الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 ديسمبر 2018

الطعن 18940 لسنة 86 ق جلسة 2 / 1 / 2017


باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة الجنائية
دائرة الاثنين ( أ )
ــــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة القاضـى/ إبراهيــــم الهنيـــدى      نائب رئيس المحكمــــــــــــــــــــــة
وعضويــة القضــاة/ أحمــــد سيــــــــد سليمــــان ،    عبــــــــــاس عبـــــــــد الســـــــلام
                         إبراهيــــــــم فــــــؤاد    و      السيــــد أحمــــــــــــــــــــــــــــد
                                              نواب رئيس المحكمــــــــــــــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ هانى فكرى .
وأمين السر/ طاهر عبد الراضى .  
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الاثنين 4 من ربيع الآخر سنة 1438 هـ الموافق 2 من يناير سنة 2017 م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 18940 لسنة 86 القضائية .
المرفوع مـن
........
                                           ضـــــــــــــــد
النيــــابـــــــــــــــــة العــــــــامـــــــــــــــــة
..........                                           " المدعيان بالحق المدنى "
" الوقائـع "
اتهمـت النيابة العامة الطاعـن فى قضية الجناية رقم 27687 لسنة 2014 مركز طنطا ( المقيدة برقم كلى 2416 لسنة 2014 )  .
بأنه فى فجر الأول من يوليو سنة 2014 بدائرة مركز طنطا ـــــ محافظة الغربية .
ـــــــ قتل المجنى عليه الطفل/ ...... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على الخلاص ممن يعترض طريقه أو يحاول فضح أمره وذلك تسهيلًا وإتمامًا لسرقته المنقولات المملوكة للغير والمبينة بعد وأعد لذلك الغرض سلاحًا أبيض( خنجر ) وتسلل خلسة لمسكن والد المجنى عليه لسرقة محتوياته وما إن فطن المجنى عليه لوجوده وحاول الاستغاثة بوالديه حتى عاجله المتهم بعدة طعنات بالسلاح الأبيض حوزته والمعد سلفًا لهذا الغرض الإجرامى بالبطن والصدر والكتف الأيمن فتشبث به المجنى عليه ومازال على قيد الحياة محاولًا ضبطه فأبى شيطانه إلا أن يجهز عليه ويتيقن من مفارقته للحياة فنحر المجنى عليه باستخدام السلاح الأبيض سالف البيان نحر الشاة قاصدًا من ذلك إزهاق روحه محدثًا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية الخاصة به والتى أودت بحياته حال كون المجنى عليه طفلًا لم يبلغ من العمر ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات وقد ارتبطت بتلك الجناية جنحة سرقة بطريق التسور ليلًا بقصد التأهب وارتكاب تلك الجنحة بالفعل وتسهيلها وهى أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرق المنقولات المبينة بالأوراق وصفًا وقيمة وقدرًا ـــ هاتف محمول ، مبلغ مالى ـــــ والمملوكة للمجنى عليها/ ...... ــــ والدة المجنى عليه الأول ــــ حال حمله سلاحًا أبيض ليلًا بطريق التسور والكسر من الخارج وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
ــــ أحرز بغير ترخيص سلاحًا أبيض ( خنجر ) والمستخدم فى الجريمة موضوع الاتهام الأول وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
ــــ دخل بيتًا مسكونًا فى حيازة آخر وهو المجنى عليه/ ...... بقصد ارتكاب جريمة وهى الجرائم موضوع الاتهام الأول حال حمله سلاحًا أبيض بطريق التسور والكسر من الخارج ليلًا وذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقًا للقيــــد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والدى المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمــــة المذكــــورة قــررت بجلســــة 4 مــــــن نوفمبـــــر سنـــــة 2015 وبــــإجماع الآراء بإرســال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة 4 /2/ 2016 للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة سلفًا قضت المحكمــــــة المذكورة حضوريًــا عملًا بالمواد 230 ، 231 ، 234/3 ، 316 مكررًا /ثانيًا وثالثًا ، 317/أولًا وثانيًا ورابعًا ، 370 ، 372 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25 مكررًا/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (3) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الداخلية رقم 8541 لسنة 2006 والمادة 116 مكررًا من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات أولًا: بمعاقبته وبإجماع الآراء بإعدامه شنقًا ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط لما أسند إليه. ثانيًا: بإلزامه بأن يؤدى للمدعيين بالحق المدنى مبلغًا وقدره عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 6 من فبراير سنة 2016 .
 وأودعــت مذكــرة بأسباب الطعن فى 7 من مارس سنة 2016 موقعًا عليها من المحامى صلاح إبراهيم القفص .
 كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها طلبت فى ختامها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .
  وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة0  
المحكمــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تـلاه السيد القاضى المقـرر والمرافعـة والمداولة قانونًا 0
حيث إن النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فى عرضها الميعاد المقرر بالمادة 34 من القانون رقـــم 57 لسنــــة 1959 فـــــى شأن حالات وإجراءات الطعن أمـــــام محكمـــــة النقض ، إلا أن تجاوز هذا الميعــاد وعلـــى مــــــا جرى بـــــه قضاء هذه المحكمـة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمــــة النقض تتصل بالدعوى بمجـــرد عرضها عليها لتستبيــن مــن نفسها ـــــ دون أن تتقيد بالرأى الذى انتهت إليه النيابة فى عرضها ـــــ ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبوله .
  وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر فى القانون .
  وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة بطريق التسور ليلًا مع حمل سلاح وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ قانونى ودخول بيت مسكون فى حيازة آخر بقصد ارتكاب جريمة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك بأن ما أورده الحكم تدليلًا على توافر ظرف سبق الإصرار لا يكفى لتوافره فى حق الطاعن , مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
  وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بقوله: " إنه وبتاريخ سابق على حدوث الواقعة كان المتهم ......  ويعمل حدادًا مسلحًا مع عمال آخرين فى تشييد بناء منزل حديث لدى والد المجنى عليه ...... والذى كان يقيم هو والمجنى عليه وباقى أفراد أسرته فى منزل قديم ويتردد عليه المتهم لاستلام أجره من عمله وأنه يعرف مخارجه ومداخله جيدًا وفى فجر يوم 1/7/2014 عقد العزم والنية لسرقة محتويات ذلك المنزل لمروره بأزمة مالية ولعلمه سلفًا من والد المجنى عليه .... فتسلل المتهم خلسة إلى المنزل وأعد لذلك الغرض سلاحًا أبيض ( خنجر ) تسهيلًا وإتمامًا لسرقته وارتكاب بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة أو غير مألوفة لفعله إذا ما مانعه أحد من هذا الفعل عمدًا بطريق مباشر أو غير مباشر والتخلص ممن يعترض طريقه أو يحاول منعه أو فضح أمره مرتديًا جوانتى لإخفاء البصمات ثم صعد من سور بجانب المنزل بارتفاع متر واحد والنزول خلفه من الداخل حتى وصل إلى المسقط وانتظر برهة بعد النداء على والد المجنى عليه عدة مرات حتى تأكد من عدم وجود أى فرد من أفراد أسرته بداخل المنزل وقام بفتح باب المسقط الحديدى المعلق بعدة مسامير والذى يؤدى إلى صالة المنزل ومنها دلف المتهم إلى الحجرة التى تقع على يمين الداخل الكائن بها السرير الذى كـــــان ينام عليـــــه الطفل المجنـــــى عليـــه ورفع طرفى مرتبة السرير فلم يعثر علــــى ثمــــة شيء فاتجه ناحيــــة السراحة وفتح أدراجها بحثًا عن المـــال فعثر علــى محفظة حريمى ( بوك حريمـــى ) وبداخله مبالغ ماليــــة وبجواره هاتف محمول فأخذهمـــا ووضعهما داخل الجيــــب الأيمـــــن للجاكت الذى كان يرتديه ثم فوجئ باستيقاظ المجنى عليه الطفل من نومه ونزوله من فوق سريره مرددًا له أنه شاهده يقوم بسرقة تلك المبالغ المالية والهاتف المحمول وسوف يبلغ والده بذلك ثم استغاث بوالديه بالنداء عليهما وتوجه نحوه وأمسك به وحال ذلك أخرج الخنجر من بين طيات ملابسه وطعنه به فى بطنه مرتين متتاليتين فى مكانيين متقاربين وفى عدة أماكن أخرى بالصدر والكتف الأيمن وعندئذ تشبث به المجنى عليه وهو مازال على قيد الحياة محاولًا ضبطه فأبى شيطان المتهم إلا أن يجهز عليه ويتيقن من مفارقته للحياة فنحره بذلك الخنجر نحر الشاة قاصدًا من ذلك إزهاق روحه ومحدثًا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ثم تركه ملطخًا فى دمائه على الأرض وفر هاربًا من تلك الحجرة إلى حجرة أخرى وجد بها أنبوبة غاز عليها قطعة قماش فأخذ الأخيرة وأزال بها آثار الدماء التى على يديه وعلى الجوانتى  ووضعها مرة أخرى فى مكانها على الأنبوبة ثم اتجه إلى ناحية باب المنزل فوجده مغلقًا بترباس من الداخل فقام بفتحه والخروج منه حتى وصل إلى حجرة مهجورة بجوار شريط السكة الحديد وأخرج البوك الحريمى واستولى على المبالغ المالية التى كانت بداخله وقدرها ستون جنيها ثم أحرقه هو والجوانتى الذى كان يرتديه لإزالة آثارهما وأخرج كارت الهاتف المحمول المسروق ومزق شريحته واستولى على الهاتف وذهب به إلى منزله وشاهد آثار دماء على ملابسه التى كان يرتديها وقت الحادث فقام بتشغيل الغسالة الكائنة بمنزله ووضع فيها تلك الملابس لإزالة آثار الدماء حتى تم تنظيفها تمامًا ثم أخذ الخنجر الذى ارتكب به الواقعة وقام بغسله برابسوا هو والجراب محله وتنظيفه تمامًا بجزء من زيت الطعام ووضعه على النار حتى يتأكد من إزالة آثار الدماء عليه وإخفاء الهاتف المحمول خلف دولاب ملابسه وبعد ثلاثة أيام أخرجه من مكانه وأبلغ زوجته بشرائه لها والتى كانت تحمل هاتفًا محمولًا آخر فأخذه منها واعطاها الهاتف المسروق بعد تغيير شريحته وبعد مرور ثلاث أيام غير شريحة هاتفه المحمول وأعطى زوجته شريحة هاتفه المحمول وباع الهاتف المحمول المسروق للشاهد الخامس عبد الله وجيه عبد الله الجوهرى كما أنه قام ببيع الخنجر الذى ارتكب به الواقعة للشاهد الرابع مصطفى محمد سيد أحمد على الموينى وقد ارتبطت بتلك الجنايــــة جنحـة سرقــــة بطريق التسور ليـلًا بقصـــد التأهب وارتكاب تلك الجنحــــة بالفعل وتسهيلها وهــــى أنـــه فــــى ذات الزمــــان والمكان سالفــى الذكر سرق المنقولات المبينـة وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة لوالدة المجنى عليه ......  حال حمل سلاح أبيض ليلًا بطريق التسور والكسر من الخارج . " ثم عرض الحكم إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره فى قوله ــــ بعد أن أورد تقريرًا قانونيًا ـــــ " لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق واعترافات المتهم بتحقيقات النيابة العامة فى أنه وبتاريخ سابق على حدوث الواقعة كان المتهم يعمل حدادًا مع عمال آخرين فى تشييد بناء منزل جديد لدى والد المجنى عليه الذى كان يقيم هو وباقى أفراد أسرته فى منزل قديم ويتردد المتهم كثيرًا لاستلام أجره من عمله ويعرف مخارجه ومداخله وبسبب ضائقة مالية يمر بها ولسابق معرفته من والد المجنى عليه بوجود مبالغ مالية فى هذا المنزل عقد العزم والنية فى تاريخ الواقعة على سرقة محتويات ذلك المنزل وتسلل إليه بالطريقة المبينة بالأسباب حتى وصل إلى الحجرة الكائن بها المجنى عليه معدًا لذلك الغرض سلاحًا أبيض (خنجر) تسهيلًا وإتمامًا لسرقته وارتكاب بما يجب أن يتوقعه من نتائج لفعله إذا ما اعترض طريقه أى أحد محاولًا منعه أو فضح أمره وبعد قيامه بسرقة ما قام بسرقته من تلك الحجرة فوجئ باستيقاظ المجنى عليه من نومه ومشاهدته ما قام بسرقته ومقررًا له بإبلاغ والده عن تلك الواقعة والاستغاثة بوالديه ..... وحال ذلك طعنه عدة طعنات من خنجره القاتل بطبيعته فى أماكن متعددة من جسده حتى أمسك به المجنى عليه وهو مازال على قيد الحياة محاولًا ضبطه وعدم فراره إلا أن المتهم أجهز عليـــه بعدة طعنات فــــــى رقبتـــــه ونحره نحر الشاة حتى لا يستطيع ضبطـــه أو منعـه مــــن الهرب أو افتضاح أمره من توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنحة السرقة بطريق التسور ليلًا بقصد التأهب وارتكاب تلك الجنحة بالفعل وتسهيلها وهو ما يقطع بتوافر سبق الإصرار فى حق المتهم الأمر الذى تنتهى معـــه المحكمــــة ويطمئن وجدانها إلــــى توافـــــر هذا الشرط فـــــى حقه . " وساق الحكم على صحة إسناد الواقعة إلى المتهم وثبوتها فى حقه على الصورة آنفة البيان أدلة استمدها من الاعتراف التفصيلى للمتهم بتحقيقات النيابة العامة وشهادة شهود الإثبات وتحريات الشرطة ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه وما أفادت به استعلامات شركات المحمول الثلاث , وحصّل الحكم مؤدى تلك الأدلة بما يتفق مـــع أصلها الثابت بالأوراق ـــــ علـــى مـــا يبين مـــن مطالعة المفردات المضمومـــة ـــــ وحيث إن القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل علـــى بيان الواقعة المستوجبــة للعقوبة بيانًا تتحقق بـه أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصرًا . ولما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلًا مع هذا الاستنتاج ، ويشترط لتوافره فى حق الجانى أن يكون فى حالة يتسنى له فيها التفكير فى عمله والتصميم عليه فى روية وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم من عبارات مرسلة ليس فى حقيقتها إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها فى صدره ، ولا يعد تعبيرًا عن تلك الحالة التى تقوم بنفس الجانى والتى يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التى تكشف عنها مما كان ينبغى على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى توافر هذا الظرف وذلك بعد أن خلا اعتراف المتهم ـــــ وهو الدليل الأساسى فى الدعوى ـــــ مما يدل على ذلك يقينًا , ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن الطاعن عقد العزم والنية على السرقة لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها فى حق الطاعن لا ينعطف أثره حتمًا إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه . ولا يعترض على ذلك بأن عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة طبقًا للفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفى لتغليظ العقاب عملًا بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببى بينهما ـــــ وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره ــــ إلا أنه لا جدال فى أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها , فقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهى عقوبة الإعدام بكل من قتل نفسًا عمدًا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد فى حين قضت المادة 234 من قانون العقوبات فى فقرتها الثالثة على أنه " أما إذا كان القصد منها ــــ أى من جنايـــــة القتل العمــــد المجــــرد مــــــــن سبق الإصــرار والتـــرصد ـــــ التــــأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعــدة مرتكبها أو شركائهم علـــى الهرب أو التخلص مـــن العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ــــ وعلى ما يبين من مدوناته ـــــــ قد جمع فى قضائه بين الظرفين المشددين سبق الإصرار والارتباط ـــــ وجعلهما معًا عماده فى إنزال عقوبة الإعدام بالطاعن ، فإنه وقد شاب استدلال الحكم على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن ـــــ والحالة هذه ــــــ الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه فى وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر ـــــ وهـــو الارتباط ـــــ الذى يبــــرر ـــــ عند توافره ــــ توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين أن يقترن نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه بالإعادة .
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة:ــــ بقبول طعن المحكوم عليه شكلًا وعرض النيابة العامة للقضية وفى الموضوع بنقض الحكم المعروض المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات طنطا لتحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين .

الطعن 8789 لسنة 6 ق جلسة 30 / 9 / 2013 مكتب فني 64 ق 115 ص 761

جلسة 30 من سبتمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت حنا ، مهاد خليفة ، علي نور الدين الناطوري وحمودة نصار نواب رئيس المحكمة .
------------
(115)
الطعن 8789 لسنة 6 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " بوجه عام " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . ازدراء الأديان . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
بيان الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها واستعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً . لا قصور .
عدم التزام المحكمة الأخذ بالأدلة المباشرة . حد ذلك ؟
استدلال الحكم على توافر ركن العلانية بما ينتجه . كافٍ .
ورود طرق العلانية بالمادة 171 عقوبات على سبيل البيان لا الحصر .
إيراد الحكم صراحة سوء نية المتهم . غير لازم للحكم بالعقوبة . حد ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان الذي تؤدى شعائره علناً والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس بسبب الدين .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
إثبات الحكم لمواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها . كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها .
مثال .
(3) محاماة . إجراءات " إجراءات محاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده . موكول لتقديره حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته .
(4) محكمة أول درجة . محكمة استئنافية . إجراءات" إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق . ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود . شرط ذلك ؟
عدم طلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود أمام محكمة أول درجة . أثره : عدم التزام المحكمة الاستئنافية بإجابته أو الرد عليه .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
مثال .
(6) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه . تعقبه المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) تقرير التلخيص . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقرير التلخيص . ماهيته ؟ المادة 411 إجراءات .
ورود نقص أو خطأ بتقرير التلخيص . لا يبطل الحكم .
النعي على تقرير التلخيص بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(8) ارتباط . عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة " . ازدراء الأديان . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تقدير توافر الارتباط وفقاً للمادة 32 عقوبات أو عدم توافره . موضوعي . شرط ذلك ؟
قضاء الحكم بعقوبة مستقلة لكل من جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد ذكر في مدوناته الألفاظ التي تلفظ بها الطاعن علانية على مرأى ومسمع من شهود الإثبات متعدياً على الدين الإسلامي ، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ، وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة ، بل أن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الحكم قد استدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً على ما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قد عمد إلى إذاعة وإعلان الوقائع موضوع الدعوى بصوت عال داخل مكتب أحد الشهود بالمدرسة في وجود الشهود الآخرين وهو مكان يتواجد به أناس ، وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد العبارات التي استظهرها في مدوناته أمام عدة شهود وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه ، فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية ، كما هو معرف في القانون ، وكان لا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم ، بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده في مدوناته يفيد ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بما يتحقق به القصد الجنائي ، ومن ثم فإن دعوى القصور والتناقض في التسبيب تنحسر عن الحكم المطعون فيه.
2- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ذاكراً مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت قال " وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإنزال العقوبة على المتهم / .... بمعاقبته بالحبس بأقصى العقوبة المقررة بتأييد الحكم المستأنف " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
3- لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن محامياً قد حضر مع الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه ، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، لا سيما وأن محضر الجلسة المشار إليه قد خلا مما يدعيه الطاعن بوجه طعنه .
4- لما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة ، وإذ كان محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد خلا من تقدم الطاعن أو المدافع عنه بطلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود ، فإن المحكمة الاستئنافية تكون غير ملزمة بإجابته أو حتى الرد عليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً .
5- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن التحقق من صحة قوله الذي ادعاه بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة تدارك النقص الذي يدعيه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، فإن ما يقول به الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بالتراخي في الإبلاغ وبتلاحق الإجراءات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يعترض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها داخلاً في سلطة قاضي الموضوع ، له أن يقرر فيه ما يراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تستوجب إعمال تلك المادة ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، إذ إن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس قد نشأتا عن فعل واحد ، وهو ما يقتضي إعمال أحكام تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى فضلاً عن عقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان بعقوبة مستقلة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغائه فيما قضى به من عقوبة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس والاكتفاء بعقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- تعدى على الدين الإسلامي والتي تقام شعائره علناً بأن قام بترديد ألفاظ كاذبة تسيء للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك علناً بمدرسة .... الإعدادية المشتركة .
2- حرض عمداً على التمييز بين طائفة من طوائف الناس المسلمين والمسيحيين وكان ذلك بسبب الدين بأن قام عمداً بترديد ألفاظ كاذبة علناً بمدرسة .... الإعدادية المشتركة بـ .... تسيء للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان ذلك تكدير للصلح والأمن العام على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابه بالمواد 160/ 1 ، 161 /1 ، 171 /1 ، 176 من قانون العقوبات .
ومحكمة جنح .... قضت حضورياً أولاً : بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وغرامة خمسمائة جنيه عن التهمة الأولى . ثانياَ : وبحسبه ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثانية .
استأنف ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان - الدين الإسلامي - الذي تؤدى شعائره علناً والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس بسبب الدين مما يكدر السلم العام ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلة الإدانة إذ لم يستظهر وسيلة العلانية التي اتخذها الطاعن وكيفية التحريض الذي أتاه ، فضلاً عن تناقض أسبابه مع بعضها البعض واعتماده على أدلة ظنية تنبئ عن اضطراب فكرة الحكم عن الواقعة ، ثم أنه لم يشر إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، كما حرم الطاعن من إبداء دفاعه ومنع المحامين من الحضور للدفاع عنه إذ لم يسمح إلا لواحد منهم كلف بتقديم مذكرة بالدفاع دون مرافعة وأعرضت المحكمة عن إجابة طلبه بمناقشة الشاكي والشهود ، هذا إلى أن المحكمة عاقبت الطاعن بعقوبتين عن الجريمتين اللتين ودانته بهما مخالفة نص المادة 32 من قانون العقوبات ، كما أن النيابة العامة لم تتحقق فيما قالة الطاعن أي ما نسب إليه منقول عن إحدى القنوات التليفزيونية الفضائية ولم تعن المحكمة أيضاً بتحقيقه ولم تسمع شهود نفي ، ورغم التراخي في الإبلاغ عن الواقعة فقد تلاحقت الإجراءات بما يشير إلى عدم صدق الواقعة والتحريات التي أجريت حولها وعدم إعطاء الطاعن حقه في الدفاع عن نفسه ، هذا فضلاً عن قصور تقرير التلخيص ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد ذكر في مدوناته الألفاظ التي تلفظ بها الطاعن علانية على مرأى ومسمع من شهود الإثبات متعدياً على الدين الإسلامي ، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ، وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة ، بل أن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الحكم قد استدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً على ما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قد عمد إلى إذاعة وإعلان الوقائع موضوع الدعوى بصوت عال داخل مكتب أحد الشهود بالمدرسة في وجود الشهود الآخرين وهو مكان يتواجد به أناس ، وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد العبارات التي استظهرها في مدوناته أمام عدة شهود وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه ، فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية ، كما هو معرف في القانون ، وكان لا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم ، بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده في مدوناته يفيد ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بما يتحقق به القصد الجنائي ، ومن ثم فإن دعوى القصور والتناقض في التسبيب تنحسر عن الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ذاكراً مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت قال " وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإنزال العقوبة على المتهم / .... بمعاقبته بالحبس بأقصى العقوبة المقررة بتأييد الحكم المستأنف " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن محامياً قد حضر مع الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه ، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، لا سيما وأن محضر الجلسة المشار إليه قد خلا مما يدعيه الطاعن بوجه طعنه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة ، وإذ كان محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد خلا من تقدم الطاعن أو المدافع عنه بطلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود ، فإن المحكمة الاستئنافية تكون غير ملزمة بإجابته أو حتى الرد عليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن التحقق من صحة قوله الذي ادعاه بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة تدارك النقص الذي يدعيه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، فإن ما يقول به الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بالتراخي في الإبلاغ وبتلاحق الإجراءات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يعترض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها داخلاً في سلطة قاضي الموضوع ، له أن يقرر فيه ما يراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تستوجب إعمال تلك المادة ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، إذ إن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس قد نشأتا عن فعل واحد ، وهو ما يقتضي إعمال أحكام تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى فضلاً عن عقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان بعقوبة مستقلة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغائه فيما قضى به من عقوبة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس والاكتفاء بعقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 24649 لسنة 3 ق جلسة 27 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 144 ص 932

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفى ومحمود قزامل نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عوض وعلي سليمان .
-----------
(144)
الطعن 24649 لسنة 3 ق
(1) نقض " أسباب الطعن . توقيعها " . نيابة عامة .
 توقيع أسباب الطعن المرفوع من النيابة العامة من رئيس بها . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . التأشير عليها بالنظر . التأشير عليها من محام عام لا يغير من ذلك . علة وأساس ذلك ؟
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد ؟
تناقض أقوال المجني عليه مع شهود الواقعة في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . مادام استخلص الحقيقة من أقوالهم بلا تناقض .
(3) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية . باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
نعي الطاعن بشأن الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة . محاولة لتجريحها ومناقضة الصورة التي استقرت في يقينها . إثارته أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
(4) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير جائز .
(6) إثبات " خبرة " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة النعي بالتناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
(7) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . جريمة " أركانها" . قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً . توافره ؟
تحدث المحكمة استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى .
(8) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . استجواب . دعوى جنائية " تحريكها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم رد الحكم على الدفع بتعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه وإثارة ذلك النعي أمام محكمة النقض . غير مقبول .
عدم سؤال المتهم بالتحقيقات . لا يترتب عليه بطلان الإجراءات . علة ذلك ؟
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
الأصل في الإجراءات الصحة . الادعاء بما يخالف ما أُثبت بمحاضرها من سؤاله عن التهمة المسندة إليه . غير جائز . إلا بطريق الطعن بالتزوير .
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . مادامت قد عرضت على بساط البحث .
ترديد التحريات لما أبلغ به المجني عليه . لا يعيبها . لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ .
(11) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة ثاني درجة " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
محكمة ثاني درجة . تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق . أثر ذلك ؟
للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المُدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً . لها أن تعتمد على تلك الأقوال بالتحقيقات . مادامت طرحت على بساط البحث في الجلسة .
(12) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بعدم تعرض الحكم لما حوته مذكرته . غير مقبول . مادام لم يفصح عن أوجه دفاعه ودفوعه التي ضمنها هذه المذكرة .
(13) طفل . عقوبة " تطبيقها " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية ". مسئولية جنائية. حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
نعي الطاعن بانتفاء مسئوليته الجنائية . غير مقبول . مادام أن سنه جاوزت السابعة ولم يجاوز الثانية عشرة من عمره . المادة 94 من قانون الطفل .
نعي الطاعن على الحكم خطأه في تطبيق القانون لإيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية تطبيقاً للمادتين 94 ، 101 من قانون الطفل . غير مقبول .
(14) طفل . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " . 
المادة 107 من قانون الطفل . مفادها ؟
تحديد الحكم مدة الإيداع إحدى دور الرعاية الاجتماعية بجعلها لمدة ثلاث سنوات . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض نقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء تحديد مدة الإيداع . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد استبدالها بالقانون رقم 174 لسنة 2007 والمعمول به في تاريخ التقرير بالطعن قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محامٍ عام على الأقل ، وإلا كانت باطلة ، وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ، وكان البين أن مذكرة أسباب الطعن موقع عليها من رئيس نيابة بالنيابة العامة ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ، ولا يغير من ذلك التأشير عليها بما يفيد النظر ، إذ فضلاً عن كونه غير مقروء ، ويستحيل معرفة صاحبه وصفته ، فإنها بذاتها لا تفيد اعتماد المحامي العام لها ، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً ، ويتعين التقرير بذلك.
2- من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مُستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض أقوال المجني عليه مع أقوال شهود الواقعة في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بلا تناقض .
3- من المقرر أيضاً أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية مُتساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة الواقعة وأدلتها حسبما حصلهما الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلك الأدلة وصورة الدعوى ، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح تلك الأدلة ومناقضة الصورة التي استقرت في يقين المحكمة ، وهو ما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
5- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما فيما يثيره بوجه النعي ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ويضحى منعاه في هذا غير مقبول .
6- لما كان الثابت من محضر جلسة المرافعة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المُدافع عنه لم يثر شيئاً مما أورده بوجه النعي من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لكونه دفاعاً موضوعياً ، هذا إلى أنه لا يلزم أن تتطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً ، بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
7- لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مُستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب .
8- لما كان ما يثيره الطاعن في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤاله وشهود الإثبات بها ، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، أو يعيبه عدم الرد عليه ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يثر ما يدعيه أو يطلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، ومن ثم لا يحل له أن يثير شيئاً من ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن عدم سؤاله بالتحقيقات لا يترتب عليه بطلان لهذه الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، ومن ثم فإن منعاه يكون غير قويم .
9- من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أُثبت بها إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أُثبت أمام محكمة أول درجة بمحاضرها من سؤاله عن الفعل المُسند إليه ، فإن زعمه يكون غير مقبول .
10- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ولا يعيبها أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا - بفرض صحته - غير سديد .
11- من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ، أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يطلب سماع شهادة الشاهد .... ، أو شهود الإثبات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المُدافع عنه صراحة أو ضمناً ، ولها أن تعتمد على تلك الأقوال بالتحقيقات مادامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة ، ومن ثم يكون النعي على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع غير سديد .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه دفاعه ودفوعه التي ضمنها مذكرة دفاعه ، حتى يتضح أهميتها في الدعوى المطروحة ، وما إذا كانت تحوي دفاعاً مما يستلزم من المحكمة الرد عليه ، أم دفاعاً موضوعياً مما لا يستلزم رداً خاصاً ، فإن منعاه بعدم تعرض الحكم لما حوته هذه المذكرة يضحى في غير محله .
13- لما كان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء مسئولية الطاعن الجنائية ورفضه استناداً إلى أن الثابت أن الطاعن وقت ارتكابه للجريمة المُسندة إليه كانت سنه قد جاوزت السابعة ولم تجاوز الثانية عشرة سنة ميلادية كاملة ، وخلص من ذلك إلى أن المادة 94 المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 هي الأصلح للمتهم ، وكونها عقدت الاختصاص بنظر ما يقع من الطفل من جرائم تُعد جناية أو جنحة لتلك المحكمة وأجاز لها عجز هذه المادة توقيع أحد التدابير المنصوص عليها في البنود 1 ، 2 ، 7 ، 8 من المادة 101 من ذات القانون ، وكان ما أورده الحكم في اطراحه للدفع - على ما سلف - يتفق وصحيح القانون ، كما أنه التزم في توقيع العقوبة على الطاعن المادتين 94 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بإيداع الطاعن إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن يكون غير قويم .
        14- لما كان الحكم المطعون فيه فيما تبناه من أسباب حكم أول درجة وما أضافه من أسباب وقضى بتعديل العقوبة دان الطاعن - حال كونه طفلاً تجاوز عمره سبعة أعوام ولم يبلغ خمسة عشر عاماً ميلادية - بإحداث عاهة مستديمة ، المؤثمة بالمادة 240/1 من قانون العقوبات وأعمل المواد 2/1 ، 94 ، 101 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، وقضى بإيداعه في إحدى دور الرعاية الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 107 من القانون رقم 12 لسنة 1996 والمستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 قد حظرت على المحكمة أن تحدد في حكمها مدة إيداع الطفل في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتحديد مدة الإيداع بجعلها لمدة ثلاث سنوات ، يكون قد خالف القانون بتأقيته لمدة الإيداع ، وهو ما يؤذن لمحكمة النقض بقبول هذا الوجه من الطعن ، وتقضي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، بإلغاء تحديد مدة الإيداع مع رفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنه :
1- حال كونه طفلاً تجاوز عمره سبعة أعوام ولم يبلغ خمسة عشر عاماً ميلادية ضرب المجني عليه / .... عمداً بجسم صلب راض " عصا " على عينه اليمنى ، فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي " فقد إبصار العين اليمنى " التي تقلل من قدرتها بمقدار 37 % .
2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " عصا " استخدمها في الاعتداء على المجني عليه دون أن يوجد لإحرازها مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وطلبت عقابه بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726 لسنة 1998 والمعدل بالقرار رقم 1756 لسنة 2007 ، والمواد 2/1 ، 9 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة 1996 .
ومحكمة أحداث .... قضت غيابياً بإيداعه إحدى مؤسسات رعاية الأحداث الاجتماعية ، ومصادرة العصا المضبوطة بالنسبة للتهمة الأولى ، وببراءته مما أسند إليه بالنسبة للتهمة الثانية .
 عارض ، وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً ، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه .
استأنف ، وقضي غيابياً بسقوط الحق في الاستئناف .
 عارض استئنافياً وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ، وقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بإيداع المتهم إحدى دور الرعاية الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات .
فطعن المحكوم عليه ، كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة :
    من حيث إنه لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد استبدالها بالقانون رقم 174 لسنة 2007 والمعمول به في تاريخ التقرير بالطعن قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محامٍ عام على الأقل ، وإلا كانت باطلة ، وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ، وكان البين أن مذكرة أسباب الطعن موقع عليها من رئيس نيابة بالنيابة العامة ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ، ولا يغير من ذلك التأشير عليها بما يفيد النظر ، إذ فضلاً عن كونه غير مقروء ، ويستحيل معرفة صاحبه وصفته ، فإنها بذاتها لا تفيد اعتماد المحامي العام لها ، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً ، ويتعين التقرير بذلك .

ثانياً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه :
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه اعتنق تصوير الشهود لواقعة الدعوى رغم عدم رؤية بعضهم لواقعاتها ، وتناقض شهادتهم مع المجني عليه ، دون أن يُحقق ذلك ، وتساند في إدانته إلى أدلة لا تصلح لذلك ، وعوّل في قضائه على الدليلين القولي والفني رغم تعارضهما في بيان عدد الإصابات التي أصابت المجني عليه ، ولم يعن برفع ذلك التناقض ، والتفت إيراداً ورداً عن دفوعه بانتفاء القصد الجنائي ، وقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال شهود الإثبات ، وعدم سؤاله بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات وأمام محكمة أول درجة وعدم جدية التحريات وأنها ترديد لأقوال المجني عليه ، فضلاً عن طلبه سماع شهادة الشاهد .... ، وباقي دفاعه ودفوعه - التي ضمنها مذكرة دفاعه - كما دفع بانتفاء مسئوليته طبقاً لنص المادة 94 من القانون 126 لسنة 2008 بيد أن المحكمة أطرحته بما لا يسوغه ودون أن تتبع في قضائها التدرج في العقوبة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
   ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مُستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض أقوال المجني عليه مع أقوال شهود الواقعة في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بلا تناقض ، وكان من المقرر أيضاً أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية مُتساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة الواقعة وأدلتها حسبما حصّلهما الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلك الأدلة وصورة الدعوى ، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح تلك الأدلة ومناقضة الصورة التي استقرت في يقين المحكمة ، وهو ما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مُستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق ما فيما يثيره بوجه النعي ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ويضحى منعاه في هذا غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المرافعة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المُدافع عنه لم يثر شيئاً مما أورده بوجه النعي من قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لكونه دفاعاً موضوعياً ، هذا إلى أنه لا يلزم أن تتطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً ، بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مُستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤاله وشهود الإثبات بها ، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، أو يعيبه عدم الرد عليه ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يثر ما يدعيه أو يطلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، ومن ثم لا يحل له أن يثير شيئاً من ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن عدم سؤاله بالتحقيقات لا يترتب عليه بطلان لهذه الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، ومن ثم فإن منعاه يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أُثبت بها إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أُثبت أمـام محكمة أول درجة بمحاضرها من سؤاله عن الفعل المُسند إليه ، فإن زعمه يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة بـاعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ولا يعيبها أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا - بفرض صحته - غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ، وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ، أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن لم يطلب سماع شهادة الشاهد ... ، أو شهود الإثبات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المُدافع عنه صراحة أو ضمناً ، ولها أن تعتمد على تلك الأقوال بالتحقيقات مادامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة ، ومن ثم يكون النعي على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه دفاعه ودفوعه التي ضمنها مذكرة دفاعه ، حتى يتضح أهميتها في الدعوى المطروحة ، وما إذا كانت تحوي دفاعاً مما يستلزم من المحكمة الرد عليه ، أم دفاعاً موضوعياً مما لا يستلزم رداً خاصاً ، فإن منعاه بعدم تعرض الحكم لما حوته هذه المذكرة يضحى في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء مسئولية الطاعن الجنائية ورفضه استناداً إلى أن الثابت أن الطاعن وقت ارتكابه للجريمة المُسندة إليه كانت سنه قد جاوزت السابعة ولم تجاوز الثانية عشر سنة ميلادية كاملة ، وخلص من ذلك إلى أن المادة 94 المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 هي الأصلح للمتهم ، وكونها عقدت الاختصاص بنظر ما يقع من الطفل من جرائم تُعد جناية أو جنحة لتلك المحكمة وأجاز لها عجز هذه المادة توقيع أحد التدابير المنصوص عليها في البنود 1 ، 2 ، 7 ، 8 من المادة 101 من ذات القانون ، وكان ما أورده الحكم في اطراحه للدفع - على ما سلف - يتفق وصحيح القانون ، كما أنه التزم في توقيع العقوبة على الطاعن المادتين 94 ، 101 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بإيداع الطاعن إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
        ومن حيث إنه فضلاً عما سلف ، فقد نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون ، إذ حدد مدة إيداعه بمؤسسة الرعاية الاجتماعية للأحداث .
        ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما تبناه من أسباب حكم أول درجة وما أضافه من أسباب وقضى بتعديل العقوبة دان الطاعن - حال كونه طفلاً تجاوز عمره سبعة أعوام ولم يبلغ خمسة عشر عاماً ميلادية - بإحداث عاهة مستديمة ، المؤثمة بالمادة 240/1 من قانون العقوبات وأعمل المواد 2/1 ، 94 ، 101 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، وقضى بإيداعه في إحدى دور الرعاية الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 107 من القانون رقم 12 لسنة 1996 والمستبدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 قد حظرت على المحكمة أن تحدد في حكمها مدة إيداع الطفل في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتحديد مدة الإيداع بجعلها لمدة ثلاث سنوات ، يكون قد خالف القانون بتأقيته لمدة الإيداع ، وهو ما يؤذن لمحكمة النقض بقبول هذا الوجه من الطعن ، وتقضي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه عملاً بالمادة 39 /1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، بإلغاء تحديد مدة الإيداع مع رفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 323 لسنة 4 ق جلسة 16 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 89 ص 630

جلسة 16 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى الصادق ، محمد طاهر ، رأفت عباس وهاني فهمي نواب رئيس المحكمة . 
 ---------
(89)
الطعن 323 لسنة 4 ق
تعدي على موظف عام . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني " . دعوى جنائية " تحريكها " . نيابة عامة . محاماة . قانون " تفسيره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
    للنائب العام وحده الحق في رفع الدعوى الجنائية عن الجرائم التي تقع من محام أثناء وبسبب ممارسته لمهنته . المادة 50 من القانون 17 لسنة 1983 المستبدلة بالقانون 197 لسنة 2008 .
        أعمال المحاماة . ماهيتها ؟ المادة الثالثة من القانون 17 لسنة 1983 .
      تحريك الدعوى الجنائية من المحامي العام الأول دون تفويض من النائب العام عن جريمة إهانة موظف عام وقعت من محامٍ أثناء وبسبب تأدية وظيفته . يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى لتحريكها ممن لا يملك رفعها قانوناً . تصدي محكمة الاستئناف لموضوع الدعوى . غير جائز . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة نسبت إلى الطاعن أنه أهان بالقول موظفًا عموميًا أثناء وبسبب تأدية وظيفته ، وطلبـت عقابه بالمادة 133 /1 مـن قانون العقوبات ، وادعى المجني عليه مدنياً مطالباً بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك الفعل ، ودفع الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون استناداً للمادة 50 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة ، ومحكمة أول درجة قضت بإدانته ، فاستأنف وأمام محكمة ثاني درجة عاود التمسك بالدفع المذكور ، وقد عرضت المحكمة للدفع وردت عليه بالقول " وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون طبقاً لنص المادة 50 من قانون المحاماة والتي تخول للنائب العام حق إحالة المحامي إلى المحاكمة الجنائية فالمحكمة بمطالعتها أوراق الجنحة ومستنداتها تبين أن المحامي العام الأول هو الذى قام بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية . ولما كان ذلك ، وكان المحامون العموم الأول موكلون من قبل النائب العام في سلطاته من حيث التصرف في القضايا أو استئناف الأحكام الجنائية أو غير ذلك مما هو مخول للنائب العام ، ومن ثم فإن إحالة المتهم تمت بناء على إجراءات قانونية سليمة ويكون دفعه على غير سند صحيح من القانون والمحكمة ترفضه " . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 49 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أنه " واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعى محاسبته نقابياً أو جنائياً يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك " كما نصت الفقرة الأولى من المادة 50 من القانون ذاته - قبل استبدالها - على أنه " في الحالات المبينة بالمادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطياً ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول " وقد صدر من بعد القانون رقم 197 لسنة 2008 - الذى جرى العمل به في 23/6/2008 - واستبدل نص المادة 50 من قانون المحاماة - المار ذكرها - على النحو التالي " لا يجوز القبض على محام أو حبسه احتياطياً لما نسب إليه في الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة وجرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أي من أعمـال المهنة المشار إليها في هذا القانون ، ويحرر في هذه الحالة مذكرة بما حدث وتحال إلى النيابة العامة وتبلغ صورتها إلى مجلس النقابة . وللنائب العام أن يتخذ الإجراءات إذا كان ما وقع من المحامي يشكل جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات أو أن يحيله إلى مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالنظام أو الواجب المهني وفى هذه الحالة تجرى المحاكمة في جلسة سرية .... " ومؤدى النص الأخير أن المشرع قد قصر على النائب العام وحده اتخاذ الإجراءات من قبض وحبس احتياطي ورفع الدعوى الجنائية بالنسبة لما يقع من المحامي من أفعال تشكل جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات يستوى في ذلك ما وقع منها أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه وكذلك جرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أي من أعمال مهنته ، وقد حددت المادة الثالثة من قانون المحاماة - المار ذكره - ما يعد من أعمال المحاماة ونصت في البند الأول منها على " الحضور عن ذوى الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي وجهات التحقيق الجنائي والإداري ودوائر الشرطة والدفاع عنهم في الدعاوى التي ترفع منهم أو عليهم والقيام بأعمال المرافعات والإجراءات القضائية المتصلة بذلك " . لما كان ذلك ، وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن - وهو محام - قد أسندت إليه النيابة العامة جريمة إهانة موظف عام - سكرتير جلسة - أثناء وبسبب تأدية وظيفته وذلك حال طلبه الاطلاع على أحد الأحكام الصادرة من الدائرة التي يعمل بها المجنى عليه ، ومن ثم تكون الجريمة المسندة إلى الطاعن قد وقعت منه بسبب ممارسته عمل من أعمال مهنته ، وقد أمر المحامي العام الأول لنيابة استئناف .... بنفسه - دون تفويض من النائب العام - بتحريك الدعوى الجنائية ضد الطاعن بتاريخ 24/9/2008 رغم أنه لا يملك الحق في تحريكها طبقاً للمادة 50 من قانون المحاماة المستبدلة بالقانون رقم 197 لسنة 2008 . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانونًا ، فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها ، فإن هي فعلت فإن حكمها وما بنى عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية إذا رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوعها وتفصل فيه ، بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء بعدم قبول الدعوى اعتباراً بأن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها المشرع لقبولها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأجاز رفع الدعوى من المحامي العام الأول على خلاف ما تقضى به المادة 50 سالفة الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه تعدى على موظف عام / .... الموظف بمحكمة .... بالسب والتهديد وذلك أثناء وبسبب تأدية وظيفته على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابه بالمادة 133/ 1 من قانون العقوبات ، وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
ومحكمة جنح .... قضـت حضوريًا بتغريم المتهم خمسة آلاف ومائتي جنيه وإلزامه بأن يؤدى تعويض مدنى مؤقت ألفين وواحد جنيه للمدعى بالحق المدني .
استأنف ، ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية – قضت حضوريًا بقبول ورفض وتأييد والمصاريف .
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه اطرح بما لا يصلح رداً دفعه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الثابت من الأوراق أن النيابة العامة نسبت إلى الطاعن أنه أهان بالقول موظفًا عموميًا أثناء وبسبب تأدية وظيفته ، وطلبت عقابه بالمادة 133 /1 من قانون العقوبات ، وادعى المجني عليه مدنياً مطالباً بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك الفعل ، ودفع الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون استناداً للمادة 50 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة ، ومحكمة أول درجة قضت بإدانته ، فاستأنف وأمام محكمة ثاني درجة عاود التمسك بالدفع المذكور ، وقد عرضت المحكمة للدفع وردت عليه بالقول " وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعويين لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون طبقاً لنص المادة 50 من قانون المحاماة والتي تخول للنائب العام حق إحالة المحامي إلى المحاكمة الجنائية فالمحكمة بمطالعتها أوراق الجنحة ومستنداتها تبين أن المحامي العام الأول هو الذى قام بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية . ولما كان ذلك ، وكان المحامون العموم الأول موكلون من قبل النائب العام في سلطاته من حيث التصرف في القضايا أو استئناف الأحكام الجنائية أو غير ذلك مما هو مخول للنائب العام ، ومن ثم فإن إحالة المتهم تمت بناء على إجراءات قانونية سليمة ويكون دفعه على غير سند صحيح من القانون والمحكمة ترفضه " . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 49 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أنه " واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعى محاسبته نقابياً أو جنائياً يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك " كما نصت الفقرة الأولى من المادة 50 من القانون ذاته - قبل استبدالها - على أنه " في الحالات المبينة بالمادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطياً ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول " وقد صدر من بعد القانون رقم 197 لسنة 2008 - الذي جرى العمل به في 23/6/2008 - واستبدل نص المادة 50 من قانون المحاماة - المار ذكرها - على النحو التالي " لا يجوز القبض على محام أو حبسه احتياطياً لما نسب إليه في الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة وجرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أي من أعمال المهنة المشار إليها في هذا القانون ، ويحرر في هذه الحالة مذكرة بما حدث وتحال إلى النيابة العامة وتبلغ صورتها إلى مجلس النقابة . وللنائب العام أن يتخذ الإجراءات إذا كان ما وقع من المحامي يشكل جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات أو أن يحيله إلى مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالنظام أو الواجب المهني وفي هذه الحالة تجرى المحاكمة في جلسة سرية ...... " ومؤدى النص الأخير أن المشرع قد قصر على النائب العام وحده اتخاذ الإجراءات من قبض وحبس احتياطي ورفع الدعوى الجنائية بالنسبة لما يقع من المحامي من أفعال تشكل جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات يستوي في ذلك ما وقع منها أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه وكذلك جرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أي من أعمال مهنته ، وقد حددت المادة الثالثة من قانون المحاماة - المار ذكره - ما يعد من أعمال المحاماة ونصت في البند الأول منها على " الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم وهيئات التحكيم والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي وجهات التحقيق الجنائي والإداري ودوائر الشرطة والدفاع عنهم في الدعاوى التي ترفع منهم أو عليهم والقيام بأعمال المرافعات والإجراءات القضائية المتصلة بذلك " . لما كان ذلك ، وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن - وهو محام - قد أسندت إليه النيابة العامة جريمة إهانة موظف عام - سكرتير جلسة - أثناء وبسبب تأدية وظيفته وذلك حال طلبه الاطلاع على أحد الأحكام الصادرة من الدائرة التي يعمل بها المجنى عليه ، ومن ثم تكون الجريمة المسندة إلى الطاعن قد وقعت منه بسبب ممارسته عمل من أعمال مهنته ، وقد أمر المحامي العام الأول لنيابة استئناف .... بنفسه - دون تفويض من النائب العام - بتحريك الدعوى الجنائية ضد الطاعن بتاريخ 24/9/2008 رغم أنه لا يملك الحق في تحريكها طبقاً للمادة 50 من قانون المحاماة المستبدلة بالقانون رقم 197 لسنة 2008 . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانونًا ، فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها ، فإن هي فعلت فإن حكمها وما بنى عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية إذا رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوعها وتفصل فيه ، بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء بعدم قبول الدعوى اعتباراً بأن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها المشرع لقبولها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأجاز رفع الدعوى من المحامي العام الأول على خلاف ما تقضى به المادة 50 سالفة الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ