؤلاء العمال....." لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة في بحث ما يقدم لها من الدلائل والمستندات وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه كما لها السلطة في تقدير أقوال الشهود والأخذ بأقوال بعضهم دون البعض الآخر واستخلاص ما يقتنع به وجدانها وتراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض في ذلك متى كان استخلاصها سائغا له أصله الثابت بالأوراق، وكانت الأدلة والدلائل التي ساقها الحكم المطعون فيه سائغة ومستمدة من التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة عن الحادث ومن أقوال الشاهدين اللذين أدليا بشهاداتهما أمام محكمة أول درجة، وهى من شأنها مجتمعة أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من أن حادث مقتل مورث المطعون ضدهم وقع داخل فناء مصنع الشركة الطاعنة ومن فعل أحد أو بعض العاملين بها، وكان يكفي في القانون وعلى هدي ما سلف - لقيام مسئولية الشركة الطاعنة عن التعويض - أن يثبت الحكم المطعون فيه وقوع الجريمة من عامل بها ولو لم يعرف بشخصه وتعيينه من بين تابعيها وتتحقق المساءلة ولو كان الباعث على القتل - كما أفصح الحكم - شخصيا وليس لمصلحة المتبوع طالما كانت الوظيفة هي التي ساعدت التابع أو هيأت له إتيان فعله، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من نعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقها في الدفاع وبياناً لذلك تقول أن الدعوى ظلت تؤجل أمام محكمة الاستئناف عدة جلسات لضم المفردات وإذ ضمت بجلسة 10 من مايو سنة 1976 فقد طلبت التأجيل للاطلاع عليها إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وقررت حجز الدعوى للحكم وحددت للنطق به جلسة 27 من مايو سنة 1976 وأذنت بتقديم مذكرات بطريق الإيداع ودون تصريح منها بالاطلاع مما يعد إخلالاً بالحق في الدفاع. مبطلاً للحكم ومستوجباً نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير مقبول ذلك أنه لما كانت الشركة الطاعنة لم تقدم الدليل على ما تمسكت به أمام محكمة الاستئناف من طلب التأجيل للاطلاع على المفردات أثر ضمها وعند حجز الدعوى للحكم والتفات المحكمة عن الاستجابة لهذه الطلبات فإنه نعيها يكون مفتقراً إلى الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثالث أن النيابة العامة بعد أن انتهت من تحقيق حادث مورث المطعون ضدهم فى الجناية رقم 77 لسنة 1961 البدرشين أصدرت قراراً - صار نهائياً - بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل، وإذ كان هذا القرار قد أثبت أن الفاعل الذى اقترف الحادث غير معلوم فإن مفاده انتفاء تعيينه من بين تابعى الشركة الطاعنة مما كان متعيناً على الحكم المطعون فيه الالتزام بقوة الأمر المقضى لقرار النيابة وإذ جاء قضاؤه مناقضاً له فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي هو الذى يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني ويكون له أن يقضى بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى فاعلها على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق، لما كان ذلك. فإن قرار النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في الجناية موضوع الفعل غير المشروع المؤسس عليه طلب التعويض لا يكون له ثمت حجية أمام القضاء المدني أيا ما كان فحوى هذا القرار والأسباب التي بني عليها ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 18/ 3/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 صـ 795.
(2) نقض 22/ 11/ 1943 ص 626 بند 74 مجموعة 25 عاماً.
(3) نقض 27/ 1/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 صـ 307.

الطعن 1021 لسنة 46 ق جلسة 10 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 376 ص 204

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ دكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.

---------------

(376)
الطعن رقم 1021 لسنة 46 القضائية

(1) حجز. "حجز ما للمدين لدى الغير".
سقوط الحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية. 574/ 1 مرافعات سابق. أثره. عدم قبول دعوى الحاجز بطلب إلزامها شخصياً بالدين من أجله.
(2) دفوع. "الدفع الشكلي. والدفع الموضوعي". حجز.
الدفع الشكلي والدفع الموضوعي. ماهية كل منهما. الدفع بسقوط الحجز في دعوى الحاجز بإلزام المحجوز لديه شخصيا بالدين. دفع موضوعي. جواز إبدائه في أية حالة كانت عليها الدعوى.

---------------
1 - مؤدى نص المادتين 574/ 1، 566/ 1 من قانون المرافعات السابق يدل على أن الحجز الموقع تحت يد احدى المصالح الحكومية يسقط ويعتبر كأن لم يكن بانقضاء ثلاث سنوات على إعلانه للمصلحة المحجوز لديها ما لم يعلنها الدائن الحاجز برغبته في استيفاء الحجز وتجديده، ويترتب على سقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن زوال كافة الآثار المترتبة عليه ومنها واجب التقرير بما في الذمة المنصوص عليه في المادة 561 من القانون المشار إليه، فإذا زال عن المصلحة المحجوز لديها واجب التقرير بما في الذمة فإنه يسقط عنها أي إخلال سابق بهذا الواجب لأن الفرع يزول بزوال الأصل ومن ثم ينحسر عن الدائن الحاجز حق مطالبة المصلحة الحكومية المحجوز لديها شخصياً بالدين المحجوز من أجله.
2 - لما كان مناط التفرقة بين الدفع الشكلي والدفع الموضوعي أن أولهما يوجه إلى صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها بغية إنهاء الخصومة دون الفصل في موضوع الحق المطالب به، أو تأخير الفصل فيه، أما الدفع الموضوعي فهو الذى يوجه إلى الحق موضوع الدعوى بهدف الحصول على حكم برفضها كليا أو جزئيا، وكان الدفع المبدى من المطعون ضدها - المصلحة الحكومية - بسقوط الحجز الموقع تحت يدها لعدم إعلانها من الحاجز برغبته في استبقاء الحجز وتجديده خلال المدة المشار إليها واعتبار الحجز كأن لم يكن - هذا الدفع - لا ينصب على صحة الخصومة أو أحد إجراءاتها بل هدفت المطعون ضدها من وراء التمسك به إلى رفض طلب الطاعنين إلزامها بالدين المحجوز من أجله بمقولة إخلالها بواجب التقرير بما في الذمة على النحو وفى الميعاد المبين في القانون. ومن ثم فإن هذا الدفع يعتبر دفعاً موضوعياً يسوغ إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 806 لسنة 1974 تنفيذ عابدين على وزارة الصناعة المطعون ضدها، طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 19504 ج و893 قيمة الدين المحجوز به تحت يدها استناداً إلى عدم التقرير على الوجه الذي يتطلبه القانون - بما في ذمتها لشركة الملح والتعدين الأهلية المحجوز عليها نفاذاً للحجز الذي أوقعه تحت يدها بإعلانها به بتاريخ 16/ 8/ 1960 استيفاء لدينه المحكوم له به قبل الشركة المحجوز عليها بالحكم رقم 351 سنة 1951 تجاري كلي الإسكندرية، ورغم القضاء بتغريمه فى الدعوى رقم 344 سنة 1961 لعدم قيامه بهذا التقرير وبتاريخ 31/ 1/ 1974 حكم قاضى التنفيذ بمحكمة عابدين الجزئية برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 5100 سنة 91 ق. وبتاريخ 19/ 10/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييده. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النعي أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن استمرار الحجز قائماً شرط لتطبيق المادة 343 من قانون المرافعات حالة أن نص هذه المادة - شأنه شأن نص المادة 566 من قانون المرافعات السابق - قد جاء خلواً من ذلك القيد إذ لم يستلزم المشرع لتوقيع جزاء إلزام المحجوز لديه بالدين المحجوز من أجله سوى شروط ثلاثة أولها: الحصول على سند تنفيذي. وثانيها: طلب الدائن توقيع الجزاء برفع دعوى الإلزام. وثالثها: أن يكون المحجوز لديه قد ارتكب أحد الأمور المنصوص عليها في المادة المشار إليها، فضلاً عن أن دعوى الإلزام إنما تمثل مرحلة مستقلة ولاحقة على توقيع الجزاء وقاصرة على علاقة الدائن المحجوز لديه الذى خل بواجب التقرير بما في ذمته على الوجه وفى الميعاد المبين في القانون، ومن ثم فإنه لا يشترط لتوقيع جزاء الإلزام أن يظل الحجز قائماً ومستمراً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 574/ 1 من قانون المرافعات السابق - الذى وقع الحجز فى ظله - على أن الحجز الواقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية لا يكون له أثر إلا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه ما لم يعلن الحاجز المحجوز لديه فى هذه المدة باستيفاء الحجز. فإن لم يحصل هذا الإعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات اعتبر الحجز كأن لم يكن مهما كانت الإجراءات أو الاتفاقات أو الأحكام التي تكون قد تمت أو صدرت في شأنه". والنص في المادة 566/ 1 من القانون المشار إليه على أنه "إذ أصر المحجوز لديه على الامتناع عن التقرير رغم تكليفه به أو قرر غير الحقيقة وأخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد التقرير، جاز الحكم عليه للدائن الذى حصل على سند تنفيذي بدينه بالمبلغ المحجوز من أجله". يدل على أن الحجز الموقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية يسقط ويعتبر كأن لم يكن بانقضاء ثلاث سنوات على إعلانه للمصلحة المحجوز لديها ما لم يعلنها الدائن الحاجز برغبته في استبقاء الحجز وتجديده، ويترتب على سقوط الحجز واعتباره كأن لم يكن زوال كافة الآثار المترتبة عليه ومنها واجب التقرير بما في الذمة المنصوص عليه في المادة 561 من القانون المشار إليه، فإذا زال عن المصلحة المحجوز لديها واجب التقرير بما في الذمة فإنه يسقط عنها أى إخلال سابق بهذا الواجب لأن الفرع يزول بزوال الأصل ومن ثم ينحسر عن الدائن الحاجز حق مطالبة المصلحة الحكومية المحجوز لديها شخصياً بالدين المحجوز من أجله، لما كان ذلك وكان الحجز موضوع التداعي قد وقع تحت يد وزارة الصناعة المطعون ضدها بتاريخ 16/ 8/ 1960 وخلت أوراق الدعوى مما يدل على أن مورث الطاعنين (الحاجز) قد أعلن رغبته في استبقاء الحجز وتجديده قبل مضى ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه للمطعون ضدها فإن الحجز يكون قد سقط واعتبر كأن لم يكن فزال عن كاهل الوزارة المطعون ضدها (المحجوز لديها) واجب التقرير بما فى الذمة وسقط جزاء الإلزام الشخصي عن إخلالها به، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر الصحيح في القانون فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعنون "أنهم تمسكوا بأن الدفع بسقوط الحجز يتعلق بالإجراءات فيسقط الحق فيه بعدم إبدائه قبل أى دفاع موضوعي أو أي دفع بعدم القبول، وبعد إبدائه مع غيره من الدفوع الشكلية، ولما كانت المطعون ضدها قد دفعت بعدم قبول الدعوى قبل الدفع بسقوط إجراءات الحجز، ولم تبد هذا الدفع مع دفعها بعدم اختصاص المحكمة محليا فإن حقها فى التمسك به يكون قد سقط إعمالاً لنص المادة 108 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه كيف الدفع بسقوط إجراءات الحجز بأنه دفع موضوعي ورتب على ذلك عدم سقوطه وجواز إبدائه فى أية حالة تكون عليها الدعوى، فجاء معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه".
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مناط التفرقة بين الدفع الشكلي والدفع الموضوعي أن أولهما يوجه إلى صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها بغية إنهاء الخصومة دون الفصل في موضوع الحق المطالب به، أو تأخير الفصل فيه، أما الدفع الموضوعي فهو الذى يوجه إلى الحق موضوع الدعوى بهدف الحصول على حكم برفضها كلياً أو جزئياً، وكان الدفع المبدى من المطعون ضدها بسقوط الحجز الموقع تحت يدها لعدم إعلانها من الحاجز برغبته في استبقاء الحجز وتجديده خلال المدة المشار إليها واعتبار الحجز كأن لم يكن - هذا الدفع - لا ينصب على صحة الخصومة أو أحد إجراءاتها بل هدفت المطعون ضدها من وراء التمسك به إلى رفض طلب الطاعنين إلزامها بالدين المحجوز من أجله بمقولة إخلالها بواجب التقرير بما في الذمة على النحو وفى الميعاد المبين في القانون، ومن ثم فإن هذا الدفع يعتبر دفعاً موضوعياً يسوغ إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر الصحيح فى القانون فإن النعى عليه بالخطأ في تطبيق القانون بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن أساس دعوى الإلزام الشخصي منفصل عن الحجز وإجراءاته إذ هي ترتكز على مسئولية المحجوز لديها الذاتية عما ارتكبته من غش وإخلال بواجب التقرير بما في الذمة الأمر الذى ثبت وحسم بالحكم الصادر بتاريخ 17/ 12/ 1961 في الدعوى 344 لسنة 61 الدرب الأحمر القاضي بتغريم المطعون ضدها 40 جنيهاً وكان الحجز ما زال قائماً وقتئذ ومن ثم فإن استمرار قيام الحجز بعد ذلك يعد ناقلة ويستوي مع عدم قيامه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يجابه هذا الدفاع الجوهري إلا بما قرره من سقوط الحجز، وهذا منه لا ينهض رداً كافياً على دفاعه ولا مبرراً لقضائه برفض الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت محكمة الموضوع غير مكلفة بأن تورد في حكمها كل حجج الخصوم وأن تقوم بالرد استقلالاً على كل حجة طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، وكان البين من الرجوع إلى مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين بإلزام المطعون ضدها شخصيا بدينهم المحجوز به تحت يدها لإخلالها بواجب التقرير بما في الذمة على أن المادة 343 من قانون المرافعات الحالي - الذى أقيمت الدعوى في ظله - وإن لم تنص إلا على ثلاثة شروط لدعوى الإلزام الشخصي أولها: أن يكون الدائن الحاجز قد تحصل على سند تنفيذي. وثانيها: أن يطلب الدائن الحاجز توقيع جزاء الإلزام. وثالثها: أن يتخلف المحجوز لديه عن التقرير بما في ذمته على الوجه وفى الميعاد المبين في القانون أو أن يقرر غير الحقيقة أو أن يخفي الأوراق الواجب إيداعها مع التقرير، إلا أن المنطق وطبيعة الأمور توجبان تحقق شرط آخر وهو وجوب أن يكون الحجز قائماً منتجاً لآثاره، وكان ما أورده الحكم صحيح في القانون كما يبين من أسباب الرد على السبب الأول من هذا الطعن ويكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني على دفاع الطاعنين بأن دعوى الإلزام الشخصي مستقلة عن الحجز وإجراءاته فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن