الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 فبراير 2019

الطعن 514 لسنة 44 ق جلسة 8 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 83 ص 418

جلسة 8 من فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.
--------------
(83)
الطعن رقم 514 لسنة 44 القضائية
(1) وكالة. شركات. هيئات عامة.
إدارة قضايا الحكومة. نيابتها عن الهيئات العامة دون شركات القطاع العام. م 13 مرافعات، م 6 ق 75 لسنة 1963. جواز ندبها لتمثيل إحدى هذه الشركات في نزاع معين. م 3 ق 47 لسنة 1973.
(2) عقد. شركات. إيجار "إيجار الأماكن".
العقود التي تبرمها شركات القطاع العام مع أشخاص القانون الخاص، لا تعتبر عقوداً إدارية. علة ذلك. مثال بشأن عقد إيجار محل.
--------------
1 - مفاد المواد 28، 32، 53 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام التي رددت حكم المواد 32، 36، 58 من القانون رقم 32 لسنة 1966 أن شركات القطاع العام وحدات اقتصادية تقوم على تنفيذ مشروعات اقتصادية ولكل منها شخصية اعتبارية بدءاً من شهر نظامها في السجل التجاري ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفي صلتها بالغير، وكانت الشركة الطاعنة من شركات القطاع العام، وكان مؤدى الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات والمادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 63 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة، أن تلك الإدارة إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية وكذلك عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام على أساس أن هذه الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومة ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئات عامة خروجاً بالمرافق التي تتولى تسييرها عن جمود النظم الحكومية فمنحتها شخصية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي وهو أداء خدمة عامة، أما شركات القطاع العام التي يكون الغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي وتستقل بميزانيات تعد على نمط الميزانيات التجارية وتؤول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل بالخسارة، فإنها لا تعتبر من الأشخاص العامة ومن ثم لا يسري عليها حكم الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات ولا حكم المادة السادسة من قانون إدارة قضايا الحكومة رقم 75 لسنة 1963 لما كان ما تقدم وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها تجيز لمجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدة التابعة لها إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون المؤسسة أو الهيئة أو إحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لها طرفاً فيها إلى إدارة قضايا الحكومة لمباشرتها وكان الثابت من كتاب رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة المؤرخ 5/ 4/ 1974 أن مجلس إدارتها قد فوض إدارة قضايا الحكومة في الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه فإن نيابتها عن الشركة الطاعنة في إقامة هذا الطعن وتوقيع مستشار مساعد بها على صحيفته بوصفه نائباً عنها يتحقق به الشرط الذي تتطلبه المادة 253 من قانون المرافعات بما نصت عليه من أن يرفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض.
2 - إذ كانت الشركة الطاعنة من شركات القطاع العام التي لا تعتبر من أشخاص القانون العام، وكان نشاطها في قيامها على مرفق التعمير والإنشاءات السياحية بالمعمورة لا يعتبر من قبل ممارسة السلطة العامة، وكان يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما يتضمن من شروط غير مألوفة في القانون الخاص ومن ثم فإن العقود التي تبرمها الشركة الطاعنة مع غير أشخاص القانون العام لا تعتبر من العقود الإدارية.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 2141 سنة 1970 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الشركة الطاعنة طالبة الحكم (أولاً) باعتبار العقد المؤرخ 5/ 5/ 1970 والشروط المكملة له والمحرر بينها وبين الشركة الطاعنة عقداً من عقود الإيجار يخضع لأحكام القانون المدني وقانون إيجار الأماكن. (ثانياً) بعدم أحقية الشركة الطاعنة في إعمال نص البند (24) من الشروط العامة من تلقاء نفسها دون الرجوع إلى القضاء مع إلغاء ما يترتب على إعمال هذا الشرط من جانب الشركة الطاعنة ضاراً بها. وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 5/ 5/ 1970 مبرم بينها وبين الشركة الطاعنة منحت حق استغلال محل "كافتريا" أسفل مجموعة "كبائن الكرنك" من الناحية الغربية بشاطئ المعمورة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/ 5/ 1970 حتى آخر إبريل سنة 1973 بأجرة قدرها 900 جنيه سنوياً ونص في العقد على التصريح لها بأن تبيع أصنافاً محددة على سبيل الحصر من المأكولات والمشروبات، وعلى مزاولة هذا النشاط بصفة مستمرة طوال الأشهر من أول يونيه حتى آخر سبتمبر من كل عام، وعلى اعتبار الشروط الخاصة بترخيص الكازينوهات والمحلات التجارية بشاطئ المعمورة والموقع عليها من الطرفين جزءاً لا يتجزأ من هذا الاتفاق، ونص في البند (24) من الشروط المذكورة على حق رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة في سحب الترخيص ومصادرة التأمين دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه أو اتخاذ أي إجراء قضائي إذا طرأت أسباب تستوجبها دواعي الصالح العام أو إذا خالف المرخص له أي شرط من شروطه بعد توقيع غرامة عليه تحدد قيمتها في الترخيص عن ثلاث مخالفات متتالية في مدة الاستغلال، أو إذا وقعت من المرخص له أو أحد عماله أي مخالفة للآداب العامة أو النظام العام. وقد فوجئت المطعون عليها بإخطار مؤرخ 11/ 7/ 1970 من الشركة الطاعنة يفيد تحميلها بمبلغ خمسة جنيهات قيمة مخالفة عن بيع شطائر واتبعه بإخطار آخر مؤرخ 20/ 7/ 1970 بتحميلها بمبلغ عشرة جنيهات قيمة مخالفة أخرى مماثلة. وإذ كان الاتفاق المبرم بين الطرفين هو عقد إيجار يخضع لرقابة القضاء، وكان لا يحق للشركة المؤجرة توقيع غرامات عليها بالطريق الإداري، وكان المحل المؤجر قد خصص لاستغلاله كافتريا "ولا يعتبر بيع الشطائر فيه استغلالاً للعين في غير الغرض المخصصة له فقد أقامت الدعوى. أجابت الشركة الطاعنة بأن الاتفاق المبرم بينها وبين المطعون عليها هو عقد إداري يتصل بمرفق عام وينطوي على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص وأن عين النزاع من أملاك الدولة المخصصة للمنفعة العامة ودفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 20/ 2/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص، وباعتبار العقد المؤرخ 5/ 5/ 1970 والشروط المكملة له عقداً من عقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون المدني. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 474 سنة 27 ق الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 16/ 3/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة. عرض الطعن. على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر بالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن إدارة قضايا الحكومة أقامت هذا الطعن نيابة عن الشركة الطاعنة، في حين أن هذه الإدارة طبقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة - لا تنوب إلا عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا. وإذ كانت الشركة الطاعنة لا تدخل ضمن تلك الجهات فإن إدارة قضايا الحكومة لا تملك تمثيلها ولا يجوز لها أن تنوب عنها في رفع الطعن والتوقيع على صحيفته، ويكون الطعن غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أن الشركات الطاعنة حلت محل المؤسسة المصرية العامة للتعمير والإنشاءات السياحية التي أنشئت بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 70 لسنة 1962 الذي نصت المادة الرابعة منه على أن تنشأ مؤسسة عامة تسمى المؤسسة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية ويكون مقرها مدينة الإسكندرية وتكون لها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة وتعتبر أموالها أموالاً عامة، وفي سبتمبر سنة 1964 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2909 لسنة 1964 - بتحويل المؤسسة المصرية العامة للتعمير والإنشاءات السياحية إلى شركة مساهمة عربية ونص في المادة الأولى على أن تحول المؤسسة المصرية العامة للتعمير والإنشاءات السياحية إلى شركة مساهمة عربية تسمى الشركة العامة للتعمير السياحي تكون لها شخصية اعتبارية وتباشر نشاطها وفقاً لأحكام هذا القرار والنظام الملحق به وتتبع هذه الشركة المؤسسة المصرية العامة للإسكان والتعمير، ونص في المادة الثانية منه على أن. غرض هذه الشركة هو القيام بجميع أعمال التعمير والإنشاءات السياحية في مختلف نواحي الجمهورية العربية المتحدة، ولها في هذا السبيل إقامة المرافق وتقسيم الأراضي وبيعها وإدارة المرافق والخدمات وجميع العمليات العقارية والمالية والتجارية والصناعية المتصلة بهذا الغرض..... "ونص في المادة الخامسة منه على أن "تؤدي إلى هذه الشركة جميع أصول وموجودات وحقوق والتزامات المؤسسة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية وعقد الشركة خلف للمؤسسة المذكورة" وتضمن نظام الشركة الملحق بقرار رئيس الجمهورية النص على أن تستمر المؤسسة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية عملها كشركة مساهمة طبقاً لأحكام القوانين والنظام الحالي حالة في ذلك محل المؤسسة المذكورة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات وعلى أن تمتلك المؤسسة المصرية العامة للإسكان والتعمير جميع الأسهم التي يتكون منها رأسمال الشركة. وفي سنة 1968 صدر قرار بتعديل اسم الشركة العامة للتعمير السياحي إلى شركة المعمورة للإسكان والتعمير. لما كان مفاد المواد 28، 32، 53 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام - التي رددت - حكم المواد 32 و36 و58 من القانون رقم 32 لسنة 1966 أن شركات القطاع العام وحدات اقتصادية تقوم على تنفيذ مشروعات اقتصادية ولكل منها شخصية اعتبارية بدءاً من شهر نظامها في السجل التجاري ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفي صلتها بالغير، وكانت الشركة الطاعنة من شركات القطاع العام، لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات على أنه. فيما يتعلق بالأشخاص العامة تسلم صورة الإعلان للنائب عنها قانوناً أو من يقوم مقامه فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم إلى إدارة قضايا الحكومة أو فروعها بالأقاليم حسب الاختصاص المحلي لكل منها، والنص في المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً"، يدل على أن تلك الإدارة إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية وكذلك عن الهيئات العامة التي تباشر مراقبة الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام على أساس أن هذه الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئات عامة خروجاً بالمرافق التي تتولى تسييرها عن جمود النظم الحكومية فمنحتها شخصية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساس وهو أداء خدمة عامة، أما شركات القطاع العام التي يكون الغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي وتستقل بميزانيات تعد على نمط الميزانيات التجارية وتؤول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل بالخسارة، فإنها لا تعتبر من الأشخاص العامة ومن ثم لا يسري عليها حكم الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات ولا حكم المادة السادسة من قانون إدارة قضايا الحكومة رقم 75 لسنة 1963 - ولما كان ما تقدم، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها يجيز لمجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسة العامة أو الوحدة التابعة لها إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون الهيئة أو المؤسسة أو إحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لها طرفاً فيها إلى إدارة قضايا الحكومة لمباشرتها، وكان الثابت من كتاب رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة المؤرخ 5/ 5/ 1974 أن مجلس إدارتها قد فوض إدارة قضايا الحكومة في الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه، فإن نيابتها عن الشركة الطاعنة في إقامة هذا الطعن وتوقيع مستشار مساعد بها على صحيفته بوصفه نائباً عنها يتحقق به الشرط الذي تتطلبه المادة 253 من قانون المرافعات بما نصت عليه من أن يرفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض. ويكون الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة غير سديد.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على أن شركات القطاع العام بوجه عام والشركة الطاعنة بوجه خاص من أشخاص القانون الخاص، وأن ما يصدر عنها من عقود تعد من عقود القانون الخاص، رغم أن شركات القطاع العام تخضع لمجلس الوزراء والوزير المختص من حيث الإنشاء والإشراف والتوجيه ووضع الخطة إسهاماً في خطة التنمية العامة، ولا تخضع لأحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة. لا يغير من ذلك أن تستهدف إلى تحقيق ربح من إدارتها لأن الربح ليس هو الهدف الأساسي من المشروع، ولئن كانت الطاعنة تخضع في جزء كبير من نشاطها لقواعد القانون الخاص فإن ذلك لا ينفي أنها مرفق عام تحكمه قواعد القانون الإداري، ويرمى إلى جعل منطقة المعمورة بالإسكندرية منطقة سكنية ممتازة بتزويدها بمرافق سياحية واجتماعية جديدة على مستوى عالي مما يؤكد أنها من أشخاص القانون العام. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن العقد المبرم بأن الشركة الطاعنة - والمطعون عليها لا يعتبر عقداً إدارياً تختص محكمة القضاء الإداري بنظر المنازعة فيه فإنه يكون قد خالف القانون، بالإضافة إلى أنه أغفل الرد على دفاع الشركة الطاعنة من أن المحل موضوع الترخيص يقع على مال عام فلا يكون الانتفاع به إلا على سبيل الترخيص، وأن العلاقة التي تربطها بالمطعون عليها ليست علاقة إيجارية لأنها تتضمن شروطاً تتنافى مع طبيعة عقد الإيجار وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الشركة الطاعنة من شركات القطاع العام التي لا تعتبر من أشخاص القانون العام - على ما سلف بيانه في الرد على الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن، وكان نشاطها في قيامها على مرفق التعمير والإنشاءات السياحية بالمعمورة لا يعتبر من قبيل ممارسة السلطة العامة، وكان يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه وأن تتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما يتضمن من شروط غير مألوفة في القانون الخاص، ومن ثم فإن العقود التي تبرمها الشركة الطاعنة مع غير أشخاص القانون العام لا تعتبر من قبيل العقود الإدارية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى أن العقد المبرم بين الشركة الطاعنة والمطعون عليها لا يعتبر من العقود الإدارية تأسيساً على أن الإدارة بوصفها سلطة عامة ليست طرفاً فيه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه عدم رده على دفاع الشركة الطاعنة من أن التعاقد وارد على مال عام أو أن العقد المتنازع فيه يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص إذا ليس حتماً على الحكم أن يتتبع الخصوم في مختلف مناحي أقوالهم وحججهم ويرد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاره طالما أنه أقام قضاءه على ما يكفي لحمله، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون غير سديد.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 488 لسنة 44 ق جلسة 8 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 82 ص 412

جلسة 8 من فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.
--------------
(82)
الطعن رقم 488 لسنة 44 القضائية
1)،(2  إيجار "إيجار الأماكن".
 (1)التزام مؤجري الأماكن المفروشة بتعديل أوضاعها. م 29 ق 52 لسنة 1969. جواز نزول المستأجر عن رخصة التأجير المفروش خلال السنة المحددة بها. انقضاء المدة دون تعديل الأوضاع. أثره. وجوب رد العين إلى المؤجر.
(2) تأجير العين في ظل القانون 121 لسنة 1947 بقصد استغلالها مفروشة. عدم جواز عدول المستأجر عن ذلك بإرادته المنفردة. تأجير السكن كمسكن خاص مع التصريح باستغلاله مفروشاً. حق المؤجر في اقتضاء علاوة 70% في هذه الحالة عند استغلال المكان مفروشاً فحسب.
--------------
1 - مفاد نص المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع أوجب على مؤجري الأماكن المفروشة وقت صدور هذا القانون خلافاً لأحكامه سواء كانوا أملاكها أو مستأجريها أصليين أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً لتلك الأحكام خلال سنة من تاريخ العمل به فإذا انقضت السنة دون أن يتم ذلك انتهى التأجير مفروشاً بقوة القانون وتعين على مستأجر المكان مفروشاً أن يرده إلى من أجره مالكاً أو مستأجراً أصلياً مما مفاده أنه ليس ثمة ما يمنع من تعديل الأوضاع خلال فترة السنة وقبل انقضائها باعتبارها مهلة جعلها المشرع كحد أقصى، ولما كان الدفاع الذي ساقته الطاعنة في مرحلتي التقاضي يقوم على سند من أنها أخطرت المطعون عليه بتنازلها عن حق التأجير من الباطن مفروشاً بموجب كتاب وجهته إليه في 15/ 10/ 1969 وأنها عادت فعلاً للإقامة بالعين المؤجرة وإنها لا تلتزم إلا بالأجرة الأصلية دون زيادة اعتباراً من شهر نوفمبر سنة 1969 وكان الحكم المطعون فيه انتهى إلى اعتبار الترخيص الوارد بعقد الإيجار الثاني يظل سارياً طوال مدة السنة المنصوص عليها في المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 سواء استعملته الطاعنة أو تخلت عنه، وكان هذا النظر من الحكم قد حجبه عن تقصي ما إذا كان التصريح بالتأجير من الباطن يعتبر شرطاً جوهرياً من شرائط انعقاد العقد أم لا، ومدى التحقق من حصول الأخطار بالتنازل الذي تدعيه الطاعنة ونطاق تأثيره على مركز الخصوم استهداء بالقواعد المتقدمة فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان المقصود باستعمال المكان مفروشاً في معنى المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 هو وجود اتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر وأن يكون التأجير دون أثاث ليفرشه المستأجر بنفسه ويستغله وأنه في هذه الحالة تستحق علاوة السبعين في المائة سواء انتفع المستأجر بهذه الرخصة أو لم ينتفع وسواء أجره من الباطن مفروشاً أو غير مفروش، إلا أن مناط الأخذ بهذه القاعدة أن يثبت أن الإيجار قد انعقد منذ البداية على مكان بقصد استغلاله مفروشاً بمعرفة المستأجر وعلى وجه ما كان المؤجر ليرتضي معه إبرامه لو تقدم المستأجر بطلب استئجاره سكناً خاصاً له ففي هذه الصورة يعتبر التصريح شرطاً جوهرياً من شرائط انعقاد العقد لا يملك المستأجر بإرادته المنفردة العدول عنه وإخطار المؤجر برغبته في استعمال العين سكناً خاصاً له أما في حالة استئجار المكان كسكن خاص وقيام اتفاق بين المؤجر والمستأجر على استغلال المكان مفروشاً فإن حق المؤجر في اقتضاء العلاوة بنسبة 70% يقوم بقيام الاستعمال للمكان مفروشاً وينتهي بانتهائه وبعد إخطار المستأجر له بذلك، وهو الحكم الذي حرص المشرع على تأكيده بما نص عليه في المادة 28 من القانون رقم 52 لسنة 1969 من عدم استحقاق المؤجرة للأجرة الإضافية إلا عن مدة التأجير مفروشاً.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1584 سنة 1971 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة طالباً الحكم بإخلائها من العين المؤجرة لها المبينة بصحيفة الدعوى وبتسليمها إليه خالية، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ أول مايو 1968 استأجرت منه الطاعنة شقة بالمنزل رقم 22 بشارع الجمهورية بالقاهرة لقاء أجرة شهرية قدرها 7 جنيه و960 مليم مضافاً إليها 5 جنيه و570 مليم مقابل ترخيصه لها بتأجيرها مفروشة من الباطن، وإذ قعدت عن الوفاء بكامل الأجرة التعاقدية بأن امتنعت عن أداء مقابل ميزة الإذن لها بالتأجير من الباطن مفروشاً، رغم تكليفها وفاء جملة المتأخر في ذمتها وقدره 117 جنيه و680 مليم فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، أجابت الطاعنة بأنها أخطرت المطعون عليه في 15 أكتوبر سنة 1969 بتنازلها عن الترخيص بالتأجير من الباطن وأنها لا تلزم بالزيادة القانونية، وبتاريخ 31/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها لم تعد تستغل عين النزاع مفروشة من أول نوفمبر 1969 وأنها أصبحت تستغلها سكناً خاصاً لها، وإذ لم ينفذ حكم التحقيق فقد عادت وحكمت في 29 مارس 1972 بإخلاء الطاعنة من العين سالفة الذكر، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2037 لسنة 89 ق القاهرة وبجلسة 21 مارس 1974 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على أن التصريح لها بالتأجير مفروشاً وقع في ظل القانون رقم 121 لسنة 1947 الذي يجيز للمؤجر اقتضاء الزيادة المتفق عليها سواء استعمل المستأجر الرخصة الممنوحة له أم لم يستعملها، وأن مفاد المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أنه خلال فترة السنة المحددة لتعديل أوضاع الملاك والمستأجرين وفقاً لأحكامه يظل الترخيص بالتأجير مفروشاً المشار إليه قائماً، وتكون الأجرة المستحقة هي الأجرة المتفق عليها بالعقد بما فيها الزيادة القانونية حتى ولو لم تستعمل الطاعنة بالفعل الرخصة الممنوحة لها طالما كان في مكنتها استعمالها إبان هذه السنة، ورتب على ذلك أن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق يضحى غير منتج في النزاع في حين أن مدة السنة المحددة لتعديل أوضاع الملاك والمستأجرين إنما شرعت لصالح المستأجر من الباطن مفروشاً، وجعلت من حقه تعديل وضعه خلالها ولم توجب عليه التريث حتى انقضائها وقد تمسكت الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأنها عدلت أوضاعها بالإخطار بإنهاء الترخيص لها بالتأجير من الباطن مفروشاً في تاريخ لاحق لنفاذ القانون رقم 52 لسنة 1969 وقبل فوات مدة السنة، وإذ لا توجب المادة 28 من القانون السالف سداد نسبة الزيادة في الأجرة إلا عن مدة التأجير مفروشاً فحسب، وأغفل الحكم مواجهة دفاع الطاعنة في شأن إخطارها بتعديل أوضاعها، ورفض الاستجابة لطلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق لهذا السبب، فإنه بالإضافة إلى مخالفة القانون يكون قد عاره القصور.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين بأنه "على الملاك والمستأجرين المؤجرين لأماكن مفروشة أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً للأحكام السابقة خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون. وبانقضاء هذا الأجل يسلم المكان إلى المالك أو المستأجر الأصلي بحسب الأحوال" يدل على أن المشرع أوجب على مؤجري الأماكن المفروشة وقت صدور هذا القانون خلافاً لأحكامه سواء كانوا ملاكها أو مستأجرين أصليين أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً لتلك الأحكام خلال سنة من تاريخ العمل به. فإذا انقضت السنة دون أن يتم ذلك انتهى التأجير مفروشاً بقوة القانون، وتعين على المستأجر المكان مفروشاً أن يرده إلى من أجره إليه مالكاً أو مستأجراً أصلياً، مما مفاده إنه ليس ثمت ما يمنع من تعديل الأوضاع خلال فترة السنة وقبل انقضائها باعتبارها مهلة جعلها المشرع كحد أقصى ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان المقصود باستعمال المكان مفروشاً في معنى المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 هو وجود اتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر، وأن يكون التأجير دون أثاث ليفرشه المستأجر بنفسه ويستغله، وإنه في هذه الحالة تستحق علاوة السبعين في المائة سواء انتفع المستأجر بهذه الرخصة أو لم ينتفع وسواء أجره من الباطن مفروشاً أو غير مفروش إلا أن مناط الأخذ بهذه القاعدة أن يثبت أن الإيجار قد انعقد منذ البداية على مكان بقصد استغلاله مفروشاً بمعرفة المستأجر وعلى وجه ما كان المؤجر ليرتضى معه إبرامه لو تقدم المستأجر بطلب استئجاره سكناً خاصاً له، ففي هذه الصورة يعتبر التصريح شرطاً جوهرياً من شرائط انعقاد العقد لا يملك المستأجر بإرادته المنفردة العدول عنه وإخطار المؤجر برغبته في استعمال العين سكناً خاصاً له. أما في حالة استئجار المكان كسكن خاص وقيام اتفاق بين المؤجر والمستأجر على استغلال المكان مفروشاً فإن حق المؤجر في اقتضاء العلاوة بنسبة 70% يقوم بقيام الاستعمال للمكان مفروشاً وينتهي بانتهائه وبعد إخطار المستأجر له بذلك، وهو الحكم الذي حرص المشرع على تأكيده بما نص عليه في المادة 28 من القانون رقم 52 لسنة 1969 من عدم استحقاق المؤجر للأجرة الإضافية إلا عن مدة التأجير مفروشاً. لما كان ذلك وكانت الوقائع المسلمة أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن الطاعنة استأجرت ابتداء عين النزاع بالعقد المؤرخ 28 فبراير سنة 1957 بقصد استعمالها سكناً خاصاً ولم يصرح لها فيه بالتأجير من الباطن، ثم استبدلت بهذا العقد آخر مؤرخاً أول مايو سنة 1968 أشير فيه إلى أن التأجير هو للسكن الخاص وصرح لها فيه بتأجير العين أو جزءاً منها مفروشاً، وحدد في العقد الأخير الأجرة الأصلية ومقابل الزيادة بمعدل السبعين في المائة، وكان الدفاع الذي ساقته الطاعنة في مرحلتي التقاضي يقوم على سند من أنها أخطرت المطعون عليه بتنازلها عن حق التأجير من الباطن مفروشاً بموجب كتاب وجهته إليه في 15/ 10/ 1969، وأنها عادت فعلاً للإقامة بالعين المؤجرة، وإنها لا تلزم إلا بالأجرة الأصلية دون زيادة اعتباراً من شهر نوفمبر سنة 1969 وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار الترخيص الوارد بعقد الإيجار الثاني يظل سارياً طوال مدة السنة المنصوص عليها في المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 سواء استعملته الطاعنة أو تخلت عنه وكان هذا النظر من الحكم قد حجبه عن تقصي ما إذا كان التصريح بالتأجير من الباطن يعتبر شرطاً جوهرياً من شرائط انعقاد العقد أم لا، ومدى التحقق من حصول الإخطار بالتنازل الذي تدعيه الطاعنة، ونطاق تأثيره على مركز الخصوم استهداء بالقواعد المتقدمة، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 286 لسنة 44 ق جلسة 8 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 81 ص 408

جلسة 8 من فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج أعضاء.
---------------
(81)
الطعن رقم 286 لسنة 44 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن" "الأجرة". صورية. إثبات.
الأماكن المؤجرة مفروشة. عدم خضوع أجرتها للتحديد القانوني. شرط ذلك. ألا يكون القصد منها التحايل على أحكام الأجرة القانونية. لمحكمة الموضوع تقدير جدية أو صورية الفرش. جواز إثبات الصورية بكافة الطرق.
---------------
أنه وإن كان الأصل عدم خضوع أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها للتحديد القانوني، إلا أن شرط ذلك ألا يكون تأجيرها مفروشة صورياً كما لو وضع فيها المؤجر أثاثاً تافهاً قديماً بقصد التحايل على القانون التخلص من قيود الأجرة فيلزم لاعتبار المكان مؤجراً مفروشاً حقيقة أن تثبت أن الإجارة شملت فوق منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات معينة ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين خالية وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية وتسري عليها أحكام قانون إيجار الأماكن. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صورية في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها وما تستنبطه منها من قرائن قضائية إذ العبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة، وكان يجوز إثبات التحايل على زيادة الأجرة بكافة طرق الإثبات، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتحقيق الأجرة على سند مما أثبتته المعاينة من أن الأثاث الذي زودت به الشقتان لا يتناسب مع تأثيثهما كمصنع لحقائب السيدات حسب الغرض الذي أجرتا من أجله واستخلص قيام التحايل على أحكام القانون، فإن ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن استخلاص سائغ من محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية في فهم الواقع وتقدير الدليل ولا مخالفة فيه للقانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم.... مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتخفيض أجرة العين المؤجرة له والمكونة من الطابقين الأول والثاني العلويين بالعقار الملحق بالعمارة رقم...... إلى مبلغ 3 جنيه و400 مليم شهرياً اعتباراً من 1/ 9/ 1969 وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1969 استأجر من الطاعن العين سالفة الذكر بقصد استعمالها مصنعاً لحقائب السيدات؛ وقد استغل الطاعن حاجته للعين وتحايل على القانون لرفع القيمة الإيجارية السابق تحديدها من لجنة تقدير الإيجارات وقدرها 3 جنيه و400 مليم للطابقين، وأجرها بمبلغ 14 جنيه و500 مليم بمقولة أن العين المؤجرة مفروشة وإذ كان التأجير مفروشاً صورياً فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 13/ 2/ 1972 حكمت المحكمة بتحديد إيجار الشقتين المؤجرتين بالدور الأول والثاني من العقار رقم........ والمبينتين بعقد الإيجار المبرم في 1/ 9/ 1969 بين طرفي الخصومة بواقع 1 جنيه و700 مليم شهرياً لكل شقة وذلك من تاريخ سريان عقد الإيجار استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم....... القاهرة طالباً رفض الدعوى، وبتاريخ 2/ 4/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بالانتقال لمعاينة الشقتين موضوع النزاع والمنقولات الموضحة بالكشف المرفق بعقد الإيجار، وبعد المعاينة عادت وبتاريخ 24/ 1/ 1974 فحكمت بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأنه ثبت من المعاينة ومن كشف المنقولات الملحق بعقد الإيجار عدم مناسبة الأثاث مع ما جرت عليه العادة في شغل العين مصنعاً للحقائب النسائية الذي أعدت له الشقتان، مما يستفاد منه أن الغرض من التأجير مفروشاً هو التحايل على أحكام القانون بغرض تجاوز الحد الأقصى للأجرة وأن لجنة تقدير الإيجارات قد عاينت شفتي النزاع وقدرت الأجرة المناسبة لكل منهما، ولم يطعن أحد على قرارها؛ في حين أن الثابت من مطالعة عقد الإيجار أن الشقتين قد أجرتا مكتباً مفروشاً؛ وتسلم المطعون عليه الأثاث المعد لذلك بمقتضى الكشف الملحق بالعقد، ولكنه نقل بعضه من العين المؤجرة ووضع مكانه آلات لحياكة الجلود وتصنيع حقائب السيدات بعد أن غير الغرض من الاستعمال المتفق عليه في عقد الإيجار من مكتب مفروش إلى مصنع للحقائب النسائية، فلا تخضع أجرة العين للتحديد الوارد بالمادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان الأصل عدم خضوع أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها للتحديد القانوني، إلا أن شرط ذلك ألا يكون تأجيرها مفروشة صورياً كما لو وضع فيها المؤجر أثاثاً تافها قديماً بقصد التحايل على القانون والتخلص من قيود الأجرة، فيلزم لاعتبار المكان مؤجراً مفروشاً حقيقة أن يثبت أن الإجارة شملت فوق منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات معينة ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين خالية، وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية وتسري عليها أحكام قانون إيجار الأماكن. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها وما تستنبطه منها من قرائن قضائية، إذ العبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة، وكان يجوز إثبات التحايل على زيادة الأجرة بكافة طرق الإثبات، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتخفيض الأجرة على سند مما أثبتته المعاينة من أن الأثاث الذي زودت الشقتان لا يتناسب مع تأثيثهما كمصنع لحقائب السيدات حسب الغرض الذي أجرتا من أجله، واستخلص قيام التحايل على أحكام القانون، فإن ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن استخلاص سائغ من محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية في فهم الواقع وتقدير الدليل ولا مخالفة فيه للقانون، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسند إليه أنه لم يطعن قرار لجنة تقدير الإيجارات بالنسبة لأجرة شقتي النزاع، في حين أن الأوراق خالية من ذلك وأنه لم يخطر بقرار اللجنة حتى الآن، وعندما اكتشف صدوره قام بعض الورثة بالطعن عليه أمام المحكمة المختصة ولم يفصل فيه بعد، مما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه قوله إن الطاعن لم يطعن على قرار لجنة تقدير الإيجارات بالنسبة لتحديد أجرة شقق النزاع، وكان الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف المقام من الطاعن أنها تضمنت أنه لم يطعن فعلاً على تقدير اللجنة رغم إجحافه لأنه كان يزمع التأجير مفروشاً فإن ما انتهى إليه الحكم يكون له مأخذه ويكون النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق على غير أساس. لا يغير من ذلك تقديم الطاعن لمحكمة النقض الدليل على أن بعض الورثة قد طعنوا على قرار اللجنة لأنه لم يكن مطروحاً على محكمة الموضوع، ومحكمة النقض إنما تنظر في مخالفة الموضوع للقانون فيما كان معروضاً عليها لا فيما لم يعرض ويكون النعي في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 353 لسنة 44 ق جلسة 1 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 76 ص 381

جلسة أول فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، محمود رمضان، إبراهيم فراج.
-----------------
(76)
الطعن رقم 353 لسنة 44 القضائية
1)، (2 إيجار "إيجار الأماكن". عقد. حكم.
(1) الإصلاحات والتحسينات اللصيقة التي يحدثها المؤجر بالعين المؤجرة قبل التأجير. وجوب تقويمها وإضافة مقابلها إلى الأجرة. وجوب أعمال إرادة الطرفين بالنسبة لهذا التقدير ما لم يكن هناك تحايل على القانون.
(2) إضافة مقابل الإصلاحات والتحسينات التي يجريها المؤجر قبل التأجير إلى الأجرة القانونية. عدم جواز إلزام المؤجر باستيفاء ما أنفقه في هذا السبيل من المستأجر بدلاً من إضافة ما يقابلها إلى الأجرة إلا إذا قبل المؤجر ذلك صراحة.
-----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإصلاحات والتحسينات اللصيقة الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررتها تشريعات إيجار الأماكن المتعاقبة، وإذا اتفق الطرفان على ذلك وحب إعمال اتفاقهما ما لم يثبت أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون فيكون للقاضي عندئذ سلطة التقدير.
2 - يشترط في التحسينات والإصلاحات التي يستحق المؤجر في مقابلها زيادة في الأجرة أن يكون قد استحدثها هو أو سلفه من ماله الخاص دون أن يكون المستأجر هو الذي قام بها، وإذ كان المالك يستهدف بإجراء التحسينات في ملكه العمل على زيادة دخله وتحسين استثماره للعين وليس مجرد أداء خدمة للمستأجر وكان ما عرضه الطاعن بهذه المثابة على محكمة الموضوع من إيفاء المطعون عليها - المؤجرة ما أنفقته في أداء التحسينات دون إضافة ما يقابلها إلى الأجرة الأصلية بعيداً عن قصد المؤجر وكان الأصل أنه يتعين تقويم هذه التحسينات وإضافة مقابل الانتفاع بها إلى الأجرة القانونية فإنه لا يجوز العدول عن هذا الأصل دون قبول صريح من المؤجر، ويكون لا على الحكم أن هو أغفل الرد على هذا الطلب الذي حلت الأوراق من دليل على قبوله.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 10218 سنة 1971 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها طالباً الحكم بتخفيض أجرة العين المؤجرة له إلى مبلغ 25 جنيه، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 6/ 1966 استأجر من المطعون عليها شقة بالعقار رقم.... لقاء أجرة شهرية قدرها 40 جنيه منها مبلغ 25 جنيه يمثل الأجرة الأصلية والباقي كمقابل لتحسينات بالعين المؤجرة وإذ لا تختلف باقي شقق العقار عن العين المؤجرة له، رغم أنه لم يضف إلى أجرتها الأصلية مقابلاً لأية تحسينات، فقد أقام دعواه، وبتاريخ 28/ 5/ 1970 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان تاريخ إنشاء عين النزاع وتحديد أجرتها القانونية مع مراعاة ما أدخل عليها من إصلاحات وتحسينات وإضافات وتقويمها وإضافة مقابل انتفاع المستأجر بها وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 6/ 4/ 1972 بتخفيض أجرة شقة النزاع إلى مبلغ 34 جنيه و500 مليم. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم..... القاهرة طالبة رفض الدعوى كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم.... القاهرة طالباً القضاء له بطلباته، وبتاريخ 31/ 1/ 1974 - قضت بعد ضم الاستئنافين برفض استئناف الطاعن، وفي استئناف المطعون عليها بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم استدل من إبرام عقد الإيجار في غضون سنة 1966 إن تقدير قيمة التحسينات كان ملحوظاً فيها أحكام التشريعات الاستثنائية بما تمتنع معه المناقشة في قيمتها إلا إذا ظهرت مفارقة كبيرة في حقيقة قدرها؛ وإن مفاد تقرير الخبير أن المقابل الذي ارتضاه المستأجر لهذه التحسينات لا مغالاة فيه وإذ انعدمت الموازنة بين عين النزاع وبين شقة المثل فإن الطاعن يكون قد عجز عن إثبات مدعاة في حين أن عقد الإيجار جاء خلواً مما يشير إلى أنه رؤى في تحديد الأجرة الأصلية ما تقضي به التشريعات الاستثنائية المتعاقبة، وقد تمسك الطاعن بأن التحسينات المقدر لها مقابل انتفاع بالعقد توجد في باقي وحدات العقار المتماثلة مما مؤداه التمسك بالتحايل على القانون لزيادة الأجرة وانتفاء ارتضائه لها، وهو موجب لتدخل القضاء لتقدير قيمتها، ولما كانت هذه التحسينات من قبيل المزايا اللصيقة بالعين المؤجرة والتي لا يمكن الانتفاع بدونها مما يلتزم معه تقويمها وإضافتها إلى الأجرة القانونية، فإنه لا يسوغ مذهب الحكم في تقريره امتناع المناقشة حولها. هذا إلى أن الحكم استخلص عجز الطاعن عن إثبات دعواه من انعدام عنصر الموازنة بين عين النزاع وشقة المثل، مع أن شقة القياس كائنة بذات العقار والتماثل قائم بينهما فيما عدا الاختلاف في بعض التحسينات اللصيقة التي لا تمس جوهر المقارنة بالإضافة إلى أن الحكم التفت عن طلب الطاعن دفع مقابل التحسينات نقداً للمطعون عليها نظير الاقتصار على الأجرة الأصلية، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررتها تشريعات إيجار الأماكن المتعاقبة وإذا اتفق الطرفان على ذلك وحب إعمال اتفاقهما ما لم يثبت أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون فيكون للقاضي عندئذ سلطة التقدير، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها على سند من القول بأن الثابت في عقد الإيجار المبرم بينه وبين المطعون عليها أن الأجرة الأصلية للعين المؤجرة هي 25 ج يضاف إليها مبلغ 15 ج مقابل التحسينات الجديدة، وأن هذا المقابل لا محل له لما استبان من أن جميع الشقق الأخرى بذات العقار تحوي نفس التحسينات دون أن تضاف إلى أجرتها الأصلية أية زيادة تقابلها، لما كان ذلك وكانت التحسينات التي أثبت الخبير المنتدب وجودها تعد من قبيل المزايا اللصيقة بالعين وليس لها كيان مستقل بحيث لا يمكن القول بأن مقابلها لا يخضع في تقدير الطرفين له لأية رقابة قضائية، بما ينبغي معه أن يضاف ما يقابل الانتفاع بالإصلاحات والتحسينات المستحدثة إلى الأجرة القانونية طالما لم تكن مبالغاً فيها وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن تقدير الخبير لمقابل التحسينات الموجودة بالعين المؤجرة يفوق كثيراً المقابل المتفق عليه بين الطرفين وأن المؤجرة المطعون عليها لم تكن مبالغة في تقديرها لمقابل هذه التحسينات التي ارتضاها المستأجر، وكان لهذا الذي قرره الحكم مأخذه من تقرير الخبير إذ قدر التحسينات بما يوازي مبلغ 940 ج مما يسوغ أن قدر مقابل الانتفاع المتفق عليه بالعقد بما يتفق مع تكلفتها وقت أحداثها مما يختفي معه أي غش، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص توافر عناصر الغش من وقائع الدعوى ويقدر ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت متى كانت الوقائع تسمح به، فإن مفاد ما تقدم أن الحكم أعمل اتفاق المتعاقدين بشأن تقدير مقابل الانتفاع بالتحسينات التي أدخلت على عين النزاع منتهياً إلى أنه لا يتضمن تحايلاً على القانون. لما كان ذلك وكانت الدعامة السابقة كافية لحمل قضاء الحكم، فإنه لا يعيبه استطراده تزيداً إلى تقريرات متعلقة بمدى الجدل حول قيمة التحسينات إذا لم تكن هناك مفارقة كبيرة في تقديرها أو المنازعة حول انعدام مجال المقارنة بين شقة النزاع وشقة المثل أياً كان وجه الرأي فيها طالما أن المنازعة الماثلة لا تستطيل إلى تحديد الأجرة الأصلية للعين وطالما أن هذه التقريرات غير مؤثرة في جوهر قضائه - لما كان ما سلف وكان يشترط في التحسينات والإصلاحات التي يستحق المؤجر في مقابلها زيادة في الأجرة أن يكون قد استحدثها هو أو سلفة من ماله الخاص، ودون أن يكون المستأجر هو الذي قام بها، وكان المالك يستهدف بإجراء التحسينات في ملكه العمل على زيادة دخله وتحسين استثماره للعين وليس مجرد أداء خدمة للمستأجر وكان ما عرضه الطاعن بهذه المثابة على محكمة الموضوع من إيفاء المطعون عليها ما أنفقته في أداء التحسينات دون إضافة ما يقابلها إلى الأجرة الأصلية بعيداً عن قصد المؤجر، وكان الأصل أنه يتعين تقويم هذه التحسينات وإضافة مقابل الانتفاع بها إلى الأجرة القانونية فإنه لا يجوز العدول عن هذا الأصل دون قبول صريح من المؤجر ويكون لا على الحكم أن هو أغفل الرد على هذا الطلب الذي خلت الأوراق من دليل على قبوله.
ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 314 لسنة 44 ق جلسة 31 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 73 ص 367

جلسة 31 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، محمد كمال عباس، صلاح الدين يونس ومحمد وجدي عبد الصمد.
---------------
(73)
الطعن رقم 314 سنة 44 القضائية
دعوى "انقضاء الخصومة". تقادم.
انقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها. م 307 مرافعات سابق. أثره إلغاء جميع إجراءات الدعوى وزوال أثرها في قطع التقادم. سريان هذا الأثر بالنسبة لكل من طرفي الدعوى.
---------------
نصت المادة 307 من قانون المرافعات السابق المنطبق - على واقعة الدعوى - على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها" وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون تعليقاً على نص تلك المادة قولها "والمقصود بعبارة جميع الأحوال الواردة في هذه المادة أن الخصومة تنقضي بمضي المدة مهما يكن سبب انقطاعها أو وقفها إلى أن يصدر من صاحب المصلحة في الدعوى إجراء صحيح في الخصومة فتنقطع به المدة وقد أريد بهذا الحكم الجديد وضع حد نهائي لتراكم القضايا وتعليقها بالمحاكم." وواضح من هذا النص وما جاء في مذكرته الإيضاحية من تعبير "صاحب المصلحة في الدعوى" وهو تعيير عام مطلق، أن المشرع لم يفرق بين المدعي والمدعى عليه من حيث اتخاذ الإجراء الذي يقطع مدة إيقاف الخصومة وانقطاعها وبالتالي من حيث أثر انقضاء الخصومة بالنسبة لكل منهما، وأنه إذا أوقف السير في الدعوى أكثر من سنة ولم يطلب ذوو المصلحة من الخصوم (لا فرق بين مدعين ومدعى عليهم) الحكم بسقوط الخصومة انقضت الخصومة في جميع الأحوال بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها، ومتى انقضت الخصومة على هذا النحو فقد ألغيت جميع إجراءاتها وألغيت صحيفة الدعوى وما ترتب عليها من آثار ويدخل في ذلك انقطاع التقادم فيعتبر هذا الانقطاع كأن لم يكن، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الطاعنين ليس لهما أن يستفيدا من الأثر المترتب على انقضاء الخصومة في الاستئناف رقم....... مدني سوهاج لكونهما هما اللذان أهملا موالاة السير فيه ورتب على ذلك انقطاع التقادم الساري لمصلحة الطاعنين في وضع يدهما على العقار مثار النزاع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم...... مدني سوهاج الابتدائية يطالبون فيها الحكم بطرد الطاعنين من العين المبينة الحدود والمعالم بالصحفية وتسليمها لهم بما عليها من زراعة وإلزامهما بأن يدفعا لهم مبلغ 152 جنيه، 755 مليم تأسيساً على أن الطاعنين وضعا يدهما على أرض النزاع من سنة 1955 بدون وجه حق وأن المبلغ المطالب به هو قيمة الريع في المدة المطالب بها. بتاريخ 28/ 3/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم..... أسيوط (مأمورية سوهاج). وبتاريخ 24/ 1/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد المستأنف عليهما الطاعنين) من أطيان النزاع وبإلزامهما بأن يدفعا للمستأنفين المطعون ضدهم مبلغ 149 جنيه، 695 مليم طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه لا يجوز للطاعنين أن يستفيدا من الأثر القانوني المترتب على انقضاء الخصومة في الاستئناف رقم...... مدني مستأنف سوهاج في زوال الأثر القاطع للتقادم تأسيساً على أن سقوط الخصومة وانقضاءها في ذلك الاستئناف هو جزاء شرع لصالح المستأنفين في الاستئناف المذكور (المطعون ضدهم) وأن المستأنف عليهما (الطاعنين) أهملا في السير في ذلك الاستئناف فلا يستفيدان من أثر انقضاء الخصومة فيه في حين أن نص المادة 307 - مرافعات قديم المنطبق على واقعة الدعوى لم يفرق بين المدعي والمدعى عليه في الأثر المترتب على انقضاء الخصومة ولم يرتب القانون جزاء على الخصم الذي يقعد عن موالاة السير في الخصومة سوى ما قررته المادة 305 من ذات القانون من أنه متى حكم بسقوط الخصومة في الاستئناف اعتبر الحكم المستأنف انتهائياً في جميع الأحوال. وإذ كان ذلك بالنسبة لسقوط الخصومة فهو كذلك من باب أولى بالنسبة لانقضائها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 307 من قانون المرافعات السابق المنطبق على واقعة الدعوى تنص على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي خمس سنوات على أخر إجراء صحيح فيها" وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون تعليقاً على نص تلك المادة قولها "والمقصود بعبارة جميع الأحوال الواردة في هذه المادة أن الخصومة تنقضي بمضي المدة مهما يكن سبب انقطاعها أو وقفها إلى أن يصدر من صاحب المصلحة في الدعوى إجراء صحيح في الخصومة فتنقطع به المدة وقد أريد بهذا الحكم الجديد وضع حد نهائي لتراكم القضايا وتعليقها بالمحاكم". وواضح من هذا النص وما جاء في مذكرته الإيضاحية من تعبير "صاحب المصلحة في الدعوى" وهو تعبير عام مطلق، أن المشرع لم يفرق بين المدعي والمدعى عليه من حيث اتخاذ الإجراء الذي يقطع مدة إيقاف الخصومة أو انقطاعها وبالتالي من حيث أثر انقضاء الخصومة بالنسبة لكل منهما، وأنه إذا وقف السير في الدعوى أكثر من سنة ولم يطلب ذوو المصلحة الحكم بسقوط الخصومة انقضت الخصومة في جميع الأحوال بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها، ومتى انقضت الخصومة على هذا النحو فقد ألغيت جميع إجراءاتها وألغيت صحيفة الدعوى وما ترتب عليها من آثار ويدخل في ذلك انقطاع التقادم فيعتبر هذا الانقطاع كأن لم يكن. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الطاعنين ليس لهما أن يستفيدا من الأثر المترتب على انقضاء الخصومة في الاستئناف رقم..... مدني سوهاج لكونهما هما اللذان أهملا موالاة السير فيه ورتب على ذلك انقطاع التقادم الساري لمصلحة الطاعنين في وضع يدهما على العقار مثار النزاع، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 527 لسنة 44 ق جلسة 31 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 71 ص 357

جلسة 31 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف وعبد الحميد المرصفاوي.
-----------
(71)
الطعن رقم 527 لسنة 44 القضائية
إثبات "الإثبات بالكتابة". تزوير.
النسخة الكربونية للعقد الموقع عليه بإمضاء منسوب للتعاقد. لها حجيتها في الإثبات قبله. القضاء بعدم قبول الادعاء بتزويرها باعتبار أنه لا قيمة لها في الإثبات. خطأ.
-----------
التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو بصمة الإصبع هو المصدر القانوني الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لما تقضي به المادة 14/ 1 من قانون الإثبات - المقابلة للمادة 390/ 2 من القانون المدني قبل إلغائها - وإذ كان المقصود بالإمضاء هو الكتابة المخطوطة بيد من تصدر منه، وكان الإمضاء بالكربون من صنع ذات يد من نسبت إليه، فإن المحرر الموقع عليه بإمضاء الكربون يكون في حقيقته محرراً قائماً بذاته له حجيته في الإثبات. لما كان ذلك وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن التوقيع المنسوب للطاعن على المحرر المطلوب الحكم برده وبطلانه عبارة عن كتابة بخط اليد محررة بالكربون، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر هذا المحرر صورة منقولة عن أصلها ليس لها حجية في الإثبات فإن الحكم إذ بنى قضاءه بعدم قبول دعوى التزوير يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم....... مدني المنصورة الابتدائية ضد المطعون عليها وآخر - ....... وطلب الحكم برد وبطلان عقد البيع المؤرخ في 24/ 10/ 1956 والذي نسب إليه فيه بيعه ماكينة ردستون للمطعون عليها وأخرى مقابل ثمن يخص المطعون عليها فيه 725 جنيهاً. وقال بياناً للدعوى إن هذه الأخيرة قدمت العقد سالف البيان في الدعوى رقم...... مدني المطرية واستند إليه في الادعاء بأنها شريكة بحق النصف في مصنع ثلج طلبت الحكم بصفة مستعجلة بفرض الحراسة عليه. وإذ كان هذا العقد مزوراً عليه بطريق التقليد، فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. وبتاريخ 1/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بالقاهرة لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بإخراج المدعى عليه الآخر من الدعوى وبرد وبطلان العقد. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم....... مدني المنصورة وبتاريخ 10 مارس سنة 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخط في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن النسخة المدعي بتزويرها صورة كربونية لعقد بيع عرفي ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدي إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه وتكون الحجية للأصل لا للصورة في حين أن تلك النسخة الكربونية تحمل توقيع الكربون منسوباً للطاعن، وإذ حاجته بها المطعون عليها في المنازعة التي كانت قائمة بينهما فإنه يكون محقاً في طلب الحكم بردها وبطلانها، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن التوقيع بالإمضاء أو ببصمة الختم أو بصمة الأصبع هو المصدر القانوني الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية وفقاً لما تقضي به المادة 14/ 1 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 390/ 2 من القانون المدني قبل إلغائها وإذ كان المقصود بالإمضاء هو الكتابة المخطوطة بيد من تصدر منه، وكان الإمضاء بالكربون من صنع ذات يد من نسبت إليه، فإن المحرر الموقع عليه بإمضاء بالكربون يكون في حقيقته محرراً قائماً بذاته له حجيته في الإثبات. لما كان ذلك وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن التوقيع المنسوب للطاعن على المحرر المطلوب الحكم برده وبطلانه عبارة عن كتابة بخط اليد محررة بالكربون، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر هذا المحرر صورة منقولة عن أصلها ليس لها حجية في الإثبات فإن الحكم إذ بنى على ذلك قضاءه بعدم قبول دعوى التزوير يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 304 لسنة 44 ق جلسة 25 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 66 ص 327

جلسة 25 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، محمد رمضان وإبراهيم فراج.
--------------
(66)
الطعن رقم 304 لسنة 44 القضائية
1)،(2 إيجار "إيجار الأماكن". قانون.
 (1)المشاركة السكنية مع المستأجر. وجوب أن تكون المشاركة منذ بدء الإجارة. للمشارك حتى البقاء في العين ولو تركها المستأجر الذي أبرم العقد باسمه. ق 121 لسنة 1947.
 (2)ترك المستأجر العين المؤجرة نهائياً قبل العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969. لا محل لإعمال المادة 21 منه.
--------------
1 - المساكنة التي لا يصدق عليها وصف التأجير من الباطن، أو التنازل عن الإيجار في معنى المادة 2/ ب من القانون رقم 121 لسنة 1947 المنطبقة على واقعة الدعوى تستلزم حصول المشاركة السكنية منذ بدء الإجارة وطالما لم تنقطع إقامة المشاركين المؤجرة فإنه يحق لهم بهذه الصفة البقاء في العين المؤجرة طوال مدة العقد والانتفاع بالامتداد القانوني بعد انتهائها دون اشتراط استمرار إقامة المستأجر الذي أبرم العقد باسمه في العين المؤجرة.
2 - إذ كانت دعوى الإخلاء الماثلة رفعت في 5/ 2/ 1969 وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه تسليم الطاعنين بأن الطاعن الأول ترك شقة النزاع في شهر فبراير 1969 تركاً نهائياً متخلياً عن العين المؤجرة إلى منزل مملوك له فإنه لا محل للاستناد إلى المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - أياً كان وجه الرأي في تفسير نطاقها - لعدم سريانها على واقعة الدعوى.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 174 لسنة 1969 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإخلائهما من العين المؤجرة والموضحة بالصحيفة. وقال بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 20/ 10/ 1961 استأجر منه الطاعن الأول شقة بالعقار رقم 14 شارع المحروسة بقصد استعمالها سكناً خاصاً، ونص في العقد على حظر التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار وإذ تنازل الطاعن الأول عن الإيجار للطاعن الثاني رغم الحظر دون إذن كتابي فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 10/ 4/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعن الأول قد أجر من باطنه أو تنازل عن الإيجار الشقة موضوع النزاع للطاعن الثاني دون إذن كتابي صريح من المالك وقت التأجير، وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت في 30/ 4/ 1970 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 2198 سنة 87 ق القاهرة طالباً القضاء له بطلباته، وبتاريخ 21/ 1/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار المؤرخ 20/ 10/ 1961 وإخلاء الطاعنين من العين المؤجرة وتسليمها للمطعون عليه خالية مما يشغلها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، ينعى الطاعنان بالأسباب الأول والثاني والخامس منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم اعتد بأقوال شهود المطعون عليه دون تمحيص فهي لا تؤدي إلى أن الطاعن الثاني لم يكن مقيماً بشقة النزاع منذ بدء عقد الإيجار، فأقوال الشاهدين الأول والثاني سماعية وتعارضت أقوال - الشاهد الثالث مع أقوال المطعون عليه أمام المحكمة. هذا إلى أن الحكم عدل عن الأسباب المستخلصة من واقع التحقيقات التي أجرتها محكمة أول درجة دون أن يبين الأسباب التي تؤيد استخلاصه أو يفقد ما انتهى إليه الحكم الابتدائي، في حين أن شهادة شاهدي الطاعنين التي أخذ بها الحكم الابتدائي مؤيدة بالمستندات المقدمة منهما، مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من استعراض أقوال شهود المطعون عليه من واقع الصورة الرسمية لحضور جلسة التحقيق أمام محكمة الموضوع أنهم أجمعوا على أن أسرة الطاعن الأول المكونة من زوجة وأولاده ووالدته هي فقط التي كانت تقيم معه بشقة النزاع منذ بدء العلاقة الإيجارية؛ وأن الطاعن الثاني لم يحل مكانه إلا بعد مبارحته الشقة وتركها إلى منزله الذي شاءه وكان استخلاص الحكم من هذه الأقوال أن الطاعن الثاني لم يكن مقيماً معه منذ بدء العلاقة الإيجارية سائغاً وله مأخذه من الأوراق، فإن النعي عليه بخروجه عن مدلول أقوال هؤلاء الشهود والفساد في الاستدلال لا يصادف محلاً. لما كان ذلك وكان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على ما تستخلصه من أقوال الشهود متى كان استخلاصها سائغاً، وكانت غير ملزمة ببيان ترجيحها لما اطمأنت إليه من أقوال وإطراحها لسواها، وكان الحكم الاستئنافي لا يلزم بالرد على الحكم الابتدائي الذي ألغاه طالما كانت أسبابه كافية لحمل قضائه، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثالث والرابع والسادس والثامن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم بنى قضاءه على سند من القول بأن المساكنة التي لا تنطوي على تنازل عن الإيجار ليست مجرد الإقامة في العين المؤجرة، بل يلزم أن تكون إقامة المساكن بها ملحوظة وقت التعاقد وأن يكون من أفراد أسرة المتعاقد الذين يعولهم ويعيشون في كنفه، ورتب على ذلك أن الطاعن الثاني لا يعتبر ساكناً بالمدلول الصحيح استناداً إلى القرائن التي ساقها، والتي يؤخذ منها أنه لم يقم بشقة النزاع إلا بعد أن تركها الطاعن الأول في 15/ 8/ 1970، في حين أن الدعوى خالية مما يفيد ذلك المعنى، بدليل أن الدعوى أقامها المطعون عليه في تاريخ سابق مقراً إقامة الطاعنين بشقة النزاع. هذا إلى أن الأوراق زاخرة بالمستندات العديدة التي قدمها الطاعن الثاني للتدليل على إقامته بشقة النزاع منذ بدء العلاقة الإيجارية، وكلها مستندات رسمية وردت لهذا الطاعن من بلاد أجنبية وفي تواريخ مختلفة خلال الفترة من 1965 حتى 1968، أي في تاريخ سابق على رفع الدعوى في 15/ 2/ 1966، وهي مستندات قاطعة من شأنها لو محصها الحكم تغيير وجه الرأي في الدعوى. بالإضافة إلى أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الاستئناف بتطبيق المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 إذ تضمنت استمرار عقد الإيجار بالنسبة لأقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة متى استمرت إقامتهم مدة سنة على الأقل سابقة على ترك المستأجر أو مدة شغله للمسكن والطاعن الثاني يندرج ضمن هذه الطائفة في صلته بالمستأجر الأصلي، ولا حاجة لاستلزام أن يكون من ذوي قرباه الذين يعولهم، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه ساق - بالإضافة إلى ما استنبطه من أقوال الشهود - بعض القرائن التي دلل بها على انتفاء المساكنة التي من شأنها استمرار سريان الإجارة مع الطاعن الثاني بعد ترك المستأجر الأصلي الطاعن الأول - العين المؤجرة، وكانت هذه القرائن ليست محل نعي من الطاعنين وكافية بذاتها لحمل قضاء الحكم، وكانت المساكنة التي لا يصدق عليها وصف التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار في معنى المادة 2/ ب من القانون رقم 121 لسنة 1947 - المنطبقة على واقعة الدعوى - تستلزم حصول المشاركة السكنية منذ بدء الإجارة، وطالما لم تنقطع إقامة هؤلاء المشاركين بالعين المؤجرة، فإنه يحق لهم بهذه الصفة البقاء في العين المؤجرة طوال مدة العقد والانتفاع بالامتداد القانوني بعد انتهائها دون اشتراط استمرار إقامة المستأجر الذي أبرم العقد باسمه في العين المؤجرة لما كان ذلك وكانت المستندات التي يتذرع بها الطاعنان بسبب النعي - وكلها تشير إلى الفترة بين 1965، 1968 لا تفيد بفرض صحتها المشاركة السكنية منذ بدء الإجارة الحاصلة في 20/ 10/ 1961، وبالتالي فهي غير ذات تأثير على جوهر ما استند إليه الحكم في قضائه، ولم يكن من شأن تمحيصها تغيير ما وقر في عقيدة المحكمة لا يغير من ذلك ما قرره الحكم من أن الطاعن الأول ظل بالعين المؤجرة حتى 15/ 8/ 1970 لأن ذلك كان في مقام استخلاصه دلاله ما ورد في صحيفة دعوى تخفيض الأجرة التي أقامها ضد المطعون عليه، ولا شأن لها بنفي وجود الطاعن الثاني بالعين المؤجرة منذ بدء العلاقة الإيجارية. كما لا يعيب الحكم ما تضمنه من تقريرات وهو بصدد تعريف المساكنة خاصة بوجوب أن يكون الساكن من ذوي القربى المقربين أو من أفراد أسرته الذين يعولهم - أياً كان وجه الرأي فيها لأن النعي بشأنها يضحى غير منتج طالما تأسس الحكم على نفي إقامة الطاعن الثاني بالعين المؤجرة منذ بدء الإجارة على ما سلف بيانه. لما كان ما تقدم وكانت دعوى الإخلاء الماثلة رفعت في 5/ 2/ 1969 وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه تسليم الطاعنين بأن الطاعن الأول ترك شقة النزاع في شهر فبراير 1969 تركاً نهائياً متخلياً عن العين المؤجرة إلى منزل مملوك له، فإنه لا محل للاستناد إلى المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - أياً كان وجه الرأي في تفسير نطاقها - لعدم سريانها على واقعة الدعوى. ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنان ينعيان بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم استند إلى إنذار موجه من المطعون عليه إلى والد الطاعن الثاني بمحل إقامتها ورفضت زوجته استلامه للتدليل على نفي إقامة الطاعن الثاني بشقة النزاع منذ بدء عقد الإيجار وإغفال الرد على ما أبداه من دفاع جوهري قوامه أن والدة الطاعن الثاني لم تستلم الإنذار وأثبت المحضر أن الزوجة رفضت استلامه. مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي ورد مجهلاً إذ لم يبين الطاعنان أوجه الدفاع المقول بأن الحكم قد أغفل الرد عليها، وكيفية قصور الحكم في الرد عليها، فيكون غير مقبول. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.