الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

الطعن 4822 لسنة 82 ق جلسة 6 / 2 / 2013 مكتب فني 64 ق 21 ص 200

جلسة 6 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / حسين الجيزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / فؤاد حسن ، رضا سالم ، مجدي عبدالرازق وطارق بهنساوي نواب رئيس المحكمة .
---------------
(21)
الطعن 4822 لسنة 82 ق
(1) تسهيل استيلاء على أموال أميرية . تربح . إضرار عمدي . جريمة " أركانها " . إثبات " بوجه عام " " قرائن ". اشتراك . حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب ".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً .
المراد بالتسبيب المعتبر قانوناً ؟
إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن . جائز . حد ذلك ؟
جريمة تسهيل الاستيلاء على مال بغير حق طبقاً للمادة 113 عقوبات . مناط تحققها؟
جريمة التربح المنصوص عليها بالمادة 115 عقوبات . مناط تحققها ؟
جناية الإضرار العمدي طبقاً للمادة 116 مكرراً عقوبات. أركانها؟
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على أراضي مملوكة للدولة والتربح والإضرار العمدي والاشتراك فيها .
(2) أمر الإحالة . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
الدفع ببطلان المحاكمة تأسيساً على أن تأشيرات الطاعن كانت بخصوص مساحات أخرى من الأراضي غير التي وردت بأمر الإحالة . جوهري . وجوب الرد عليه . إغفال الحكم ذلك . إخلال بحق الدفاع .
(3) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
التفات الحكم عن المستندات المقدمة من الطاعنين لنفي الاتهام أو إبدائه الرأي في مدلولها رغم إشارتها إليها . قصور وإخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مجمله " أنه بتاريخ .... تقدم المتهم الثاني - الطاعن الثاني - رئيس مجلس إدارة شركة .... بخمسة طلبات للمتهم الأول - الطاعن الأول - بصفته وزير .... لتقنين وضع يد شركته وتأجير مساحة 4500 فدان بناحية .... وأشر المتهم الأول بصفته سالفة الذكر على الطلبات بتأشيرات مؤداها البدء في اتخاذ الإجراءات وبتحرير عقد إيجار لمدة ثلاث سنوات تمهيداً للتملك فجاوز بذلك حدود سلطاته ودون العرض على مجلس إدارة الهيئة ودون وجود أي معاينة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية تفيد زراعة الأرض محل الطلبات وبتاريخ .... تم تشكيل لجنة من الإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لمعاينة الأرض محل الطلبات وانتهت في محضر معاينتها إلى رفض الطلب لعدم جدية الشركة الطالبة في أعمال الاستصلاح ، وبتاريخ .... تم إعادة المعاينة وانتهت إلى رفض الطلب لأسباب حاصلها عدم وجود زراعات بالمساحة وضع يد الشركة قبل صدور القانون 148 لسنة 2006 الخاص بتقنين وضع اليد ، الموقع المحدد على الخريطة المقدم من الشركة مغاير تماماً لموقع المساحة التي تم الإرشاد عنها بالطبيعة ، مساحة الطلبات 4500 فدان بينما المساحة التي تم الإرشاد عنها 10105 أفدنة ، وجود مقترح مقدم من محافظة .... لإنشاء مدينة .... على ذات المساحة ، وبتاريخ .... تم إخطار المتهم الثاني برفض طلباته للأسباب آنفة البيان وعلى الرغم من ذلك قام بالتصرف بالبيع في الأرض المشار إليها للعديد من المنتفعين استناداً واستغلالاً لتأشيرات المتهم الأول على الطلبات المقدمة منه بشأن تقنين وضع يده ورغم أن هذه التأشيرات لم تنفذ من الهيئة صاحبة الولاية طبقاً للقانون ورفض جميع الطلبات وعدم تحرير عقد إيجار له وأن الأرض مازالت في ملكية الدولة ولم يتم تأجيرها أو ترخيص أي وضع قانوني لها وفقاً لما ورد بتقرير الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة ، كما أنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة بإزالة التعديات على الأرض كما هو متبع واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات والتي أورد مؤداها وحصل دفاع الطاعنين وأورد بعض المبادئ القضائية وانتهى إلى إدانة الطاعنين في قوله : " وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أدلة الثبوت سالفة البيان وتأخذ بها وتبين منها أن ما نسب إلى المتهمين قائم في حقهما من قيام المتهم الأول بإصدار تأشيرات على طلبات مقدمة من المتهم الثاني إليه خارج حدود اختصاصه تعتبر في مضمونها الموافقة على اتخاذ إجراءات تقنين وضع يده على الأرض محل الجريمة استغلها المتهم الثاني وتمكن من عقد صفقات بيع وتصرفات أخرى لمشترين حسني النية " . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر الذى يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكى يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلى بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافى مع المنطق والقانون ، وكان من المقرر - أيضاً - أن جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات لا تقوم طبقاً للمادة 113 من هذا القانون إلَّا إذا كان الجاني موظفاً عاماً وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لإحدى الجهات المشار إليها وأن يستغل الموظف سلطات وظيفته كى يمد الغير بالإمكانيات التي تبيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال أو يزيل عن طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، ويتعين أن يعلم المتهم أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير على مال الجهة بقصد حرمانها من ملكها نهائياً مع علمه ببقية عناصر الجريمة ، كما أن جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات لا تتحقق إلَّا إذا استغل الموظف العام بالمعنى الذي حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته وظيفته وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك أثناء تقرير العمل أو المداولة في اتخاذه أو التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه ويقتضى قيامها أن تتجه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح لنفسه أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك ، وأنه إذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه هو لنفع الغير بدون حق وجب أن تتجه إرادة الجاني إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق ، وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة " الأول " صفة الجاني وهى أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الذى حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته . " الثاني " أن يصدر عن الجاني فعل يحقق به الإضرار بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له . " الثالث " القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى إلحاق الضرر بالأموال أو المصالح السالف بيانها والعمل من أجل إحداثه مع علمه ببقية عناصر الجريمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبيِّن بوضوح وتفصيل - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - الأفعال التي قارفها الطاعن الأول لارتكاب جرائم التسهيل للطاعن الثاني الاستيلاء بغير حق وبنية التملك لأرض الهيئة العامة للتعمير والمشروعات الزراعية والحصول بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته والإضرار العمدى بأموال تلك الهيئة ، وكيف أن وظيفته طوعت له تسهيل استيلاء الطاعن الثاني بغير حق - أي خلافاً لما تنص به القوانين واللوائح - على أراضي أملاك الدولة وأن تظفيره بالربح كان من خلال استيلائه على تلك الأراضي ، سيما وأن تأشيرات الطاعن الأول على طلبات الطاعن الثاني والتي أفصح الحكم المطعون فيه عن مضمونها - في مدوناته - لا تفيد بذاتها ارتكاب الجرائم التي دين بها ، يضاف إلى ذلك أنها لا تكفى للتدليل على توافر القصد الجنائي لها إذ لا تعدو أن تكون حديثاً عن الأفعال التي قارفها دون أن يدلل الحكم على أنها كانت مصحوبة بنية ارتكابه الجرائم المسندة إليه ـ هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يبيِّن ماهية الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكابهما جريمة الاشتراك - معاً - بطريق الاتفاق والمساعدة في تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام والإضرار به والتربح ، ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته واتحاد نيتهما على ارتكابهما الفعل المتفق عليه ، كما لم يورد الدليل على أن الطاعن الأول كان يعلم علم اليقين بانتواء الطاعن الثاني لارتكاب جريمة الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة المتمثلة في الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ، والإضرار به والتربح منه ، إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن الأول كان على علم باستغلال الطاعن الثاني للتأشيرات على الطلبات المقدمة منه بتقنين وضع يده ببيع جزء من تلك الأراضي لأشخاص آخرين أو أنه كان على علم مسبق برفض الجهة لتلك الطلبات أو أنها طلبت منه إصدار قرار بإزالة وضع اليد ، إنما اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصد الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه .
2- لما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة .... أن دفاع الطاعن الأول قام على أن تأشيراته كانت بخصوص مساحة 4500 فدان ولم يتعلق بمساحة 10105 فدان الواردة بأمر الإحالة مما يؤدى إلى بطلان محاكمته عملاً بنص المادتين 307 ، 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد الدفاع المار ذكره في مدوناته بيد أنه التفت عنه ولم يدل برأيه فيه رغم جوهريته - في خصوصية هذه الدعوى - إذ يترتب عليه - إن صح - أن يتغير وجه النظر في تهمة تسهيل الاستيلاء التي دان الطاعن بها ، فضلاً عن أنه كان لازماً على محكمة الموضوع أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يفنده بأسباب كافية وسائغة تؤدى إلى اطراحه أما هي ولم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع .
3- لما كان الطاعنان قد أشارا بأسباب طعنهما أن المحكمة التفتت عن المستندات المقدمة منهما والتي يتمسكان بدلالتها على نفى الاتهام المسند إليهما ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أشار إلى تلك المستندات المقدمة منهما إلَّا أنه لم يعن ببحثها ولم يبد رأياً في مدلولها وفى حق دفاعهما المستند إليها بل اجتزأت المحكمة الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع المبداة من الطاعنين بعبارة عامة مجملة أوردتها في عجز حكمها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فوق قصوره في البيان بالإخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : أ- المتهم الأول: 1- بصفته موظفاً عاماً " وزير .... السابق " سهل للثاني الاستيلاء على الأرض المملوكة للدولة والبالغ مساحتها 10105 فدان والكائنة بناحية .... ، وكان ذلك بأن وافق على تقنين وضع يده عليها وتأجيرها له تمهيداً لتملكها بالمخالفة لنص المادة 113 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن تملك الأراضي الصحراوية والمادة الثالثة من قرار مجلس الوزراء رقم 350 لسنة 2007 ، فتمكن المتهم الثاني بذلك من الاستيلاء على الأرض وبيعها لآخرين حسني النية .
 2- بصفته آنفة البيان تحصل للمتهم الثاني على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته وتمثل هذا الربح وتلك المنفعة في استيلاء كل منهما على الأرض المملوكة للدولة والمبينة بالاتهام السابق .
3- بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها وهى " وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي " وبأموال ومصالح " الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية" التي يتصل بها بحكم عمله ، بأن ارتكب الجرائم " موضوع الاتهامات السابقة " والتي ترتب عليها ضرراً مالي بأموال الهيئة بلغت قيمته 1975387 جنيها تسعة عشر مليوناً وسبعمائة وثلاثة وخمسين ألفاً وثلاثمائة وسبعة وثمانين جنيهاً . ب - المتهم الثاني : اشترك مع موظف عام هو " المتهم الأول" بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم "موضوع الاتهامات الأول والثاني والثالث" بأن أمده بالطلبات والبيانات والمعلومات الخاصة بالأرض المراد الاستيلاء عليها "موضوع الاتهام الأول" فأشر على هذه الطلبات بما يفيد البدء في اتخاذ إجراءات التملك ، فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى كل من .... و.... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسين ألفاً وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً ، 41 ، 43 ، 113/ 1 ، 115 ، 116 مكرراً/1 ، 119/أ ، ب ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32 من القانون ذاته بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما نسب إليهما وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجرائم تسهيل الاستيلاء على أراضي مملوكة للدولة والحصول لغيره بدون وجه حق على ربح والإضرار العمدى بالمال العام ، وثانيهما بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم المنوه عنها سلفاً ، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت مبهمة مجملة لا يمكن الوقوف منها على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به العناصر القانونية للجرائم التي دانهما بها ، فضلاً عن اشتراكهما في ارتكابها ، وأغفل دفاع الطاعن الأول بأن تأشيراته على الطلبات المقدمة من الطاعن الثاني كانت بخصوص مساحة 4500 فدان ولم تتعلق بمساحة 10105 فدان الواردة بأمر الإحالة والثابت من المعاينة والخرائط المساحية أن موقعها مغاير لموقع المساحة الأولى ، ولم يعرض لمستنداتهما المقدمة منهما والتي تمسكا بدلالتها على نفى الاتهام المسند إليهما ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مجمله " أنه بتاريخ .... تقدم المتهم الثاني - الطاعن الثاني - رئيس مجلس إدارة شركة .... بخمسة طلبات للمتهم الأول - الطاعن الأول - بصفته وزير .... لتقنين وضع يد شركته وتأجير مساحة 4500 فدان بناحية .... وأشر المتهم الأول بصفته سالفة الذكر على الطلبات بتأشيرات مؤداها البدء في اتخاذ الإجراءات وبتحرير عقد إيجار لمدة ثلاث سنوات تمهيداً للتملك فجاوز بذلك حدود سلطاته ودون العرض على مجلس إدارة الهيئة ودون وجود أي معاينة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية تفيد زراعة الأرض محل الطلبات وبتاريخ .... تم تشكيل لجنة من الإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لمعاينة الأرض محل الطلبات وانتهت في محضر معاينتها إلى رفض الطلب لعدم جدية الشركة الطالبة في أعمال الاستصلاح ، وبتاريخ .... تم إعادة المعاينة وانتهت إلى رفض الطلب لأسباب حاصلها عدم وجود زراعات بالمساحة وضع يد الشركة قبل صدور القانون 148 لسنة 2006 الخاص بتقنين وضع اليد ، الموقع المحدد على الخريطة المقدم من الشركة مغاير تماماً لموقع المساحة التي تم الإرشاد عنها بالطبيعة ، مساحة الطلبات 4500 فدان بينما المساحة التي تم الإرشاد عنها 10105 أفدنة ، وجود مقترح مقدم من محافظة .... لإنشاء مدينة .... على ذات المساحة ، وبتاريخ .... تم إخطار المتهم الثاني برفض طلباته للأسباب آنفة البيان وعلى الرغم من ذلك قام بالتصرف بالبيع في الأرض المشار إليها للعديد من المنتفعين استناداً واستغلالاً لتأشيرات المتهم الأول على الطلبات المقدمة منه بشأن تقنين وضع يده ورغم أن هذه التأشيرات لم تنفذ من الهيئة صاحبة الولاية طبقاً للقانون ورفض جميع الطلبات وعدم تحرير عقد إيجار له وأن الأرض مازالت في ملكية الدولة ولم يتم تأجيرها أو ترخيص أي وضع قانوني لها وفقاً لما ورد بتقرير الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة ، كما أنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة بإزالة التعديات على الأرض كما هو متبع " واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات والتي أورد مؤداها وحصل دفاع الطاعنين وأورد بعض المبادئ القضائية وانتهى إلى إدانة الطاعنين في قوله " وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أدلة الثبوت سالفة البيان وتأخذ بها وتبين منها أن ما نسب إلى المتهمين قائم في حقهما من قيام المتهم الأول بإصدار تأشيرات على طلبات مقدمة من المتهم الثاني إليه خارج حدود اختصاصه تعتبر في مضمونها الموافقة على اتخاذ إجراءات تقنين وضع يده على الأرض محل الجريمة استغلها المتهم الثاني وتمكن من عقد صفقات بيع وتصرفات أخرى لمشترين حسني النية " . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلي بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافى مع المنطق والقانون ، وكان من المقرر - أيضاً - أن جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات لا تقوم طبقاً للمادة 113 من هذا القانون إلَّا إذا كان الجاني موظفاً عاماً وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لإحدى الجهات المشار إليها وأن يستغل الموظف سلطات وظيفته كي يمد الغير بالإمكانيات التي تبيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال أو يزيل عن طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، ويتعين أن يعلم المتهم أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير على مال الجهة بقصد حرمانها من ملكها نهائياً مع علمه ببقية عناصر الجريمة ، كما أن جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات لا تتحقق إلَّا إذا استغل الموظف العام بالمعنى الذى حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته وظيفته وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك أثناء تقرير العمل أو المداولة في اتخاذه أو التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه ويقتضى قيامها أن تتجه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح لنفسه أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك ، وأنه إذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه هو لنفع الغير بدون حق وجب أن تتجه إرادة الجاني إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق ، وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة " الأول " صفة الجاني وهى أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الذي حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته . " الثاني " أن يصدر عن الجاني فعل يحقق به الإضرار بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له . " الثالث " القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى إلحاق الضرر بالأموال أو المصالح السالف بيانها والعمل من أجل إحداثه مع علمه ببقية عناصر الجريمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبيِّن بوضوح وتفصيل - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - الأفعال التي قارفها الطاعن الأول لارتكاب جرائم التسهيل للطاعن الثاني الاستيلاء بغير حق وبنية التملك لأرض الهيئة العامة للتعمير والمشروعات الزراعية والحصول بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته والإضرار العمدى بأموال تلك الهيئة ، وكيف أن وظيفته طوعت له تسهيل استيلاء الطاعن الثاني بغير حق - أي خلافاً لما تنص به القوانين واللوائح - على أراضي أملاك الدولة وأن تظفيره بالربح كان من خلال استيلائه على تلك الأراضي ، سيما وأن تأشيرات الطاعن الأول على طلبات الطاعن الثاني والتي أفصح الحكم المطعون فيه عن مضمونها - في مدوناته - لا تفيد بذاتها ارتكاب الجرائم التي دين بها ، يضاف إلى ذلك أنها لا تكفى للتدليل على توافر القصد الجنائي لها إذ لا تعدو أن تكون حديثاً عن الأفعال التي قارفها دون أن يدلل الحكم على أنها كانت مصحوبة بنية ارتكابه الجرائم المسندة إليه ـ هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يبيِّن ماهية الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكابهما جريمة الاشتراك - معاً - بطريق الاتفاق والمساعدة في تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام والإضرار به والتربح ، ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته واتحاد نيتهما على ارتكابهما الفعل المتفق عليه ، كما لم يورد الدليل على أن الطاعن الأول كان يعلم علم اليقين بانتواء الطاعن الثاني لارتكاب جريمة الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة المتمثلة في الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ، والإضرار به والتربح منه ، إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن الأول كان على علم باستغلال الطاعن الثاني للتأشيرات على الطلبات المقدمة منه بتقنين وضع يده ببيع جزء من تلك الأراضي لأشخاص آخرين أو أنه كان على علم مسبق برفض الجهة لتلك الطلبات أو أنها طلبت منه إصدار قرار بإزالة وضع اليد ، إنما اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصد الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة .... أن دفاع الطاعن الأول قام على أن تأشيراته كانت بخصوص مساحة 4500 فدان ولم يتعلق بمساحة 10105 فدان الواردة بأمر الإحالة مما يؤدى إلى بطلان محاكمته عملاً بنص المادتين 307 ، 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد الدفاع المار ذكره في مدوناته بيد أنه التفت عنه ولم يدل برأيه فيه رغم جوهريته - في خصوصية هذه الدعوى - إذ يترتب عليه - إن صح - أن يتغير وجه النظر في تهمة تسهيل الاستيلاء التي دان الطاعن بها ، فضلاً عن أنه كان لازماً على محكمة الموضوع أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يفنده بأسباب كافية وسائغة تؤدى إلى اطراحه أما هى ولم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع ، يضاف إلى ذلك أن الطاعنين قد أشارا بأسباب طعنهما أن المحكمة التفتت عن المستندات المقدمة منهما والتي يتمسكان بدلالتها على نفي الاتهام المسند إليهما ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أشار إلى تلك المستندات المقدمة منهما إلَّا أنه لم يعن ببحثها ولم يبد رأياً في مدلولها وفي حق دفاعهما المستند إليها بل اجتزأت المحكمة الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع المبداة من الطاعنين بعبارة عامة مجملة أوردتها في عجز حكمها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فوق قصوره في البيان بالإخلال بحق الدفاع . لمَّا كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهما .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخميس، 27 ديسمبر 2018

الطعن 1859 لسنة 78 ق جلسة 2 / 10 / 2013 مكتب فني 64 ق 118 ص 790

جلسة 2 من أكتوبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سمير سامي ، مجدي عبد الرازق ومنتصر الصيرفي نواب رئيس المحكمة وعادل غازي .
------------------
(118)
الطعن 1859 لسنة 78 ق
(1) دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . تقادم . وصف التهمة . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " .
العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة في صدد قواعد التقادم بالوصف القانوني الذي انتهت إليه المحكمة .
مضي أكثر من ثلاث سنوات المقررة للتقادم في مواد الجنح من التقرير بالطعن وإيداع أسبابه وحتى نظره أمام محكمة النقض دون اتخاذ أي إجراء قاطع لها . يوجب انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة .
(2) فقد الأوراق . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " " نظر الطعن والحكم فيه " .
فقد التقرير بالطعن لسبب لا دخل لإرادة الطاعن فيه نتيجة حرق الدفاتر في أحداث ثورة 25 يناير 2011 . مقتضى وأثر ذلك ؟
(3) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بمقتضاه دون رسم شكلاً لصياغة هذا البيان . المادة 310 إجراءات .
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
لقاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه . حد ذلك ؟
تعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة وتعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات . جدل موضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام النقض .
(5) دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم التزام الحكم بالرد استقلالاً عن الدفع ببطلان سؤال الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات . ما دام لم يعول في قضائه بالإدانة على دليل مستمد منها .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحا محدداً . علة ذلك؟
عدم إفصاح الطاعن بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة القبض والتفتيش والتحقيقات لنص المادتين 21 ، 57 إجراءات . يوجب رفض النعي في هذا الشأن .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . سلاح . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
التفات الحكم عن الدفع باختلاف السلاح المضبوط عما قدم للنيابة . لا يعيبه . ما دام الطاعن لم يطلب من المحكمة التحقيق بشأنه . علة ذلك ؟
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
انفراد الضابط بالشهادة . لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
(9) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفاع بانتفاء الصلة بالمضبوطات وبتلفيق التهمة وكيدية الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادة الرد من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(10) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
تعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي . غير لازم . التفات المحكمة عنها . مفاده : اطراحها .
(11) إثبات " خبرة " " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الرد على دفاع الطاعن بوجود تناقض بين الدليلين القولي والفني . غير لازم . ما دام ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد عليه . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البين من تقرير الطعن أن الطاعن قصر طعنه على الشق الجنائي فقط . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى الجنائية قد أُحيلت إلى محكمة الجنايات بوصف أن الطاعن اقترف جنايات سرقة بالإكراه واستعراض القوه وإحراز سلاح ناري مششخن لا يجوز الترخيص به وذخائر وجنحتي إتلاف أموال ثابتة عمداً ودخول عقار في حيازة آخر بالقوة ، إلا أن محكمة الجنايات بحكمها المطعون فيه انتهت إلى أن الواقعة جنحة إتلاف أموال ثابتة عمداً ، ودخول عقار في حيازة آخر بالقوة ودانت الطاعن على هذا الأساس طبقاً للمادتين 361 ، 369 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة هي بالوصف القانوني الذي انتهت إليه المحكمة التي نظرت الدعوى دون التقيد بالوصف الذي رفعت به تلك الدعوى أو يراه الاتهام في صدد قواعد التقادم التي تسري وفقاً لنوع الجريمة الذي تقرره المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 12 من ديسمبر سنة 2006 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في 8 من فبراير سنة 2007 وأودع أسباب طعنه في السابع من ذات الشهر والسنة ، بيد أن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ إيداع الأسباب - وفق الشهادة الصادرة من إدارة الطعون الجنائية بمحكمة النقض المرفقة بملف الطعن - إلى أن نظرت بجلسة اليوم الثاني من أكتوبر سنة 2013 ، فإنه يكون قد انقضت مدة تزيد على ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة ، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فيها والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
2- لما كان البين من مذكرة الأسباب المقدمة من الطاعن - .... - بتاريخ .... أنه قرر من محبسه بالطعن في الحكم بطريق النقض ، وإذ أفاد كتاب نيابة .... الكلية - المرفق - بشأن الاستعلام عن تقرير الطاعن بالنقض بفقد الدفاتر المثبتة لذلك نتيجة حرقها في أحداث ثورة 25 يناير 2011 ، وحتى لا يضار الطاعن لسبب لا دخل لإراداته فيه ، فإنه لا يكون في وسع محكمة النقض إلا أن تصدقه بقوله بشأن تقريره بالطعن على الحكم بطريق النقض في الميعاد المقرر قانوناً وتقضي بقبول طعنه شكلاً .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقرير قسم الأدلة الجنائية وما جاء بمعاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة لها موردها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه ، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان . ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعن ، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدله الثبوت ثم أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن وآخرين بها بقوله " وحق عقابهم عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وطبقاً للمواد 361 ، 369 من قانون العقوبات ، 1/1 ، 6 ، 25 مكرراً ، 26 /5،3،1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنه 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 ، والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم 3 المرفق والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 والبندين رقمي 1 ، 11 من الجدول رقم واحد المرفق والمضاف بالقانون رقم 97 لسنة 1992 المستبدل بالقرار رقم 7726 والجدول رقم 2 المرافق " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ، وكما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغاً لا تناقض فيه ، كما أنه من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية لها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم ولا في تجزئته لأقوالهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين ولم يشر إليه في مدوناته ، ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع وقد أفصح الحكم عن رده على هذا الدفع بجلاء عن أن المحكمة لم تعول في قضائها على الدليل المستمد من سؤال الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
6- لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة القبض والتفتيش والتحقيقات لنص المادتين 21 ، 57 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
7- لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع حين أشار إلى اختلاف السلاح المضبوط عما قدم للنيابة لم يقصد سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة دون أن يطلب إليها تحقيقاً معيناً في هذا الصدد فليس له من بعد أن ينعى عليها الالتفاف عما أثاره في هذا الشأن ، فإن ما ينعاه بدعوى الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب لا يكون له محل .
8- لما كان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً .
9- لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بانتفاء صلته بالمضبوطات وبتلفيق التهمة وكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها .
10- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززه لما ساقته من أدله أساسيه ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالاً إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم جديه التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ويكون النعي على الحكم بدعوى القصور بإغفاله الرد عليه على غير محل .
11- من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم : أولاً : المتهمون جميعاً : سرقوا وآخرين مجهولين هواتف المحمول والمبالغ النقدية المبينة قيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليهم / .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليهم بأن دلفوا إلى الاستراحة وأشهروا أسلحة نارية وبيضاء في وجههم وعصيًّا وتعدوا بالضرب عليهم باستخدامها فأحدثوا إصاباتهم الواردة بالتقارير الطبية على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق .
ثانياً : المتهمين الأول والثالث والرابع والسابع : أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية غير مششخنة . أحرزوا ذخائر وعددها " أربعة - سبعة – اثنان - أحد عشر " مما تستعمل في الأسلحة السالفة دون أن يكون مرخصاً لهم بإحرازها .
ثالثاً : المتهم السادس : أحرز سلاحاً ناريًّا مششخناً لا يجوز الترخيص به " بندقية آلية " . أحرز ذخائر " أربع عشرة " مما تستعمل في السلاح السالف .
 رابعاً : المتهمون جميعاً : قاموا باستعراض القوة أمام المجني عليهم والعمال بالمزرعة والتلويح لهم بالعنف وترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى بأشيائهم وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الرعب في أنفسهم وتكدير أمنهم وسكينتهم وإلحاق الضرر بملكياتهم وحريتهم الشخصية وكان ذلك حال كونهم أكثر من شخصين وحملهم أسلحة نارية وبيضاء على النحو المبين بالأوراق .
خامساً : المتهمون جميعاً : أتلفوا عمداً أموالاً ثابتة وهي المباني المملوكة للمجني عليه / .... ونتج عن ذلك ضرر مادي جاوز الخمسين جنيهاً على النحو المبين بالتحقيقات . دخلوا عقاراً في حيازة أخر بقصد منع حيازته بالقوة .
سادساً : المتهمان الثاني والثامن : أحرزا بغير ترخيص سلاحين أبيضين الأول ساطور حديدي والثاني سيف حديدي دون مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية .
سابعاً : المتهمون جميعاً عدا التاسع والعاشر : حازوا ذخائر عددها " خمسين - وخمس وستين " مما تستعمل في الأسلحة النارية غير المششخنة دون أن يكونوا مرخصاً لهم في حيازتها .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليهما / .... مدنياً قِبل المتهمين بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 361 ، 369 من قانون العقوبات وبالمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكرراً /1 ، 26 /5،3،1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنه 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنه 1978 ، 165 لسنه 1981 والبند رقم 11 ، والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم 3 المرفق والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 والبندين رقمي 1 ، 11 من الجدول رقم 1 المرفق والمضاف بالقانون رقم 97 لسنه 1992 المستبدل بالقرار رقم 7726 والجدول رقم 2 المرفق ، وإعمالاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ ومصادرة الأسلحة النارية والبيضاء والذخيرة المضبوطة وإلزامهما وآخرين بالتضامن بأن يؤدوا للمدعيين بالحق المدني مبلغ 2001 جنيه على سيبل التعويض المؤقت .
فطعن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه / .... ، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليهما / .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه / .... :
حيث إن البين من تقرير الطعن أن الطاعن قصر طعنه على الشق الجنائي فقط . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى الجنائية قد أُحيلت إلى محكمة الجنايات بوصف أن الطاعن اقترف جنايات سرقة بالإكراه واستعراض القوه وإحراز سلاح ناري مششخن لا يجوز الترخيص به وذخائر وجنحتي إتلاف أموال ثابتة عمداً ودخول عقار في حيازة آخر بالقوة ، إلا أن محكمة الجنايات بحكمها المطعون فيه انتهت إلى أن الواقعة جنحة إتلاف أموال ثابتة عمداً ، ودخول عقار في حيازة آخر بالقوة ودانت الطاعن على هذا الأساس طبقاً للمادتين 361 ، 369 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة هي بالوصف القانوني الذي انتهت إليه المحكمة التي نظرت الدعوى دون التقيد بالوصف الذي رفعت به تلك الدعوى أو يراه الاتهام في صدد قواعد التقادم التي تسري وفقاً لنوع الجريمة الذي تقرره المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 12 من ديسمبر سنة 2006 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في 8 من فبراير سنة 2007 وأودع أسباب طعنه في السابع من ذات الشهر والسنة ، بيد أن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ إيداع الأسباب - وفق الشهادة الصادرة من إدارة الطعون الجنائية بمحكمة النقض المرفقة بملف الطعن - إلى أن نظرت بجلسة اليوم الثاني من أكتوبر سنة 2013 ، فإنه يكون قد انقضت مدة تزيد على ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة ، ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فيها والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه / .... :
حيث إن البين من مذكرة الأسباب المقدمة من الطاعن - .... - بتاريخ .... أنه قرر من محبسه بالطعن في الحكم بطريق النقض ، وإذ أفاد كتاب نيابة .... الكلية - المرفق - بشأن الاستعلام عن تقرير الطاعن بالنقض بفقد الدفاتر المثبتة لذلك نتيجة حرقها في أحداث ثورة 25 يناير 2011 ، وحتى لا يضار الطاعن لسبب لا دخل لإراداته فيه ، فإنه لا يكون في وسع محكمة النقض إلا أن تصدقه بقوله بشأن تقريره بالطعن على الحكم بطريق النقض في الميعاد المقرر قانوناً وتقضي بقبول طعنه شكلاً .
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من هذا الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر بغير ترخيص وإتلاف أموال ثابتة عمداً ودخول عقار في حيازة الغير لمنع حيازته بالقوة ، قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يورد النص العقابي الذي دان الطاعن بمقتضاه ، وعول على أقوال الشهود رغم ما شابها من تناقض واطرحها بشأن جريمة السرقة ، وأغفل الرد على ما دفع به من بطلان محضر جمع الاستدلالات لمخالفته لنصوص المواد 24 ، 31 ، 70 من قانون الإجراءات الجنائية ، وبطلان القبض والتفتيش وقصور التحقيقات لمخالفة المادتين 21 ، 57 من ذات القانون ، واختلاف السلاح المضبوط عما قدم للنيابة العامة ، وانفراد الضابط بالشهادة وحجبه أفراد القوه عنها ، وكيدية الاتهام وتلفيقه ، وانتفاء صلته بالمضبوطات ، وعدم جدية التحريات ، والتناقض بين الدليلين القولي والفني ، كل ذلك ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقرير قسم الأدلة الجنائية وما جاء بمعاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة لها موردها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه ، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان . ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعن ، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدله الثبوت ثم أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن وآخرين بها بقوله " وحق عقابهم عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية وطبقاً للمواد 361 ، 369 من قانون العقوبات ، 1/1 ، 6 ، 25 مكرراً ، 26 /5،3،1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنه 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 ، والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم 3 المرفق والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 والبندين رقمي 1 ، 11 من الجدول رقم واحد المرفق والمضاف بالقانون رقم 97 لسنة 1992 المستبدل بالقرار رقم 7726 والجدول رقم 2 المرافق " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ، وكما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغاً لا تناقض فيه ، كما أنه من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية لها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم ولا في تجزئته لأقوالهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول ضمن ما عول عليه في قضائه بالإدانة على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من أقوال منسوبة للطاعن أو غيره من المتهمين ولم يشر إليه في مدوناته ، ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع وقد أفصح الحكم عن رده على هذا الدفع بجلاء عن أن المحكمة لم تعول في قضائها على الدليل المستمد من سؤال الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة القبض والتفتيش والتحقيقات لنص المادتين 21 ، 57 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع حين أشار إلى اختلاف السلاح المضبوط عما قدم للنيابة لم يقصد سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة دون أن يطلب إليها تحقيقاً معيناً في هذا الصدد فليس له من بعد أن ينعى عليها الالتفاف عما أثاره في هذا الشأن ، فإن ما ينعاه بدعوى الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بانتفاء صلته بالمضبوطات وبتلفيق التهمة وكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززه لما ساقته من أدله أساسيه ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالاً إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم جديه التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ويكون النعي على الحكم بدعوى القصور بإغفاله الرد عليه على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 2215 لسنة 83 ق جلسة 12 / 6 / 2013 مكتب فني 64 ق 96 ص 664

جلسة 12 من يونيو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مـصطفى ، محمود قـزامل ، هشام الـشافعي وعادل ماجد نواب رئيس المحكمة .
---------------
(96)
الطعن 2215 لسنة 83 ق
 (1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
تعويل الحكم على شهادة المجني عليه وحده . لا مخالفة للقانون .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . عدم التزامها بسرد روايات الشاهد إن تعددت . كفاية أن تورد منها ما تطمئن إليه .
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو اختلفت . دون بيان العلة . حد ذلك؟
تناقض أقوال الشاهد وتضاربه في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب".
    تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جدية التحريات .
(5) سرقة . إكراه . ظروف مشددة . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " .
الطريق العام . ماهيته ؟
إثبات الحكم ارتكاب الطاعن لجريمة الشروع في سرقة المجني عليه ليلاً بالإكراه في الطريق العام واستغاثة الأخير بالمارة اللذين هبوا لنجدته . كفايته لتطبيق حكم المادة 315 عقوبات . النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .
 (6) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز أمام النقض.
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصلح سببا ًللنعي على الحكم .
 (7) جريمة " أركانها " . سرقة .
السرقة . ماهيتها ؟
المنقول في جريمة السرقة . هو كل ما له قيمة مالية ويمكن تملكه وحيازته ونقله دون النظر لضآلته . ما دام أنه ليس مجرداً من كل قيمة . شموله كل شيء مقوم قابل للتملك والحيازة والنقل من مكان لآخر.
قيمة المسروق . ليست عنصراً من عناصر جريمة السرقة . بيانها . غير لازم .
(8) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول.
مثال .
(9) سرقة . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القصد الجنائي والركن المادي في جريمة الشروع في السرقة . تحدث الحكم عنهما استقلالا ً . غير لازم . النعي عليه في هذا الشأن . غير سديد .
(10) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
مثال لتدليل سائغ على اطراح الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وعدم تواجده على مسرح الجريمة .
(11) استدلالات . استجواب . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . بطلان . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي ببطلان استجواب الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات . لا محل له . ما دام خارجاً عن دائرة استدلال الحكم .
 (12) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . سرقة . إكراه . سلاح. حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
وجود مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع جريمة . كفايته لقيام حالة التلبس . أساس ذلك ؟
 تقدير قيام حالة التلبس . موضوعي . ما دام سائغاً .
 مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس في حكم صادر بالإدانة في جريمة الشروع في السرقة بالإكراه في الطريق العام مع حمل سلاح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة - بيَّن مضمونها بطريقة وافية - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها ، ومبيناً لفحوى أدلتها -كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كان ذلك مُحققاً لحكم القانون ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
2- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ، طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة المجني عليه وحده ليس فيها ما يخالف القانون، وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير مُعقب .
3- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في معرض رده على دفع الطاعن بتناقض أقوال المجنى عليه قوله :" حيث إن المحكمة استخلصت واقعة الدعوى ، والأدلة على مقارفة المتهم للجريمة المُسندة إليه من أقوال شاهد الإثبات الثاني ، وبما له أصل ثابت بالأوراق ، وبما لا تناقض فيه، فإنه لا يكون ثمة محل لما يثيره دفاع المتهم في شأن التناقض في أقوال المجنى عليه " ، وهو رد سائغ من الحكم ويصير منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول ، سيما أنه من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . وأن المحكمة غير مُلزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت ، وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه ، وتطرح ما عداها ، ولها أن تعوِّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة ولو اختلفت ، ما دامت قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه ، دون إلزام عليها بأن تبين العلة في ذلك ، فضلاً عن أنه من المقرر أن تناقض أقوال الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ، ولا يقدح في سلامته ، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان البيِّن من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في معرض رده على دفع الطاعن بعدم جدية التحريات قوله: " .... فالثابت للمحكمة من الاطلاع عليها أن محورها هو شخص المتهمين ، وأن ما أورده فيها بشأن الجريمة المُسندة إليهما كاف لإقناع المحكمة بجدية تلك التحريات ، وبدعوى إلى اطمئنانها ، وهو ما أوضحت عنه في سياق الدليل على إدانة المتهمين " ، وهو رد سائغ وكاف من الحكم لاطرح دفع الطاعن ، وكان الثابت من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضائه بالإدانة على ما جاء بأقوال المجنى عليه ، وما ورد بتحريات المباحث ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، والتي لها متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة ، فإن الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في الإدانة على تحريات المباحث كدليل ، بل كقرينة مُعززة لما ساقه الحكم من أدلة ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم لا يقدح في الحكم ما نعاه الطاعن من عدم مشاهدة الضابط مجري التحريات للواقعة محل الجريمة ، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الشأن غير صحيح .
5- من المقرر أن الطريق العام هو كل طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت ، وبغير قيد ، سواء أكانت الأرض مملوكة للحكومة أم للأفراد ، وكان الحكم قد أثبت في مدوناته أن الطاعن ارتكب جريمة الشروع في سرقة المجني عليه بالإكراه أثناء سيره ليلاً بالطريق العام ، فاستغاث بالمارة الذين هبوا لنجدته ، وهو ما يكفي لتطبيق حكم المادة 315 من قانون العقوبات ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
6- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص بالتحقيقات ، وهو عدم تحريز السلاح والمسروقات ، ولم يطلب إلى محكمة الموضوع تدارك هذا النقص، ومن ثم ، فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
7- لما كانت السرقة هي اختلاس منقول مملوك للغير ، والمنقول في هذا المقام هو كل ما له قيمة مالية يمكن تملكه وحيازته ونقله ، بصرف النظر عن ضآلة قيمته ، ما دام أنه ليس مجرداً من كل قيمة ، كما أنه لا يقتصر وصف المال المنقول على ما كان جسماً متميزاً قابلاً للوزن طبقاً لنظريات الطبيعة ، بل هو يتناول كل شيء مقوم قابل للتملك والحيازة والنقل من مكان إلى آخر ، ومن المقرر أن قيمة المسروق ليست عنصراً من عناصر جريمة السرقة ، فعدم بيانها في الحكم لا يعيبه ، ومن ثم ، يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
8- لما كان البيِّن من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يبد طلباً بسماع الشاهد - المجني عليه - وكان من المقرر أن ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شاهد الإثبات ، مما يكون معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول .
9- لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة الشروع في السرقة ، ولا عن الركن المادي فيها ، ما دام ذلك مُستفاداً منه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
10- لما كان البيِّن من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في معرض رده على دفع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة وعدم تواجده على مسرح الجريمة قوله:" ... مردود عليها بما أفصحت عن المحكمة من اطمئنانها إلى شهادة المجني عليه ، وصحة تصويره للواقعة ، وهو ما تأيد أيضاً بتحريات الشرطة التي اطمأنت إليها ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذه القالة "، وهو رد سائغ وكاف من الحكم ، والذي بيَّن دور الطاعن في إتمام الجريمة ، وإشهاره سلاح ناري بوجه المجني عليه ، وبثه الرعب في نفسه، سيما وأنه من المقرر أن الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مُستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، مما يكون معه نعــي الطاعن غير صحيح .
11- لما كان استجواب الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات - بفرض حصوله - خارج عن دائرة استدلال الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد بطلان هذا الاستجواب لا يكون له محل .
12- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه قيام المجني عليه باللوذ بالفرار ، والاستغاثة بالمارة الذين هبوا لنجدته ، وتمكنوا من ضبط الطاعن والهاتف المحمول بحوزته ، وكانت المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن " تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها ، أو عقب ارتكابها ببرهة يسيره ، وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها ، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يُستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك " . وكان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة استناداً إلى ما أورده في هذا الخصوص - على النحو المتقدم - ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة ، وتحيط بها وقت ارتكابها ، أو بعد ارتكابها ، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع ، دون مُعقب عليها، مادامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى - على ما سلف بيانه - إلى قيام حالة التلبس بالجريمة في حق الطاعن، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، إذ أن حالة التلبس قد توافرت كما هي مُعرفة به قانوناً ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــع
 اتهمت النيابـة العامة الطاعن وآخر بأنهما:
1 – شرعا في سرقة المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجنى عليه / .... ، وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بالطريق العام بأن اعترضا سبيله ، وأشهرا صوبه سلاحين " فرد خرطوش ومطواة " مهددين إياه بهما ، فبثا الرعب في نفسه ، وتمكنا بتلك الوسيلة القسرية من شل مقاومته ، والاستيلاء على المسروقات ، إلا أنه قد أوقف أثر جريمتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ضبطهما والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات .
2 – المتهم الأول : أ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " . ب - حاز بواسطة المتهم الثاني بغير ترخيص سلاحاً أبيض " مطواة " .
3 – المتهم الثاني : أ – حاز بواسطة المتهم الأول بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " . ب – أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " مطواة " .
 وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
 والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 45 /2 ، 46 ، 315 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً /1 ، 26 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن المشدد ثلاث سنوات .
 فطعن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الشروع في السرقة بالإكراه في الطريق العام مع حمل سلاح قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه عوَّل في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه وحده ، وتحريات الشرطة ، دون بيان مضمونهما ورغم تمسكه بتناقض أقوال المجني عليه بمحضر الضبط عنها بتحقيقات النيابة ، ودفعه بعدم جدية التحريات إذ أن مجريها لم يشاهد الواقعة ، وأنها لا تصلح دليلاً ، إلا أن الحكم اطرحه بما لا يسوغ، كما أنه لم يبين ماهية الطريق العام ، والذي ارتكب فيه الجريمة ، وخلت الأوراق مما يفيد تحريز السلاح والمنقولات موضوع الجريمة، كما جهل الحكم قيمة الأشياء المدعى بسرقتها ، ولم تسمع المحكمة شاهد الإثبات اكتفاءً بما قرره بالتحقيقات ، ولم يدلِّل الحكم على توافر القصد الجنائي لديه ، فضلاً عن أنه أطرح دفعيه بعدم صلته بالواقعة لعدم تواجده على مسرح الجريمة ، وبطلان استجوابه بمحضر الضبط بما لا يصلح ، وأخيراً فلقد خلا الحكم من بيان توافر حالة التلبس والتي لا يوجد عليها دليل في الأوراق ، وكل أولئك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة - بيَّن مضمونها بطريقة وافية - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها ، ومبيناً لفحوى أدلتها -كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كان ذلك مُحققاً لحكم القانون ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ، طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة المجني عليه وحده ليس فيها ما يخالف القانون ، وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل ، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير مُعقب . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في معرض رده على دفع الطاعن بتناقض أقوال المجنى عليه قوله :" حيث إن المحكمة استخلصت واقعة الدعوى ، والأدلة على مقارفة المتهم للجريمة المُسندة إليه من أقوال شاهد الإثبات الثاني ، وبما له أصل ثابت بالأوراق ، وبما لا تناقض فيه، فإنه لا يكون ثمة محل لما يثيره دفاع المتهم في شأن التناقض في أقوال المجنى عليه " ، وهو رد سائغ من الحكم ويصير منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول ، سيما أنه من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . وأن المحكمة غير مُلزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت ، وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه ، وتطرح ما عداها ، ولها أن تعوِّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة ولو اختلفت ، ما دامت قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه ، دون إلزام عليها بأن تبين العلة في ذلك ، فضلاً عن أنه من المقرر أن تناقض أقوال الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ، ولا يقدح في سلامته ، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في معرض رده على دفع الطاعن بعدم جدية التحريات قوله: " .... فالثابت للمحكمة من الاطلاع عليها أن محورها هو شخص المتهمين ، وأن ما أورده فيها بشأن الجريمة المُسندة إليهما كاف لإقناع المحكمة بجدية تلك التحريات ، وبدعوى إلى اطمئنانها ، وهو ما أوضحت عنه في سياق الدليل على إدانة المتهمين " ، وهو رد سائغ وكاف من الحكم لاطرح دفع الطاعن، وكان الثابت من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضائه بالإدانة على ما جاء بأقوال المجنى عليه ، وما ورد بتحريات المباحث ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، والتي لها متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة ، فإن الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في الإدانة على تحريات المباحث كدليل ، بل كقرينة مُعززة لما ساقه الحكم من أدلة ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم لا يقدح في الحكم ما نعاه الطاعن من عدم مشاهدة الضابط مجري التحريات للواقعة محل الجريمة ، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الشأن غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطريق العام هو كل طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت ، وبغير قيد ، سواء أكانت الأرض مملوكة للحكومة أم للأفراد ، وكان الحكم قد أثبت في مدوناته أن الطاعن ارتكب جريمة الشروع في سرقة المجني عليه بالإكراه أثناء سيره ليلاً بالطريق العام ، فاستغاث بالمارة الذين هبوا لنجدته ، وهو ما يكفي لتطبيق حكم المادة 315 من قانون العقوبات ، ومن ثم ، يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص بالتحقيقات ، وهو عدم تحريز السلاح والمسروقات ، ولم يطلب إلى محكمة الموضوع تدارك هذا النقص، ومن ثم ، فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك ، وكانت السرقة هي اختلاس منقول مملوك للغير ، والمنقول في هذا المقام هو كل ما له قيمة مالية يمكن تملكه وحيازته ونقله ، بصرف النظر عن ضآلة قيمته ، ما دام أنه ليس مجرداً من كل قيمة ، كما أنه لا يقتصر وصف المال المنقول على ما كان جسماً متميزاً قابلاً للوزن طبقاً لنظريات الطبيعة ، بل هو يتناول كل شيء مقوم قابل للتملك والحيازة والنقل من مكان إلى آخر ، ومن المقرر أن قيمة المسروق ليست عنصراً من عناصر جريمة السرقة ، فعدم بيانها في الحكم لا يعيبه ، ومن ثم ، يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يبد طلباً بسماع الشاهد - المجني عليه - وكان من المقرر أن ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شاهد الإثبات ، مما يكون معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة الشروع في السرقة ، ولا عن الركن المادي فيها ، ما دام ذلك مُستفاداً منه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في معرض رده على دفع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة وعدم تواجده على مسرح الجريمة قوله:" ... مردود عليها بما أفصحت عن المحكمة من اطمئنانها إلى شهادة المجني عليه ، وصحة تصويره للواقعة ، وهو ما تأيد أيضاً بتحريات الشرطة التي اطمأنت إليها ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذه القالة " ، وهو رد سائغ وكاف من الحكم ، والذي بيَّن دور الطاعن في إتمام الجريمة ، وإشهاره سلاح ناري بوجه المجني عليه ، وبثه الرعب في نفسه ، سيما وأنه من المقرر أن الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مُستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، مما يكون معه نعــي الطاعن غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان استجواب الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات - بفرض حصوله - خارج عن دائرة استدلال الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد بطلان هذا الاستجواب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه قيام المجني عليه باللوذ بالفرار ، والاستغاثة بالمارة الذين هبوا لنجدته ، وتمكنوا من ضبط الطاعن والهاتف المحمول بحوزته ، وكانت المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن " تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها ، أو عقب ارتكابها ببرهة يسيره ، وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها ، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يُستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك " . وكان من المقرر أنه يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة استناداً إلى ما أورده في هذا الخصوص - على النحو المتقدم - ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة ، وتحيط بها وقت ارتكابها، أو بعد ارتكابها ، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع ، دون مُعقب عليها ، مادامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى - على ما سلف بيانه - إلى قيام حالة التلبس بالجريمة في حق الطاعن، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، إذ أن حالة التلبس قد توافرت كما هي مُعرفة به قانوناً ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، متعيناً رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ