الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 أبريل 2022

الطعن 862 لسنة 42 ق جلسة 18 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 314 ص 1396

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومصطفى الأسيوطي، وعبد الحميد الشربيني, وحسن المغربي.

----------------

(314)
الطعن رقم 862 لسنة 42 القضائية

إثبات. "بوجه عام". حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال للدولة.
وجوب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها.
اعتماد الحكم. في قضائه. على رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات. يعيب الحكم. مثال في اختلاس.

----------------
من المقرر أن الأحكام يجب أن تبني على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيباً لابتنائه على أساس فاسد متى كانت الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم. ولما كان يبين مما أورده الحكم أنه أسس قضاءه في إطراح دفاع الطاعن الأول على أنه بفرض تعطيل السيارة المعهود إليه بقيادتها في تاريخ ارتكاب الحادث (الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للدولة) فإن ذلك لم يكن ليحول دون استعماله سيارة أخرى للمركز في نقل المهمات التي دانه بالاستيلاء عليها، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات خلوها مما يفيد وجود أكثر من سيارة بالمركز، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ما لا أصل في الأوراق وعول عليه في إدانة الطاعن يكون معيباً بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعنين وآخر بأنهم في يوم أول مايو سنة 1969 بدائرة مركز ادفو محافظة أسوان (أولاً) المتهمان الأول والثاني (الطاعنين): بصفتهما موظفين عموميين - الأول رقيب أول بوزارة الداخلية والثاني عامل بمصنع السكر بادفو - استوليا بغير حق على قطع الغيار المبينة الوصف والقيمة بالأوراق لمصنع السكر والمملوكة للدولة. (ثانياً) المتهم الثالث: اخفي قطع الغيار المتحصلة من جناية الاستيلاء سالفة الذكر مع علمه بذلك. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للمواد 111/ 5 - 6 و113/ 1 و118 و119 من قانون العقوبات. فقرر ذلك بتاريخ 18 أكتوبر سنة 1969. ومحكمة جنايات أسوان قضت في الدعوى بتاريخ 17 مارس سنة 1971 حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث عملاً بمواد الاتهام والمادتين 44 مكرر و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة بالسجن مدة ثلاث سنوات وغرامه قدرها خمسمائة جنيه وعزل الأول والثاني من وظيفتهما وقدرت مبلغ عشرة جنيهات أتعاب للمحاماة عن المتهم الثاني. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفي الشكل المقرر في القانون. وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك بأنه اعتمد على أقوال ضابط المباحث وتحرياته التي تفيد أن الطاعن الأول أخرج المضبوطات المختلفة من مصنع شركة السكر عن طريق إخفائها في سيارة للمركز قيادته واطرح دفاع الطاعن - المؤيد بمستند رسمي - بأن هذه السيارة كانت معطلة في الوقت الذي حدده الضابط لارتكاب الحادث ورد عليه بمقولة أن المركز ليست به سيارة واحدة دون أن يكون للحكم في هذا الرد سند من أوراق الدعوى، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المشرف على جراج مصنع شركة السكر والتقطير المصرية أبلغ عن اكتشافه فقد بعض المهمات من "جيربوكس" كان موجوداً بالجراج للصيانة. وقد دلت تحريات ضابط مباحث المركز على أن المتهمين الأول والثاني (الطاعنين) قاما بالاستيلاء على المهمات الفاقدة من الجراج وأن الأول أودعها لدي المتهم الثالث (المحكوم عليه غيابياً) لبيعها لحسابه وقد انتقل الضابط إلى محل هذا المتهم الأخير وقام بضبط تلك المهمات لديه فيما عدا قطعة منها كان قد باعها بمبلغ 22 جنيهاً سلم منها 10 جنيهات للمتهم الأول. وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن من شهادة ضابط مباحث مركز ادفو والشرطي السري...... و....... وبعد أن حصل أقوالهم عرض لدفاع الطاعن الأول والشهادة التي قدمها بجلسة المحاكمة تأييداً لهذا الدفاع من أنه لم يكن لديه مكنة الاستيلاء على الأشياء المستولي عليها لأن السيارة المعهود إليه من المركز بقيادتها كانت معطلة في الفترة من 21/ 3 إلى 14/ 5/ 1969 هي الفترة المقال بوقوع الحادث في أثنائها، وبما يتنافى مع ما شهد به ضابط المباحث الذي استند الحكم إلى أقواله من أنه علم أن الطاعن قام بنقل تلك المهمات بالسيارة المذكورة وقد اطرح الحكم هذا الدفاع بقوله: "أما عن الشهادة المقدمة بشأن السيارة فعلي فرض صحتها فإن أحداً لم يذكر أن الاستيلاء على المضبوطات تم في سيارة معينة إنما المجمع عليه أنها لا يمكن إخراجها من مكانها حملاً باليد أو إخفاء بالملابس لثقلها ولإجراء عملية التفتيش لسائر العمال والموظفين طبقاً لنظام الشركة كما أن المركز ليست فيه سيارة واحدة للاستعمال". لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبني على أساس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيباً لإبتنائه على أساس فاسد متي كانت الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم وكان يبين مما أورده الحكم أنه قد أسس قضاءه في إطراح دفاع الطاعن الأول على أنه بفرض تعطيل السيارة المعهود إليه بقيادتها في تاريخ ارتكاب الحادث فإن ذلك لم يكن ليحول دون استعماله سيارة أخري للمركز في نقل المهمات التي دانه بالاستيلاء عليها - مع الطاعن الثاني - وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن خلوها مما يفيد وجود أكثر من سيارة بالمركز، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ما لا أصل له في الأوراق وعول عليه في إدانة الطاعن الأول يكون معيباً بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال.
لما كان ذلك, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة - بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن الأول في طعنه - وذلك بالنسبة إلى هذا الطاعن وإلى الطاعن الثاني الذي لم يقدم أسباباً لطعنه نظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة.

الطعن 213 لسنة 21 ق جلسة 10 / 3 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 101 ص 763

جلسة 10 من مارس سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسي، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.

--------------

(101)
القضية رقم 213 سنة 21 القضائية
)أ) نقض. طعن. سبب جديد.

اعتراف المطعون عليه في مذكرته بصفة "الطاعن" عدم جواز الاعتراض على هذه الصفة في المرافعة الشفوية. المادة 440 مرافعات.
)ب) نقض. طعن. الخصوم في الطعن.

اندماج شركة في أخرى اندماجا كليا. حق الشركة الدامجة في الطعن في الأحكام الصادرة باسم الشركة المندمجة. حق محكمة النقض في البحث لأول مرة في هذا الاندماج وما يقدم من أوراق إثباتا له.
)ج) نقض. طعن. سبب جديد.

اعتراض دائني الشركة المندمجة على واقعة الاندماج. عدم جواز إبدائه في المرافعة الشفوية. المادة 440 مرافعات.
(د) حكم.

القبول المانع من الطعن فيه. شرطه. مثال.
(هـ) دعوى. خصومة.

انقطاع الخصومة. تعريفه. جواز التنازل عن التمسك به. مثال. اندماج شركة في أخرى اندماجا كليا. سير الخصومة باسم الشركة المندمجة بعد الاندماج ثبوت أن إجراءات التقاضي وما استلزمته من نفقات تمت بعلم الشركة الدامجة. عدم جواز تحديها بانقطاع الخصومة بسبب الاندماج.

)و) عقد. التزام.

التزام تعاقدي باحترام حق ارتفاق بالصرف. التجاء المدين للجهات الإدارية لتحرير محضر مخالفة ضده وتنفيذ الحكم الصادر فيها وتغطية المصرف بطريقة تعطل التزامه التعاقدي. وجوب اعتباره مسئولا عن الإخلال بالتزامه. لا يغير من ذلك أن يكون تنفيذ حكم المخالفة قد تم تحت إشراف مندوب فنى من قبل النيابة متى كان المدين هو الذي أشرف فعلا على التنفيذ.
)ز) عقد. التزام. قوة الأمر المقضي.

التزام باحترام حق ارتفاق الصرف وتعهد المدين بأنه إذا أراد تغطية المصرف بمواسير فيجب أن تزيد سعتها عن المتر. حكم جنائي ألزم المدين بتغطية المصرف بمواسير لا تقل سعتها عن متر. تغطية المصرف بمواسير سعتها متر فقط. إلزام المدين بإعادة تغطية المصرف بمواسير سعتها عن المتر وفقا لالتزامه التعاقدي. لا إخلال بحجية الحكم الجنائي.
)ح) عقد. مسئولية. التزام.

مجرد عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يكون ركن الخطأ. لا يعفيه سوى إثبات القوة القاهرة أو خطأ الدائن. المادة 119 مدنى قديم.
)ط) نقض. طعن. سبب الطعن.

القضاء بما لم يطلبه الخصوم. هو سبب للالتماس لا الطعن بالنقض.

---------------
1 - إذا اعترف المطعون عليه في مذكرته بصفة مدير الشركة الطاعنة كممثل لها، فانه لا يجوز له الاعتراض على هذه الصفة في مرافعته الشفوية، ذلك أن هذا الاعتراض فضلا عن مناقضته للاعتراف الوارد بالمذكرة فهو قول جديد لا يصح إبداؤه في المرافعة الشفوية وفقا للمادة 440 من قانون المرافعات.
2 - إذا اندمجت شركة تضامن من في شركة مساهمة اندماجا كليا تنمحي به شخصيتها وتؤول به بمالها وما عليها للشركة المساهمة، فان الشركة الدامجة تكون قد خلفت الشركة المندمجة في ذمتها المالية خلافة عامة تبيح لها حق الطعن في الأحكام الصادرة باسم الشركة المندمجة سواء تحققت هذه الخلافة قبل أو بعد صدور تلك الأحكام، وليس ثمت ما يمنع محكمة النقض في هذه الحالة أن تبحث لأول مرة في صفة هذا الخلف وما يقدم من أوراق لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع إثباتا لهذه الخلافة.
3 - تمسك دائني الشركة المندمجة بعدم جواز الاحتجاج عليهم بواقعة الاندماج لا يصح إبداؤه في المرافعة الشفوية متى كانوا لم يتمسكوا به في مذكرتهم وذلك وفقا للمادة 440 مرافعات.
4 - الرضا الذي يمتنع معه الطعن في الحكم يجب أن يكون صريحا واضحا وأن تكون دلالته قاطعة، ومن ثم فانه لا يفترض كنتيجة للخصوم للتنفيذ الجبري لحكم نهائي لأن الأحكام الانتهائية واجبة التنفيذ بحكم القانون.
5 - انقطاع الخصومة حالة يقررها القانون لمصلحة الخصم الذي لم يمثل في الدعوى فلا تتحقق إلا حيث يكون الخصم غير ممثل في الخصومة بنفسه أو بمن ارتضى نيابته عنه، ويصح لمن شرع لمصلحته النزول عن التمسك بآثاره. وإذن فمتى كانت دعوى قد رفعت على شركة تضامن وأثناء سيرها اندمجت الشركة المدعى عليها اندماجا كليا في شركة مساهمة ومع ذلك ظلت الإجراءات تسير باسم الشركة المندمجة وقد اقتضى سير الخصومة أكلافا ونفقات كلفت بها المحكمة الشركة المندمجة فدفعتها ولما صدر عليها الحكم الابتدائي رفعت عنه استئنافا تولاه محام غير المحامي الذي مثلها أمام محكمة أول درجة، كما أن الشركة الدامجة هي التي مثلت أمام المحضر عند تنفيذ الحكم ولم تعترض بعدم تمثيلها في الخصومة، ولما كانت كل هذه الإجراءات التي اتخذت والأكلاف التي دفعت في تواريخ تالية للاندماج الكلي تقطع بأن الذي اتخذها فعلا هي الشركة الدامجة فإنه لا يقبل منها التحدي بانقطاع سير الخصومة بسبب الاندماج.
6 - إذا تعهد شخص باحترام حق ارتفاق بالصرف مقرر على عقاره لمصلحة جيرانه بموجب اتفاق عقد بين الطرفين وأنه إذا أراد تغطية المصرف منعا لانتشار الباعوض فعليه وضع مواسير تزيد سعتها على المتر وبطريقة فنية تضمن سير المياه سيرا عاديا ولكنه لم ينفذ التزامه بل عمد إلى التخلص منه بالالتجاء للجهات الإدارية لتحرير محضر مخالفة ضده ولما صدر الحكم فيها نفذه بوضع مواسير وان كانت لا تخالف في اتساعها مقتضى حكم المخالفة إلا أنها أقل سعة مما تعهد به وما يقتضيه التزامه من ضمان عدم الإضرار بالمنتفعين، فان الحكم المطعون فيه إذ اعتبره مسئولا عن الإخلال بالتزامه التعاقدي لا يكون قد خالف القانون، ولا يغير من ذلك أن يكون تنفيذ الحكم الصادر في المخالفة قد تم تحت إشراف مندوب من قبل النيابة العمومية متى كان الحكم قد أثبت أن المدين هو الذي أشرف فعلا على التنفيذ.
7 - متى كان التزام المدين باحترام حق الارتفاق بالصرف يقتضى تغطية المصرف بمواسير تزيد سعتها عن المتر، وكان الحكم الصادر في المخالفة قد ألزمه بتغطية المصرف بمواسير لا تقل سعتها عن المتر فإنه إذ نفد حكم المخالفة بتغطية المصرف بمواسير سعتها متر فقط فإنه يكون قد خالف التزامه التعاقدي ويكون الحكم المطعون فيه إذ ألزمه بإعادة تغطية المصرف وفقا لما يقتضيه التزامه التعاقدي لم يخل بحجية الحكم الجنائي.
8 - مجرد عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر في ذاته خطأ موجبا للمسئولية التي لا يدرؤوها عنه إلا إثباته قيام القوة القاهرة أو خطأ الدائن وإلى هذا كانت تشير المادة 119 من القانون المدني القديم الذي لا يختلف في هذه الناحية عن القانون الجديد.
9 - القضاء بما لم يطلبه الخصوم هو سبب للطعن بطريق الالتماس لا الطعن بالنقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنين والمطعون عليهم عدا الأخيرة والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن واقعة الدعوى على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم يملكون أطيانا لها حق الصرف في مصرف عزبة أبى سليمان، وهذا المصرف يمر بأرض الخواجة إيلى شماعة صاحب ضاحية السيوف برمل الإسكندرية وقد باع هذا الأخير جزءا من ملكه يدخل فيه جزء من المصرف المذكور إلى آل سباهى ليقيموا عليها مصنعا للغزل وأن حق المطعون عليهم في ارتفاق الصرف ثابت بالنص عليه في عقود تمليكهم والعقود المتوالية من الملاك المتعاقدين ومنها هذا البيع الأخير لشركة سباهى، إذ حرص البائع لهم "شماعة" على تسجيل هذا الحق وتوكيده فيه وزاد عليه بأنه إذا أرادت شركة سباهى "الطاعنة" تغطية جزء المصرف الذي يقع ضمن عقدها فعليها أن تتبع في تغطية هذا الجزء الطريقة التي اتبعتها شركة مياه الإسكندرية التي اشترت من قبل الأرض المجاورة لأرض آل سباهى في سنة 1938... وقد ظل المطعون عليهم على انتفاعهم بحق الصرف المقرر لهم طمأنينة وهدوء زمنا طويلا حتى عن لشركة سباهى تغطية هذا المصرف، فسخرت البائع لها "شماعة" في وضع مواسير في مجرى المصرف لحسابها، فقاومه بعض الملاك، وانتهى أمر هذه المقاومة إلى النيابة فقامت بتحقيق دل على أن "إيلى شماعة" كان يعمل لحساب شركة سباهى وانتهى بتعهده هو وأحد أصحاب شركة سباهى في 4/ 4/ 1938 بعدم القيام بأي عمل من شأنه منع صرف المياه أو تقليلها كما التزم بأن يقتصر على وضع مواسير طولها 20 مترا وقطرها 110 سنتيمترا وبطريقة فنية مع عمل غرف لتنظيف المواسير والتعهد بتطهيرها على نفقته وبشرط ألا يضر ذلك بالصرف، قامت بعد ذلك شركة سباهى بإعداد مواسير ضيقة قطر كل منها متر واحد وأرادت وضعها في مجرى المصرف، في غفلة من المنتفعين به، فتقدم أحدهم إلى قسم الرمل شاكيا هذا التعدي وفتح لذلك تحقيق في 18/ 3/ 1940 تعهد فيه أحد أفراد شركة سباهى بإبقاء الحال على ما هي عليه الآن وعدم وضع مواسير في المصرف، وأمرت نيابة العطارين بكتابها رقم 1352 إلى قسم الرمل بإبقاء الحال على ما هى عليه، مع أخذ تعهد على آل سباهى بعدم وضع مواسير في المصرف، ولهم الالتجاء إلى التقاضي إذا شاءوا - ولما فشلت هذه المحاولات تواطأت الشركة مع مفتش صحة الرمل الذي حرر مخالفة لشركة سباهى رقم 1578 لسنة 1944 بعد أن أخطرها بتغطية المصرف بمواسير لا يقل قطرها عن متر على الأقل مع باقي الاشتراطات منعا لتوالد البعوض ونشر جرثومة الملاريا وذلك تنفيذا للقانون رقم 1 لسنة 1926 الخاص بمكافحة الملاريا وأخطر شركة سباهى وحدها دون باقى المنتفعين بالمصرف وحرر لها وحدها محضر المخالفة وصدر الحكم فيها ضدها بالغرامة والتغطية ونفذ هذا الحكم بمعاونة مدير مجارى البلدية "عبد الرحمن عرفي" الذي استقال من وظيفته فيما بعد والتحق بخدمة الشركة - ولما علم المطعون عليهم بهذا التنفيذ اعترضوا عليه وقدموا شكوى للنيابة وأخرى للري، وقد حقق الري هذه الشكوى وظهر له خطأ التغطية فنيا لضيق المواسير عن تصريف المياه، كما حققت النيابة الشكوى فرأت ندب "عبد الرحمن عرفي" للإشراف على عملية التغطية وقد تمت التغطية فعلا على هذه الصورة المعيبة - إزاء هذا لجأ المطعون عليهم إلى القضاء المستعجل لإثبات التغطية التي تمت والمواسير التي وضعت وتقدير مدى تأثيرها في صرف المياه إلى آخر طلباتهم فيها، وقد قضى في تلك الدعوى وهى رقم 493 سنة 1941 مستعجل إسكندرية بندب خبير أثبت في تقريره أن بناء. التغطية بالطريقة التي تمت بها يسبب ضررا للأرض بحيث لا تنتج إلا نصف محصولها، وعندئذ أقام المطعون عليهم الدعوى الحالية رقم 974 سنة 1943 كلي إسكندرية ضد شركة "سباهى إخوان" وبلدية الإسكندرية وذكروا في صحيفتها ما لحق أطيانهم من ضرر بسبب هذه التغطية وأنهم يستحقون تعويضا قدره 13300 جنيه الخ ما جاء بطلباتهم في هذا الخصوص، كما طلبوا إزالة المواسير التي وضعت في المصرف في خلال أسبوع من تاريخ إعلانهما وإلا يصرح لهم بإزالتهم - وبتاريخ 27/ 3/ 1945 قضت محكمة أول درجة بندب خبير لمعاينة المباني والمواسير المشار إليها وتقرير مدى تأثيرها في صرف مياه الأطيان الخاصة بالمطعون عليهم وتقدير قيمة الضرر الذي لحق بأطيان كل منهم الخ ما جاء بالحكم التمهيدي المذكور، وقد باشر الخبير مأموريته وخلص في تقريره إلى أن التغطية أضرت فعلا بأرض المطعون عليهم وقدر تعويضا قدره 15 جنيها سنويا للفدان وأنهم يستحقون تعويضا عن ثلاث سنوات بعد رفع المواسير وإعادة المصرف إلى حالته الأولى - ولقد رأت المحكمة أن تستأنس برأي خبير هندسي زيادة في التحقق من أمر هذه التغطية فندبت الأستاذ على فتحي أستاذ بجامعة الإسكندرية لأداء المأمورية التي كلفته بها بحكمها التمهيدي الصادر في 13/ 6/ 1946 فقدم تقريرا قال فيه إن التغطية لم تكن عملية فنية صحيحة وأن المسئولية مشتركة بين الشركة والبلدية. فقضت محكمة أول درجة بتاريخ 20/ 4/ 1947 - أولا - بالزام شركة سباهى والبلدية متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليهن الثلاث الأوليات 1567 جنيها و550 مليما وللرابع 412 جنيها و500 مليم إلى آخر ما جاء بمنطوق حكمها - ثانيا - بإلزامهما متضامنين بإزالة البرابخ - ثالثا - إلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليهم كل بنسبة نصيبه المبين بالجدول الموضح بنهاية تقرير الخبير، "عبد الفتاح رمضان" مبلغ 15 جنيها مصريا سنويا عن كل فدان ابتداء من أكتوبر سنة 1946 إلى ثلاث سنوات تالية لإتمام إزالة المواسير - رابعا - بإلزامهما متضامنين بالمصاريف المناسبة و50 جنيها مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت شركة تضامن سباهى هذا الحكم باستئنافها رقم 107 سنة 4 ق قائلة في صحيفته إنها: كانت في موقف سلبى أمام عملية التغطية، إذ كان ذلك تنفيذا لحكم جنائي له حجيته وقد تولى ذلك قسم الرمل بالاشتراك مع عبد الرحمن عرفي الذي ندبته النيابة لهذا الغرض ومؤدى ذلك انعدام مسئولية الشركة. هذا إلى أن محكمة أول درجة أهدرت حجية حكم جنائي بإزالة آثار التنفيذ الذي تم بمقتضاه وهو ما يخرج عن ولاية المحكمة. كل هذا مع فساد الاعتبارات الواقعية التي عولت عليها في القول بقيام التواطؤ بين الشركة ومفتش الصحة، وأخيرا فان المحكمة لم تعوّل على الاعتراضات التي وجهت لتقارير الخبراء الذين اعتمدت تقاريرهم في شأن إثبات خطأ الشركة المستأنفة لعدم مراعاة الأصول الفنية في إجراء التغطية المتنازع بشأنها، واستأنفت بلدية الإسكندرية الحكم وقيد استئنافها برقم 46 سنة 4 ق قائلة إنه لا شأن لها بالموضوع وأن مفتش الصحة حرر محضر المخالفة إثباتا للحالة التي كان عليها المصرف فعلا تنفيذا لقانون مكافحة الملاريا، وأن مأموريتها اقتصرت عند هذا الحد وأنها في توجيه إخطارها لشركة سباهى بإجراء التغطية لم يفتها أن تحدد قطر المأسورة بما لا يقل عن متر كحد أدنى وتقدير كفاية هذا القطر أو عدمه يرجع إلى المكلف بالتغطية وبعمل المواسير دون البلدية وأن قيام عبد الرحمن عرفى بالتنفيذ لم يكن نائبا فيه عن البلدية. وبتاريخ 27/ 3/ 1951 قضت محكمة استئناف إسكندرية في الاستئنافين بعد التقرير بضمهما ليصدر فيهما حكم واحد - أولا: بعدم قبول تدخل وزارة الأوقاف، وثانيا - بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم - عدا شركة سباهى - قبل البلدية وألزمتهم بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وفى موضوع استئناف شركة سباهى برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبتعديله فيما قضى به من إزالة البرابخ وبإلغاء تنفيذ الحكم الصادر في المخالفة رقم 1578 سنة 1941 مركزية الرمل وإعادة تنفيذه على ذمة شركة سباهى على الوجه الصحيح الذي لا يتعارض مع حقوق المستأنف عليهم المذكورين وإلزام شركة سباهى بمصاريف استئنافها وبمبلغ 2000 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم عن البلدية - وقد أقامت قضاءها على أن حق ارتفاق الصرف ثابت للمستأنف عليهم من العقود المتوالية من سنة 1893 وما بعدها وتأكد في عقد شركة سباهى وأن الطريقة التي اتبعت في التغطية ترتب عليها ضرر بأصحاب الارتفاق والمتسبب يكون مسئولا عن التعويض ولا ينفى هذه المسئولية عن الشركة مجرد تحرير محضر مخالفة بواسطة مفتش الصحة أو تنفيذ حكم المخالفة بأمر النيابة لأن مفتش الصحة كان يقوم بواجبه ولا شأن له بما يترتب على التنفيذ من ضرر يصيب الغير بل هذا واجب الشركة التي يتحتم عليها عند التنفيذ مراعاة كفاية قطر المواسير، فلو أنها استعملت مواسير ذات قطر أوسع ما كان ذلك ليتعارض مع الإخطار ولا مع الحكم الجنائي. هذا وأن التنفيذ الفعلي لعملية التغطية ورفع المواسير كان بواسطة الشركة التي لا يخليها من المسئولية وجود شخص يشرف على التنفيذ فلها هي أن تحاسبه عن خطئه وتقصيره باعتباره، الفني المنتدب من قبلها. وأخيرا فإن الحكم الجنائي لم يتعرض لكفاية المواسير ذات القطر المقدر بمتر واحد. كما أن القضاء بإلغاء التنفيذ الذي تم بوضع مواسير أخرى أكثر صلاحية ولا تضر بالمنتفعين من أصحاب حقوق الارتفاق، معناه إعادة تنفيذ الحكم الجنائي على الأساس الفني الصحيح، وليس في هذا مساس بحجيته على الإطلاق - طعنت شركة سباهى الصناعية المساهمة في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعن فيه على سبيل الاحتياط كل من طاهر وعبد الحميد ومصطفى سباهى بصفاتهم الشخصية على اعتبار أنهم كانوا أصحاب شركة تضامن من سباهى إخوان التي انقضت.
ومن حيث إن المطعون عليهم دفعوا بعدم قبول الطعن - أولا - لرفعه من غير ذي صفة - ثانيا - لسابقة قبول الحكم المطعون فيه والرضاء به، وأضافوا في مرافعتهم الشفوية أن صفة مصطفى سباهى كممثل للشركة الطاعنة "رئيس مجلس إدارتها" غير ثابتة بأوراق الطعن، ولأن التوكيل المقدم منه متضمنا هذه الصفة، لا يدل بذاته على ثبوت هذه الصفة ولا يغنى عن وجوب تحقيقها، ولأن وظيفة كاتب التصديقات هي مجرد التصديق على التوكيل لا تحقيق الصفات.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بصفة مصطفى سباهى كممثل لشركة سباهى الصناعية المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات، فإن الطاعنين قدّموا بملف الطعن صورة عرفية مذكورا بها أنها مطابقة للأصل من محضر الجمعية العمومية غير العادية للشركة الصناعية المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات تتضمن ما اتخذته الجمعية العمومية من قرارات اقتضاءها اندماج شركة تضامن سباهى في هذه الشركة مساهمة المشار إليها ومنها تغير اسم هذه الشركة باسم شركة "سباهى الصناعية لخيوط الغزل والمنسوجات" ونقل المركز العام للشركة من القاهرة إلى منطقة السيوف بإسكندرية وورد بالبند التاسع من محضر الجلسة المذكورة "تفويض رئيس مجلس إدارة الشركة "مصطفى سباهى" في اتخاذ إجراءات النشر وتعديل نظام الشركة وفقا للأوضاع المقررة في الفقرة الرابعة من المادة 53 من نظام الشركة وإجراءات القيد وتدوين البيانات بالسجل التجاري وغيرها من الإجراءات القانونية التي تقتضيها التعديلات آنفة الذكر" ثم وقع على هذه الصورة العرفية مصطفى سباهى بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الصناعية للغزل والمنسوجات على أنها صورة مطابقة للأصل كما قدّموا صورة من الوقائع المصرية بالعدد 164 الصادر في 26 من نوفمبر سنة 1945 تتضمن نشر المرسوم بتغيير اسم الشركة بمناسبة اندماج شركة تضامن "سباهى إخوان" فيها، وأشير في ديباجة المرسوم المذكور إلى محضر الجمعية المشار إليه ثم إعلان نشر موجز للمحضر المذكور في ذات عدد الوقائع المصرية وقدّموا كذلك صورة من مستخرج رسمي من السجل الدائم يتضمن أن شركة "سباهى إخوان" التي قيدت في السجل التجاري منذ 11 من أبريل سنة 1935 قد شطب قيدها بمناسبة اندماجها في الشركة الصناعية المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات منذ أول يناير سنة 1945.
ومن حيث إنه يبين من هذه الأوراق أن الطعن رفع من مصطفى سباهى بصفته رئيسا لمجلس إدارة شركة سباهى المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات ولا محل للشك في صفة نيابته عن الشركة المذكورة، ذلك لأن صورة محضر جلسة الجمعية العمومية المذكور بها أنها مطابقة للأصل، ولو أنها صورة عرفية لمحرر عرفي، إلا أن المطعون عليهم يسلمون بمطابقتها للأصل وذلك بإقرارهم في مذكرتهم المقدمة بملف الطعن، بأن الدعوى مرفوعة من مصطفى سباهى بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الصناعية المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات، على أن هذا التقرير الوارد بمذكرتهم المشار إليها لا يبيح لهم أن يبدوا في مرافعتهم الشفوية الاعتراض على صفة مدير الشركة، إذ فضلا عن أن هذا الاعتراض يعتبر مناقضا لأقوالهم الواردة في المذكرة، فهو قول جديد لا يجوز إبداؤه في المرافعة الشفوية أمام هذه المحكمة وفقا للفقرة الثالثة من المادة 440 من قانون المرافعات.
عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه من غير ذي صفة:
ومن حيث إن حاصل ما يقوله المطعون عليهم في بيان هذا الدفع إنه من القواعد المقررة، أنه لا يجوز الطعن بالنقض إلا ممن كان طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وبصفته التي كان متصفا بها في هذا الحكم، ولما كانت الدعوى الحالية قد رفعت من المطعون عليهم ابتداء على شركة تضامن سباهى إخوان وأن استئناف الحكم الابتدائي رفع من ذات شركة سباهى إخوان وظلت هذه على منازعتها في الخصومة أمام محكمة الاستئناف حتى صدر الحكم المطعون فيه، فإذا كان الطعن في هذا الحكم قد قدم من شركة سباهى المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات أو من الإخوة الثلاثة "طاهر وعبد الحميد ومصطفى سباهى" بصفاتهم الشخصية ولم تكن هذه الشركة المساهمة ولا واحد من هؤلاء الإخوة ممثلين في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - يكون غير مقبول لتقديمه من غير ذي صفة ولا يشفع في قبوله ما قالوه من أن شركة تضامن سباهى إخوان قد اندمجت منذ أول يناير سنة 1945 في شركة سباهى المساهمة للغزل والمنسوجات وأن هذا الاندماج يترتب عليه فناء شركة تضامن سباهى إخوان فناء يمحى به شخصيتها القانونية وتؤول بمقتضاه أصول تلك الشركة وخصومها إلى الشركة المساهمة "الدامجة" وتخلفها فيما لها وما عليها وأن أثر هذه الخلافة ليترتب في القانون ولو لم يرد في شأنه اتفاق خاص ومع ذلك فقد تقرر هذا الاندماج في محضر جلسة الجمعية العمومية للشركة المساهمة، وأن هذه الخلافة التي ترتبت على هذا الاندماج تبيح للشركة الطاعنة بحكم القانون والاتفاق أن تتولى الطعن على الحكم الصادر ضد الشركة المنقضية باعتبارها خلفا خاصا لهذه الشركة الأخيرة والخلف الخاص كالخلف العام في خصوص ما تناولته الخلافة مما يجعل صفة الشركة المساهمة في تولى الطعن قائمة ومصلحتها فيه ظاهرة - لا يشفع كل هذا في ثبوت صفة الشركة المساهمة في الطعن. ذلك لأن للاندماج في القانون التجاري أنواعا شتى ولكل نوع حكم خاص وشروط خاصة يجب أن تتحقق حتى يكون الاندماج صحيحا من الوجهة القانونية، ولأن هذا الاندماج كما قالوا في مرافعتهم الشفوية لا يمكن أن يحاج به دائنو الشركة المندمجة إذا ما وقع أو تم بغير رضاهم، ولأن هذا الاندماج يعتبر دعوى جديدة يجب أن تحقق وليس مجال تحقيقها لأول مرة أمام محكمة النقض. وبذلك يكون الطعن غير مقبول لتقديمه من الشركة المساهمة "الطاعنة" ولا صفة لها فيه. كما أن باقى الطاعنين لم يكونوا ممثلين في الخصومة بصفاتهم الشخصية على ما سبق بيانه بل إن الخصومة كانت مرددة بين المطعون عليهم وشركة تضامن سباهى إخوان ممثلة في شخص مديرها دون هؤلاء الإخوة الثلاثة. ومن ثم يكون الطعن غير مقبول سواء من الشركة المساهمة أم من الإخوة الثلاثة لانعدام صفتهم فيه.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود، بأن شركة سباهى المساهمة يكون لها الحق في الطعن في الحكم إذا ثبت حقا أن شركة تضامن سباهى قد اندمجت فيها اندماجا تنمحي به شخصيتها وتؤول به هذه الشركة بما لها وما عليها للشركة المساهمة لأنها، بذلك تكون قد خلفتها في ذمتها المالية خلافة عامة تتيح لها حق الطعن في الأحكام سواء تحققت هذه الخلافة قبل أو بعد صدور تلك الأحكام، وليس هناك ما يمنع محكمة النقض في هذه الحالة أن تبحث لأول مرة في صفة هذا الخلف وما يقدمه من أوراق لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع إثباتا لهذه الخلافة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الشركة الطاعنة قدمت صورة من محضر جلسة جمعيتها العمومية غير الاعتيادية ثابت فيه حصول هذا الاندماج وأيلولة "أصول شركة تضامن سباهى إخوان إلى الشركة المساهمة الجديدة وأخذت هذه على عاتقها خصومها قبل الغير". كما أن قرارات الجمعية العمومية تناولت تغيير اسم هذه الشركة باسم شركة سباهى المساهمة لخيوط الغزل والمنسوجات ونقل المركز العام من القاهرة إلى منطقة السيوف بالإسكندرية وزيادة رأس المال بمبلغ 225000 جنيه وهذه الزيادة تعادل رأس مال شركة تضامن سباهى إخوان المندمجة فيها إلى آخر ما جاء بالمحضر المذكور، كما قدمت صورة من عدد الوقائع المصرية رقم 164 الصادر بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1945 يتضمن نشر المرسوم بالترخيص للشركة المساهمة الصناعية لخيوط الغزل والمنسوجات بتغيير هذه التسمية وجعلها "شركة سباهى الصناعية لخيوط الغزل والمنسوجات" ومشار في ديباجة هذا المرسوم إلى مرسوم التأسيس الأول لهذه الشركة "الدامجة" الصادر بتاريخ 31 من مارس سنة 1941 وإلى محضر جلسة الجمعية العمومية للشركة المذكورة بهيئة غير اعتيادية في أول يناير سنة 1945 كما تضمن إعلانا عن نشر موجز محضر الجمعية العمومية لمناسبة هذا الاندماج وتعديل رأس مال الشركة الجديدة، كما قدمت الشركة كذلك مستخرجا رسميا من السجل الدائم يتضمن أن شركة سباهى إخوان التي قيدت في السجل التجاري منذ 11 من أبريل سنة 1935 قد شطب قيدها بمناسبة اندماجها في شركة سباهى الصناعية لخيوط الغزل والمنسوجات منذ أول يناير سنة 1945 - ويبين من هذه الأوراق أنها صريحة وقاطعة في حصول الاندماج الشامل، ويؤيد ذلك أن الإخوة الثلاثة الذين كانوا يكونون شركة تضامن سباهى إخوان مقرون في هذا الطعن بواقعة الاندماج وتمسكوا بها وبآثارها المترتبة عليها ومن ثم تكون واقعة الاندماج ثابتة وأشهرت وفقا للقانون. وأما الاحتجاج بأن هذا الاندماج لا يواجه به المطعون عليهم باعتبارهم دائنين لشركة تضامن سباهى إخوان فمردود بأن هذا القول لم يرد بدفاع المطعون عليهم في مذكراتهم فلا يقبل منهم إبداؤه لأول مرة في مرافعتهم الشفوية وذلك تطبيقا لنص المادة 440 مرافعات - كما أنه لا يصح القول بأن هذا تفصيل لما ورد في المذكرات إذ كل ما جاء بمذكرتهم عن الاندماج "أن للاندماج في القانون التجاري أنواعا شتى ولكل نوع حكم خاص وشروط خاصة يجب أن تتحقق حتى يكون الاندماج صحيحا من الوجهة القانونية" وهو كما يرى قول مجمل لا يكشف عن المقصود منه ولا ينطوي على التحدي بأن هذا الاندماج لا يصح أن يواجه به المطعون عليهم بوصفهم دائنين، ولأن أوجه الدفاع التي يقدمها المطعون عليه يجب أن تكون مبنية على وجه صريح محدّد يكشف بجلاء عن المقصود منه، شأنه في ذلك شأن الطاعن في وجوب بيان أسباب الطعن بيانا نافيا للجهالة، محددا للقصد منه، وعلى ذلك لا ترى المحكمة محلا للبحث في صفة المطعون عليهم في الاعتراض على الاندماج الذي تم - ومتى تقرر ذلك كان مقتضى ما تقدم جميعه ثبوت صفة الشركة المساهمة في تقديم هذا الطعن. ولما كان الطعن المقدم من الإخوة الثلاثة إنما قدم على سبيل الاحتياط، وذلك في حالة عدم قبول الطعن من الشركة المساهمة، وعلى ذلك لا يكون ثمة محل لبحث صفتهم في رفعه ما دامت المحكمة قد انتهت إلى قبول الطلب الأصلي وهو الطعن المقدم من الشركة المساهمة، ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع.

عن الدفع بعدم قبول الطعن لقبول الطاعنين الحكم:
من حيث إن هذا الدفع يتحصل فيما قاله المطعون عليه أنهم قد أوقعوا الحجز في 15/ 5/ 1951 تنفيذا للحكم المطعون فيه وكان ذلك في مواجهة "وجيه البتانونى" أحد مديري الشركة الجديدة دون أن يبدى أمام المحضر اعتراضا ما، فدل بهذا على قبول الحكم قبولا ضمنيا، كما أنه استشكل في تنفيذ الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من إزالة المواسير وإعادة التغطية بمقولة إن الحكم غامض وفى حاجة إلى تفسير من حيث طريقة هذه التغطية بعد الإزالة، أما القضاء بالإزالة ذاتها فلا غموض فيها وقد حرر المحضر المباشر للتنفيذ محضرا بذلك في 31/ 5/ 1951 وقد قضى برفض الإشكال من المحكمة التي أصدرت الحكم. وفى قبول الحكم بالإزالة وإعادة التغطية وقصر الاعتراض على طريقة هذه التغطية ليدل على الرضاء بالحكم المطعون فيه مما يمتنع معه قبول الطعن فيه.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن الرضا الذي يمتنع معه الطعن على الحكم، يجب أن يكون صريحا واضحا، وأن تكون دلالته قطعية، ولا يفترض كنتيجة للخضوع للتنفيذ الجبري، لأن الأحكام الانتهائية واجبة التنفيذ بحكم القانون. كما أن اعتراض ممثل الطاعنين على ما رآه هو من شبهة التعارض بين أجزاء الحكم الواحد كما حصل عند تنفيذ الحكم بالإزالة والتغطية لا يدل على الرضاء بالحكم بل على العكس يفيد قيام الاعتراض عليه ويؤيد ما استتبع ذلك من رفع إشكال إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بطلب وقف التنفيذ ورفع نقض عن الحكم متضمنا طلب وقف تنفيذه مؤقتا. حتى يفصل في الطعن. ومفاد هذا كله الاعتراض على الحكم مما يتعين معه رفض هذا الدفع.

ومن حيث إن الطعن المقدم من شركة سباهى المساهمة قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل أولها - في وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، وقد اعتمد الطاعنون في تأكيده على المواد 294 و297 و299 من قانون المرافعات الجديد التي تناولت موضوع "انقطاع الخصومة" وهى توجب متى وقع هذا الانقطاع، وقف جميع الإجراءات التي كانت جارية في حق الخصوم وبطلان الإجراءات التي تحصل أثناء هذا الانقطاع، وأن الانقطاع كما يقع بوفاة الشخص الطبيعي يتحقق كذلك بفناء الشخص الاعتباري، وشركة تضامن سباهى إخوان التي كانت مختصمة في الدعوى قد اندمجت أثناء سير الخصومة - منذ أول يناير سنة 1954 في الشركة المساهمة الصناعية لخيوط الغزل والمنسوجات، وبهذا الاندماج انقطعت الخصومة وكان باطلا كل ما تم فيها من إجراءات بعد ذلك التاريخ بما في ذلك الحكم المطعون فيه وأن حكم الانقطاع في الخصومة يترتب عليه البطلان من تلقاء نفسه متى تحقق سببه ولو لم يطلبه أحد ودون أن تقضى به المحكمة، وليس ثمة في القانون ما يوجب - لوقوع هذا البطلان - أن يكون الطرف الآخر على بينة من وقوع سببه أن يكون قد أعلن به، لأنه يقع بقوة القانون كأثر حتمى للانقطاع، وعلته أن الخصومة قد فقدت ركنا من أركانها بوفاة أحد أطرافها وأنه يلزم لكى تتصل الخصومة من جديد أن يدخل خلفاء المتوفى طبيعة أو حكما ليكونوا طرفا في الدعوى وإلى أن يتم هذا الإدخال تبقى الخصومة منقطعة بحيث إذا تم خلال فترة هذا الانقطاع أي إجراء ما فإنه يقع باطلا بحكم القانون والشركة المساهمة الجديدة "الطاعنة" ظلت بعيدة عن الخصومة وإجراءاتها حتى صدر الحكم المطعون فيه فكان من حقها أن تتولى الطعن على الحكم الصادر في غيبتها وأن تتمسك بهذا البطلان وأثره الحتمي في القانون، وهو ما يعتبر من الأسباب القانونية الصرف التي يجوز إبداؤها والتمسك بها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. ومتى صح ذلك كان الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان يستوجب نقضه.
ومن حيث إن انقطاع الخصومة حالة يقررها القانون لمصلحة الخصم الذي لم يمثل في الدعوى، فلا تتحقق إلا حيث يكون الخصم غير ممثل في الخصومة بنفسه أو بمن ارتضى نيابته عنه، وأنه يصح لمن شرع لمصلحته النزول عن التمسك بآثاره. ولما كان الثابت من الأوراق حصول اندماج شركة تضامن "سباهى إخوان" في الشركة المساهمة منذ أول يناير سنة 1945، وكان هذا الاندماج كليا على ما سبق بيانه، وكان بمقتضى اتفاق تم بين الشركتين المذكورتين، وأن إجراءات الدعوى كانت قائمة قبل حصول الاندماج بين شركة تضامن "سباهى إخوان" المندمجة وبين المطعون عليهم رغم انقضاء شركة تضامن "سباهى إخوان" بالاندماج وظلت الإجراءات تسير باسم الشركة المندمجة حتى قضت محكمة أول درجة بحكمين تمهيديين في 27/ 3/ 1945، 13/ 6/ 1946 بندب خبيرين لمعاينة المصرف والمواسير التي وضعت فيه وقدرت لهما أمانة لأداء هذه المأمورية وكلفت شركة "سباهى إخوان" المندمجة بدفعها، فدفعت ثم رفع بعد ذلك استئناف باسم شركة سباهى إخوان عن الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى بتاريخ 27/ 4/ 1947 وتولاه محام آخر غير المحامي المترافع عنها أمام محكمة أول درجة وثبتت وكالته عنها - على ما أثبته الحكم المطعون فيه - كل هذه الإجراءات اقتضت مصروفات دفعت في حينها مع ثبوت انقضاء شركة تضامن "سباهى إخوان" مما يقطع بأن الشركة المساهمة الدامجة هي التي قامت بدفع هذه الأكلاف في حينها، كما أنه عند تنفيذ الحكمين التمهيديين المشار إليهما حضر أمام الخبيرين من ينوب عن شركة "سباهى إخوان" المندمجة وأبدى دفاعها أمامهما، كما أن الشركة المساهمة هي التي مثلت أمام المحضر المباشر للتنفيذ عند توقيع الحجز التنفيذي بتاريخ 15/ 5/ 1951 ولم تعترض بأنها لم تكن ممثلة في الحكم المطعون فيه والمطلوب الحجز بموجبه، وأنها هي التي استشكلت في تنفيذ الحكم المذكور بالإزالة وإعادة التغطية وكان أساس استشكالها أن الحكم غامض وفى حاجة إلى تفسير لا على أساس أنها لم تكن ممثلة في الحكم المذكور - وكل هذه الإجراءات التي اتخذت في تواريخ تالية للاندماج الكلى الذي انفضت به شركة تضامن "سباهى إخوان" تقطع بأن الذي اتخذها فعلا إنما هى الشركة الدامجة أي شركة سباهى الصناعية المساهمة، فليس يقبل بعد هذا كله أن تتنكر الشركة الطاعنة لهذه الإجراءات التي اتخذتها هي باسم الشركة المندمجة "سباهى إخوان" وتتجاهل الوقائع السابق الإشارة إليها والتي تفيد أنها هي التي سيرت الإجراءات على هذا الوجه وارتضتها، مما لا يبيح لها قانونا أن تزعم أن الخصومة قد انقطعت فور هذا الاندماج. يضاف إلى ذلك أن هذا السبب من النعي يتناقض مع رفع الطعن من الشركة المساهمة بوصفها طرفا في الحكم المطعون فيه على اعتبار أنها خلف لشركه تضامن "سباهى إخوان" إذ تقدمها بالطعن على هذا الاعتبار يفيد أنها كانت ممثلة في الدعوى أمام محكمة الاستئناف. أما والظاهر من وقائع الدعوى أن انقطاع الخصومة المدعى به يرجع إلى ما قبل صدور الحكم الابتدائي وقبل رفع الاستئناف من شركة "سباهى إخوان" الذي لو لم يكن في اعتبارها صحيحا وصادرا ممن يمثلها لوجب ألا يعتد به قبلها وعلى ذلك لا يصح اعتبارها طرفا في الحكم أمام محكمة الاستئناف ولكن طعنها على الحكم بطريق النقض غير مقبول - ومتى وضح ذلك وكانت الخصومة لم تنقطع على ما سلف بيانه، يكون النعي بالبطلان في خصوص هذا السبب على غير أساس صحيح من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن تنفيذ حكم المخالفة رقم 1578 سنة 1941 مركزية الرمل بوضع المواسير في المصرف إنما تم بمعرفة البوليس وبإشراف المهندس عبد الرحمن عرفي منتدبا لذلك من النيابة وقد ثبت بالمحضر المؤرخ 5/ 7/ 1941 الذي حرره مأمور قسم الرمل في خصوص هذا التنفيذ "أن عبد الرحمن عرفي كان يشرف على التنفيذ يوميا صباحا ومساء وكان يشرف على النظام ضابط المباحث على أفندي عبد العزيز وقد تم العمل دون أن يتعرض أحد" وهذا الواقع الثابت قد مسخه الحكم المطعون فيه إذ قرر في أسبابه "أما كون التنفيذ ووضع المواسير بالمصرف كان بأمر النيابة وبإشراف المهندس "عرفي" الذي ندبته النيابة لذلك فإن التنفيذ الفعلي بوضع المواسير كان بمعرفة الشركة التي لا يخليها من المسئولية وجود شخص يشرف على العمل فلها هي أن تحاسبه على خطئه وتقصيره باعتباره الفني المنتدب من جانبها" وظاهر أن الحكم المطعون فيه قد مسخ هذا الثابت بقوله "إن التنفيذ الفعلي ووضع المواسير كان بمعرفة الشركة مع أن هذا الثابت ينطق بأن التنفيذ كان بمعرفة رجال الإدارة وبأمر من النيابة كما أن المسخ تناول ما ثبت في الأوراق من أن عبد الرحمن عرفي كان في هذا التنفيذ منتدبا من النيابة. إذ قال الحكم في خصوصه: "إن عرفي كان منتدبا من جانب الشركة". وكان لهذا المسخ والتحريف أثره في الحكم، لأن تحديد من الذي وضع المواسير هو بذاته الفعل المادي المكون لركن الخطأ، وحتى مع افتراض أن هناك مسئولية عن هذا الخطأ فهي إنما تقع على عاتق المهندس "عرفي". كما تتناول الجهة التي ندبته ومتى كان هذا مبلغ أهمية هاتين الواقعتين، كان مسخهما وتحريفهما وإيرادهما في الحكم على غير وجههما الصحيح أمرا يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود: بأنه فضلا عن أنه ليس في الأوراق ما يقطع بأن رجال الإدارة هم الذين باشروا إجراء تنفيذ حكم المخالفة بوضع المواسير وعمل التغطية المطلوبة، فإن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمساءلة الشركة على أساس إخلالها بالتعاقد وعدم رعاية حق ارتفاق الصرف الذي التزمت به في عقد شرائها وأكدت احترامه بتعهداتها المتتالية في تحقيقات البوليس والنيابة التي أجريت في هذا الشأن دون اعتبار لمن قام بهذا التنفيذ أو أمر به، إذ يقول الحكم "وكان في استطاعتها (الشركة) تنفيذ هذه الشروط الصحية قبل تحرير محضر المخالفة ولكنها لم تفعل عامدة حتى صدر حكم المخالفة حضوريا ثم استعانت بالنيابة لتنفيذه فنفذته بإشراف (عرفي) لتطمئن النيابة أنه لا يترتب عليه ضرر بالمنتفعين" ثم يقول الحكم بعد ذلك "ولا يجدى الشركة في إخلاء مسئوليتها أن محضر المخالفة حرر بمعرفة مفتش الصحة ولا أن تنفيذه كان بأمر النيابة لأن الظروف تنادى بأن مفتش الصحة كان يقوم بواجبه في حدود القانون وليس له شأن إن كان يترتب على إجراء هذا العمل ضرر بحقوق الآخرين، بل هذا شأن المسئول وهو الشركة". ويبين من هذا الذي أورده الحكم أن انتداب عبد الرحمن عرفى من النيابة للإشراف على التنفيذ لم يكن في رأى المحكمة ليدرأ عن الشركة مسئولية الإخلال بتنفيذ التزاماتها على ما يوجبه عليها تعاقدها، ذلك لأنه بمقتضى التزاماتها التعاقدية التي تتضمن وجوب احترام حق الصرف وعدم الإضرار بحق المنتفعين به، فلا أهمية لانتداب عبد الرحمن عرفي من النيابة أو إشرافه على التنفيذ ما دام أن هذا لا يسقط الالتزام العالق بذمة الشركة. ومتى تقرر ذلك فلا يضير الحكم وهو بصدد تحديد مسئولية الشركة عن إخلالها بالتزامها التعاقدي وتعهداتها اللاحقة - تزيده بقوله "إن عرفي كان منتدبا من جانب الشركة" أو "أن لها أن تحاسبه عن خطئه وتقصيره باعتباره الفني المنتدب من جانبها" ما دام ذلك لم يكن له أثر في أساس الحكم الذي أقيم عليه ولا في النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يكون النعي بالمسخ أو التحريف غير منتج مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد حمل الشركة المسئولية الناشئة عن تغطية المصرف لأنها أضرت بالمطعون عليهم دون أن يقع من الطاعنين خطأ يستوجب ذلك قانونا، فإذا كانت هذه المسئولية التي ترتبت على تغطية المصرف راجعة في نظر الحكم إلى العيب الفني الذي لابس وضع المواسير فإنه يكفى لإعفائهم من المسئولية أنهم نزلوا في هذه التغطية عند رأى رجل الفن الذي ندبته النيابة وقد عاين هذه المواسير وقدّر كفايتها وصلاحيتها للمهمة التي أعدت لها وكانت الشركة بهذا ملتزمة مسلك الرجل العاقل المتبصر اليقظ. وشرط الخطأ الموجب للمسئولية أن يكون فاعله قد جانب الحيطة في تصرفه وقصر عن عناية الرجل اليقظ، وهذا هو معيار الخطأ الواجب الاعتبار في تقرير المسئولية بنوعيها، تعاقدية كانت أو تقصيرية وإن كانت الثانية تتطلب يقظة أكثر من الأولى التي تكفى فيها عناية الرجل العادي. ولم يقل أحد إن الطاعنة لم تنفذ تعليمات النيابة - التي أشار بها رجلها الفني الذي ندبته تنفيذا صحيحا. وما دامت الشركة لم تقصر ولم تخطئ فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبرها مسئولة عن الضرر المزعوم الذي يدعيه خصومها مما يتعين معه نقض الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ عرض لتحديد مسئولية شركة سباهى عما لحق أرض المطعون عليهم من ضرر بسبب وضع المواسير وأعمال التغطية رأى استظهار أساس حق المطعون عليهم في ذلك فأورد ما يلى: "بما أنه لا نزاع بين الطرفين "المستأنف عليهم وشركة سباهى" في أن أرض المصرف مشترى شركة سباهى من شركة الأراضي ضمن مشتراها من إيلى شماع محملة بحق ارتفاق لصالح المستأنف عليهم، والثابت من الاطلاع على صورة العقد المؤرخ في 26/ 8/1893 الصادر على سليمان وأولاده أحمد أبو سليمان وآخرين إلى باغوص باشا نوبار بأن للبائعين المذكورين الحق بأن يصرفوا في مصرف الملك الكائن قبلي "الـ 891 جهة المحمودية التي اشتراها من شركة أبو قير" - مياه صرف الأطيان ملك البائعين بموجب المستندات المبينة ومياه مساحة 54 فدانا مجاورة للأطيان المذكورة نظير مبلغ متفق عليه قدره 550 جنيها. ثم ذكر في هذا البند من العقد كيفية حصول الصرف وطريقته...".
وبما أن الثابت من صورة العقد المؤرخ في 9/ 5/ 1938 الصادر من إيلى شماع إلى شركة سباهى أنه جاء فيه ما يأتي: القطعة المبيعة بها حق مرور مياه الترعة والمصرف الموجود الآن من الجهة القبلية ومياه الترعة مارة في باقي الملك أما مياه المصرف فتصرف مع مياه الشركة البائعة، والمصرف والترعة المذكوران داخلة في المساحة المبيعة ويكون لشركة سباهى دائما الحق في أن تبدل الجزء من الترعة أو المصرف بمواسير بناء على مثال وحجم المواسير المركبة من شركة مياه إسكندرية المالكة المجاورة..." ثم أورد الحكم ضمن أسبابه ما قام بين الطرفين من خلاف بسبب رغبة الشركة "الطاعنة" في وضع مواسير في المصرف ومعارضة المنتفعين لما قد يلحقهم من ضرر وما انتهت اليه هذه المنازعات بقوله "وبما أنه فيما يختص بشركة سباهى فإنه يتضح من الاطلاع على الأوراق أنه عقب مشترى شركة سباهى قطعة الأرض المجاورة لهذا المصرف من الخواجة ايلى شماع وأقامت عليها مصنعها - من ذلك الوقت قامت بينها وبين المنتفعين بالمصرف عدة منازعات ومن ذلك: 1 - أنه ثابت من الاطلاع على صورة الشكوى الإدارية 683 سنة 1938 رمل أن نزاعا قام بين الخواجة إيلى شماع الذي تلقت عنه شركة سباهى الملكية والذى كان يرغب وضع برابخ في المصرف وبين الملاك الذين يصرفون مياه أراضيهم في المصرف وهم فريق من المستأنف عليهم وبعد أن فحص النزاع بمعرفة البوليس أولا والنيابة ثانيا - تعهد الخواجة إيلى شماع باحترام حق الارتفاق الثابت لأصحابه كما تعهد بعدم القيام بأى عمل من شأنه منع الصرف أو التقليل منه. كما أبدى مع مدير شركة سباهى تعهده لأصحاب حق الارتفاق بأنهم في حالة عمل أى شئ بالمصرف فيكون ذلك بطريقة فنية تضمن سير المياه وأنهم سيقومون بتطهير هذه الأجزاء على حسابهم الخاص." 2 - "وثابت من صورة الشكوى رقم 866 سنة 1940 رمل أن النزاع تجدد بين المنتفعين من جانب وبين مدير شركة سباهى الذي يصمم على وضع برابخ ويقول المنتفعون إنه يترتب على ذلك ضرر بحقهم في المصرف..." 3 - "ثابت من إعلان البلدية إلى مدير مصنع سباهى المؤرخ 9/ 3/ 1941 أن البلدية تطلب من مدير مصنع سباهى استبدال مجرى المصرف في الجزء الواقع في الحوش ببرابخ لا يقل قطر كل منها عن متر وأن تعمل ممرات تفتيش كافية لتطهيرها عند اللزوم بحيث لا تعوق تصريف المياه في المصرف." 4 - "وثابت من الاطلاع على الحكم الصادر بتاريخ 12/ 4/ 1941 في المخالفة رقم 1578 سنة 1941 الرمل أن الحكم صدر حضوريا بتغريم طاهر نور سباهى 25 قرشا وإلزامه بإتمام الإجراءات الصحية في ظرف شهرين من تاريخ الحكم وإلا قامت الإدارة الصحية به على نفقته. وفى 24/ 5/ 941 قدم وكيل طاهر سباهى إلى النيابة عريضة بطلب تنفيذ الحكم جاء فيها أن موكلي قد جهز البرابخ ولما أراد القيام بالعمل تعرض له أفراد عزبة أبو سليمان ومنعوه من القيام بتنفيذ ما حكم به عليه." كما قال: "وحيث إن عدم تنفيذ الإجراءات يترتب عليه ضرر بموكلي، وثابت من التحقيقات التي تمت في هذه العريضة أن شركة سباهى حاولت جهدها وضع المواسير على المصرف بينما كان المنتفعون يعارضونها وقد كلفت النيابة عبد الرحمن عرفى باتخاذ اللازم لوضع المواسير بحيث لا يترتب على ذلك ضرر بالمنتفعين، كتاب النيابة المؤرخ 18/ 6/ 1941 إلى مأمور قسم الرمل، وبما أنه يؤخذ من هذه الظروف كلها أن شركة سباهى كانت تعمل جاهدة على وضع البرابخ على المصرف لمنع توالد الناموس بينما كان المنتفعون من جانب آخر يعارضون في أن تقوم الشركة بأي عمل إلا إذا كان لا يترتب عليه ضرر بحقوقهم في صرف أراضيهم وكان النزاع يتجدد بين وقت وآخر ويتبين من الاطلاع على الشكويين السابق ذكرهما أن المنتفعين كانوا يعارضون بالقوة ما تقوم به الشركة من أعمال إلا إذا تحققوا أنه لا يترتب على هذه الأعمال ضرر ما بحقوقهم الثابتة ويبدو أيضا أن الشركة وقد أعيتها الحيل في التمكن من تنفيذ غرضها هذا شكت أمرها لتفتيش صحة الرمل وهو بحكم مركزه يهيمن على تنفيذ القوانين والأوامر الصحية وعرضت عليه حالة المصرف وما يتولد فيه من ناموس يضر بصحة العمال فأعلنها بالشروط وكان في استطاعتها تنفيذ هذه الشروط قبل تحرير محضر المخالفة ولكنها لم تفعل عامدة حتى صدر الحكم في المخالفة حضوريا ثم استعانت بالنيابة لتنفيذه فتنفذ بإشراف عبد الرحمن عرفي مدير المجاري بالبلدية لتطمئن النيابة أنه لا يترتب عليه ضرر بالمنتفعين... وبما أن الثابت من مذكرة البلدية أن تحرير محضر المخالفة إنما جاء بناء على شكوى شركة سباهى من توالد الناموس في المياه الراكدة في المصرف ومضايقتها للعمال أثناء اشتغالهم ليلا وهو وإن لم ينكره الدفاع عن الشركة فإن الظروف السابقة تؤيده... وبما أنه ثبت من تقرير الخبير عرفي ومن العريضة المقدمة من وكيل شركة سباهى بطلب تنفيذ الحكم أن المواسير التي كانت مجهزة من الشركة من قبل وهي بقطر متر واحد فلم تعمل هذه المواسير بعد أن أثبت رئيس النيابة الذي أمر بالتنفيذ أنه قد أخذ رأى أحد من المختصين في إعدادها بالكيفية المذكورة مما يدل على أن النية كانت مبيتة من الشركة من قبل إعدادها على ألا تتجاوز هذا الاتساع وجاراها عبد الرحمن عرفي في كفايتها وهي بالسعة المذكورة والتي ترتب عليها الضرر الذي لحق بأرض المنتفعين، ولا يجدى الشركة في إخلاء مسئوليتها أن محضر المخالفة حرر بمعرفة مفتش الصحة، ولا أن التنفيذ كان بأمر النيابة... بل هذا شأن المسئول وهو الشركة، على أن إعلان الاشتراطات المقدمة من البلدية تبين منه أن ليس فيه ما يلزم الشركة بأن يكون قطر الماسورة مترا واحدا بل جاء فيه أن البرابخ لا يقل قطر كل منها عن متر، فإذا كانت بقطر متر وترتب على ذلك ضرر فمن واجب المسئول عن حقوق الارتفاق مراعاة ذلك لأن هذا لا يتعارض مع ما جاء في إعلان اشتراطات البلدية ولا مع الحكم الصادر في المخالفة، أما كون التنفيذ تم بأمر النيابة أو بإشراف الشخص الذي ندبته فلا يغير ذلك من مسئولية الشركة، ولو أن مدير الشركة أراد أن يلقى مسئولية التنفيذ على النيابة لطلب منها أن تعين خبيرا يضع لها وصف المواسير التي يجب أن تقوم بوضعها منعا للضرر عن المنتفعين، كما يؤيد ذلك الاطلاع على الشكويين السابقتين الثابت فيهما أن الشركة كانت تريد أن تضع مواسير بقطر متر واحد وكان المنتفعون يعارضونها لعدم كفاية ذلك لحاجتهم في صرف مياه أراضيهم. وبما أنه لذلك تكون مسئولية شركة سباهى قائمة بما لا يدع مجالا للشك فيها..." ثم عرض الحكم لبيان الضرر الذي أصاب أرض المطعون عليهم وصلته بالخطأ الناشئ عن وضع المواسير بالصورة المعيبة التي أثبتها الخبراء في تقاريرهم وما أجرته مصلحة الري من أبحاث بشأنها لمناسبة شكوى المطعون عليهم إليها من وضع المواسير المذكورة بقوله: "بما أن الثابت من تقرير الخبير على فتحي الذي انتدبته محكمة أول درجة أنه يتضح مما تبين بالفقرة 11 أن المواسير التي وضعت في المصرف بمعرفة شركة سباهى قد أحدثت تغييرا محسوسا في حالة المصرف برفع منسوبه بمقدار 26 سنتيمترا على الأقل في الدور العالي وهناك احتمال أن هذا الرفع كان أكثر في السنين الثلاث التي تلت وضع المواسير أي قبل أن تقوم مصلحة الري بتقوية جسور ترعة المنتزه، إلى أن قال فمن الثابت أن هناك خطأ فنيا في وضع المواسير بالكيفية التي وضعت بها، إذ كان من الميسور تغطية المصرف بحيث لا يزيد السقوط في الجزء المغطى منه عما يحصل في مجرى مكشوف ومن جهة أخرى فإن وضع مواسير بقطر متر واحد وبطول 280 مترا يجعل تنظيفها من الرواسب عملية شاقة وخطره إن لم تكن مستحيلة أما من حيث الضرر فمما لا شك فيه أن رفع المياه بالمصرف بمقدار 26 سنتيمترا وربما بأكثر من ذلك يحدث أثرا سيئا في الأرض المنتفعة وخصوصا الأجزاء الواطئة منها التي أصبح منسوب المياه بالمصرف بمساواتها تقريبا أى أنه أصبح من غير الممكن صرفها ولا نزاع أن كل تلف حدث بالأراضي المنتفعة أثبته الخبير الزراعي وكان حصوله بعد وضع المواسير يسأل عنه من قاموا بوضع تلك المواسير دون سواهم حتى لو كانت الحجوزات الأخرى على المصرف قد سهلت حدوث ذلك الضرر إذ أن تلك الحجوزات كانت موجودة أصلا ولم يترتب على وجودها في حدا ذاتها شيء من الضرر المثبوت. "ثم انتهى الحكم إلى القول: "وبما أنه يتضح أن الطريقة التي اتبعت في تغطية المصرف طريقة خاطئة ترتب عليها ضرر بأصحاب حق الارتفاق في المصرف ويكون المتسبب في هذا الخطأ مسئولا عن تعويضهم عنه..." ثم عرض الحكم أيضا لما جاء بتقرير الخبير عبد الفتاح رمضان والمقدم صورته بملف الطعن في صدد بيان تأثير المواسير الموضوعة في صرف المياه وما أثبته هذا الخبير نقلا عن أوراق هندسة الري في هذا الخصوص بقوله: "إن النتيجة الظاهرة للبيانات السابقة التي تؤيدها الحقيقة الموجودة من ارتفاع المياه بالمصرف الرئيسي وبالتالي ارتفاق المياه بالمصارف الفرعية ما يلى ( أ ) الماسورة التي وضعتها شركة سباهى أعلى من قاع المصرف مع أن الأصول الفنية كانت تقضى بوضعها منخفضة ونتج عن ذلك ارتفاع حجز المياه. (ب) يدل اختلاف حجز المياه داخل البكابورت على أن البرابخ غير موضوعة وضعا منتظما وهذا الوضع يزيد حجز المياه (ج) حجز المياه داخل البكابورت يدل دلالة قاطعة على أن قطر المواسير غير كاف لتمرير مياه الصرف (د) وجود طين داخل البرابخ نتيجة رسوب الطمي العالق بمياه الصرف وهذا يحدث باستمرار ولا يمكن إزالته لأن الماسورة قطرها متر وليس هناك فراغ بين سطح الماء وبين أول الماسورة حتى يمكن تحرك العامل بداخلها ووجود الطين وتراكمه باستمرار يقلل القطاع ويزيد التراكم المائي فترتفع المياه في المصرف..." ثم أثبت الحكم ما تناوله الخبراء من تقدير الضرر الذي لحق بأطيان المطعون عليهم وانتهى بتحديد مسئولية شركة سباهى عنه دون غيرها من الخصوم في الدعوى. ويبين من هذا الذي أورده الحكم أن المطعون عليهم إنما أسسوا دعواهم في مساءلة الشركة على حق ارتفاق الصرف المقرر بالعقود والتعهدات اللاحقة التي التزمت الشركة باحترامها، وأن الحكم قد استظهر أن هذه الاتفاقات لم تنفذ، بل أن الشركة عمدت إلى التخلص منها بالالتجاء إلى البلدية لتحرير محضر المخالفة لتصل بذلك إلى الإخلال بتعهداتها وذلك بوضع مواسير أقل سعة مما تعهدت به وما يقتضيه إلزامها من ضمان عدم الإضرار بالمنتفعين وهى ذات المواسير التي كانت قد أعدتها من قبل منذ سنة منذ 1938 ومنعت من وضعها بسبب معارضة المنتفعين، وأن الشركة قد اعترفت بذلك كله في الشكوى رقم 683 سنة 1938 إداري الرمل، وبأن قطر المواسير غير كاف لحاجة الصرف التي تحقق مصلحة المنتفعين وأنها إذا أرادت تغطية المصرف فتعمل على وضع مواسير أوفر سعة وأكبر قطرا وبطريقة فنية تضمن سير المياه على الأقل كسيرها الحالي. وقد أثبت الحكم حصول الضرر فعلا وصلته المباشرة بالخطأ الذي لازم وضع المواسير بسبب ضيق قطرها على ما أثبته الخبراء في تقاريرهم. ولم يقف الحكم عند حد اعتبار تخلف الشركة الطاعنة عن القيام بالتزاماتها في ذاته، خطأ موجبا للمسئولية كما كان يقضى بذلك القانون المدني القديم الذي لا يختلف في هذه الناحية عن القانون المدني في اعتبار مجرد عدم تنفيذ المدين الالتزام خطأ موجبا للمسئولية التي لا يدرؤها عنه إلا إثباته قيام القوة القاهرة أو خطأ الدائن، وإلى هذا كانت تشير العبارة الأخيرة من المادة 119 مدنى قديم. لم يقف الحكم عند هذا الحد بل زاد على ذلك أن تصدى لبيان أخطاء الشركة الطاعنة. كما أثبت الحكم أن عبد الرحمن عرفي الذي انتدب من النيابة للإشراف على التنفيذ، جارى الشركة فيما وأنه من وسائل التنفيذ ونزل على رأيها الخاطئ، في كفاية سعة المواسير التي كانت قد أعدتها الشركة من قبل بحاجة الصرف المقرر للمطعون عليهم مع اتضاح خطأ هذا التقدير على ما أثبته الخبراء الفنيون في تقاريرهم وأيدته هندسة الري في أبحاثها - وعلى ذلك لا يسوغ للشركة الطاعنة بحال أن تتذرع بأنها عند رأى رجل فنى، إذ واضح مما أورده الحكم أنه هو الذي نزل على رأيها أي لم يصدر فيما أبداه عن بحث فنى نزيه. وبذلك تكون مسئولية الشركة واضحة وأركانها مبينة بيانا كافيا، مما يجعل النعي على الحكم بمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه على غير أساس ويتعين لذلك رفض هذا السبب.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع أن محكمة أول درجة قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه حين قضت بإزالة البرابخ التي وضعت تنفيذا للحكم الجنائي، وقد نبه الطاعنون إلى ذلك محكمة الاستئناف لما فيه من إهدار الحجية حكم جنائي، إلا أن محكمة الاستئناف قضت بتعديل الحكم الابتدائي القاضي بإزالة البرابخ وبإعادة تنفيذه على الوجه الصحيح الذي لا يتعارض مع حقوق المطعون عليهم وعلى أن تكون الإعادة على حساب الطاعنين. فهي بهذا أخطأت خطأ محكمة أول درجة في إلغاء تنفيذ حكم جنائي، وهو ما لا نملكه إلا على حساب حجية هذا الحكم والاحترام الواجب له باعتباره ملزما للكافة. وأما خطأ الحكم المطعون فيه فإن حكم الإزالة الابتدائي قد وقف عند حد الإزالة ولم يستأنفه المطعون عليهم وإنما استأنفه الطاعنون، فكان لزاما على محكمة الاستئناف هي إن استقرت على رفض الاستئناف في خصوصه أن تقف عند حد تأييده ولا تزيد. ولكنها زادت فألزمت الطاعنين بشيء جديد، هو إعادة التنفيذ على الوجه الصحيح الذي لا يتعارض مع حقوق المطعون عليهم، وهو فضلا عن اعتباره قضاء بما لم يطلبه الخصوم فإنه يعتبر كذلك قضاء بطلب جديد أمام محكمة الاستئناف وهو غير جائز قانونا، لأن محكمة الاستئناف لا تملك تشديد الحكم على من استأنفه أمامها مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن حجية الحكم الجنائي قاصرة على ما قصد إليه الحكم المذكور في قضائه من إتمام الاشتراطات الصحية المطلوبة دون تعرض لطريقة تنفيذ هذه الاشتراطات أو تحديد حد أقصى لسعة المواسير المراد وضعها. ويبين مما سلف ذكره أن قطر المواسير الذي استلزمته هذه الاشتراطات لا يتعارض مع كفالة ما للمطعون عليهم من حق في الصرف فإذا كان قد ورد بالاشتراطات أن سعة قطر المواسير المطلوبة لا يقل عن متر وثبت أن حق المنتفعين في الصرف لا يتحقق إلا إذا كان قطر المواسير يزيد على المتر فلا يكون فيما قضى به الحكم المطعون فيه من الإزالة وإعادة تنفيذ الحكم الجنائي بما لا يخل بحقوق المنتفعين أي إخلال بحجية الحكم الجنائي - كما أن هذا السبب مردود في وجهه الثاني، بأنه فضلا عن أنه لو صح ما تزعمه الشركة من أن الحكم المطعون فيه قد قضى بما لم يطلبه الخصوم، فإن سبيل ذلك هو الطعن بطريق الالتماس لا بطريق النقض - على أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإعادة التنفيذ على الوجه الصحيح الذي لا يتعارض مع حقوق المنتفعين لم يصدر في قضائه عن تصوّر قانوني خاطئ أي لم بين قضاءه على قاعدة قانونية خاطئة، ذلك لأن الشركة بتقريرها في الاستئناف أن حكم محكمة أول درجة الذي قضى بإزالة البرابخ قد مس قوة الحكم الجنائي وأن تغطية المصرف واجبة، تسلم بهذا القول، بوجوب التغطية وتدعو المحكمة لمراعاتها، فإجابة الحكم لهذا الطلب لا يعد تجاوزا لطلباتها. ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 291 لسنة 21 ق جلسة 6 / 1 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 52 ص 429

جلسة 6 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسي، ومحمد أمين زكي، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.

-----------------------

(52)
القضية رقم 291 سنة 21 القضائية
(أ) اختصاص. دفع.

الدفع بعدم الاختصاص النوعي في ظل قانون المرافعات القديم وجوب إبدائه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال وطلبات ختامية. طلب ضم شكوى قبل إبداء الدفع بعدم الاختصاص. سقوط الحق في الدفع. المادة 134 مرافعات قديم.
(ب) دعوى.

دعوى رفعت على أنها دعوى ملكية للمطالبة بأصل الحق. اعتبار المحكمة لها أنها دعوى وضع يد. خطأ في القانون.

------------------
1 - لما كانت المادة 134 من قانون المرافعات القديم التي كانت تحكم الدعوى تنص على أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب إبداؤه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال وطلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى، وكان المدعى عليه قبل أن يدفع بعدم الاختصاص طلب ضم شكوى وهو طلب تأجيلي متصل بأصل الدعوى، فان الحكم إذ قضى بسقوط حقه في الدفع لا يكون قد خالف القانون.
2 - ليس للمحكمة المطروحة عليها دعوى الملكية والتي فصل فيها من محكمة أول درجة على هذا الأساس أن تفصل فيها على أنها دعوى وضع يد لاختلاف الدعويين اختلافا جوهريا في أركانهما وشروطهما ولما في ذلك من إهدار لحقوق طرفي الخصومة. وإذن فمتى كان المدعى قد أسس دعواه على ثبوت حق الاتفاق الذي خصصه المالك الأصلي البائع لطرفي الخصومة لمصلحة أطيانه، وكان مفهوم هذا التحديد الذي تمسك به أمام المحكمة الاستئنافية وأصر عليه في دفاعه أنه يطالب بملكية هذا الحق، وكان الحكم قد غير أساس الدعوى من تلقاء نفسه وعرض لها على أنها دعوى وضع يد وقضى فيها على هذا الأساس الذي ابتدعه فإنه يكون قد خالف القانون لتجاوز المحكمة سلطتها على الدعوى المطرحة عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 932 سنة 1946 كلى مصر ضد الطاعنين ومصلحة الأملاك الأميرية وقال في صحيفتها المعلنة في 5 و23 من ديسمبر سنة 1945 إنه اشترى من مصلحة الأملاك الأميرية 24 فدانا و9 قراريط و23 سهما بجهة كفر الشيخ وكان لهذه الأطيان مصرف خصوصي يصب بواسطة "سحارة" تمر تحت مسقى مجاورة له في مصرف آخر خصوصي بأرض الطاعنين وينتهى هذا المصرف الأخير إلى مصرف "أبو خشبة العمومي" غير أن رجال مورث الطاعنين قد هدموا تلك السحارة مما اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 2549 سنة 1945 مستعجل مصر طلب فيها ندب خبير لإثبات حالتها وما طرأ عليها من تغيير وبيان سببه وإثبات حالة أرضه وزراعته وتقدير قيمة التعويض وتكاليف إعادة الحالة إلى أصلها وقد ندبت المحكمة خبيرا وقدم تقريرا أثبت فيه سبق وجود "السحارة" كما قدر الضرر الناتج عن هدمها ومقدار تكاليف إعادتها لحالتها الأولى وانتهى المطعون عليه من ذلك إلى طلب الحكم بإعادة السحارة إلى حالتها الأولى مع تعويض قدره 16 جنيها حسبما قدره الخبير، فدفع الطاعنون الدعوى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأنها من دعاوى اليد التي يختص بنظرها القاضي الجزئي وطلبوا في الموضوع رفض الدعوى على أساس أن السحارة موضوع دعوى لم يكن لها وجود من قبل مما يجعل وضع اليد غير قائم وشرط العنف في إزالته غير متوافر كما أن المدة القانونية المقررة لرفع دعوى منع التعرض قد انقضت على فرض التسليم جدلا بوجود هذه السحارة من قبل، وقد رد المطعون عليه على ذلك بأن طلب إعادة السحارة طلب مجهول القيمة والتعويض تبعي وبذا تكون الدعوى من اختصاص المحكمة الكلية هذا إلى أن الحق في الدفع قد سقط لسبق التكلم في الموضوع وذلك بطلب ضم شكوى - وقد ضمت المحكمة الدفع للموضوع وقضت بتاريخ 27/ 1/ 1947 بندب خبير لمعاينة أطيان طرفي الخصوم وبيان الترع والمصارف التي بها مع تقدير عمر هذه المصارف وما كان موجودا منها قبل شراء كل طرف لأطيانه مع بيان طريقة صرف أطيان المطعون عليه قبل أن يشتريها ومدى استمراره وكيف بطل هذا الصرف إن صح ذلك إلى آخر ما جاء بالحكم التمهيدي المشار إليه. وبتاريخ 28/ 3/ 1949 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم الاختصاص وفى الموضوع برفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات - وذكرت في أسباب حكمها بشأن الدفع أنه بنى على تأويل الطاعنين لدعوى المدعى "المطعون عليه" مع أن الدعوى ملك لرافعها يؤسسها ويكيفها على الوجه الذي يراه وما دامت دعوى المطعون عليه لا تخرج عن كونها دعوى بإلزام الخصم بفعل شيء لا دعوى منع تعرض كما يريدها الخصوم فهي من اختصاص المحكمة الكلية، وأما بالنسبة للموضوع فإن المطعون عليه لم يفصح عن الأساس القانوني لإلزام الطاعنين بالإبقاء على السحارة التي يدعيها على فرض وجودها وما دام ليس ثمة أساس لهذا الإلزام من عقد بينه وبين الطاعنين وما دام قد تبين أن المطعون عليه ومصلحة الأملاك لم يقوما بإنشاء هذه السحارة بل الذي أقامها أحد صغار المستأجرين الذي لا يستطيع أن يخلق للأرض ارتفاقا بفعله أو يحملها به ما دامت يده عارضة وأن المدة التي يقول المطعون عليه إنه استعمل فيها السحارة لا تكفى لأن تكسبه ملكية حق الارتفاق عليها... إلى آخر ما جاء بأسباب الحكم. استأنف المطعون عليه هذا الحكم مصرا على طلباته السابق إيرادها بعريضة دعواه الابتدائية وأضاف إليها "أنه ثبت من خريطة فك الزمام في سنة 1939 ومن سجلات وخرائط ومكاتبات مصلحة الأملاك والري وتقريري الخبيرين في الدعوى أن المصارف في أرض المطعون عليه يرجع وجودها إلى ما قبل سنة 1939 ووجود السحارة ثابت من هذه السجلات مما يثبت حق الاتفاق عليها بصرف النظر عن شخص منشئها... وبتاريخ 19/ 5/ 1951 قضت محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 894 سنة 66 ق بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة السحارة إلى الحالة التي كانت عليها وفقا لما جاء بطلبات المطعون عليه وأسست قضاءها في الموضوع على أن الدعوى إعادة وضع يد أساسها وجود حق ارتفاق، وثابت من تقارير الخبراء ومن مكاتبات مصلحة الأملاك والري وخرائط المساحة سنة 1939 أن المطعون عليه كان له وضع يد سابق على السحارة موضوع حق الارتفاق عن نفسه وعن مصلحة الأملاك التي تلقى عنها، ثم أخذت المحكمة في الاستدلال على توافر شروط وضع اليد وتكامل مدته ومن ثم تكون الدعوى بهذا الوصف الذي أسبغته المحكمة عليها مستوفية شروطها وعلى أساس صحيح من القانون. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ فعوا بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى على اعتبار أنها من دعاوى اليد مما يختص بنظره القاضي الجزئي وقد تمسكوا بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف في مذكرتهم الختامية إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن هذا الدفع على اعتبار أن الدعوى حسب تكييف رافعها "المطعون عليها" هي دعوى ملكية ولأنه قرر في رده على هذا الدفع بأن طلب إعادة السحارة إنما هو طلب مجهول القيمة تختص بنظره المحكمة الابتدائية ولأن حق الطاعنين قد سقط في التمسك بهذا الدفع لسبق التكلم في الموضوع بطلب ضم شكوى وقد أقر الحكم المطعون فيه هذا النظر مع أن استئناف الحكم في الموضوع ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة أول الدرجة الثانية ويترتب عليه طرح النزاع عليها مع أسانيده وأدلته وفى كل ما قضت به الأحكام القطعية والأحكام المتعلقة بإجراءات الثبوت ونحوها - فإذا ما رأت محكمة الاستئناف تعديل أساس الدعوى واعتبرتها دعوى إعادة وضع يد بدلا من دعوى ملكية كان عليها أن تعرض للدفع بعدم الاختصاص وتقضى فيه من تلقاء نفسها لأن الاختصاص النوعي في قانون المرافعات الجديد الفاصل في الدعوى أصبح من النظام العام.
ومن حيث إن ما أورده الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه "بأن حق المستأنف عليهم في التمسك بالدفع قد سقط لعدم إبدائه قبل ما عداه لأنهم طلبوا ضم شكوى في أول جلسة وان المستأنف عليهم المذكورين ردوا على هذا في مذكرتهم المقدمة لجلسة 27/ 1/ 1947 في الصحيفة العاشرة منها بقولهم... ولا يشفع للمدعى أننا طلبنا ضم شكوى معينة أثناء تحضير الدعوى لأن هذا التحضير معناه تهيئة الدعوى وجعلها صالحة للمرافعة في جميع نواحيها وطلب ضم شكوى لا يمكن أن يكون طلبا موضوعيا لأن قانون التحضير لم يكن قد خلق بعد عند وضع قانون المرافعات... وهذا الذي يقوله الطاعنون غير صحيح لأن المادة 134 من قانون المرافعات القديم الذي في ظله سارت الدعوى وحكم فيها كانت توجب إبداء الدفع بعدم الاختصاص قبل ما عداه من الدفوع الأخرى وقبل الإدلاء بأى قول أو طلب يتعلق بموضوع الدعوى ولا شك أن طلب ضم شكوى هو طلب يتعلق بالموضوع ومع ذلك فإن المستأنف عليهم المذكورين لم يستأنفوا استئنافا فرعيا للتمسك بدفعهم فلا محل لإعادة النظر فيه...".
ومن حيث إن هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه من تقرير سقوط حق الطاعنين في الدفع بعدم الاختصاص للتراخي في إبدائه وذلك بعد طلب ضم شكوى صحيح في القانون ولا خطأ فيه وفقا لنص المادة 134 من قانون المرافعات القديم التي كانت تحكم الدعوى والتي كان يجري نصها بأن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب إبداؤه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال وطلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى والدفع بطلب ضم شكوى هو دفع تأجيلي متصل بأصل الدعوى وعلى ذلك يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في موضوع النزاع أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى في الدعوى على اعتبار أنها دعوى وضع يد مع أن المطعون عليه لم يستند في طلباته فيها إلى وضع اليد بل على ملكيته لحق الارتفاق الذي أنشأه رب الأسرة وبذا يكون الحكم المطعون فيه قد استبدل من تلقاء نفسه دعوى وضع يد - بدعوى ملكية ويكون قضاؤه فيها على مقتضى هذا الوصف والتكييف غير جائز قانونا باعتباره طلبا جديدا لا يجوز طرحه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فضلا عما من إخلال بحق دفاع الطاعنين الذي تحدد في النطاق الذي رسمه المطعون عليه لدعواه.
ومن حيث إنه يبين من وقائع الدعوى أن المطعون عليه أقام دعواه ابتداء بطلب إعادة السحارة التي تصل المصرف الخصوصي الواقع في أرضه بالمصرف الخصوصي الواقع في أرض جيرانه وهم الطاعنون وقد أراد بدعواه إثبات حق ارتفاق الصرف ولذلك عندما دفع الخصوم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأنها دعوى وضع يد أنكر عليهم ذلك وقرر أن دعواه محلها طلب مجهول القيمة وبعد أن رفضت المحكمة الدفع استعرضت دفاع الخصوم ورأت أن الدعوى وفقا لطلبات المدعى تقوم على المطالبة بملكية حق ارتفاق وقضت فيها بالرفض لأن حق الارتفاق يجب أن يستند إلى التزام قانوني من عقد أو تملك بوضع اليد وهو غير متوافر في الدعوى فلما استأنف المطعون عليه هذا الحكم صرح في صحيفة استئنافه بأن أساس دعواه هو المطالبة بملكية حق الارتفاق مستندا في ثبوت هذا الحق إلى تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة وإلى ما تضمنه عقد تمليكه من احترام كافة حقوق الري والصرف لأطيانه وقد استعرض الحكم المطعون عليه هذا التأسيس الواضح وأورده ضمن أسبابه بقوله "ومن حيث إن المستأنف استأنف هذا الحكم وطلب إلغاءه وإعادة السحارة إلى حالتها... وبنى استئنافه على أسباب منها... أن الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة بعد اطلاعه على سجلات مصلحة الأملاك ومصلحة الري أثبت وجود السحارة بخرائطها ومكاتباتها وهذا يثبت حق الارتفاق للمستأنف ولا أهمية لشخص منشئ للسحارة" ثم استطرد الحكم كذلك "ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الدعوى باعتبارها إعادة وضع يد المستأنف على السحارة لأن له حق ارتفاق عليها وهو صرف المياه فيها... فقد دفع المستأنف عليهم كما سبق ذكره في مذكرتهم المقدمة لجلسة 28 من مارس سنة 1949 لمحكمة أول درجة بأنها واجبة الرفض، أولا: لأن المستأنف لم يكن له وضع يد سابق على حق الارتفاق بالمصرف الذي يزعمه، وثانيا: لأنه لم يرفع دعواه في ميعاد سنة من وقت التعرض المزعوم..." ثم أخذ الحكم المطعون فيه في مناقشة دفاع الطاعنين حتى خلص إلى القول بأنه "من هذا يتضح بجلاء أن المستأنف كان له وضع يد سابق على السحارة موضوع حق الارتفاق عن نفسه وعن مصلحة الأملاك التي تلقى الملك عنها" ثم انتهى الحكم في ختام أسبابه إلى قوله "ومن حيث إنه من كل هذا تكون الدعوى إعادة وضع يد استوفت شرائطها القانونية ويتعين إلغاء الحكم المستأنف وإعادة السحارة إلى ما كانت عليه... الخ" ويتضح من هذا الذي سبق بيانه أن المطعون عليه أسس دعواه على ثبوت حق الارتفاق الذي خصصه المالك الأصلي "مصلحة الأملاك البائعة لأرض طرفي الخصومة" لمصلحة أطيانه وكان مفهوم هذا التحديد الذي تمسك به أمام محكمة الاستئناف وأصر عليه في دفاعه أمامها أنه يطالب بملكية حق ارتفاق الصرف بواسطة السحارة موضع النزاع ولكن الحكم المطعون فيه غير أساس الدعوى من تلقاء نفسه وعرض للدعوى على اعتبار أنها دعوى وضع يد وقضى فيها على هذا الوضع الذي ابتدعه وعلى ذلك يكون الحكم قد خالف القانون لتجاوز المحكمة سلطتها على الدعوى المطروحة عليها إذ ليس للمحكمة المطروحة أمامها دعوى الملكية والتي فصل فيها من محكمة أول درجة على هذا الأساس أن تفصل فيها على أنها دعوى وضع يد وذلك لاختلاف الدعويين اختلافا جوهريا في أركانهما وشروطهما ولما في ذلك من أهدار لحقوق طرفي الخصومة وكان يجب عليها في صورة الدعوى أن تتقيد بما عرضه المدعى "المطعون عليه" من طلبات، ومتى تقرر ذلك تعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في موضوع الدعوى دون حاجة إلى التعرض لبحث باقي أوجه الطعن.