الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 1762 سنة 45 ق جلسة 15 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 13 ص 20


جلسة الخميس 15 نوفمبر سنة 1928
برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة. وحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.
---------------
(13)
القضية رقم 1762 سنة 45 قضائية

نية القتل العمد. 
سلطة محكمة الموضوع. متى تتدخل محكمة النقض؟
(المواد 149 و229 و231 تحقيق جنايات)

----------------
مسألة تعمد القتل هي مسألة موضوعية محضة لم يرد بالقانون تعريف لها. وهى زيادة على ذلك أمر داخلي متعلق بالإرادة لا يشترط فيه أن يستفاد حتما من ظرف معين، بل يرجع أمر توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحده وحريته في تقدير الوقائع. فله أن يستخلصه ويثبت توافره استقلالا وخارجا عن البيانات التي يثبتها في حكمه للأركان المادية الظاهرة. وليس في وسع محكمة النقض أن تتدخل في بحث هذه المسألة إلا في حالة وجود تناقض ظاهر بين بعض الظروف المادية التي يثبتها قاضى الموضوع وبين النتيجة المباشرة التي يستخلصها منها. لأن وجود مثل هذا التناقض الصريح - حتى ولو كان خاصا بالموضوع - من شأنه أن يلحق بالحكم بطلانا جوهريا.

الطعن 2 سنة 46 ق جلسة 22 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 19 ص 37


جلسة الخميس 22 نوفمبر سنة 1928
برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.
--------------
(19)
القضية رقم 2 سنة 46 قضائية (فاطمة عبد الله المهدية ضدّ النيابة العمومية)

(أ) تمغة 
ذهب أو فضة. نقلها إلى معدن آخر. نصب لا تزوير.
(المواد 174 و175 و293 عقوبات)
(ب) لفظ الأختام الوارد بالمادة 175 ع. معناه.

--------------
1 - المادة 174 عقوبات واضحة في أن التقليد أو التزوير يجب أن يكون موضوعه شيئا من الأشياء المبينة فيها ختما كان أو ورقة أو تمغة. أي أن يكون التقليد أو التزوير حاصلا أيهما في ذات الشيء من هذه الأشياء.
2 - لفظ الأختام الوارد في المادة 175 عقوبات ليس معناه أثر الأختام وطابعها بل ذات الآلات التي تختم بها الحكومة أو تتمغ بها.
وعلى ذلك لا تنطبق المادة 174 ولا المادة 175 على من اقتطع قطعة من الذهب عليها تمغة الحكومة وأحكم وضعها ولحامها بمعدن آخر بعد تغطيته بطبقة من الذهب بكيفية غير ظاهرة وباعه أو رهنه على أنه من الذهب الخالص [(1)]. إنما تعتبر هذه الفعلة نصبا داخلا تحت حكم المادة 293 ع.


وقائع الدعوى
اتهمت النيابة العمومية المتهمة المذكورة وآخر حكم ببراءته بأنهما في يوم 27 من شهر يونيه سنة 1927 بدائرة قسم عابدين بمحافظة مصر زوّرا تمغة الحكومة الخاصة بالمصوغات الذهبية بأن نقلاها مما وضعت عليه من المصوغات الحقيقية ووضعاها على مصوغات فضية مغطاة بطبقة سميكة من الذهب. وطلبت من حضرة قاضى الإحالة بمحكمة مصر الأهلية إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالفقرة السابعة من المادة 174 من قانون العقوبات.
فأصدر حضرته قرارا في 15 شهر نوفمبر سنة 1927 بإحالتهما على محكمة جنايات مصر لمحاكمتها بالمادة سالفة الذكر.
وقد أقام داود يعقوب مراد نفسه مدّعيا بحق مدنى أمام محكمة جنايات مصر وطلب الحكم له بتعويض قدره خمسة وعشرون جنيها مصريا ونصف.
وبعد أن سمعت محكمة جنايات مصر الدعوى تفصيلا حكمت حكما حضوريا بتاريخ 5 من شهر أبريل سنة 1928 عملا بالمادة 174 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالسجن ثلاث سنوات وإلزامها بأن تدفع إلى يعقوب مراد المدّعى بالحق المدني مبلغ عشرين جنيها تعويضا ومصاريف الدعوى المدنية وخمسمائة قرش أتعابا للمحاماة لأنها في يوم 27 من شهر يونية سنة 1927 بدائرة قسم عابدين بمحافظة مصر مع علمها بتزوير تمغة المصوغات الذهبية بالكيفية المتقدّم بيانها استعملتها بأن قدّمتها إلى داود يعقوب مراد ورهنتها عنده نظير مبلغ استلمته يفوق قيمتها الحقيقية. فقرّرت المتهمة المذكورة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام في 9 من شهر أبريل سنة 1928 وقدّم حضرة الأستاذ إبراهيم أفندي رياض المحامى عنها تقريرا بأسباب طعنه في يوم 22 منه.


المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قدّم وتلاه تقرير بأسبابه في الميعاد القانوني فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الواقعة الثابتة في الحكم تنحصر في "أن المتهمة قدّمت لداود يعقوب" "مراد ثلاثة أزواج من الغويشات عليها طابع تمغة الحكومة دالا على أنها من" الذهب الذى عياره 21 قيراطا وطلبت منه ارتهانها على مبلغ 12 جنيها و500 مليم" "فأخذها منها رهنا على هذا المبلغ وسلمه إليها وقد ظهر من بعد أن هذه الغويشات" "إنما هي من قضبان من فضة لبس كل منها بغلاف من الذهب ولحم طرفاه" "بقطعة صغيرة من الذهب الخالص من عيار 21 قيراطا عليها طابع تمغة الحكومة" "قطعت أصلا من غويشة من ذهب كانت قد تمغت بهذه التمغة الصحيحة" "وانه فوق هذه الأزواج الثلاثة قد ضبط بمنزل المتهمة ثماني غويشات أخرى" "فيها طابع تمغة الحكومة الحقيقي منقولا بالطريقة المتقدمة على قضبان من فضة" "أيضا مغلفة بالذهب".
وحيث إن المحكمة اعتبرت أن نقل طابع تمغة الحكومة الحقيقي إلى تلك المصوغات التي باطنها من الفضة هو تغيير للحقيقة وان هذا التغيير هو التزوير في تمغات الذهب المعاقب عليه وعلى استعماله بالمادة 174 من قانون العقوبات. وتطبيقا لهذه المادة عاقبت المتهمة بالسجن ثلاث سنوات على اعتبار أنها استعملت هذه التمغة المزوّرة مع علمها بتزويرها.
وحيث إن وجه الطعن يتحصل في أن المادة 174 غير منطبقة على الواقعة كما هي ثابتة في الحكم. إذ التمغة لم يحصل تقليدها ولا تزويرها. كما أن التزوير المشار إليه في هذه المادة لا يكون إلا لما نصت عليه من الأوراق لأن تزوير الأختام غير سهل تصوّره وأن كل ما قد يمكن انطباقه هو المادة 175 أو المادة 293، على أن المادة 175 لم تنص على التمغات بل على الأختام فقط فهي من هذه الوجهة غير منطبقة أيضا.
وحيث إن المادة 174 من قانون العقوبات واضحة في أن التقليد أو التزوير يجب أن يكون موضوعه شيئا من الأشياء المبينة فيها ختما كان أو ورقة أو تمغة أي أن يكون التقليد أو التزوير حاصلا أيهما في ذات الشيء من هذه الأشياء.
وبما أن طابع التمغة في هذه الدعوى هو هو طابع تمغة الحكومة لا تقليد فيه ولا تزوير فالحادثة بعيدة عن أن تنطبق عليها هذه المادة. ويظهر أن سبب الخطأ انتقال نظر فإنه وإن كان الواقع أن في هذه الحادثة تغييرا للحقيقة غير أن هذا التغيير ليس واردا على التمغة حتى يعتبر تزويرا فيها بل هو وارد على الفضة التي طمس جوهرها وغشى بالذهب.
وحيث إن المادة 175 هي أيضا لا تنطبق على الحادثة ولكن عدم انطباقها ليس آتيا من جهة أن التمغات غير واردة فيها بالنص كما يشير إليه الطاعن، إذ لا شك لدى هذه المحكمة في أن تلك المادة إنما استعملت لفظ "أختام" بمدلوله الأعم الذى يشمل التمغات أيضا. بل علة عدم الانطباق أن لفظ الأختام الوارد فيها ليس معناه أثر الأختام وطابعها بل معناه ذات الآلات التي تختم بها الحكومة أو تتمغ بها. يدل ذلك قول المادة "كل من استحصل بغير وجه حق". فإن الاستحصال بغير حق يفيد أن الشيء ليس بحسب أصله في حيازة المستحصل وأن هذا المستحصل ليس من حقه أن يكون الشيء في حيازته بل انه إنما تعمل وسعى للحصول عليه ممن له الحق في حيازته سواء أكان الحصول بسرقة أو نصب أو بطريق آخر غير مشروع. وكل هذه المعاني إنما تصح في آلات الأختام والتمغات دون طوابعها وآثارها. ولو كانت تلك الطوابع والآثار من مدلولات المادة لترتب على ذلك نتيجة غير مقبولة هي أن من يملك شيئا من معدني الذهب والفضة مثلا وعليه طابع تمغة الحكومة فاستعمل هذه التمغة بنقلها لمعدن من عيار أو نوع أقل قيمة فلا عقاب عليه لأنه لم يستحصل من أحد على شيء بدون وجه حق بينما هو يكون عليه العقاب لو استحصل من فرد غيره على هذا الطابع بطريق غير مشروع فاستعمله الاستعمال المتقدم. ومثل هذه النتيجة لا تجوز في التشريع. إذ الغرض الأساسي يكون هو العقاب على الغش. وما دام الغش يكون حاصلا في الصورتين فلا معنى للعقاب في واحدة منهما دون الأخرى. ومجرد ترتب هذه النتيجة كاف للدلالة على صحة ما قدمنا من أن المراد هو آلة الختم أو التمغ. وبما أن ذلك غير حاصل في صورة الدعوى الحالية فالمادة 175 هي كمثل المادة 174 لا تنطبق واحدة منهما على الواقعة الثابتة في الحكم.
وحيث إنه ثابت في الحكم فوق ما أسلفناه من وقائع الحادثة (أوّلا): "أن قطعة الذهب التي عليها تمغة الحكومة قد اقتطعت من أصلها بعناية تامة" "وأنه عند نقلها للغويشات الفضية المغطاة بطبقة الذهب قد أحكم نقلها ولحامها" "بكيفية غير ظاهرة" و(ثانيا) "أن المتهمة عندما حضرت إلى محل داود يعقوب" "كانت تبكى وتولول بدعوى أنه مات لها عزيز فاضطرت لرهن هذه الغويشات" "لتقوم بما يلزم من تجهيز دفنه وأنها كانت مستعجلة في إعطائها المبلغ الذى تطلبه".
وحيث إن هذا الثابت في الحكم يجعل ما وقع من المتهمة نصبا داخلا تحت حكم المادة 293 من قانون العقوبات. فإن المتهمة توصلت بالاحتيال إلى الاستيلاء من داود يعقوب على مبلغ 12 جنيها و500 مليم إذ أوهمته بكون الغويشات التي قدمتها ليرتهنها هي من الذهب الذى من عيار 21 قيراطا مع أن هذه الواقعة مزورة ولا وجود لها بل الموجود هو غويشات من الفضة المكتفة بالذهب وهى تعلم ذلك. وقد جاز عليه إيهامها بما استعملته من الطرق الاحتيالية التي حالت بينه وبين تعرف الحقيقة إذ وضعت أمام نظره طابع تمغة الحكومة الحقيقية على هذه الغويشات التي جعل ظاهرها كله من الذهب واستعجلته في قضاء المبلغ ببكائها وعويلها وظهورها مظهر المفجوع المضطر الذى يصعب عادة تصور أنه من المحتالين.
وحيث إنه لذلك وعملا بالمادة 232 من قانون تحقيق الجنايات يتعين نقض الحكم وتطبيق المادة 293 من قانون العقوبات المذكورة والقضاء بما توجبه من العقاب بدلا من المادة 174 ومن عقوبتها التي طبقتها المحكمة.

فبناءً على هذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم واعتبار الواقعة نصبا معاقبا عليه بالمادة 293 من قانون العقوبات وحبس المتهمة سنة واحدة مع الشغل.

[(1)] صدر في هذا المعنى أيضا حكم المحكمة في القضية رقم 308 سنة 46 ق بجلسة 10 يناير سنة 1929.

الطعن 155 لسنة 34 ق جلسة 15 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 97 ص 488


جلسة 15 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(97)
الطعن رقم 155 لسنة 34 القضائية

(أ) عقوبة. سلاح. ارتباط. جريمة.
عقوبة الغرامة المقررة بالمادة 26/ 4 من القانون 394 لسنة 1954 لجريمة إحراز الذخيرة. طبيعتها: عقابية بحتة. عدم جواز القضاء بها مع عقوبة جريمة إحراز السلاح في حالة تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات.
(ب) نقض. "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون. ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------
1 - عقوبة الغرامة المقررة بالمادة 26/ 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 - لجريمة إحراز الذخيرة - تعد ذات طبيعة عقابية بحتة، فلا يجوز القضاء بها مع عقوبة إحراز السلاح وهي الجريمة الأشد في حالة تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات [(1)].
2 - لمحكمة النقض عملاً بالحق المخول لها بمقتضى المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في ليلة 22/ 5/ 1962 بناحية شنوفة مركز شبين الكوم محافظة المنوفية: 1 - حاز سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش عيار 16" بغير ترخيص حالة كونه قد سبق الحكم عليه في جرائم سرقة واشتباه بعقوبات مقيدة للحرية إحداها بالحبس لمدة سنة 2 - حاز ذخيرة "طلقة" مما تستعمل في السلاح الناري غير المرخص له به سالف الذكر حالة كونه قد سبق الحكم عليه بالعقوبات السالفة. وطلبت عقابه طبقاً للمواد 1/ 1، 6، 7/ ب، جـ، د، و26/ 1 - 2 - 3 و30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرافق. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه خمسة جنيهات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات عملاً بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تبني طعنها على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين دان المطعون ضده بالحبس والغرامة عن جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة على الرغم مما هو مثبت بصحيفة حالته الجنائية من سبق الحكم عليه بعدة عقوبات مقيدة للحرية في سرقات واشتباه وإحداها بالحبس لمدة سنة في الجنحة رقم 1242 سنة 1957 شبين الكوم - مما كان يستتبع إعمال نص الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون رقم 394 سنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 ومعاقبة المطعون ضده بالأشغال الشاقة المؤبدة - وما كان يستطيع الحكم - حتى مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات - أن ينزل بالعقوبة إلى ما دون السجن مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه حاز سلاحاً نارياً وذخيرة بغير ترخيص حالة كونه سبق الحكم عليه في جرائم سرقة واشتباه بعقوبات مقيدة للحرية كانت إحداها بالحبس لمدة سنة. وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 1/ 1 و7/ ب، ج، د و26/ 1، 2، 3 و30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين 546 سنة 1954 و75 سنة 1958 والجدول رقم 2 المرافق - فقضت محكمة جنايات شبين الكوم (دائرة المستشار الفرد) بتاريخ 21/ 11/ 1962 بمعاقبة المتهم (المطعون ضده) بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه خمسة جنيهات والمصادرة وإيقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات تطبيقاً للمواد 1 و6 و7/ ب، جـ، د و26/ 1 - 3 - 4 و30 من القانون المذكور والمواد 17 و32 و55 و56 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق المطعون ضده واستند إلى ما دون في صحيفة حالته الجنائية لإثبات توافر الظرف المشدد في حقه المنصوص عليه في الفقرتين ب، جـ من المادة السابعة من القانون 394 سنة 1954. وخلص الحكم من ذلك إلى وجوب تطبيق مواد الإحالة ومعاقبة المتهم بها - إلا أنه وهو بسبيل توقيع عقوبة واحدة إعمالاً لحكم المادة 32 من قانون العقوبات - نزل بالعقوبة المقررة لتلك الجرائم إلى عقوبة الحبس - تطبيقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات ومن أجل ذلك أشار الحكم في مدوناته إلى أن المحكمة قد فاتها تطبيق المادة السابعة ضمن ما طبقته من مواد العقاب، وطلبت من النيابة العامة أن تتخذ الإجراءات القانونية لتصويب الحكم طبقاً للقانون. ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مما دون بصحيفة حالة المتهم الجنائية من سبق الحكم عليه بخمس عقوبات مقيدة للحرية في سرقات وشروع فيها - إحداها بالحبس سنة مع الشغل بتاريخ 28/ 9/ 1957 في القضية رقم 1242/ 779 سنة 1957 شبين الكوم لسرقة والأخيرة بالحبس مع الشغل ثلاثة شهور بتاريخ 25/ 9/ 1959 في القضية 781/ 921 سنة 1959 لشروع في سرقة. انتهى إلى القول بأنه يتعين مما تقدم بيانه تطبيق المادة 7/ ب، جـ من القانون رقم 394 سنة 1954. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم فيما تقدم يفيد توافر الظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرتين ب وج من المادة السابعة المذكورة في حق المطعون ضده. وكانت المدة القانونية لرد الاعتبار لما تمض ولم يرد إليه اعتباره بحكم القضاء بالنسبة إلى هذه العقوبات لعدم توافر الشروط المنصوص عليها في المادتين 537 و550 من قانون الإجراءات الجنائية الأمر الذي يستوجب تغليظ العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون سالف الذكر، ولا يجوز المساس بالحد الأدنى الذي يمكن أن تنزل إليه هذه العقوبة عند تبديلها عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات وهو السجن. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ نزل عن ذلك الحد الأدنى وقضى بالحبس لمدة ستة شهور تطبيقاً للمادة 17 المذكورة قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك تصحيح هذا الخطأ وإنزال حكم القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وتطبيق الفقرتين ب وجـ من المادة السابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 بالإضافة إلى مواد الاتهام سالفة البيان مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات ومراعاة عدم القضاء بعقوبة الغرامة، وهي العقوبة المقررة بالمادة 26/ 4 من القانون آنف الذكر بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية لجريمة إحراز الذخيرة - وهي الجريمة الأخف - ذلك لأن عقوبة الغرامة تعد في هذه الحالة ذات طبيعة عقابية بحتة فلا يجوز القضاء بها مع عقوبة جريمة إحراز السلاح وهي الجريمة الأشد وذلك عملاً بالحق المخول لهذه المحكمة بالمادة 35 من القانون رقم 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن، وترى المحكمة وهي تقدر العقوبة أن تراعي معنى الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضي به من عقوبتي الحبس والغرامة ومعاقبة المطعون ضده محمد السيد عمر أبو الفضل بالسجن لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المقضي بها.


[(1)] هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 1973 لسنة 28 ق - جلسة 17/ 3/ 1959 س 10 ص 328.

الطعن 518 لسنة 34 ق جلسة 15 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 98 ص 493

جلسة 15 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
-----------------
(98)
الطعن رقم 518 لسنة 34 القضائية
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما يوفره". إثبات. "شهود". شهادة.
الشهادة. طبيعتها: تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه.
مناط التكليف فيها: هو القدرة على أدائها. اقتضاؤها فيمن يؤديها العقل والتمييز. لا يمكن أن تقبل من مجنون أو صبي لا يعقل.
-------------
الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز، إذ أن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها. ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبي لا يعقل أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز - فإذا كان ما أورده الحكم يفيد حداثة سن الطفلة (الشاهدة) واهتزاز إدراكها، وفي الوقت الذي أورى فيه عدم تعويله كثيراً على أقوالها فإنه نوه بأخذه بشهادتها في التحقيقات في خصوص ظروف الحادث والأداة المستعملة فيه ومكانه على الرغم من منازعة الدفاع في قدرتها على التمييز وتمسكه بوجوب دعوتها لمناقشتها في ذلك مما كان يقتضي من المحكمة تحقيق مدى قدرتها على تحمل الشهادة والركون إليها وهو ما يعيبه، ذلك بأنه لا يصح عند الطعن في شاهد بأنه غير مميز الاعتماد على أقواله دون تحقيق هذا الطعن واتضاح عدم صحته. ولا يعصم الحكم ما استطرد إليه من قول بأن اقتصر في التعويل على أقوال هذه الطفلة في نطاق الصورة العامة للحادث إذ أن الواضح من مدونات الحكم انه أخذ في الاعتبار ما أدلت به الشاهدة المذكورة في صدد استعمال الجناة أداة القتل في إطلاق النار على أحد الأشخاص وأن أحد المعتدين كان يجري وهو يحمل بندقية يطلق النار منها - مساندة لما رواه شهود الرؤية - وهذه الشهادة على هذا النحو تعتبر عنصراً من العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى وظاهرت بها رواية شهود الرؤية بل إنها اعتمدت عليها من بين ما اعتمدت في ترجيح نوع الأداة التي استعملت في الحادث وقد كانت موضع مجادلة من الدفاع عن الطاعنين واختلف فيها أهل الفن وذلك على الرغم من أن تلك الشهادة كانت في عقيدة الحكم خالية من الضمانة القانونية التي يصح معها الركون إليها مما لا يمكن معه تعيين نصيبها من التأثير على المحكمة عند تكوين عقيدتها في الدعوى. وإذ ما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فإن فساد استدلال الحكم بتلك الشهادة يعيبه فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 7/ 10/ 1960 بناحية بني حسين مركز أسيوط محافظة أسيوط: أولاً - المتهمان الأول والثاني قتلا عز العرب محمد إبراهيم عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم المصمم على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين "مسدس وبندقية" وترصداه في الطريق الذي أيقنا مروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - المتهم الثاني: أولاً - شرع في قتل سعده عبد الحفيظ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم المصمم على قتلها بأن انتوى قتلها وما أن ظفر بها أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج. ثانياً - أحرز بغير ترخيص سلاحين ناريين أحدهما مششخن "مسدس" والثاني غير مششخن "بندقية خرطوش". ثالثاً - أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً له في إحرازهما أو حيازتهما. رابعاً - سرق البندقية المبينة وصفاً وقيمة لعز العرب محمد إبراهيم حالة كونه يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً. وطلبت إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45، 46، 230، 231، 232، 317/ 6 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 1 - 2 - 4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 و75 سنة 1958 والجدولين الثاني والثالث المرافقين. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعت حميدة جاد أحمد بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بتاريخ 13 مارس سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه - أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز السلاح والذخيرة والسرقة قد انطوى على فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع - ذلك بأنه أسس قضاءه بإدانتهما على أقوال سعدة عبد الحفيظ دردير - وهي طفلة صغيرة غير مميزة لا يجاوز سنها الأربع السنوات وما نقلته والدتها عنها - وذلك على الرغم من منازعة الدفاع عن الطاعنين في قدرتها على التمييز وإصراره على دعوتها استجلاء لمدى إدراكها ووعيها - وقد التفت الحكم عن هذا الطلب بحجة عدم جدواه بقوله إنه مع عدم تعويله كثيراً على شهادتها فإنه اقتصر على الاستشهاد بأقوالها في التحقيقات في نطاق كيفية وقوع الحادث وظروفه دون واقعة تعرفها على الجناة التي لم تدعيها - وهو ما لا يستقيم به الرد على ذلك الدفاع ويصم استدلال الحكم المطعون فيه بالفساد فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه: "أنه في صبيحة يوم 7 من أكتوبر سنة 1960 خرج المجني عليه من منزله يحمل بندقية الخرطوش المرخص له بحملها متوجهاً إلى منزل عمه في قرية بني حسين وكان حتماً عليه أن يسلك طريقاً يعتبر مغرق السبل في ظاهر البلدة التي كانت تحيط بها مياه الفيضان في ذلك الوقت - ونظراً لمقتل ابن شقيق الطاعن الأول منذ خمسة أشهر سابقة، واتهم في مقتله عم المجني عليه فقد أحكم الطاعنان تدبيرهما طيلة هذه المدة للأخذ بثأر قتيلهما ورأياً أن الوسيلة لارتكاب جرمهما في عزم وروية وهدوء هي الجلوس بجوار إحدى المقاهي التي لم تكن قد فتحت أبوابها بعد - انتظاراً لقدوم المجني عليه الذي كان لا بد من مروره من هذا الطريق وبعد قليل أهل المجني عليه عليهما وقابل صديقه مصطفى محمد عبد الهادي ولبث يتحدث معه بعض الوقت ثم انصرف كل منهما لبعض شأنه ولم يكد يخطو كل منهما بعض خطوات حتى سمع الصديق صوت أعيرة نارية متتابعة فاستدار إلى الخلف ورأى كلاً من الطاعنين وهو ممسك بمسدس ويطلق منه أولهما على المجني عليه عدة أعيرة نارية أوقعته على الأرض وسقطت بندقيته إلى جواره فتناولها الطاعن الثاني من جواره وأطلق منها مقذوفين إلى يمين ويسار تسهيلاً لفرارهما وإرهاباً للأهالي وإظهاراً للفرحة بعد أن أفلحا في الأخذ بثأر قتيلهما ولاذا بالفرار - وقد تبين أن هذه المقذوفات التي أطلقت قد أصابت أيضاً فتاة صغيرة في الرابعة من عمرها وهي سعدة عبد الحفيظ دردير رأت الحادث عند وقوعه ولكنها لم تتعرف على أحد من الطاعنين" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الرؤية الثلاثة وشهادة الطفلة سعدة عبد الحفيظ دردير ووالدتها - نقلاً عنها - وباقي شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة والتقارير الطبية الشرعية وما أدلى به مساعد كبير الأطباء الشرعيين بالجلسة - وقد حصل الحكم أقوال الطفلة سعدة في قوله "وقررت سعده عبد الحفيظ دردير في محضر النيابة - وهي طفلة في الرابعة من عمرها أنها كنت تسير بمفردها في الطريق متوجهة إلى منزل جدها حين رأت شخصاً يطلق النار من - مسدس على آخر كان واقعاً على الأرض - كما رأت شخصاً آخر يجري وفى يده بندقية يطلق منها النار وأردفت أنها لم تستطع أن تميز هؤلاء الأشخاص. ولم تستطيع التعرف عليهم وأثبت وكيل النيابة المحقق أنه لم يتمكن من مواصلة سؤالها نظراً لصغر سنها" - ثم عرض إلى ما أثاره الدفاع عن الطاعنين في شأن منازعته في قدرة هذه الشاهدة على التمييز ورد عليه في قوله "وحيث إنه على الرغم من أن المحكمة لا تعول كثيراً على شهادة سعدة عبد الحفيظ دردير ووالدتها إلا فيما تنم عليه من أن الواقعة حصلت فعلاً على النحو الذي ساقه شهود الرؤية إذ أن أقوال هذه الطفلة الصغيرة جاءت صريحة واضحة في أن شخصاً أطلق على آخر مسدسه وأن شخصاً ثانياً حمل بندقيته وأطلق منها أعيرة في الهواء - دالة في أن مكان إصابتها هو نفس المكان الذي حصلت فيه جريمة القتل...." واستطرد الحكم في رده على ما تقدم وعلى ما تمسك به الدفاع من وجوب دعوة هذه الطفلة لتحقيق ما أثاره في شأن عدم قدرتها على التمييز في قوله "وإنما الواقعة التي تستحق الذكر هي أن حدوث إصابة هذه الطفلة في نفس المكان وإدلائها بصورة رغم اهتزازها - لا تتجافى والتصوير الذي ورد على ألسنة شهود الرؤية مصداق لأقوال هؤلاء "الشهود" ومؤيد لرأيهم في غير جدال وفي حدود هذا النطاق الذي تستظهره المحكمة لشهادة هذه الطفلة ووالدتها - يبدو ألا مساغ لمطلب الدفاع من إعادة مناقشتها لأنه لا جدوى من هذه المناقشة بعد أن نفت هذه الطفلة إمكان استعرافها على أحد من المتهمين وبعد إذ بدا أن أقوالها في خصوص التفصيلات لا يمكن أخذها على علاتها إلا في الصورة العامة والتي لا تضيف دليلاً جديداً إلى الاتهام أو تقلل من سداده" - لما كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم فيما تقدم - غير سديد - ذلك بأن الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز إذ أن مناط التكليف فيها هو القدره على أدائها. ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبي لا يعقل أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز - وكان ما أورده الحكم يفيد حداثة سن الطفلة واهتزاز إدراكها، وفي الوقت الذي أورى فيه عدم تعويله كثيراً على أقوالها فإنه نوه بأخذه بشهادتها في التحقيقات في خصوص ظروف الحادث والأداة المستعملة فيه ومكانه على الرغم من منازعة الدفاع في قدرتها على التمييز وتمسكه بوجوب دعوتها لمناقشتها في ذلك مما كان يقتضي من المحكمة تحقيق مدى قدرتها على تحمل الشهادة والركون إليها - وهو ما يعيبه، ذلك بأنه لا يصح عند الطعن في شاهد بأنه غير مميز الاعتماد على أقواله دون تحقيق هذا المطعن واتضاح عدم صحته - ولا يعصم الحكم ما استطرد إليه من قول بأن اقتصر في التعويل على أقوال هذه الطفلة في نطاق الصورة العامة للحادث إذ أن الواضح من مدونات الحكم انه أخذ في الاعتبار ما أدلت به الشاهدة المذكورة في صدد استعمال الجناة أداة القتل (المسدس) في إطلاق النار على أحد الأشخاص وأن أحد المعتدين كان يجري وهو يحمل بندقية يطلق النار منها - مساندة لما رواه شهود الرؤية - وهذه الشهادة على هذا النحو تعتبر عنصراً من العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى وظاهرت بها رواية شهود الرؤية بل إنها اعتمدت عليها من بين ما اعتمدت في ترجيح نوع الأداة التي استعملت في الحادث وقد كانت موضع مجادلة من الدفاع عن الطاعنين واختلف فيها أهل الفن وذلك على الرغم - أن تلك الشهادة كانت في عقيدة الحكم خالية من الضمانة القانونية التي يصح معها الركون إليها مما لا يمكن معه تعيين نصيبها من التأثير على المحكمة عند تكوين عقيدتها في الدعوى. وإذ ما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فإن فساد استدلال الحكم بتلك الشهادة يعيبه فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والاحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 439 لسنة 34 ق جلسة 22 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 100 ص 503


جلسة 22 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ أديب نصر، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------------
(100)
الطعن رقم 439 لسنة 34 القضائية

دعوى جنائية. "تحريكها". تهريب جمركي. جمارك. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة بذلك. هذا الطلب من البيانات الجوهرية. على الحكم أن يتضمنه لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية. إغفاله يترتب عليه البطلان. لا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق، صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص.

---------------
مؤدى نص المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 بشأن أحكام التهريب الجمركي هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة بذلك، وهذا القيد مستمر العمل به بموجب نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 الذي ألغى القانون 623 لسنة 1955. وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم. ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب كتابي من مدير جمرك القاهرة بناء على تفويضه بذلك من مدير عام مصلحة الجمارك فإنه يكون مشوباً بالبطلان مما يتعين نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 28/ 9/ 1960 بدائرة مركز منوف: الأول بصفته صاحب مصنع والثاني مديراً مسئولاً عنه أحرزا دخاناً مخلوطاً مع علمهما بذلك. وطلبت معاقبتهما بالمواد 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 والقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933. ومحكمة منوف الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 16/ 1/ 1963 ببراءة المتهمين مما أسند إليهما. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 2/ 12/ 1963 عملاً بمواد الاتهام بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهمين ألف قرش عن كل كيلو جرام أو جزء منه من الكمية المضبوطة والمصادرة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز دخان مخلوط مع علمهما بذلك - قد شابه البطلان ذلك لأن الدعوى الجنائية رفعت عليهما بناء على طلب كتابي من مصلحة الجمارك ومع ذلك فإن الحكم لم يشر في مدوناته إلى أن الدعوى رفعت بناء على طلب جهة الاختصاص وهو بيان جوهري يترتب على إغفاله البطلان مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن مدير جمرك القاهرة - بموجب تفويض صادر إليه من مدير عام الجمارك - طلب من النيابة العامة بخطاب منه - رفع الدعوى الجنائية ضد محمود أبو عوف الدفراوي لضبط دخان غير مطابق للقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 بمصنعه - وللحكم عليه بمبلغ 18160 ج لمصلحة الجمارك طبقاً لنص المادة 2 من الدكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 المعدل بالقانونين رقمي 72 لسنة 1933 و87 لسنة 1948 ومصادرة الدخان المضبوط - وقد أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد الطاعنين: الأول - بصفته صاحب مصنع. والثاني - مديراً مسئولاً عنه بوصف أنهما أحرزا دخاناً مخلوطاً مع علمهما بذلك وطلبت عقابهما بالمواد 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 والقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 - وقضت محكمة منوف الجزئية ببراءة المتهمين (الطاعنين) مما أسند إليهما - واستأنفت النيابة العامة هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون وقضت محكمة شبين الكوم الابتدائية - منعقدة بهيئة استئنافية - حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهمين ألف قرش عن كل كيلو جرام أو جزء منه من الكمية المضبوطة والمصادرة. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي دين بها الطاعنان من جرائم التهريب الجمركي طبقاً لنص المادة 2 من الدكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1948 وكانت المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 الخاص بأحكام التهريب الجمركي - الساري على واقعة الدعوى - تنص على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات في جريمة التهريب إلا بناء على طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة لذلك..." (وهذا القيد مستمر العمل به بموجب نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 الذي ألغى القانون رقم 623 لسنة 1955 المذكور). وكان مؤدى هذا النص هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة بذلك. وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم. ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب كتابي من مدير جمرك القاهرة بناء على تفويضه بذلك من مدير عام مصلحة الجمارك فإنه يكون مشوباً بالبطلان مما يتعين نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 515 لسنة 34 ق جلسة 30 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 107 ص 542


جلسة 30 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(107)
الطعن رقم 515 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحديد الأشخاص للمسافات. أمر تقديري. ليس من شأن الاختلاف فيه إهدار شهادة الشهود. الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. مثال.
(ب) جريمة. "أركانها".
سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة.

--------------
1 - إن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري، وليس من شأن الاختلاف في ذلك إهدار شهادة الشهود، إنما الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره شاهدا الرؤية واستخلصت الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن اختلاف تقدير الشاهدين لمسافة الإطلاق ينحل إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 19/ 8/ 1961 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: أولاً - المتهم الأول قتل عبد الرؤوف السيد درديري عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - المتهم الثاني شرع في قتل أمين محمد إبراهيم خليل عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثالثاً - المتهمان الأول والثاني: أ - أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين بندقيتين (رش) ب - أحرزا ذخائر مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما بإحرازهما أو حيازتهما. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26 و1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً بتاريخ 13 مارس سنة 1962 عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات عن التهمة الأولى المنسوبة إلى الطاعن الأول والمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات عن التهمة ذاتها المنسوبة إلى المتهم الثاني وبمواد قانون السلاح بالنسبة إلى تهمتي إحراز السلاح والذخيرة المنسوبة إلى كل منهما مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى كل من المتهمين بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم القتل العمد والشروع فيه وإحراز السلاح النارى وذخيرته قد انطوى على خطأ في الإسناد وشابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم أسند إلى الطاعنين فيما أورده عن واقعة الدعوى وما خلص إليه بالنسبة إلى جريمة إحراز السلاح أن كلاً منهما كان يحمل بندقية خرطوش مع أن أحداً من الشهود لم يشهد بذلك. كما إن ما رد به الحكم على دفاع الطاعنين في شأن عدم تمييز شاهدي الرؤية لنوع السلاح بأن المجني عليه الثاني ليس خبيراً في أنواع السلاح تلك الخبرة غير المستلزمة في جميع الأفراد وأن الشاهدين المذكورين قد أكدا أن البنادق خرطوش - ما رد به من ذلك لا يتفق وأقوال المجني عليه الثاني في التحقيق والتي تليت بالجلسة إذ أن هذا الآخر لم يقل ذلك. كما أن أحداً من الشهود لم يؤكد في أقواله أن البندقيتين المستعملتين كانتا من نوع الخرطوش هذا فضلاً عن قصور الحكم وتناقضه في بيان أي من شاهدي الرؤية أكد ذلك كما أن الحكم أطرح دفاع الطاعنين في خصوص سبب الحادث وقولهما إنه لم يثبت بأنه لهما صبية كانوا يرعون أغناماً في مكان الجريمة بأن رد عليه بقوله - إن الطاعن الثاني اعترف بأنه يملك أغناماً وأن صبية كانت ترعاها وهو ما لا يصلح رداً على دفاعهما لأن ما يسنده الحكم إلى الطاعن الثاني من إقرار في هذا الخصوص لا يفيد أن الأغنام التي كانت ترعاها الصبية هي أغنام أي من الطاعنين. ثم إن ما رد به الحكم على دفاعهما في خصوص ما قرره شاهدا الرؤية عن كيفية ارتكاب الطاعنين للحادث ووقت وقوعه وإمكان الرؤية وتقدير المسافات لا يصلح رداً على دفاعهما لابتنائه على مجرد فروض احتمالية وكان من المتعين الاستعانة بشهادة من مصلحة الأرصاد الجوية لبيان حالة الرؤية في الوقت الذي وقع فيه الحادث كما أن البندقيتين المستعملتين في الحادث لم تكونا تحت بصر المحكمة حتى تتحقق عن طريق أهل الخبرة من مداهما وأخيراً فإن ما رد به الحكم في صدد تقرير الشاهدين لمسافة الإطلاق من أن الأفراد يختلفون في تقدير المسافات على وجه الدقة والتحديد وأن أقوال شاهدي الرؤية مؤيدة بما قرره الطبيب الشرعي من تحديد لهذه المسافة لا يتفق وأقوال الشاهدين في التحقيق إذ أنها تختلف عما ورد بذلك التقرير عن مسافة الإطلاق وقد جاء الحكم قاصراً في تحديد الشاهدين لتلك المسافة على الرغم من وجوب ذلك حتى يبين وجه مطابقتها للتقرير الطبي الشرعي هذا بالإضافة إلى أن أياً من الشاهدين لم يذكر تعذر تحديد المسافة بالنسبة إلى المجني عليه الثاني كما أن الحكم بعد أن أورد رده في خصوص اختلاف الإفراد في تقدير المسافات بما مؤداه أنه افتراض عدم قدرة الشاهدين على تحديد المسافة عاد وسلم بأنهما قدراها تقديراً محدداً يتفق ومؤدى التقرير الطبي الشرعي وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في حوالي الساعة السابعة من مساء يوم 18 من أغسطس سنة 1961 بناحية نجع المخالفة من أعمال بلدة الصفيحة مركز طهطا محافظة سوهاج توجه المجني عليه الثاني أمين محمد إبراهيم خليل وسعد مكاوي السيد درديري إلى زراعة السمسم المملوكة لهما لجنيها وشاهدا بعض الصبية يرعون أغناماً بجوار زراعتهما ولما دخلت الأغنام السمسم قاما من فورهما ونهرا الصبية واعتديا عليهم بالضرب وأبعدوا الأغنام عن الزراعة فرجع الصبية باكين إلى بلدتهم نجع المخالفة والتي تبعد عن الزراعة بحوالي عشرين قصبة وبعد حوالي الربع ساعة عاد الصبية وشرعوا في قذفهما بالحجارة وكان معهما المتهمان كرمي سامي عبد الملاك وإبراهيم سليمان عبد الملاك (الطاعنان) يحمل كل منهما بندقية خرطوش وحضر وقتئذ المجني عليه الأول عبد الرؤوف السيد درديري فأطلق المتهم الأول كرمي سامي عبد الملاك عياراً نارياً من البندقية التي كان يحملها أصابت المجني عليه في جنبه الأيمن كما أطلق المتهم الثاني إبراهيم سليمان عبد الملاك عياراً نارياً من بندقيته أصابت المجني عليه الثاني في فخذه الأيمن ثم فر المتهمان هاربين وتوجه مكاوي السيد درديري إلى بلدة الصفيحة التي تبعد عن مكان الحادث بحوالي مائتي قصبة وأبلغ نائب عمدتها أحمد إبراهيم عبد العال الذي تولى بدوره إبلاغ الحادث" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الرؤية (المجني عليه الثاني والشاهد الثاني) وباقي شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير الطبيب الشرعي وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ثم عرض الحكم إلى ما أثاره الدفاع عن الطاعنين بشأن عدم تمييز شاهدي الرؤية لنوع السلاحين المستعملين في الحادث، ورد عليه في قوله بأن هذا الدفاع مردود بما قرره المجني عليه الثاني بأنه ليس خبيراً في أنواع الأسلحة وهذه الخبرة ليست مستلزمة في جميع الأفراد وقد أكد كل من الشاهدين أن البنادق خرطوش وقد تأيدت أقوالهما بما هو ثابت من تقريري الصفة التشريحية والكشف الطبي الشرعي على ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما أورده الحكم من إطلاق الطاعنين النار على المجني عليهما من البندقية التي كان يحملها كل منهما له أصل صحيح في التحقيقات، أما ما استطرد إليه الحكم من قول بأن الشاهدين أبديا أن السلاح عبارة عن بندقيتين خرطوش وأن أحد هذين الشاهدين وهو المجني عليه الثاني قرر بأنه ليس خبيراً في السلاح وأنهما أكداً بأن السلاح عبارة عن بندقيتين خرطوش على خلاف ما ورد على لسانهما من عدم تحديدهما نوع السلاح المستعمل في الحادث واقتصارهما على القول بأن السلاح عبارة عن بندقيتين لم يعرف نوعهما. فهو من قبيل التزيد الذي لا أثر له في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها بما لا يقدح في سلامته واستخلاصه بأن كلا الطاعنين كان يحمل بندقية استعملها في ارتكاب الحادث ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من رد على دفاع الطاعنين في شأن سبب الحادث من أنه لم يثبت أن صبية لهما كانوا يرعون أغناماً في مكان الحادث لا يعيب الحكم بفرض خطأ الحكم فيه ذلك بأن من المقرر أن سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة ولا صلة له بجوهر الواقعة التي دين الطاعنان بها ولا يبين من الحكم أن ذلك كان له أي دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو ثمة تأثير في قناعها فيما قضت به في الدعوى. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان في شأن منازعتهما فيما قرره شاهدا الرؤية من خروجهما من زراعة الذرة مع أنه لم يكن هناك مبرر لذلك فالزراعة كانت تستر من يحتمي بها حينذاك فما يثيرانه من ذلك مردود بأنه دفاع موضوعي لا وجه لمجادلة المحكمة فيما انتهت إليه في شأنه ومع ذلك فقد فنده الحكم في منطق سليم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ما نعاه الطاعنان في أقوال شاهدي الرؤية في شأن تقديرهما للمسافة التي انطلقت منها الأعيرة فرد عليه في قوله إن هذا الدفاع مردود بأن الأفراد يختلفون في تقدير المسافات على وجه الدقة والتحديد وقد تأيدت أقوال شاهدا الرؤية من تقرير الطبيب الشرعي الثابت به أن المسافة كانت قريبة بالنسبة للمجني عليه الأول ويتعذر تقديرها بالنسبة للمجني عليه الثاني ومن ثم تطرح المحكمة دفاع المتهمين، وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعنين إن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الاختلاف في ذلك إهدار شهادة الشهود إنما الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره شاهدا الرؤية واستخلصت الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان ينحل إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.

الطعن 489 لسنة 34 ق جلسة 29 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 104 ص 528


جلسة 29 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(104)
الطعن رقم 489 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. "مسئولية تقصيرية". "خطأ. ضرر. علاقة سببية". تعويض.
بيان الحكم أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر ورابطة سببية. إحاطته بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية. لا تثريب عليه بعد ذلك إذا لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به.
(ب) تعويض. محكمة الموضوع.
تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع. مثال.

------------
1 - متى كان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية، ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به.
2 - تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع تقدره حسبما يتبين لها من ظروف الدعوى. فإذا كان يبين من الأسباب التي أسس عليها الحكم المطعون فيه قضاءه بتعديل قيمة التعويض ومن إشارته إلى التقدير الذي قدرته محكمة أول درجة أن المحكمة قدرت التعويض ووزنته بعد أن أحاطت بظروف الدعوى ووجدته مناسباً للضرر الذي وقع نتيجة لخطأ المتهم فلا يقبل من الطاعن مجادلة المحكمة في هذا التقدير.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة "عبد الحكيم محمد أحمد عبد الله" بأنه في يوم 2/ 4/ 1962 بدائرة قسم روض الفرج: تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل فتحي عاطف محمد فتح الله وكان ذلك ناشئاً عن رعونته وإهماله وعدم احتياطه بأن تحرك فجأة بالسيارة قيادته المبينة بالمحضر أثناء نزول المجني عليه منها مما أدى إلى اصطدامها به وسقوطه على الأرض فمرت عليه عجلتها الأمامية اليمنى فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعى عاطف محمد فتح الله بركات والسيدة نعمات حسن عطوه بحق مدني قبل المتهم وطلبا القضاء لهما قبله ومؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 24 يونيه سنة 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لايقاف التنفيد وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني متضامناً مع مؤسسة النقل العام بمدينة القاهرة والتي يمثلها المدعى عليه الثاني مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية والمدعيين بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة إلى الدعوى الجنائية وتعديله بالنسبة إلى الدعوى المدنية إلى إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدني مبلغ ألفي جنيه مناصفة بينهما وألزمت المتهم والمسئول بالمصاريف المدنية الاستئنافية وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فطعنت الطاعنة والمسئولة عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن بوصفه مسئولاً عن الحقوق المدنية، ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان تابعه بجريمة القتل الخطأ قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال ومخالفة للقانون فضلاً عن بطلانه ذلك بأنه قضى بإدانة التابع على أساس أنه لم يقف بالمحطة الوقت الكافي لنزول الركاب، وركن في ذلك الاستخلاص إلى أقوال الشاهدين وليم فؤاد غالي وعيسى حسن عيسى مع أن الثابت من المعاينة وأقوال الشاهد وليم فؤاد غالي أن الحادث وقع قبل وصول السيارة قيادة التابع لمحطة وقوفها - كما ذهب الحكم إلى القول بأن المتهم المذكور أخطأ بعدم وقوفه بالمحطة الوقت الكافي لنزول الركاب في حين أن الحادث وقع نتيجة خطأ المجني عليه الذي ألقى بنفسه من السيارة قبل وصولها إلى محطة الوصول، هذا إلى أن الحكم لم يبين الأسس التي استند إليها في تعديله لمقدار التعويض المدني المقضي به ولم يورد أسباباً يعتمد عليها فيما قضى به واكتفى بالقول بأن الحكم المستأنف قد أدركه الصواب بالنسبة إلى الدعوى الجنائية، وأنه قد خانه التوفيق بالنسبة إلى الدعوى المدنية مما مفاده أنه لم يأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة في خصوص الدعوى المدنية وفي الوقت ذاته لم ينشئ لنفسه أسباباً جديدة. مما ترتب عليه خلو الحكم من الأسباب وبطلانه تبعاً لذلك وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه. وانتهى الطاعن إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً خشية وقوع ضرر يتعذر تداركه.
وحيث إن الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن المجني عليه كان يركب في سيارة الأتوبيس خط 129 قيادة المتهم عبد الحكيم محمد أحمد تابع الطاعن وشرع في النزول منها أثناء وقوفها في شارع شبرا بعد وصولها إليه من شارع خلاط لوجود سيارة أخرى أمامها إلا أنها تحركت فجأة فاصطدم جانبها به مما أدى إلى سقوطه على الأرض ومرور عجلة السيارة الأمامية اليمنى فحدثت به عدة إصابات أودت بحياته" وأورد على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين وليم فؤاد غالي وعيسى حسن عيسى ومما تبين من التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه ثم خلص الحكم إلى إدانة المتهم ومسئوليته هو والطاعن عن التعويض الذي قدره بمبلغ خمسمائة جنيه. وقد أخذ الحكم المطعون فيه بأسباب حكم محكمة أول درجة بالنسبة إلى الدعوى الجنائية ومبدأ التعويض، إلا أنه عدل مبلغه إلى ألفي جنيه. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات حكم محكمة أول درجة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس إدانة المتهم وهو تابع الطاعن على أنه لم يقف بالمحطة الوقت الكافي لنزول الركاب وإنما أفصح عن الخطأ الذي أسنده إلى المتهم في قوله: "إن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة خطأ وقع من المتهم إذ تحرك بالسيارة قيادته فجأة بعد أن كان المجني عليه قد شرع في النزول منها من بابها الأمامي المجاور له أثناء وقوفها وبعد أن كان الشاهد الأول قد نبهه إلى نزوله هو المجني عليه مما أدى إلى سقوط المجني عليه وحدثت إصابته في حين أنه كان يجب عليه أن ينتظر نزول المجني عليه من السيارة ما دام قد بدأ فعلاً في النزول منها أثناء وقوفها وكان نزوله من الباب الأمامي المجاور له وما دام قد نبهه إلى ذلك الشاهد". لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم فيما تقدم قد استخلصه من الأدلة المطروحة على المحكمة والتي لها أصل ثابت في الأوراق. وكان استخلاصه سائغاً في منطق العقل وكافياً للتدليل على توافر ركن الخطأ في حق المتهم. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به - لما كان ذلك، وكان يبين من الأسباب التي أسس عليها الحكم قضاءه بتعديل قيمة التعويض ومن إشارته إلى التقدير الذي قدرته محكمة أول درجة أن المحكمة قدرت التعويض ووزنته بعد أن أحاطت بظروف الدعوى ووجدته مناسباً للضرر الذي وقع نتيجة لخطأ المتهم. وكان تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع تقدره حسبما يتبين لها من تلك الظروف ومن حقها أن تحيل في أسبابها على أسباب حكم محكمة أول درجة فلا يقبل من الطاعن مجادلة المحكمة في هذا التقدير. لما كان ذلك، وكان طلب الطاعن وقف تنفيذ الحكم فضلاً عن عدم جدواه بعد الفصل في موضوع الطعن فإنه لا أساس له في القانون. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.