الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 ديسمبر 2023

الطعن 2351 لسنة 35 ق جلسة 6 / 12 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 23 ص 232

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------

(23)

الطعن رقم 2351 لسنة 35 القضائية

تراخيص - ترخيص البناء - العلاقة بين طلب الترخيص والملكية.
المادتان 4، 10 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
لا يستلزم القانون في طلب رخصة البناء أن يكون صادراً عن مالك الأرض التي ينصب عليها الطلب ما دام أن الترخيص بالبناء يصدر تحت مسئولية طالبه ولا يمس بحال حقوق الملكية أو الانتفاع أو الإيجار لذوي الشأن المتعلقة بالأرض - أساس ذلك: الترخيص يستهدف في حقيقته كفالة تنفيذ المبادئ والقواعد الخاصة بالنظام العام للمباني أي مطابقة مشروع البناء وتصميمه وتنفيذه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأسس والأصول والقواعد الفنية - لا ينال الترخيص على أي وجه من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية الخاصة بالأرض أو المبنى والتي لم يشرع الترخيص أو يشترط أو ينظم صدوره لإثباتها ويبقى دوماً لكل صاحب شأن مالكاً كان أو منتفعاً أو مستأجراً أن يلجأ إلى ما يراه محققاً لمصلحته من الوسائل والإجراءات القانونية والقضائية التي تؤكد حقه وتحميه من التعدي عليه - نتيجة ذلك: لا مدعاة لأن تستغرق جهة الترخيص في البحث والتحري لأسانيد الملكية ومستنداتها بما يترتب عليه أن تستطيل معه إجراءات فحص طلب الترخيص والبت في منحه أو رفض الطلب وذلك طالما أن طلب الترخيص لا تعتوره عيوب جوهرية ظاهرة أو منازعات جادة تنبئ عن أن الطالب للترخيص لا حق له قانوناً في البناء على الأرض - إذا ما باشرت الإدارة المختصة اختصاصها في فحص أوراق ومستندات طلب الترخيص واستندت إلى ما يبين من ظاهر هذه الأوراق من عدم وجود ما يمنع قانوناً من منح الترخيص لطالبه دون إهمال أو انحراف فإنها تكون قد أعملت حكم القانون في إصدار موافقتها على منح الترخيص ولا يعتوره في هذه الحالة قرارها ما يدعو لوقف تنفيذه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 14/ 5/ 1989 أودع الأستاذ/ مجدي محمد عياد المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/ 3/ 1989 في الدعوى رقم 502 لسنة 41 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار حي غرب الإسكندرية الصادر بالترخيص رقم 132 لسنة 1986 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب في ختام التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الموضوع، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في الشق المستعجل من محكمة أول درجة وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً وقدم المستشار محمود عادل الشربيني مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتحدد جلسة 18/ 12/ 1989 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 18/ 3/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، التي عينت جلسة 6/ 4/ 1991 لنظر الطعن وقد تداولت المحكمة نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/ 10/ 1992 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 6/ 12/ 1992 مع التصريح لمن يشاء بتقديم مذكرات والتصريح للمطعون ضده بتقديم صورة طبق الأصل رسمية ومعتمدة من مذكرة إدارة الشئون القانونية المحددة بمحضر الجلسة السابقة وقد قدم الطعون ضده....... مذكرة أوضح فيها أن "موضوع هذه الدعوى" تم التحقيق فيه أمام النيابة الإدارية التي انتهت إلى بطلان التخصيص والتسليم وأوقعت الجزاء على كل من ساهم في الخطأ، وأن الإدارة القانونية بجهاز أملاك الدولة حررت مذكرة انتهت فيها إلى إلغاء كافة الإجراءات الصادرة للسيد/ ...... (الطاعن) وأن المطعون ضده طلب التصريح له بتقديم صورة طبق الأصل من المذكرة المشار إليها وصرحت له المحكمة بذلك، إلا أن جهاز أملاك الدولة رفض إعطائها له وخلص المطعون ضده إلى طلب فتح باب المرافعة حتى يتمكن من الاطلاع على مذكرة الإدارة القانونية وإعداد مذكرة في ضوء ما ورد بها كما طلب الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصروفات، وأودع جهاز حماية أملاك الدولة - تنفيذاً لقرار المحكمة - مذكرة مدير الشئون القانونية المعتمدة في 7/ 9/ 1992 وتقرير مدير الأملاك بشأن إجراء معاينة حديثة على قطعة الأرض موضوع النزاع بين الطاعن والمطعون ضده - وبجلسة اليوم 6/ 12/ 1992 صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي........ أقام الدعوى رقم 502 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة المشار إليها في 11/ 12/ 1986 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بالترخيص رقم 132 لسنة 1986 من حي غرب الإسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شارحاً دعواه أنه تقدم بطلب لجهاز حماية أملاك الدولة لتخصيص قطعة أرض بالمنطقة الغذائية لحي غرب الإسكندرية لإقامة مشروع (علف أمن غذائي) وتم فتح ملف له برقم 133 في 27/ 12/ 1984 وسدد جميع الرسوم المقررة وحصل على جميع الموافقات من كافة الجهات المختصة وأقام سوراً حول قطعة الأرض وأقام غرفة بها وجمالون وهي القطعة رقم (12) بالمنطقة الصناعية الغذائية، ولم يبق من الإجراءات سوى العرض على اللجنة الرباعية، إلا أنه فوجئ بأن جهاز حماية أملاك الدولة تواطأ مع المدعى عليه الرابع....... (الطاعن) وسلمه القطعة المخصصة له لإنشاء (مصنع هياكل سيارات) رغم أن الموافقة الصادرة إلى........ كانت على قطعة أخرى برقم 41/ ب بالمنشية الجديدة بحي العامرية بالمنطقة الصناعية وليس بالمنطقة الغذائية، وقام الجهاز بإزالة السور والجمالون بزعم أن ذلك يعتبر تعدياً من المدعي على أرض مخصصة لمشروعات السمكرة بالمحافظة. ولما تقدم المدعي بشكوى إلى الإدارة القانونية انتهت الإدارة إلى أحقيته في القطعة رقم (12) بالمنشية الجديدة بالمنطقة الغذائية، ورغم ذلك قام المدعى عليه (الطاعن) باستخراج الترخيص رقم 132 لسنة 1986 من حي غرب على قطعة الأرض المخصصة للمدعي، وهو ترخيص صدر على موقع غير مخصص للمدعى عليه مما يجعله مخالفاً للقانون.
وقدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على ملف (مشروع إنشاء هياكل سيارات) باسم......، كما قدم المدعى عليه الرابع مذكرة طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى، كما قدم حافظة مستندات.
وبجلسة 26/ 3/ 1989 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار حي غرب الإسكندرية الصادر بالترخيص رقم 132 لسنة 1986 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي تقدم بطلب لتخصيص قطعة أرض بالمنشية الجديدة لإقامة (مصنع أعلاف) عليها، وذلك بتاريخ 27/ 12/ 1984 وطلب منه تقديم الرسوم اللازمة للموقع المختار على القطعة رقم 12 مربع 7 بالمنطقة الغذائية بالمنشية الجديدة التابعة لحي غرب بمسطح 1000 م 2 وأنه حصل على كل الموافقات المطلوبة، إلا أن جهاز حماية أملاك الدولة قام بتسليم المدعى عليه الرابع....... ذات القطعة المخصصة للمدعي بموجب محضر التسليم المؤرخ 1/ 7/ 1986 - بالرغم من أن........ سبق له أن تسلم القطعة رقم (41) بجهة المنشية الجديدة بالمنطقة الصناعية تسمى العامرية وقام حي غرب بإصدار الترخيص رقم 132 لسنة 1986 لصالح المدعى عليه الرابع وذلك على خلاف الواقع الأمر الذي يجعل قرار الترخيص المذكور مشوباً - بحسب الظاهر - بعيب مخالفة القانون مما يتوافر معه ركن الجدية بالإضافة إلى توافر ركن الاستعجال المتمثل في عدم تنفيذه للمشروع وتغير معالم الأرض وما أقامه المدعي من منشآت.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لعدة أسباب أولاً: حين قضى الحكم بقبول دعوى المطعون ضده الأول شكلاً رغم ثبوت رفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً ذلك أن الدعوى تنصب على قرار التخصيص الصادر بتاريخ 8/ 5/ 1986 والذي علم به المدعي في 5/ 10/ 1986 إلا أنه لم يقم دعواه إلا بتاريخ 11/ 12/ 1986. ثانياً: أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب لعدم إحاطته بوقائع الدعوى لأن قرار التخصيص الذي على أساسه صدر الترخيص رقم 132 لسنة 1986 تم تسجيله رسمياً بالشهر العقاري وأنه تم بناءً على قرار المجلس التنفيذي للمحافظة في 17/ 6/ 1986 كما أن الطاعن (المدعى عليه الرابع) قد خصص له جزء من القطعة رقم (10) ولا شأن له بالقطعة رقم (12). ثالثاً: فات محكمة أول درجة أن المطعون ضده صدر حكم جنائي بإدانته عن واقعة تعديه على قطعة الأرض المخصصة للطاعن. رابعاً: أخطأت محكمة أول درجة حين قضت بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم توافر ركني الجدية والاستعجال - وخلص الطاعن لما تقدم - ولكل ما ورد بتقرير الطعن إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في الشق المستعجل.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من أوجه الطعن المتعلق بأن الحكم المطعون فيه أخطأ حين قضى بقبول الدعوى شكلاً فهذا مردود عليه بأن الثابت من ظاهر الأوراق أن الترخيص رقم 132 لسنة 1986 المطعون عليه صدر بتاريخ 6/ 10/ 1986 وأقام المدعي دعواه بتاريخ 11/ 12/ 1986 وبالتالي فإنها تكون قد أقيمت في الميعاد المقرر قانوناً. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن المنازعة الماثلة تنصب أساساً على القرار الصادر من الجهة الإدارية بمنح الطاعن الترخيص رقم 132 لسنة 1986 لبناء مصنع هياكل سيارات ومسجد وغرفة كهرباء بالمنطقة الصناعية بالمنشية الجديدة، وهو الترخيص الذي صدر الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذه.
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أنه لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها...... إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي.... ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها بالفقرة الأولى إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وتنص المادة العاشرة منه على أن "يكون طالب الترخيص مسئولاً عما يقدمه من بيانات متعلقة بملكية الأرض المبينة في طلب الترخيص، وفي جميع الأحوال لا يترتب على منح الترخيص أو تجديده أي مساس بحقوق ذوي الشأن المتعقلة بهذه الأرض".
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة في تطبيق النصوص المتقدمة على أن القانون لا يستلزم في طلب رخصة البناء أن يكون صادر عن مالك الأرض التي ينصب عليها الطلب ما دام أن الترخيص بالبناء يصدر تحت مسئولية طالبه، ولا يمس بحال حقوق الملكية أو الانتفاع أو الإيجار ذوي الشأن المتعلقة بالأرض وذلك لأن الترخيص يستهدف في حقيقته كفالة تنفيذ المبادئ والقواعد الخاصة بالنظام العام للمباني أي مطابقة مشروع البناء وتصميمه وتنفيذه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأسس والأصول والقواعد الفنية، ولا ينال الترخيص على أي وجه من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية الخاصة بالأرض أو المبنى والتي لم يشرع الترخيص أو يشترط أو ينظم صدوره للإثبات ويبقى دوماً لكل صاحب شأن مالكاً كان أو منتفعاً أو مستأجراً أن يلجأ إلى ما يراه محققاً لمصلحته من الوسائل والإجراءات القانونية والقضائية التي تؤكد حقه وتحميه من التعدي عليه، ومن ثم فلا مدعاة لأن تستغرق جهة الترخيص في البحث والتحري لأسانيد الملكية ومستنداتها بما يترتب عليه أن تستطيل معه إجراءات فحص طلب الترخيص والبت في منحه أو رفض الطلب وذلك طالما أن طلب الترخيص لا تعتوره عيوب جوهرية ظاهرة أو منازعات جادة تنبئ عن أن الطالب للترخيص لا حق له قانوناً في البناء على الأرض، كذلك فإنه إذا ما باشرت الإدارة المختصة اختصاصها في فحص أوراق ومستندات طلب الترخيص، واستندت إلى ما يبين من ظاهر هذه الأوراق من عدم وجود ما يمنع قانوناً من منح الترخيص لطالبه دون إهمال أو انحراف فإنها تكون قد أعملت حكم القانون في إصدار موافقتها على منح الترخيص ولا يعتور في هذه الحالة قرارها ما يدعو لوقف تنفيذه.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن الطاعن (........) كان قد تقدم لجهاز حماية أملاك الدولة بطلب لتخصيص مساحة قدرها 750 م 2 لإقامة مصنع هياكل سيارات وأن اللجنة الرباعية المشكلة بقرار المجلس التنفيذي لمحافظة الإسكندرية قد اجتمعت يوم 8/ 5/ 1986 وناقشت - من بين ما ناقشته - موضوع نقل محلات السمكرة وأعمال السيارات من منطقة الأزاريطة إلى المنطقة الصناعية بالمنشية الجديدة وتوفير المساحات اللازمة لهذه الورش لنقلها من داخل المناطق السكنية إلى منطقة المنشية الصناعية، وأن رئيس جهاز حماية أملاك الدولة أوضح بأنه تم الاتفاق مع الإدارة العامة للتخطيط العمراني على أن الطلبات السابق تقديمها للجهاز والتي استوفت كافة الإجراءات والموافقات اللازمة في 31/ 12/ 1982 يتم استكمال باقي الإجراءات الخاصة بها أما بالنسبة للطلبات التي قدمت للجهاز بعد 31/ 12/ 1982 فيتم إرجاؤها لحين إتمام عملية نقل هذه الورش، وقد كان طلب الطاعن مدرجاً تحت رقم (8) من الطلبات المقدمة قبل 31/ 12/ 1982 وطلب المطعون ضده........ مدرجاً تحت رقم (واحد) من الطلبات المقدمة بعد 31/ 12/ 1982، كما يبين من ظاهر الأوراق أن المجلس التنفيذي للمحافظة قد وافق على ما أوصت به اللجنة الرباعية وذلك بجلسة 17/ 6/ 1986 وقد تم تخصيص مساحة 750 م 2 للطاعن لإقامة مصنع هياكل سيارات بالمنطقة الصناعية بالمنشية الجديدة، وأنه بتاريخ 1/ 7/ 1986 تم تسليم قطعة الأرض للطاعن بمعرفة المختص بإدارة الأملاك الأميرية وبناءً على ذلك فقد تقدم الطاعن إلى الإدارة العامة الهندسية بحي غرب الإسكندرية بالطلب رقم 139 لسنة 1986 بالترخيص له ببناء مصنع هياكل سيارات ومسجد وغرفة كهرباء بالمنشية الجديدة وعلى قطعة الأرض المخصصة له، وقد تم فحص الطلب بمعرفة الإدارة المختصة التي أوضحت أنها قامت بصرف الترخيص رقم 132 لسنة 1986 تحت مسئولية جهاز حماية أملاك الدولة بناءً على كتابة رقم 3404 بتاريخ 25/ 9/ 1986 الذي يؤكد تخصيص الأرض للطاعن.
ومن حيث إن البادي من كل ما تقدم أن الترخيص الذي تم منحه للطاعن برقم 132 لسنة 1986 قد صدر بحسب الظاهر من الأوراق بعد أن فحصت وتحرت الجهة مانحة الترخيص استيفاء الاشتراطات الواجب توافرها عند منح ترخيص البناء، وبعد أن تم مراجعة جهاز حماية أملاك الدولة للتأكد من تخصيص الأرض المطلوب الترخيص بالبناء عليها للطاعن طالب الترخيص، ومن ثم فإن منازعة المطعون ضده للطاعن أو لجهاز حماية أملاك الدولة في مدى صحة التخصيص من عدمه هو أمر لا ينال من سلامة إصدار الجهة الإدارية المختصة للترخيص المطعون عليه محل المنازعة الماثلة. ولا يؤثر في سلامة الترخيص أن المطعون ضده سبق له أن تقدم بطلب تخصيص ذات المساحة التي صدر بشأنها الترخيص المطعون عليه لإقامة "مشروع غذائي" وأنه قد حصل على الموافقات اللازمة لترشيح هذه القطعة لتخصيصها إليه، فإن الأوراق تخلو من دليل ظاهر لإثبات أن ثمة تسليم نهائي للأرض المذكورة قد تم، وفي ذات الوقت فإن الأوراق تشير إلى أنه قد تم إرجاء البت في طلب المطعون ضده بتخصيص الأرض التي طلب تخصيصها على النحو المشار إليه، كما أن الظاهر من الأوراق أن الجهة الإدارية مانحة الترخيص - قد قامت - بفحص مستندات طالب الترخيص واستوفت من أن الأرض المطلوب الترخيص بالبناء عليها قد خصصت للطاعن طالب الترخيص من الجهة الإدارية المختصة بذلك قانوناً، وأن تلك الأرض قد سلمت للطاعن وأصبحت في حوزته قانوناً، وبعد أن قامت الجهة الإدارية باستيفاء جميع الاشتراطات اللازم توافرها لمنح ترخيص البناء أصدرت الترخيص رقم 132 لسنة 1986 وهي بذلك تكون - بحسب البادي من الأوراق - قد أعملت سلطتها المخولة لها قانوناً وطبقت القانون تطبيقاً صحيحاً والمطعون ضده وشأنه في منازعة وملاحقة الجهة الإدارة المختصة بالطرق القانونية بسبب عدم تخصيصها قطعة الأرض وتسليمها إليه، ولا يؤثر ذلك في أن القرار المطعون فيه بالترخيص للطاعن بالبناء على قطعة الأرض محل النزاع يكون - بحسب الظاهر - قد صدر على أساس سليم من الواقع ومن صحيح حكم القانون، ويغدو طلب وقف تنفيذه مفتقداً لركن الجدية.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما سبق أن الظاهر من الأوراق أن الطاعن قد استخدم الترخيص الصادر إليه فعلاً فقام بإنشاء البناء المرخص له، كما تم إدخال المياه والنور إليه على النحو الموضح بتقرير الخبير المقدم بتاريخ 8/ 10/ 1988 في الدعوى رقم 2370 لسنة 1987، كما أن المصنع المرخص به يعمل ويقوم بالإنتاج فعلاً وتم قيده بالسجل التجاري برقم (126060) في 14/ 1/ 1989، وسبق للطاعن أن أبرم عقد إيجار قطعة الأرض المشار إليها بينه وبين محافظة الإسكندرية بتاريخ 20/ 9/ 1987 الأمر الذي يدل على أنه لم يعد ثمة نتائج يتعذر تداركها يراد وقفها بإصدار حكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الأمر الذي يدل على انتفاء ركن الاستعجال، وإذ فقد طلب وقف التنفيذ شرطي الجدية والاستعجال فقد غدا غير قائم على سند من الواقع أو أساس قانوني صحيح مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب على النحو سالف البيان فإنه يكون غير سديد فيما قضى به وفيما استند إليه ويكون واجب الإلغاء.
وحيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.

الطعن 152 لسنة 59 ق جلسة 4 / 4 / 1989 مكتب فني 40 ق 81 ص 491

جلسة 4 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري.

--------------

(81)
الطعن رقم 152 لسنة 59 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
الجلب في حكم القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966. معناه؟
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره.
(4) إثبات "شهود". مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(5) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش. تهريب جمركي.
حق موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي في تفتيش الأشياء والأشخاص داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية. عدم تقيدهم في ذلك - بالنسبة للأشخاص - بقيود القبض والتفتيش المبينة بقانون الإجراءات الجنائية. أساس ذلك؟
كشف موظفي الجمارك حال إجراء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها في القانون العام. صحة الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم. لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
(6) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. استجواب.
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم دون استجوابه.
سؤال موظف الجمارك للمتهم بمحضره وإقرار الأخير بالجريمة المسندة إليه. حق المحكمة في التعويل على هذا الإقرار متى اطمأنت إليه.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نيابة عامة. 

الأصل أن تجرى إجراءات المحاكمة باللغة العربية. ما لم تر سلطة التحقيق أو المحاكمة الاستعانة بمترجم. طلب المتهم ذلك يخضع لتقديرها.
لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بوسيط لتولي ترجمة أقوال المحكوم عليه. تعلق ذلك بظروف التحقيق ومقتضياته وخضوعه دائماً لتقدير من يباشره. طالما أن المحكوم عليه لم يذهب إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها.
العبرة في الأحكام. بالإجراءات والتحقيقات التي تجريها المحكمة. تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. غير جائز.
(8) محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض في نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟
(9) مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركي. ارتباط. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجرائم المرتبطة" "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
مناط تطبيق كل من فقرتي المادة 32 عقوبات وأثر التفرقة بينهما في تحديد العقوبة؟
قضاء الحكم بإلزام المحكوم عليه بعقوبة التعويض الجمركي المقرر لجريمة الشروع في التهريب بالإضافة إلى ما قضى به من العقوبة المقررة لجريمة الجلب. خطأ في القانون. أساس ذلك؟
(10) إعدام. جلب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم لإقراره؟

---------------
1 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من القانون ذاته، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء أكان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له. يدل على ذلك فوق دلالة المعني اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
3 - من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات في الدعوى والتي دلت على أن الحقيبة المضبوط بها المخدر من أمتعة المحكوم عليه فإن في ذلك ما يكفي رداً على دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة والقائم على انتفاء صلته بالحقيبة المضبوطة، هذا فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يستفاد الرد عليه من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم واطمأن إليها.
5 - لما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية، إذ قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها أو بمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المقررة في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي تجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم والرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش - على نحو ما سلف بيانه - أن واقعة ضبط المحكوم عليه باشرها مأمور جمرك الركاب بميناء...... ورؤساؤهم ومساعدوهم، وهم من يملكون حق التفتيش طبقاً لمواد قانون الجمارك المتقدم ذكرها وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 وذلك إثر اشتباههم في أمره أثناء إنهاء الإجراءات الجمركية معه، فإن إجراءات القبض والتفتيش تكون صحيحة ومتفقة مع القانون ويكون دفاع المحكوم عليه بشأنها غير سديد.
6 - من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة.
7 - الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بوسيط تولى ترجمة أقوال المحكوم عليه من الانجليزية إلى العربية إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره. وإذ كان المحكوم عليه لم يذهب إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بوسيط فإن ما أثاره من تعييب لهذه الإجراءات يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أن ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
8 - من المقرر أن الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
9 - لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها. فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب هذه الجريمة الأخيرة وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها، يؤكد هذا النظر صيغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" بعبارة "دون غيرها" في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت ثمة حاجة إلى فقرة لكيلهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذي قارفه المحكوم عليه يتداوله وصفان قانونيان جلب جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة والشروع في تهريب هذا المخدر بالعمل على إخفائه عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التخلص من سداد ما استحق عليه من رسوم جمركية مما يقتضي إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف الأشد وهي جريمة جلب المخدر والحكم بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة الشروع في التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 أصلية كانت أو تكميلية، فإن الحكم المطروح إذ انتهى إلى القضاء بإلزام المحكوم عليه بعقوبة التعويض الجمركي المقررة لجريمة الشروع في التهريب بالإضافة إلى ما قضى به من العقوبة المقررة لجريمة الجلب ورغم إثباته في مدوناته إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خلق عقوبة جديدة مستمدة من الجمع بين العقوبة المقررة للجريمتين وليس تطبيقاً لأشدها مما لا سند له من القانون وبما يتنافر مع نص الفقرة الأولى من المادة 32 سالفة الذكر وهو ما يكون معه قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من تعويض جمركي.
10 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب المخدر التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغاير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه (1) جلب لداخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. (2) شرع في تهريب البضائع المبينة الوصف بالأوراق بأن أدخلها للبلاد بطريقة غير شرعية بالمخالفة للنظم والقواعد الخاصة بها باعتبارها من البضائع الأجنبية الممنوع استيرادها بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهرب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة...... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 5، 13، 28، 30، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 والمواد 32 ، 45، 47 من قانون العقوبات أولاً: - بمعاقبة المتهم بالإعدام وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه. ثانياً: - بإلزامه بأن يؤدي إلى مصلحة الجمارك مبلغ 361900.720 جنيه. ثالثاً: - مصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فعرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم.


المحكمة

ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من القانون ذاته، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ....... وصلت طائرة شركة مصر للطيران قادمة من كراتشي إلى ميناء القاهرة الجوي وكان من بين ركابها...... وأثناء مروره بالخط الأخضر بصالة الوصول رقم 2 لإنهاء الإجراءات الجمركية على أمتعته المكونة من شنطة سمسونيت كبيرة بنية اللون وطلب من....... المأمور إنهاء إجراءاته الجمركية وقدم له جواز سفره رقم...... فطلب من المساعد الإداري بالجمرك...... تفتيش الراكب، وتفتيش الحقيبة اشتبه الاثنان في قاعها لاحتمال وجود جيب سحري بها، وعرضا الأمر على....... مدير إدارة الجمرك الذي أمر بتشكيل لجنة من...... و...... و...... لكسر الحقيبة وتفتيش ما بها وتم ذلك فعثر بقاعها على الجيب السحري به أربعة أكياس، وأربعة أكياس أخرى بغطاء الحقيبة والأكياس بها مادة بيج اللون تشبه الهيروين وتم وزن المخدر بالأكياس فبلغ 2.350 كيلو جرام على ميزان غير حساس وتحرر محضر بالواقعة وبمواجهة المتهم بالمضبوطات فأقر بحيازتها وأن أربعة أشخاص باكستانيين أعطوه خمسمائة دولار مصاريف السفر لكي يوصل هذه الشنطة للقاهرة في فندق الليدو وبمجرد تسليم الحقيبة سيتم استلامه خمسة ألاف دولار". وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة مما شهد به........ رئيس قسم الركاب بميناء القاهرة الجوي و........ مساعد إداري بجمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي و....... مأمور جمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي و...... مساعد إداري بجمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي وما أورده تقرير المعامل الكيماوية وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليما له أصله الثابت في الأوراق - وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بجناية جلب جوهر مخدر الهيروين إلى داخل جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة وجنحة الشروع في تهريب المخدر سالف الذكر بأن أدخلها إلى البلاد بطريقة غير مشروعة بالمخالفة للنظم والقواعد الخاصة بها باعتبارها من البضائع الأجنبية الممنوع استيرادها بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهرب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها وأنزل عليه العقاب المنصوص عليه في المواد 1، 2، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 5، 13، 28، 30، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والمواد 32، 45، 47، عقوبات، لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالوساطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء أكان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له. يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أو المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 2.350 كيلو جراماً من مخدر الهيروين أخفاه الطاعن في مخبأين داخل حقيبة ودخل به ميناء القاهرة الجوي قادماً من كراتشي، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر علم الطاعن بوجود المخدر داخل المخبأين بالحقيبة بقوله "وحيث إنه عن علم المتهم بأن ما يحمله مخدر فإن هذا العلم ثابت في حقه، ذلك أن هذه المادة قد ضبطت في قاعين سحريين في قاع الحقيبة وغطائها وأن وزن الحقيبة كان ثقيلاً وهي فارغة ودلالة علمه أنه ارتبك وأصبح لا يركز عندما تم تشكيل لجنة لكسر القاع والغطاء فضلاً عن ذلك ما ذكره المتهم في معرض دفاعه حال ضبطه في محضر الضبط الذي وقع عليه أن أربعة أشخاص أعطوه تلك الحقيبة مقابل خمسمائة دولار لتوصيلها إلى القاهرة إلى فندق الليدو وأنه بعد توصليها سيتقاضى مبلغ خمسة آلاف دولار كل ذلك يقطع بأن هذا المتهم ما قصد إلا إلى تهريب هذه المادة عبر الحدود وأنه كان يعلم تمام العلم بكنه ما يحمله والذي جعل له مبلغ خمسمائة دولار مقدماً أخذها وقبضها وخمسة آلاف دولار عند التسليم كل هذا المال مقابل تسليم شنطة سمسونيت فهذا يقطع أيضاً أنه كان يعلم أن هذا المبلغ الكبير لقاء نقل المخدر وتهريبه وجلبه داخل الشنطة إلى الأراضي المصرية". وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على النحو المتقدم على أن المحكوم عليه كان يعلم بما يحويه المخبأين السريين في الحقيبة الخاصة به، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع المحكوم عليه بانتفاء هذا العلم بما يرخصه ما دام هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات في الدعوى والتي دلت على أن الحقيبة المضبوط بها المخدر من أمتعة المحكوم عليه فإن في ذلك ما يكفي رداً على دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة والقائم على انتفاء صلته بالحقيبة المضبوطة، هذا فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يستفاد الرد عليه من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم واطمأن إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من بطلان الإجراءات ورد عليه بقوله "إن الإجراءات كانت سلمية وقانونية ومشروعة ذلك أن رجال الجمارك لهم الحق في تفتيش الركاب وأمتعتهم داخل الدائرة الجمركية وهو ما حدث فعلاً" وما أورده الحكم على النحو المتقدم سليماً ويتفق وصحيح القانون. ذلك أن البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية، إذ قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها أو بمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المقررة في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم والرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش - على نحو ما سلف بيانه أن واقعة ضبط المحكوم عليه باشرها مأمور جمرك الركاب بميناء القاهرة ورؤساؤهم ومساعدوهم، وهم من يملكون حق التفتيش طبقاً لمواد قانون الجمارك المتقدم ذكرها وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 وذلك إثر اشتباههم في أمره أثناء إنهاء الإجراءات الجمركية معه، فإن إجراءات القبض والتفتيش تكون صحيحة ومتفقة مع القانون ويكون دفاع المحكوم عليه بشأنها غير سديد. لما كان ذلك، وكان المدافع عن المحكوم عليه قد أثار بجلسة المحاكمة دفعاً ببطلان الإجراءات تأسيساً على أن المحكوم عليه قبض عليه يوم 16/ 3/ 1987 ولم يعرض على النيابة إلا في 18/ 3/ 1987 وقد رد الحكم على هذا الدفع بأن الإجراءات كانت سليمة وقانونية ومشروعة، ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن المحكوم عليه ضبط يوم 16/ 3/ 1987 وعرض على النيابة العامة يوم 17/ 3/ 1987 وليس يوم 18/ 3/ 1987 كما زعم المدافع عن المحكوم عليه - وأن النيابة العامة هي التي أمرت بحجزه لليوم التالي لعدم وجود مترجم ثم أجرت التحقيق معه في الميعاد الذي حددته، ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص يكون على غير أساس. هذا فضلاً عن أن هذا الإجراء لم يسفر عن دليل عول عليه الحكم في قضائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة. وإذ كان الثابت من مطالعة المفردات أن رئيس قسم الوصول بجمرك ميناء القاهرة الجوي بصالة رقم 2 - وهو من مأموري الضبط القضائي. قد أثبت في محضره إقرار المحكوم عليه بحيازته للحقيبة التي ضبط بها المخدر والتي تسلمها من أربعة باكستانيين في باكستان لتوصيلها إلى القاهرة بفندق ليدو مقابل خمسمائة دولار مصاريف للسفر، وخمسة آلاف بمجرد تسليم الحقيبة، فإنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي أن أثبت هذا الإقرار في محضره دون أن يستوجب المحكوم عليه تفصيلاً، وللمحكمة أن تعول عليه في حكمها ما دامت قد اطمأنت إليه ومن ثم يكون ما يثيره الدفاع عن المحكوم عليه بجلسة المحاكمة من بطلان في الإجراءات يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بوسيط تولى ترجمة أقوال المحكوم عليه من الانجليزية إلى العربية إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره، وإذ كان المحكوم عليه لم يذهب إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بوسيط فإن ما أثاره من تعييب لهذه الإجراءات يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أن ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
لما كان ذلك، وكانت باقي أوجه الدفاع التي أثارها المحكوم عليه تعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة في مذكرتها بعرض القضية قد طلبت مع إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه، تصحيحه بإلغاء ما قضى به من تعويض لمصلحة الجمارك، ولما كان هذا الطلب في محله، كما أن الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها". فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها، يؤكد هذا النظر صيغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" بعبارة "دون غيرها" في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت ثمة حاجة إلى فقرة لكليهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذي قارفه المحكوم عليه يتداوله وصفان قانونيان جلب جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة والشروع في تهريب هذا المخدر بالعمل على إخفائه عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التخلص من سداد ما استحق عليه من رسوم جمركية مما يقتضي إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف الأشد وهي جريمة جلب المخدر والحكم بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة الشروع في التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 أصلية كانت أو تكميلية، فإن الحكم المطروح إذ انتهى إلى القضاء بإلزام المحكوم عليه بعقوبة التعويض الجمركي المقررة لجريمة الشروع في التهريب بالإضافة إلى ما قضى به من العقوبة المقررة لجريمة الجلب ورغم إثباته في مدوناته إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خلق عقوبة جديدة مستمدة من الجمع بين العقوبة المقررة للجريمتين وليس تطبيقاً لأشدهما مما لا سند له من القانون وبما يتنافر مع نص الفقرة الأولى من المادة 32 سالفة الذكر وهو ما يكون معه قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من تعويض جمركي قدره 361900.720 جنيه ومن حيث إنه فيما عدا ذلك، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب المخدر التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغاير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 1907 لسنة 34 ق جلسة 6 / 12 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 22 ص 224

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(22)

الطعن رقم 1907 لسنة 34 القضائية

تراخيص - ترخيص البناء - غرامة البناء بدون ترخيص - تقدير قيمة الأعمال المخالفة - أسس التقدير.
المادتان الثالثة والرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 والقانون رقم 54 لسنة 1984 والقانون رقم 99 لسنة 1986.
يلزم أن يكون تقدير الأعمال المخالفة الذي تقوم به لجنة التقدير قائماً على عناصر ثابتة واضحة وقائماً على أسس ثابتة من معاينة واقعية للعقار وسعر المتر من الأرض والقيمة الحقيقة لتكلفة المباني على هدي ما هو السائد بالمنطقة وذلك تأكيداً لدقة التقدير وما يترتب عليه من آثار مالية وجنائية يلزم أن يبعد به عن التقدير الجزافي القائم على مخالفة الواقع الحادث - إذا قام القرار المطعون فيه على أسباب صيغت بإيجاز وإجمال إلا أنه يجب أن لا يمثل هذا الإيجاز أو ذلك الإجمال إخلالاً بحقيقة أركان وعناصر الأسباب التي تطلبها القانون وإلا أضحت لم تقم على أساس محدد ومقبول ومستخلص من أصول ثابتة في الواقع أو الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها وإلا انطوى على مخالفة للقانون - أساس ذلك: في تجهيل الأسباب وعدم تحديدها حرمان للسلطات الرئاسية من حقها في مراجعة تلك القرارات والبت في تظلمات ذوي الشأن من جهة ومنع القضاء الإداري من مباشرة ولايته في رقابة مشروعية القرارات الإدارية التي يُطعن فيها بالإلغاء ويطلب وقف تنفيذها أمام المحاكم المختصة الداخلة في تكوين القسم القضائي بالمجلس وحرمانها من التحقق من مدى وجود صحته أو لانعدام الأساس القانوني الذي يجب أن يقوم عليه القرار المطعون فيه ومدى وقوع الخطأ في التطبيق القانوني بسبب الخطأ في تقدير الواقع - قيام القرار الإداري مبنياً على سبب معين قام الدليل على عدم صحته أصبح غير مشروع ومتعين القضاء بإلغائه تحقيقاً للشرعية وسيادة القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 11/ 5/ 1988 أودع الأستاذ/ سلامة علي هنداوي النائب بهيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن بصفته نائباً عن السيد/ محافظ الجيزة قيد أمامها برقم 1907 لسنة 34 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 17/ 3/ 1988 في الدعوى رقم 1026 لسنة 42 ق فيما قضى به وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير قيمة الأعمال المخالفة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض طلب وقف التنفيذ ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 23/ 5/ 1988.
وأودع الأستاذ حسن كمال الدين مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة انتهى فيه للأسباب الواردة به - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً بشقيه مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 9/ 1988 وتداولته بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 18/ 11/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 15/ 12/ 1991 والجلسات التالية وفيها استمعت لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات على النحو المبين بالمحاضر.
قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/ 11/ 1992 ثم قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم 6/ 12/ 1992 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 1026 لسنة 45 ق بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 25/ 11/ 1987 طالباً في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 411 لسنة 1987 الصادر من محافظ الجيزة بتاريخ 27/ 8/ 1987 بتقدير قيمة الأعمال المخالفة بالعقار رقم 4 شارع إبراهيم أحمد سليمان من شارع الملك فيصل بمبلغ 21280.500 ج.
وأصلياً في الموضوع: بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تقدير للأعمال المخالفة.
واحتياطياً: بإحالة الطعن إلى مكتب الخبراء بوزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه المختصين لمعاينة العقار ملك المدعي وتحديد قيمة الأعمال المخالفة مع إلزام المدعى عليه المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 27/ 8/ 1987 صدر قرار محافظ الجيزة المطعون عليه رقم 411 لسنة 1987 بناءً على طلب التصالح المقدم من مالك العقار المشار إليه وفقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدلة.
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا القرار على تحديد قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 21280.500 جنيهاً وقد أقيم هذا التقدير على سند من أن العقار مكون من دورين بالأرض وأن الواجهة مبان فقط بدون تشطيب وأنها ترى توقيع غرامة البناء بدون ترخيص للدورين المقامين. وأضاف المدعي قوله أن حقيقة العقار مخالفة لتقرير اللجنة مما يؤكد صوريته وعدم انتقال اللجنة أو معاينتها للعقار وأن العقار مكون من دور أرضي (جراچ - أعمدة خرسانية) والدور فوق الأرضي عبارة عن شقتين إحداهما لم يتم تشطيبها وقد تم بناء العقار سنة 1979 وفقاً للثابت بالمستندات الأمر الذي يجعل تقدير اللجنة مع مخالفته للحقيقة مغالى فيه.
وقدم المدعي إثباتاً لدعواه حافظة مستندات اشتملت على صورة القرار المطعون فيه وتقرير اللجنة الفنية الأولى وبعض إيصالات صادرة باسم المدعي عن المبنى من مرفق مياه القاهرة وشركة توزيع الكهرباء.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن التقدير جاء متفقاً مع الواقع وأن المدعي أقام مبنى دورين بدون ترخيص وبالمخالفة للقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته وأنه تقدم بطلب للتصالح وفقاً للقانون رقم 30 لسنة 1983 وتعديلاته وقامت اللجنة بمعاينة العقار وقدرت قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 21280.500 وهو تقدير يتفق مع الواقع والقانون خاصة وأن المبنى أقيم عام 1983 وليس عام 1979 كما ذكر المدعي.
وبجلسة 17/ 3/ 1988 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وقضت بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها مستندة على أن الظاهر من الأوراق أن تقدير اللجنة لقيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 21280.500 جنيهاً قد جاء جزافياً حيث لم يحدد التقرير الأسس التي قام عليها من حيث حساب مساحة العقار المخالف وثمن المتر من مبانيه، وغير ذلك من الأسس التي يمكن على أساسها مناقشة مدى جدية التقدير وهو الأمر الذي يوضح أن اللجنة لم تقم بمعاينة العقار وفق التزامها المشار إليه في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وبالتالي فإن تقدير الأعمال المخالفة على النحو الذي اتبعته اللجنة موضوع الدعوى لا يبعث على الثقة ويجعل التقدير موضع شك فإذا نزل القرار المطعون فيه على مقتضى ما انتهت إليه اللجنة في هذا الشأن، فإن الحالة الواقعية المكونة لركن السبب تكون غير صحيح ويكون القرار - بحسب الظاهر - قد أقيم على غير سند من القانون - كما أنه عن ركن الاستعجال فإن إلزام المدعي بمبالغ كبيرة دون سند من القانون وإجباره على الوفاء بها دون سند مما ترى المحكمة أنه قد يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها الأمر الذي يتحقق معه ركن الاستعجال. وانتهت المحكمة إلى إصدار حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى عليه المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن تقرير الحكم أن تقدير اللجنة الأولى الذي صدر القرار المطعون فيه على سند مما جاء به قد تم جزافاً بدون معاينة للعقار إنما قام على فرض لا سند له من الأوراق. حيث إن المعاينة الواقعية أثبتت أن العقار مكون من دورين كما أدرج بالتقرير بيان تفصيلي للعقار وأن تقدير اللجنة لقيمة الأعمال المخالفة إنما ثبت من بحث أعضائها من المتخصصين في هذا العمل ومن ثم يتمتع تقديرهم بالثقة وهو الأمر الذي استقرت عليه أحكام القضاء الإداري بشأن اختصاصات اللجنة الفنية المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء وتعديلاته.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أن "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.....".
وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه والمعدل بالقانون رقم 54 لسنة 1984، ثم بالقانون رقم 99 لسنة 1986 على أن لا يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7/ 6/ 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده، وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً فإذا تبين أنها تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو قيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981، وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار قرار بالإزالة أو التصحيح وفقاً لحكم المادة (16) من ذلك القانون وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تحدد على الوجه التالي:
1 - 25% من قيمة الأعمال المخالفة إذا كانت لا تجاوز 50.000 خمسين ألف جنيه.
وتسري الأحكام السابقة على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم ما لم يكن قد صدر فيها حكم نهائي. ويوقف نظر الدعاوى المذكورة بحكم القانون للمدة المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى تطبيقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة على أن وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه رهين بتوافر ركنين أولهما: ركن الجدية ويتمثل في قيام الطعن في القرار - بحسب الظاهر - على أسباب جدية من حيث الواقع أو القانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند النظر في الموضوع.
ثانيهما: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الجدية فالبين من الأوراق والمستندات حسبما سلفت الإشارة أن تقرير لجنة التقدير الذي قام القرار المطعون فيه على سند مما جاء به من أسباب وردت به على سبيل الإجمال دون تفصيل أو تحديد للأسس التي قام عليها والتي يلزم قانوناً أن يتضمنها التقرير تأكيداً لدقة التقدير وما يترتب عليه من آثار مالية وجنائية يلزم أن ينأى به عن التقدير الجزافي القائم على مخالفة للواقع الحادث.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الجهات الإدارية غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا حيث يكون ثمة نص يقضي بذلك. والثابت أن نص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المشار إليه وتعديلاته تتطلب أن يقوم التقدير على عناصر ثابتةً واضحةً وأن يكون قائماً على أسس ثابتة من معاينة واقعية للعقار وسعر المتر من الأرض والقيمة الحقيقية لتكلفة المباني على هدي ما هو السائد بالمنطقة، وإن كان من المقرر أنه إذا قام القرار المطعون فيه على أسباب صيغت بإيجاز وإجمال إلا أنه يجب أن لا يمثل هذا الإيجاز أو ذلك الإجمال إخلالاً بحقيقة أركان وعناصر الأسباب التي تطلبها القانون وإلا أضحت لم تقم على أساس محدد ومقبول ومستخلص من أصول ثابتة في الواقع أو الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها وإلا انطوى على مخالفة للقانون لما في تجهيل الأسباب وعدم تحديدها من حرمان للسلطات الرئاسية من حقها في مراجعة تلك القرارات والبت في تظلمات ذوي الشأن من وجهة ومنع القضاء الإداري من مباشرة ولايته التي حددتها المادة (172) من الدستور وقانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من رقابة مشروعية القرارات الإدارية التي يطعن فيها بالإلغاء ويطلب وقف تنفيذها أمام المحاكم المختصة الداخلة في تكوين القسم القضائي بالمجلس وحرمانها من التحقق من مدى وجوه صحته أو لانعدام الأساس القانوني الذي يجب أن يقوم عليه القرار المطعون فيه ومدى وقوع الخطأ في التطبيق القانوني بسبب الخطأ في تقدير الواقع.
وإذا قام القرار الإداري مبيناً على سبب معين قام الدليل على عدم صحته أصبح غير مشروع ومتعين القضاء بإلغائه تحقيقاً للشرعية وسيادة القانون.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن وصف العقار موضوع الدعوى حسبما جاء بتقرير اللجنة الأولى المشكلة بقرار محافظ الجيزة رقم 413 لسنة 1983 قد أورد أن العقار مكون من دورين بالأرضي وأن الواجهة مبان فقط بدون تشطيب وأنها ترى توقيع غرامة البناء بدون ترخيص للدورين المقامين وقدرت هذه الغرامة بمبلغ 21280.500 جنيهاً مستمدة مما عاينته ومن أن المباني أقيمت عام 1983 وجاء هذا التقرير والحال هذه خلواً من العناصر الأساسية الواقعية التي تطلب القانون بيانها فيه وقيامه عليها الأمر الذي يمنع من مباشرة سلطة رقابة المشروعية من القضاء على القرار بعدم تحديد الأسباب والأسس التي يقوم عليها ويرجح بحسب الظاهر من الأوراق افتقاد القرار المطعون فيه لكامل الأسباب التي تبرر الإبقاء عليه وتعصمه من الإلغاء لعدم استناده على أسبابه الصحيحة.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإن البين من الأوراق أن الأثر المترتب على القرار هو تحصيل الغرامات المقررة قانوناً على تقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 21280.500 جنيه وما يتصل بهذا التقدير من فرض غرامة بنسبة تبلغ 25% من القيمة التقديرية للأعمال المخالفة.
وإنه وإن كان الحال أن المنازعات التي تدور حول حقوق مالية يتنازعها أطراف الدعوى غالباً ما ينتفي تصور وقوع نتائج يتعذر تداركها من تنفيذ ما قد يصدر من قرارات في هذه المنازعات. إذ يؤول الأمر بعد حسم موضوع هذه المنازعات إلى أن يسترد كل صاحب حق حقه، ولما كان الطلب المستعجل في هذه الدعوى الماثلة يستهدف أساساً وقف تنفيذ صرف القيمة المالية المترتبة على تقدير قيمة الأعمال المخالفة موضوع طلب التصالح عليها، وما يترتب على فرضها من غرامات إضافية تمثل 25% من قيمتها حتى يقضي في موضوع الدعوى، ومما لا شك فيه أن عدم سداد المبالغ موضوع المطالبة إذا ما بولغ في تقديرها على غير أساس من الواقع مع الغرامة المقدرة عليها بما يخرج عن قدرة مالك العقار سوف يترتب عليه عدم الاستمرار في إجراءات التصالح أو وقف إجراءات إزالة ما تم من أعمال البناء مما قد يرتب نتائج يتعذر تداركها بالنسبة لذوي الشأن طالبي التصالح تنصب على إزالة المباني مادياً بما يزيل وجودها ويهدر قيمتها وملكيتها لطالبي التصالح على نحو تقصر قدرتهم المالية عن إعادة بنائها أو تنفيذها ما داموا قد عجزوا أصلاً عن تدبير قيمة الأعمال المبالغ في تقديرها وسداد الغرامة المشترطة للتصالح ووقف الإزالة لها. ومن ثم فإن ما يترتب فعلاً وقانوناً نتائج يتعذر تداركها في مفهوم حكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة آنفة الذكر، لأنه لن يكون بوسع الطاعن في كل الأحوال فيما لو قضي لصالحه في موضوع الدعوى أن يستعيد الحال إلى ما كانت عليه ويسترد ما سبق دفعه من مبالغ ويعيد بناء ما يزال لعدم الصلح لذلك فإن القدر المتعين في المنازعة الماثلة أن طلب وقف التنفيذ قد توفر بشأنه ركن الاستعجال.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك للأسباب التي أوردها فإنه يضحى والحال هذه قد أصاب في النتيجة التي تضمنها منطوقه والتي تتفق مع صحيح أحكام القانون لما سلف بيانه من أسباب ومن ثم يكون الطعن على هذا الحكم بالإلغاء على غير سند صحيح من القانون واجب الرفض.
وحيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 973 لسنة 37 ق جلسة 5 / 12 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 21 ص 217

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي خليل وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد مجدي الأمير - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(21)

الطعن رقم 973 لسنة 37 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - اشتراطات شغل الوظيفة - المؤهل الدراسي - تعدد المؤهلات والمفاضلة فيها - المواد 8 و12 و36 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
بطاقة وصف الوظيفة هي وحدها التي تحدد اشتراطات شغلها سواء من حيث التأهيل العلمي أو المدة البينية التي يجب قضاؤها في الوظيفة الأدنى مباشرة أو مدة الخبرة الكلية في مجال العمل - بطاقات وصف الوظائف حين تحدد التأهيل العلمي للوظيفة لا يخرج هذا التحديد عادة عند تطلب المؤهل العالي عن أحد البدائل الآتية "مؤهل عال - مؤهل عال مناسب - مؤهل عال متخصص" تتفاوت السلطة التقديرية للإدارة عند مفاضلتها بين المرشحين لشغل وظيفة معينة وفقاً لأي من هذه البدائل - تتسع سلطة الإدارة عند تطلب مؤهل فقط وتضيق هذه السلطة عند تطلب مؤهل متخصص وتتمتع الإدارة عند تطلب مؤهل عال مناسب بسلطة الموازنة والتقدير بين المؤهلات التي يمكن اعتبارها مناسبة للوظيفة - نتيجة ذلك: خضوع الإدارة وهي بصدد ممارستها سلطاتها المشار إليها لرقابة القضاء الإداري - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17/ 2/ 1991 أودع الأستاذ/ نعيم عطيه المحامي بصفته وكيلاً عن زينب محمود أبو ريه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 973 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 20/ 12/ 1990 في الدعوى رقم 2028 لسنة 40 ق المقامة من الطاعنة ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير الثقافة، والقاضي أولاً: بقبول تدخل وسام إبراهيم أحمد مرزوق خصماً منضماً للجهة الإدارية. ثانياً: بعدم قبول تدخل بانسيه إبراهيم محمود سالم في الدعوى اختصامياً وإلزامها مصروفات هذا الطلب. ثالثاً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعية المصروفات، وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنة، والحكم لها بإلغاء القرار رقم 1141 لسنة 1985 بتاريخ 11/ 8/ 1985 فيما تضمنه من تعيين السيدة/ وسام إبراهيم مرزوق في وظيفة مدير عام مركز الفنون التشكيلية، وبأحقية الطاعنة في الترقية إلى هذه الوظيفة اعتباراً من التاريخ الأخير وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانون مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 10/ 2/ 1992 وتدوول نظره حيث قررت بجلسة 25/ 5/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 27/ 6/ 1992 وفي هذه الجلسة والجلسات التالية تدوول نظر الطعن على الوجه المبين بالمحاضر وبجلسة 10/ 10/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 6/ 2/ 1986 أقامت السيدة/ زينب محمود أبو ريه الدعوى رقم 2028 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) ضد وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للثقافة طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1141 الصادر بتاريخ 11/ 8/ 1985 فيما تضمنه من تعيين السيدة/ وسام إبراهيم مرزوق في وظيفة مدير عام بمركز الفنون التشكيلية وكذا الحكم بأحقيتها في الترقية لهذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ثم صححت المدعية شكل الدعوى باختصام رئيس مجلس الوزراء باعتباره مصدر القرار المطعون فيه، وذكرت المدعية شرحاً لدعواها أنها تشغل وظيفة مراقب عام الأقسام الفنية بمركز الفنون التشكيلية التابعة للمجلس الأعلى للثقافة. وبتاريخ 11/ 8/ 1985 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1141 متضمناً تعيين السيدة/ وسام إبراهيم مرزوق مديراً عاماً لمركز الفنون التشكيلية رغم عدم استيفائها لمتطلبات شغل هذه الوظيفة من حيث الحصول على مؤهل عال في مجال الفنون التشكيلية وقضاء مدة كلية في مجال الفنون التشكيلية لا تقل عن 16 سنة ومدة بينية لا تقل عن سنتين في الدرجة الأولى التخصصية في ذات المجال. ذلك أن السيدة المذكورة لا تحمل مؤهلاً في مجال الفنون ولم تمارس أي عمل في مجال الفنون التشكيلية منذ تعيينها حتى صدور القرار المذكور الأمر الذي يتضمن تخطياً للمدعية في الترقية لهذه الوظيفة رغم استيفائها لمتطلبات شغلها الأمر الذي دعاها للتظلم من هذا القرار ثم إقامة دعواها بطلباتها المشار إليها.
وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري تقدمت المطعون في ترقيتها بطلب قبول تدخلها خصماً منضماً للجهة الإدارية. كما تقدمت السيدة/ بانسيه إبراهيم محمود سالم بطلب قبول تدخلها هجومياً في الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه لمصلحتها.
وبجلسة 20/ 12/ 1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بقبول تدخل وسام إبراهيم أحمد مرزوق خصماً منضماً للجهة الإدارية وبعدم قبول طلب تدخل بانسيه إبراهيم محمود سالم في الدعوى اختصامياً وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وأسست المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالشق الأخير على أن الثابت من الأوراق أن المدعية والمطعون في ترقيتها متساويان في مرتبة الكفاية إلا أن المطعون في ترقيتها تسبق المدعية في ترتيب أقدمية الدرجة الأولى حيث تشغل المطعون في ترقيتها هذه الدرجة اعتباراً من 21/ 8/ 1978 في حين ترجع أقدمية المدعية فيها إلى 31/ 5/ 1981. كما أن المطعون في ترقيتها تتوافر في شأنها كافة اشتراطات شغل وظيفة مدير عام مركز الفنون التشكيلية وفقاً لبطاقة وصف هذه الوظيفة والتي تتطلب الحصول على مؤهل عال مناسب دون اشتراط أن يكون هذا المؤهل في الفنون. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ترقيتها لهذه الوظيفة قد صدر سليماً ومتفقاً مع صحيح أحكام القانون.
ويقوم الطعن على الحكم المذكور على أنه جاء مبنياً على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لما يلي: -
أولاً: أن وظيفة مدير عام مركز الفنون التشكيلية (المطعون في الترقية عليها) تعتبر من الوظائف المتميزة التي تشترط في شاغلها صلاحية معينة وتأهيل خاص لذلك تتطلب بطاقة وصف هذه الوظيفة الحصول على مؤهل عال مناسب. وبالنظر لواجبات ومسئوليات تلك الوظيفة المحددة في بطاقة الوصف فإنه يتعين تفسير الشرط المذكور بأنه يعني مؤهلاً متخصصاً في مجال الفن التشكيلي بمعنى أن يكون المرشح لشغل هذه الوظيفة حاصلاً على مؤهل عال من إحدى الكليات الفنية المتخصصة وهو ما يتوافر في الطاعنة ولا يتوافر في المطعون على ترقيتها لأنها حاصلة على ليسانس آداب وهو مؤهل غير متخصص في مجال الفن التشكيلي وبذلك لا يعتبر مؤهلاً عالياً مناسباً، ومن ثم فإن ما ورد بالحكم المطعون عليه بأن بطاقة وصف الوظيفة محل الطعن لم تشترط الحصول على مؤهل معين بذاته مردود عليه بأنه لو صح لاقتصر الشرط على الحصول على مؤهل عال فقط دون إضافة كلمة مناسب.
ثانياً: أنه في ضوء ما ورد بالبند أولاً فإن جهة الإدارة لا تملك أية سلطة تقديرية في تحديد مدى ملاءمة ومناسبة المؤهل العالي المطلوب لشغل الوظيفة محل الطعن خارج نطاق وإطار مفهوم المؤهل العالي المناسب بمعنى أنه لا يجوز لها أن تقرر أن أي مؤهل عال بخلاف المؤهلات العالية المتخصصة يعتبر مؤهلاً مناسباً.
ثالثاً: أن ما ذكرته المطعون على ترقيتها من أنها حاصلة على ليسانس آداب قسم فلسفة وأن من بين العلوم التي تدرس في هذا القسم علم الجمال وتاريخ الحضارات بكل ما تستوعبه من فنون وآداب مردود عليه بأن هذه المادة يقصد بها الثقافة ولا تكفي لممارسة الخريج العمل في التخصص الفني فضلاً عن أن مجال عمل السيدة المذكورة اقتصر على أقسام الثقافة الجماهيرية بوظائف لا تدخل في مجال الفنون التشكيلية ومن البديهي أن شرط قضاء مدة بينية في الدرجة الأولى قدرها سنتان للترقية للوظيفة محل الطعن مفهومه أن تكون هذه المدة قد قضيت في مجال الفن التشكيلي وهو ما يتوافر في الطاعنة.
رابعاً: أن القرار المطعون فيه جاء مشوباً بالصورية والانحراف بالسلطة حيث استمرت المطعون على ترقيتها تعمل بالثقافة الجماهيرية بالإسكندرية حتى 19/ 9/ 1985 بينما صدر قرار ترقيتها المطعون عليه بتاريخ 11/ 8/ 1985 أثناء عملها خارج مركز الفنون التشكيلية بل أنه بتاريخ 10/ 12/ 1985 صدر قرار المشرف العام على المركز بتولي السيدة المذكورة الإشراف على قطاعات المركز بالإسكندرية وأنها ظلت تعمل بالإسكندرية ولم تشغل وظيفة المدير العام بمركز الفنون التشكيلية المرقى إليها لا قبل الترقية ولا بعدها.
ومن حيث إن المادة 8 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص في فقرتها الثانية على أن "تضع كل وحدة جدولاً للوظائف مرفقاً به بطاقات وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وترتيبها....".
وتنص المادة 12 من ذات القانون على أن "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة".
وتنص المادة 36 على أنه "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية إليها من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها...".
وتطبيقاً لذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن بطاقة وصف الوظيفة هي وحدها التي تحدد اشتراطات شغلها سواء من حيث التأهيل العلمي أو المدة البينية التي يجب قضاؤها في الوظيفة الأدنى مباشرة أو مدة الخبرة الكلية في مجال العمل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على بطاقة وصف وظيفة مدير عام مركز الفنون التشكيلية "محل الطعن" أنها بدرجة مدير عام بالمجموعة النوعية للإدارة العليا وتقع على رأس مركز الفنون التشكيلية وتختص بالعمل على الارتقاء بالفنون التشكيلية المختلفة وربطها بالموقف الحاضر والحركة الفنية الدولية لتعميق الشخصية الفنية المصرية ويشترط لشغلها: مؤهل عال مناسب - قضاء مدة بينية مقدارها سنتان على الأقل في وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة - إجادة إحدى اللغات الأجنبية (الإنجليزية/ الفرنسية) على الأقل.
ومن حيث إن الماثل في الأوراق أن الطاعنة لا تنازع في أقدمية المطعون على ترقيتها في الدرجة الأولى التي تمت الترقية منها إلى الوظيفة محل الطعن حيث كانت الأخيرة أسبق من الطاعنة في الحصول على هذه الدرجة إذ حصلت عليها بتاريخ 21/ 8/ 1978 في حين حصلت عليها الطاعنة بتاريخ 31/ 5/ 1981 كذلك لا تنازع الطاعنة في حصول المطعون على ترقيتها على تقدير كفاية بمرتبة ممتاز في السنوات السابقة على ترقيتها كما لا تنازع أيضاً في أن المطعون على ترقيتها تتوافر في حقها شروط المؤهل العالي وقضاء مدة بينية مقدارها سنتان في وظيفة من الدرجة الأدنى وإجادة إحدى اللغات الأجنبية ولكن الخلاف يتمثل في مدى مناسبة المؤهل العالي الذي تحمله المطعون على ترقيتها للوظيفة المرقى إليها ومدى اكتسابها الخبرات اللازمة لهذه الوظيفة طوال حياتها الوظيفية بصفة عامة وخلال المدة البينية بصفة خاصة.
ومن حيث إن بطاقات وصف الوظائف حين تحدد التأهيل العلمي اللازم للوظيفة في ضوء طبيعتها والمجموعة التي تنتمي إليها والدرجة المالية المخصصة لها والوجبات والمسئوليات المنوطة بشاغلها لا يخرج هذا التحديد عادة عند تطلب المؤهل العالي عن أحد البدائل الآتية: 1 - مؤهل عال. 2 - مؤهل عال مناسب. 3 - مؤهل عال متخصص (فني - هندسي - تجاري - قانوني... إلخ) وتتفاوت السلطة التقديرية لجهة الإدارة عند مفاضلتها بين المرشحين لشغل وظيفة معينة وفقاً لأي من هذه البدائل فيتسع نطاق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال فقط بحيث يجوز شغل الوظيفة من بين حملة أي مؤهل من المؤهلات التي تعتبر قانوناً من المؤهلات العالية دون أفضلية لمؤهل على آخر وتضيق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال متخصص إذ تلتزم الإدارة بشغل الوظيفة من بين حملة هذا المؤهل دون أن يكون لها إحلال مؤهل آخر لا يوازيه من حيث التخصص محله. وفيما بين هذين الحدين تتمتع الإدارة عند تطلب مؤهل عال مناسب بسلطة الموازنة والتقدير بين المؤهلات التي يمكن اعتبارها مناسبة للوظيفة وغني عن البيان أن الإدارة تخضع وهي تمارس سلطاتها المشار إليها - بصورها المختلفة - لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم وإذ حددت بطاقة وصف الوظيفة - محل الطعن - التأهيل العلمي اللازم لها بعبارة مؤهل عال مناسب دون عبارة مؤهل عال فني فإنها بذلك تفيد عدم حصر نطاق الترشيح لشغل هذه الوظيفة من بين حملة المؤهلات العليا الفنية دون غيرهم وإنما تفسح المجال لحملة أي مؤهل عال ترى الإدارة مناسبته للقيام بأعباء هذه الوظيفة وتحمل مسئولياتها الإدارية والفنية وفقاً لما حددته بطاقة الوصف.
ومن حيث إنه يبين الأوراق أن المطعون على ترقيتها حاصلة على ليسانس آداب قسم الدراسات الاجتماعية والفلسفية دور يونيو سنة 1955 وهذا المؤهل غير منقطع الصلة بمجال عمل الوظيفة محل النزاع وكانت تشغل قبل ترقيتها - المطعون عليها - وظيفة من الدرجة الأولى بالمجموعة النوعية لوظائف الفنون بالمجلس الأعلى للثقافة اعتباراً من 21/ 8/ 1978 وإذ قدرت الجهة الإدارية مناسبة المؤهل المذكور وصلاحية المطعون على ترقيتها لشغل الوظيفة - محل الطعن - والقيام بأعبائها وتحمل مسئولياتها بحكم خبراتها السابقة في الوظائف الأدنى خاصة وأن هذه الوظائف كانت بمجموعة الوظائف فإنه لا تثريب عليها في ذلك خاصة وقد توافرت في السيدة المذكورة باقي شروط الترقية من حيث الأقدمية ومرتبة الكفاية وباقي شروط شغل الوظيفة. ومن ثم يكون القرار المذكور متفقاً مع صحيح حكم القانون ولا يؤثر في سلامته وما صاحب تنفيذه بعد صدوره مما ساقه الطعن، ويكون الحكم المطعون عليه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بطلب إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من تعيين السيدة/ وسام إبراهيم مرزوق في وظيفة مدير عام مركز الفنون التشكيلية. قد صدر صحيحاً ويكون الطعن عليه على غير أساس سليم من القانون بما يتعين معه الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.

الطعن 6770 لسنة 58 ق جلسة 4 / 4 / 1989 مكتب فني 40 ق 80 ص 482

جلسة 4 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم.

---------------

(80)
الطعن رقم 6770 لسنة 58 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بمقتضاه. لم يرسم القانون شكلاً لصياغة هذا البيان.
مثال لتسبيب سائغ.
(2) باعث. تزوير. جريمة "أركانها".
قيام شخص بوضع صورته على بطاقة شخصية صادرة باسم غيره. تزوير. معاقب عليه بالأشغال الشاقة أو السجن. أساس ذلك؟
(3) تزوير. قصد جنائي. محررات رسمية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. تحققه: بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه.
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا الركن. لا يلزم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه.
دفاع الطاعن بأنه وضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور. دفاع قانوني ظاهر البطلان. عدم تعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع. لا يعيبه.
(4) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بشأن جريمة سرقة سيارة المجني عليه. ما دامت العقوبة الموقعة عليه مبررة لجريمتي التزوير واستعمال محرر مزور الثابتتين قبله.
(5) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". ظروف مخففة. تزوير. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الظروف المخففة".
الجنون أو عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الإعفاء من العقاب. أساس ذلك؟
الحالة النفسية والعصبية تعد من الأعذار القضائية المخففة التي يرجع الأمر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب.
(6) وقف التنفيذ. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
الأمر في إيقاف التنفيذ. كالأمر في تقدير العقوبة. موضوعي.

----------------
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، قد أشار إلى نصوص القانون التي آخذ الطاعن بها بقوله: "مما يتعين معه وعملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية معاقبته بالمواد 211، 212، 214، 317/ 4 عقوبات" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
2 - لما كان الشارع قد أضاف بالقانون رقم 9 لسنة 1984 الصادر في 20 من فبراير سنة 1984 المعدل للمادة 211 من قانون العقوبات - الذي حدثت الواقعة في ظله - صورة من صور التزوير في المحررات الرسمية هي وضع صور أشخاص آخرين مزورة، ويستفاد منه ومن نص المادة 212 من قانون العقوبات أن قيام شخص بوضع صورته على البطاقة الشخصية الصادرة باسم غيره بدلاً من صورة صاحبها يعد جناية تزوير في أوراق رسمية عقوبتها الأشغال الشاقة أو السجن مدة لا تزيد عن عشر سنين، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر يكون قد وافق صحيح القانون، ولا ينال من سلامة الحكم ما يثيره الطاعن من أنه وضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور لأن الباعث لا أثر له على جريمة التزوير.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا على الحكم إن هو لم يعرض لهذا الدفاع لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان.
4 - لا جدوى لما ينعاه الطاعن بشأن جريمة سرقة سيارة المجني عليه ما دامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال المحرر المزور.
5 - من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جرائمه تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
6 - من المقرر أن الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ومن حقه تبعاً لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو بدل فاقد البطاقة الشخصية رقم....... سجل مدني... والخاصة بـ...... وذلك بنزع صورة صاحبها ووضع صورته بدلاً منها. ثانياً: - استعمل المحرر الرسمي المزور سالف البيان بأن قدمه إلى الرائد....... رئيس مباحث قسم شرطة....... مع علمه بتزويره. ثالثاً: - سرق السيارة رقم....... أجرة القاهرة ورخصة تسييرها والبطاقة الشخصية المبينة بالوصف الأول المملوكة لـ........ وكان ذلك ليلاً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة حضورياً عملاً بالمواد 211، 212، 214، 317/ 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات والمادة 30 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة الأوراق المزورة المضبوطة لما هو مسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التزوير في محرر رسمي واستعماله والسرقة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه خلا من بيان نصوص القانون التي دان الطاعن بموجبها، ولم يرد الحكم على دفاع الطاعن القائم على عدم توافر القصد الجنائي في جريمتي السرقة والتزوير، لأنه أخذ سيارة المجني عليه بقصد التنزه بها وإعادتها وليس بنية تملكها ووضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور أثناء قيادته السيارة. فضلاً عن أن الحكم لم يعرض للشهادة الطبية المقدمة من الطاعن للتدليل على إصابته بمرض نفسي يوم وقوع الفعل مما يعفيه من المسئولية. كما أن المحكمة لم تأمر بوقف تنفيذ العقوبة وفقاً للمادة 55 من قانون العقوبات. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ.... وبينما كان....... يقود سيارة رقم أجرة القاهرة بضاحية..... استوقفه المتهم - الطاعن - ليركب معه، وأمام أحد المحلات طلب منه المتهم شراء علبة سجائر له بعلة عجزه عن ذلك لإصابة قدمه وإحاطتها بالجبس وما أن استجاب لذلك وترك السيارة ليبتاع السجائر حتى فوجئ بالمتهم يستولي على السيارة ويهرب بها، وفي يوم.... ضبط المتهم يعرض هذه السيارة للبيع بثمن بخس، وتبين أنه استولى منها على البطاقة الشخصية لصاحبها ونزع الصورة الفوتوغرافية منها ووضع بدلاً منها صورته هو تمهيداً لبيعها بموجب هذه البطاقة الشخصية المزورة ورخصة السيارة المقيدة باسم صاحب البطاقة..... وذلك بعد أن تمسك أمام الشرطة بالبطاقة المزورة قبل اكتشاف الجريمتين سالفتي الذكر بمناسبة ضبطه حال عرضه السيارة للبيع وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بما ينتجها من وجوه الأدلة السائغة التي استمدها من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، قد أشار إلى نصوص القانون التي آخذ الطاعن بها بقوله: "مما يتعين وعملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية معاقبته بالمواد 211، 212، 214، 317/ 4 عقوبات فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان الشارع قد أضاف بالقانون رقم 9 لسنة 1984 الصادر في 20 من فبراير سنة 1984 المعدل للمادة 211 من قانون العقوبات الذي حدثت الواقعة في ظله - صورة من صور التزوير في المحررات الرسمية هي وضع صور أشخاص آخرين مزورة، ويستفاد منه ومن نص المادة 212 من قانون العقوبات أن قيام شخص بوضع صورته على البطاقة الشخصية الصادرة باسم غيره بدلاً من صورة صاحبها يعد جناية تزوير في أوراق رسمية عقوبتها الأشغال الشاقة أو السجن مدة لا تزيد عن عشر سنين، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر يكون قد وافق صحيح القانون، ولا ينال من سلامة الحكم ما يثيره الطاعن من أنه وضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور لأن الباعث لا أثر له على جريمة التزوير. وأن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا على الحكم إن هو لم يعرض لهذا الدفاع لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن بشأن جريمة سرقة سيارة المجني عليه ما دامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال المحرر المزور. لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جرائمه تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع انعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض. ومن ثم لا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع لما كان ذلك، وكان الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ومن حقه تبعاً لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الخميس، 21 ديسمبر 2023

الطعن 303 لسنة 64 ق جلسة 13 / 12 / 2022

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة التجارية والاقتصادية
برئاسة السيد القاضى/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. مصطفى سالمان صلاح عصمت ، د. محمد رجاء وياسر بهاءالدين إبراهيم نواب رئيس المحكمة

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ أحمد عبد العال.

والسيد أمين السر/ خالد وجيه.

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة.
فى يوم الثلاثاء 19 من جمادى الأولى سنة 1444ه الموافق 13 من ديسمبر سنة 2022م.
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 303 لسنة 64 قضائية.

المرفوع من
السيدة/ ............
وتعلن ..... قسم الرمل - محافظة الإسكندرية. لم يحضر عنها أحد.
ضد
1 السيد/ وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب.
2 السيد/ مدير عام مأمورية ضرائب الشركات بصفته.
ويعلنان بهيئة قضايا الدولة الكائن مقرها 2 شارع محمود عزمى - قسم العطارين - محافظة الإسكندرية.
حضر عنهما المستشار/ .....

---------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر/ ياسر بهاءالدين، نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت قيمة الضريبة المفروضة على تركة مورث الطاعنة، فاعترضت وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التى أصدرت قرارها، فطعن عليه المطعون ضدهما بصفتيهما بالدعوى رقم 804 لسنة 1992 ضرائب كلى الإسكندرية، وحكمت المحكمة بتأييد القرار المطعون عليه. استأنف المطعون ضدهما بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 289 لسنة 49ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 10/11/1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتعديل القرار المطعون عليه. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة النقض - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وأن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمنى فى مسألة الاختصاص الولائى المتعلقة بالنظام العام، وكان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظره والفصل فيه باعتبار أن التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى موضوعه. وكانت عبارة النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تدل على حكم فى واقعة اقتضته، ووجدت واقعة أخرى مساوية لها فى علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة فى غير حاجة إلى اجتهاد أو رأى، فإنه يفهم من ذلك أن النص يتناول الواقعتين وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما في العلة، سواء كان مساويًا أو أولى، ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فى قضائها الصادر بتاريخ 25 من يوليو سنة 2015 المنشور فى الجريدة الرسمية [العدد 31 مكرر-ج] بتاريخ الثانى من أغسطس سنة 2015 - إلى عدم دستورية نص المادة 123 من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 فيما تضمنه من النص على اختصاص المحاكم الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية بالفصل فى الطعون التى تقام من مصلحة الضرائب العامة والممولين طعنًا فى قرارات لجان الطعن الضريبى المشار إليها فى المواد 120 ، 121 ، 122 من ذات القانون باعتبار أن المنازعات الناجمة عن تلك القرارات ذات طبيعة إدارية بحتة تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لنص المادة 190 من الدستور الحالي. ولما كانت المادة 121 من القانون سالف الذكر قد أناطت بلجان الطعن المنصوص عليها فى المادة 120 من ذات القانون الفصل فى جميع أوجه الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب فى المنازعات المتعلقة بالضرائب المنصوص عليها فى هذا القانون وفى قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 وفى القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة وفى القانون رقم 228 لسنة 1989 بشأن إصدار قانون ضريبة الأيلولة -الملغى بالقانون رقم 227 لسنة 1996- ومن ثم فإن قرارات تلك اللجان التى اعتبرت المحكمة الدستورية العليا بقضائها متقدم الذكر المنازعة بشأنها منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة ليست فحسب تلك القرارات الصادرة فى منازعات قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 وإنما - أيضًا - قرارات لجان الطعن فى المنازعات المتعلقة بقانون ضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980 وقانون رسم تنمية الموارد رقم 147 لسنة 1984 وقانون ضريبة الأيلولة رقم 228 لسنة 1989، وينسحب هذا على قرارات لجان الطعن المشكلة وفقًا لأحكام قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 وتعديلاته - قبل إلغاءه - والتى كانت المنازعة فيها أيضًا من اختصاص المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية وفقاً للمادتين 160 ، 161 من ذات القانون فقد أضحت المنازعة فيها من اختصاص محاكم مجلس الدولة منعقدة بهيئة قضاء إدارى عملًا بدلالة مفهوم
الموافقة المساوى لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليه، ذلك أن مواد قوانين الضرائب المختلفة التى اختصت المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية بنظر الطعون فى قرارات لجان الطعن المشكلة وفقاً لكل منها هى مواد مرتبطة ارتباطًا وثيقًا لاتحاد العلة بالنسبة لهم جميعًا، وهى اختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الطعون فى جميع قرارات لجان الطعن الضريبى باعتبارها هيئات إدارية خولها القانون مهمة الفصل فى المنازعات التى تتردد بين مصلحة الضرائب العامة والممولين على نحو ما جاء بقضاء المحكمة الدستورية العليا آنف البيان. لما كان ذلك، وكانت المنازعة الراهنة تتعلق بتطبيق ( قانون ضريبة الأيلولة رقم 228 لسنة 1989). وأقيمت الدعوى عنها طعنًا فى قرار اللجنة الصادر فى أوجه الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب فإنها تعد منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل فى موضوع الدعوى منطويًا - بذلك - على قضاء ضمنى باختصاص جهة القضاء العادى ولائيًا بنظرها فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب.
ولِما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية المختصة بنظرها طبقًا لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض الصادر بتاريخ 24 من يونيو سنة 2014 فى الطعن رقم 2050 لسنة 74ق هيئه عامة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وحكمت فى الاستئناف رقم 289 لسنة 49ق الإسكندرية، بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية لنظرها، وأبقت الفصل فى المصروفات.

الطعن 13084 لسنة 82 ق جلسة 20 / 3 / 2023

محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
محضر جلسة
برئاسة السيد القاضي / نبيل فوزى إسكندر " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / أحمد لطفي ، عبد الرحمن صالح ، أحمد صبيح و أبو الفضل عبد العظيم " نواب رئيس المحكمة " وحضور السيد أمين السر/ أحمد على .

في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الإثنين 28 من شعبان سنة 1444 ه الموافق 20 من مارس سنة 2023 م .
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 13084 لسنة 82 القضائية .
عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فأصدرت القرار الآتي :

المرفوع من
السيدة / .......... .
تعلن في ........ - قسم سيدي جابر - محافظة الإسكندرية .
ضد
1-السيد / ......... .
2-السيد / ............ .
يعلن في ...........- قسم سيدى جابر محافظة الإسكندرية .

-------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
لما كان من المقرر أنَّ مناط القول باختصاص محكمة الأسرة بنظر الدعوى هو أن يكون النزاع فيها مما يدخل في اختصاص محاكم الأسرة عملاً بالمادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 2004 ، وكان البين من الأوراق أنَّ الطاعنة تدخلت هجومياً بطلب استمرار إقامتها بشقة النزاع على اعتبار أنَّها مسكن الزوجية ، وكانت المنازعة في الدعوى الراهنة بطلب الأب إنهاء استضافة ابنه زوج الطاعنة من عين النزاع ومن ثم فهي ليست منازعة متعلقة بمسكن الحاضنة ، مما يخرجها من اختصاص محاكم الأسرة وفقاً للقانون رقم 1 لسنة 2000 ، وتختص بنظرها المحاكم المدنية ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تلك النتيجة فإنَّه يكون قد انتهى صحيحاً ، ويكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس ، ولما كان من المقرر أنَّه لا يقبل من الخصم النعي على الحكم المطعون فيه لعدم إجابته إلى دفع أو دفاع لا صفة له أصلاً في إبدائه ، وكانت الطاعنة ليست لها صفة في التمسك بزوال صفة الأب كمستأجر أصلي لشقة النزاع وحلول الابن المطعون ضده الثاني محله في كافة حقوقه والتزاماته الواردة بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1975 وذلك منذ زواجه بها وإقامته فيها ، كون ذلك الدفاع مقررًا لمصلحة الخصم الذي لم يطعن في الحكم ، ومن ثم فإنَّ النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير مقبول ، ولما كان من المقرر أن الفصل فى كون الإقامة بعين النزاع إقامة مستقرة أم أنها على سبيل الإيواء أو الاستضافة هو من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، كما أنَّ لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة والمستندات التي تقدم إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه وإطْراح ما عداه وتقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها ، فلها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها إلا أن تخرج بتلك الأٌقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن أقوال شاهدي المطعون ضده الأول من أنَّه استضاف ابنه - المطعون ضده الثاني - عقب زواجه من الطاعنة بعين النزاع ، لحين إعداده مسكن للزوجية ، كما أنَّه لم يترك ولم يتخلَّ عن العين محل النزاع للمطعون ضده الثاني ، ومن ثم فإنَّها لا تعد مسكناً للزوجية ، كما لا توجد بين طرفي التداعي أية علاقة إيجارية على عين النزاع ، فضلاً عن كون عين النزاع أصبحت ملكاً للمطعون ضده الأول ولا يجوز له ترك ملكه لمن استضافهم لأنَّ الاستضافة مهما طالت لا ترتب حقاً ، ورتب على ذلك قضاؤه برفض طلب تدخل الطاعنة هجومياً باستمرار أقامتها بشقة النزاع ، وكان ما استخلصه الحكم سائغاً ويكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بباقي أسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره لا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة ، ويضحى الطعن برمته قد أقيم على غير الأسباب المبينة بالمادتين 248، 249 من قانون المرافعات ، فتأمر المحكمة بعدم قبوله عملاً بالمادة 263/ 3 من ذات القانون .
لذلك
أمرت المحكمة - في غرفة مشورة - بعدم قبول الطعن ، وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة الكفالة .