جلسة 20 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار
نائب رئيس المحكمة عاصم المراغي وعضوية السادة المستشارين يوسف أبو زيد نائب رئيس
المحكمة، مصطفى صالح سليم، ودرويش عبد المجيد وإبراهيم زغو.
-------------
(62)
الطعنان رقما 277، 282
لسنة 49 القضائية
1 - حيازة. تقادم. ريع.
الحيازة بسوء نية. أثرها.
وجواب رد الثمار. سقوط الحق في المطالبة بها بالتقادم الطويل. م 375/ 1 مدني.
2 - حيازة. محكمة الموضوع.
استخلاص نية واضع اليد.
من سلطة محكمة الموضوع.
3 - حيازة. الحكم.
اعتبار الحائز سيء النية
من تاريخ إعلانه بذلك بصحيفة الدعوى. الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق
القانوني. أثره. زوال أثر إعلان صحيفتها بشأن إثبات سوء نيته.
4 - حيازة. ريع. تعويض.
الريع ماهيته. تعويض
لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار يلتزم به الغاضب.
----------------
1 - تطبيق المادتين 978،
979 من القانون المدني يقتضي حتماً التفريق بين الحائز حسن النية والحائز سيء
النية عند بحث تملك ثمار العين التي يضع يده عليها فإن لكل حكماً، فالثمرة وهى
الريع تكون واجبة الرد إذا كان أخذها حائزاً سيء النية والحق في المطالبة بها لا
يسقط إلا بالتقادم الطويل عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 375 من القانون
المدني، أما إذا كان أخذها حازاً للعين واقترنت حيازته بحسن نية فلا رد للثمرة.
2 - من المقرر في قضاء
هذه المحكمة أن تعرف حقيقة نية واضع اليد عند البحث في تملك غلة العين الموجودة
تحت يده هو من مسائل الواقع التي تخضع في تقديرها لسلطة محكمة الموضوع.
3 - الحائز وإن كان يعد
سيء النية من الوقت الذي يعلم فيه بعيوب سند حيازته وهو يعتبر كذلك من تاريخ
إعلانه بذلك في صحيفة الدعوى تطبيقاً لنص المادتين 185/ 3، 966/ 2 من القانون
المدني، إلا أنه إذا ما انتهت هذه الدعوى بالحكم بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق
القانوني فإن الأثر المستمد من إعلان صحيفتها يزول ولا يعتد به في مقام إثبات سوء
النية.
4 - الريع - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - يعتبر بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار
ويلزم بالريع من ارتكب العمل غير المشرع وهو الغصب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا
أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم
277 لسنة 49 ق أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى 2030 سنة 1973 مدني كلي الزقازيق
طلبوا فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم 60940 جنيهاً قيمة ريع الأطيان
المبينة بصحيفة الدعوى عن المدة من 1952 حتى 1973 وما يستجد بواقع 2770 جنيهاً
اعتباراً من سنة 1974 الزراعية حتى تاريخ الحكم في الدعوى، وقالوا شرحاً لها بأنه
قضى لهم نهائياً في الدعوى رقم 521 سنة 1969 مدني كلي الزقازيق على المطعون ضدهم
بتثبيت ملكيتهم لأطيان النزاع وأن هؤلاء وقد استولوا على تلك الأطيان فإنهم يلزمون
بريعها منذ عام 1952 والذي يقدر بمبلغ 2770 جنيهاً سنوياً ومن ثم فقد أقاموا الدعوى
بطلباتهم سالفة البيان، وبتاريخ 27/ 2/ 1974 قضت محكمة أول درجة أولاً: بسقوط حق
الطاعنين في طلب الريع عن المدة من تاريخ المطالبة حتى 30/ 10/ 1968 ثانياً: بندب
خبير في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 23/ 6/ 1976 بإلزام المطعون
ضدهم بصافاتهم أن يؤدوا للطاعنين مبلغ 6668 جنيهاً، 760 مليماً استأنف الطاعنون
الشق الأول من الحكم الصادر بجلسة 27/ 2/ 1974 بالاستئناف رقم 305 لسنة 19 ق
المنصورة كما استأنف المطعون ضدهم الحكم الصادر بجلسة 23/ 6/ 1976 بالاستئناف رقم
286 لسنة 19 ق المنصورة، وبتاريخ 27/ 3/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف في موضوع
الاستئناف رقم 305 لسنة 19 ق برفضه وتأييد الحكم المستأنف فأقام الطاعنون
استئنافاً فرعياً في الاستئناف رقم 286 لسنة 19 ق المنصورة وقيد استئنافهم برقم
417 لسنة 22 ق المنصورة وبتاريخ 16/ 12/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف في موضوع
الاستئنافين الأصلي والفرعي برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون بطريق
النقض وقصرواً طعنهم على الحكم الصادر بتاريخ 27/ 3/ 1977 بعد صدور الحكم المنهي
للخصومة وقيد طعنهم برقم 277 لسنة 49 القضائية كما طعن المطعون ضدهم بهذا الطريق
أيضاً في الحكم الصادر بتاريخ 16/ 12/ 1978 وقيد طعنهم برقم 282 لسنة 49 ق وقدمت
النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في الطعن الأول وبرفض الطعن
الأخير، وإذ عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت
بضم الطعن الأخير للأول والتزمت النيابة رأيها.
عن الطعن رقم 277 لسنة 49
ق
وحيث إن الطعن بني على
سبب واحد من ثلاثة أوجه ينعى الطاعنون بالوجهين الأول والثاني على الحكم المطعون
فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الريع ليس من قبيل الديون
الدورية المتجددة فلا يسري على المطالبة به التقادم المنصوص عليه في المادة 375/ 1
من القانون المدني ولا يسقط إلا بالتقادم الطويل وإذ كان المطعون ضدهم تمسكوا
بالتقادم المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر بينما أعمل الحكم المطعون فيه من
تلقاء نفسه حكم الفقرة الثانية من نفس المادة فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب
نقضه.
وحيث إن النعي بوجهيه
مردود ذلك أنه لما كان تطبيق المادتين 978، 979 من القانون المدني يقتضي حتماً
التفريق بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية عند بحث تملك ثمار العين التي يضع
يده عليها فإن لكل حكماً، فالثمرة وهى الريع تكون واجبة الرد إذا كان أخذها حائزاً
سيء النية والحق في المطالبة بها لا يسقط إلا بالتقادم الطويل عملا ً بنص الفقرة
الثانية من المادة 375 من القانون المدني، أما إذا كان أخذها حائزاً للعين واقترنت
حيازته بحسن نية فلا رد للثمرة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعرف حقيقة
نية واضع اليد عند البحث في تملك غلة العين الموجودة تحت يده هو من مسائل الواقع
التي تخضع في تقديرها لسلطة محكمة الموضوع وكان الحكم المطعون فيه قد استند في
قضائه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من سقوط الحق في الريع عن المدة السابقة
على 30/ 10/ 1968 على قوله "إن المادة 375 من القانون المدني قد نصت على أنه
لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية... إلا بانقضاء خمسة عشر سنة ومفاد
ذلك أنه إذا لم يثبت أن الحائز سيء النية فلا يسري قبله نص الفقرة الثانية من تلك
المادة ولما كان حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس وعلى من يدعي
أن الحائز سيء النية أن يثبت ذلك وكان البين أن تثبيت ملكية المستأنفين
"الطاعنين" للأرض موضوع التداعي اقتضى ندب عدة خبراء وبحث طويل للوصول
إلى تلك النتيجة فلا يمكن أن تركن المحكمة على قول المستأنفين بسوء نية
الحكومة" وإذ بنى الحكم المطعون فيه قضاءه على انتفاء سوء نية الجهات
الحكومية حائزة العقار في الفترة السابقة على تاريخ 30/ 10/ 1968 مما لا يجوز معه
مطالبتها برد الثمار عن تلك الفترة بما كان متعيناً معه على المحكمة الاستئنافية
أن تقضي برفض طلب الريع عن المدة السابقة على 30/ 10/ 1968 وليس بتأييد الحكم
المستأنف بسقوط حق المستأنفين في المطالبة بالريع عنها وبالتالي فإن ما ينعاه
الطاعنون من خطأ الحكم المطعون فيه في إعمال أحكام التقادم الخمس المنصوص عليه في
المادة 375/ 1 من القانون المدني على واقعة الدعوى لا يحقق لهم سوى مصلحة نظرية
بحته ويكون لمحكمة النقض أن تصحح ما ورد به من خطأ قانوني وترده إلى أساسه الصحيح
ما دام الحكم قد انتهى صحيحاً في نتيجته ويغدو النعي بهذين الوجهين بالتالي غير
مقبول.
وحيث إن حاصل النعي
بالوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في
الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أقام قضائه بانتفاء سوء نية
المطعون ضدهم في حيازتهم لأطيان النزاع على الحكم بتثبيت ملكية الطاعنين لتلك
الأطيان قد اقتضى تحقيقاً طويلاً وبحثاً مستفيضاً في حين أن الثابت أن مورث
الطاعنين قد طالب بتثبيت ملكيته لأطيان النزاع كطلب احتياطي في الدعوى رقم 63 سنة
1947 مدني كلي الزقازيق وقضى فيها بعدم قبول ذلك الطلب مما يجعل حيازة المطعون
ضدهم مشوبة بسوء النية عملاً بنص المادة 185/ 3 من القانون المدني من تاريخ إقامة
تلك الدعوى وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن الحائز وإن كان يعد سيء النية من الوقت الذي يعلم فيه بعيوب سند
حيازته وهو يعتبر كذلك من تاريخ إعلانه بذلك في صحيفة الدعوى تطبيقاً لنص المادتين
185/ 3، 966/ 2 من القانون المدني، إلا أنه إذا ما انتهت هذه الدعوى بالحكم بعدم
قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني فإن الأثر المستمد من إعلان صحيفتها يزول ولا
يعتد به في مقام إثبات سوء النية، وإذ كان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 63
سنة 1947 مدني كلي الزقازيق أن مورث الطاعنين قدم طلباً عارضاً في تلك الدعوى
لثبوت ملكيته لأطيان النزاع وقضى فيه بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق القانوني مما
ينبغي عليه زوال ما كان لهذا الطلب من أثر في اعتبار حيازة المطعون ضدهم بسوء نية،
ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعتد بالطلب العارض المقدم في
تلك الدعوى السابقة كدليل في إثبات سوء النية من تاريخ إبدائه ويكون ما يثيره
الطاعنون من نعي في هذا الصدد على غير أساس.
عن الطعن رقم 282 لسنة 49
ق
وحيث إنه مما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم
تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن أرض النزاع كانت بوراً لا نبات فيها وأن استصلاحها
إنما يرجع للأهالي واضعو اليد عليها فإنها بالتالي ما كانت تغل ثماراً فلا يحق
مطالبتهم بالريع عنها وإن لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويرد عليه فإنه
يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح
ذلك أن الريع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر بمثابة تعويض لصاحب
العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار ويلزم بالريع من ارتكب العمل غير المشرع وهو
الغصب، وإذ كان الثابت من مذكرات الطاعنين أمام محكمتي أول وثاني درجة أنهم تمسكوا
بدفاع حاصله أن أرض النزاع بيعت وهي بور لواضعي اليد عليها سنة 1960 فلا يسوغ
إلزام الجهات الحكومية التي يمثلونها بريع تلك الأطيان وكان الحكم المطعون فيه قد
قضى بإلزام الطاعنين بالريع من تاريخ 30/ 10/ 1968 دون أن يواجه دفاعهم سالف
البيان ويعني بتحقيقه وتمحيصه أو الرد علية مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن
يغير وجه الرأي في الدعوى لما كان ذلك فإن الحكم يكون مشوباً بقصور يبطله مما يوجب
نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة بالنسبة لهذا
الطعن.