الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 أبريل 2020

الطعن 1425 لسنة 49 ق جلسة 17 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ق 20 ص 105


جلسة 17 من يناير سنة 1980
برياسة السيد المستشار/ عثمان الزيني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار، وحسن جمعة، وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس.
----------------
(20)
الطعن رقم 1425 لسنة 49 ق

1 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كشف مدونات الحكم الصادر في المعارضة الابتدائية عن أخذه بأسباب الحكم الغيابي. تأييد الحكم الاستئنافي له. مؤداه: أخذه بأسباب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة.
2 - خطأ. رابطة السببية. مسئولية جنائية. قتل خطأ. إصابة خطأ.
تقدير توافر الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير قيام رابطة السببية بينه وبين النتيجة الضارة. موضوعي. مثال. تجربة ماكينة - أشرف الطاعن على تصنيعها - دون اتخاذ الحيطة الكافية لعدم وقوع حادث.
3 -  دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.
4 - دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "خبرة". 
استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى. مفاده إطراح التقرير الاستشاري المقدم فيها. دون إلزام عليها بالرد عليه استقلالاً.
5 - مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى المتهم بعدم إقامة الدعوى الجنائية على آخر. عدم جدواه. طالما لم يكن ليحول دون مساءلته عنها.
6 - نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى المتهم بانتفاء إحدى صور الخطأ. عدم جدواه. طالما كان لا ينازع في ثبوت غيرها من صور الخطأ المنسوبة إليه.
7 - نقض "الصفة في الطعن".
الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم. عدم قبوله. ممن لا شأن له بهذا البطلان.
8 - دعوى مدنية "ترك الخصومة" نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
حق المدعي المدني في ترك دعواه أمام المحكمة الجنائية. في أية حالة كانت عليها. المادة 260 إجراءات. قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية على الرغم من ترك المدعي لها. خطأ في القانون. وجوب تصحيحه بإثبات تركه لدعواه.

-----------------
(1) لم يرسم القانون شكلاً خاصاً تصاغ به الأحكام فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - دالاً في مبناه ومعناه على أخذه بأسباب الحكم الغيابي الابتدائي الذي أورد واقعة الدعوى بأركانها وظروفها فإنه بذلك يكون حكم المعارضة الجزئية قد اعتمد في قضائه على أسباب الحكم الغيابي واعتنقها. فإذا ما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييده فإنه بذلك يكون قد أخذ بأسباب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة.
 (2)لما كان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة خلص في منطق سليم إلى أن ركن الخطأ الذي نسب إلى الطاعن ونجم عنه الحادث يتمثل في أنه قام بالإشراف على تصنيع ماكينة لتشغيلها في مصنعه دون اتباعه المواصفات الفنية لتصنيعها، وقام بتجربتها دون اتخاذ الحيطة الكافية فانفجرت مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نشأ عنه قتل وإصابة المجني عليهم فإن الحكم يكون قد بين الخطأ الذي وقع من الطاعن كما أثبت أن قتل وإصابة المجني عليهم كان نتيجة هذا الخطأ ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه.
 (3)من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمة في طلباته الختامية.
 (4)من المقرر أن استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها للتقرير الاستشاري المقدم فيها، وليس بلازم أن ترد على هذا التقرير استقلالاً.
 (5)لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة الدعوى الجنائية على شخص آخر - بفرض مساهمته في الجريمة - ما دام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومعقولاً.
(6) من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها تكفي لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التي أسندها الحكم إليه.
 (7)الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان.
 (8)لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 30/ 10/ 1975 أن المدعي بالحق المدني....... عن نفسه وبصفته قرر بتنازله عن دعواه إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من طلبات في الدعوى المدنية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون أخطأ في القانون - بمخالفته نص المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية التي تبيح للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى - خطأ يعيبه ويستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه وإلزامه بمصاريفها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 مايو سنة 1974 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة (أولاً) تسبب خطأ في موت كل من..... و..... بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته القوانين واللوائح ولإدارته ورشة بدون ترخيص علاوة على عدم مراعاته الأصول المواصفات الفنية القياسية في تركيب الماكينات فانفجرت الماكينة وأحدثت بالمجني عليهم الإصابات التي أودت بحياتهم. (ثانياً) تسبب خطأ في إصابة...... وآخرين وكان ذلك على النحو المبين بالتهمة الأولى وطلبت عقابه بالمادتين 338 و244 من قانون العقوبات. وادعى ورثة المرحوم...... مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الدرب الأحمر قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وبإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا إلى ورثة المرحوم...... مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فعارض المحكوم عليه وأثناء نظر المعارضة ادعى...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ثم قضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان وانطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه أحال في أسبابه إلى أسباب الحكم المستأنف الصادر في المعارضة الجزئية الذي لم يفصح عن أخذه بأسباب الحكم الغيابي الابتدائي ولم ينشئ لنفسه أسباباً مستقلة مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد صدر خالياً من الأسباب، هذا وقد أثار الطاعن بالمذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الثانية بجلسة 26/ 10/ 1977 - دفاعاً مؤداه عدم توافر رابطة السببية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاعه واكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وليس ذلك فحسب بل تضمنت المذكرة سالفة الذكر طلب الطاعن من المحكمة الاستئنافية حضور الخبير لمناقشته وسماع شهود الواقعة إلا أن المحكمة أعرضت عن طلبه هذا كما أن الطاعن قدم تقريراً استشارياً خلص في نتيجته إلى أن وقوع الحادث يرجع إلى خطأ المجني عليه، وأن صاحب الورشة التي وقع بها الحادث شقيقه....... هو المسئول أيضاً عن الحادث دونه واتخذ الطاعن من ذلك دفاعاً له، وطلب إدخال شقيقه المذكور متهماً معه في الدعوى، إلا أن المحكمة أعرضت عن ذلك، وعولت على التقرير الفني المقدم من النيابة دون مناقشة التقرير الاستشاري حتى يستبين وجه المفاضلة بين التقرير الفني والاستشاري، يضاف إلى ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اتخذ من مخالفة الطاعن لإدارته الورشة بدون ترخيص - بفرض صحة أنه مالك للورشة - أساساً للخطأ المنسوب إليه، بيد أن هذه المخالفة لا شأن لها في وقوع الحادث. هذا وأن الحكم المطعون فيه لم يحط بالثابت بالأوراق إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به في الدعوى المدنية لورثة....... بالرغم من تنازلهم عن دعواهم أمام محكمة المعارضة الجزئية كما أن هؤلاء الورثة لم يعلنوا للحضور أمام محكمة ثاني درجة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الغيابي الابتدائي أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى من واقع الشهود وما أدلى به الطاعن وما ثبت من التقرير الفني خلص إلى ثبوت النتيجة قبل الطاعن بقوله "وحيث إنه في مقام إثبات الاتهام قبل المتهم فإن الثابت من أقوال المجني عليهم وشهود الحادث أن المتهم كان يشرف على تصميم ماكينة للعمل بها في مصنعه وحال تجربتها حدث الانفجار الذي أدى إلى وقوع الحادث، وكانت المحكمة تطمئن إلى أقوال المجني عليهم سالفي الذكر. ولما كان المتهم إنما أشرف على صناعة الماكينة وقام بتجربتها وكان الثابت من التقرير الفني أن ثمة أخطاء في تصميم الماكينة وكان مثل الماكينة المصنوعة إنما يجب أن يخضع في تصنيعها لذوي الخبرة والدراية في ذلك والمؤهلين لصناعتها خاضعين لإشراف الجهات الصناعية من ناحية مواصفاتها القياسية وأصولها الفنية أما ولم يفعل المتهم ذلك وصنع الماكينة بنفسه وتحت إشرافه جاهلاً أصولها الفنية وقام بتجربتها دون أن يتخذ الحيطة الكافية في مثل هذه الأحوال فإنه بذلك يكون غير مقدر لما يفعله جاهلاً أن ما يعمله قد يترتب عليه النتيجة التي أسفر عنها الحادث غير ملتفت بفكره إلى عامل اتخاذ احتياط يوجبه الحذر والتبصر في العواقب مما أدى إلى وقوع الحادث الذي ترتب عليه وفاة وإصابة المجني عليهم سالفي الذكر نتيجة هذا الخطأ. وأنه متى كان ذلك فقد توافرت أركان المسئولية الجنائية قبل المتهم وإذ اطمأنت المحكمة لنسبة الاتهام إليه ومن ثم يتعين عقابه عملاً بمواد الاتهام وبالمادة 32 عقوبات للارتباط بين التهمتين"، لما كان ذلك وكان حكم المعارضة الجزئية قد أيد منطوقة الحكم الغيابي سالف البيان وجاء بأسبابه "وحيث إن الحكم الغيابي المعارض فيه أورد وقائع الدعوى وكان من شأن ما أورده أن يؤدي إلى ما رتب عليه من إدانة المتهم". وعرض الحكم للدفاع الذي أبداه الطاعن أمام محكمة المعارضة وانتهى إلى رفضه، ثم استطرد قائلاً. "ومن ثم يتعين رفض معارضته موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه" لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصاغ به الأحكام فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - دالاً في مبناه ومعناه على أخذه بأسباب الحكم الغيابي الابتدائي الذي أورد واقعة الدعوى بأركانها وظروفها فإنه بذلك يكون حكم المعارضة الجزئية قد اعتمد في قضائه على أسباب الحكم الغيابي واعتنقها. فإذا ما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييده فإنه بذلك يكون قد أخاب بأسباب الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة، ومن ثم ينتفي عن الحكم المطعون فيه قالة البطلان ويضحى ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة خلص في منطق سليم إلى أن ركن الخطأ الذي نسب إلى الطاعن ونجم عنه الحادث يتمثل في أنه قام بالإشراف على تصنيع ماكينة لتشغيلها في مصنعه دون اتباعه المواصفات الفنية لتصنيعها، وقام بتجربتها دون اتخاذ الحيطة الكافية فانفجرت مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نشأ عنه قتل وإصابة المجني عليهم، فإن الحكم يكون قد بين الخطأ الذي وقع من الطاعن كما أثبت أن قتل وإصابة المجني عليهم كان نتيجة هذا الخطأ ويتصل به اتصال السبب بالمسبب مستنداً في ذلك إلى ما له أصله الثابت بالأوراق ومدللاً عليه تدليلاً سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، ومن ثم فإن ما ساقه الحكم يدل على إلمام بوقائع الدعوى وتفطن لمجريات الأمور فيها ولفحوى دفاع الطاعن بما تندفع به قالة الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، فإنه بفرض صحة ما يدعيه الطاعن من أنه طلب بالمذكرة المقدمة منه بجلسة 26/ 10/ 1977 حضور الخبير لمناقشته وسماع الشهود، إلا أنه يبين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة في 21/ 12/ 1977 أن المدافع عنه لم يتمسك بهذا الطلب في طلباته الختامية فليس له أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى هذا الطلب أو الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها للتقرير الاستشاري المقدم فيها، وليس بلازم أن ترد على هذا التقرير استقلالاً، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله مناقشته التقرير الاستشاري لا يكون له محل. هذا وإن ما يثيره الطاعن من أن خطأ المجني عليه كان السبب في وقوع الحادث فإنه لا جدوى له منه لأنه - بفرض قيامه - لا ينفي مسئوليته الجنائية عن جريمة القتل الخطأ التي أثبت الحكم قيامها في حقه، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلي المتهم من المسئولية، وما دام الحكم - في صورة الدعوى - قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان بها الطاعن من ثبوت نسبة الخطأ إليه ومن نتيجة مادية وهي وقوع الضرر بوفاة المجني عليهما ومن رابطة سببية بين الخطأ المرتكب والضرر الواقع فإن منعاه يضحى ولا محل له. كما وأن النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم مسئوليته عن وقوع الجريمة وأن المسئول عن وقوعها هو شقيقه....... الذي طلب إدخاله في الدعوى مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم كما لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة الدعوى الجنائية على شخص آخر - بفرض مساهمته في الجريمة - ما دام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومعقولاً. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى تحديد الخطأ في حق الطاعن في صورة واحدة تتمثل في قيام الطاعن بالإشراف على تصنيع ماكينة لتشغيلها في مصنعه دون اتباعه الموصفات الفنية لتصنيعها وقام بتجربتها دون اتخاذ الحيطة الكافية فانفجرت مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نشأ عنه قتل وإصابة المجني عليهم ودلل الحكم على ثبوت هذه الصورة بأقوال الشهود والتقرير الفني، ومن ثم فإنه غير صحيح منعى الطاعن بأن الحكم اتخذ من إدارته للورشة بدون ترخيص صورة ثانية للخطأ المنسوب إليه مع أن هذه المخالفة لا تصلح بذاتها سبباً للحادث ومع ذلك - وبفرض أن الحكم أورد هذه الصورة من الخطأ - فإنه لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم في هذا الشأن ذلك لأنه من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها يكفي لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التي أسندها الحكم إليه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن عدم إعلان المدعين بالحق المدني....... للحضور أمام المحكمة الاستئنافية مردوداً بأنه ما دام هذا الإجراء يتعلق بغيره وكان لا يمارى في صحة إجراءات محاكمته هو، فإنه لا يجوز له الطعن ببطلان ذلك الإجراء إذ أن الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 30/ 10/ 1975 أن المدعي بالحق المدني...... عن نفسه وبصفته قرر بتنازله عن دعواه إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من طلبات في الدعوى المدنية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون قد أخطأ في القانون - بمخالفته نص المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية التي تبيح للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى - خطأ يعيبه ويستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه وإلزامه بمصاريفها.

الطعن 1074 لسنة 49 ق جلسة 6 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ق 7 ص 39


جلسة 6 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ومحمد حلمي راغب، وجمال منصور، ومحمد محمود عمر.
----------------
(7)
الطعن رقم 1074 لسنة 49 القضائية

(1) عقوبة.
مبدأ شخصية العقوبة. ماهيته؟
 (2)محكمة الموضوع. (سلطتها في تقدير الدليل). إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة. شرط ذلك: تمحيصه الدعوى والإحاطة بها عن بصر وبصيرة.
 (3)دعوى مدنية. اختصاص. "الاختصاص الولائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب رفض طلب التعويض إذا قضي بالبراءة لعدم ثبوت التهمة. علة ذلك؟
متى يصح الحكم بالتعويض رغم البراءة؟

---------------
1 - من المقرر أن القضاء بالعقوبة يحكمه مبدأ أساسي لا يرد عليه استثناء هو مبدأ شخصية العقوبة. ومقتضاه ألا يحكم بعقوبة - أياً كان نوعها - إلا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها.
2 - يكفي في المحاكمة الجنائية أنه يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
3 - المحكمة الجنائية لا تختص بالتعويضات المدنية إلا إذا كانت متعلقة بالفعل الجنائي المسند إلى المتهم، فإذا كانت المحكمة قد برأت المتهم من التهمة المسندة إليه لعدم ثبوتها فإن ذلك يستلزم حتماً رفض طلب التعويض لأنه ليس لدعوى التعويض محل عن فعل لم يثبت في حق من نسب إليه. أما الحكم بالتعويض ولو قضى بالبراءة فشرطه ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى صاحبها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بالبراءة على عدم ثبوت مقارفة المطعون ضده أصلاً لجريمة اختلاس البضاعة المسندة إليه، فإن قضاءه برفض الدعوى المدنية يكون صحيحاً، وإذ كان طلب التعويض على سند من المسئولية التعاقدية أمراً خارجاً عن اختصاص المحكمة الجنائية وغير مطروح عليها فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص بدعوى الخطأ في تطبيق القانون لإغفاله الحكم بالتعويض على أساس المسئولية العقدية يكون غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدد البضاعة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لـ..... والمسلمة إليه على سبيل الوكالة لنقلها من الإسكندرية للقاهرة فاختلسها لنفسه إضراراً بمالكها. وطلبت معاقبته بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح عابدين الجزئية قضت غيابياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. فاستأنفت النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ ...... المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده وبرفض الدعوى المدنية قبله قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم - مع استظهاره أن التوقيع المنسوب للطاعن باستلام البضاعة مزور عليه بمعرفة المطعون ضده - قضى ببراءة هذا الأخير تأسيساً على أن هناك أشخاصاً مسئولين كان يتعين سؤالهم بلوغاً لتحديد مختلس البضاعة مع أن منطق الأمور مقتضاه أن المختلس لها هو مزور توقيع الطاعن. هذا وقد قضى الحكم برفض الدعوى المدنية على أساس عدم وجود خطأ يمكن نسبته إلى المطعون ضده متجاهلاً أنه بصفته مقاول نقل قد أخل بإلزامه التعاقدي بتسليم البضاعة إلى المدعي بالحق المدني مما يستوجب مساءلته بالتعويض عن إخلال بهذا الالتزام سواء كان ذلك بفعله الشخصي أم بفعل غيره ممن استخدمهم في تنفيذه. وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل من أقوال الطاعن - المدعي بالحق المدني - أنه لم يسلم البضاعة موضوع الدعويين الجنائية والمدنية إلى المطعون ضده شخصياً وإنما سلمها إلى موظفين معينين في مكتب الشركة، خلص إلى القضاة ببراءة المطعون ضده من جريمة الاختلاس المسندة إليه في قوله، "وحيث إنه عن الدعوى الجنائية فالعقوبة جزاء ذو طابع فردي وشخصي محض بخلاف التعويض فهو منوط بالضرر وقد يلزم به الشخص نتيجة فعل غيره، فالعقوبة شخصية أي لا تلحق غير شخص الجاني فلا تصيب غيره من أفراد مهما كانت الصلة التي تربطه بهم، ولما كان الثابت من أقوال المدعي المدني بتحقيق الشرطة والنيابة أنه لم يسلم المتهم البضاعة المسروقة بل سلمها إلى مكتبه في الإسكندرية لتسليمها إليه بالقاهرة، وكان الثابت من المحضر المحرر بمعرفة النيابة أن أشخاصاً ذكر أسماؤهم به هم المسئولون وكان من المتعين استيفاء المحضر بسؤالهم لتعيين المسئول شخصياً عن ذلك، ومن ثم فإن الاتهام بالنسبة للمتهم على غير أساس، ولا يقدح في ذلك كون البوليصتين المقدمتين جاء بتقرير أبحاث التزييف والتزوير أن التوقيع بخط المتهم إذ لا يغير من الوضع شيئاً ذلك أنه من الجائز أنه فعل ذلك لدرء مسئوليته المدنية عن المطالبة بقيمة البضاعة إذ أنه غير مسئول جنائياً عن سرقة البضاعة الفاقدة، ومن ثم تكون التهمة لهذه الأسباب على غير أساس". وهذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ، ذلك بأن المقرر أن القضاء بالعقوبة يحكمه مبدأ أساسي لا يرد عليه استثناء هو مبدأ شخصية العقوبة ومقتضاه ألا يحكم بعقوبة - أياً كان نوعها - إلا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها، كما أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت التهمة في حق المطعون ضده للأسباب السائغة التي أوردها الحكم، والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها فإن ما يثيره الطاعن من نعي في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الجنائية لا تختص بالتعويضات المدنية إلا إذا كانت متعلقة بالفعل الجنائي المسند إلى المتهم، فإذا كانت المحكمة قد برأت المتهم من التهمة المسندة إليه لعدم ثبوتها فإن ذلك يستلزم حتماً رفض طلب التعويض لأنه ليس لدعوى التعويض محل عن فعل لم يثبت في حق من نسب إليه. أما الحكم بالتعويض ولو قضى بالبراءة فشرطه ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلاً أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى صاحبها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بالبراءة على عدم ثبوت مقارفة المطعون ضده لجريمة اختلاس البضاعة المسندة إليه، فإن قضاءه برفض الدعوى المدنية يكون صحيحاً، وإذ كان طلب التعويض على سند من المسئولية التعاقدية أمراً خارجاً عن اختصاص المحكمة الجنائية وغير مطروح عليها فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص بدعوى الخطأ في تطبيق القانون لإغفاله الحكم بالتعويض على أساس المسئولية العقدية يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعنان 1319 ، 1320 لسنة 49 ق جلسة 3 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ق 4 ص 25


جلسة 3 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار عثمان مهران الزيني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار وحسن جمعة ومحمد عبد الخالق النادي وحسين كامل حنفي.
---------------
(4)
الطعنان رقما 1319 و1320 لسنة 49 القضائية

 (1)حكم. "وضعه وإصداره". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقرير القانون شكلاً خاضعاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير قيمة الاعتراف وصحته. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه. وحق غيره وإن عدل عنه متى اطمأنت إليه.
 (3)حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "نظر الدعوى والحكم فيها". إثبات. "اعتراف".
إغفال المحكمة الاستئنافية الإشارة إلى أقوال أدلى بها متهم أمامها. مفاده: إطراحها لتلك الأقوال واقتناعها بالحكم الابتدائي.
 (4)إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. "أركانها" قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". "شهادة". 
ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة. استفادته. ليس فقط من أقوال الشهود. بل من ظروف الدعوى وملابساتها.
 (5)إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. "أركانها".
تعدد وقائع السرقة لا يقتضي حتماً تعدد وقائع إخفاء الأشياء المسروقة. جواز أن يكون فعل الإخفاء واحداً ولو كان موضوعه أشياء متحصلة من سرقات متعددة.
 (6)ارتباط. محكمة الموضوع. "سلطتها". عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة".
مناط تطبيق المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
(7، 8) نقض. "الطعن بالنقض. ماهيته". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة".
 (7)الطعن بالنقض. ليس امتداداً للخصومة. هو خصومة من نوع خاص.
 (8)مجال البت في الارتباط. إثارة الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تقبل. علة ذلك.

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه، وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
3 - إن في سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى الأقوال التي أدلى بها المحكوم عليه أمامها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر في أقواله ما يغير اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة.
4 - العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينه من ظروف الدعوى، وما توحي به ملابساتها.
5 - من المقرر أن تعدد وقائع السرقة لا يقتضي حتماً تعدد وقائع إخفاء الأشياء المسروقة، بل يجوز أن يكون فعل الإخفاء واحداً ولو كان موضوعه أشياء متحصلة من سرقات متعددة.
6 - من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
7 - الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة، مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع.
8 - لا مجال في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعاوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط، ولا يقبل من الطاعنة أن تثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب هذه المحكمة بإجرائه، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أخفت الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمتحصلة من جريمة سرقة مع علمها بذلك. وطلبت عقابها بالمادتين 44 مكرراً و316 مكرراً ثالثاً من قانون العقوبات. ومحكمة جنح العجوزة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام في كل من الدعويين بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عن الأولى وستة أشهر مع الشغل والنفاذ عن الثانية. فاستأنفت المحكوم عليها في كل من الدعويين ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في كل من الدعويين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذين الحكمين بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه - في كل من الطعنين - أنه إذ دانها بجريمة إخفاء أشياء مسروقة مع علمها بذلك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وأخطأ في تطبيق القانون، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة وظروفها ومؤدى الأدلة التي استخلص منها الحكم ثبوت وقوعها من الطاعنة، وعول الحكم - على غير الواقع - على اعتراف المحكوم عليه في واقعة السرقة رغم عدوله عن أقواله أمام محكمة ثاني درجة، واستخلص الحكم من أقواله علم الطاعنة بأن المضبوطات متحصلة من جريمة سرقة استخلاصاً غير سائغ، فضلاً عن أن الطاعنة قد أدينت في ثلاث قضايا - الجنحة رقم...... العجوزة محل الطعن رقم 1319 لسنة 49 ق والجنحتين رقمي...... و...... بتهمة الإخفاء، وهي جميعاً ارتكبت لغرض واحد ومرتبطة ببعضها، وكان يتعين اعتبارها كلها جريمة واحدة والقضاء فيها بعقوبة واحدة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي تبنى الحكم المطعون فيه في كل من الطعنين أسبابه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصرها وأورد على ثبوتها في حق الطاعنة، والمتهمين الآخرين، أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وقد بين الحكم ما أبلغ به وقرره المجني عليه من أنه اكتشف سرقة بعض محتويات مسكنه وكان ذلك بطريق الكسر من الخارج ولم يتهم أحداً آنذاك، ثم ضبط المتهمان الأول والثاني - المقبوض عليهما على ذمة عدة قضايا أخرى - واعترفا تفصيلاً بارتكابهما السرقة، وأضاف أولهما - في اعترافه - أن المتهمة الثالثة "الطاعنة" كانت تشتري منه المسروقات وتعلم بمصدرها، بل وتأخذ نصيبها في كل عملية سرقة يقومان بها، وانتهت المحكمة إلى أن التهمة ثابتة قبل المتهمين مما قرره المجني عليه ومن اعتراف المتهمين بارتكابهما الحادث وإرشادهما عن الشقة التي قاما بسرقتها، ومن عدم دفع أي منهم للاتهام المسند إليه بدفع أو بدفاع مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه، وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مقام سرد أدلة الثبوت أن "المتهمين - الأول والثاني - اعترافا بارتكابهما حادث السرقة وشرح كل منهما تفصيلاً كيفية وقوعها، وأضاف المتهم الأول - في اعترافه - أن الطاعنة كانت تشتري منه المسروقات وتعلم بمصدرها، بل وتأخذ نصيبها في كل عملية سرقة يقومان بها"، وكانت الطاعنة لا تمارى في أن ما أورده الحكم في هذا الشأن له أصله الثابت في الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة في شأن استناد الحكم المطعون فيه إلى اعتراف المتهمين لا يكون له محل، وأن ما تثيره الطاعنة عن إغفال الحكم أقوال المحكوم عليه الأول أمام المحكمة الاستئنافية فإنه ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض إذ أن في سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى الأقوال التي أدلى بها المحكوم عليه المذكور أمامها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر في أقواله ما يغير من اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكان العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى، وما توحي به ملابساتها، وكان الحكم قد استخلص توافر هذا العلم لدى الطاعنة استخلاصاً سائغاً ودلل على ثبوته في حقها تدليلاً كافياً لحمل قضائه، فإن ما تثيره الطاعنة - في هذا الشأن - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعدد وقائع السرقة لا يقتضي حتماً تعدد وقائع إخفاء الأشياء المسروقة، بل يجوز أن يكون فعل الإخفاء واحداً ولو كان موضوعه أشياء متحصلة من سرقات متعددة، وكان من المقرر أيضاً أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ولما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي - أن الطاعنة لم تطلب ضم القضايا التي تقول بوجود ارتباط بينها ليصدر فيها حكم واحد، وليس في الأوراق ما يرشح للقول بوجود الارتباط بين القضايا التي أشارت إليها في طعنها ولما كان الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع، ولا مجال للبت في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعاوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط، ولا يقبل من الطاعنة أن تثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب هذه المحكمة بإجرائه، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ما تقدم، فإن الطعنين برمتهما يكونان على غير أساس متعين رفضهما موضوعاً.

الاثنين، 6 أبريل 2020

الطعن 2 لسنة 38 ق جلسة 25/ 11/ 1968 مكتب فني 19 ج 3 نقابات ق 2 ص 781


)أ ) في النقابات

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود عطيفة.
--------------
(2)
الطعن رقم 2 لسنة 38 القضائية
(أ، ب، ج) نقابات. محاماة. "لجنة قبول المحامين. الإجراءات أمامها". "احتساب مدة العمل السابق في مدة المحاماة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. "ما لا يوفره". دعوى. "مصاريف الدعوى".
(أ) عدم لزوم سماع أقوال طالب القيد بجدول المحامين إلا عند نظر طلبه ابتداء.
(ب) مناط احتساب مدة العمل السابق عند احتساب مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة أمام المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية؟
(ج) الفصل في مصاريف ورسوم طلب القيد بجدول المحاماة. لم يتطلبه قانون المحاماة.

-----------------

1 - لم يوجب نص المادة 6 من القانون رقم 96 لسنة 1957 بشأن المحاماة سماع أقوال طالب القيد بجدول المحامين إلا عند نظر الطالب في أول مرة، فإن تخلف هذا الشرط كان من حق الطالب المعارضة في الميعاد الذي حدده القانون في تلك المادة، وهي إذ لم تستلزم سماع أقوال المعارض عند نظر المعارضة ولم ترتب البطلان على عدم سماع أقواله، فإن ما يثيره الطاعن من مخالفة لجنة قبول المحامين لنص المادة السادسة السالف ذكرها لعدم سماعها أقواله عند نظر معارضته يكون غير سديد.
2 - فرق القانون في صدد احتساب مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة أمام المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية بين نوعين من الأعمال حدد الأولى منها حصراً وهي القضاء والنيابة والأعمال الفنية في مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة وقسم قضايا الأوقاف وهيئة التدريس بكليات الحقوق ومدة العمل في وظائف المعيدين بها.. وأوجب احتسابها في تلك المدة، أما ما شابهها من الأعمال القضائية أو الفنية فقد جاء نصه خالياً من تحديدها تاركاً المناط في احتسابها في تلك المدد إلى قرار يصدر من وزير العدل بتعيينها بعد أخذ رأي لجنة قبول المحامين، وإذ كان ذلك وكان العمل الذي تولاه الطاعن سواء في الحصول على دبلومي القانون العام والخاص أو بإدارة التحقيقات لا يندرج في عداد الأعمال التي نصت عليها المادة 18 من القانون 96 لسنة 1957 بشأن المحاماة ولم يصدر من وزير العدل قرار باعتبار هذه الأعمال نظيرة للأعمال القضائية والفنية الواردة في هذا النص واحتسابها في مدد التمرين أو الاشتغال في المحاماة أمام المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف، فإنه لا يترتب للطاعن أي حق في احتساب المدة التي قضاها في تلك الأعمال المتقدمة البيان، ولا يجديه التحدي بالاختصاصات والأعمال التي يكون مدير الجامعة قد أسبغها على العمل بالإدارة التي كان يعمل بها بقراره الصادر في سنة 1958 طالما أن هذا القرار لم يصدر تنفيذاً للمادة 18 من قانون المحاماة ولم يؤخذ رأي لجنة قبول المحامين فيه ولا شأن له في تحديد الأعمال التي تحتسب من مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة.
3 - إن ما يعيبه الطاعن على لجنة قبول المحامين من إغفالها الفصل بقرارها المطعون فيه في مصاريف ورسوم القيد التي كان قد دفعها على ذمة الفصل في الطلب المقدم منه، غير صحيح في القانون، ذلك أنه فصلاً عن أن إغفال الفصل في المصاريف القضائية عملاً بالمادة 356 من قانون المرافعات لا يترتب عليه بطلان الحكم، فإن قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 لم يتطلب من لجنة قبول المحامين الفصل في مصاريف ورسوم الطلب المقدم للقيد بالجدول.



الوقائع
تتحصل وقائع هذا الطعن بحسب ما هو ثابت في الأوراق في أن الطاعن حصل على ليسانس في الحقوق من جامعة باريس في سنة 1947 ومعادلة في القوانين المصرية من جامعة القاهرة في سنة 1949 وعلى دبلوم القانون العام من كلية الحقوق بجامعة القاهرة سنة 1951 ودبلوم القانون الخاص من الكلية ذاتها في سنة 1956 وكان قد عين بوظيفة كتابية بجامعة القاهرة في 8 يونيو سنة 1935 وتدرج في الوظائف الكتابية والإدارية حتى ندب بإدارة التحقيقات في أول فبراير سنة 1955 ثم استقال من الخدمة في 24 يونيو سنة 1967.

وفي 29 من الشهر ذاته تقدم بطلب إلى لجنة قبول المحامين لقيده محامياً أمام محكمة الاستئناف فقررت اللجنة في 16 مارس سنة 1968 قبوله محامياً تحت التمرين. فعارض في هذا القرار. وفي 15 من أبريل سنة 1968 قررت اللجنة رفض المعارضة. فطعن في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه أنه إذ انتهى إلى تأييد القرار المعارض فيه الذي قضى برفض طلب قبوله للمرافعة أمام محاكم الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك بأنه خالف حكم المادة 6 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 لعدم سماع لجنة قبول المحامين لدفاع الطاعن قبل المعارضة وبعدها. كما أن هذه اللجنة فاتها احتساب مدة السنتين اللتين قضاهما الطاعن في الحصول على دبلومي القانون العام والقانون الخاص ضمن مدة التمرين والتسوية في المعاملة بينه وبين المعيدين، كما أن اللجنة لم تحتسب من مدة التمرين الفترة التي قضاها الطاعن في وظيفة مدير لإدارة الشئون القانونية بجامعة القاهرة وهي تقدر باثني عشر عاماً ونصف مع أنها تعد أعمالاً قضائية وفنية طبقاً لم أسبغه عليها قرار مدير الجامعة في سنة 1958 من اختصاصات هي من صميم الأعمال التي أشارت إليها المادة 18 من قانون المحاماة، وكان يجب على اللجنة أن تقترح على وزير العدل اعتبار ما كان يزاوله الطاعن من تلك الأعمال الخاصة من قبيل الأعمال القضائية والفنية، وأخيراً فإن اللجنة لم تفصل فيما قام به الطاعن من سداد لمصاريف ورسم القيد على ذمة الطلب المقدم منه الأمر الذي فيه مخالفة لنص المادة 356 من قانون المرافعات.

وحيث إنه يبين من المذكرة المرفقة بالأوراق والمحررة من واقع أعمال لجنة قبول المحامين أن الطاعن حصل على ليسانس في الحقوق من جامعة باريس في سنة 1947 ومعادلة في القوانين المصرية من جامعة القاهرة في سنة 1949 وعلى "دبلومين" في القانون العام وفي القانون الخاص من الجامعة المذكورة الأول في سنة 1951 والثاني في سنة 1956 وكان الطاعن قد عين بوظيفة كتابية في 8 يونيه سنة 1935 بجامعة القاهرة وتدرج في الوظائف الكتابية والإدارية حتى ندب مديراً للشئون القانونية لتلك الجامعة في أول فبراير سنة 1955، وقدم الطاعن بعد استقالته في 24 يونيه سنة 1967 من وظيفته طلباً إلى لجنة قبول المحامين لقبول قيد اسمه محامياً أمام محاكم الاستئناف فقررت للجنة غيابياً في 16 مارس سنة 1968 بقبول قيد اسمه محامياً تحت التمرين ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وعارض في هذا القرار فقررت بتاريخ 15 إبريل سنة 1968 برفض المعارضة موضوعاً. يقول الطاعن في طعنه أن القرار المطعون فيه مبناه أنه لم يستكمل المدة المقررة في القانون للقيد أمام محاكم الاستئناف.
وحيث إنه لما كان ما يعيبه الطاعن على لجنة قبول المحامين من أنها قد خالفت نص المادة 6 من قانون المحاماة بعدم سماعها أقوال الطاعن في مرحلتي نظر المعارضة وما قبلها مردوداً بأن هذه المادة - على ما جرى به نصها - لم توجب سماع أقوال الطالب إلا عند نظر الطلب في أول مرة فإن تخلف هذا الشرط كان من حق الطالب المعارضة في الميعاد الذي حدده القانون في تلك المادة وهي إذ لم تستلزم سماع أقوال المعارض عند نظر المعارضة ولم ترتب البطلان على عدم سماع أقواله فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. ولما كانت المادة 18 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 الساري على واقعة الطعن (حل محله القانون رقم 61 سنة 1968 بإصدار قانون المحاماة الجديد) قد جرى نصها على أنه "يحتسب من مدة التمرين أو من مدة الاشتغال أمام المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف الزمن الذي قضاه الطالب في القضاء أو النيابة أو في الأعمال الفنية بمجلس الدولة أو بإدارة قضايا الحكومة أو بقسم قضايا وزارة الأوقاف أو في الأعمال القضائية أو الفنية التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي لجنة المحامين وتحتسب مدة العضوية في هيئة التدريس بكليات الحقوق ومدة العمل في وظائف المعيدين بها وكذلك مدة تدريس القانون بكليات التجارة بالجامعات المصرية أو بأية كلية تعتبر شهاداتها الدراسية النهائية معادلة لشهادات الكليات المشار إليها". وبذلك فرق القانون في صدد احتساب مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة أمام المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية بين نوعين من الأعمال حدد الأولى منها حصراً وهي القضاء والنيابة والأعمال الفنية في مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة وقسم قضايا الأوقاف وهيئة التدريس بكليات الحقوق ومدة العمل في وظائف المعيدين بها... وأوجب احتسابها في تلك المادة أما ما شابهها من الأعمال القضائية أو الفنية فقد جاء نصه خالياً من تحديدها تاركاً المناط في احتسابها في تلك المدد إلى قرار يصدر من وزير العدل بتعيينها بعد أخذ رأي لجنة قبول المحامين. لما كان ذلك، وكان العمل الذي تولاه الطاعن سواء في الحصول على "الدبلومين" سالفي البيان أو بإدارة التحقيقات لا يندرج في عداد الأعمال التي نصت عليها المادة 18 المذكورة، وإذ لم يصدر من وزير العدل قرار باعتبار هذه الأعمال نظيرة للأعمال القضائية والفنية الواردة في هذا النص واحتسابها في مدد التمرين أو الاشتغال في المحاماة أمام المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف فإنه لا يترتب للطاعن أي حق في احتساب المدة التي قضاها في تلك الأعمال المتقدمة البيان ولا يجديه التحدي بالاختصاصات والأعمال التي يكون مدير الجامعة قد أسبغها على العمل بالإدارة التي كان يعمل بها بقراره الصادر في سنة 1958 طالما أن هذا القرار لم يصدر تنفيذاً للمادة 18 من قانون المحاماة ولم يؤخذ رأي لجنة قبول المحامين فيه ولا شأن له في تحديد الأعمال التي تحتسب من مدة التمرين أو الاشتغال بالمحاماة. لما كان ما تقدم، فإن كافة ما يثيره الطاعن في طعنه في هذا الصدد لا يكون له محل. وأما ما يعيبه الطاعن على لجنة قبول المحامين من إغفالها الفصل بقرارها المطعون فيه من مصاريف ورسوم القيد التي كان قد دفعها على ذمة الفصل في الطلب المقدم منه فإنه غير صحيح في القانون، ذلك أنه فضلاً عن أن إغفال الفصل في المصاريف القضائية عملاً بالمادة 356 من قانون المرافعات لا يترتب عليه بطلان الحكم، فإن قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 لم يتطلب من لجنة قبول المحامين الفصل في مصاريف ورسوم الطلب المقدم للقيد بالجدول. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1199 لسنة 38 ق جلسة 24/ 6/ 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 155 ص 777


جلسة 24 من يونيه سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
--------------
(155)

الطعن رقم 1199 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) تموين. دقيق. مسئولية جنائية. "المسئولية الفعلية. المسئولية المفترضة".

(أ) مسئولية صاحب المحل ومديره في مجال تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قيام مسئولية المدير سواء أكان متولياً الإدارة بنص العقد أو بالفعل.
(ب) تأثيم الشارع واقعة بيع الخبز ناقص الوزن سواء وقعت من صاحب المخبز أو مديره أو عاملاً فيه أو أي شخص خلافهم. تسويته بين المسئولية الافتراضية لأصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها وبين المسئولية الفعلية لمن يقارف الفعل المنهي عنه.

-------------

1 - إذ نص المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين على مسئولية صاحب المحل مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكامه، فقد سوى في نطاق المسئولية بين أن يكون متولي المحل مديراً بنص العقد أو قائماً بإدارته بالفعل. ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن في طعنه من انحسار الإدارة عنه بنص العقد ما دامت ثابتة له بحكم الواقع الذي لم يجحده.
2 - يعاقب القرار رقم 90 لسنة 1957 بشأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز المعدل بالقرار رقم 282 لسنة 1965 على بيع الخبز ناقص الوزن من أي شخص يقع منه البيع سواء كان صاحب مخبز أو مديراً له أو عاملاً فيه، أو كان غير واحد من هؤلاء ما دام قد وقع منه الفعل المؤثم الموجب للعقاب، ومسئولية البائع هي مسئولية فعلية تستند في تقريرها إلى القواعد العامة في قانون العقوبات، وإلى النصوص الخاصة في القرار. وبذلك يكون القانون قد نحا نحو التسوية بين المسئولية الافتراضية لأصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها وبين المسئولية الفعلية لمن يقارف الفعل المنهي عنه المنهي عنه لا يخلى الأخير من تبعة فعله اعتماداً على مساءلة من لا يقع الفعل منه على اعتبار أنه أراده افتراضاً مما قد يفتح باباً من الذرائع يتعذر به تنفيذ القانون حسبما أراده الشارع وما توخاه من تيسير الحصول على الرغيف تام الوزن.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 21 فبراير سنة 1966 بدائرة مركز أبو المطامير بصفتهم الأول صاحب مخبز والثاني مديراً والثالث خراطاً للمخبز أنتجوا خبزاً أفرنكياً يقل وزنه عن الوزن المقرر قانوناً. وطلبت عقابهم بالمواد 34/ 2، 5 ب من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقانونين 40 سنة 1959 و109 لسنة 1959 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 والمرسوم بقانون 250 لسنة 1952. ومحكمة أبو المطامير الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من الثاني والثالث ستة أشهر مع الشغل وغرامه 100 جنيه وتغريم الأول مائة جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم لمدة تعادل مدة الحبس وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ لكل من المتهمين الثاني والثالث بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن وكيل المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بوصفه مديراً لمخبز أنتج خبزاً ناقص الوزن، قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال. بحق الدفاع ذلك بأنه دفع التهمة المسندة إليه أمام محكمة الدرجة الثانية بأنه لا يعمل مديراً للمخبز، ودلل على ذلك بصورة من رخصة المحل وصورة من عقد العمل بينه وبين مالك المخبز إلا أن المحكمة لم تحقق هذا الدفاع مع جوهريته، ولم ترد عليه بما ينفيه مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعن على أساسين أولهما أنه كان قائماً بإدارة المخبز حين الضبط، وثانيهما أنه باع الخبز ناقص الوزن، ودلل على قيامه الفعلي بالإدارة بما ذكره صاحب المحل - المتهم الأول في الدعوى - من أنه ناط به إدارة المخبز ليلة الضبط، وما أقر به المتهم الثالث من قيام الطاعن بما نيط به، وما شهد به محرر من أنه كان قائماً بالإدارة متولياً عملية البيع بالمخبز. ولما كان ثبوت الإدارة لغير الطاعن سواء بموجب عقد العمل أو بموجب الثابت برخصة المخبز لا ينفي عنه قيامه بالإدارة الفعلية التي أثبتها الحكم في حقه، وكان الحكم قد عرض لدفاعه وأقسطه حقه ورد عليه بما يفنده أخذاً بالأدلة المتقدمة، وكان المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين إذ نص على مسئولية صاحب المحل مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكامه، فقد سوى في نطاق المسئولية بين أن يكون متولي المحل مديراً بنص العقد، أو قائماً بإدارته بالفعل فلا جدوى مما يثيره الطاعن في طعنه من انحسار الإدارة عنه بنص العقد ما دامت ثابتة له بحكم الواقع الذي لم يجحده. لما كان ذلك، وكان القرار رقم 90 لسنة 1957 بشأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز المعدل بالقرار رقم 282 لسنة 1965 يعاقب على بيع الخبز ناقص الوزن من أي شخص يقع منه البيع سواء كان صاحب مخبز أو مديراً له أو عاملاً فيه، أو كان غير واحد من هؤلاء ما دام قد وقع منه الفعل المؤثم الموجب للعقاب، ومسئولية البائع هي مسئولية فعلية تستند في تقريرها إلى القواعد العامة في قانون العقوبات، وإلى النصوص الخاصة في القرار، وبذلك يكون القانون قد نحا نحو التسوية بين المسئولية الافتراضية لأصحاب المخابز والمسئولين عن إدارتها، وبين المسئولية الفعلية لمن يقارف الفعل المنهي عنه المنهي عنه لا يخلى الأخير من تبعة فعله اعتماداً على مساءلة من لا يقع الفعل منه على اعتبار أنه أراده افتراضاً مما قد يفتح باباً من الذرائع يتعذر به تنفيذ القانون حسبما أراده الشارع وما توخاه من تيسير الحصول على الرغيف تام الوزن. لما كان ذلك، فإن الحكم إذ دان الطاعن بوصفه قد باع الخبز ناقص الوزن، بصرف النظر عن كونه مديراً للمخبز، يكون قد طبق القانون تطبيقاً

الطعن 4366 لسنة 59 ق جلسة 11 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 127 ص 762

جلسة 11 من أكتوبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.
------------
(127)
الطعن رقم 4366 لسنة 59 القضائية
(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المتهم في اختيار من يتولى الدفاع عنه. مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع.
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها. ما دام ذلك سائغاً.
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
 (3)تلبس. مأمور الضبط القضائي "سلطاتهم". تفتيش "التفتيش بغير إذن".
التلبس بالجناية. يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه. أساس ذلك؟
تقدير توافر حالة التلبس. لرجل الضبط بداءة. تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
 (4)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "اعتراف".
تشكيك الطاعن في اعترافه للضابط. جدل موضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع. يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض. علة ذلك؟.
مثال.
--------------
1 - لما كان الأصل أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع، إلا أنه وقد ثبت من الأوراق أن الطاعن لم يعترض إذ ندبت المحكمة له محامياً عنه ولم يطلب تأجيل الدعوى، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده، أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته، فإن ما يثيره من أن المحامي المنتدب لم يكن ملماً بوقائع الدعوى لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ولما كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة وأقوال الضابط ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي - طبقاًَ للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية - أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها.
4 - لما كان تشكيك الطاعن في اعترافه للضابط يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، فإنه منعاه في هذا الصدد يكون لا محل له.
5 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن اختلاف وزن المخدر الذي ذكره الضابط عن ذلك الذي أورده تقرير معمل التحليل، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولاً.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيش وسيكونال) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: أحرز بقصد الاتجار مادة "الميرومايات" التي تخضع لبعض قيود الجواهر المخدرة وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة....... قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 27، 34/ 3، 42/ 1، 24 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 45 لسنة 1984 والبندين 57، 66 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976، والبند 12 من الجدول الثالث الملحق بالقانون الأول والمادة 32 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة مخدر بقصد الاتجار قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحامي الذي ندبته المحكمة للدفاع عنه جاء دفاعه شكلياً غير جدي لم يحط بواقعة الدعوى، والتفت الحكم عما أثاره بالتحقيقات من أنه قبض عليه في سيارة أجرة وفتشه الضباط دون مسوغ كما رد رداً قاصراً وغير سائغ على ما دفع به من بطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس إذ لم تجر تحريات مسبقة عن نشاطه رغم ما قرره المرشد من معرفته به ونشاطه المؤثم وادعى الضابط أنه شاهده يبيع مخدراًً لآخر قبل ضبطه ورغم ذلك لم يقم بضبطهما ولم يكشف عن كيفية علمه بكنه المواد التي يبيعها وسعرها رغم أنه لا يعمل بقسم مكافحة المخدرات وحديث عهد بالخدمة، هذا إلى أنه أنكر ارتكاب الواقعة في التحقيقات واعترافه للضابط، وقد جاء وزن المخدر في تقرير المعمل مختلفاً عن ذلك الذي ذكره الضابط، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من المحامين لم يحضر للدفاع عن الطاعن فندبت المحكمة محامياً للدفاع عنه وسلمته صورة من ملف الدعوى للاطلاع والاستعداد، وأنه أبدى مرافعته دون اعتراض من الطاعن. لما كان ذلك، وإن كان الأصل أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع، إلا أنه وقد ثبت من الأوراق أن الطاعن لم يعترض إذ ندبت المحكمة له محامياً عنه ولم يطلب تأجيل الدعوى، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده، أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته، فإن ما يثيره من أن المحامي المنتدب لم يكن ملماً بوقائع الدعوى لا يكون له محل. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن مرشداً سرياً أبلغ ضابط مباحث قسم عابدين أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة في الطريق العام فتوجه إلى مكان وجوده، وابتاع منه كبسولتين من مخدر السيكونال بمبلغ خمسة جنيهات وعندئذ قام بالقبض عليه وتفتيشه فعثر معه على واحد وتسعين كبسولة من ذات المخدر ولفافتين من مخدر الحشيش وعشرة أقراص من عقار الميرومات، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو سالف الذكر أدلة مستمدة من أقوال الضابط وتقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة وأقوال الضباط ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي - طبقاً للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية - أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة على النحو السالف حصل دفاع الطاعن من دفعه ببطلان وإجراءات القبض والتفتيش ورد بقوله "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم بعد أن اطمأنت لأدلة الإثبات آنفة البيان - لما كان ذلك وكان ضبط المخدر بأنواعه في حيازة المتهم كان وليد إجراء مشروع بدايته قبول المتهم بيع قرصين من مخدر السيكونال لضابط الشرطة ولما أن أصبحت جريمة حيازة المخدر متلبساً بها نتيجة لذلك قام الضابط بالقبض على مرتكبها وتفتيشه وهذه وتلك إجراءات قانونية سديدة يتعين الأخذ بنتيجتها ومن ثم فالدفع غير سديد". وهو رد كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تشكيك الطاعن في اعترافه للضابط يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، فإنه منعاه في هذا الصدد يكون لا محل له. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن اختلاف وزن المخدر الذي ذكره الضابط عن ذلك الذي أورده تقرير معمل التحليل، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.