الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 يناير 2020

الطعن 327 لسنة 20 ق جلسة 22 / 1 / 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 55 ص 375

جلسة 22 من يناير سنة 1953
برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور حضرات الأساتذة: سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل وعبد العزيز سليمان المستشارين
---------------.
(55)
القضية رقم 327 سنة 20 القضائية
(أ) نقض. طعن. 
حكم صادر في ظل قانون المرافعات القديم. فصله فصلاً قطعياً نهائياً في بعض نقط من النزاع. جواز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) نقض. طعن. إعلان. 
عدم إثبات المحضر الخطوات التي سبقت تسليم صورة الحكم إلى شيخ البلد. بطلان الإعلان. عدم جواز اعتباره مبدأ لسريان ميعاد الطعن.
(جـ) حكم. 
القبول المانع من الطعن. شرطه. حضور الخصم أمام الخبير وإبداء دفاعه تنفيذاً لحكم واجب النفاذ. هذا العمل غير قاطع الدلالة في الرضاء بالحكم. بقاء حق الخصم في الطعن في هذا الحكم.
(د) وكالة. 
جواز اتفاق العاقدين على استمرارها رغم وفاة أحدهما. هذا الاتفاق قد يكون صريحاً أو ضمنياً. مثال.
(هـ) وكالة. 
حوالة بقصد التحصيل وتسديد المبلغ المتحصل للغير. صلح الوكيل مع المدين بتنازله عن جزء من الدين. اعتبار الحكم أن الوكيل مسئول عن الضرر الذي لحق الموكل بسبب هذا الصلح. لا خطأ. القول بأن هذه الحوالة هي اشتراط لمصلحة الغير. غير صحيح في القانون.
(و) تقادم. وقف التقادم. 
النزاع على قيام عقد أو فسخه بعقد لاحق أمام القضاء. واقف للتقادم لا قاطع له. حكم. تسبيبه. خطؤه في اعتبار هذا النزاع قاطعاً للتقادم في غير الحالات المنصوص عليها قانوناً في حين أنه واقف له. لا يستوجب نقضه متى كان يمكن إقامته تطبيقاً لأحكام وقف التقادم.
(ز) حكم. تسبيبه. 
تمسك الطاعن في صحيفة استئنافه بأن المبلغ الذي حكم به عليه هو تعويض لا يستحق إلا بعد إعذاره وأن الإعذار لم يحصل. عدم تمسكه بهذا الدفاع في مذكرته الختامية وقصر دفاعه على أنه أوفى بالمبلغ. إغفال الحكم الرد على الوجه المشار إليه. لا قصور.
)ح) حكم. تسبيبه. 
قضاؤه بندب خبير لتصفية الحساب بين الطاعن والمطعون عليه. تمسك الطاعن بأنه أوفى بمبالغ بموجب وصولات. عدم تناول الحكم هذا الدفاع. لا يعيبه متى كان المستفاد من أسبابه أنه أرجأ الفصل فيه إلى ما بعد تقديم الخبير تقريره.
---------------
1 - متى كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قضى - أولاً - برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمس عشرة سنة - وثانياً - بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول برفض الدعوى - وثالثاً - بالنسبة للطاعن وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب خبيراً لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم، ومن ثم فهو فيما قضى فيه من ذلك كله قطعي نهائي يقبل الطعن بطريق النقض استقلالاً، إذ صدر في ظل قانون المرافعات القديم الذي كان الطعن وفقاً له جائزاً في الأحكام القطعية.
2 - متى كان المحضر لم يثبت في محضره الخطوات التي سبقت تسليم صورة الحكم إلى شيخ البلد، فإن هذا الإعلان يكون باطلاً ولا يصح اعتباره مبدأ لسريان ميعاد الطعن.
3 - إذا كان حضور الخصم أمام الخبير وإبداء دفاعه إنما كان تنفيذاً لحكم واجب التنفيذ، فإنه يكون غير قاطع الدلالة في رضاء هذا الخصم بالحكم، إذ قد يكون مجرد إذعان لما لا سبيل إلى الحيلولة دون المضي فيه. كما يكون في غير محله الدفع بعدم قبول طعنه في هذا الحكم لسبق رضائه به.
4 - للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه بأن تكون الوكالة لمصلحة الموكل والغير مثلاً، وإذن فمتى كان الواقع هو أن المطعون عليه الأول تعهد بموجب عقد رسمي بأن يتنازل عن دين له قبل باقي المطعون عليهم إلى مورث الطاعن ونص في الاتفاق على أن هذا التنازل هو لأجل تحصيل المبلغ من المدينين ودفعه إلى الطاعن الذي يداين المطعون عليه الأول بأكثر منه وكان الحكم المطعون فيه قد كيف هذا الاتفاق بأنه وكالة تعلق بها حق الغير وليس للموكل سحبها أو إسقاطها بغير رضاء وقبول هذا الغير، فإن هذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون.
5 - متى كان الطاعن قد قام بالصلح مع المدينين تنفيذاً للوكالة المشار إليها فإنه يكون صحيحاً ما رتبه الحكم على التكييف الذي انتهى إليه من مسئولية الطاعن إذا ما ثبت أنه في صلحه معهم أضر بالموكل بأن تنازل عن جزء من دين المحال عليهم مما يجب أن يقدم عنه حساباً على اعتبار أن التحويل كان على سبيل التحصيل. أما القول بأن حقيقة العملية هي اشتراط لمصلحة الغير وهو هنا الطاعن فينفيه أن الاتفاق لا يخول الطاعن حقاً مباشراً قبل مورثه في استيفاء دينه منه.
6 - النزاع على عقد أمام القضاء من شأنه وقف سريان التقادم على الالتزامات المترتبة على هذا العقد لا انقطاعه متى كان لم يتوافر سبب من أسباب الانقطاع القانونية. إلا أن الحكم وإن كان قد أخطأ إذ اعتبر مدة النزاع في العقد أمام القضاء قاطعة للتقادم لا واقفة له فإن هذا الخطأ لا يضيره إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة تطبيقاً لأحكام وقف التقادم.
7 - إذا كان الطاعن قد تمسك في صحيفة استئنافه في خصوص مبلغ كان يطالبه به المطعون عليه الأول - لإخلاله بالتزاماته بأنه في حقيقته تعويض لا يستحق إلا بعد إعذاره وأنه لم يوجه إليه إعذاراً، وكان لم يتمسك بهذا الوجه من دفاعه في مذكرته الأخيرة أمام محكمة الاستئناف وإنما قال إنه سدد هذا المبلغ إلى المطعون عليه الأول، فإن في هذا ما يفيد تركه التمسك بالوجه المشار إليه ويكون النعي على الحكم بالقصور لعدم تناوله هذا الدفاع على غير أساس.
8 - متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بندب خبير لتصفية الحساب بين الطاعن وبين المطعون عليه الأول لم يتناول ما دفع به الطاعن من أنه أوفى بمبالغ إلى المطعون عليه الأول بموجب وصولات خصماً من الدين الذي يطالبه به وكان المستفاد من أسباب الحكم أنه أرجأ الفصل في هذا الدفاع إلى ما بعد تقديم الخبير تقريره فإن النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.

الوقائع
في يوم 18 من نوفمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 28 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 223/ 2 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 26 و27 من نوفمبر سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 7 من ديسمبر سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 26 من ديسمبر سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن شكلاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 27 منه أودع باقي المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أولاً الحكم بقبول الدفع الفرعي الأول ورفض الطعن شكلاً، ثانياً: احتياطياً بقبول الدفع الفرعي الثاني. ثالثاً: من باب الاحتياط الكلي برفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 11 من يناير سنة 1951 أودع الطاعن مذكرة بالرد - وفي 25 منه أودع المطعون عليهم عدا الأول مذكرة بملاحظاتهم على الرد.
وفي 27 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد وقبوله شكلاً، وكذلك برفض الدفع بعدم قبوله لقبول الطاعن الحكم المطعون فيه ورفض الدفع بعدم جواز الطعن في الحدود المبينة بمذكرتها وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 8 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامو الطاعن والمطعون عليهم والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطاعن والمطعون عليهم والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن المطعون عليه الأول دفع بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الدعوى ما زالت منظورة أمام محكمة الاستئناف ولا يجوز الطعن في الحكم بطريق غير عادي ما دام الطعن فيه بطريق عادي جائزاً.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قضى أولاً برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمس عشرة سنة وثانياً بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول برفض الدعوى قبلهم وثالثاً بالنسبة للطاعن وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب الخبير الحسابي الحكومي لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم وقيد حدد الحكم المطعون فيه مأمورية الخبير وفقاً للأسس المبينة فيه وفصل في أسبابه كما سبق البيان في مسائل عديدة من أوجه النزاع الموضوعية، فهو فيما قضي فيه من ذلك كله قطعي نهائي يقبل الطعن بطريق النقض إذ صدر في 28 من إبريل سنة 1948 في ظل قانون المرافعات القديم وكان الطعن وفقاً له جائزاً في الأحكام القطعية.
ومن حيث إن المطعون عليهم عدا الأول دفعوا أيضاً أولاً بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه أعلن إلى الطاعن في 21 من سبتمبر سنة 1948 ولم يحصل التقرير بالطعن إلا في 18 من نوفمبر سنة 1950 بعد مضي الميعاد القانوني وثانياً بعدم جواز الطعن لرضاء الطاعن بالحكم المطعون فيه وتنفيذه دون أي تحفظ، إذ حضر أمام محكمة طنطا بعد أن أعيدت القضية إليها من محكمة الاستئناف وحضر أمام الخبير وقدم مذكرات بدفاعه دون أن يحتفظ لنفسه بحق الطعن في الحكم الاستئنافي.
ومن حيث إن هذين الدفعين مردودان أولاً بأنه يبين من الاطلاع على ورقة إعلان الحكم المطعون فيه إلى الطاعن أن المحضر أثبت أنه انتقل لمحل إقامة أنطون أفندي عريضة المقيم بطنطا بشارع ماهر باشا وأعلنه بالحكم مخاطباً مع شيخ البلد "لغيابه وغلق مسكنه" وقد دفع الطاعن ببطلان هذا الإعلان، ولما كان المحضر لم يثبت في محضره الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى شيخ البلد فإن هذا الإعلان يكون باطلاً ولا يصح اعتباره مبدأ لسريان ميعاد الطعن ومردودان ثانياً بأن حضور الطاعن أمام الخبير وإبداءه دفاعه إنما كان تنفيذاً لحكم واجب التنفيذ فهو غير قاطع الدلالة في رضاء الطاعن بالحكم إذ قد يكون مجرد إذعان لما لا سبيل إلى الحيلولة دون المضي فيه. ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 716 سنة 1925 كلي طنطا على المطعون عليه الأول يطالبه بدين وانتهت هذه الدعوى صلحاً أقر بموجبه المطعون عليه الأول - محمد زكي الغنيمي - بمديونيته للطاعن في مبلغ 1644 جنيهاً تعهد بدفعه على ثلاثة أقساط متساوية مع الفوائد المنصوص عليها فيه - وفي 28 من يناير سنة 1928 اشترى انطون عريضه مورث الطاعن من المطعون عليه الأول 43 فدان بعقد ابتدائي ورد فيه أن الثمن هو 150 جنيهاً للفدان واتفق الطرفان على أن يدفع المشتري الثمن إلى بنك الأراضي والبنك العقاري وإلى الطاعن وفاء للديون التي لهم في ذمة المطعون عليه الأول وما يتبقى منه يدفعه إلى البائع عند تحرير العقد النهائي في خلال شهر. وفي مجلس العقد صدر إقرار من المشتري التزم فيه أن يتخلى عن الصفقة إذا استطاع البائع أن يجد مشترياً بثمن يزيد على 50 جنيهاً للفدان في خلال سنتين فإن انقضت هذه المدة دون أن يجد مشترياً أصبح أنطون عريضه مالكاً لها ملكية نهائية. بعد ذلك اتخذ البنك العقاري إجراءات التنفيذ على العين وأودع قائمة شروط البيع في 19 من إبريل سنة 1928 - وفي أول أغسطس سنة 1928 أبرم أنطون عريضه مع المطعون عليه الأول عقداً يتضمن التزام أنطون عريضه أن يدخل في مزاد 32 فداناً و23 قيراطاً و6 أسهم المطروحة للبيع وأن يشتريها بثمن لا يزيد على 150 جنيهاً للفدان فإذا كان الشراء بأقل من 150 جنيهاً للفدان كان الفرق بين ثمن الشراء والـ 150 جنيهاً من حق المطعون عليه الأول وإذا زاد على 150 جنيهاً كانت الزيادة مناصفة بين الطرفين وفي الحالتين لا يستحق المطعون عليه الأول هذا النصيب إلا بعد بيع الأطيان للغير. وجاء في البند الثاني من هذا العقد أن المطعون عليه الأول تعهد بأن يتنازل بعقد رسمي عن دين مؤمن برهن مقداره 916 جنيهاً و480 مليماً بخلاف الفوائد كان من عداه من المطعون عليهم مدينين به للبنك العقاري ودفعه المطعون عليه الأول للبنك وحل محله فيه بموجب عقد تنازل مؤرخ في 19 من يونيه سنة 1925 كما تعهد بأن يسلم إلى أنطون عريضه عقد الرهن وقائمة التسجيل المجدد سنة 1926. ونص في الاتفاق على أن هذا التنازل هو لأجل تحصيل المبلغ من ورثة الحفني محمد الغنيمي ودفعه إلى توفيق انطون عريضه - الطاعن - الذي يداين المطعون عليه الأول بأكثر منه - وحدد للمزاد جلسة 24 من أكتوبر سنة 1928 وفيها رسا المزاد على شخص اسمه نقولا السمين بثمن مقداره 124 جنيهاً للفدان وقرر هذا الأخير في اليوم التالي أن الشراء لحساب أنطون عريضه. فطالب المطعون عليه الأول مورث الطاعن بالفرق فلم يقبل فأقام عليه الدعوى رقم 456 سنة 1929 مدني كلي طنطا. وطلب براءة ذمته من الدين الثابت بعقد الصلح في القضية 716 سنة 1925 وطلبات أخرى خاصة بعقد الحلول. فقضي برفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليه الأول بالاستئناف رقم 668 سنة 57 ق، فقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة ذمة المطعون عليه الأول من مبلغ 803 جنيهاً و949 مليماً خصماً من قيمة مبلغ الصلح الحاصل في القضية 176 سنة 1925 كلي طنطا وبإلزام تركة أنطون عريضة بأن تدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 105 جنيهاً و660 مليماً وبرفض باقي الطلبات بحالتها التي هي عليها وذلك بالنسبة لمبلغ عقد الحلول. وطعن على هذا الحكم بطريق النقض وقضي برفضه في الطعن رقم 39 سنة 12 ق. وفي 23 من يناير سنة 1943 تصالح الطاعن مع ورثة الحفني محمد الغنيمي بعقد ورد فيه أن الطاعن قبل أن يأخذ من الورثة المذكورين 1500 جنيهاً مقابل الدين المؤمن برهن موضوع عقد الحلول ونص في البند الثالث على أن هذا المبلغ يشمل كل حساب بين الطرفين وأن الطاعن يتعهد بتسليم الورثة مستندات الدين جميعها مؤشراً عليها بالسداد بمجرد التوقيع على عقد الشطب واستلام مبلغ 900 جنيهاً الباقي له. وفي نفس اليوم تعهد الورثة في ورقة أخرى بأن يسلموا إلى الطاعن الإيصالات المبينة في الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية في 26 من نوفمبر سنة 1936 وذلك بعد تسلمهم مستندات الدين مؤشراً عليها بالوفاء. ويبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للحكم المذكور المقدمة ضمن أوراق الطعن أن ورثة الحفني عارضوا في تنبيه نزع ملكية أعلنهم به المطعون عليه الأول في 19 من أغسطس سنة 1925 لأسباب منها أنهم ينازعون في مديونيتهم بمبلغ 916 جنيهاً موضوع عقد التنازل والحلول واستندوا إلى محضر جرد قدم إلى المجلس الحسبي بتاريخ 28 يناير سنة 1921 من المرحوم محمد الغنيمي مورث محمد زكي الغنيمي المطعون عليه الأول يدل على أن قيمة الدين الذي على تركة المرحوم حفني الغنيمي للبنك العقاري حتى 31 ديسمبر سنة 1920 هو مبلغ 1150 جنيهاً كما استندوا إلى أربعة إيصالات تاريخها بعد سنة 1921 منها اثنان صادران من البنك العقاري واثنان بتوقيع محمد زكي الغنيمي المطعون عليه الأول وقيمة هذه الإيصالات 611 جنيهاً وحكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض المعارضة في التنبيه وورد في أسباب حكمها أنه باستنزال المبلغ المذكور من الدين المطالب به وقدره 916 جنيهاً و485 مليماً يتبقى قبل الحفني مبلغ 305 جنيهاً و485 مليماً بخلاف الفوائد مما يخول الحق في السير في إجراءات نزع الملكية ويبرر تنبيه نزع الملكية المعارض فيه - وأقام ورثة الحفني بعد ذلك الدعوى رقم 7 سنة 1944 كلي طنطا وطلبوا الحكم ببراءة ذمتهم من الدين المحول من المطعون عليه الأول إلى أنطون حنا عريضه مورث الطاعن وبتعويض قدروه. فدفع الطاعن الدعوى بأنه بتاريخ عقد الصلح تعهد الورثة بموجب ورقة خاصة بأن يسلموا إليه الإيصالات المشار إليها في الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة الإسكندرية المختلطة في 26 من نوفمبر سنة 1936 وهي الإيصالات التي يقول الورثة أنهم دفعوا بموجبها إلى محمد زكي الغنيمي المطعون عليه الأول 611 جنيهاً وأن الصلح تم على هذا الأساس وأنهم لم يقدموا هذه الإيصالات، فقضت المحكمة في 2 من يونيه سنة 1945 ببراءة ذمة الورثة وبالتعويض وورد في أسباب الحكم أن دفاع الطاعن لا محل له لأنه بالرجوع إلى عقد الصلح يبين أن الورثة تصالحوا مع الطاعن على مبلغ 1500 جنيهاً مقابل جميع الديون المطلوبة له وأن ما يدعيه من أن الصلح تم بينه وبينهم على أساس أن دين البنك هو 305 جنيهاً و485 مليماً غير صحيح لخلو عقد الصلح مما يثبت هذا الادعاء إذ شمل جميع الديون المطلوبة من الورثة بعبارة واضحة لا لبس فيها وأن الورثة لا ينكرون أنهم عارضوا في تنبيه نزع الملكية وقدموا إيصالات بمبلغ 611 جنيهاً إلا أنهم لما تم الصلح بينهم وبين الطاعن لم يعد لهذه الإيصالات أية فائدة لديهم فتعهد بتسليمها للطاعن كطلبه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 222 سنة 2 ق استئناف الإسكندرية.
وفي 28 إبريل سنة 1948 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به خاصاً ببراءة الذمة وإلغائه بالنسبة للتعويض وورد في أسبابه أن ورثة الحفني لم يقدموا الإيصالات إلا في 25 من مارس سنة 1948 وأنه لا عبرة بما جاء في الحكم الابتدائي من أنه لم تعد لهذه الإيصالات فائدة إذ أن الطاعن عند اشتراطه على الورثة تسليم هذه الإيصالات قد تحقق من فائدتها لديه عند الحساب مع المطعون عليه الأول على هذا الدين وقيمة ما تبقى منه، وأنه لذلك يكون كلا الطرفين قد قصر في القيام بما التزم به فلم يقم الطاعن بشطب الرهن ولم يقم الورثة بتسليم الإيصالات ومن ثم يكون التعويض لا محل له. وأقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 267 سنة 1943 كلي طنطا على الطاعن وباقي المطعون عليهم وهم ورثة المرحوم الحفني محمد الغنيمي وطلب أولاً ببراءة ذمته من باقي قيمة محضر الصلح الحاصل في القضية رقم 716 سنة 1925 كلي طنطا وإلزام الطاعن بأن يدفع إليه مبلغ 336 جنيهاً و226 مليماً وثانياً إلزام الطاعن من ماله الخاص وباقي المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا إلى المطعون عليه الأول من تركة مورثهم المرحوم الشيخ حفني مبلغ 2644 جنيهاً و666 مليماً ومحو جميع الآثار المترتبة على اتفاق الطاعن مع باقي المطعون عليهم وأسس دعواه على أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 668 سنة 57 ق سجل على مورث الطاعن تقصيره في التزاماته بشأن عقدي 28 من يناير سنة 1928 وأول أغسطس سنة 1928 وأن المورث المذكور لم يودع كامل الثمن الذي رسا به مزاد الأطيان عليه بل استبقى منه 2000 جنيه وأدى ذلك إلى أن التوزيع لم يفتح إلا في 24 من فبراير سنة 1930 فتحمل المطعون عليه الأول بمبالغ لم يكن ليتحملها لو لا فعل مورث الطاعن وهي الفوائد التي استحقت بسبب تأخره في دفع كامل الثمن الذي رسا به المزاد عليه - وأن مجموع ما للطاعن قبله بمقتضى محضر الصلح الحاصل في القضية رقم 716 سنة 1925 كلي طنطا مضافاً إليه الفوائد عن خمس سنوات بواقع 4.5% هو مبلغ 2072 جنيهاً و400 مليماً ومجموع ما على الطاعن له أي المطعون عليه الأول هو قيمة ما قضى به الحكم الصادر في القضية 668 سنة 57 ق وقيمة ما أضاعه مورث الطاعن بسبب تأخره في تنفيذ اتفاقه وتنفيذ عقد الحلول الصادر له بقصد التحصيل في أول أغسطس سنة 1928 ومجموع هذه المبالغ 4968 جنيهاً و309 مليماً يخصم منه المبلغ الذي يستحقه الطاعن فيكون باقياً للمطعون عليه الأول مبلغ 2895 جنيهاً و909 مليماً وأن ورثة الحفني مسئولون بالتضامن مع الطاعن عما نقص عن المبلغ الثابت في عقد الحلول - ودفع الطاعن الدعوى بسقوط الحق في المطالبة بقيمة ما أضاعه مورثه بسبب تأخره في تنفيذ التزامه لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على عقد الاتفاق المبرم في 28 من يناير سنة 1928. ودفعها المطعون عليهم عدا الأول بأنهم أودعوا مبلغ الـ 1500 جنيه الذي التزموا به طبقاً لمحضر الصلح. وفي 2 من يونيه سنة 1945 حكمت المحكمة أولاً برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمسة عشرة سنة وثانياً بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول برفض الدعوى قبلهم وثالثاً بالنسبة للطاعن وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي الحكومي صاحب الدور لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم مؤسسة قضاءها على أن الحق في المطالبة لم يسقط لانقطاع المدة بسبب قيام النزاع على العقدين المحررين في 28 يناير سنة 1928 وأول أغسطس سنة 1928 في الدعوى رقم 668 سنة 57 ق الإسكندرية التي قضي فيها بقيام العقدين وإعمالهما معاً وأن العقد الثاني معدل للعقد الأول وليس ناسخاً له. وأن الطاعن لذلك يكون مسئولاً عما يكون قد ضاع على المطعون عليه الأول من 24/ 10/ 1928 تاريخ رسو المزاد وهو التاريخ الذي قضى حكم محكمة الاستئناف باعتباره تاريخ الوفاء بتعهدات مورث الطاعن لغاية 30 مارس سنة 1930 تاريخ فتح التوزيع وذلك بسبب تقصير المورث في تنفيذ تعهداته بعدم مبادرته إلى دفع باقي الثمن الراسي به المزاد عليه وما ترتب على ذلك من فوائد ومصاريف استحقت بسبب ذلك - وأن تحويل عقد الحلول كان بقصد التحصيل وكل تقصير يترتب عليه ضياع أي مبلغ من أصل وملحقات يسأل عنه مورث الطاعن وبالتالي الطاعن وارثه الوحيد ولا يشفع له أنه تصالح مع المطعون عليهم عدا الأول في نظير مبلغ 1500 جنيه إذا كانت نتيجة الحساب تزيد على هذا المبلغ الأخير وهو بحسب قول المطعون عليه الأول تبلغ بعد إضافة الفوائد المتجمدة للمبلغ المحول من تاريخ التحويل مبلغ 3561 جنيهاً و496 مليماً والطاعن مسئول عن ذلك لأن الوكيل يسأل عن تقصيره الجسيم - وأن ما يزعمه المطعون عليه الأول من حصول غش في الصلح الذي تم بين الطاعن وباقي المطعون عليهم لا دليل عليه وكل ما له هو الرجوع على وكيله إذا ما ثبت تقصيره الجسيم وأنه يتعين ندب خبير لتحديد ما يستحقه المطعون عليه الأول قبل الطاعن سواء في ذلك قيمة المبالغ التي ضاعت على المطعون عليه الأول بسبب تقصير مورث الطاعن في التزاماته قبله وفي تأخره في دفع الثمن الذي رسا به المزاد عليه في المدة من 24/ 10/ 1928 لغاية 30/ 3/ 1930 وفيما ضاع على المطعون عليه الأول من قيمة عقد الحلول المحلول إلى مورث الطاعن بقصد التحصيل بعد إضافة الفوائد المتجمدة طبقاً لعقد الرهن مع البنك لغاية رفع الدعوى في 29/ 2/ 1943 ثم تصفية الحساب بين الطرفين باحتساب ما لكل منهما قبل الآخر فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 223 سنة 2 ق واستأنف المطعون عليه الأول وقيد استئنافه برقم 161 سنة 1 ق وفي 28 من إبريل سنة 1948 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية في موضوع الاستئنافين بتأييد الحكم الابتدائي مع تحديد مأمورية الخبير وفقاً للأسس المبينة في أسباب حكمها وأخذت بأسباب الحكم الابتدائي وقالت عن التنازل الصادر من المطعون عليه الأول إلى مورث الطاعن عن عقد الحلول أنه ليس حوالة ناقلة للملكية بل هي حوالة للتحصيل فهي وكالة لا تسقط بوفاة مورث الطاعن إذ تعلق بها حق الغير وهو الطاعن، وقالت عن دعوى الطاعن قبل ورثة حفني أنهم قاموا بتقديم الإيصالات التي تعهدوا بتقديمها في الورقة المكملة لعقد الصلح وذلك في القضية 222 سنة 2 ق الإسكندرية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولهما في أن الحكمين الابتدائي والاستئنافي أخطآ في القانون إذ كيفا عقد أول أغسطس سنة 1928 بأنه كان للتحصيل مع أن العقد هو اشتراط لمصلحة الغير قصد به إجراء مقاصة في حدود المبلغ الأقل بين الدين المتنازل عنه في عقد الحلول ودين الطاعن قبل المطعون عليه الأول وينبني على ذلك أن يرجع تاريخ المقاصة إلى تاريخ إبرام العقد سنة 1928، وإذ قرر الحكم الاستئنافي أن هذه الوكالة لا تنقضي بوفاة الوكيل لتعلق حق الغير بها مع أن الوكالة تنقضي في كل الأحوال بالوفاة، وإذ رفض الحكمان الدفع بسقوط الحق في المطالبة بمقولة إن العقد كان محل نزاع في دعوى سابقة ترتب عليه انقطاع التقادم مع أن أسباب الانقطاع محصورة في القانون وليس منها تقديم العقد والاستناد إليها أمام القضاء.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع باعتبار عقد أول أغسطس سنة 1928 فيما يختص بالتنازل الحاصل من المطعون عليه الأول إلى مورثه عن عقد الحلول - هو اشتراط لمصلحة الغير بل كان دفاعه في هذا الخصوص أمامها أن الاتفاق على هذا التنازل إنما كان حوالة كاملة انتقلت بها ملكية الدين المتنازل عنه أو وفاء بمقابل وتمسك المطعون عليه الأول بأنها حوالة على سبيل التحصيل وقد أقرته المحكمة على هذا النظر وهذا منها تكييف لا خطأ فيه إذ لم تخرج المحكمة فيه عما تحتمله عبارة التنازل - وقد أبدي الدفع بأن الوكالة تنقضي بالوفاة ولا تستمر مع وارث الوكيل من المطعون عليه الأول لا من الطاعن فرد الحكم على هذا الدفاع بقوله "إن حجة محمد أفندي زكي الغنيمي بأن هذه النيابة قد سقطت بوفاة مورث توفيق أفندي يرد عليها بأن هذه النيابة قد تعلق بها حق الغير وهو توفيق أفندي ومن ثم فليس لمحمد أفندي زكي الغنيمي سحب هذه النيابة أو إسقاطها بأي حال من الأحوال بغير رضاء وقبول هذا الغير". وهذا الذي قرره الحكم صحيح - ذلك بأن للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً - ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه - بأن كانت الوكالة لمصلحة الموكل والغير كما هو الحال في الدعوى - وقد قام الطاعن فعلاً بالصلح مع ورثة الحفني تنفيذاً لهذه الحوالة ومن ثم يكون صحيحاً ما رتبه الحكم على هذا التكييف من مسئولية الطاعن إذا ما ثبت أنه في صلحه معهم أضر بالمحيل بأن تنازل عن جزء من دين المحال عليه مما يجب عليه أن يقدم عنه حساباً على اعتبار أن التحويل كان على سبيل التحصيل - أما القول بأن حقيقة العملية هي اشتراط لمصلحة الغير وهو هنا الطاعن فينفيه أن الاتفاق لا يخول الطاعن حقاً مباشراً قبل والده في استيفاء دينه منه - ومردود ثانياً بأن الحكم إذ قضى بعدم سقوط الحق في المطالبة بمضي المدة قد انتهى إلى نتيجة صحيحة - ذلك بأن النزاع على عقدي يناير وأغسطس سنة 1928 أمام القضاء من شأنه وقف سريان التقادم على الالتزامات المترتبة على العقدين ولم تكتمل المدة المسقطة للحق بعد أن فصل نهائياً في أمر هذين العقدين.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم شابه القصور. ذلك بأن المطعون عليه الأول كان يطالب بمبلغ 549 م و405 ج بزعم أن مورث الطاعن تسبب في خسارته لتأخره في الوفاء بالثمن الذي رسا به المزاد عليه ودفع الطاعن هذا الطلب بأن هذا الحق قد سقط بالتقادم وأنه في الواقع تعويض والمطالبة بالتعويض لا تجوز إلا بعد الإعذار ولم يحصل الإعذار، فرد الحكم على الدفع الأول دون الثاني - كما قدم الطاعن إيصالات تدل على قيام مورثه بدفع فوائد التأخير عن الوفاء وبدفع باقي الثمن الذي رسا به المزاد عليه وبذلك يكون أوفى بالتزاماته - ولم تتناول المحكمة هذه الإيصالات بالبحث.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بأن الطاعن وإن كان قد تمسك في صحيفة استئنافه في خصوص مبلغ 549 م و405 ج الذي كان يطالبه به المطعون عليه الأول لإخلاله بالتزاماته بأنه حقيقته تعويض لا يستحق إلا بعد إعذاره وأنه لم يصدر إليه إعذار إلا أنه في مذكرته الأخيرة أمام محكمة الاستئناف والمقدمة صورتها الرسمية إلى هذه المحكمة لم يتمسك بهذا الوجه من دفاعه وإنما قال أنه سدد هذا المبلغ بعضه للبنك العقاري وبعضه لفلتوس أحد الدائنين وأنه بذلك تكون ذمته قد برئت منه مما يفيد تركه التمسك بالوجه المشار إليه، ومردود ثانياً بأن الحكم بندب الخبير لتصفية الحساب بينه وبين المطعون عليه الأول لا يحرم الطاعن من تقديم ما لديه من إيصالات للخبير تأييداً لدفاعه السالف الذكر فعدم تنازل الحكم هذا الوجه من الدفاع ليس إغفالاً له يستوجب نقضه وإنما هو إرجاء للفصل فيه إلى ما بعد أن يقدم الخبير تقريره بنتيجة ما كلف به.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن منطوق الحكم يتناقض مع أسبابه إذ قضي بإلزام الطاعن بقيمة عقد الحلول بعد إضافة الفوائد مع أنه ثبت أن 611 ج من مبلغ الحلول دفعت إلى المطعون عليه الأول بموجب إيصالات فلم يعد باقياً منه سوى مبلغ 305 ج وهو ما يجب أن تقتصر عليه المحاسبة ولذلك أدخل الطاعن ورثة الحفني في الدعوى ليثبتوا دفع الـ 611 ج للمطعون عليه الأول فإن عجزوا تعين إلزامهم بما يلزم به الطاعن ولكن المحكمة أخرجت ورثة الحفني من الدعوى واستندت في ذلك إلى أن عقد الصلح لم يشبه غش مع أن مسئولية ورثة الحفني لا تقوم حتماً على الغش بل قد تقوم على الخطأ أو الإثراء على حساب الغير، إذ لا يعقل أن يستفيدوا من عقد صلح مبنى على أن الإيصالات المقدمة عن مبلغ 611 ج صحيحة ورغم ذلك يلزم الطاعن بأن يدفع الـ 611 ج مع فوائدها المركبة بواقع 9% إلى المطعون عليه الأول.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بما قرره الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه من "أنه بالنسبة لعقد الحلول فإنه ثابت من عقد الاتفاق المؤرخ 1/ 8/ 1928 أن تحويل عقد الحلول كان بقصد التحصيل فيد مورث المدعى عليه الأول (الطاعن) كانت يد وكيل وقد حول إليه في 22/ 10/ 1928 نفاذاً لاتفاق 1/ 8/ 1928 بمبلغ 480 م و916 ج حافظة لدرجته الأولى في التسجيل فكل تقصير يوجب ضياع أي مبلغ من أصل وملحقات يسأل عنه مورث المدعى عليه الأول وبالتالي المدعى عليه الأول وارثه الوحيد ولا يشفع له أنه تصالح مع المدعى عليهم عدا الأول في نظير مبلغ 1500 ج إذا كانت نتيجة الحساب تزيد عن هذا المبلغ الأخير إذا يقول المدعي إنه بإضافة الفوائد المتجمدة للمبلغ المحول من تاريخ التحويل يصبح المبلغ 496 م و3561 ج وترى هذه المحكمة أن المدعى عليه الأول يكون مسئولاً في هذه الحالة لأن الوكيل يسأل عن تقصيره الجسيم عملاً بنص المادة 521 من القانون المدني". وما قرره في شأنه تحديد مأمورية الخبير من "تحديد ما يستحقه المدعي (المطعون عليه الأول) سواء في ذلك قيمة المبالغ التي ضاعت على المدعي بسبب تقصير مورث المدعى عليه الأول (الطاعن) في التزاماته من ثمن الأطيان بسبب تأخيره عن تنفيذ اتفاقه في المدة من 24/ 10/ 1928 لغاية 30/ 3/ 1930 أو قيمة عقد الحلول المحول إلى مورث المدعى عليه الأول بقصد التحصيل بعد إضافة الفوائد المتجمدة طبقاً لعقد الرهن مع البنك لغاية رفع الدعوى في 9/ 2/ 1943 ثم تصفية الحساب بين الطرفين باحتساب ما لكل منهما طرف الآخر بصفة نهائية شاملة من واقع المستندات والأحكام الصادرة لكل منهما على الآخر". ويستفاد من ذلك كله أن الحكم لم يبت في تحديد مسئولية الطاعن عن مبلغ الـ 611 ج قبل المطعون عليه الأول وإنما أرجأ ذلك إلى أن يقدم الخبير تقريره بنتيجة تصفية الحساب بين الطرفين على أساس بيان ما يكون لكل منهما قبل الآخر ومن ثم لا يكون ثمن ما يحول دون أن يدلي الطاعن بدفاعه في هذا الخصوص لدى محكمة الموضوع ولا يكون هناك تناقض بين منطوق الحكم وأسبابه. ومردود ثانياً بأن الحكم إذ قضى برفض الدعوى بالنسبة لمن عدا المطعون عليه الأول وهم ورثة الحفني الغنيمي أقام قضاءه على أنه "يبقى بعدما تقدم ما دفع به المدعى عليهم عدا الأول بأنهم قد تخالصوا مع المحال إليه بمقتضى محضر صلح بتاريخ 23 يناير سنة 1943 موقع عليه من المدعى عليه الأول في نظير 1500 ج دفع منها 600 ج والباقي يدفع عند التوقيع على عقد الشطب وقد أودع هذا المبلغ الأخير بالمحكمة المختلطة بعد معارضة المدعي (المطعون عليه الأول) وبنى المدعي معارضته هذه على أن هذا الاتفاق مشوب بالغش والتدليس إذ أوهمه المدعى عليهم عدا المدعى عليه الأول بأنهم دفعوا الـ 611 ج بمقتضى إيصالات تعهدوا بإحضارها إليه ويقول المدعي إن هذه المبالغ قد دفعت منهم لغاية سنة 1923 وعلى كل حال قبل عقد الحلول من البنك إليه وهذا الذي ينعاه المدعي على عقد الصلح الذي تم بين المدعى عليهم عدا الأول والمدعى عليه الأول خاصاً بالغش والتدليس لم يقدم أي إثبات عليه فهو نافذ في حق المدعى عليه الأول الذي تصالح مع المدعى عليهم عدا الأول بعقد حلول لم يذكر به أنه محول بقصد التحصيل فقط كما أن إنذار المدعي لهم كان بعد حصول الصلح فهو نافذ على المدعى عليه الأول قبل المدعى عليهم عدا الأول - أما بالنسبة للمدعي فكل ما يستطيعه هو الرجوع على وكيله كما هو صريح عقد اتفاقه معه في 1/ 8/ 1928 إذا ما ثبت تقصيره الجسيم على ما سبقت الإشارة إليه". أما القول بأن مسئولية ورثة الحفني قبل الطاعن مبناها الإثراء بلا سبب فهو جديد لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم صدر على خلاف حكم سابق هو الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية في الدعوى 222 سنة 2 ق ذلك بأن الحكم المذكور انتهى إلى إقرار الإيصالات الخاصة بمبلغ الـ 611 ج مما كان يقتضي استنزال قيمتها في التسوية التي أمر الحكم المطعون فيه بإجرائها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المطعون عليه الأول لم يكن خصماً في دعوى براءة الذمة رقم 222 سنة 2 ق فلا يحاج بأي تقرير ورد في هذا الحكم بشأن الـ 611 ج.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن بجميع أسبابه على غير أساس ويتعين رفضه.

الخميس، 23 يناير 2020

الطعن 309 لسنة 22 ق جلسة 15 / 3 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 50 ص 328

جلسة 15 من مارس سنة 1956
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف، المستشارين.
------------
(50)
القضية رقم 309 سنة 22 القضائية
(أ) دفاع. إجراءات التقاضي. 
طلب المحكمة من محامى الخصم المرافعة شفويا في موضوع الدعوى وترخيصها له بتقديم مذكرة في الدفع وفى الموضوع عند حجز القضية للحكم. اكتفاؤه في المرة الأولى بالتمسك بتقرير الخبير الاستشاري وتحدثه عن الدفع فقط في المذكرة. عدم إجابة طلبه المرافعة من جديد. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) إنكار التوقيع. إثبات. خبير. حالة إنكار التوقيع. 
وجوب اتباع الإجراءات المبينة في المواد 262 مرافعات وما بعدها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط دون ما نصت عليه المادة 236 مرافعات.
(جـ) خبير. 
خبراء الطب الشرعي. اليمين التي يؤدونها وفقا للمرسوم بقانون 96 لسنة 1952. استثناء من نص المادة 229 مرافعات.
(د) نيابة عامة. إجراءات التقاضي. 
عدم تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر. لا بطلان. البطلان. الناشئ من عدم اخطار النيابة بهذه القضايا. عدم جواز التمسك به لغير القصر من الخصوم.
--------
1 - متى كانت المحكمة قد مكنت للخصم من أسباب الدفاع فطلبت إلى محاميه أن يترافع شفويا في موضوع الدعوى ثم أتاحت له فرصة أخرى لإبداء دفاعه في مذكرة مكتوبة في الدفع وفى الموضوع عندما حجزت القضية للحكم فآثر في المرة الأولى أن يتمسك بتقرير خبرة الاستشاري كما آثر ألا يتحدث في مذكرته إلا عن دفع كان قد تمسك به فإن الحكم لا يكون قد أخل بحقه في الدفاع إذا لم تستجب المحكمة إلى طلبه إعادة القضية للمرافعة في موضوع الدعوى.
2 -  في حالة إنكار التوقيع تكون الإجراءات المبينة في المواد 262 وما بعدها من قانون المرافعات دون غيرها هي الواجبة الاتباع عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط في هذا النزاع لانطباقها عليه دون ما نصت عليه المادة 236 مرافعات.
3 - النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون 96 لسنة 1952 على إدماج خبراء الطب الشرعي في عداد من يقومون بالخبرة أمام جهات القضاء، والنص في المادة 48 منه على أن يحلف هؤلاء الخبراء قبل مزاولة أعمال وظائفهم يمينا أمام إحدى جهات الاستئناف - هو استثناء من نص المادة 229 مرافعات.
4 - تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما يكون لرعاية مصلحة هؤلاء القصر ما ينبني عليه أن التمسك بالبطلان مقصور على أصحاب المصلحة فيه فلا يجوز لغير القصر من الخصوم التحدي بعدم إخبار كاتب المحكمة الابتدائية النيابة بقيام الدعوى، هذا فضلا عن أن تدخل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالقصر وفقا للمادة 100 من قانون المرافعات جوازي ومن ثم لا يترتب على عدم حصول هذا التدخل بطلان في إجراءات التقاضي.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 210 سنة 1950 كلى مصر على المطعون عليهما وآخرين طالبا الحكم بإلزام المطعون عليها الأولى بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على ولدها القاصر بأن تدفع له من تركة مورثها المرحوم سركيس طوغليان مبلغ 3700 جنيه وتثبيت الحجز الموقع تحت باقي المدعى عليهم مستندا في ذلك إلى سند مؤرخ في 27 من يونيه سنة 1948 موقع عليه من سركيس طوغليان يثبت استلامه لهذا المبلغ من الطاعن ليشتري له به أطيانا بجهة منيا القمح ويتعهد فيه برد المبلغ إليه إذا لم يتم شراء الأطيان حتى يوم 10 من أكتوبر سنة 1948 ويقول الطاعن إن شراء الأطيان لا يتم حتى وفاة مورث المطعون عليها الأولى في 30 من يوليه سنة 1949 ولما طالبها به لم تدفعه فاضطر إلى رفع الدعوى وقد دفعتها المطعون عليها الأولى بإنكار توقيع مورثها على السند المذكور وقالت إن سند الدين موقع عليه باللغتين الأرمنية والعربية بينما كان مورثها لا يوقع بغير اللغة الأرمنية. هذا فضلا عن أنه كان تاجرا يمسك دفاتر يقيد بها حساباته ولم يرد بها إشارة إلى هذا الدين وفضلا عن ذلك فقد كان مليئا بينما أن الطاعن وهو شقيقه كان معسرا وكان مورثها يعطف عليه ويساعده فاستوظفه عنده مديرا لمحلج له بجهة شلشلمون بأجر شهري قدره عشرون جنيها. فلما توفى حاول الطاعن أن يزج بمبلغ الدين المدعى به في محضر حصر التركة ولكنها اعترضت على ذلك. وفى 28 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة بندب خبير الخطوط بقسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة الإمضاء الموقع بها على السند على الإمضاءات الموقع بها على أوراق المضاهاة الرسمية التى قدمتها المطعون عليها الأولى وقدم الخبير تقريرا انتهى فيه إلى أن الإمضاء مزورة فاعترض الطاعن على هذه النتيجة وقدم تقريرا من خبيرين استشاريين خالفا فيه رأى الخبير الذى ندبته المحكمة وقالا أن الإمضاء الموقع بها على السند إمضاء صحيحة وطلب الطاعن إلى المحكمة أن تعتمد هذا التقرير دون التقرير الأول واحتياطيا ندب خبير ليرجح بين التقريرين فقضت المحكمة في 16 من نوفمبر سنة 1950 ندب رئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة الإمضاء الموقع بها على السند على الإمضاءات المعترف بها مسترشدا في ذلك بتقرير الخبير الذى سبق للمحكمة ندبه بالتقرير الاستشاري وبإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المدعى - الطاعن - بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة بأن السند الذى يتمسك به صدر صلبا وتوقيعا من مورث المطعون عليها الأولى فاستشهد الطاعن بشاهدين على صحة ما ادعاه وقدم الخبير المرجح تقريرا انتهى فيه إلى أن الإمضاء مزورة وفى 25 من نوفمبر سنة 1951 قضت المحكمة برد وبطلان السند برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 73 سنة 69 ق استئناف القاهرة وفى 10 من نوفمبر سنة 1952 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى عليها ولما أضافته إليها من أسباب أخرى فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقررت دائرة فحص الطعون إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة أول مارس سنة 1956.
ومن حيث أن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل الأول منها في أن الحكم المطعون فيه خالف ما هو ثابت بالأوراق ذلك أن محامى الطاعن دفع أمام محكمة الاستئناف بجلسة 27 من مايو سنة 1952 ببطلان أعمال الخبير إذ أن هذا الخبير لم يدع الخصوم أمامه طبقا لما تقضى به المادة 236 من قانون المرافعات وطلب إلى المحكمة أن تقضى في الدفع قبل قضائها في الموضوع غير أن الحكم المطعون فيه خالف في أسبابه ما هو ثابت بمحضر الجلسة إذ جاء بالحكم أن المحكمة طلبت إلى محامى الطاعن بجلسة 27 من مايو أن يترافع في الموضوع فقال إنه مكتف في دفاعه الموضوعي بالتقرير الاستشاري المقدم منه إلى محكمة الدرجة الأولى مع أنه لم يقل ذلك.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن صورة رسمية لمحضر جلسة 27 من مايو سنة 1952 حتى يبين منه إن كانت المحكمة قد خالفت الثابت فيه أم لم تخالفه.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع إذ حرمته المحكمة من إبداء دفاعه الموضوعي ولا يغير من ذلك قولها إنها تقر المحكمة الدرجة الأولى فيما ذهبت إليه من ترجيحها تقرير الخبير الذى ندبته على تقرير الخبيرين الاستشاريين لأن ذلك التقرير الذى رجحته باطل.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن المستأنف الطاعن. طلب في مذكرته الختامية أن تتيح له المحكمة فرصة إبداء دفاعه الموضوعي بالمرافعة فيه غير أن المحكمة لا ترى محلا لإجابة هذا الطلب بعد أن قرر الحاضر عن المستأنف في الجلسة الأخيرة بتاريخ 27 من مايو سنة 1952 بأنه يكتفى في دفاعه في الموضوع بالتقرير الاستشاري المقدم أمام محكمة أول درجة وذلك عندما طلبت إليه المحكمة المرافعة في موضوع الدعوى كما أن المحكمة قد أفسحت له المجال بعد ذلك لاستيفاء دفاعه الموضوعي فرخصت له بتقديم مذكرة في الدفع والموضوع فاذا كان قد اقتصر على التحدث عن الدفع فقط فلا عذر له في التماس فرصة أخرى للمرافعة في الموضوع وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه قاطع في أن المحكمة مكنت للطاعن من أسباب الدفاع فطلبت الى محاميه أن يترافع شفويا في موضوع الدعوى ثم اتاحت له فرصة أخرى لإبداء دفاعه في مذكرة مكتوبة عندما حجزت القضية للحكم فآثر في المرة الأولى أن يتمسك في دفاعه بتقرير خبيره الاستشاري كما أثر ألا يتحدث في مذكرته الا عن الدفع ومن ثم لا يكون الحكم قد أخل بحقه في الدفاع ولا على المحكمة اذا هي لم تستجب الى طلبه المرافعة في الدعوى من جديد.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من وجهين أولهما. أنه لم يأخذ بما تقضى به المادة 236 من قانون المرافعات التي أوجبت على الخبير أن يدعو الخصوم للحضور أمامه عندما يبدأ في أداء العمل الذى ندب له ورتبت البطلان جزاء على إغفال هذه الدعوة وقد دفع أمام محكمة الدرجة الأولى ببطلان عمل الخبير لأنه لم يدع الخصوم. فالتفتت المحكمة عن دفعه هذا ولما أثاره وتمسك به أمام محكمة الاستئناف رفضت الأخذ به مستندة في ذلك إلى أن الدفع بالبطلان المنصوص عليه في المادة 236 من قانون المرافعات يجب أن يبدى ممن لم يدع من الخصوم قبل البدء في مناقشة التقرير المقدم من الخبير وإلا سقط حقه في الدفع به إذ تعتبر المناقشة في موضوع التقرير تنازلا ضمنيا عن التمسك بالدفع بالبطلان وهذا القول من جانب المحكمة قد يكون صحيحا لو أنه ناقش موضوع التقرير دون أن يطلب القضاء ببطلانه. أما وأنه طلب ذلك أمام محكمة أول درجة فلم تلتفت إليه فإنها تكون مخطئة في قضائها كما يكون الحكم المطعون فيه مخطئا في تأييد حكمها. هذا على أن الطعن بالبطلان المنصوص عليه في المادة 236 يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى إذ أن هذه المادة حين نصت على البطلان لم تشترط الدفع به قبل أوجه الدفوع أو الدفاع الأخرى واستندت المحكمة في حكمها كذلك إلى أن ما نصت عليه المادة 236 من وجوب دعوة الخبير الخصوم للحضور أمامه لا يطبق على خبراء الخطوط بل يطبق عليهم ما نص عليه في المواد 262 وما بعدها من قانون المرافعات ويقول الطاعن إن ما ذهبت إليه المحكمة من تفرقة بين خبراء الخطوط وغيرهم من الخبراء لا سند لها من القانون. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم ذهب في مقابل التدليل على صحة إجراءات الخبير إلى القياس على ما نصت عليه المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه يجوز للخبير أن يؤدى عمله بدون حضور الخصوم ووجه الخطأ في ذلك هو أنه لا يجوز أن تقاس الإجراءات المدنية على الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن المادة 236 من قانون المرافعات وردت ضمن مواد الفصل السادس الذى نظم أحكام ندب الخبراء ونظم إجراءات قيامهم بما يندبون له من أعمال بصفة عامة. ثم أفرد القانون الباب السابع منه لإجراءات الإثبات بالكتابة ونظمت المواد 262 وما بعدها إجراءات التحقيق عند إنكار الخط أو الامضاء أو الختم أو بصمة الإصبع كما بينت تلك المواد الخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط وهى إجراءات رءاها المشرع مناسبة لهذا النوع من أعمال الخبرة على وجه خاص ورأى فيها ضمانا لحقوق الخصوم وهذه الإجراءات دون غيرها هي الواجبة الاتباع في موضوع النزاع لانطباقها عليه واختصاصها به دون ما نصت عليه المادة 236 من إجراءات ومن ثم فاستناد الحكم في رفض الدفع إلى عدم بطلان أعمال الخبير بمخالفته نص المادة 236 استناد صحيح لا مخالفة فيه للقانون. هذا فضلا عن أن المحكمة أقامت قضائها على ما قامت به بنفسها من مضاهاة الامضاء الموقع بها على السند المطعون فيه ومقارنتها بالإمضاءات الموقع بها على أوراق المضاهاة المقدمة في الدعوى وانتهت من ذلك إلى قولها. "أنها وقد شاهدت الامضاء الموقع بها على السند وتولت بنفسها مقارنته ومضاهاته على الامضاءات الموقع بها على أوراق المضاهاة المقدمة في الدعوى قد اقتنعت واطمأنت إلى وجود فوارق بينه وبينها في مواضع كثيرة لا تدع مجالا للشك في أن التوقيع المطعون عليه بالإنكار مزور وليس بخط المورث وهذه الفوارق مبينة على وجه التفصيل بالتقريرين المقدمين من الخبيرين اللذين ندبتهما محكمة الدرجة الأولى اللذين تأخذ بهما هذه المحكمة.. أما تقرير الخبيرين الاستشاريين فلا تقر المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها للأسباب الواردة بتقرير الدكتور محمود عبد المجيد مدير قسم أبحاث التزييف والتزوير". وهذا الذى قاله الحكم كاف وحده لحمله ويستقيم به قضاؤه. ومن ثم يكون باقي ما ينعاه الطاعن بهذا الوجه غير منتج وهو مردود في وجهه الثاني بأن الحكم المطعون فيه إذ أشار في أسبابه إلى نص المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية انما كانت إشارته إلى ذلك في مقام اظهار الحكمة التي حدت بالشارع الى وضع إجراءات خاصة بتحقيق الخطوط غير التي نصت عليها المادة 236 بصفة عامة فقال الحكم "ان عملية المضاهاة هى بطبيعتها عملية فنية بحتة يجريها الخبير بشخصه مستعينا في إزائها بمهارته وحذقه وفطنته ومرانه وخبرته دون تدخل الخصوم في عمله مما يتنافر ويتعارض مع القول بوجوب دعوة الخصوم أثناء مباشرة العمل وهذا الاعتبار نفسه هو ما حدا بالشارع الى النص صراحة في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز في جميع الأحوال أن يؤدى الخبير مأموريته بغير حضور الخصوم لأن عمل الخبير حين يجرى مضاهاة الخطوط عند الطعن بالإنكار أو التزوير في الدعاوى المدنية هو عمل يلابسه العنصر الجنائي وهو من نوع الأعمال التي يجريها الخبير في الدعاوى الجنائية" وهذا القول سديد ولا يؤخذ منه أن الحكم قصد به إلى القياس كما يقول الطاعن.
ومن حيث إن السبب الرابع مؤسس على وجهين الأول منهما. أن الطاعن أثار أمام محكمتي الموضوع أن الخبير واضع التقرير الأول ليس خبيرا في علم الخطوط وليس مدرجا في جدول الخبراء ولم يحلف اليمين ومن شأن ذلك إبطال عمله. والوجه الثاني. أن القضية يتعلق بها حق لقاصر وكان يجب إبلاغ الأوراق إلى النيابة الحسيبة ولكن هذا الإجراء لم يستوف.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن المرسوم بقانون رقم 96 السنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء نص في المادة الأولى منه على ادماج خبراء الطب الشرعي في عداد من يقومون بالخبرة أمام جهات القضاء كما نصت المادة 48 منه على أن يحلف هؤلاء الخبراء قبل مزاولة أعمال وظائفهم يمينا أمام إحدى دوائر محاكم الاستئناف استثناء من نص المادة 229 من قانون المرافعات. وهو مردود في وجهه الثاني بأن تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما يكون لرعاية مصلحة القصر مما يتبنى عليه أن التمسك بالبطلان على فرض وجوده مقصور على أصحاب المصلحة فيه فلا يجوز لغير القصر من الخصوم التحدي بعدم اخبار كاتب المحكمة الابتدائية النيابة بقيام الدعوى. هذا فضلا عن أن تدخل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالقصر وفقا للمادة 100 من قانون المرافعات جوازي ومن ثم لا يترتب على عدم حصول هذا التدخل بطلان في إجراءات التقاضي وعلى هذا جرى قضاء هذه المحكمة في حكمها الصادر في الطعن رقم 11 سنة 20 قضائية بتاريخ 24 من يناير سنة 1952.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الطعن لا يقوم على أساس فيتعين رفضه.

الأربعاء، 22 يناير 2020

الطعن 172 لسنة 22 ق جلسة 17 / 11 / 1955 مكتب فني 6 ج 4 ق 203 ص 1495


جلسة 17 من نوفمبر سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: أحمد العروسي ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.
---------------
(203)
القضية رقم 172 سنة 22 القضائية

(أ) تعويض. قوة الأمر المقضي. 
مطالبة المدعى المدني بالحق المدني أمام محكمة الجنح بتعويض مؤقت. القضاء له بمبلغ على أنه تعويض كامل. عدم إثباته أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي. عدم جواز المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المدنية.
(ب) تعويض. قوة الأمر المقضي. 
مطالبة المدعى بالحق المدني بتعويض مؤقت أمام محكمة الجنح. القضاء له بالتعويض على أساس أنه مؤقت. حقه في المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية.

-------------
1 - إذا كانت محكمة الجنح قد قضت بالتعويض للمدعى بالحق المدني على أنه تعويض كامل عن الضرر الذى لحقه، فليس له أن يطالب بتعويض آخر أمام المحكمة المدنية سواء كان قد طلب التعويض باعتبار أنه تعويض مؤقت أو باعتبار أنه تعويض كامل، إلا إذا أثبت أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي. وإذن فمتى كان الواقع هو أن المدعى بالحق المدني طلب من محكمة الجنح الحكم له بمبلغ 25 جنيها تعويضا مؤقتا فقررت هذه المحكمة بعد التثبت من مدى الضرر الذى أصابه أن التعويض المطلوب مبالغ فيه وأن كل ما يستحقه عن هذا الضرر الذى استقر نهائيا هو مبلغ 15 جنيها، ولما رفع دعواه أمام المحكمة المدنية مطالبا بجواز تكملة التعويض ولم يثبت أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذا كان المدعى بالحق المدني أمام محكمة الجنح قد طلب القضاء له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عن الضرر الذى أصابه مع حفظ حقه في المطالبة بالتعويض الكامل وقضى له بالتعويض على هذا الأساس فإن ذلك لا يحول بينه وبين المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية، لأنه لا يكون قد استنفد كل ما له من حق أمام محكمة الجنح، ذلك أن موضوع الدعوى أمام المحكمة المدنية ليس هو ذات موضوع الدعوى الأولى، بل هو تكملة له.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها اتهمت في الجنحة رقم 253 سنة 1948 العطارين بأنها في 25 من أكتوبر سنة 1947 تسببت خطأ في جرح الطاعن، وذلك بأن قادت السيارة رقم 1111 الإسكندرية ولم تنبه الطاعن قبل عبوره الطريق فصدمته وأحدثت به الإصابات المبينة بالكشف الطبي، وأثناء نظر الدعوى الجنائية أدعى الطاعن مدنيا بمبلغ 25 جنيها على سبيل التعويض المؤقت لما أصابه من ضرر بسبب الحادث وفى 31 من مايو سنة 1948 قضت المحكمة بتغريم المطعون عليها مبلغ 300 قرش وبإلزامها بمبلغ 15 جنيها على سبيل التعويض. فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم، وفى 14 من ديسمبر سنة 1948 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. فأقام الطاعن الدعوى رقم 62 سنة 1950 العطارين على المطعون عليها وطلب الحكم بإلزامها بمبلغ 500 جنيه وقال شرحا لدعواه إنه أصيب من جراء الحادث بكسر في الترقوة، وكان قد ادعى مدنيا أمام محكمة الجنح وطلب الحكم له بمبلغ 25 جنيها على سبيل التعويض المؤقت حتى يتم شفاؤه وتستقر حالة ترقوته، وقد تخلفت لدية عاهة مستديمة يستحق تعويضا عنها المبلغ المطالب به. وفى 4 من فبراير سنة 1951 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع إلى الطاعن مبلغ 100 جنيه، فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم تأسيسا على أن الخطأ كان من جانب الطاعن، ودفعت في مذكرتها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. وفى 19 من يناير سنة 1952 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى المستأنف عليه، مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين، فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على سببين: يتحصل السبب الأول في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن محكمة الجنح قضت بالتعويض على اعتبار أنه كل ما يستحقه طالب التعويض فيكون حكمها قاطعا في الدعوى المدنية مانعا من إعادة البحث فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن المدعى المدني أمام محكمة الجنح إذا طلب القضاء له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عما أصابه من ضرر بفعل المتهم فإن الحكم الذى يصدر في صالحه لا يمنعه من تكملة التعويض بعد ما يتبين له مدى الضرر الذى لحقه، والمبدأ الذى أشار إليه الحكم الخاص بتطبيق حكم المادة 170 من القانون المدني والذى بمقتضاه يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذى لحق المضرور طبقا للمادتين 221 و222 مراعيا في ذلك الظروف الملابسة، فإذا لم يتيسر له وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا، فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير. هذا المبدأ وإن كان سليما ولا يتعارض مع ما يستند إليه الطاعن في هذا الخصوص، إلا ان النتيجة التي رتبها الحكم على ذلك هي التي تتعارض مع هذا المبدأ. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن محكمة الجنح وجهت عنايتها نحو تحديد الضرر المتسبب عن الحادث فقضت بمبلغ 15 جنيها على أنه كل ما يستحقه المدعى المدني من تعويض أخطأ في الإسناد وفى فهم الواقع، لأن التعويض الذى كان مطلوبا كان بصفة مؤقتة فيستوى أن يكون التعويض المطالب به قرشا أو أكثر، كما يستوى أن تكون المحكمة قد حكمت بهذا التعويض أو بأقل منه ويستحيل أن تكون محكمة الجنح قدرت مصاريف العلاج وأتعاب الأطباء وتعويض الطاعن الذى كسرت ترقوته وتخلفت لديه عاهة مستديمة بمبلغ 15 جنيها ولا شك أن قضاءها بهذا المبلغ كان من قبيل التعويض المؤقت، وليس التعويض عن الضرر جميعه، يؤكد ذلك أن محكمة الجنح لم تشر إلى مقدار المبلغ المدعى به مدنيا، ولا إلى تفصيلات التعويض المطلوب وعناصره، وظاهر من الحكم الجنائي أن ما قضت به المحكمة كان تعويضا عن تهمة الجنحة وليس تعويضا عن الإصابة.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان أولا بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى استند إلى أن المحكمة الجنائية وجهت عنايتها نحو تحديد الضرر المسبب عن الحادث وقدرته بمبلغ 15 جنيها على أنه كل ما يستحقه المدعى المدني من تعويض، واستعانت في سبيل تثبتها من مقدار الضرر بنفس الكشوف الطبية التي كانت تحت نظر المحكمة المدنية، وبما قاله المصاب من أنه شفى بعد علاج دام ثلاثين يوما. وقد جاء الحكم الجنائي قاطعا في التعويض بعد التثبت من الضرر الذى استقرت عقباه فنص على أن التعويض المطالب به مبالغ فيه وقدرته المحكمة تقدير مناسبا بمبلغ 15 جنيها، ولم تقدره تقديرا مؤقتا أو تمنح المضرور أجلا لإعادة النظر فيما حكم به بعد استقرار حالة الإصابة. ومن ثم يكون الحكم الجنائي قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه فلا يجوز إعادة النظر في التعويض أمام المحكمة المدنية بمقولة إن المدعى بالحق المدني كان قد طلب تعويضا موقوتا. وهذا الذى انتهى إليه الحكم لا خطأ فيه، ذلك أن المدعى بالحق المدني أمام محكمة الجنح إذا كان قد طلب أن يقضى له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عن الضرر الذى أصابه، مع حفظ الحق له في المطالبة بالتعويض الكامل، وكان قد قضى له بالتعويض على هذا الأساس فإن ذلك لا يحول بينه وبين المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية لأنه لم يكن قد استنفد كل ماله من حق أمام محكمة الجنح، إذ أن موضوع الدعوى أمام المحكمة المدنية ليس هو ذات موضوع الدعوى الأولى، بل هو تكملة له. أما إذا كانت محكمة الجنح قد قضت بالتعويض على أنه تعويض كامل عن الضرر الذى لحق المدعى بالحق المدني، فليس لهذا الأخير أن يطالب بتعويض آخر، سواء أكان قد طلب التعويض باعتبار أنه تعويض مؤقت أو باعتبار أنه تعويض كامل، إلا إذا أثبت أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي، وذلك لأن دعوى التعويض الأولى حكم فيها بالتعويض الشامل لا بجزء منه. وللقاضي - إذا لم يتيسر له وقت الحكم - أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا، أن يحفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير وذلك وفقا للمادة 170 من القانون المدني. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قرر أن محكمة الجنح قد قضت بالتعويض على أنه هو كل ما يستحقه الطاعن بعد التثبت من الضرر الذى استقرت عقباه استند في ذلك إلى ما قرره الحكم الجنائي من أن الدعوى المدنية صحيحة من ثبوت التهمة قبل المتهمة (المطعون عليها) وأن مبلغ التعويض المطالب به مبالغ فيه، وقدر التعويض المناسب بمبلغ 15 جنيها فقط، وإلى أن محكمة الجنح استعانت في سبيل تثبتها من مقدار الضرر بنفس الكشوف الطبية التي كانت تحت نظر المحكمة المدنية، وإلى ما قرره المصاب (الطاعن) من أنه شفى بعد علاج دام ثلاثين يوما.
ومن ثم لا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قرر أن الحكم الجنائي عندما قضى بمبلغ خمسة عشر جنيها كان قضاؤه على أساس أن هذا هو التعويض الكامل عن الضرر الذى أصاب الطاعن بسبب الحادث وأنه لم يقض بهذا المبلغ على أنه تعويض مؤقت وعلى ذلك تكون دعوى الطاعن الحالية غير ذلك، ولا يشفع له أن يكون حين ادعى مدنيا أمام محكمة الجنح إنما طالب بالتعويض بصفة مؤقتة متى كان الحكم قد قضى بما قضى به على اعتبار أنه كل ما يستحقه الطاعن عن الضرر الذى أصابه من الحادث، ولم يقدم الطاعن لدى المحكمة المدنية ما يدل على أن ضررا طارئا قد لحقه بعد الحكم الجنائي فيستحق عنه تعويضا آخر يختلف موضوعه عن موضوع التعويض الذى قضت به محكمة الجنح. ومردود ثانيا - بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الحكم الجنائي قضى بالتعويض على اعتبار أنه تعويض كامل عن كل الضرر الذى لحق الطاعن بسبب الحادث، ولم يكن تقديره للتعويض المحكوم به بصفة مؤقتة استند في ذلك إلى الأسباب السابق الإشارة إليها، وليس فيما قرره في هذا الخصوص ما يخالف الثابت بالأوراق. يضاف إلى ذلك أن الطاعن لم يقدم بملف الطعن ما يدل على أنه قدم لدى محكمة ثاني درجة ما يثبت تخلف عاهة مستديمة نتيجة إصابته، وأن هذه العاهة قد جدت بعد الحكم له بالتعويض من المحكمة الجنائية، أو ما يدل على أن أضرارا أخرى قد لحقته بسبب الحادث بعد صدور هذا الحكم فيستحق عنها تعويضا آخر.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس مما يستوجب رفضه.

الطعن 596 لسنة 35 ق جلسة 25 / 3 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 82 ص 521


جلسة 25 من مارس سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.
-------------
(82)
الطعن رقم 596 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "إجراءات الطعن". إيداع الأوراق والمستندات". بطلان.
عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص بالنسبة للطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965، والطعون التي رفعت بعده وحتى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967. لا بطلان.
(ب) إثبات. "شهادة الشهود". محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في إجابة طلب الإحالة إلى التحقيق".
إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم في كل حالة. للمحكمة أن ترفض إجابته متى رأت أنه لا حاجة بها إليه أو أنه غير مجد.
(ج) تقادم. "تقادم مسقط". دعوى. عمل. "تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل".
تقادم المادة 378 مدني يقوم على قرينة الوفاء. عدم قيام تقادم المادة 698 مدني على هذه القرينة. امتداد هذا التقادم إلى جميع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل.
(د) نقض. "أسباب الطعن". تقادم.
تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها على محكمة الموضوع. عدم جواز عرضها ابتداءً على محكمة النقض.

--------------
1 - وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية أو الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 في 11/ 5/ 1967. وإذ كان الطعن قد رفع في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967، وكان الطاعن قد قدم الأوراق التي أوجب القانون إيداعها في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1967 فإنه يتعين رفض الدفع بعدم القبول.
2 - إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير ألا حاجة بها أو أنه غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها، وحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب.
3 - التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم وحقوق العمال والخدم والإجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات - يقوم على قرينة الوفاء، وهي مظنة رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه، وأوجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني لا يقوم على هذه المظنة، ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء، وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(3)] - لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل.
4 - تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق، والذي يعتبر سبباً لوقف التقادم عملاً بالمادة 382 من القانون المدني، يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيها، ولا يجوز عرضها ابتداءً على محكمة النقض. وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعن لم يسبق أن تمسك بأي سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه، وكان الطاعن لم يقدم من جانبه ما يثبت أنه أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليهم الدعوى رقم 111 لسنة 1964 كلي الفيوم وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 2758 ج و610 م وقال بياناً لدعواه إنه التحق بدائرة مورثة المطعون ضدهم منذ أول يناير سنة 1937 بمرتب شهري مقداره 24 ج و500 م واستمر يباشر عمله حتى 26/ 3/ 1963 حيث دخل المستشفى لإجراء جراحة استدعت بقاءه تحت العلاج حتى 11/ 5/ 1963 ثم فوجئ بفصله من عمله ابتداءً من هذا التاريخ ليتفرغ لخدمة شركة يوسف مشرقي وشركاه لخليج الأقطان التي كان قد التحق بها بالإضافة إلى عمله في الدائرة منذ 15/ 4/ 1962، وأنه يستحق في ذمة المطعون ضدهم المبلغ المطالب به، وهو عبارة عن 779 ج و660 م قيمة مكافأة نهاية الخدمة، والباقي وقدره 1188 ج قيمة إعانة الغلاء المتأخرة. دفع المطعون ضدهم الدعوى بسقوط حق الطاعن في رفع الدعوى بالتقادم عملاً بالمادة 698 من القانون المدني لرفعه الدعوى بعد مضي أكثر من سنة على فصله، وبجلسة 24/ 3/ 1965 حكمت محكمة الفيوم الابتدائية برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما جاء بمنطوق الحكم. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف (مأمورية الفيوم) وقيد الاستئناف برقم 105 سنة 3 قضائية. وبتاريخ 6/ 11/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط دعوى الطاعن وبسقوطها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن المطعون ضدهم دفعوا بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم إيداع الطاعن الأوراق التي أوجب القانون إيداعها خلال الموعد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه وفقاًَ للمادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية أو الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 في 11/ 5/ 1967 وإذ كان الطعن قد رفع في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 وكان الطاعن قد قدم الأوراق التي أوجب القانون إيداعها في 20/ 5/ 1967 أي في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بالقانون 4 لسنة 1967 فإن يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع، ذلك لأن الحكم استقى تاريخ انتهاء عقد العمل في آخر مارس سنة 1962 من بيانات الكشف الذي حرره الطاعن والذي كان معداً لتقديمه إلى ضريبة التركات لتحديد عناصر تركة مورثة المطعون ضدهم، حالة أن الطاعن تقدم بعدة مستندات تثبت أنه واصل الخدمة بعد هذا التاريخ في دائرة المطعون ضدهم حتى 11/ 5/ 1963 مع قيامه بالعمل لدى شركة حليج الأقطان بالفيوم، وأنه لا يوجد ما يحول قانوناً دون قيام الطاعن بعملين في وقت واحد، وأنه كان قد تمسك بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الوقائع إلا أن المحكمة لم تستجب إليه مما يخل بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير ألا حاجة بها إليه أو أنه غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها وبحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي استندت عليها في رفض هذا الطلب، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "تبين من مطالعة كشف المكافآت المستحقة لموظفي دائرة المرحومة أنيسه حنا مورثة المستأنفين - المطعون ضدهم - المؤرخ 25/ 3/ 1952 والمقدم ضمن حافظة المستأنف عليه - الطاعن - والموقع عليه من هذا الأخير أنه تضمن أسماء موظفي المورثة المذكورة وتاريخ بدء خدمتهم لديها ونهاية مدة الخدمة والمكافأة المستحقة لكل منهم وقد شمل المستأنف عليه باعتباره أحد موظفي الدائرة وأن تاريخ بدء خدمته 1/ 1/ 1937 ونهايتها آخر مارس سنة 1962 وأن المكافأة المستحقة له مبلغ 689 ج و700 م وقد قدم المستأنفون كشفاً مماثلاً ضمن حافظتهم" ثم قال الحكم "ويبين من مطالعة الكشفين آنفي الذكر أنهما قاطعان في انتهاء عقد عمل المستأنف عليه لدى المرحومة أنيسه حنا ويصا في آخر مارس سنة 1962 أما القول من جانب المستأنف عليه أنه استمر في ذات العمل لدى المورثة حتى فصل في 11/ 5/ 1963 فضلاً عن أنه يعوزه الدليل المقنع فإن كشوف المبالغ المنصرفة من شركة الفيوم للتسليف المؤرخة 10/ 7/ و30/ 9 و1/ 11/ 1962 و4/ 1 و16/ 2/ 1963 والتي يقول المستأنف عليه إنها محررة بخطه باعتباره كاتب أول الدائرة لا تدل على أنه كان يعمل لدى ورثة المرحومة أنيسه حنا ويصا وإنما كان باعتباره موظفاً لدى شركة الفيوم للتسليف، يؤكد ذلك أنه ذكر صراحة في عريضة دعواه أنه كان قد التحق بهذه الشركة منذ 15/ 4/ 1962 ومن ثم يكون ما دفع به المستأنف عليه من استمرار عقد عمله الأصلي لدى الورثة إلى أن فصل في 11/ 5/ 1963 لا يقوم على صحته دليل"، وانتهى الحكم إلى أن المحكمة "لا ترى إجابة المستأنف عليه إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات مدعاه ما دامت قد اطمأنت من أوراق الدعوى وبخاصة الكشفين الموقع عليهما من المستأنف عليه بتاريخ 25/ 3/ 1962 سالفي الذكر إلى أن مدة خدمته لدى المورثة قد انتهت في مارس سنة 1962" ولما كان الحكم المطعون فيه قد رفض طلب الإحالة على التحقيق اكتفاء بما اقتنع به من أسباب سائغة فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين بنى قضاءه على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 هو تقادم مطلق، ذلك لأن التقادم المنصوص عليه فيها لا يختلف عن تقادم حقوق العمال والخدم والأجراء المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني كلاهما يقوم على قرينة الوفاء، وإذ كان المستفاد من دفاع المطعون ضدهم أنهم ينكرون الوفاء للطاعن بحقوقه فإنه يمتنع عليهم التمسك بهذا التقادم، هذا إلى أن فروق إعانة الغلاء تدخل في عداد الأجور وهي من الحقوق الدورية المتجددة التي لا يتقادم الحق في المطالبة بها إلا بمضي خمس سنوات طبقاً للمادة 375 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية وعن ثمن ما قاموا به من توريدات - يقوم على قرينة الوفاء، وهي مظنة رأي الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه وأوجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني لا يقوم على هذه المظنة ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن فصل من العمل في 31 مارس سنة 1962 بينما لم يرفع الدعوى إلا في 10/ 5/ 1964 وبعد مضي أكثر من سنة من تاريخ الفصل، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم، فإنه لا يكون قد خالف القانون، وبالتالي يكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه شابه قصور، ذلك لأن الطاعن واصل العمل حتى مارس سنة 1963 ثم دخل المستشفى واستطال بقاؤه فيها تحت العلاج حتى 11/ 5/ 1963، مما يستحيل معه وقد كان نزيل المستشفى للمرض أن يتخذ إجراءات المطالبة بحقه، ولا شك في أن هذا المانع كان يبرر وقف التقادم عملاً بالمادة 382 من القانون المدني وإذ التفت الحكم عن ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق والذي يعتبر سبباً لوقف التقادم عملاً بالمادة 382 من القانون المدني يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيها، ولا يجوز عرضها ابتداءً على محكمة النقض، وإذ كان الثابت من مراجعة الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن الطاعن لم يسبق أن تمسك بأي سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه، وكان الطاعن لم يقدم من جانبه ما يثبت أنه أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن هذا النعي يكون غير مقبول.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.


[(1)] نقض 4/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 20. ص 880.
[(2)] نقض 23/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني. السنة 17. ص 666.
[(3)] نقض 7/ 6/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1212.

الطعن 335 لسنة 31 ق جلسة 12 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 14 ص 102

جلسة 12 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.
------------
(14)
الطعن رقم 335 لسنة 31 القضائية
(أ ) دعوى. تقادم. "قطع التقادم". نقابات. "دعوى النقابة".
دعوى النقابة. استقلالها عن دعاوى الأعضاء. لا تمنع عضو النقابة من رفع الدعوى بحقه ولا تقطع التقادم بالنسبة له.
(ب) تقادم. "تقادم مسقط". "تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل". عمل. "الدعاوى الناشئة عن عقد العمل". "تقادمها".
التقادم المنصوص عليه في المادة 378 مدني. قرينة الوفاء. وجوب توثيقها بيمين الاستيثاق. التقادم المنصوص عليه في المادة 698 مدني لا يقوم على هذه القرينة ولا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور. عدم اتساعه لتوجيه يمين الاستيثاق.
--------------
1 - دعوى النقابة هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء، وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم. والدعوى من النقابة بحقها هذا المتميز لا تمنع أحد أعضائها من رفع الدعوى بحقه هو الآخر ولا تتعارض معها، وإذ كان الأصل في الإجراء القاطع للتقادم - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذاً بين نفس الخصوم بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم لا يترتب عليه هذا الأثر(1) ، فإن دعوى النقابة لا تقطع التقادم في دعوى الأعضاء - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن القرار الصادر من هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة في الطلب المقدم من نقابة عمال شركة ترام القاهرة لا يترتب عليه قطع التقادم في دعوى الطاعنين فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم، وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات - يقوم على قرينة الوفاء، وهي "مظنة" رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه وهي يمين الاستيثاق وأوجب "على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً"، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698 - وهو لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل - لا يقوم على هذه المظنة ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني "هو تقادم عام ومطلق لم يقيده الشارع بأي إجراء آخر كتوجيه يمين الاستيثاق أو غيرها" فإنه لا يكون قد خالف القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن ورثة المرحوم تاوضروس بخيت أقاموا الدعوى رقم 1346 سنة 1959 تجاري عمال القاهرة الابتدائية ضد شركة ترام القاهرة يطلبون إلزامها بأن تدفع لهم مبلغ 328 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالوا شرحاً لها إن مورثهم التحق بخدمة الشركة في سنة 1907 واستمر إلى أن فصل في فبراير سنة 1950 وإذ بلغ أجره اليومي 36.5 قرشاً مضافاً إليه 75% علاوة غلاء معيشة وقد صرفت لهم الشركة مكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر الأصلي وحده دون علاوة الغلاء بينما هي جزء من الأجر وصدر قرار هيئة التحكيم في النزاع الذي كان قائماً بين النقابة والشركة بإلزامها بدفع قيمة المكافأة على أساس الأجر مضافاً إليه إعانة الغلاء، فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بها. ودفعت الشركة بسقوط الدعوى بالتقادم وفقاً للمادة 698 من القانون المدني. وبتاريخ 3/ 4/ 1955 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبسقوطها وأعفت المدعين من المصاريف واستأنف الورثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 450 سنة 76 ق. وبتاريخ 11/ 5/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنفين من المصروفات. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى دائرة العمال، وفي 15 و19 نوفمبر سنة 1964 أعلن قلم الكتاب كلاً من هيئة النقل العام لمدينة القاهرة والحارس الخاص على الشركة بصورة من تقرير الطعن مؤشراً عليها بقرار الإحالة، وأمام هذه الدائرة لم يحضر الطاعنون، ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت هيئة النقل مذكرة قالت فيها إنها لم تكن خصماً في النزاع ولا صلة لها به وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن من الطاعن الثالث غالي تاوضروس بخيت وطلبت قبوله بالنسبة للباقين.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن من الطاعن الثالث غالي تاوضروس بخيت للتقرير به من غير ذي صفة وعدم تقديم التوكيل الصادر منه للمحامي الذي قرر بالطعن نيابة عنه.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض توجب أن يكون المحامي الذي يقرر بالطعن موكلاً عن الطالب وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وإذ كان الثابت أن المحامي الذي قرر بالطعن عن غالي تاوضروس بخيت لم يقدم ما يثبت وكالته عنه فإن التقرير بالطعن يكون باطلاً ويتعين الحكم بعدم قبوله بالنسبة له.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي الطاعنين.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن المدة المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني هي مدة سقوط لا تقبل الوقف ولا الانقطاع وعلته هي رغبة الشارع في سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد العمل، وهو خطأ ومخالفة لما نصت عليه الفقرة الأولى منها بقولها "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة من وقت انتهاء العقد" وما نصت عليه الفقرة الثانية من أنه "لا يسري هذا التقادم الخاص" إذ يتضح من هاتين العبارتين أن المدة المنصوص عليها هي مدة تقادم يرد عليها الوقف والانقطاع وليست مدة سقوط، يضاف إلى ذلك أن الحكم لم يبين المصدر الذي استقى منه علة السقوط وهو قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - يبين أنه لم يعتبر المدة المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني مدة سقوط بل اعتبرها مدة تقادم وصفه بأنه "تقادم مطلق وعام" وبين العلة فيه وهي حرص المشرع على سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد العمل بعد انقضاء العلاقة بين طرفيه، وتفريعاً على ذلك ناقش دفاع الطاعنين وما تمسكوا به لديه من أن رفع النزاع أمام هيئة التحكيم يقطع مدة التقادم المسقط لدعواهم.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن نقابة عمال شركة ترام القاهرة سبق أن أقامت الدعوى رقم 1 لسنة 1951 أمام هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وكان من بين طلباتها إلزام الشركة بدفع مكافأة العمال على أساس الأجر الأصلي مضافاً إليه إعانة الغلاء وصدر قرار الهيئة بإجابة هذا الطلب، والحكم المطعون فيه لم يعتبر دعوى النقابة والقرار الصادر فيها من الإجراءات القاطعة للتقادم في دعوى الطاعنين استناداً إلى أن هيئات التحكيم لجان إدارية - والإجراءات المتخذة أمامها ليست إجراءات قضائية، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن هيئات التحكيم هي هيئات قضائية ناط بها المشرع الفصل في المنازعات الجماعية للعمال وتتبع الإجراءات العادية أمام المحاكم وتطبق في شأنها القوانين واللوائح وتصدر قراراتها على النحو الذي تصدر به سائر الأحكام ويكون لها نفس الحجية ومؤدى ذلك أن الطلبات التي تقدم إليها تكون جازمة بالحق المدعى به ويترتب عليها قطع التقادم وفقاً للمادة 383 من القانون المدني، وإذا كانت النقابة هي الممثلة للعمال، وكان القرار الصادر بشأن احتساب المكافأة على أساس الأجر الأصلي مضافاً إليه إعانة الغلاء هو قرار كاشف بالنسبة لمبدأ المكافأة والقواعد التي تحتسب على أساسها في جميع السنين لا في سنة معينة منها وله حجيته بحيث يمتنع على أطرافه المنازعة فيه من جديد، فإن نزاع النقابة أمام هيئة التحكيم والقرار الصادر فيه يقطع التقادم في دعوى الطاعنين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن دعوى النقابة هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء، وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم، والدعوى من النقابة بحقها هذا المتميز لا تمنع أحد أعضائها من رفع الدعوى بحقه هو الآخر ولا تتعارض معها، وإذ كان الأصل في الإجراء القاطع للتقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذاً بين نفس الخصوم بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم لا يترتب عليه هذا الأثر، فإن دعوى النقابة لا تقطع التقادم في دعوى الطاعنين وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن القرار الصادر من هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة في الطلب رقم 1 لسنة 1951 المقدم من نقابة عمال شركة ترام القاهرة لا يترتب عليه قطع التقادم في دعوى الطاعنين فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الشركة قدمت مخالصة صادرة من الطاعنين تدل على قبضهم مبلغ 376 ج مكافأة مورثهم في يناير سنة 1953 وتعتبر اعترافاً بالالتزام يترتب عليه قطع التقادم وإذ لم يعول الحكم المطعون فيه على هذه المخالصة رغم تمسكهم بدلالتها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الطاعنين لم يقدموا ما يفيد تمسكهم لدى محكمة الموضوع بدلالة المخالصة على الاعتراف بالحق من جانب الشركة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني هو تقادم مطلق وغير مقيد بيمين الاستيثاق، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن التقادم المنصوص عليه فيها لا يختلف عن تقادم حقوق العمال والخدم والإجراء المنصوص عليه في المادة 378 وهي توجب على من يتمسك به أن يحلف اليمين بأنه أدى الدين فعلاً فكلاهما مؤسس على قرينة الوفاء ويتعين معه حلف اليمين، وإذا كان الشارع قد نص في المادة 698 على "تقادم الدعوى" بدلاً من "تقادم الحق" فإن ذلك لا يعني اختلاف المقصود من كل منهما، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون وردده الفقهاء تأسيساً على أن الرابطة التي تجمع بين الحق والدعوى تجعل من المستحيل وجود فارق بينهما وأن السبب الذي يقوم عليه التقادم السنوي لا يمكن أن يختلف بالنسبة لكل منهما، وإذ كان التقادم المنصوص عليه في المادة 378 يستند على قرينة الوفاء التي لا يمكن إسقاطها إلا باليمين فإنه لا يجوز إسناد تقادم الدعوى المنصوص عليه في المادة 698 - وهو صورة من تقادم الحق - إلى اعتبار آخر يمكن معه استبعاد اليمين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم، وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات - يقوم على قرينة الوفاء، وهي "مظنة" رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه - هي يمين الاستيثاق - وأوجب "على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً"، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698 - وهو لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل - لا يقوم على هذه المظنة ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني "هو تقادم عام ومطلق لم يقيده المشرع بأي إجراء آخر كتوجيه يمين الاستيثاق أو غيرها" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن مكافأة نهاية الخدمة لها طبيعة الأجر وصفاته فتأخذ حكمه وتسري عليها قواعد التقادم الخاصة به، وبالتالي فهي تتقادم بخمس سنوات وفقاً للمادة 375 من القانون المدني لا بسنة ومع تمسك الطاعنين بهذا الدفاع فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليه، وهو قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد طبق على دعوى الطاعنين أحكام التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني فإنه بذلك يكون قد أطرح دفاعهم في هذا الخصوص ولم يعول عليه.

(1) نقض 26/ 4/ 1962. الطعن رقم 256 لسنة 26 ق - السنة 13 ص 506.
ونقض 10/ 12/ 1959. الطعن رقم 102 لسنة 25 ق - السنة 10 ص 756.