الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 أبريل 2023

الطعن 413 لسنة 30 ق جلسة 16 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 201 ص 1278

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(201)
الطعن رقم 413 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم "بيانات الحكم". "بيان اسم كاتب الجلسة". بطلان.
بيان اسم كاتب الجلسة في الحكم أمر غير جوهري. إغفاله لا يترتب عليه البطلان. البطلان يترتب حتماً على عدم توقيع رئيس المحكمة أو عدم ذكر أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم واسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية.
(ب) إثبات "إقرار". "التنازل عن الحق". دعوى.
الإقرار الصريح والقاطع في الدلالة على التنازل عن الأجرة المطالب بها في الدعوى، لا على السير في الدعوى فحسب. مقتضاه سقوط حق المقر نهائياً في المطالبة بتلك الأجرة في أي دعوى أخرى.
(ج) عقد. "عيوب الرضا". "غلط". محكمة الموضوع. نقض "مسائل الواقع".
نفى الحكم عن التنازل عن الأجرة وجود الغلط الجوهري المدعى به بما استخلصه من علم مدعي الغلط بحقيقة ما وقع فيه. توافر هذا العلم وعدم توافره من مسائل الواقع تستقل بها محكمة الموضوع ولا سبيل لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(د) هبة "الرجوع في الهبة". التزام "عدم القابلية للانقسام". وارث. "دين المورث".
الرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له. شرطه أن يستند هذا الرجوع إلى عذر يقبله القاضي. دين الأجرة على المورث دين قابل للانقسام - بعد وفاته - على الورثة كل بقدر حصته الميراثية.

---------------
1 - عددت المادة 349 من قانون المرافعات البيانات التي يجب اشتمال الحكم عليها ومن بينها أسماء القضاة الذين أصدروه واسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ورتبت المادة البطلان على خلو الحكم من هذين البيانين ولم يتطلب المشرع فيما يتطلبه من بيانات في الحكم أن يذكر فيها اسم كاتب الجلسة الأمر الذي يفيد أن بيان اسم هذا الكاتب ليس أمراً جوهرياً في نظر المشرع. وإذا كانت المادة 350 من قانون المرافعات قد نصت على أن "يوقع رئيس الجلسة وكاتبها على نسخة الحكم الأصلية..." إلا أنها لم ترتبت البطلان على إغفال هذا الإجراء - وإن كان البطلان يترتب حتماً على عدم توقيع رئيس الجلسة على نسخة الحكم الأصلية لأن هذه النسخة - باعتبارها ورقة رسمية - لا تكتمل لها صفة الرسمية إلا بتوقيع القاضي الذي أصدر الحكم بغير حاجة لتوقيع الكاتب عليها، على أساس أن الحكم من عمل القاضي وأن عمل الكاتب لا يعدو نقل ما دونه القاضي - ومن ثم فإن إغفال توقيع كاتب الجلسة على نسخة الحكم الأصلية لا يترتب عليه بطلان ما دام عليها توقيع رئيس الجلسة.
2 - متى كانت عبارات الإقرار صريحة وقاطعة في الدلالة على أن التنازل الذي تضمنه هو تنازل نهائي عن الأجرة المطالب بها في الدعوى وليس مقصوراً على الحق في السير فيها فإن مقتضى هذا التنازل سقوط حق المقر نهائياً في المطالبة بتلك الأجرة بأي طريق وبالتالي فكل دعوى يرفعها بالمطالبة بهذه الأجرة تكون خليقة بالرفض إذ لا يجوز له أن يعود فيما أسقط حقه فيه.
3 - إذا كانت محكمة الموضوع قد نفت عن الإقرار (بالتنازل عن الأجرة) وجود الغلط الجوهري المدعى به بما استخلصته من الوقائع التي أوردتها ولها أصلها في الأوراق من أن الطاعن (المؤجر) كان يعلم وقت صدور الإقرار منه بحقيقة التلف الذي أصاب زراعة المطعون ضدهما (المستأجرين) والذي يدعي الطاعن أنه وقع في غلط في شأنه معتقداً أنه يرجع إلى ظروف غير متوقعة ومستحيلة الدفع، فإنه لا سبيل لمحكمة النقض عليها في ذلك لأن استخلاص توافر هذا العلم أو عدم توافره من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع.
4 - تشترط المادة 500 من القانون المدني للرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب في الرجوع إلى عذر يقبله القاضي. فإذا كان ما تعلل به الطاعن لتبرير حقه في الرجوع عن تنازله عن الأجرة من وقوعه في غلط قد ثبت فساده كما أن ما يدعيه من أن دين الأجرة غير قابل للانقسام غير صحيح في القانون لأن دين الأجرة وإن كان أصلاً للمورث إلا أنه ما دام بطبيعته قابلاً للانقسام فهو ينقسم بعد وفاته على الورثة كل بقدر حصته الميراثية، إذا كان ذلك، فإن العذر الذي استند إليه الطاعن لتبرير حقه في الرجوع في إقراره بالتنازل يكون منتفياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تخلص في أن المرحوم السيد عبد الحافظ عمرو مورث الطاعنين تقدم في 17 من سبتمبر سنة 1951 إلى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية طالباً إصدار أمر بتوقيع الحجز التحفظي على ما يوجد من زراعة بالأرض التي يستأجرها منه المطعون ضدهما وفاءً للأجرة التي استحقت عليهما عن سنة 1951 الزراعية وتحديد جلسة للحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يسلماه 793 و1/ 3 قنطار قطن و921 أردب قمح و177.75 ضريبة أرز بالأوصاف والأوزان المبينة بعقد الإيجار وبالطلب وتثبيت الحجز التحفظي وجعله نافذاً - وقال مورث الطاعنين في طلبه إن المطعون ضدهما استأجرا منه أطياناً زراعية مساحتها 695 ف و12 ط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1949 وتنتهي في آخر أكتوبر سنة 1952 ونص في عقد الإيجار المؤرخ 12 من سبتمبر سنة 1949 على أن المساحة التي تزرع قطناً يكون إيجار الفدان منها قنطارين وثلث قنطار والمساحة الباقية يكون إيجار الفدان منها أردبين وثلث قمحاً ونصف ضريبة من الأرز على أن يكون تسليم القطن للمؤجر في 15 من سبتمبر من كل سنة - إلا أن المستأجرين لم يقوما بالوفاء بشيء من أجرة سنة 1950/ 1951 الزراعية مما دعا المؤجر لتقديم طلبه السابق - صدر الأمر في 17 من سبتمبر سنة 1951 بتوقيع الحجز التحفظي ونفذ في 30 من سبتمبر سنة 1951 وقيدت دعوى الموضوع برقم 3945 سنة 1951 كلي القاهرة - ثم أقام مورث الطاعنين دعواه رقم 5074 سنة 1952 كلي القاهرة بطلب آخر تقدم به في 16 من أكتوبر سنة 1952 لقاضي الأمور الوقتية لاستصدار أمر بتوقيع الحجز التحفظي على الزراعة التي بالعين المؤجرة وفاءً لذات الأجرة السابقة والتي كانت مطلوبة عيناً في الدعوى الأولى وطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 18381 ج و625 م ثمن المحاصيل المستحقة له وفوائد هذا المبلغ وتثبيت الحجز التحفظي وجعله نافذاً وقد صدر الأمر بتوقيع الحجز المطلوب ونفذ في 23 من أكتوبر سنة 1952 وتظلم المطعون عليهما من ذلك الأمر بدعواهما رقم 4752 سنة 1952 كلي القاهرة وقضى في هذا التظلم بتاريخ 31/ 1/ 1953 بتعديل الأمر المتظلم منه وجعله قاصراً على توقيع الحجز وفاءً لمبلغ 5000 ج و700 م واعتباره أمراً تكميلياً للأمر الصادر في 17/ 9/ 1951 والحجز الموقع في 30/ 9/ 1951 وعند نظر الدعوى الأولى رقم 3945 سنة 1951 كلي القاهرة بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1952 عدل المؤجر طلباته فيها فاستغنى عن طلب الأجرة عيناً وطلب إلزام المطعون ضدهما بالمبلغ المطالب به في الدعوى الثانية رقم 5074 سنة 1952 كلي القاهرة على أساس أنه قيمة المحاصيل المستحقة له مقابل الأجرة - توفى المؤجر بعد ذلك وحل محله ورثته وهم أولاده ممدوح ورياض وحسن وممتاز وزينب وأنعام وبرلنتي وفتحية وقدم الأستاذ ممدوح عبد الحافظ عمرو توكيلاً عن أخواته زينب وأنعام وبرلنتي كما أن الأستاذ ممتاز عبد الحافظ عمرو مثل في الدعوى بصفته الشخصية وبصفته قيماً على شقيقته فتحية عبد الحافظ عمرو - وبجلسة 18 يناير سنة 1955 قررت المحكمة الابتدائية ضم الدعويين رقمي 3945 سنة 1951 كلي القاهرة و5074 سنة 1952 كلي القاهرة معاً ليصدر فيهما حكم واحد - وكان من بين دفاع المطعون ضدهما أمام محكمة أول درجة أن الأستاذ ممدوح عمرو عن نفسه وبصفته وكيلاً عن أخواته زينب وأنعام وبرلنتي قد تنازل عن جميع حقوقه وحقوق موكلاته المرفوعة بها الدعوى رقم 3945 سنة 1951 كلي القاهرة إذ تنازل عن حقه في المطالبة بإيجار سنة 1951 الزراعية المنتهية في أكتوبر سنة 1951 وذلك بمقتضى إقرار كتابي ثابت التاريخ في 20 سبتمبر سنة 1953 كما أن الأستاذ ممتاز عبد الحافظ عمرو قد تنازل أيضاً عن جميع حقوقه المرفوعة بها تلك الدعوى بمقتضى إقرار كتابي صادر منه ثابت التاريخ في 21 أكتوبر سنة 1953 وطلب المطعون ضدهما إثبات هذا التنازل إلا أن الأستاذ ممتاز عبد الحافظ عمرو نازع في ذلك قائلاً إن الإقرار بالتنازل الصادر منه يعتبر باطلاً لوقوعه في غلط عند إصداره كما اعترضت أيضاً السيدتان أنعام وبرلنتي على نفاذ الإقرار الصادر من وكيلهما الأستاذ ممدوح عمرو في حقهما وذلك تأسيساً على أنه يتضمن تبرعاً لا يجوز للوكيل إجراءه إلا بتوكيل خاص محدد. وفي 11 مايو سنة 1957 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية (أولاً) بإثبات تنازل كل من المدعيين الأستاذ ممدوح عبد الحافظ عمرو والسيدات زينب وأنعام وبرلنتي كريمات المرحوم السيد عبد الحافظ عمرو عن الدعوى رقم 3945 سنة 1951 والدعوى رقم 5074 سنة 1952 مدني كلي القاهرة (ثانياً) بإثبات تنازل المدعي الأستاذ ممتاز عبد الحافظ إبراهيم عمرو عن الدعوى رقم 3945 سنة 1951 مدني كلي القاهرة وبرفض دعواه رقم 5074 سنة 1952 مدني كلي القاهرة (ثالثاً) إعادة الدعوى للمرافعة لمناقشة خبير دعوى إثبات الحالة رقم 3594 سنة 1951 مستعجل مصر. وفي 30 مايو سنة 1959 حكمت تلك المحكمة بالنسبة لباقي الورثة المدعين وهم رياض عبد الحافظ عمرو وحسن عبد الحافظ عمر وممتاز عبد الحافظ عمرو بصفته قيماً على شقيقته فتحية (أولاً) بعدم قبول الدعوى رقم 5074 سنة 1952 كلي القاهرة (ثانياً) بندب خبير حسابي من مكتب خبراء القاهرة للاطلاع على أوراق الدعوى وما يقدمه له الطرفان من مستندات وتصفية الحساب بين الطرفين عن أجرة سنة 1951 الزراعية على الأسس الواردة بأسباب الحكم وهي أن المساحة المنزرعة قطناً في تلك السنة هي 237 ف و10 ط وأن أجرة الفدان منها قنطاران وثلث قنطار وأن يحسب سعر القنطار وفقاً لأسعار يوم 15 سبتمبر سنة 1951 وهو اليوم الذي اتفق في عقد الإيجار على تسليم القطن فيه للمؤجر سنوياً. استأنف ممدوح عبد الحافظ عمرو وأنعام عبد الحافظ عمرو وبرلنتي عبد الحافظ عمرو الحكم الصادر في 11 مايو سنة 1957 بالاستئناف رقم 991 سنة 74 ق أمام محكمة استئناف القاهرة كما استأنفه ممتاز عبد الحافظ عمرو بالاستئناف رقم 1097 سنة 74 ق. وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين معاً ليصدر فيهما حكم واحد وقضت في 28/ 6/ 1960 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. كما استأنف رياض عبد الحافظ عمرو وحسن عبد الحافظ عمرو وممتاز عبد الحافظ عمرو بصفته قيماً على شقيقته فتحية الحكم الصادر في 30 مايو سنة 1959 بالاستئناف رقم 946 سنة 76 ق أمام محكمة استئناف القاهرة وفي 28 يونيو سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. فطعن السيد/ ممتاز عبد الحافظ عمرو بالطعن الماثل في هذا الحكم بطريق النقض وذلك فيما قضى به من رفض استئنافه رقم 1097 سنة 74 قضائية وتأييد الحكم المستأنف وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الطعن ولما عرض على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن هذا الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه قد وقع باطلاً لتأييده حكماً معدوماً هو الحكم الابتدائي الصادر في 11 مايو سنة 1957 بإثبات تنازل الطاعن عن الدعوى رقم 3945 سنة 1951 وبرفض دعواه رقم 5074 سنة 1952 - ذلك أن هذا الحكم الابتدائي لم يوقع على نسخته الأصلية من كاتب الجلسة مما يجعله والعدم سواء. ويقول الطاعن إن عدم تمسكه بهذا السبب أمام محكمة الاستئناف لا يسقط حقه في إبدائه أمام محكمة النقض وذلك لتعلقه بالنظام العام ولأنه لم يعلم بخلو الحكم من توقيع كاتب الجلسة. إلا عندما استخرج صورة رسمية منه لإيداعها ملف الطعن.
وحيث إن المادة 349 من قانون المرافعات قد عددت البيانات التي يجب اشتمال الحكم عليها ومن بينها أسماء القضاة الذين أصدروه واسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ورتبت المادة البطلان على خلو الحكم من هذين البيانين ولم يتطلب المشرع فيما تطلبه من بيانات في الحكم أن يذكر فيه اسم كاتب الجلسة الأمر الذي يفيد أن بيان اسم هذا الكاتب ليس أمراً جوهرياً في نظر المشرع, وإذا كانت المادة 350 من قانون المرافعات قد نصت على أن "يوقع رئيس الجلسة وكاتبها على نسخة الحكم الأصلية المشتملة على وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق" إلا أنها لم ترتب البطلان على إغفال هذا الإجراء كما فعلت المادة التي تسبقها مباشرة ولئن كان البطلان يترتب حتماً على عدم توقيع رئيس الجلسة على نسخة الحكم الأصلية فإن ذلك يرجع إلى أن هذه النسخة باعتبارها ورقة رسمية لا تكتمل لها صفة رسمية إلا بتوقيع القاضي الذي أصدر الحكم - أما بالنسبة لتوقيع كاتب الجلسة على هذه النسخة فالأمر مختلف إذ أن عدم اشتراط المشرع بيان اسمه في الحكم يفيد أنه اعتبر أن بيان اسم القاضي في الحكم وتوقيعه على نسخته الأصلية يكفي لاستكمال هذه الورقة صفة الرسمية بغير حاجة لتوقيع الكاتب عليه وذلك على اعتبار أن الحكم من عمل القاضي وأن عمل الكاتب فيه لا يعدو نقل ما دونه القاضي ولو كان توقيع الكاتب لازماً لاكتمال صفة الرسمية لنسخة الحكم الأصلية لأوجب المشرع بيان اسمه في الحكم كما فعل عندما استلزم توقيع المحضر على ورقة الإعلان لاكتسابها صفة الرسمية فنص في المادة العاشرة من قانون المرافعات على وجوب بيان اسمه وتوقيعه على ورقة الإعلان ومن ثم فإن إغفال توقيع كاتب الجلسة على نسخة الحكم الأصلية لا يترتب عليه بطلان ما دام عليها توقيع رئيس الجلسة، ولما كان هذا النظر هو ما أخذت به الدائرة الجنائية بهذه المحكمة واستقر عليه قضاءها وكان هذا الرأي له وجاهته وسنده في القانون فإنه مهما يكن من معارضة غالبية الفقه له فالأحرى بهذه المحكمة أن تقره وتتبعه استقراراً للأحكام ويتعين لذلك رفض هذا السبب من أسباب الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين يقول في بيان أولهما إن هذا الحكم أيد الحكم الابتدائي الصادر في 11 من مايو سنة 1957 والذي قضى بإثبات تنازله عن الدعوى رقم 3945 سنة 1951 وذلك على الرغم من معارضته في إثبات هذا التنازل وإذ كان القانون لم يجز إثبات ما اتفق عليه الخصوم إلا في حدود ما بينه في المادة 124 من قانون المرافعات التي تشترط لجواز إثبات هذه الاتفاقات أن يقرها طرفا الخصومة بالجلسة ويطلبان إثباتها فإذا اعترض أحدهما عليها امتنع على المحكمة إثباتها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون بقضائه بتأييد الحكم الابتدائي الذي أثبت تنازل الطاعن عن الدعوى رقم 3940 سنة 1951 على الرغم من اعتراضه أمام المحكمة الابتدائية على إثبات هذا التنازل ويقول الطاعن بياناً للوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون أيضاً بتأييده ذلك الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض دعوى الطاعن رقم 5074 سنة 1952 ذلك أن المطعون ضدهما الخصوم في هذه الدعوى لم يطلبا من المحكمة رفضها وإنما اقتصرا على طلب إثبات تنازل الطاعن عنها وبذلك تكون محكمة الموضوع قد حورت طلبات الخصوم في الدعوى وهو ما لا تملكه وقضت برفضها على خلاف ما طلب الخصوم فيها.
ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بتأويله الإقرار الكتابي الصادر من الطاعن بما يخالف الثابت فيه. ذلك أن التنازل الوارد بهذا الإقرار إنما ينصب على الحق في رفع الدعوى ولا يتناول الحق الموضوعي المطلوب الحكم به في هذه الدعوى وهو الحق في طلب الأجرة المتأخرة ولقد خلط الحكم المطعون فيه بين الحقين واعتبر التنازل شاملاً للحق في طلب الأجرة وعلى هذا الأساس قضى برفض دعوى الطاعن رقم 5074 سنة 1952 وإذ كان التنازل عن الدعوى لا يستفاد منه التنازل عن الحق المطالب به فيها وكان التنازل عن هذا الحق لا يفترض فإن الحكم المطعون فيه إذ استنتج من إقرار الطاعن أنه يتناول التنازل عن الحق في المطالبة بالأجرة يكون مخالفاً للقانون إذ لو كان الطاعن يقصد التنازل عن ذلك الحق لكان قد تنازل أيضاً عن دعواه الثانية رقم 5074 سنة 1952 ولم يقصر تنازله على دعواه الأولى رقم 3945 لسنة 1951 التي تنازل عنها ولو فرض وكان هناك شك في عبارات التنازل فإن هذا الشك يجب أن يفسر في مصلحة الطاعن وأن يعتبر تنازله مقصوراً على الدعوى دون الحق المطالب به فيها.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير صحيح ذلك أنه يبين من الاطلاع على الإقرار الكتابي المؤرخ في 28 من سبتمبر سنة 1953 الموقع عليه من الطاعن أن نصه هو ما يأتي "أنا ممتاز عبد الحافظ عمرو أقرر بتنازلي تنازلاًً نهائياً وبدون قيد ولا شرط عن جميع حقوقي في القضية المرفوعة من مورثي المرحوم السيد عبد الحافظ عمرو أمام محكمة مصر الابتدائية ضد الأستاذ عبد المنعم محمد أبو زيد المحامي والأستاذ أحمد محمد أبو زيد وهي القضية رقم 3945 سنة 1958 كلي مصر وموضوعها المطالبة بإيجار سنة 1951 الزراعية وهي السنة التي تنتهي في 31 من أكتوبر سنة 1951 وذلك نظراً للكارثة التي لحقت بمحصول القطن في ذلك العام والتي أودت بكل المحصول تقريباً بسبب ظروف طرأت على الزراعة لم يكن أحد يتوقعها ولا قبل للمستأجرين على دفعها كما هو ظاهر من تقرير مكتب خبراء وزارة العدل في القضية المذكورة - وقد لمست ذلك بنفسي حيث إن زراعتي تقع بجوار الأطيان محل النزاع وقد هلك محصولها كذلك بسبب هذه الظروف الجوية الشاذة وبناءً على هذا التنازل ليس لي أن أطالب الأستاذ عبد المنعم أبو زيد أو الأستاذ أحمد أبو زيد بشيء بالمرة وتصبح الحجوز التحفظية المتوقعة ضدهما كأن لم تكن وليس لها أي مبرر - ويعتبر هذا الإقرار نهائياً ولا يحق لي الرجوع فيه أو تعديله بأي حال من الأحوال مهما كانت الظروف وأتعهد بالحضور لتقرير كل ما هو مدون في هذا الإقرار أمام المحكمة في أي وقت أطلب فيه وللمحكمة أن تحكم فوراً بصحة هذا الإقرار عند تخلفي عن الحضور حتى لا تتعطل مصلحة الأستاذين عبد المنعم أبو زيد وأحمد أبو زيد من التأخير في الفصل في هذه القضية. وقد تحرر هذا الإقرار للعمل بموجبه عند اللزوم" ولما كانت عبارات هذا الإقرار صريحة وقاطعة في الدلالة على أن التنازل الذي تضمنه هو تنازل نهائي عن الحق في المطالبة بأجرة سنة 1951 الزراعية بتمامها وهو الحق المطالب به في الدعويين رقمي 3945 سنة 1951 و5074 سنة 1952 كلي القاهرة وليس مقصوراً على الحق في السير في هاتين الدعويين أو عن الأولى منهما كما يزعم الطاعن - لما كان ذلك، وكان مقتضى هذا التنازل هو سقوط حق الطاعن نهائياً في المطالبة بتلك الأجرة بأي طريق وبالتالي فكل دعوى يرفعها بالمطالبة بهذه الأجرة تكون خليقة بالرفض - إذ لا يجوز له أن يعود فيما أسقط حقه فيه فإن إعمال هذا الإقرار على الوجه الصحيح كان يقتضي من محكمة الدرجة الأولى أن ترفض الدعويين المشار إليهما ما دام المطعون ضدهما قد قدما إليها هذا الإقرار وطلبا منها إعماله ومن ثم يكون قضاؤها برفض الدعوى الثانية رقم 5074 سنة 1952 صحيحاً وإذ أيد الحكم المطعون فيه هذا القضاء فإنه لا يكون مخالفاً للقانون أما عن قضاء المحكمة الابتدائية في الدعوى الأولى رقم 3945 سنة 1951 بإثبات تنازل الطاعن عنها فإنه لما كان إعمال الإقرار على الوجه الصحيح كان يقتضي من المحكمة على ما سلف بيانه لا تقتصر على إثبات التنازل عن هذه الدعوى بل ترفضها فإن قضاءها بإثبات التنازل عنها يكون في مصلحة الطاعن وبالتالي فنعيه على هذا القضاء بمخالفة المادة 124 مرافعات يكون غير منتج لانتفاء مصلحته فيه ومن ثم يكون النعي بالسببين السابقين على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ رفض ما طلبه الطاعن من إبطال تنازله آنف الذكر لما شابه من غلط جوهري - ذلك أن الطاعن قد بين الغلط الذي وقع فيه بقوله إن الدافع له على التنازل هو ما اعتقده من أن زراعة المطعون ضدهما قد أصيبت بكارثة أودت بكل المحصول وأن هذه الكارثة ترجع إلى ظروف غير متوقعة ومستحيلة الدفع ولكن اتضح فيما بعد أن هذا الدافع يخالف الحقيقة والواقع إذ أن محكمة الموضوع نفسها بدرجتيها قضت لباقي الورثة الذين لم يصدر منهم تنازل بحقهم في أجرة سنة 1951 وبنت قضاءها بذلك على أن التلف الذي زعمه المطعون ضدهما ليس حقيقياً وأن التلف الذي حصل فعلاً لا يتجاوز نصف قنطار في الفدان الواحد وأن ادعاء هذين المطعون ضدهما بإصابة زراعتهما بمرض فسيولوجي غير صحيح أيضاً وبذلك يكون قد ثبت أن الدافع للطاعن على التنازل مخالف للواقع وبالتالي يكون قد وقع في غلط يبطل تنازله لأنه غلط جوهري وقد كان المطعون ضدهما على علم بهذا الغلط لأنهما كانا يعلمان الحقيقة أو على الأقل كان من السهل عليهما أن يتبيناه - كما استند الطاعن في طلب إبطال إقراره بالتنازل للغلط على واقعة أخرى كان يجهلها وقت هذا الإقرار ولو أنه عرفها لما أقر بهذا التنازل وهذه الواقعة هي أن مصلحة الضرائب لم توافق على إقرار مورثه عن إيراداته عن سنة 1951 وهي سنة النزاع وأجرت في هذا الإقرار تصحيحات ترتب عليها مطالبتها للورثة ومن بينهم الطاعن بمبالغ كبيرة عن تلك السنة ولم يعلم الطاعن بهذا التصحيح إلا عندما أخطرته مصلحة الضرائب في سنة 1955 ويقول الطاعن إنه على الرغم من تدليله على الغلط بكل ما سلف فإن الحكم المطعون فيه اكتفى في تسبيب قضائه برفض إبطال الإقرار لهذا السبب بنفي الصفة الجوهرية عن الغلط المدعى به ولم يناقش الحجج التي ساقها الطاعن لتأييد دفاعه في هذا الشأن مما يجعل ذلك الحكم مخالفاً للقانون ومشوباً بالقصور.
وحيث إنه ورد بأسباب الحكم الابتدائي الصادر في 11 مايو سنة 1957 والتي أخذ بها الحكم المطعون فيه في صدد ما يثيره الطاعن بهذا السبب ما يلي: "ولا يجوز له (للطاعن) التحلل من هذا الإقرار بل يجب أخذه بآثاره لأن من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه ولا يدحض هذا النظر ما يدعيه المدعي المذكور (الطاعن) من وقوعه في غلط لاعتقاده أن زراعة القطن قد أصيبت بحوادث استثنائية أودت بمحصوله بينما الأمر على خلاف ذلك لما هو ثابت من مرافعة خصوم الدعوى ومن ذات الإقرار المشار إليه من أن له زراعة تقع بجوار الأطيان المطالب بإيجارها موضوع التداعي وأن زراعته قد أصيبت نتيجة حوادث استثنائية بإقراره ومن أجل هذا يكون هذا الدفاع غير سديد" وأضاف الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله "إنه يشترط لإبطال العقد أن يكون هناك غلط جوهري وأن يقع فيه المتعاقد الآخر أو يكون على علم به أو من السهل عليه أن يتبينه كما تقضي بذلك المادة 120 من القانون المدني ولم يقم في الأمر أي غلط إذ أن إصابة محصول القطن كانت معلومة للطرفين ورفعت بشأنها الدعوى رقم 3594 سنة 1951 مستعجل مصر ونوقش الخبير بجلسة 8/ 6/ 1957 فأوضح أسباب تلك الإصابة يضاف إلى ذلك أن المستأنف (الطاعن) ذكر في إقراره (المؤرخ 28/ 9/ 1953) أنه يعلم بالإصابة من تقرير الخبير وقد لمسها بنفسه في زراعته المجاورة للأطيان محل النزاع" ولما كانت محكمة الموضوع قد نفت عن الإقرار وجود الغلط المدعى به بما استخلصته من الوقائع التي أوردتها والتي لها أصلها في الأوراق من أن الطاعن كان يعلم وقت صدور هذا الإقرار منه بحقيقة التلف الذي أصاب زراعة المطعون ضدهما فإنه لا سبيل لمحكمة النقض عليها في ذلك لأن استخلاص توفر العلم بحقيقة التلف أو عدم توفره هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا يقدح في انتفاء الغلط المدعى به القضاء لباقي الورثة الذين لم يصدر منهم تنازل بحقهم في أجرة سنة 1951 محل النزاع ذلك لأنه من جهة فإن هذا القضاء لا ينفي ما قرره الحكم من علم الطاعن وقت الإقرار بحقيقة التلف الذي أصاب زراعة المطعون ضدهما وبخاصة وقد ذكر في إقراره أنه لمس هذه الحقيقة بنفسه إذ أن زراعته تقع بجوار الأطيان المؤجرة لهذين المطعون ضدهما وقد هلك محصولها كذلك - ومن جهة أخرى فإن هذا القضاء لم يبن على عدم وقوع تلف بزراعة المطعون ضدهما بل إن المحكمة قد سلمت في أسباب حكمها السابق في 30/ 5/ 1959 بوقوع هذا التلف وإنما قالت إن تلف الزراعة المؤجرة كان مرده أو على الأقل كان أهم أسبابه إصابتها بالآفات الزراعية وهو حادث عادي ومتوقع الحصول وليس حادثاً استثنائياً ورتبت على ذلك عدم انطباق الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني الخاصة بنظرية الظروف الطارئة التي استند إليها المطعون ضدهما في طلب تخفيض الأجرة كما رفضت طلبهما تخفيض الأجرة بالاستناد إلى المادة 616 من ذلك القانون تأسيساً على ما تقدم وعلى أنه اتفق في البند السابع من عقد الإيجار على إعفاء المؤجر من مسئولية هلاك الزرع كما بررت المحكمة أيضاً قضاءها برفض تخفيض الأجرة بأن المطعون ضدهما وإن كان قد أصابتهما خسارة في سنة النزاع وهي سنة 1951 الزراعية فقد عوضا هذه الخسارة بما ربحاه في سنتي الإيجار الأخريين وهما سنتا 1950 و1952 وقالت إن الربح الذي حققاه في هاتين السنتين من شأنه أن يقيم التوازن الاقتصادي الذي قد يكون قد تزعزع بسبب ما أصاب القطن في سنة النزاع أو على الأقل يرد الإرهاق الذي أصاب المطعون ضدهما إلى الحد المعقول وهو نطاق الخسارة المحتملة المألوفة" أما ما يثيره الطاعن خاصاً بإجراء مصلحة الضرائب تصحيحات في الإقرار الذي قدمه المورث عن إيراداته في سنة 1951 فإنه غير منتج في إثبات الغلط المدعى به هذا إلى أنه لا يعتد بالغلط في تقدير النتائج المترتبة على الإقرار ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون برفضه طلب الطاعن الترخيص له في أن يرجع في إقراره. ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن هذا الإقرار كان بغير مقابل فيعتبر لذلك هبة ويكون له حق الرجوع فيه طبقاً للمادة 500 من القانون المدني لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع واكتفى في الرد عليه بقوله إنه لا يوجد ما يبرر إجابة هذا الطلب مع أن المبرر قائم وهو وقوع الطاعن في غلط وأحقيته في أن يطلب الحكم له بما حكم به لباقي الورثة الذين لم يتنازلوا إذ أنهم جميعاً دائنون بدين غير قابل للانقسام مما يترتب عليه أن ما يحكم به لبعضهم يستفيد منه الآخرون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعن المتضمن طلب الرجوع في إقراره بقوله "وبما أن هذا السبب مردود بأنه طبقاً لنص المادة 500 من القانون المدني لابد للترخيص في الرجوع في الهبة من وجود عذر مقبول وهذا العذر غير متوفر في الدعوى" ولما كانت المادة 500 من القانون المدني تشترط للرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب في الرجوع إلى عذر يقبله القاضي وكان ما تعلل به الطاعن لتبرير حقه في الرجوع في إقراره من وقوعه في غلط قد ثبت فساده على ما تقدم ذكره عند الرد على السبب السابق كما أن ما يدعيه من أن دين الأجرة غير قابل للانقسام وما يرتبه على ذلك غير صحيح في القانون لأن دين الأجرة وإن كان أصلاً للمورث إلا أنه ما دام بطبيعته قابلاً للانقسام فإنه ينقسم بعد وفاته على الورثة كل بقدر حصته الميراثية. لما كان ذلك، فإن العذر الذي استند إليه الطاعن لتبرير حقه في الرجوع في الإقرار يكون منتفياً وإذ رد الحكم على دفاعه في هذا الخصوص بعدم توفر العذر المبرر للرجوع في الهبة وذلك بعد أن نفى عن الإقرار الغلط المدعى به فإن هذا الحكم لا يكون مخالفاً للقانون أو قاصراً في التسبيب.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.

الطعن 211 لسنة 36 ق جلسة 31 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 216 ص 1319

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-----------------

(216)
الطعن رقم 211 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
عدم قيام الطاعن بإعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في ميعاد الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن. خلو أوراق الطعن مما يثبت قيام الطاعن بهذا الإعلان خلال هذا الميعاد وحتى انقضاء الميعاد الذي منحه القانون رقم 4 لسنة 1967 بطلان الطعن. لا يصححه حضور المطعون عليه الذي لم يعلن وتقديمه مذكرة بدفاعه. تقرير الطعن لا يعتبر تكليفاً بالحضور.
(ب) تجزئة. "أحوال التجزئة". نقض. "الخصوم في الطعن". ملكية.
المطالبة بتثبيت ملكية أطيان زراعية. موضوع قابل للتجزئة. بطلان الطعن بالنسبة لأحد المطعون عليهم مقصور عليه. لا أثر له بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". تقادم. "تقادم مكسب". نقض. إثبات. حيازة.
لمحكمة الموضوع أن تستدل على نوع وضع اليد من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامها. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في الإحالة للتحقيق". إثبات.
سلطة محكمة الموضوع في عدم إحالة الدعوى إلى التحقيق. مناط ذلك.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". خبرة.
عدم تمسك الطاعن بخطأ الخبير أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------------
1 - توجب المادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والتي أعيد العمل بها بمقتضى قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965، على الطاعن أن يعلن تقرير الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن، وإلا كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بإعلان المطعون عليهم بتقرير الطعن خلال هذا الميعاد أو في خلال الميعاد الذي منحه له القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات ولتصحيح ما لم يصح منها، فإن الطعن يكون باطلاً بالنسبة لمن لم يتم إعلانه، ولا يغير من ذلك حضور محام عن اثنين منهم إلى قلم الكتاب وتقديمه مذكرة بدفاعهما خلال الميعاد المحدد للإيداع، لأن تقرير الطعن - على ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - لا يعتبر تكليفاً بالحضور يزول البطلان الذي يلحقه بحضور المطعون عليه الذي لم يعلن وذلك بالمعنى الذي يتأدى من مفهوم نص المادة 140 مرافعات قديم، بل هو إجراء من إجراءات الطعن التي يتحتم مراعاتها. وإلا كان الطعن باطلاً.
2 - المطالبة بتثبيت ملكية أطيان زراعية موضوع قابل للتجزئة، ومن ثم فإن بطلان الطعن بالنسبة لأحد المطعون عليهم لا أثر له بالنسبة للباقين.
3 - لمحكمة الموضوع أن تستدل على نوع وضع اليد من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامها، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دام ما استنبطته مستمداً من أوراق الدعوى ومستخلصاً منها استخلاصاً سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
4 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى استبان لها وجه الحق في الخصومة.
5 - إذ كان يبين أن الطاعنين لم يتمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الخبير قد أخطأ في احتساب مقدار الأطيان الموروثة، فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم محمد الحفني علي بلال أقام الدعوى رقم 35 سنة 1953 مدني كلي قنا، ضد أحمد علي بلال وآخرين، طلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى 3 ف و1 ط و3 س موضحة بالصحيفة وتسليمها إليه، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك 2 ف و1 ط و3 س من هذه الأطيان بالميراث عن والده ويملك باقيها بالتنازل من عمته المرحومة آمنة محمد بلال، وأن الأطيان المذكورة ظلت (روكية) بينه وبين أخيه المرحوم أحمد علي بلال حتى وفاته في 8/ 6/ 1944، ثم عهد بإدارتها إلى محمد علي الأنصاري فنازعه ابن أخيه محمد أحمد علي بلال، ما اضطره لتقديم شكوى ضده قيدت برقم 834 سنة 1944 إداري دشنا أقر فيها المشكو ضده بقبول استئجار هذه الأطيان، ولكنه تأخر في دفع الأجرة فأقام عليه الدعوى رقم 557 سنة 1946 مدني دشنا وحكم له بجزء منها، ولما استأنف الطرفان الحكم المذكور بالاستئنافين رقمي 283 سنة 1946، 17 سنة 1947 مدني كلي قنا قررت المحكمة ضم الاستئنافين وإيقاف الفصل فيهما حتى يفصل في النزاع على الملكية، ثم انتهى المدعي إلى القول بأنه رغم أن محمد أحمد علي بلال أقر له بعد ذلك في 9/ 8/ 1949 بملكيته للأطيان المذكورة فإنه لم يسلمها له، مما اضطره لإقامة هذه الدعوى بطلباته آنفة الذكر، وأثناء نظرها توفى المدعي فحل محله محمد علي بلال باعتباره الوارث الوحيد له، كما توفى بعض المدعى عليهم فحل محلهم ورثتهم، ثم اقتصر المدعي على مخاصمة محمد أحمد علي ومحمد علي أحمد وأحمد أحمد علي بلال وشقيقتيه سكينة ومارية. ورد المدعى عليهما أحمد أحمد بلال وشقيقته سكينة بأن أرض النزاع ملك لمورثهم المرحوم أحمد علي محمد بلال، وأنه كان يضع اليد عليها ومن بعده ورثته لمدة تزيد على الخمسين عاماً. وبتاريخ 19/ 1/ 1957 حكمت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء بقنا لمعاينة أرض النزاع وتحقيق أصل الملكية وتسلسلها وتطبيق مستندات الطرفين على الأطيان لمعرفة ما إذا كانت مملوكة لمورث المدعي "المرحوم محمد الحنفي علي بلال" أم لمورث المدعى عليهم ملكية خاصة وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه. وقدم الخبير تقريره منتهياً فيه إلى أن نصيب المرحوم محمد الحفني علي بلال مورث المدعي محمد علي بلال هو 2 ف 13 ط و12 س، وإذ توفى محمد علي بلال وحل محله ورثته فقد عدلوا طلباتهم إلى الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 2 ف و13 ط و12 س شيوعاً في 17 ف و13 ط و20 س مستندين في ذلك إلى أن نصيب مورثهم هو الذي أظهره الخبير وأنه يجب أن يضاف إليه الفدان الذي سبق أن تنازلت عنه المرحومة آمنة محمد بلال إلى شقيقها مورث مورثهم. وبتاريخ 21/ 11/ 1964، حكمت المحكمة بتثبيت ملكية المدعين إلى 2 ف و13 ط و12 س شيوعاً في 17 ف و13 ط و20 س الموضحة بتقرير الخبير وكف منازعة المدعى عليهم والتسليم. واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 11 سنة 40 ق أسيوط قنا. وفي 23/ 2/ 1966 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير. وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم عدا الخامسة والتاسع والثاني عشر رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكراتها وطلبت بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثاني والرابع والثاني عشر وبقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً بالنسبة للباقين.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة هو بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والرابع والثاني عشر لعدم إعلانهم بتقرير الطعن.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن أنه لم يعلن للمطعون عليهم الثاني والرابع والثاني عشر لإقامتهم في جهات أخرى أثبتها المحضر غير تلك التي وجه إليهم الإعلان فيها. وإذ كانت المادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 سنة 1955 والتي أعيد العمل بها بمقتضى قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965، توجب على الطاعن أن يعلن تقرير الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن، وإلا كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. إذ كان ذلك، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعنين بإعلان المطعون عليهم المذكورين بتقرير الطعن خلال هذا الميعاد أو في خلال الميعاد الذي منحه لهم القانون رقم 4 سنة 1967، لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات ولتصحيح ما لم يصح منها، فإن الطعن يكون باطلاً بالنسبة للمطعون عليهم الذين لم يتم إعلانهم، ولا يغير من هذا النظر حضور محام عن اثنين منهم إلى قلم الكتاب وتقديمه مذكرة بدفاعهما خلال الميعاد المحدد للإيداع، ذلك أن إعلان تقرير الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر تكليفاً بالحضور يزول البطلان الذي يلحقه بحضور المطعون عليه الذي لم يعلن، وذلك بالمعنى الذي يتأدى من مفهوم نص المادة 140 مرافعات قديم، بل هو إجراء من إجراءات الطعن التي يتحتم مراعاتها وإلا كان الطعن باطلاً، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع قابل للتجزئة بتثبيت ملكية المطعون عليهم عدا الأخير منهم للأطيان الزراعية، فإن بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والرابع والثاني عشر لا أثر له بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الثاني والرابع والثاني عشر منهم.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه مشوب بالفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم قد استدل من تقرير الخبير ومن الكشوف الرسمية المقدمة في الدعوى على أن المطعون عليهم عدا الأخير منهم يملكون الأطيان المحكوم بتثبيت ملكيتها لهم بطريق الميراث عن المرحوم علي بلال مورثهم الأصلي، في حين أن الكشوف الرسمية المذكورة خلت من ذكر اسم المورث المذكور، وقد تمسك الطاعنون بدفاعهم هذا أمام محكمة الموضوع وبأن الكشوف الرسمية الشاملة لأطيان النزاع قد خلت مما يدل على أنها كانت مكلفة قبل ذلك باسم علي بلال، وأن عبارة وبقية الورثة الواردة بتلك الكشوف لا تنهض دليلاً على أن الأطيان المذكورة مكلفة باسمه، ومع ذلك فقد عول الحكم عليها في قضائه مما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه يبين أنه استند في قضائه إلى ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن نصيب محمد الحفني على مورث المدعين (المطعون عليهم عدا الأخير) في التكليفين باسم أحمد علي وبقية الورثة هو 2 ف و13 ط و12 س شيوعاً في جملة أرض التكليفين وقدرها 17 ف و13 ط و2 س طبقاً لكشوف التكليف المستخرجة من واقع سجل المساحة، وعلى أساس الورثة الوارد ذكرهم بالحكم الشرعي 13 لسنة 1948 كلي قنا، وإلى أن الطرفين أقرا بأن مورث المدعين لم يتصرف في شيء من نصيبه كذلك وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن أورد أسانيد الحكم الابتدائي أضاف إليها "وزيادة على ما تقدم فالثابت من الكشوف الرسمية المرفقة بتقرير الخبير أن الأرض المخلفة عن مورث مورثي الطرفين مكلفة باسم ورثته وفي وضع يدهم، وهو ما يجعل قول المستأنفين "(الطاعنين) بتكليفها باسم مورثهم وحده غير صحيح". ومن ذلك يبين أن الحكم قد اعتبر الكشوف الرسمية المقدمة في الدعوى شاملة لاسم مورث المطعون ضدهم استناداً إلى أن هذه الكشوف صادرة باسم أحمد علي بلال وبقية الورثة، وأن هذه العبارة تشمل المورث المذكور حسبما جاء بالحكم الشرعي وأفصحت عنه البيانات المساحية التي اطلع عليها الخبير، إذ كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم استدل على أن أرض النزاع كانت في وضع يد المطعون عليه الأخير محمد أحمد علي بما جاء بأقواله في الشكوى رقم 2834 سنة 1944 إداري دشنا من أنه تلقى خطاباً من مورث المطعون عليهم يوكله فيه بإدارة أطيان النزاع، في حين أن الشكوى الإدارية لا تعتبر حجة على الطاعنين لأنهم لم يسألوا فيها ولم يواجهوا بأقوال من سئل، خاصة وأن تلك الأقوال قد أدلى بها بعد أن كانت مدة التقادم وقدرها 33 سنة قد اكتملت لهم ولمورثهم من قبلهم في سنة 1937 (وثانيها) أن الحكم استند في القول بوضع يد مورث المطعون عليهم عدا الأخير على أرض النزاع إلى الإقرار الصادر من المطعون عليه التاسع محمد أحمد علي بلال في 9/ 8/ 1949 المتضمن أن وضع يده على الأرض المذكورة كان بقصد إدارتها لحساب مورث المطعون عليهم كمالك في حين أن هذا الإقرار لا يكون حجة إلا على المقر ولا حجية له قبل الطاعنين، لأنهم ليسوا طرفاً فيه مما يجعل الحكم مخالفاً للقانون فضلاً عن فساده في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استند في إطراح ما تمسك به الطاعنون من أن مورثهم تملك أرض النزاع بوضع يده عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية إلى أن "ما يثيره المستأنفون (الطاعنون وآخرون) في أوجه استئنافهم من أن مورثهم تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية مردود بما تبينته المحكمة من أنه وإن كان الخبير قد أيدهم في هذه الواقعة، إلا أن وضع يده حسبما تكشف عنه الأوراق كان بالنيابة عن أخيه مورث المستأنف عليهم (المطعون ضدهم عدا الأخير) وهو وضع يد غير مملك مهما طال الزمن، وآية ذلك أن المستأنف الأول محمد علي أحمد (المطعون ضده الأخير) وهو زوج ابنة المورث ووكيله في إدارة أمواله حسبما قرر في الشكوى رقم 2834 سنة 1944 إداري دشنا أنه تلقى من مورث المستأنف عليهم خطاباً أثبته محققها، وأنه بموجبه قد وكله في إدارة ذات أرض النزاع بعد وفاة صهره وشقيق مورث المستأنف ضدهم وأنه قام بتأجيرها بهذه الصفة لآخرين، وهو ما يدحض ادعاء المستأنفين بتملك مورثهم أرض النزاع بأن محمد أحمد علي محمد بلال شقيق المستأنفين عدا الأول قد أقر في الشكوى باستعداده لاستئجار الأرض وإدارتها نيابة عن مالكها مورث المستأنف ضدهم (المطعون ضدهم عدا الأخير) وأيد هذه الأقوال بالإقرار الصادر منه والثابت به أن والده كان يدير الأرض بالنيابة عن شقيقه مورث المستأنف عليهم" وإذ كان يبين من ذلك أن الحكم قد استدل على أن يد مورث الطاعنين على أرض النزاع كانت يداً عارضة بما استخلصه من الشكوى الإدارية رقم 2834 سنة 44 إداري دشنا ومن أقوال المطعون ضده الأخير فيها وما تضمنه الخطاب الذي قدمه للمحقق أثناء سماعه أقواله. وإذ كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستدل على نوع وضع اليد من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، ما دام ما استنبطه مستمداً من أوراق الدعوى ومستخلصاً منها استخلاصاً سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. إذ كان ذلك فإن النعي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قرر في معرض التدليل على ملكية مورث المطعون عليهم لأطيان النزاع أن الثابت من محضر أعمال الخبير المنتدب أن مورثهم الأصلي المرحوم محمد الحفني يملك 2 ف 3 ط و12 س عن والده المرحوم علي بلال وأنه لم يكن يزرعها وإنما يقوم بزراعتها إخوة المرحوم أحمد علي بلال مورث الطاعنين وكان الأخوان يتحاسبان عن إيجارها وأن العلاقة ظلت مستمرة بينهما حتى توفى أحمد علي بلال مورث الطاعنين في سنة 1954، في حين أن تقرير الخبير قد خلا في نتيجته من الاعتماد على هذه الواقعة كدليل على الملكية كما يبين من محاضر أعماله أن ذكر هذه الواقعة جرى على لسان مورث المطعون عليهم المرحوم محمد علي بلال، دون أن يقدم أي دليل على صحتها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه وإن كان الحكم الابتدائي قد تضمنت أسبابه ما جاء بسبب النعي، إلا أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه لم يستند في التدليل على ملكية مورث المطعون عليهم لأرض النزاع ووضع يده عليها كمالك إلى تقرير الخبير أو محاضر أعماله بل إلى أدلة أخرى على ما جاء في الرد على السبب الثاني.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأنهم على استعداد لإثبات أنهم ومورثهم من قبلهم يضعون اليد على أطيان النزاع أكثر من 23 عام بنية التملك، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن تحقيق دفاعهم ولم يستجب له اكتفاء بقوله بأنه لا جدوى من تحقيق هذا الدفاع أخذاً بمدلول الشكوى الإدارية 2834 سنة 1944 إداري دشنا، وإذا كانت الشكوى المذكورة خلواً من أقوال لهم، وكان لزاماً على المحكمة أن تحقق دفاعهم المذكور بإحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع شهودهم عن وضع يدهم المكسب للملكية، فإن عدم استجابة الحكم المطعون فيه لهذا الطلب هو إخلال منه بحقهم في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى استبان لها وجه الحق في الخصومة، وإذ كانت قد حصلت من القرائن التي ساقتها واطمأنت إليها - على ما سلف البيان عند الرد على السبب الثاني - أن وضع يد مورث الطاعنين على أرض النزاع كان بطريق الإنابة لا بنية التملك، فإن عدم استجابتها لطلب الإحالة إلى التحقيق لا يعتبر منها إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إنه أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من اعتماد تقرير الخبير الذي خلص إلى أن مجموع الأطيان المتروكة عن المورث الأصلي للمطعون ضدهم هو 17 ف و13 ط و2 س، في حين أن الثابت بالكشوف الرسمية المرفقة بمحضر أعمال الخبير أن الأطيان المذكورة لا تجاوز الاثنى عشر فداناً، وقد ترتب على خطأ الخبير أن عدل المطعون ضدهم طلباتهم إلى طلب تثبيت ملكيتهم لمقدار 2 ف و13 ط و12 س بعد أن كانت طلباتهم قاصرة على 2 ف و1 ط و3 س وقضي لهم بهذه الطلبات الأخيرة، وإذ انساق الحكم وراء هذا الخطأ، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعنين لم يتمسكوا بهذا السبب أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


(1) نقض 5/ 1/ 1956 مجموعة المكتب الفني السنة 7 ص 56 والفهرس الخمسي ص 774. بند 116.

الطعن 290 لسنة 30 ق جلسة 15 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 200 ص 1272

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(200)
الطعن رقم 290 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "رسم الأيلولة على التركات". إصلاح زراعي. "تصرف المالك إلى أولاده".
المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952. تصرف المالك إلى أولاده بعوض أو بغير عوض رخصة ندب إليها الشارع. مثل هذا التصرف لا ترد عليه مظنة الغش والتحيل على أحكام القانون رقم 142 لسنة 1944. عدم سريان المادة الرابعة من القانون 142 لسنة 1944 على هذا التصرف.

-----------------
النص في المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي بعد تعديله بالقانون رقم 311 لسنة 1952 والقانون رقم 108 لسنة 1953 على أنه يجوز للمالك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان إلى أولاده بما لا يجاوز خمسين فداناً للولد على ألا يزيد مجموع ما يتصرف فيه إلى أولاده على المائة فدان فإذا توفى قبل الاستيلاء على أرضه دون أن يتصرف إلى أولاده أو يظهر نية عدم التصرف إليهم افترض أنه قد تصرف إليهم وإلى فروع أولاده المتوفين قبله في الحدود السابقة - يدل على أن تصرف المالك إلى أولاده في هذا النطاق هو رخصة واستحباب ندب إليه الشارع وافترضه رعاية منه للملاك ذوي الأولاد وتمييزاً لهم عن غيرهم يستوي في ذلك أن يكون بعوض أو بغير عوض. ومثل هذا التصرف لا ترد عليه مظنة الغش والتحيل على أحكام القانون التي قام عليها نص المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 وافترضها في شأن الهبات وحدها دون سائر التصرفات، طالما أن القانون هو الذي رخص فيه وندب إليه وافترضه وهو مما لا يتجه إليه خطاب الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون المذكور التي نصت على أنه "إذا كان التصرف بعوض جاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر للقضاء لكي يقيم الدليل على دفع المقابل وفي هذه الحالة يرد إليه رسم الأيلولة المحصل منه" بحيث يقال إنه يتعين على صاحب الشأن من الأولاد رفع الأمر إلى القضاء لإقامة الدليل على دفعه المقابل ذلك يرد إليه الرسم إذا كان التصرف بعوض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم محمد السيد أبو حسين - مورث المطعون عليهن - توفى في 5/ 2/ 1955 وقدرت مأمورية ضرائب شبين الكوم صافي أصول تركته بمبلغ 94868 جنيهاً و127 م وأخطرتهن بهذا التقدير فاعترض عليه وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 21/ 9/ 1955 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتخفيض تقدير المأمورية إلى مبلغ 91138 جنيهاً و76 م، وأقام الورثة الدعوى رقم 23 سنة 1955 تجاري شبين الكوم الابتدائية بالطعن في هذا القرار وطلبن الحكم أصلياً بعدم اختصاص مأمورية ضرائب شبين الكوم ولجنة طعن ضرائب طنطا بمناقشة شئون التركة، ومن باب الاحتياط تحديد صافي أصول التركة بمبلغ 70535 جنيهاً و481 م، مع إلزام المصلحة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 26/ 12/ 1956 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع المقدم من الطاعنات بعدم اختصاص مأمورية ضرائب شبين الكوم بمناقشة وتصفية التركة وباختصاصها (ثانياً) باستبعاد الخمسين فداناً موضوع عقد الهبة رقم 13 سنة 1954 الصادر إلى كريمة المورث السيدة/ دولت محمد السيد أبو حسين والمسجل في 20/ 6/ 1954 برقم 3712 من وعاء الضريبة (ثالثاً) باستبعاد ال 56 ف و4 س المبينة بمحضر الاستيلاء المؤرخ 16/ 10/ 1955 من وعاء الضريبة على أن تحل محلها سندات الإصلاح الزراعي المسلمة تعويضاً عنها (رابعاً) وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب الخبير المختص بشئون الضرائب بمكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم للاطلاع على ملف الدعوى وما يقدمه الطرفان من مستندات لبيان ما يأتي (1) تقدير قيمة المائة فدان التي بقيت للمورث بعد الهبة وبعد ما تم الاستيلاء عليه طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي مراعياً في ذلك المعيار الذي نصت عليه المادة 36 من القانون رقم 142 سنة 1944 (2) تقدير قيمة سندات الإصلاح الزراعي التي سلمت تعويضاً عن ال 56 ف و4 س التي استولت عليها الحكومة طبقاً للمادة 36 من القانون (3) تقدير قيمة المنقولات والآلات الزراعية المخلفة عن المورث وقت الوفاة بعد استبعاد قيمة المنقولات الخاصة بدار السكن المعفاة من الضريبة (4) تقدير قيمة الثلاث جاموسات المخلفة عن المورث وبيان ما إذا كانت تساوي مبلغ 160 جنيهاً كما جاء في قرار لجنة الطعن أم تقل عنه. (5) تقدير قيمة إيجار المائة فدان التي بقيت للمورث بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي وإيجار ال 56 ف و4 س من ريع السنة السابقة على وفاة المورث طبقاً للمادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي (6) تقدير صافي أصول التركة المخلفة عن المورث بعد استبعاد ما قضت المحكمة باستبعاده من الخضوع للضريبة، وبعد أن باشر الخبير المأمورية عادت وبتاريخ 17/ 12/ 1958 فحكمت بتعديل قرار اللجنة المطعون فيه والصادر بجلسة 21/ 9/ 1955 والمعلن إلى الطاعنات في 29/ 9/ 1955 وتحديد صافي قيمة التركة المخلفة عن مورثهن المرحوم محمد السيد أبو حسين إلى مبلغ 71996 ج و740 م وحساب الضريبة على هذا الأساس وألزمت الطاعنات المصروفات المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذين الحكمين لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءهما والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 46 سنة 9 تجاري ق وكذلك استأنفته السيدة/ دولت محمد السيد أبو حسين استئنافاً فرعياً طالبة تعديله وتقدير صافي التركة بمبلغ 62378 ج. وبتاريخ 28/ 4/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً وفي موضوعهما بتعديل الحكم المستأنف الصادر من محكمة الدرجة الأولى بجلسة 17/ 12/ 1958 وتعديل قرار اللجنة المطعون فيه والصادر بتاريخ 21/ 9/ 1955 وتحديد صافي قيمة التركة المخلفة عن المورث المرحوم محمد السيد أبو حسين مورث المستأنف عليهن في الاستئناف الأصلي بمبلغ 71287 ج و544 م وحساب الضريبة على هذا الأساس مع إلزام المستأنف عليهن بالمصروفات المناسبة لمبلغ 752 ج و63 م عن الدرجتين وإلزام مصلحة الضرائب بباقي المصروفات عن الدرجتين وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها الأولى رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى باستبعاد الخمسين فداناً موضوع عقد الهبة الصادر من المورث إلى كريمته السيدة/ دولت استناداً إلى أن المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 بعد تعديلها بالقانون رقم 108 لسنة 1953 أجازت للمالك أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان إلى أولاده بما لا يجاوز خمسين للولد الواحد ومائة فدان لأولاده جميعاً وافترضت أنه تصرف في هذا القدر ما لم يظهر نية عدم التصرف إليهم قبل وفاته وبالتطبيق لحكم هذه المادة في حدود الرخصة التي خولها القانون للمورث استصدر القيم عليه إذناً من محكمة الأحوال الشخصية بإبرام عقد الهبة، وانتهى إلى أنه لا يعتبر من قبيل التصرفات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 التي يفترض فيها سوء النية وقصد التهرب من ضريبة التركات، وما جرى عليه الحكم من ذلك خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات صريحة في أنه يستحق رسم الأيلولة على الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث خلال الخمس السنوات السابقة على الوفاة إلى شخص أصبح وارثاً بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت حصول التصرف أو الهبة سواء تعلقت تلك الهبات والتصرفات بأموال منقولة أو ثابتة وسواء صدرت إلى الشخص المذكور بالذات أو بالواسطة وهي من العموم والإطلاق بحيث تشمل كافة التصرفات التي يجريها المورث أياً كان سببها وعلتها ومصدرها ونوعها، وبحيث يكفي لإعمال حكمها حصول التصرف خلال السنوات الخمس السابقة على الوفاة، والثابت في الدعوى أن الهبة تمت في 20/ 6/ 1954 وتوفى المورث في 5/ 2/ 1955 وبذلك تكون قد تمت خلال الخمس السنوات السابقة على الوفاة وبالتالي تخضع لرسم الأيلولة ولا يمنع من خضوعها ما تعلل به الحكم من أن القصد من الهبة لم يكن التهرب من أداء الرسم أو أنها لا تعتبر من قبيل التصرفات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 إذ هو تصرف ناقل للملك وهو من التبرعات التي اعتبرها الشارع قرينة لا تقبل إثبات العكس على التهرب من أداء الرسم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي بعد تعديله بالقانون رقم 311 لسنة 1952 والقانون رقم 108 لسنة 1953 على أنه يجوز للمالك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان إلى أولاده بما لا يجاوز خمسين فداناً للولد على ألا يزيد مجموع ما يتصرف فيه إلى أولاده على المائة فدان فإذا توفى قبل الاستيلاء على أرضه دون أن يتصرف إلى أولاده أو يظهر نية عدم التصرف إليهم, افترض أنه قد تصرف إليهم وإلى فروع أولاده المتوفين قبله في الحدود السابقة، يدل على أن تصرف المالك إلى أولاده على هذا الوجه وفي هذا النطاق هو رخصة واستحباب ندب إليه الشارع وافترضه رعاية منه للملاك ذوي الأولاد وتمييزاً لهم عن غيرهم يستوي في ذلك أن يكون بعوض أو بغير عوض، ومثل هذا التصرف لا ترد عليه مظنة الغش والتحيل على أحكام القانون التي قام عليها نص المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 وافترضها في شأن الهبات وحدها دون سائر التصرفات طالما أن القانون هو الذي رخص فيه وندب إليه وافترضه وهو مما لا يتجه إليه خطاب الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون التي نصت على أنه "إذا كان التصرف بعوض جاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر للقضاء لكي يقيم الدليل على دفع المقابل وفي هذه الحالة يرد إليه رسم الأيلولة المحصل منه" بحيث يقال إنه يتعين على صاحب الشأن من الأولاد رفع الأمر للقضاء لإقامة الدليل على دفعه المقابل ذلك يرد إليه الرسم إذا كان التصرف بعوض، ومن ثم فهو لا يدخل في نطاق التصرفات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو خطأ في تطبيقه.

الطعن 60 لسنة 8 ق جلسة 14 / 12 / 1939 مج عمر المدنية ج 3 ق 13 ص 25

جلسة 14 ديسمبر سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

----------------

(13)
القضية رقم 60 سنة 8 القضائية

(أ) قوّة الشيء المحكوم فيه. 

حكم جنائي. حجيته أمام المحاكم المدنية. مداها. بلكون. مالك منزل. اتهامه بأنه تسبب بإهماله في إصابة أحد السكان. تبرئته على أساس عدم وقوع خطأ من جانبه. هذا الحكم يمنع القاضي المدني من إعادة البحث في هذه المسألة. 

(المادة 232 مدني)
(ب) مسئولية المخدوم عن أعمال خادمه. قوامها. صانع استأجره مالك المنزل للقيام بعمل معين ولم يتدخل معه في إجرائه. المالك لا يسأل عن خطأ الصانع. 

(المادتان 151 و152 مدني)

------------------
1 - الحكم الصادر من المحاكم الجنائية تكون له حجيته أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه من جهة وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين: الجنائية والمدنية، ومن جهة الوصف القانوني لهذا الفعل، ومن جهة إدانة المتهم فيه. فمتى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور امتنع على المحكمة المدنية أن تعيد البحث فيها، وتعيّن عليها أن تعتبر ما قضى به الحكم الجنائي فيها وتلتزمه في الخصومة المدنية حتى لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له. فإذا قضى الحكم الجنائي ببراءة مالك العقار الذي كان متهماً بأنه مع علمه بوجود خلل في البلكون لم يرممه وتسبب بذلك في إصابة أحد السكان، وكان سبب البراءة هو عدم وقوع خطأ من جانبه إذ هو كان قد قام بإصلاح البلكون فعلاً، فإن هذا الحكم يمنع القاضي المدني من أن يستمع إلى الادعاء بوقوع الخطأ الذي قضى بانتفائه.
2 - إن مسئولية المخدوم عن أعمال خادمه لا تقوم على مجرّد اختياره، بل هي في الواقع قوامها علاقة التبعية التي تجعل للمخدوم أن يسيطر على أعمال التابع ويسيره كيف يشاء بما يصدره إليه من الأوامر والتعليمات. وإذن فمالك المنزل لا يسأل عن خطأ الصانع الذي استأجره لعمل معين إذا كان لم يتدخل معه في إجراء هذا العمل.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - على ما جاء بالحكم المطعون فيه وتقرير الطعن ومذكرات الطرفين ومستنداتهما المقدّمة في الدعوى والتي كانت من قبل مقدّمة لمحكمة الموضوع - في أن الطاعنة استأجرت من المدّعى عليه شقة بمنزله الكائن بشارع الجميل رقم 14 قسم الأزبكية بعقد تاريخه 7 من يوليه سنة 1934. وفي أثناء سريان الإجارة لاحظت وجود خلل بأرضية إحدى شرفات الشقة (بلكونة) فأخطرت المالك وهو المدّعى عليه في الطعن وطلبت إليه إصلاحها، فكلف نجاراً من قبله للقيام بعملية الإصلاح، وأحضر له قطعة من خشب قديم. ولم يمض على هذا الإصلاح أكثر من خمسة أشهر حتى هوت قطعة الخشب المذكورة بالمدّعية إلى الشارع العمومي يوم 21 من مايو سنة 1935 فأصيبت بإصابات متعدّدة في جسمها، وأبلغت الحادثة إلى البوليس. فأخذ التحقيق مجراه وأثبت المحقق في محضر المعاينة أن وجود الخلل ناشئ عن استعمال خشب قديم بعضه آيل للسقوط وغير مثبت التثبيت الكافي، وأثبت أنه يوجد تحت ألواح الخشب عوارض من خشب سميك ترتكز عليها، وأن اللوح الذي سقط لا تصل نهايته إلى هذه العوارض.
رأت النيابة العمومية أن المالك والنجار مسئولان معاً عن الحادثة فوجهت إليهما تهمة "أنهما تسببا من غير قصد في إصابة ماري جورج بأن قام النجار بترميم بلكونة من خشب ولم يثبت الأخشاب، ونشأ عن ذلك سقوط المجني عليها، ولأن الثاني (المالك) مع علمه بوجود خلل بأرضية البلكونة لم يقم بترميمها". وأقامت عليهما الدعوى العمومية، وطلبت معاقبتهما بالمادة 208 من قانون العقوبات، وقيدت هذه القضية بجدول محكمة الأزبكية المركزية تحت رقم 1569 سنة 1935. رأت محكمة الجنح أن النجار هو المسئول وحده دون صاحب الملك، ولذلك قضت بتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1935 بمعاقبته وببراءة المالك، وأصبح هذا الحكم نهائياً.
بعد ذلك بتاريخ 9 من يوليه سنة 1936 رفعت المدعية الدعوى الحالية على المالك وطلبت الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ ألف جنيه تعويضاً عن الضرر الذي لحقها بسبب الحادثة وقيدت هذه الدعوى بجدول محكمة مصر الأهلية تحت رقم 1305 سنة 1936 كلي مصر.
دفع المدّعى عليه بعدم قبول الدعوى واستند إلى حكم البراءة الصادر لمصلحته في قضية الجنحة المركزية رقم 1569 سنة 1935 السابق ذكرها؛ وقال إن هذا الحكم حاز قوّة الشيء المحكوم فيه، فهو يمنع المحكمة المدنية من العودة إلى بحث ركن الإهمال - ذلك العنصر الذي يجب أن تقوم عليه المسئولية. وتمسك في الموضوع بأنه لم يرتكب خطأ يسأل عنه، وبأنه لا يمكن اعتباره سيداً للنجار حتى يحاسب على تقصيره. ومحكمة مصر رأت أن الحكم الجنائي لا تأثير له على الدعوى المدنية لاختلاف الأساس في الدعويين، وقدّرت فوق ذلك أن النجار يدخل ضمن الأشخاص الذين يسأل عنهم المالك. وحكمت بتاريخ 6 من إبريل سنة 1937 بإلزام المدّعى عليه بأن يدفع للمدّعية مائة جنيه بصفة تعويض.
استأنف المحكوم عليه هذا الحكم بتاريخ أوّل نوفمبر سنة 1937 وتمسك بحكم البراءة وبدفاعه الذي أبداه أمام محكمة أوّل درجة فرأت محكمة الاستئناف أن الحكم النهائي الصادر من محكمة الجنح نفى عن المالك كل خطأ، وقرّرت أن لا محل بعد ذلك لمسئوليته عن أي تعويض عن نفس الفعل. وحكمت بتاريخ 13 من إبريل سنة 1938 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المدّعية.
أعلن هذا الحكم للطاعنة في 5 من يونيه سنة 1938 وفي 26 من ذلك الشهر قرّر وكيلها بالطعن فيه بطريق النقض وأعلن تقريره بتاريخ 28 منه... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنة تبنى طعنها على وجهين: الوجه الأوّل خطأ في تطبيق القانون في موضعين: (أوّلاً) أخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن حكم محكمة الجنح النهائي يحوز قوّة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية فيمنعها من مناقشة الدعوى المدنية. وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن محكمة الجنح عندما تنظر الدعوى تقصر بحثها على الفعل المسند إلى المتهم وهل هو يكون جريمة معاقباً عليها قانوناً أم لا؟ فإذا تبين لها أن لا جريمة حكمت بالبراءة. وهذا الحكم وإن حاز قوة الشيء المحكوم فيه جنائياً فإنه لا يحوزها في شأن المسئولية المدنية، إذ أنه إلى جانب المسئولية الجنائية توجد شبه الجنحة المدنية، والحكم الصادر بالبراءة من الفعل الجنائي لا ينفي المسئولية المدنية الناتجة عن الجنحة أو شبه الجنحة المدنية. وفي الدعوى الحالية اقتصر الحكم المطعون فيه على قوله بأن المدّعى عليه غير مسئول مدنياً إذ الحكم الجنائي قضى ببراءته من الإهمال المنسوب إليه وهو أساس جنحة الإصابة خطأ، أما الجنحة المدنية أو شبه الجنحة فقد أغفل الحكم بحثهما. وهذا خطأ يعيبه ويبطله. (ثانياً) أخطأ الحكم أيضاً فيما ذهب إليه من أن المدّعى عليه غير مسئول مدنياً عن عمل النجار الذي أصلح الشرفة لأنه ليس بخادم للمدّعى عليه فلا يدخل ضمن الأشخاص الذين نصت عليهم المادة 152 من القانون المدني. مع أن الثابت في الدعوى أن المدّعى عليه هو الذي اختار النجار وأعطاه قطعة الخشب القديمة التي استعملت في الإصلاح وسقطت بالمدّعية. فالنجار كان يشتغل إذن تحت إشراف المالك، ويجب أن يسأل هذا عن عمله. هذا هو مبنى الوجه الأوّل من الطعن.
وحيث إن الطاعنة أثارت في الشق الأوّل من هذا الوجه البحث في مدى حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية، وعابت على الحكم المطعون فيه الأخذ بهذه الحجية.
وحيث إن القاعدة الصحيحة في حجية الحكم الجنائي أن هذه الحجية تقوم كلما فصل الحكم الجنائي فصلاً شاملاً ولازماً في: (1) تحقق وقوع الفعل الذي يكوّن الأساس المشترك لكلتا الدعويين الجنائية والمدنية. (2) الوصف القانوني لهذا الفعل. (3) إدانة أو عدم إدانة المتهم بارتكاب الفعل. فمتى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور جميعها أصح باب بحثها مغلقاً أمام المحاكم المدنية، وتعين على تلك المحاكم أن تعتبرها ثابتة وتسير في بحث الحقوق المدنية المترتبة عليها على أساس هذا الثبوت بحيث يكون حكمها متناسقاً مع الحكم الجنائي السابق صدوره.
ومن حيث إن أساس الدعوى الحالية هو ما تنسبه الطاعنة إلى المدّعى عليه من تقديمه إلى النجار قطعة خشب قديمة لم تتحمل الضغط حتى سقطت بالمدّعية وسببت الحادثة، كما أنها تسند إليه خطأ آخر وهو سوء اختياره لذلك النجار. ولذلك فقد اعتبرته مسئولاً بالمادة 151 من القانون المدني عن الخطأ الأوّل وبالمادة 152 عن سوء اختياره للنجار.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم الجنائي الصادر في دعوى الجنحة رقم 1569 سنة 1935 محكمة جنح الأزبكية المركزية أن الخطأ الذي تنسبه الطاعنة للمطعون ضدّه هو نفس الأساس الذي قامت عليه الدعوى الجنائية. وقد عرض الحكم الجنائي لها الخطأ فنفاه نفياً باتاً عن المطعون ضدّه. فإذا لوحظ أن المادة القانونية التي كانت النيابة تطلب تطبيقها هي المادة 208 من قانون العقوبات، وأن نص هذه المادة عام يشمل الخطأ أياً كان نوعه، فإن الحكم الجنائي يجب احترامه أمام القضاء المدني. ويتعين إذن عدم الالتفات إلى هذا الشق من وجه الطعن.
ومن حيث إنه عن سوء الاختيار للنجار فقد عابت الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه رفض اعتبار النجار الذي أصلح البلكون خادماً للمدّعى عليه قولاً منه بأنه لا يدخل ضمن الأشخاص الذين نصت عليهم المادة 152 من القانون المدني مع أن المدّعى عليه هو الذي اختاره وكان يشرف على عمله.
ومن حيث إن مسئولية السيد عن أعمال خادمه لا تقوم على مجرّد اختياره تابعه بل هي في الواقع تقوم على علاقة التبعية التي تجعل السيد يسيطر على أعمال التابع فيسيره كيف شاء بما يصدره إليه من الأوامر والتعليمات. والنجار الذي أحضره المدّعى عليه على ما جاء بالأوراق - لم تتوافر فيه هذه الشروط إذ هو رجل فني كلف القيام بعمل معين بسبب حرفته. فلا مسئولية إذن على المدّعى عليه من جراء هذا العامل الفني.
الوجه الثاني قصور في أسباب الحكم: تقول الطاعنة في هذا الوجه إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بما أثبته محضر المعاينة في قضية الجنحة من إهمال المدّعى عليه، ومن ذلك أن قطعة الخشب التي قدّمها النجار لتصليح البلكون كانت قديمة ومستعملة من قبل، وأنها لم تثبت بمسامير جديدة إلى آخر ما عدّدته من وجوه الإهمال. ثم قالت إن الحكم المطعون فيه لم يرد بشيء على هذا الدفاع واقتصر على قوله بأن لا محل لمناقشة ما ورد بمذكرة الطاعنة. وفي هذا ما يعيبه ويبطله. هذا هو مبنى الوجه الثاني من وجهي الطعن.
ومن حيث إن الحكم الجنائي قضى بإدانة النجار بناء على أن من لوازم عمله الفني أن يلاحظ، أثناء قيامه به، ما قد يترتب على التقصير فيه، واستند في براءة المالك إلى أنه قد قام بواجبه فعلاً وأحضر نجاراً مختصاً، وكان هذا الأخير مكلفاً بتوجيه نظره إلى فساد الخشب الذي اتكأت عليه الشرفة، ثم ذكر الحكم ما يأتي: "ومما يدل على أن النجار لم يلفت نظر المالك ما قرّره أوّلهما بالبوليس من أنه أجرى عمله كما يجب، وأنه معتقد بمتانة وصلاحية عمله الذي قام به". وهذا الذي أورده الحكم الجنائي قاطع في نفي كل إهمال عن المالك، والحكم المطعون فيه إذ استند إلى حكم البراءة المشار إليه، وأقفل باب البحث في ركن الإهمال وما اتصل به من دفاع الطاعنة، قد أصاب في ذلك أخذاً بحجية الحكم الجنائي وضرورة احترام ما قضى به في أمر الإهمال وهو عين ما كان معروضاً.

الطعن 174 لسنة 36 ق جلسة 31 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 215 ص 1311

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور محمد حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(215)
الطعن رقم 174 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب الحكم". "تسبيب كاف". مسئولية. "المسئولية التقصيرية". "ركن الخطأ".
مسئولية تقصيرية. تسبيب سائغ في نفي المسئولية. مثال في إنتاج فيلم سينمائي.
(ب) مسئولية. "المسئولية التقصيرية". "ركن الضرر". محكمة الموضوع.
استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه. واقع يستقل به قاضي الموضوع.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الدليل.
(د) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض".
التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتماحى به أسبابه.

---------------
1 - متى كان يبين مما أورده الحكم أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع أن المطعون عليهم - منتج أحد الأفلام والمخرج وشركة التوزيع - قد تعمدوا الإضرار بالطاعن - صاحب لوكاندة - أو أنهم قد تسببوا في ذلك نتيجة تقصيرهم في بذل العناية المتوقعة من الرجل العادي، وأن إقحام اسم لوكاندة الطاعن في الفيلم لا يعتبر خطأ تقصيرياً حتى ولو لم يتم حذف اسم اللوكاندة من النسخ المعروضة بعد التعرض الأول، استناداً إلى أن المعروف لدى الكافة أن الأفلام السينمائية هي من نسج الخيال ولا ظل لها من الحقيقة، وأن الخلاف الذي أثبته الخبير بين لوكاندة الطاعن واللوكاندة التي ظهرت في الفيلم ليس من شأنه أن يؤدي إلى الخلط بينهما لدى جمهور المشاهدين، فإن هذا الذي أورده الحكم سائغ وتؤدي إليه المقدمات التي ساقها ولا يشوبه فساد في الاستدلال.
2 - استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولاً قانوناً.
3 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير ما يقدم إليها من الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
4 - التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ طانيوس مرعي طانيوس أقام الدعوى رقم 72 لسنة 1962 كلي القاهرة ضد السيد/ رمسيس نجيب وآخرين يطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض، وقال شرحاً للدعوى إنه يملك ويدير فندقاً باسم "لوكاندة النور الكبرى" بميدان رمسيس بالقاهرة وأن هذا الفندق يتمتع بالأمانة والسمعة الطيبة منذ 35 عاماً فكان مقصد الأسر المعروفة في الوجهين القبلي والبحري فضلاً عن الكثير من أبناء الدول العربية الشقيقة إلى أن أخبره بعض النزلاء بأنهم اكتشفوا لدى عرض فيلم "لا تذكريني" ما يجري في الفندق في الخفاء من أعمال مشينة بأن شاهدوا بالفيلم وجود لافتة كبيرة تحمل اسم الفندق الذي يملكه وتبعتها حوادث مؤسفة بداخله لو أنها صحت لأودت بسمعة الفندق وصاحبه، منها أن بطلة الفيلم بعد أن ساءت حالتها لإدمانها المخدرات لجأت إلى هذا الفندق ونزلت في إحدى حجراته، ودخل عليها رجل حقنها بالمخدر وبعد خروجه جاءها أحد موظفي الفندق وراودها عن نفسها وحاول اغتصابها، فحدثت ضجة حضر على أثرها صاحب الفندق، ولما أخبره الموظف أنها سرقت حافظة نقوده ضربها وقام بطردها من الفندق، وإذ ارتبطت هذه الحوادث باسم الفندق الذي ظهر في الفيلم حاملاً اسم الفندق المملوك له فقد اعتقد النزلاء أن هذه الحوادث قد وقعت فيه فعلاً فانصرفوا عنه رغم محاولته إقناعهم بأن تلك الحوادث من نسج الخيال، وأضاف المدعي أنه اتصل بالمدعى عليه الأول بوصفه منتج الفيلم لحذف اللقطة الخاصة باسم الفندق تفادياً لتفاقم الضرر، واتبع ذلك بإرسال برقية إليه في 21/ 3/ 1961 ومع ذلك استمر عرض الفيلم بحالته، فاضطر إلى رفع دعوى إثبات الحالة رقم 3737 لسنة 1961 مستعجل القاهرة، كما اضطر إلى تغيير اسم الفندق حتى يقضي على الأثر السيء الذي أحدثه عرض الفيلم، وألحق به أضراراً جسيمة ثم أقام الدعوى الحالية مطالباً المنتج والمخرج وشركة التوزيع متضامنين بتعويضه عن هذه الأضرار بالمبلغ المطالب به - وطلب المدعى عليهما الأولان رفض الدعوى لعدم توافر ركني الخطأ والضرر. وفي 13/ 1/ 1963 قضت المحكمة بندب خبير حسابي للاطلاع على دفاتر لوكاندة النور الكبرى الخاصة بالمدعي في الفترة من 1/ 1/ 1960 لغاية 31/ 12/ 1962 لبيان عدد نزلائها عن كل شهر في الفترة من 1/ 1/ 1960 لغاية 31/ 3/ 1961 وعددهم عن كل شهر في الفترة من 1/ 4/ 1961 إلى آخر ديسمبر سنة 1962 وذلك استكمالاً للعناصر اللازمة للفصل في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 21/ 2/ 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات أن المدعى عليهم ارتكبوا خطأ بذكر اسم لوكاندة النور الكبرى المملوكة له في فيلم "لا تذكريني" وأن هذا الخطأ قد سبب له أضراراً ومدى هذه الأضرار وصرحت للمدعى عليهم بالنفي. وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة في 27/ 6/ 1965 وحكمت بإلزام المدعى عليهما "المنتج والمخرج" متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 1000 ج والمصروفات المناسبة و500 ق مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1489 سنة 82 ق طالباً القضاء له بطلباته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى، كما استأنفه المحكوم عليهما بالاستئناف رقم 1488 سنة 82 ق طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وبعد ضم هذين الاستئنافين حكمت المحكمة في 27/ 1/ 1966 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وإلزام المدعي أصلاً بالمصروفات عن الدرجتين ومصروفات الاستئناف رقم 1488 سنة 82 ق. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، حاصل الأول والثاني والخامس منها مخالفة الثابت في الأوراق وفساد الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه استند في نفي وقوع الخطأ من المطعون عليهم إلى ما قرره المطعون عليه الأول من أن جميع نسخ الفيلم التي عرضت ابتداء من يوم 23/ 3/ 1961 تاريخ ورود برقية الطاعن إليه كانت خالية من اسم لوكاندة النور الكبرى لصدور أمره بحذف هذا الاسم من جميع نسخ الفيلم، وإلى أقوال شاهديه أمام محكمة أول درجة التي لم يقم الطاعن بإثبات ما يخالفها، وإلى أن شاهدي الطاعن لم يشهدا بأن الاسم استمر موجوداً أثناء العرض الثاني للفيلم، في حين أن هذا الذي قرره الحكم يخالف الثابت في الأوراق، ذلك أن الشاهدين محمد يس علي، إبراهيم أحمد علي اللذين سمعهما الخبير وأثبت أقوالهما في محضر أعماله قرر أولهما أنه شاهد الفيلم بسينما بدر في أسوان يوم 11/ 4/ 1961 وقرر ثانيهما أنه شهد الفيلم في وقت معاصر لهذا التاريخ بسينما ستراند بالإسكندرية وفوجئا بظهور لافتة كبيرة تحمل اسم "لوكاندة النور الكبرى" على أحد المباني الظاهرة بالفيلم وبرؤية الحوادث التي وقعت بداخله، وشهد عبد الرازق عبد اللطيف وعياد عبده قليني أمام محكمة أول درجة برؤية الفيلم في شهر إبريل سنة 1961 بأسوان وسمالوط وبه لافتة تحمل اسم فندق الطاعن، كما استند الحكم في نفي هذا الخطأ إلى ما جاء بتقرير خبير دعوى إثبات الحالة من وجود اختلاف كبير بين مدخل لوكاندة الطاعن وبين اللوكاندة التي ظهرت في الفيلم وأن مهندس الديكورات في الفيلم لم يحاول تقليد ديكورات لوكاندة الطاعن، وأنه لا يوجد تشابه بينهما في الحجرات وطريقة التأثيث، وأن اللوكاندة المصورة في الفيلم ظاهرة الفقر على عكس لوكاندة الطاعن، وهذا الذي قرره الحكم ينطوي على فساد في الاستدلال لأن الخطأ الذي نسبه للمطعون عليهم يقوم أساساً على الحوادث التي دارت في لوكاندة تحمل اسم اللوكاندة التي يملكها وهو الاسم الذي تستمد منه شهرتها وسمعتها، وليس من منظر حجراتها وصالتها ومدخلها، وأخيراً أقام الحكم قضاءه بنفي ركن الخطأ على أنه ما كان يدور بخلد المخرج أن هناك لوكاندة تحمل اسم لوكاندة النور الكبرى وإلى أن وضع هذا الاسم في الفيلم لا يعد انحرافاً يستوجب المسئولية، خاصة وأنه ليس من الأسماء المشهورة التي يفترض علم الشخص العادي بها والتي تستوجب الانتباه، وأنه اختير في الفيلم بطريق الصدفة، ويقول الطاعن إن ما قرره الحكم خطأ في القانون، ذلك أنه استلزم لتحقق المسئولية التقصيرية أن يكون فعل المتسبب في الضرر متعمداً، في حين أن هذه المسئولية تقع على عاتق المتسبب في الفعل أو الترك الضار سواء كان متعمداً أم مقصراً حسن القصد أم سيئه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء ركن الخطأ على أن "الثابت بالأوراق أنه ما كان يدور بخلد المخرج أن هناك لوكاندة تحمل اسم لوكاندة النور الكبرى، ولا يعد وضع هذا الاسم انحرافاً يستوجب المسئولية، خاصة وأن هذا الاسم لا يفترض علم الشخص العادي به فهو ليس من الأسماء المشهورة التي تستوجب الانتباه، وقد اختير بطريق الصدفة وفضلاً عن ذلك فقد تم حذف الاسم فوراً عقب إرسال البرقية عند عرض الفيلم لأول مرة، وأن اللوكاندة التي ظهرت بالفيلم رغم الاختلاف الشاسع بينهما وبين لوكاندة المدعي، فإنها تقع في حي بلدي ولوكاندة المدعي تقع في ميدان رمسيس، وهو من أهم ميادين القاهرة، فضلاً عن أن الفيلم لم يحدد المدينة أو الحي الذي وقعت فيه الحوادث، وقد أكد الخبير في تقريره أن حذف اسم اللوكاندة لم يكن له أهمية خاصة أو تأثير على مجريات الحوادث لأن الاسم لم يظهر إلا ثوان معدودة مما يقطع بالاختلاف البين وعدم الخلط بينهما عند مشاهدة الفيلم بمعرفة الرجل العادي، فضلاً عن أن "المعروف لدى الكافة أن الأفلام السينمائية هي من نسج الخيال وإن معظم القصص الهادفة يقصد منها التهذيب والإرشاد" وهذا الذي أورده الحكم يفيد أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع أن المطعون عليهم قد تعمدوا الإضرار بالطاعن، أو أنهم قد تسببوا في ذلك نتيجة تقصيرهم في بذل العناية المتوقعة من الرجل العادي، وأن إقحام اسم لوكاندة الطاعن في الفيلم لا يعتبر خطأ تقصيرياً حتى ولو لم يتم حذف اسم اللوكاندة من النسخ المعروضة بعد العرض الأول استناداً إلى أن المعروف لدى الكافة أن الأفلام السينمائية هي من نسج الخيال ولا ظل لها من الحقيقة، وأن الخلاف الذي أثبته الخبير في تقريره بين لوكاندة الطاعن واللوكاندة التي ظهرت في الفيلم ليس من شأنه أن يؤدي إلى الخلط لدى جمهور المشاهدين - وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص سائغاً وتؤدي إليه المقدمات التي ساقها، فإن النعي عليه بمسخ أقوال شاهدي الطاعن من بقاء اسم اللوكاندة في الفيلم بعد العرض الأول أو الفساد في الاستدلال بأوجه الخلاف الثابتة بتقرير الخبير بين لوكاندة الطاعن وتلك التي ظهرت في الفيلم يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم نفى توافر ركن الضرر استناداً إلى أن شاهديه لم يشهدا بحصول ضرر له من جراء عرض الفيلم، وإلى أن البيانات الواردة بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة تقطع بأن عرض اسم اللوكاندة في فترة عرض الفيلم قبل إرسال البرقية لم يكن له تأثير على إيراد الطاعن من اللوكاندة، في حين أن شاهديه عبد الرازق عبد اللطيف وعياد قليني قد شهدا لدى المحكمة بما يؤكد حصول الضرر، وإن المقارنة التي أجراها الحكم واستند إليها في قضائه بين الفترة من مارس سنة 1960 إلى سبتمبر سنة 1960 وما يقابلها في سنة 1961 بعيدة عن الصواب إذ من المعلوم أن الأفلام الكبيرة إنما تعرض أولاً في القاهرة وعواصم الأقاليم ولا يبدأ عرضها في المراكز والقرى إلا بعد ذلك، فضلاً عن أن زبائن الفندق لا يتكاتفون معاً لمشاهدة الفيلم دفعة واحدة وإنما يشاهدونه على فترات وفي كل مرة يزداد عدد الساخطين النافرين من النزول في الفندق، وبالرغم من تمسك الطاعن بنقص عدد النزلاء بصورة ملموسة ابتداء من أكتوبر سنة 1961 طبقاً للبيانات المستخلصة من دفاتر الفندق، فإن الحكم علل هذا النقص بتغيير اسم الفندق ومطبوعاته وتعديل رخصته وسجله التجاري، كما أهدر البيانات المستخلصة من الدفاتر والدالة على تناقص عدد النزلاء لاحتمال عدم صحتها وإعدادها خصيصاً لخدمة الدعوى، بذلك يكون الحكم قد مسخ دلالة دفاع الطاعن ومستنداته، وخرج بها عن مدلولها الظاهر إلى المعنى الذي أخذ به دون بيان الأسباب، وبنى قضاءه على مجرد فرض مع أن الأحكام لا تبنى على الفروض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولاً قانوناً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بعدم توافر ركن الضرر إلى أن "شاهدي المدعي "الطاعن" لم يشهدا فيما يختص بحصول ضرر له من جراء عرض الفيلم وبالعكس فإن الثابت من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة أن عدد نزلاء الفندق قد زاد في الفترة من مارس إلى سبتمبر سنة 1961 وهي الفترة التي بدأ فيها عرض الفيلم" كما رد الحكم على دفاع الطاعن بقوله "إنه وإن كان هذا العدد قد تناقص بعد ذلك فإن هذا ليس مرجعه عرض الفيلم بل يرجع إلى تغيير اسم اللوكاندة في شهر يونيو سنة 1961 وتغيير الرخصة والسجل والمطبوعات، فضلاً عن أن ما ورد بالدفاتر الخاصة بالفترة الأخيرة لا ينهض دليلاً على صحة عدد النزلاء، فقد يكون ما أثبت في الدفاتر غير صحيح وعمل خصيصاً خدمة للدعوى" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها بنفي الضرر على ما استخلصته من البيانات التي أوردها الخبير في تقريره، والتي اقتنعت هي بصحتها، ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير ما يقدم إليها من الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يعتبر جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في أسبابه أن المطعون عليهم رفعوا اسم لوكاندة النور الكبرى من نسخ الفيلم عقب البرقية التي أرسلها الطاعن في 22/ 3/ 1961، عاد وقرر أن الفيلم كان يعرض من مارس إلى سبتمبر سنة 1961، وهو يحمل اسم اللوكاندة دون أن يصيب الطاعن أي نقص في إيرادها وهو تناقص يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب، وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي حصول ضرر للطاعن نتيجة عرض الفيلم وبه اسم اللوكاندة، فإن تناقضه في مسألة ثانوية لا يعيبه، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 145 لسنة 30 ق جلسة 15 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 199 ص 1269

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(199)
الطعن رقم 145 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "التقدير الحكمي".
المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952. اتخاذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في السنوات التالية وإن كانت حسابات الممول بها منتظمة.

-----------------
متى كانت الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1947 قد ربطت بطريق التقدير تعين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - اتخاذ هذه الأرباح أساساً لربط الضريبة في السنوات من 1948 إلى 1951 وإن كانت حسابات الممول فيها منتظمة (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن - الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الضرائب أقامت الدعوى رقم 1403 سنة 1954 الإسكندرية الابتدائية ضد يني مافروماتيس بالطعن في قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 18/ 11/ 1954 طالبة إلغاءه والحكم بصحة الربط الذي أجرته مراقبة الضرائب باتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عن السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1951، وقالت شرحاً لدعواها إن مأمورية الضرائب المختصة قدرت أرباحه في سنة 1947 بطريق التقدير بمبلغ 2450 ج واتخذت هذه الأرباح أساساً لربط الضريبة عليه في السنوات من 1948 إلى 1951 تطبيقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952، وإذ اعترض على هذا الربط بحجة أن حساباته في السنوات من 1948 إلى 1951 منتظمة ولا يجوز اتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عليها، وعرض الخلاف على لجنة الطعن وأصدرت اللجنة قرارها بإلغائه مستندة في ذلك إلى أنه يشترط لتطبيق أحكام المرسوم بقانون 240 لسنة 1952 أن تكون حسابات الممول في سنة القياس وفي السنوات المقيسة منتظمة ولم تفحص المأمورية حسابات الممول في سني النزاع لمعرفة ما إذا كانت منتظمة أو غير منتظمة، فقد انتهت إلى طلب إلغاء هذا القرار والحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 28 مارس سنة 1959 حكمت المحكمة برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه - واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 378 سنة 15 ق تجاري. وبتاريخ 18/ 2/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وقرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 18/ 11/ 1954 وبرفض الطعن الصادر فيه ذلك القرار وتأييد تقدير مأمورية الضرائب لأرباح المستأنف عليه في السنين من 1948 إلى 1951 واتخاذها الأرباح المقدرة عن سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عليه في هذه السنين إعمالاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 وألزمت المستأنف عليه المصروفات عن درجتي التقاضي وخمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة عنهما لمصلحة الضرائب. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على ما استخلصه من مذكرة الطاعن المودعة ملف الاستئناف رقم 296 سنة 14 ق، من أنه استبعد سنة 1951 وقصر دفاعه على سقوط حق المصلحة في المطالبة بالضريبة عن سنتي 1948 و1949 فلا يقبل منه الادعاء بأن حساباته في أي سنة منها منتظمة ورتب على ذلك وجوب تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على أرباح الطاعن في سنوات النزاع، وهو قصور وخطأ في الإسناد ومخالفة للثابت في المذكرة، إذ الثابت فيها أن الطاعن دفع بالتقادم بالنسبة لسنتي 1948 و1949 وهو حقه، واعترض على عدم اعتماد دفاتره رغم نظاميتها وتمسك بوجوب إجراء المحاسبة على أساسها لا على أساس أرباح سنة 1947، وطلب ندب خبير لتحقيق دفاعه وفحص دفاتره وهو دفاع لو تحقق لكان له أثره في مصير الدعوى وعدم تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على أرباحه في سنوات النزاع، ولم يرد الحكم على هذا الدفاع واقتصر على النتيجة التي استخلصها من المذكرة خلافاً للثابت بها فجاء معيباً فضلاً على مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه متى كانت الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنة 1947 قد ربطت بطريق التقدير تعين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - اتخاذ هذه الأرباح أساساً لربط الضريبة في السنوات من 1948 إلى 1951 وإن كانت حسابات الممول فيها منتظمة، وإذ كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالقصور والخطأ في الإسناد فيما عول عليه من اعتبار حسابات الطاعن في سنوات النزاع غير منتظمة يكون غير منتج ولا جدوى فيه. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 19/ 2/ 1964 الطعن رقم 213 لسنة 29 ق السنة 15 ص 236. ونقض 27/ 2/ 1962 الطعن رقم 61 لسنة 27 ق السنة 13 ص 178.

الطعن 125 لسنة 30 ق جلسة 15 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 198 ص 1265

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(198)
الطعن رقم 125 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على المهن غير التجارية". "وعاء الضريبة" "تقدير وعاء الضريبة".
الضريبة على أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية. وعاؤها الأرباح الصافية التي قبضها الممول أو وضعت تحت تصرفه عن عمليات باشرها خلال السنة أو في سنوات سابقة لا الأرباح التي استحقت ولم يتم قبضها بعد. م 72 و73 ق 14 لسنة 1939.

---------------
وفقاً للمادتين 72 و73 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - بعد تعديلهما بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - ابتداءً من أول يناير سنة 1951 تفرض ضريبة سنوية على "أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية التي يمارسها الممولون بصفة مستقلة ويكون العنصر الأساسي فيها العمل" وتحدد هذه الضريبة "على أساس مقدار الأرباح الصافية في بحر السنة السابقة ويكون تحديد صافي الأرباح على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرها الممول" وهي ضريبة متميزة يتحدد وعاؤها بالأرباح التي قبضها الممول أو وضعت تحت تصرفه عن عمليات باشرها خلال السنة أو في سنوات سابقة لا الأرباح التي استحقت ولم يتم قبضها بعد (1) فمتى كان الثابت أن المبلغ المتنازع عليه هو ربح قبضته المطعون عليها في سنة 1951 عن نشاط باشرته وتم خلال سنة 1950 وجرى الحكم المطعون فيه على عدم خضوعه للضريبة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ أم كلثوم إبراهيم أقامت الدعوى رقم 360 سنة 1958 القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 31/ 5/ 1958 فيما قضى به من تحديد أرباحها الخاضعة للضريبة على المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية في سنة 1951 بمبلغ 10225 ج 429 م طالبة تعديله واستبعاد مبلغ 5252 ج و734 م من وعاء الضريبة وقالت شرحاً لدعواها إنها وإن كانت قد قبضت هذا المبلغ من شركة كايرو فون لتسجيل الاسطوانات في سنة 1951 إلا أنه جزء من أجر استحق لها في ذمة الشركة مقابل تسجيل بعض أغانيها بموجب الاتفاق المحرر بينهما في 17/ 4/ 1950 وقد فرغت من هذا التسجيل وأتمته في نفس السنة وسددت الضريبة المستحقة عنها، ومن غير الجائز إدخال حصيلة نشاط سابق تم واستنفد أغراضه سنة 1950 - وقبل تاريخ العمل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - في وعاء الضريبة عن سنة 1951. وبتاريخ 21/ 5/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه. واستأنفت السيدة أم كلثوم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 316 سنة 76 قضائية، وبتاريخ 4/ 2/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار اللجنة المطعون فيه فيما قضى به من تحديد ربح المستأنفة عن سنة 1951 الخاضع لضريبة المهن غير التجارية بمبلغ 10225 ج 439 م وباستبعاد مبلغ 5202 ج و734 م من الربح المذكور وألزمت المستأنف ضدها مصاريف الدعوى عن الدرجتين وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى باستبعاد مبلغ 5202 ج و734 م المتنازع عليه من وعاء الضريبة، مستنداً في ذلك إلى أن الضريبة على المهن غير التجارية كانت وإلى ما قبل تاريخ العمل بالقانون 146 سنة 1950 تفرض على ممارسة المهنة لا على إيرادها، وأن ما جاء به هذا القانون من تعديل بشأن تحديد الضريبة على أساس الأرباح المقبوضة خلال السنة لا يسري إلا على أرباح العمليات التي باشرها الممول وتمت ابتداءً من تاريخ العمل به في أول يناير سنة 1951 لا على أرباح عمليات باشرها وتمت في تاريخ سابق وتعتبر حقاً خالصاً له سواء قبضها كلها أو بعضها ولا يتعلق بها حق للخزانة، ورتب الحكم على ذلك أنه وقد سددت المطعون عليها الضريبة عن مزاولة المهنة في سنة 1950 لا يكون هناك محل لفرض ضريبة على المبلغ الذي قبضته في سنة 1951 نتيجة نشاط زاولته في سنة سابقة وهي سنة لم تكن الضريبة فيها تستحق على إيراد المهنة بل على المهنة ذاتها، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن ضريبة المهن غير التجارية كانت ومنذ صدور القانون رقم 14 لسنة 1939 مقررة على أرباح المهنة لا على المهنة ذاتها وما أجراه القانون رقم 146 لسنة 1950 من تعديل في هذا الخصوص اقتصر على تغيير وسيلة تحديد وعاء الضريبة بأن جعله الإيراد الفعلي بدلاً من القيمة الإيجارية ومن تاريخ العمل بهذا القانون أصبحت الضريبة تسري على الأرباح التي قبضها الممول بغض النظر عن استحقاقها.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه وفقاً للمادتين 72 و73 من القانون رقم 14 لسنة 1939 - بعد تعديلهما بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - تفرض ضريبة سنوية ابتداءً من أول يناير سنة 1951 على "أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية التي يمارسها الممولون بصفة مستقلة ويكون العنصر الأساسي فيها العمل" وتحدد هذه الضريبة "على أساس مقدار الأرباح الصافية في بحر السنة السابقة ويكون تحديد صافي الأرباح على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرها الممول". وهي ضريبة متميزة, يتحدد وعاؤها بالأرباح التي قبضها الممول أو وضعت تحت تصرفه عن عمليات باشرها خلال السنة أو في سنوات سابقة لا الأرباح التي استحقت ولم يتم قبضها بعد, وإذ كان ذلك, وكان الثابت في الدعوى أن المبلغ المتنازع عليه هو ربح قبضته المطعون عليها في سنة 1951 عن نشاط باشرته وتم خلال سنة 1950 وجرى الحكم المطعون فيه على عدم خضوعه للضريبة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.


(1) هذا المبدأ تضمنه الحكم الصادر بذات الجلسة في الطعن رقم 324 لسنة 30 ق.

الطعن 466 لسنة 29 ق جلسة 15 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 197 ص 1261

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

----------------

(197)
الطعن رقم 466 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "مبدأ إقليمية الضريبة".
الضريبة على أرباح المنشآت المشتغلة في مصر. مناطه. قيام المنشأة في مصر أو أن يكون لها بها ممثلون خاضعون لأوامرها. مزاولتها أعمالاً تجارية على وجه الاعتياد.

---------------
إذ نصت المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن تستحق الضريبة على أرباح كل منشأة مشتغلة في مصر فإنها بذلك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تستلزم قيام المنشأة في مصر أو أن يكون لها ممثلون فيها خاضعون لأوامرها ومزاولتها - في مصر - أعمالاً تجارية تتسم بصفة الاعتياد (1) وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن عملية بيع القطن محل النزاع هي عملية منفردة لا يخضع الربح الناتج منها للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على الأرباح الاستثنائية في مصر، وخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن "الشركة المستأنفة تزاول التجارة وأن العملية التي قامت بها في مصر هي جزء من نشاطها التجاري وأن الربح الذي حققته من هذه الصفقة إنما هو نتيجة هذا النشاط ومن ثم فهو يخضع لضريبة الأرباح التجارية" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المكتب الرئيسي لتموين المنتجات - شركة بولونية مركزها الرئيسي بمدينة لودج ببولونيا - أقام الدعوى رقم 414 لسنة 1950 تجاري الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب وشركة فرغلي للأقطان والأعمال المالية وآخرين يطلب الحكم بعدم إخضاع الربح الناتج من بيعه 570 بالة من القطن المصري للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والضريبة على الأرباح الاستثنائية وبإلزام شركة فرغلي في مواجهة باقي المدعى عليهم بأن تسلم لمكتب مراقبة عمليات النقد الأجنبي بالبنك الأهلي ما يعادل 24281 ج إسترليني و5 شلنات من النقود المصرية، وهو المبلغ الذي استولت عليه الشركة المذكورة لحساب المكتب، وقال شرحاً لها إنه في نوفمبر سنة 1947 ويناير سنة 1948 أصدر أمرين للسيد/ إميلجان بويكويز الوكيل عن شركة فرغلي بمدينة لودج بأن يشتري لحسابه 810 بالة من القطن المصري وقامت الشركة بشراء هذه الكمية بثمن إجمالي قدره 81603 ج إسترليني و4 شلنات أرسلت له منها 240 بالة ثمنها 20440 ج إسترليني و4 شلنات وبقى لحسابه 570 بالة ولارتفاع أسعار القطن طلب المكتب من وكيل الشركة إعادة بيع الكمية الباقية ونتج من ذلك ربح قدره 24281 ج إسترليني و5 شلنات طلب تحويله إليه عن طريق مراقبة النقد الأجنبي بالبنك الأهلي إلا أن مكتب النقد بوزارة المالية اعترض على تحويل المبلغ بأكمله استناداً إلى أنه يستحق عليه مبلغ 2986 ج إسترليني و12 شلناً ضريبة أرباح تجارية 9716 ج إسترليني و12 شلناً و8 بنسات ضريبة أرباح استثنائية، وإذ كان الربح الذي تحقق نتج من عملية تجارية واحدة ولا يخضع للضريبة فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 8/ 11/ 1952 حكمت المحكمة حضورياً برفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليها الثانية. واستأنف المكتب هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 325 سنة 8 تجاري قضائية. وبتاريخ 22/ 6/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يقدموا دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخضع عملية البيع التي قام بها المكتب للضريبة تأسيساً على أنه يباشر نشاطاً تجارياً وأن صفقة القطن التي عقدها في مصر هي جزء من هذا النشاط فيخضع الربح الناتج منها للضريبة، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ يشترط لاعتبار عمل المكتب استغلالاً تجارياً أن يباشر عمليات البيع والشراء على وجه الاعتياد والاستمرار وهو ما لا يتحقق بالعملية المفردة التي قام بها ولا يوجد نص في القانون رقم 14 لسنة 1939 أو في القانون رقم 60 لسنة 1941 يقضي بخضوع هذه العملية للضريبة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخضع الربح الناتج منها للضريبة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 إذ نصت على أن "تستحق الضريبة على أرباح كل منشأة مشتغلة في مصر" فإنها- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تستلزم قيام المنشأة في مصر, أو أن يكون لها ممثلون فيها خاضعون لأوامرها, ومزاولتها - في مصر - أعمالاً تجارية تتسم بصفة الاعتياد، وإذ كان الثابت في الدعوى أن عملية بيع القطن محل النزاع هي عملية منفردة لا يخضع الربح الناتج منها للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية أو الضريبة على الأرباح الاستثنائية في مصر، وخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن "الشركة المستأنفة تزاول التجارة وأن العملية التي قامت بها في مصر هي جزء من نشاطها التجاري وأن الربح الذي حققته من هذه الصفقة إنما هو نتيجة هذا النشاط ومن ثم فهو يخضع لضريبة الأرباح التجارية" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.


(1) نقض 11/ 3/ 1964. الطعن رقم 193 لسنة 29 ق. السنة 15 ص 325. ونقض 22/ 4/ 1954. الطعن رقم 328 لسنة 22 ق. السنة 5 ص 812.

الطعن 21 لسنة 9 ق جلسة 7 / 12 / 1939 مج عمر المدنية ج 3 ق 12 ص 23

جلسة 7 ديسمبر سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

-------------

(12)
القضية رقم 21 سنة 9 القضائية

(أ) حكم. تسبيبه. 

تمسك مدّعي الملكية بوضع يده على العين مع السبب الصحيح المدّة القانونية. ندب خبير لبحث صفة العقار: ملك عام أو ملك خاص. تقرير الخبير يشهد له بوضع يده. إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدّعي وضع يده. إلغاء هذا الحكم في الاستئناف على أساس أن وضع اليد منتف. اعتماد محكمة الاستئناف في ذلك على عناصر تحدّث عنها الحكم الابتدائي في مقام البحث في صفة أرض النزاع ولم يتعرض لها في صدد قضائه بالإحالة على التحقيق وليس فيها ما يغنى عن البحث فيما جاء بتقرير الخبير عن وضع اليد. قصور في الأسباب. نقض.
(ب) حكم ابتدائي. 

تقريره في أسبابه أن العقار تابع لملك خاص. اقتصاره في المنطوق على إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تملكه بوضع اليد. ارتباط الأسباب بالمنطوق واعتبارها مكملة له. إلغاؤه في الاستئناف. عدم تحدّث الحكم الاستئنافي عنه إلا من ناحيته التمهيدية. قصور في الأسباب. وجوب التحدّث فيه عن الأرض من جهة صفتها. (المادة 103 مرافعات)

--------------------
1 - إذا تمسك مدّعي الملكية بأنه تملك الأرض المتنازع عليها بوضع يده عليها مع السبب الصحيح المدّة القانونية فندبت محكمة الدرجة الأولى خبيراً ليبحث صفة العقار هل هو من الأملاك العامة أو هو ملك خاص، وليسمع شهادة الشهود على وضع اليد في الحالة الثانية، وقدّم الخبير تقريره بما يشهد للمدّعي بوضع يده، ثم انتقلت المحكمة إلى محل النزاع، ثم حكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة الطرق القانونية وضع يده من تاريخ شرائه الأرض وضعاً مكسباً للملكية، ثم ألغت محكمة الاستئناف هذا الحكم استناداً إلى أن وضع اليد المدّعى به منتف، واعتمدت في ذلك على عناصر أخرى لم يتعرّض لها الحكم الابتدائي في صدد قضائه بالإحالة إلى التحقيق، بل كان تحدّثه عنها في مقام البحث في صفة أرض النزاع، فإن الحكم الاستئنافي إذ اكتفى بمناقشة هذه العناصر التي ليس فيها ما يغنى عن البحث فيما جاء بتقرير الخبير وأقوال الشهود بشأن وضع اليد يعتبر خالياً من الأسباب الصالحة للردّ على أسباب الحكم الابتدائي وإسقاط ما أسس عليه، ويتعين إذن نقضه.
2 - إذا كان الحكم الابتدائي قد قرّر في أسبابه أن العقار تابع لملك خاص لا للأملاك العامة ولكن اقتصر في منطوقه على إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تملك العقار بوضع اليد فإن المنطوق يكون في هذه الحالة مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالأسباب، وتعتبر الأسباب مكملة له، إذ أن تحقيق التملك بوضع اليد ما كان ليقضى به لولا ما اقتنعت به المحكمة وأثبتته صراحة في حكمها من أن أرض النزاع من الأملاك الخاصة التي هي الجائز تملكها بوضع اليد. فإذا استؤنف هذا الحكم، وكان الاستئناف يتناوله من الناحيتين: القطعية والتمهيدية، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغائه، ولم تتحدّث في أسباب قضائها إلا عن الحكم من ناحيته التمهيدية فقط، فإن حكمها يكون معيباً متعيناً نقضه. ولا يغنى هنا القول بأن هذا الحكم يؤخذ منه أنه اعتبر ضمناً أرض النزاع من الأملاك الخاصة إذ المقام مقتضاه أن تتحدّث المحكمة في صراحة عن تلك الأرض من جهة صفتها التي تناولها الاستئناف وتورد الأسباب المؤيدة لوجهة نظرها.

الطعن 169 لسنة 36 ق جلسة 31 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 214 ص 1305

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(214)
الطعن رقم 169 لسنة 36 القضائية

(أ) تأمين. "قاعدة النسبية". نظام عام.
جواز النص في وثيقة التأمين على قاعدة النسبية. هذه القاعدة لا تخالف النظام العام.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تفسير العقود".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمستندات.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز تفسير وثيقة التأمين بما يضر مصلحة الطرف المذعن. عدم قبول التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - لما كان العقد شريعة المتعاقدين، وكان قد حذف من القانون المدني نص المادة 1100/ 2 من المشروع التمهيدي لهذا القانون التي كانت تنص على قاعدة النسبية في التأمين بقولها "إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء الحقيقية يوم وقوع الحريق كان المبلغ الواجب دفعه من مبلغ التأمين هو ما يعادل النسبة بين هذا المبلغ وقيمة الشيء المؤمن عليه وقت الحادث ما لم يتفق على غير ذلك" وكان حذف هذه المادة لتعلقها بجزئيات وتفاصيل يحسن أن تنظمها قوانين خاصة، لا لتعلقها بالنظام العام، لما كان ذلك فإن النص في وثيقة التأمين على إعمال قاعدة النسبية يكون جائزاً.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمستندات بما لا يخرج عن مدلول عباراتها.
3 - التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بعدم جواز تفسير وثيقة التأمين بما يضر بمصلحة الطرف المذعن طبقاً للمادة 151 من القانون المدني غير مقبول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ وزير الاقتصاد ومدير الهيئة العامة لشئون المعارض أقاما الدعوى رقم 1936 سنة 1964 كلي القاهرة ضد شركة مصر للتأمين يطلبان الحكم بإلزامها بأن تدفع لهما مبلغ 6642 ج والفوائد القانونية، وقالا شرحاً للدعوى إنه لمناسبة إقامة المعرض الزراعي الدولي لعام 1961 قامت إدارة المعارض في 25/ 12/ 1960 بالتأمين على المنشئات الخاصة بها ضد الحريق لمدة 6 شهور تبدأ من أول يناير سنة 1961 مقابل مبلغ 343000 ج لدى الشركة المدعى عليها وخص سراي 23 يوليو 13000 ج من هذه القيمة. وحدث في 26/ 4/ 1961 أن شب حريق بمبنى السراي سالفة الذكر وقدرت الخسائر الناتجة عنه بمعرفة الطرفين بمبلغ 6642 ج، وإذ قامت الشركة بتقدير قيمة المبنى يوم وقوع الحريق بمبلغ 25 ألف جنيه فقد امتنعت عن دفع قيمة التعويض فيما زاد عن مبلغ 3453 ج و840 م تأسيساً على قاعدة النسبية التي زعمت النص عليها في الفقرة جـ من البند 17 الوارد بوثيقة التأمين، وقد اضطرهما ذلك إلى رفع الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وردت الشركة طالبة الحكم بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي، واحتياطياً رفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 3453 ج و840 م، ومن باب الاحتياط الكلي الحكم بندب خبراء لتقدير قيمة المبنى عملاً بأحكام الوثيقة. وفي 19/ 12/ 1964 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم (ثانياً) بإلزام الشركة بأن تدفع للمدعيين بصفتهما مبلغ 6642 ج والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة تعديله ورفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 3453 ج و840 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 343 سنة 82 ق. وفي 18 يناير سنة 1966 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشركة بأن تدفع للمستأنف عليهما مبلغ 3453 ج و840 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم حتى تمام الوفاء. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم أقام قضاءه على أن الفقرة (جـ) من البند 17 من وثيقة التأمين التي تتناول الحالة التي يكون فيها مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه وقت تحقق الخطر، تتضمن تطبيق قاعدة النسبية ومقتضاها ألا يلتزم المؤمن إلا بدفع النسبة الموجودة بين المبلغ المؤمن به وقيمة الشيء الحقيقية عند وقوع الحادث ولما كانت قيمة المبنى المؤمن عليه يوم وقوع الحريق هي 25000 ج وكان المبلغ المؤمن به هو 13000 ج فقد انتهى الحكم إلى تخفيض التعويض إلى ما يعادل 13 إلى 25 من قيمة الأضرار الفعلية الثابتة، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، من وجوه "أولها" أن تطبيق قاعدة النسبية لا يكون إلا بنص صريح في القانون، وبالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للقانون المدني يبين أن لجنة المراجعة حذفت المادة 1100 من المشروع التمهيدي للقانون المدني التي كانت تأخذ بهذه القاعدة ويبين من المادتين 751، 766 من القانون المدني أن المؤمن يعتبر مسئولاً عن تعويض كافة الأضرار الناشئة عن الحريق سواء أكان هلاك الشيء المؤمن عليه كلياً أو جزئياً بشرط ألا يزيد التعويض عن مبلغ التأمين وذلك طبقاً لما تقضي به قاعدة النسبية، ولما كانت المادة 753 من القانون المدني تنص على بطلان كل اتفاق يخالف أحكام النصوص الواردة في الفصل الثالث من الباب الرابع إلا أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له أو لمصلحة المستفيد، وكانت قاعدة النسبية تنطوي على مخالفة صريحة للمادتين 751، 766 الواردتين في الفصل المشار إليه، فإن هذه القاعدة تعتبر مخالفة للنظام العام، ويكون نص الفقرة ج من البند 17 من وثيقة التأمين باطلاً بطلاناً مطلقاً، وإذ طبق الحكم المطعون فيه هذه القاعدة فإنه يكون قد خالف القانون. "وثانيها" أن الفقرة المشار إليها وردت في الشروط العامة ولم ترد بالشروط الخاصة من وثيقة التأمين ولما كانت المادة 750/ 3 من القانون المدني تنص على بطلان كل شرط مطبوع لم يبرز بشكل ظاهر وكان متعلقاً بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى البطلان أو السقوط، فإن نص البند 17 ج يكون باطلاً ويكون الاستناد إليه مخالفاً للقانون، هذا علاوة على أن هذا البند لا يمكن أن يستخلص منه قاعدة النسبية حسبما انتهى إليها الحكم المطعون فيه، وإنما يضع قاعدة أخرى تعتبر تطبيقاً للمادة 751 من القانون المدني، ومقتضاها ألا يلتزم المؤمن إلا بدفع أقل القيمتين مبلغ التأمين المتفق عليه أو قيمة الخسائر الفعلية، وإذ عمد الحكم عن طريق تفسير ذلك البند إلى الخروج عن المعنى الظاهر لعبارته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. "وثالثها" أنه لما كان عقد التأمين من أوضح عقود الإذعان وكانت المادة 151 من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ عمد إلى تفسير نص البند 17/ ج من وثيقة التأمين تفسيراً يضر بمصلحة الطاعنين يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أنه بالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للقانون المدني يبين أن المادة 1100/ 2 من المشروع التمهيدي لهذا القانون والتي كانت تنص على قاعدة النسبية بقولها "إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء الحقيقية يوم وقوع الحريق كان المبلغ الواجب دفعه من مبلغ التأمين هو ما يعادل النسبة بين هذا المبلغ وقيمة الشيء المؤمن عليه وقت الحادث ما لم يتفق على غير ذلك" قد حذفت في لجنة المراجعة لتعلقها بجزئيات وتفاصيل يحسن أن تنظمها قوانين خاصة. لما كان ذلك وكان حذف المادة 1100/ 2 من المشروع التمهيدي لا يرجع لتعلقها بالنظام العام وكان العقد شريعة المتعاقدين، فإن النص في وثيقة التأمين على إعمال قاعدة النسبية يكون جائزاً، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذه القاعدة طبقاً لما ورد باتفاق الطرفين، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ومردود في الوجه "الثاني" منه، ذلك أن عبارة البند 17/ ج من وثيقة التأمين كما ورد بسياق الحكم المطعون فيه تنص على أنه "إذا ثبت أن الأشياء المؤمن عليها كانت قيمتها وقت الحريق أزيد من المبلغ المؤمن به عليها بموجب هذه الوثيقة فإن المؤمن له يعتبر نفسه في هذه الحالة كأنه هو ذاته المؤمن عن نفسه فيما يختص بالفرق الزائد، ومن ثم يتحمل حصة نسبية من الخسائر والأضرار، وبناء على ذلك فلا تدفع من هذه الخسائر إلا بقدر النسبة الموجودة بين المبلغ المؤمن به وبين قيمة الشيء الحقيقية وقت وقوع الحريق" وهذه العبارة صريحة في وجوب إعمال قاعدة النسبية. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمستندات بما لا يخرج عن مدلول عباراتها، وكان غير صحيح ما يقرره الطاعنان من أن الفقرة ج المشار إليها ليس سوى مجرد تطبيق لنص المادة 751 من القانون المدني الخاصة بحالة الهلاك الكلي للشيء المؤمن عليه دون حالة الهلاك الجزئي الخاصة بواقعة هذا الطعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل اتفاق الطرفين في هذا الخصوص يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، أما عن القول ببطلان البند 17 ج لعدم إبرازه بشكل ظاهر، فهو مردود بأنه عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعنان لهذه المحكمة وثيقة التأمين للتحقق من صحته، والنعي في الوجه "الثالث" غير مقبول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز إثارته لأول مرة لدى محكمة النقض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض النسبي على أساس التقدير الذي قدره مندوب الشركة للمبنى المؤمن عليه وقت حصول الحريق بمبلغ 25000 ج، مستنداً في ذلك إلى أن الطاعنين لم يعترضا على هذا التقدير ولم يطعنا عليه بأي مطعن، وأن ذلك يعتبر تسليماً منهما بصحة التقدير وباعتباره القيمة الحقيقية للمبنى المؤمن عليه وقت تحقق الخطر، في حين أن الثابت بأوراق الدعوى أن الطاعنين قد تمسكا بأن الشركة قد بالغت في التقدير وبأنها لم تتبع إجراءات التقدير المنصوص عليها في وثيقة التأمين، هذا إلى أن الشركة نفسها قد طلبت في مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة إحالة الدعوى إلى خبير لتقدير قيمة المبنى طبقاً للإجراءات المتفق عليها في وثيقة التأمين ولم ير الحكم الابتدائي إجابة هذا الطلب لرفضه تطبيق قاعدة النسبية وإلزامه الشركة بدفع التعويض كاملاً، إلا أنه لما كان الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف، وكان الخلاف بين الطرفين لا زال قائماً أمام محكمة الاستئناف حول قيمة المبنى المؤمن عليه، فإن استخلاص الحكم المطعون فيه رضاء الطاعنين بذلك التقدير الذي أجرته الشركة يكون مخالفاً للثابت في الأوراق ومشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن "الشركة طلبت احتساب المبلغ الواجب دفعه على أساس التناسب بين مبلغ التأمين والقيمة الحقيقية للمبنى عند حصول الحريق وأنه في حالة اعتراض المستأنف عليهما "الطاعنين على التقدير الذي تم بمعرفة مندوب المستأنفة يتعين إعمال البند التاسع عشر من وثيقة التأمين بأن يعين كل طرف خبيراً وبعد تعيينهما يختاران خبيراً مرجحاً" كما أثبت الحكم أن "المستأنف عليهما ردا على دفاع الشركة بما سبق إيضاحه بالمذكرات المقدمة منهما لمحكمة أول درجة". ولما كانت المذكرة المقدمة من الطاعنين لتلك المحكمة بجلسة 19/ 12/ 1964 والمرفقة صورتها بملف الطعن قد ورد بها قولهما "والغريب من الأمر أن الشركة المدعى عليها قد استندت إلى تقدير المبنى بمعرفة مندوبها الفني دون أن تتبادل الهيئة أعضاء لجنة تشكل لهذا الغرض وتقوم المبنى على حقيقته إن كان صحيحاً ما تتمسك به ثم عولت على هذا التقدير وامتنعت عن الوفاء بالتزاماتها التي يرتبها عقد التأمين، ومن ثم يغدو في موقفها التعنت والخروج على أحكام وثيقة التأمين" وكان هذا القول منهما يتضمن اعتراضاً صريحاً على التقدير المشار إليه فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الاعتراض وعول في قضائه على أن الطاعنين قد ارتضيا هذا التقدير وسلما به، يكون قد خالف الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه.

الطعن 353 لسنة 29 ق جلسة 15 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 196 ص 1256

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(196)
الطعن رقم 353 لسنة 29 القضائية

(أ) دعوى. "وقف السير في الدعوى".
وقف السير في الدعوى وفقاً للقانون 690 لسنة 1954. تغاير أحكام الوقف المنصوص عليها في المادة 292 مرافعات. لا تلازم بينهما.
(ب) دعوى. "وقف السير في الدعوى".
القانون 104 لسنة 1958. سريان أحكامه على الدعاوى الموقوف السير فيها طبقاً للقانون 690 لسنة 1954. وجوب إخطار مصلحة الضرائب قلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بكتاب موصى عليه بعلم وصول بعرض النزاع على لجان الصلح.

---------------
1 - وقف السير في الدعوى في القانون رقم 690 لسنة 1954 يغاير أحكام الوقف المنصوص عليها في المادة 292 مرافعات في شروطه وأوضاعه ولا تلازم بينهما.
2 - أحكام القانون رقم 104 لسنة 1958 إنما تلحق الدعاوى التي تقرر وقف السير فيها بالتطبيق لأحكام القانون رقم 690 لسنة 1954 وبالتزام الأوضاع التي نص عليها من وجوب إخطار مصلحة الضرائب بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول لقلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بعرض النزاع على لجان الصلح، وإذ كان الثابت أن دعوى الشركة لم توقف بالتطبيق لأحكام هذا القانون وعن طريقه ولم يقم الطاعن بتعجيلها في الثمانية أيام التالية لنهاية أجل الوقف وقضى الحكم المطعون فيه باعتبار الطاعن تاركاً دعواه فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ رودلف خريستو فاري لابورتا بصفته ممثلاً لشركة ج. بلانتا وشركاه أقام الدعوى رقم 1853 سنة 1953 تجاري كلي الإسكندرية ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم باعتبار أرباحها عن سنة 1947/ 1948 مبلغ 83452 جنيهاً و957 م مع إلزام المصلحة بالمصروفات والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ، وبجلسة 6/ 2/ 1957 قررت المحكمة وقف السير في الدعوى باتفاق الطرفين لمدة ستة شهور للصلح طبقاً للمادة 292/ 1 مرافعات، وبصحيفة أعلنت للمصلحة في 28/ 9/ 1957 عجل المدعي الدعوى ودفعت المصلحة باعتباره تاركاً لها بعدم تعجيلها في ثمانية الأيام التالية لنهاية أجل الوقف وبتاريخ 25/ 3/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدفع باعتبار المدعي تاركاً لدعواه وألزمته بمصروفاتها ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها مع إلزام المصلحة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 1 سنة 15 تجاري ق. وفي 13/ 4/ 1959 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصروفات ومبلغ 500 قرش أتعاباً للمحاماة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقدير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم تحضر الطاعنة وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن المادة 347 مرافعات توجب تسبيب الأحكام وإلا كانت باطلة، ومقتضى هذا الوجوب أن يبين قاضي الدعوى في حكمه طلبات الخصوم وسند كل منهم فيما ادعاه أو دفع به وأن يذكر ما استخلص ثبوته من الوقائع وطريق هذا الثبوت لا أن يكتفي بما يورده من أسباب مجملة أو غامضة أو أسباب يخلط فيها بين ما يستقل هو بتحقيقه وما تراقبه فيه محكمة النقض، والحكم المطعون فيه لم يلتزم هذه الأوضاع إذ لم يبين رد المصلحة على دفاع الشركة في صحيفة الاستئناف ولم يستنفد جميع وسائله لتحقيق هذا الدفاع بأن يطالبها بتقديم الدليل على وجود صلح عرضته على المصلحة طبقاً للقانون رقم 690 لسنة 1954 أو يطالب المصلحة بتقديم ملف التصالح الموجود لديها ولو فعل لقدمت له الشركة صورة طلب التصالح المودعة ملف الطعن ولما انتهى إلى أن دفاع الشركة في هذا الخصوص خال من الدليل كما أنه يحقق ما أوضحته الشركة في صحيفة الاستئناف من أن طعن المصلحة رقم 1855 سنة 1953 أوقف بجلسة 14/ 11/ 1958 طبقاً للقانونين رقمي 690 سنة 1954 و104 لسنة 1958 وما يحكم طعن المصلحة يحكم طعن الشركة لأن وقف هذا الطعن لم يكن ليتم لو لم تتقدم الشركة بطلب تصالح إلى لجنة إعادة النظر، وعدم رجوع الحكم إلى ملف طعن المصلحة المقابل وخلوه من الإجابة على هذه الواقعة وعدم تحقيقه دفاع الشركة في هذا الخصوص قصور يعيبه إذ هو دفاع موضوعي هام يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استظهر دفاع الشركة بخصوص وقف الدعوى للصلح طبقاً لأحكام القانونين رقمي 690 لسنة 1954، 104 لسنة 1958 وانتهى إلى أن هذا الوقف "لا يتم تلقائياً وبقوة القانون" بل يشترط فيه تقديم طلب من الممول إلى مأمورية الضرائب المختصة برغبته في إعادة النظر في النزاع وأن تخطر المصلحة قلم كتاب المحكمة بوقف الدعوى لعرض الموضوع على لجنة إعادة النظر، ولم تقدم الشركة ما يفيد أنها قدمت طلباً برغبتها في عرض النزاع على اللجنة أو أن قلم الكتاب تلقى إخطاراً من المصلحة بوقف الدعوى لهذا السبب، بل الثابت أن الدعوى أوقفت طبقاً للمادة 292 من قانون المرافعات، والقول بأن المحكمة لم تطالب الشركة بتقديم الدليل على طلبها عرض النزاع على اللجنة أو تطالب المصلحة بتقديم ملف التصالح لا محل له إذ ليس على محكمة الموضوع أن تلفت الخصوم إلى واجبهم في الدفاع ومقتضياته ومردود في الوجه (الثاني) بأنه يبين من الأوراق أن دعوى الشركة رقم 1853 سنة 1953 تقرر وقف السير فيها بجلسة 26/ 2/ 1957 وفقاً للمادة 292 من قانون المرافعات لا عن طريق لجنة إعادة النظر وبالتطبيق لأحكام القانون رقم 690 لسنة 1954 أو القانون رقم 104 لسنة 1958 الذي لم يكن قد صدر بعد، وإلى تاريخ الحكم فيها بجلسة 25/ 3/ 1958 باعتبار الشركة تاركة لها لم تكن دعوى مصلحة الضرائب رقم 1855 سنة 1953 قد تقرر وقف السير فيها - هي الأخرى - وفقاً لأحكام القانون رقم 190 لسنة 1954، وأحكام الوقف هنا وشروطه وأوضاعه، تغاير أحكام الوقف هناك ولا تلازم بينهما.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار الشركة تاركة دعواها استناداً إلى أنها أوقفت طبقاً للمادة 292 مرافعات ولم تثبت أن قلم الكتاب تلقى من مصلحة الضرائب إخطاراً بوقفها لعرض الموضوع على لجنة إعادة النظر، وهو خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) مخالفة أحكام القانون رقم 104 لسنة 1958 ومقتضاها أن الدعاوى المشار إليها في المادة الأولى من القانون رقم 690 سنة 1954 - وهي الدعاوى المقيدة أمام المحاكم عدا محكمة النقض حتى 31/ 12/ 1954 - والتي أوقفت، تستمر موقوفة أو تعود إلى الوقف حتى آخر يوليو سنة 1959 وإن لم تكن قد عجلت طبقاً للمادة 292 مرافعات، وظاهر من المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه وضع لمعالجة الحالات التي طلب فيها التصالح ولم توقفها المحاكم لمدة سنة طبقاً لحكم القانون رقم 690 لسنة 1954 ولكن أوقفتها لمدة ستة شهور طبقاً لحكم المادة 292 من قانون المرافعات وفات أصحابها تعجيلها، وما كان يجوز تطبيق المادة 292 على واقعة النزاع بدلاً من المادة الأولى من القانون رقم 104 لسنة 1958 لمجرد أن مصلحة الضرائب لم تخطر قلم الكتاب بالصلح الذي عرضته الشركة طبقاً للقانون رقم 690 لسنة 1954 وأن الدعوى أوقفت وفقاً للمادة 292 (وثانيهما) أنه جرى في قضائه على أن وفاة محامي الشركة خلال مدة الوقف لا تعتبر قوة قاهرة تحول دون اتخاذ الإجراءات خلال الأجل المحدد لمباشرتها وتوجب وقف المواعيد، مع أن الموت حادث مفاجئ وموت المحامي بالذات من شأنه أن يجعل موكله إزاء استحالة مادية وأدبية تمنعه من متابعة الإجراءات واتخاذ ما يتعين اتخاذه للسير في دعواه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه بأن أحكام القانون رقم 104 لسنة 1958 إنما تلحق الدعاوى التي تقرر وقف السير فيها بالتطبيق لأحكام القانون رقم 690 لسنة 1954 وبالتزام الأوضاع التي نص عليها من وجوب "إخطار مصلحة الضرائب بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول لقلم كتاب المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بعرض النزاع على لجان الصلح" والثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن دعوى الشركة لم توقف بالتطبيق لأحكام هذا القانون وعن طريقه، ومردود في الوجه (الثاني) بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "وفاة المحامي لا تعتبر من قبيل القوة القاهرة التي تحول دون تمكين الخصم من اتخاذ الإجراء لأن المفروض في الموكل أن يكون على اتصال بوكيله وعلى علم بما يجري في دعواه حتى يصدر حكم فيها فضلاً عن ذلك فإنه لا يتصور أن تكون هذه الوفاة قد خفي أمرها على الشركة المستأنفة لأن مقرها الإسكندرية وهي نفس المدينة التي كان يباشر فيها المحامي المتوفى عمله، يضاف إلى ذلك أن هذه الوفاة قد حصلت في 20/ 6/ 1957 أي قبل انقضاء مدة الوقف بأكثر من شهر لأنها كانت قد انتهت في 5/ 8/ 1957 ومن ثم فلا عذر للمستأنفة لأنه كان أمامها فسحة من الوقت تستطيع خلالها أن توكل عنها محامياً آخر ليعجل الدعوى في الميعاد المنصوص عليه في المادة 292 مرافعات" وهي تقريرات سائغة - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 31 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 213 ص 1301

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعثمان زكريا علي، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

---------------

(213)
الطعن رقم 31 لسنة 33 القضائية

ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". "الربط الإضافي".
الربط الإضافي. جوازه في أحوال الخطأ والتدليس من جانب الممول أو ظهور نشاط جديد كان خافياً على المصلحة. الممول إذ قبل تقدير المصلحة لأرباحه، يكون قد تم الاتفاق بينهما على وعاء الضريبة. المادة 47 مكرر ق 14 لسنة 1939.

---------------
مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 47 مكرراً من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن الربط الإضافي غير جائز إلا في حالات حددها المشرع وحصرها وهي أحوال الخطأ والتدليس وظهور نشاط جديد كان خافياً على المصلحة، وفي غير هذه الأحوال لا يجوز إجراء ربط إضافي لأن الممول إذ قبل تقدير المصلحة لأرباحه، فإنه يكون قد تم الاتفاق بينهما على وعاء الضريبة على وجه صحيح قانوناً، وهو اتفاق ملزم للطرفين ومانع لهما من العودة إلى مناقشة موضوعه متى كان هذا الاتفاق قد خلا من شوائب الرضا ولم يثبت العدول عنه بدليل جائز القبول قانوناً. إذ كان ذلك وكانت المادة 24 من القانون رقم 99 لسنة 1949 قد أحالت إلى هذا النص وأعملت حكمه في الضريبة العامة على الإيراد، وكان الثابت في الدعوى أن مأمورية الضرائب المختصة أخطرت الممول بالتصحيحات التي أدخلتها على إقراراته عن إيراده في سنوات النزاع على النموذج رقم 5 ضرائب، ولم يعترض على هذه التصحيحات بشيء، مما يفيد قبوله لها وإبرام اتفاق بينه وبين المصلحة بشأنها له كيانه القانوني، وإذ أهدر الحكم هذا الاتفاق دون سبب واعتد بالربط الإضافي الذي أجرته مصلحة الضرائب بعد ذلك، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ يوسف توتنجي أقام الدعوى رقم 1090 سنة 1958 تجاري الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 27/ 10/ 1958 طالباً إلغاءه والحكم بعدم أحقية مصلحة الضرائب في إجراء ربط إضافي واعتبار تقديرات الربط الأصلية نهائية، وقال شرحاً لدعواه إن مأمورية الضرائب المختصة كانت قد أدخلت تعديلات على إقراراته بشأن صافي إيراداته الخاضعة للضريبة العامة على الإيراد في السنوات من 1951 إلى سنة 1955 وأخطرته بالتقديرات الصحيحة على النموذج رقم 5 ضريبة عامة بتاريخ 5/ 11/ 1956 فقبلها ولم يعترض عليها بشيء، إلا أنها - مأمورية الضرائب - عادت وأجرت ربطاً إضافياً بحجة أنها أخطأت ولم تطبق المادة 24 مكرر/ 4 من القانون رقم 99 لسنة 1949 على تصرفه إلى ولديه بغير عوض في جزء من حصته في المنشأة التجارية "نصرى ويوسف توتنجي" إحدى عناصر إيراده، وإذ أخطرته بهذا الربط الإضافي واعترض وأحيل الخلاف على لجنة الطعن وأصدرت قرارها برفضه فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 8 فبراير سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه، فاستأنف الطاعن - الذي حلت الحراسة العامة محله - هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وقيد الاستئناف برقم 152 تجاري سنة 17 ق. وبتاريخ 26/ 11/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول، أنه قضى برفض الطعن استناداً إلى أن المادة 24 مكرر/ 4 من القانون رقم 99 لسنة 1949 تحوي نصاً آمراً يتحدد بمقتضاه وعاء الضريبة العامة، فهو بهذه المثابة لا يكون محل اتفاق بين مصلحة الضرائب والممولين، ورتب على ذلك أن تحدي الطاعن بانعقاد اتفاق بينه وبين مصلحة الضرائب على وعاء الضريبة بالإخطار المعلن في 5/ 11/ 1956 وصيرورته نهائياً بعدم اعتراضه عليه - بفرض حصوله - لا يقيد مصلحة الضرائب ولا يحول دون إجراء الربط الإضافي، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون إذ أن مفاد المادة 24 مكرر/ 4 من القانون رقم 99 لسنة 1949 والمادة 47 من القانون 14 لسنة 1939 أن التنبيه بالدفع يكون نهائياً وقطعياً للممول ولمصلحة الضرائب على سواء ما دام أنه لم يكن نتيجة غش من الممول.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 47 مكرراً من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أنه "يعتبر التنبيه على الممول بالدفع نهائياً وقطعياً، ومع ذلك إذا تحققت مصلحة الضرائب دون إخلال بأجل التقادم المنصوص عليه في المادة 97 من هذا القانون والقوانين المعدلة لها من أن الممول لم يتقدم بإقرار صحيح شامل بأن أخفى نشاطاً أو مستندات أو غيرها أو قدم بيانات غير صحيحة أو استعمل طرقاً احتيالية للتخلص من أداء الضريبة كلها أو بعضها وذلك بإخفاء أو محاولة إخفاء مبالغ تسري عليها الضريبة فتجري المصلحة ربطاً إضافياً يكون قابلاً للطعن فيه كالربط الأصلي فإنها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكون قد دلت على أن الربط الإضافي غير جائز إلا في حالات حددها المشرع وحصرها وهي أحوال الخطأ والتدليس وظهور نشاط جديد كان خافياً على المصلحة، وفي غير هذه الأحوال لا يجوز إجراء ربط إضافي، لأن الممول إذا قبل تقدير المصلحة لأرباحه، فإنه يكون قد تم الاتفاق بينهما على وعاء الضريبة على وجه صحيح قانوناً، وهو اتفاق ملزم للطرفين ومانع لهما من العودة إلى مناقشة موضوعه، متى كان هذا الاتفاق قد خلا من شوائب الرضا ولم يثبت العدول عنه بدليل جائز القبول قانوناً. إذ كان ذلك، وكانت المادة 24 من القانون رقم 99 لسنة 1949 قد أحالت إلى هذا النص وأعملت حكمه في الضريبة العامة على الإيراد، وكان الثابت في الدعوى أن مأمورية الضرائب المختصة أخطرت الممول بالتصحيحات التي أدخلتها على إقراراته عن إيراده في سنوات النزاع على النموذج رقم 5 ضرائب في 5 نوفمبر سنة 1956، ولم يعترض على هذه التصحيحات بشيء، مما يفيد قبوله لها وإبرام اتفاق بينه وبين المصلحة بشأنها له كيانه القانوني، وأهدر الحكم المطعون فيه هذا الاتفاق دون سبب، واعتد بالربط الإضافي الذي أجرته مصلحة الضرائب بعد ذلك، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 8 يناير سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 56.