الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 فبراير 2016

الطعن 20736 لسنة 64 ق جلسة 13 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 170 ص 1180

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

------------------

(170)
الطعن رقم 20736 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر. متى رأت أنها صدرت منه حقيقة وتمثل الواقع في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم خطأه في الإسناد. غير مقبول. متى أقيم على ماله أصله في الأوراق. المجادلة في ذلك. جدل موضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) طعن "نطاقه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مبدأ عدم جواز الإضرار بالمحكوم عليه بسبب تظلمه عند الأخذ به في الطعن بالنقض. حده؟
(5) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها".
عدم جواز الإحالة في بيان وجه الطعن إلى طعن آخر مقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى.
مطالبة محكمة النقض عند الفصل في طعن بالبحث عن أسباب نقض مقدم في طعن آخر. غير جائز ولو قدمت صورة ضوئية لورقة أسباب مأخوذة عن أصل طعنه الأول. متى خلت بذاتها من توقيع المحامي. علة ذلك؟
(6) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "طعن للمرة الثانية". إعلان. إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة النقض "سلطتها".
متى يعتبر المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية؟ المادة 261 إجراءات.
قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية رغم تخلف المدعية بالحقوق المدنية عن الحضور بالجلسة بدون عذر مقبول وثبوت إعلانها. خطأ في القانون. يوجب تصحيحه بإثبات تركها لدعواها.
اقتصار العيب الذي شاب الحكم على الخطأ في تطبيق القانون. يؤذن لمحكمة النقض تصحيحه. دون تحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن لثاني مرة. علة ذلك؟

-------------------
1 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بأقوال الشاهد..... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم في بيانه مؤدى الدليل المستمد من أقوال المجني عليها، وما ورد بأوراق الدعوى فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً.
3 - لما كان يبين من المفردات المضمومة أن المتهم..... أدلى بأقواله في التحقيق الذي أجراه وكيل نيابة شرق إسكندرية الكلية بجلسة 20/ 6/ 1989، وكان ما حصله الحكم من تلك الأقوال له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل، بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مبدأ عدم جواز الإضرار بالمحكوم عليه بسبب تظلمه عند الأخذ به في الطعن بطريق النقض لا يصح إعماله إلا من ناحية مقدار العقوبة الذي يعتبر حداً أقصى لا يجوز للهيئة الثانية أن تتعداه، ولا يجوز أن يتناول النواحي الأخرى من نحو تقدير وقائع الدعوى أو إعطاء الحادث وصفه الصحيح. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتعد العقوبة التي قضى بها الحكم الذي سبق نقضه، فإن الحكم المذكور لا يكون قد سوأ مركز الطاعن، ويكون الطعن عليه بهذا الوجه على غير أساس.
5 - من المقرر أنه لا يجوز في بيان وجه الطعن الإحالة إلى طعن آخر مقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى، فإن محكمة النقض وهي تفصل في طعن لا تصح مطالبتها بالبحث عن أسباب نقض مقدمة في طعن آخر. ولا يجدي في هذا المقام أن الطاعن قدم صورة ضوئية لورقة أسباب مأخوذة عن أصل طعنه الأول، ما دام الثابت أنها وإن ظهرت بها صورة توقيع المحامي المثبت على الأصل الذي أخذت منه، إلا أنها قد خلت - بذاتها - من التوقيع ومن ثم يتعين استبعادها، لما هو مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أن تقرير الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة والتي يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها وأن يكون موقعاً عليها ممن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة هذا البيان بوقائع خارجة عنها غير مستمدة منها ولما جرى عليه قضاء محكمة النقض أيضاً من تقرير البطلان جزاء على إغفال التوقيع على الأسباب بتقدير أن ورقة الأسباب من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن يكون موقعاً عليها من صاحب الشأن فيها، وإلا عدت ورقة عديمة الأثر في الخصومة وكانت لغواً لا قيمة له.
6 - من المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى. ولما كان يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة - في مرحلة الإعادة - أن المدعية بالحقوق المدنية قد تخلفت عن الحضور أمام المحكمة، ودون إبداء ثمة عذر لذلك، وقد طلب الطاعن اعتبارها تاركة لدعواها، وقدم للمحكمة - على ما يبين من المفردات المضمومة - إعلان المدعية بالحقوق المدنية قانوناً للحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، إلا أنه قضى بإجابتها إلى طلباتها في الدعوى المدنية. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون قد أخطأ في القانون بما يعيبه ويستوجب بالنسبة إلى الدعوى المدنية تصحيحه بإثبات ترك المدعية بالحقوق المدنية لدعواها وإلزامها بمصاريفها. وذلك دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بتحديد جلسة لنظره الموضوع - باعتبار أن الطعن هو طعن لثاني مرة - ما دام أن العوار الذي شاب الحكم مقصور على الخطأ في تطبيق القانون بما يؤذن لمحكمة النقض تصحيحه، ولم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة من: - 1 - ..... (طاعن) 2 - .... 3 - .... بأنهم 1 - شرعوا في مواقعة ..... بغير رضاها بأن قام المتهم الثاني بجذبها من الطريق واقتادها وباقي المتهمين إلى شريط السكك الحديدية وشهروا المدى في وجهها بغية مواقعتها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو استغاثة المجني عليها وتدخل المارة وفرار المتهمين خشية ضبطهم 2 - خطفوا بالإكراه المجني عليها سالفة الذكر بأمر جذبها المتهم الثاني من الطريق العام وهددها وباقي المتهمين بمدى واصطحبوها إلى شريط السكك الحديدية على النحو المبين بالتحقيقات 3 - أحدثوا عمداً بالمجني عليها سالفة الذكر الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بإلزامهم بأن يؤدوا لها مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني والثالث عملاً بالمواد 32/ 2، 45، 46، 242/ 1 - 3، 268/ 1، 290/ 1 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليه ثانياً: بمعاقبة المتهمين الأول والثالث بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليهما ثالثاً: بإلزام المتهمين بالتضامن بينهم بأن يؤدوا إلى المدعية بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي. باعتبار أن المتهمين الأول والثالث هتكا بالقوة والتهديد عرض المجني عليها بأن أمسك كلاً منهما بجزء هو عورة من جسمها وبغير رضاها على النحو المفصل بالتحقيقات. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى وألزمت المطعون ضدها المصاريف المدنية. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 242/ 1، 267/ 1، 290/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وإلزامه متضامناً مع ..... و..... السابق الحكم عليهما - بأن يؤدوا للمدعية بالحقوق المدنية تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه طبقاً للوصف الأول الذي قدم به المتهم.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم شروع في وقاع وخطف بالإكراه وضرب وألزمه بالتعويض، قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وفي القانون، ذلك أنه تساند في الإدانة إلى أقوال....... رغم أنها سماعية، وأسند إلى المجني عليها أقوالاً لا سند لها في الأوراق، وعول على أقوال للمتهم....... في تحقيق النيابة العامة رغم أنه لم يسأل فيه لهروبه وعدلت محكمة الإعادة وصف التهمة الذي خلص إليه الحكم المنقوض، وهو ما أضار الطاعن بطعنه، ويحيل الطاعن في بيان باقي أوجه الطعن إلى ما تضمنه تقرير طعنه الأول على الحكم المنقوض، يضاف إلى ذلك - في خصوص الدعوى المدنية - أن الحكم أخطأ إذ لم يقض بإثبات ترك المدعية بالحقوق المدنية لدعواها - رغم إعلانها بذلك، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها ومن التقرير الطبي الابتدائي ومن أقوال المتهم السابق الحكم عليه في تحقيق النيابة العامة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بأقوال الشاهد.... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم في بيانه مؤدى الدليل المستمد من أقوال المجني عليها، وما ورد بأوراق الدعوى فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن المتهم....... أدلى بأقواله في التحقيق الذي أجراه وكيل نيابة شرق إسكندرية الكلية بجلسة...... وكان ما حصله الحكم من تلك الأقوال له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل، بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مبدأ عدم جواز الإضرار بالمحكوم عليه بسبب تظلمه عند الأخذ به في الطعن بطريق النقض لا يصح إعماله إلا من ناحية مقدار العقوبة الذي يعتبر حداً أقصى لا يجوز للهيئة الثانية أن تتعداه، ولا يجوز أن يتناول النواحي الأخرى من نحو تقدير وقائع الدعوى أو إعطاء الحادث وصفه الصحيح. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتعد العقوبة التي قضى بها الحكم الذي سبق نقضه، فإن الحكم المذكور لا يكون قد سوأ مركز الطاعن، ويكون الطعن عليه بهذا الوجه على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يجوز في بيان وجه الطعن الإحالة إلى طعن آخر مقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى، فإن محكمة النقض وهي تفصل في طعن لا تصح مطالبتها بالبحث عن أسباب نقض مقدمة في طعن آخر. ولا يجدي في هذا المقام أن الطاعن قدم صورة ضوئية لورقة أسباب مأخوذة عن أصل طعنه الأول، ما دام الثابت أنها وإن ظهرت بها صورة توقيع المحامي المثبت على الأصل الذي أخذت منه، إلا أنها قد خلت - بذاتها - من التوقيع، ومن ثم يتعين استبعادها، لما هو مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أن تقرير الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة والتي يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها وأن يكون موقعاً عليها ممن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة هذا البيان بوقائع خارجة عنها غير مستمدة منها ولما جرى عليه قضاء محكمة النقض أيضاً من تقرير البطلان جزاء على إغفال التوقيع على الأسباب بتقدير أن ورقة الأسباب من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن يكون موقعاً عليها من صاحب الشأن فيها، وإلا عدت ورقة عديمة الأثر في الخصومة وكانت لغواً لا قيمة له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن - في خصوص الدعوى الجنائية - يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إنه من المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هي التحقيق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى. ولما كان يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة - في مرحلة الإعادة - أن المدعية بالحقوق المدنية قد تخلفت عن الحضور أمام المحكمة، ودون إبداء ثمة عذر لذلك، وقد طلب الطاعن اعتبارها تاركة لدعواها، وقدم للمحكمة - على ما يبين من المفردات المضمومة - إعلان المدعية بالحقوق المدنية قانوناً للحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، إلا أنه قضى بإجابتها إلى طلباتها في الدعوى المدنية. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بقضائه في هذه الدعوى يكون قد أخطأ في القانون بما يعيبه ويستوجب بالنسبة إلى الدعوى المدنية - تصحيحه بإثبات ترك المدعية بالحقوق المدنية لدعواها وإلزامها بمصاريفها، وذلك دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بتحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن هو طعن لثاني مرة ما دام أن العوار الذي شاب الحكم مقصور على الخطأ في تطبيق القانون بما يؤذن لمحكمة النقض تصحيحه، ولم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.

الطعن 11803 لسنة 60 ق جلسة 12 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 169 ص 1177

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعمر بريك ويوسف عبد السلام نواب رئيس المحكمة. ورشاد قذافي.

-----------------

(169)
الطعن رقم 11803 لسنة 60 القضائية

قذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "بياناته". "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
ركن العلانية في جريمة القذف. تحققه. مشروط بتوافر عنصرين. توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس دون تمييز. وانتواء الجاني إذاعة المكتوب.
سلامة الحكم بالإدانة في جريمة القذف. شرطها؟
كون عبارات القذف قد تضمنها خطاب تداولته أيدي موظفين بحكم عملهم. غير كاف لتوافر العلانية. وجوب أن يكون الجاني قد قصد إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه. إغفال الحكم ببيان قصد الطاعن من فعله. قصور.

---------------
لما كان من المقرر أن العلانية في جريمة القذف لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب على عدد من الناس دون تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب وأنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة القذف أن يبين الحكم عناصر العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح وكان ما حصله الحكم المطعون فيه في صدد بيانه لواقعة الدعوى وفحوى الخطاب الذي وجهه الطاعن إلى المدعي بالحقوق المدنية لا يتوافر به عنصر العلانية وذلك لما هو مقرر من أنه لا يكفي لتوافر العلانية أن تكون عبارات القذف قد تضمنها خطاباً تداولته أيدي موظفين بحكم علمهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه، وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد الطاعن من فعله فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح..... ضد الطاعن بوصف أنه أسند ونسب إليه بواسطة الكتابة أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقابه واحتقاره لدى أهل وطنه وطلب عقابه بالمواد 171، 302، 303، 306 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن الحكم دانه رغم ما دفع به من عدم توافر ركن العلانية وانتفاء القصد الجنائي دون أن يرد على دفاعه مما يعيب الحكم.
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن قد وجه للمدعي بالحقوق المدنية خطاباً تضمن عبارات اعتبرها الحكم ماسة به وكان من المقرر أن العلانية في جريمة القذف لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب على عدد من الناس دون تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب وأنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة القذف أن يبين الحكم عناصر العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه في صدد بيانه لواقعة الدعوى وفحوى الخطاب الذي وجهه الطاعن إلى المدعي بالحقوق المدنية لا يتوافر به عنصر العلانية وذلك لما هو مقرر من أنه لا يكفي لتوافر العلانية أن تكون عبارات القذف قد تضمنها خطاباً تداولته أيدي موظفين بحكم علمهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه، وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد الطاعن من فعله فإنه يكون معيباً بالقصور.

الطعن 50161 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 168 ص 1171

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

-----------------

(168)
الطعن رقم 50161 لسنة 59 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص المحلي". قانون "تفسيره". شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تعيين الاختصاص المحلي بمكان وقوع الجريمة أو إقامة المتهم أو القبض عليه. المادة 217 إجراءات.
مجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع العلم بأنه بغير مقابل وفاء للسحب تتم به جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. علة ذلك؟
تحرير الشيك وتوقيعه من الأعمال التحضيرية التي لا يصح بناء الاختصاص المحلي بنظر الجريمة عليها. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد. مخالفة ذلك. قصور.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
التأخير في الإدلاء بالدفاع. لا يدل حتماً على عدم جديته. المحاكمة هي الوقت الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بطلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب.
استعمال المتهم حقه في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء. لا يصح نعته بعدم الجدية ولا بأنه جاء متأخراً. علة ذلك؟
رفض المحكمة الدفع بتزوير الشيك بحجة عدم جديته للتأخر في إبدائه. يعيب الحكم.
(3) تزوير "الادعاء بالتزوير". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". شيك بدون رصيد.
الدفع بتزوير الشيك. جوهري. وجوب تمحيصه لتعلقه بتحقيق الدليل. إغفال ذلك. يعيب الحكم.

--------------------
1 - لما كان الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية. إلا أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة مكان تحرير الشيك قد بني على خطأ في تأويل القانون إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور.
2 - لما كان التأخير في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع، وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفع الطاعن بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره في قوله: "كما تلتفت المحكمة عن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم بالتزوير ذلك لأنه لو كان جاد في دفعه بالتزوير لدفع به أمام محكمة أول درجة". لما كان ذلك، وكان الحكم قد صادر الطاعن في دفاعه المشار إليه بدعوى أنه غير جاد فيه، لأنه تأخر في الإدلاء به فإن ذلك يعيبه.
3 - لما كان الدفاع المسوق من الطاعن يعد في صورة الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى ويترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعنى بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها لإطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدي إلى النتيجة التي رتبت عليها، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الموسكي ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع عمله بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاث سنوات وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنح القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في....... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى بما لا يصلح رداً، كما إن الطاعن أثار دفاعاً جوهرياً بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره مستهدفاً التصريح له بالطعن فيه بالتزوير بيد أن المحكمة لم تستجب له وردت على طلبه برد غير سائغ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً بنظر الدعوى وأطرحه في قوله: "وتلتفت المحكمة عن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم بعدم اختصاص محكمة أول درجة للاختصاص بنظر الدعوى إذ أن الشيك حرر في موطن المدعي المدني...... ومن ثم ينعقد الاختصاص لمحكمة......". لما كان ذلك، وكان الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة مكان تحرير الشيك قد بني على خطأ في تأويل القانون إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور وهو مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الواقعة - كما صار إثباتها بالحكم - لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفع الطاعن بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره في قوله: "كما تلتفت المحكمة عن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم بالتزوير ذلك لأنه لو كان جاد في دفعه بالتزوير لدفع به أمام محكمة أو درجة". لما كان ذلك، وكان الحكم قد صادر الطاعن في دفاعه المشار إليه بدعوى أنه غير جاد فيه، لأنه تأخر في الإدلاء به، مع أن التأخير في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع، وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة هداية إلى الصواب. ولما كان الدفاع المسوق من الطاعن يعد في صورة الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى ويترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعنى بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها لإطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدي إلى النتيجة التي رتبت عليها، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 5996 لسنة 60 ق جلسة 11 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 167 ص 1167

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه نائبي رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله وشبل حسن.

---------------

(167)
الطعن رقم 5996 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(2) تعدي على أرض مملوكة للدولة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب استظهار حكم الإدانة في جريمة التعدي على أرض مملوكة للدولة كون الأرض زراعية أو فضاء وماهية السلوك الإجرامي الذي قارفه الجاني بما يفصح عن كونه تعدياً على أرض الدولة أو إحدى الجهات المبينة في المادة 372 مكرراً عقوبات ومدى توافر القصد الجنائي لديه.
القصد الجنائي في هذه الجريمة. ماهيته؟
اكتفاء الحكم في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة وتقرير الخبير دون أن يورد مؤداهما ووجه استدلاله بهما على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة. قصور.

------------------
1 - من المقرر أن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن يلتزم بإيراد كل دليل من الأدلة التي استندت إليها المحكمة في الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً.
2 - من المقرر أنه يتعين على الحكم بالإدانة في جريمة التعدي على أرض مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات أن يستظهر كون الأرض زراعية أو فضاء، وماهية السلوك الإجرامي الذي قارفه الجاني بما يفصح عن كونه تعدياً على أرض الدولة أو إحدى تلك الجهات ويكشف عن توافر القصد الجنائي لديه وهو اتجاه إرادته إلى الانتفاع بتلك الأرض بغير حق مع العلم بأنه يتعدى عليها ولا يحق له الانتفاع بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان واقعة الدعوى، واقتصر في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة وتقرير الخبير دون أن يورد مؤداهما ووجه استدلاله بهما على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة. الأمر الذي يعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباته في الحكم، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - 1 - أقام بناء على أرض زراعية بغير ترخيص من الجهة المختصة. 2 - تعدى على أرض زراعية مملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأن أقام عليها البناء المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بمواد القانون 116 لسنة 1983. ومحكمة جنح مركز المحلة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفاله عشرة جنيهات تغريمه عشرة آلاف جنيه عن التهمتين والإزالة على نفقته. استأنف ومحكمة طنطا الابتدائية "مأمورية المحلة الاستئنافية" - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمة الأولى وتغريمه عشرين جنيهاً وإلزامه برد العقار المغتصب وما عاد عليه من منفعة والإزالة على نفقته عن التهمة الثانية.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على أرض مملوكة للإصلاح الزراعي بإقامة بناء عليها قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، ولم يورد مضمون أدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أو يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن يلتزم بإيراد كل دليل من الأدلة التي استندت إليها المحكمة في الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً. كذلك يتعين على الحكم بالإدانة في جريمة التعدي على أرض مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات أن يستظهر كون الأرض زراعية أو فضاء، وماهية السلوك الإجرامي الذي قارفه الجاني بما يفصح عن كونه تعدياً على أرض الدولة أو إحدى تلك الجهات ويكشف عن توافر القصد الجنائي لديه وهو اتجاه إرادته إلى الانتفاع بتلك الأرض بغير حق مع العلم بأنه يتعدى عليها ولا يحق له الانتفاع بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان واقعة الدعوى، واقتصر في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة وتقرير الخبير دون أن يورد مؤداهما ووجه استدلاله بهما على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، الأمر الذي يعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباته في الحكم، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 17413 لسنة 64 ق جلسة 26 / 9 / 1996 مكتب فني 47 ق 128 ص 892

جلسة 26 من سبتمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

-----------------

(128)
الطعن رقم 17413 لسنة 64 القضائية

(1) رشوة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. شرط إثارته لأول مرة أمام النقض وعلته؟
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع القاضي. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين. حد ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "خبرة" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". رشوة. تسجيل المحادثات.
استناد الحكم المطعون فيه إلى ما جاء بتقرير خبير تفريغ الشرائط المسجلة كقرينة معززة للأدلة الأخرى التي بني عليها قضاءه. لا يعيبه. ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهم.
(7) إثبات "شهود" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بتعارض أقوال الشهود مع ما أسفر عنه تفريغ الشريط المسجل. غير جائز.
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً.
(10) رشوة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة الرشوة. مناط توافره؟
تدليل الحكم المطعون فيه على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه. كفايته لتوفر القصد الجنائي.
(11) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
قبول وجه الطعن. شرطه؟
(12) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". رشوة.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
(13) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. حق لمحكمة الموضوع. لها أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز إثارته أمام النقض.
(14) إثبات "بوجه عام". حكم "حجيته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين فيها أو غيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة. شرط ذلك؟
(15) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
قبول وجه الطعن. شرطه: اتصاله بالطاعن وأن تكون له مصلحة فيه.
مثال.
(16) رشوة. عقوبة. مصادرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب تفسير نص المادة 110 عقوبات على هدي نص المادة 30/ 1 من ذات القانون.
مقتضى تفسير نص المادة 110 عقوبات. يوجب لصحة الحكم بالمصادرة وأن يكون موضوعها ممن يصدق عليه أنه راش أو وسيط.
استقطاع مبلغ الرشوة من مال شخص بعد إبلاغه الجهات المختصة في حق الموظف المرتشي. لا يصح القضاء بمصادرته. علة ذلك؟

-------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بتسجيل المحادثات وضبط تفتيش المتهم لعدم جدية التحريات وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة ومن بعده إذن رئيس المحكمة الصادر باتخاذ إجراءات التسجيل لانعدام التحريات فمردود عليه بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكان القانون لا يشترط شكلاً معيناً للإذن بالتفتيش فيكفي في عقيدة هذه المحكمة أن التحريات قد توصلت إلى صحة ما أبلغ به الشاهد الأول وضبط مبلغ الرشوة بحوزة المتهم مما يكون معه ذلك الدفع على غير سند من الواقع والقانون متعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون - وما استطردت إليه المحكمة من قولها "وضبط مبلغ الرشوة بحوزة المتهم" إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التي انبنى عليها الإذن ولا يتأدى منه ما يذهب إليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأن يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة - محكمة النقض - ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان إذن رئيس المحكمة بضبطه وتفتيشه وتسجيل المحادثات لعدم اختصاص مصدره ولخلوه من تاريخ إصداره وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
4 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه.
5 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في إدانته عن الجريمة المسندة إليه ومنها الإقرار المنسوب له لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الأشرطة وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهم. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
7 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى شهادة كل من..... و..... و..... و...... وأقوال الطاعن وضبط المبلغ النقدي معه وما أسفر عنه تقرير تفريغ الشريط الذي سجلت عليه واقعة الدعوى من مطابقة صورة الطاعن وإقراره ولم يشر إلى ما أثبته وكيل النيابة بالتحقيقات بشأن ملاحظاته على فحوى الشريط ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن من تعارض بينه وبين ما أورده الحكم من شريط التسجيل على غير سند.
8 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً لأن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
9 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
10 - من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي كما هو معرف به في القانون فإن ما يثيره الطاعن من أنه أخذ المبلغ بقصد إبلاغ رئيسه لا يكون مقبولاً ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
11 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً وكان الطاعن لم يفصح عن مضمون المستندات التي قدمها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
12 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه.
13 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهمين الآخرين اللذين قضت ببراءتهما وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما لا شبهة فيه ولا تناقض، فإن ما يثيره الطاعن في صدد تعارض صورة الواقعة التي تناولتها أقوال الشهود وما أخذ به الحكم وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوالهم واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهمين الآخرين لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
14 - من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرها ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
15 - لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، وكان منعى الطاعن على الحكم في شأن إغفال الحكم القضاء بمصادرة مبلغ الرشوة لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه فلا يقبل منه ما يثيره في هذا الصدد.
16 - من المقرر أن المادة 110 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة". وقد أضيفت هذه المادة إلى قانون العقوبات بمقتضى القانون رقم 69 لسنة 1953 وجاء في مذكرته الإيضاحية تعليقاً عليها ما نصه "ونصت المادة 110 من المشروع صراحة على عقوبة مصادرة ما دفعه الراشي على سبيل الرشوة وقد كانت المحاكم تطبق من قبل نص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي تجيز بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء التي تحصلت من الجريمة" والبين من النص في صريح لفظه وواضح دلالته، ومن عبارة المذكرة الإيضاحية أن جزاء المصادرة المنصوص عليه فيه عقوبة، وهي بهذه المثابة لا توقع إلا في حق من يثبت عليه أنه قارف الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً، ولا تتعدى إلى غيره ممن لا شأن له بها. وأن الشارع افترض توقيع هذه العقوبة على سبيل الوجوب، بعد أن كان الأمر فيها موكولاً إلى ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات من جواز الحكم بها اعتباراً بأن الأشياء التي ضبطت على سبيل الرشوة تحصلت من الجريمة مع ملاحظة التحفظ الوارد في ذات الفقرة من عدم المساس بحقوق الغير حسن النية. وبذلك فإن حكم المادة 110 من قانون العقوبات يجب أن يفهم في ضوء ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي توجب كأصل عام حماية حقوق الغير حسن النية. ويندرج تحت معنى الغير كل من كان أجنبياً عن الجريمة. هذا بالإضافة إلى أن نص المادة 110 من قانون العقوبات قد استوجب لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضوعها شيئاً دفع ممن يصدق عليه أنه راشي أو وسيط فإذا كان مبلغ الرشوة قد استقطع من مال شخص بعد أن أبلغ الجهات المختصة في حق الموظف المرتشي - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فهو في حقيقة الأمر مجني عليه وليس راشياً وبالتالي فلا يصح القضاء عليه بمصادرة المبلغ الذي اقتطع منه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرة مبلغ الرشوة المضبوط حماية لحقوق المجني عليه حسن النية يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين "قضى ببراءتهما" بأنهم بصفتهم موظفين عموميين "مهندسون بمديرية الطرق والنقل بـ......" طلبوا وأخذوا رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفتهم بأن طلبوا وأخذوا من...... مبلغ ثمانمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل سرعة إنهاء إجراءات المستحقات المالية له لدى مديرية الطرق والنقل بـ...... على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بـ...... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الارتشاء قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن السيد رئيس المحكمة الابتدائية بتسجيل المحادثات وكافة ما ترتب على الإذن من آثار لابتنائه على تحريات غير جدية لعدم اختصاصه نوعياً بإصداره وكذا الإذن الصادر منه بندب النيابة العامة لضبط وتفتيش الطاعن فضلاً عن خلو الإذن من تاريخ إصداره بيد أن الحكم أطرح الدفع الأول بما لا يسوغه والتفت عن باقي دفاعه ولم يعرض له إيراداً ورداً. وأقام الحكم قضاءه بالإدانة على ما حصله من إقرار الطاعن بما لا يصلح دليلاً لإدانته كما عول على ما ورد بشريط التسجيل دون بيان نص العبارات التي استخلصت منها المحكمة حصول الاتفاق الذي تم بمقتضاه استلام الطاعن للمبلغ من الشاكي فضلاً عن أن ما أورده الحكم من شريط التسجيل يناقض ما أثبته وكيل النيابة بالتحقيقات من أن الشريط تضمن أحاديث لم يتبين كنهها ولم يتمكن من سماع بعض كلماتها، هذا وقد قام دفاع الطاعن على تلفيق التهمة وكيديتها وعدم توافر القصد الجنائي لديه مدللاً على ذلك بما قدمه من مستندات بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع وتلك المستندات والتفت عنها إيراداً ورداً. فضلاً عن أن المحكمة اعتنقت صورتين للواقعة حصلت إحداها حين قضت بإدانة الطاعن وحصلت الأخرى حين قضت ببراءة المتهمين الآخرين رغم وحدة مصدر التحصيل كما أخذت بأقوال المبلغ في حق الطاعن وحده دون المتهمين الآخرين المقضي ببراءتهما وأغفل الحكم القضاء بمصادرة مبلغ الرشوة إعمالاً بالمادة 110 من قانون العقوبات. كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بتسجيل المحادثات وضبط وتفتيش المتهم لعدم جدية التحريات وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة ومن بعده إذن رئيس المحكمة الصادر باتخاذ إجراءات بتسجيل المحادثات لانعدام التحريات فمردود بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكان القانون لا يشترط شكلاً معيناً للإذن بالتفتيش فيكفي في عقيدة هذه المحكمة أن التحريات قد توصلت إلى صحة ما أبلغ به الشاهد الأول وضبط مبلغ الرشوة بحوزة المتهم مما يكون معه ذلك الدفع على غير سند من الواقع والقانون متعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون - وما استطردت إليه المحكمة من قولها "وضبط مبلغ الرشوة بحوزة المتهم" إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التي انبنى عليها الإذن ولا يتأدى منه ما يذهب إليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأن يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة - محكمة النقض - ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان إذن رئيس المحكمة بضبطه وتفتيشه وتسجيل المحادثات لعدم اختصاص مصدره ولخلوه من تاريخ إصداره وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في إدانته عن الجريمة المسندة إليه ومنها الإقرار المنسوب له لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الأشرطة وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهم. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى شهادة كل من..... و..... و...... و...... وأقوال الطاعن وضبط المبلغ النقدي معه وما أسفر عنه تقرير تفريغ الشريط الذي سجلت عليه واقعة الدعوى من مطابقة صورة الطاعن وإقراره ولم يشر إلى ما أثبته وكيل النيابة بالتحقيقات بشأن ملاحظاته على فحوى الشريط ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن من تعارض بينه وبين ما أورده الحكم من شريط التسجيل على غير سند. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة على المتهم هو من أوجه الدفوع الموضوعية التي تستوجب رداً صريحاً لأن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من أن المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي كما هو معرف به في القانون فإن ما يثيره الطاعن من أنه أخذ المبلغ بقصد إبلاغ رئيسه لا يكون مقبولاً ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً وكان الطاعن لم يفصح عن مضمون المستندات التي قدمها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهمين الآخرين اللذين قضت ببراءتهما وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى وكان الحكم قد حصل أقوال شهود الإثبات بما لا شبهة فيه ولا تناقض، فإن ما يثيره الطاعن في صدد تعارض صورة الواقعة التي تناولتها أقوال الشهود وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوالهم واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهمين الآخرين لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرها ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، وكان منعى الطاعن على الحكم في شأن إغفال الحكم بمصادرة مبلغ الرشوة لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه فلا يقبل منه ما يثيره في هذا الصدد، فضلاً عن أن المادة 110 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة". وقد أضيفت هذه المادة إلى قانون العقوبات بمقتضى القانون رقم 69 لسنة 1953 وجاء في مذكرته الإيضاحية تعليقاً عليها ما نصه "ونصت المادة 110 من المشروع صراحة على عقوبة مصادرة ما دفعه الراشي على سبيل الرشوة وقد كانت المحاكم تطبق من قبل نص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي تجيز بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء التي تحصلت من الجريمة" والبين من النص في صريح لفظه وواضح دلالته، ومن عبارة المذكرة الإيضاحية أن جزاء المصادرة المنصوص عليه فيه عقوبة، وهي بهذه المثابة لا توقع إلا في حق من يثبت عليه أنه قارف الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً، ولا تتعدى إلى غيره ممن لا شأن له بها. وأن الشارع افترض توقيع هذه العقوبة على سبيل الوجوب، بعد أن كان الأمر فيها موكولاً إلى ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات من جواز الحكم بها اعتباراً بأن الأشياء التي ضبطت على سبيل الرشوة تحصلت من الجريمة مع ملاحظة التحفظ الوارد في ذات الفقرة من عدم المساس بحقوق الغير حسن النية. وبذلك فإن حكم المادة 110 من قانون العقوبات يجب أن يفهم في ضوء ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي توجب كأصل عام حماية حقوق الغير حسن النية. ويندرج تحت معنى الغير كل من كان أجنبياً عن الجريمة. هذا بالإضافة إلى أن نص المادة 110 من قانون العقوبات قد استوجب لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضوعها شيئاً دفع ممن يصدق عليه أنه راشي أو وسيط، فإذا كان مبلغ الرشوة قد استقطع من مال شخص بعد أن أبلغ الجهات المختصة في حق الموظف المرتشي - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فهو في حقيقة الأمر مجني عليه وليس راشياً وبالتالي فلا يصح القضاء عليه بمصادرة المبلغ الذي اقتطع منه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرة مبلغ الرشوة المضبوط حماية لحقوق المجني عليه حسن النية يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.

الأربعاء، 17 فبراير 2016

الطعن 5719 لسنة 64 ق جلسة 11 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 32 ص 222

جلسة 11 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور.

-------------------

(32)
الطعن رقم 5719 لسنة 64 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في بعض تفصيلاتها. لا يقدح في سلامة الحكم. شرط ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". إعلان.
إعراض المحكمة عن سماع شاهد نفي لم يعلن وفقاً للمادة 214 مكرراً المضافة بالقانون 170 لسنة 1981 إجراءات. لا تثريب عليها.
(5) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة التي تحمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(7) استعراف. إثبات "قرائن".
استعراف الكلب البوليسي. قرينة معززة لأدلة الدعوى.

-------------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وعول عليها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في هذه الأقوال وما ساقه في شأن عدم معقوليتها، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. فضلاً عما هو مقرر من أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا المقام فضلاً عن عدم قبوله يكون غير سديد.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شهود الإثبات بما مؤداه "أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه..... والذي كان يقف في مواجهته فأرداه قتيلاً ثم أعقب ذلك بإطلاق عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه..... فحدثت إصابته وأن قصد المتهم من ذلك هو قتل المجني عليهما". ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه "....... أن إصاباته بالصدر والبطن نارية تنشأ من عيار ناري واحد مما يعمر بمقذوف مفرد ذو سرعة عالية ومتوسطة ومطلق من سلاح ناري معد للإطلاق بماسورة مششخنة من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب من الأمام للخلف وتعزى وفاته لإصاباته الرضية والنارية مجتمعة"، كما نقل عن التقرير الطبي الشرعي للمجني عليه ".... أن إصابته باليد اليمنى نارية حدثت من عيار ناري أطلق من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وكذا إصابته بالفخذ وأنه يجوز حدوث إصابته وفق تصويره فيما لو كانت هذه الإصابة قد حدثت والمجني عليه ملقى على الأرض. وأن الطلقات الفارغة التي وجدت بمكان الحادث قد أطلقت في وقت يتفق وتاريخ الحادث ويجوز حدوث إصابة المجني عليهما من مثل هذه الطلقات"، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلائم مع ما نقله عن الدليل الفني فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من قالة جميع الحكم بين دليلين متناقضين يكون على غير أساس.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إلى استناداً إلى ما سلف، فإنه لا يعيب الحكم إغفال الشهادة الطبية التي قدمها الطاعن في هذا الخصوص ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع أو القصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - لما كان الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماع شهادة الطبيب المعالج له الذي طلب سماعه بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن جثة المجني عليه نقلت من مكان وقوع الحادث إلى أمام مسكنه إنما هو للتشكيك في الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها وهو لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها، مما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ذلك أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
6 - من المقرر أن بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن استعراف الكلب البوليسي لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى دون أن يؤخذ كدليل أساسي على ثبوت التهمة على المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: - قتلا..... عمداً بأن أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً من سلاح ناري "بندقية" بينما ضربه المتهم الثاني بجسم صلب راض "عصا" على رأسه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أوردت بحياته واقترنت هذه الجناية بالنسبة للمتهم الأول بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان السالف الذكر شرع في قتل..... عمداً بأن أطلق عليه عيارين ناريين من سلاح ناري "بندقية" قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: - المتهم الأول (1) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية". (2) أحرز ذخيرة "ثلاث طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازة هذا السلاح وإحرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى شقيق المجني عليه الأول كما ادعى المجني عليه الثاني مدنياً قبل الطاعن بمبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه ومصادرة الذخائر المضبوطة وبإلزامه بأن يؤدي لكل من المدعيين بالحقوق المدنية مبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم عول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات على الرغم من تناقضها وعدم معقوليتها، وعول الحكم كذلك على الدليلين الفني والقولي على الرغم من تناقضهما بشأن نوع الآلة المستخدمة في الحادث، كما التفت الحكم عن دفاع الطاعن القائم على عدم وجوده في مكان الحادث يوم وقوعه بدلالة الشهادة الطبية المقدمة منه والتي تقيد مرضه وإجرائه عملية جراحية بالقاهرة وقت الحادث والمؤيدة بأقوال شهوده، كما التفت عن طلب دفاع الطاعن استدعاء الطبيب المعالج لمناقشته، كما أغفل الحكم ما أثاره دفاع الطاعن من أن جثة المجني عليه نقلت من مكان الحادث إلى أمام مسكنه إمعاناً في الكيد للطاعن وتصوير الحادث على نحو ما قرره شهود الإثبات، هذا إلى أن الحكم أغفل دفاع الطاعن القائم على عدم توافر الجريمة في حقه بدلالة عدم ضبط السلاح المقول بملكيته له، وأخيراً عول الحكم ضمن ما عول في إدانة الطاعن على استعراف الكلب البوليسي عليه رغم أنه لم يعرض على الكلب البوليسي، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترن بجناية الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وعول عليها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في هذه الأقوال وما ساقه في شأن عدم معقوليتها، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فضلاً عما هو مقرر من أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا المقام فضلاً عن عدم قبوله يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شهود الإثبات بما مؤداه "أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه.... والذي كان يقف في مواجهته فأرداه قتيلاً ثم أعقب ذلك بإطلاق عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه.... فحدثت إصابته وأن قصد المتهم من ذلك هو قتل المجني عليهما. ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه..... أن إصاباته بالصدر والبطن نارية تنشأ من عيار ناري واحد مما يعمر بمقذوف مفرد ذو سرعة عالية ومتوسطة ومطلق من سلاح ناري معد للإطلاق بماسورة مششخنة من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب من الأمام للخلف وتعزى وفاته لإصاباته الرضية والنارية مجتمعة، كما نقل عن التقرير الطبي الشرعي للمجني عليه.... أن إصابته باليد اليمنى نارية حدثت من عيار ناري أطلق من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وكذا إصابته بالفخذ وأنه يجوز حدوث إصابته وفق تصويره فيما لو كانت هذه الإصابة قد حدثت والمجني عليه ملقى على الأرض. وأن الطلقات الفارغة التي وجدت بمكان الحادث قد أطلقت في وقت يتفق وتاريخ الحادث ويجوز حدوث إصابة المجني عليهما من مثل هذه الطلقات، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلائم مع ما نقله عن الدليل الفني فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من قالة جمع الحكم بين دليلين متناقضين يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى ما سلف، فإنه لا يعيب الحكم إغفال الشهادة الطبية التي قدمها الطاعن في هذا الخصوص ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع أو القصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماع شهادة الطبيب المعالج الذي طلب سماعه بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن جثة المجني عليه نقلت من مكان وقوع الحادث إلى أمام مسكنه إنما هو للتشكيك في الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها وهو لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها، مما يفيد ضمناً أنها أطرحتها. ذلك أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث لا يعدو إن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استعراف الكلب البوليسي لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى دون أن يؤخذ كدليل أساسي على ثبوت التهمة على المتهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محلاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5792 لسنة 60 ق جلسة 24 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 206 ص 1430

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ويوسف عبد السلام نواب رئيس المحكمة ورشاد قذافي.

-----------------

(206)
الطعن رقم 5792 لسنة 60 القضائية

العمل لدى دولة أجنبية. قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "الحكم في الطعن" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
مناط التأثيم في جريمة العمل لدى حكومة أو شركة أو هيئة أو مؤسسة أو منظمة دولية أو أجنبية أو فرع أو مكتب لها دون إذن سبق من وزير الداخلية. أساسه؟
النص في المادة الأولى من قرار وزير الاقتصاد والدولة للتعاون الاقتصادي رقم 51 لسنة 1976 بأن شركة سميراميس للفنادق شركة مساهمة مصرية. مفاده؟
بناء الطعن على الخطأ في تطبيق القانون. أثره: وجوب تصحيح الخطأ والحكم بمقتضى القانون. المادة 39/ 1 من القانون 57 لسنة 1959.

----------------
لما كان مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 173 لسنة 1958 على أن "يحظر على كل شخص يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أن يتعاقد للعمل أو يعمل في حكومة أو شركة أو هيئة أو مؤسسة أو منظمة دولية أو أجنبية أو فرع أو مكتب لها دون أن يحصل على إذن سابق من وزير الداخلية سواء كان هذا العمل بأجر أو مكافأة أو بالمجان". أن مناط التأثيم فيها أن تكون الجهة التي يتعاقد أو يعمل بها الشخص الذي يتمتع بالجنسية المصرية هي جهة دولية أو أجنبية فإذا كانت تلك الجهة شركة أو مؤسسة مصرية فإنها تخرج من مجال التأثيم. لما كان ذلك وكان القرار رقم 51 لسنة 1976 الصادر من وزير الاقتصاد والدولة للتعاون الاقتصادي نص في مادته الأولى بما مفاده أن شركة..... للفنادق هي شركة مساهمة مصرية بما مؤداه أن العمل في تلك الشركة لا يستلزم الحصول على إذن من وزير الداخلية ويخرج بذلك عن نطاق تطبيق القانون رقم 173 لسنة 1958.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بإدانة الطاعنة وكان مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها قامت بالعمل لدى جهة أجنبية "فندق...." دون الحصول على إذن سابق من وزير الداخلية على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابها بالمواد 1، 5، 6 من القانون 173 لسنة 1958. ومحكمة جنح قصر النيل قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة مائتي جنيه. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة العمل لدى جهة أجنبية دون إذن سابق من وزير الداخلية حالة كونها مصرية الجنسية أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه التفت عن دفاعها في مذكرتها أمام محكمة الموضوع - والمؤيد بالمستندات - القائم على أن الفندق الذي تعمل به مملوك لشركة مساهمة مصرية وذلك طبقاً لقرار وزارة الاقتصاد رقم 51 لسنة 1956 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنة بوصف أنها تقوم بالعمل لدى جهة أجنبية فندق..... دون الحصول على إذن سابق من وزير الداخلية على النحو المبين بالأوراق وطلبت النيابة العامة معاقبتها بالمواد 1، 5، 6 من القانون رقم 173 لسنة 1958 ومحكمة أول درجة قضت بتغريم الطاعنة مائتي جنيه وذلك طبقاً لمواد الاتهام فاستأنفت الطاعنة وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه. لما كان ذلك، وكان مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 173 لسنة 1985 على أن "يحظر على كل شخص يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أن يتعاقد للعمل أو يعمل في حكومة أو شركة أو هيئة أو مؤسسة أو منظمة دولية أو أجنبية أو فرع أو مكتب لها دون أن يحصل على إذن سابق من وزير الداخلية سواء كان هذا العمل بأجر أو بمكافأة أو بالمجان". أن مناط التأثيم فيها أن تكون الجهة التي يتعاقد أو يعمل بها الشخص الذي يتمتع بالجنسية المصرية هي جهة دولية أو أجنبية فإذا كانت تلك الجهة شركة أو مؤسسة مصرية فإنها تخرج من مجال التأثيم. لما كان ذلك، وكان القرار رقم 51 لسنة 1976 الصادر من وزير الاقتصاد والدولة للتعاون الاقتصادي نص في مادته الأولى بما مفاده أن شركة........ للفنادق هي شركة مساهمة مصرية بما مؤداه أن العمل في تلك الشركة لا يستلزم الحصول على إذن من وزير الداخلية ويخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 173 لسنة 1958 - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فقضى بإدانة الطاعنة وكان مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون مما يتعين معه القضاء ببراءة الطاعنة مما أسند إليها عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات جنائية.

الطعن 29706 لسنة 59 ق جلسة 21 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 153 ص 1071

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله.

-----------------

(153)
الطعن رقم 29706 لسنة 59 القضائية

نقض "الصفة والمصلحة في الطعن".
التقرير بالطعن بغير الصفة التي كان متصفاً بها الطاعن حتى صدور الحكم المطعون فيه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك أن يكون قد قصد فعلاً الطعن بهذه الصفة. أساس ذلك؟

-----------------
لما كان البين أن الطاعن لم يدع بحقوق مدنية إلا بصفته الشخصية وقد ظل محتفظاً بهذه الصفة حتى صدر الحكم المطعون فيه، وكان من المقرر في القانون أن الطاعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده لا ينوب أحد عنه في مباشرته إلا بإذنه، وكان من المقرر كذلك بنص المادة 211 من قانون المرافعات وهي من كليات القانون أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفاً في الخصومة، وصدر على غير مصلحته بصفته التي كان متصفاً بها في الدعوى، وكان لم يذكر في تقدير الطعن أن الطاعن يطعن على الحكم بصفته الشخصية التي كان متصفاً بها في الدعوى، فإن الطعن لا يكون مقبولاً شكلاً، ولا يقوم مقام هذا التنصيص أن يكون الطعن قد قصد بالفعل الطعن بهذه الصفة، ذلك بأن تقرير الطعن ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة فيجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبار أنها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه غير مستمد منه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه هتك عرض الصبي..... الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة بالقوة والتهديد بأن استدرجه وانتهز فرصة فقده الشعور والاختيار بأن خلع عنه سرواله وكشف مكان عورته وأولج قضيبه في دبره. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً أولاً: في الدعوى الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. ثانياً: في الدعوى المدنية برفضها.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية بصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر.... "المجني عليه" في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده قد نسب إليه أنه هتك عرض الصبي.... الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة بالقوة والتهديد وبجلسة المحاكمة ادعى... (والد المجني عليه) مدنياً قبل المطعون ضده، وصدر الحكم المطعون فيه بجلسة...... ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصروفات وذلك بالصفة التي اتصف بها المدعي بالحقوق المدنية وبتاريخ...... قرر..... المدعي بالحقوق المدنية - الطعن بالنقض بصفته ولياً طبيعياً على ابنه المجني عليه..... ولما كان البين مما تقدم أن الطاعن لم يدع بحقوق مدنية إلا بصفته الشخصية وقد ظل محتفظاً بهذه الصفة حتى صدر الحكم المطعون فيه، وكان من المقرر في القانون أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده لا ينوب أحد عنه في مباشرته إلا بإذنه، وكان من المقرر كذلك بنص المادة 211 من قانون المرافعات وهي من كليات القانون أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفاً في الخصومة، وصدر على غير مصلحته بصفته التي كان متصفاً بها في الدعوى، وكان لم يذكر في تقدير الطعن أن الطاعن يطعن على الحكم بصفته الشخصية التي كان متصفاً بها في الدعوى، فإن الطعن لا يكون مقبولاً شكلاً، ولا يقوم مقام هذا التنصيص أن يكون الطاعن قد قصد بالفعل الطعن بهذه الصفة، ذلك بأن تقرير الطعن ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة فيجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبار أنها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه غير مستمد منه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً مع مصادرة الكفالة.

الطعن 5362 لسنة 64 ق جلسة 5 / 2 / 1996 مكتب فني 47 ق 25 ص 167

جلسة 5 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله ومصطفى كامل نائبي رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله وشبل حسن.

-----------------

(25)
الطعن رقم 5362 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن في صورة الواقعة. جدل موضوعي حول تقدير الدليل. تستقل به محكمة الموضوع. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم سبق ضبط الطاعن في قضايا مماثلة أو عدم وجود سجل بمكتب المخدرات. غير قادح بذاته في جدية التحريات.
(5) مواد مخدرة. حيازة. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول الدفع بعدم سيطرة الطاعن على المنزل الذي ضبط به متحصلات جريمة الاتجار في المواد المخدرة. ما دام الحكم قد أثبت في حقه إحرازه للمواد المخدرة التي ضبطت معه بعيداً عن هذا المنزل.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع سالف الذكر.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات.
حق المحكمة الأخذ باعتراف المتهم في محضر الشرطة وإن عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى متى اطمأنت إليه.
(7) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم توقيع المتهم على محضر جمع الاستدلالات. لا يهدر قيمته كعنصر من عناصر الإثبات. أساس ذلك؟

-------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه. وكان عدم سبق ضبط الطاعن في قضايا مماثله أو عدم وجود سجل له بمكتب المخدرات لا يقدح بذاته في جدية التحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بعدم سيطرته على المنزل الذي ضبط به الميزان والنقود المتحصلة من اتجار الطاعن في المواد المخدرة ورد عليه بقوله "وأما ما يدعيه الدفاع من قيام حالة الشيوع في منزل المتهم فهو قول يدحضه إقرار المتهم لضابطي الواقعة بملكيته للمضبوطات جميعها وهو الأمر الذي تطمئن إليه المحكمة تمام الاطمئنان وتأخذ به في مقام ما جاء فيه" وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن لمخدري الحشيش والأفيون اللذين ضبطاً معه بعيداً عن مسكنه، وفضلاً عن ذلك فقد عرض الحكم لما أثاره الطاعن في عدم سيطرته على المنزل الذي ضبط فيه الميزان والنقود وأطرحه في منطق سائغ فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بإقرار المتهم بمحضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب.
7 - من المقرر أن عدم التوقيع على محضر جمع الاستدلالات ليس من شأنه إهدار قيمته كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقض أو عيب لتقدير محكمة الموضوع ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى إقرار الطاعن لضابطي الواقعة بملكيته للمضبوطات، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "حشيش وأفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواه قرن غزال" وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 بند أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادة 36 من قانون المخدرات سالف الذكر والمادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه مائتي ألف جنيه ومصادرة المخدرات والأدوات والمطواه والمبلغ المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين "حشيش وأفيون" بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه اعتنق صورة للدعوى استمدها من أقوال ضابطي الواقعة رغم أن أقوالهما جاءت قاصرة على بعض الوقائع التي لا تتفق مع العقل والمنطق إذ لا يتصور أن يخرج الطاعن من منزله حاملاً كيس المخدر ويقف بالطريق العام أمام نقطة الشرطة ولا يحاول التخلي عنه بإلقائه في مياه الترعة المجاورة قبل أن يمسك به الضابط، وأعرض الحكم عن دفاعه بأن واقعة الضبط والتفتيش تمت بمسكنه هذا إلى أنه دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات إذ أنه لم يسبق ضبطه في قضايا مماثلة إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ به إطراحه، كما تمسك بأن المسكن محل الضبط مشترك بينه وبين أولاده الكبار وأسرهم وقدم المستندات التي تؤازر دفاعه، إلا أن الحكم استند في إطراحه هذا الدفاع على الإقرار المعزو إليه بمحضر الضبط رغم أنه لم يصدر منه بدلالة عدم توقيعه على ذلك المحضر وإنكاره له بالتحقيقات ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً على سيطرته على الحجرة التي عثر فيها على الأدوات المضبوطة. وذلك كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن التحريات السرية التي تولاها العقيد...... بالاشتراك مع المقدم...... دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة فاستصدرا إذناً بضبطه وتفتيش شخصه ومسكنه وعلما من مصادرهما السرية بأن الطاعن على موعد لتسليم كمية من المواد المخدرة إلى أحد الأشخاص عند كوبري على مشارف قريته في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً، فكمنا له في ذلك المكان وشاهداه قادماً من قريته في اتجاه الكوبري حاملاً بيده اليمنى كيساً من البلاستيك فانتزعه منه العقيد..... وبفضه تبين أنه يحتوي على تسع طرب كاملة لمخدر الحشيش، ثم قام بتفتيشه فعثر بداخل جيب صديريه الأيمن على لفافة من ورق النايلون الشفاف بداخلها قطعة من مخدر الأفيون كما عثر بجيب صديريه الأيسر على مطواة قرن غزال عن نصلها آثار لمخدر الحشيش، ثم اصطحباه إلى مسكنه وبتفتيشه عثر أسفل حاشية سرير نومه على كيس من البلاستيك بداخله ميزان نحاس صغير ذو كفتين وسبع عملات فضية فئة الخمسة قروش ومبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه عملات ورقية مختلفة متحصلة من الاتجار في المواد المخدرة. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال ضابطي الواقعة ومن تقرير المعمل الكيماوي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائل العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في شأن أمام محكمة النقض، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية فهو دفع مردود، ذلك أن المحكمة قد اطمأنت إلى جدية التحريات التي قام بها الشاهدان من حيث كونها قد انصبت على ذات المتهم ونشاطه في الاتجار في المواد المخدرة وأيدتها مراقبتهما له قبل صدور الإذن ولا يعدو أمر الدفع إلا أن يكون قولاً مرسلاً تلتفت عنه المحكمة" وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه. وكان عدم سبق ضبط الطاعن في قضايا مماثله أو عدم وجود سجل له بمكتب المخدرات لا يقدح بذاته في جدية التحريات، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بعدم سيطرته على المنزل الذي ضبط به الميزان والنقود المتحصلة من اتجار الطاعن في المواد المخدرة ورد عليه بقوله "وأما ما يدعيه الدفاع من قيام حالة الشيوع في منزل المتهم فهو قول يدحضه إقرار المتهم لضابطي الواقعة بملكيته للمضبوطات جميعها وهو الأمر الذي تطمئن إليه المحكمة تمام الاطمئنان وتأخذ به في مقام ما جاء فيه". وكان ما أودره الحكم في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن لمخدري الحشيش والأفيون اللذين ضبطاً معه بعيداً عن مسكنه. وفضلاً عن ذلك فقد عرض الحكم لما أثاره الطاعن في عدم سيطرته على المنزل الذي ضبط فيه الميزان والنقود وأطرحه في منطق سائغ فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من تعويل الحكم على إقراره بمحضر الضبط بملكيته للمضبوطات رغم عدم صحته بدلالة عدم توقيعه على ذلك المحضر وإنكاره له بالتحقيقات مردوداً بما هو مقرر من أن للمحكمة أن تأخذ بإقرار المتهم بمحضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب، كما أن عدم التوقيع على محضر جمع الاستدلالات ليس من شأنه إهدار قيمته كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقض أو عيب لتقدير محكمة الموضوع. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى إقرار الطاعن لضابطي الواقعة بملكيته للمضبوطات، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 46413 لسنة 59 ق جلسة 26 / 5 / 1996 مكتب فني 47 ق 98 ص 695

جلسة 26 من مايو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الإكيابى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

----------------

(98)
الطعن رقم 46413 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها الإدانة وإلا كان قاصراً. المادة 310 إجراءات.
(2) ظروف مشددة. عود. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
شروط اعتبار المتهم عائداً بمقتضى المادة 49 عقوبات؟
عدم بيان الحكم المطعون فيه توافر ظرف العود في حق المطعون ضدها بالشروط المنصوص عليها في المادة 49 عقوبات. قصور.
القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

------------------
1 - من المقرر إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر إنه يشترط لاعتبار المتهم عائداً بمقتضى المادة 49 من قانون العقوبات أن يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية وثبت ارتكابه بعد ذلك جناية أو جنحة أو من حكم عليه بالحبس مدة سنة أو أكثر وثبت أنه ارتكب جنحة قبل مضي خمس سنين من تاريخ انقضاء هذه العقوبة أو من تاريخ سقوطها بمضي المدة، أو من حكم عليه لجناية أو جنحة بالحبس مدة أقل من سنة واحدة أو بالغرامة وثبت أنه ارتكب جنحة مماثلة للجريمة الأولى قبل مضي خمس سنين من تاريخ الحكم المذكور. كما يشترط في الحكم الذي يتخذ سابقة في العود أن يكون الحكم قد صار نهائياً قبل وقوع الجريمة الجديدة، ويجب على المحكمة - متى انتهت إلى اعتبار المتهم عائداً - أن تعنى باستظهار الشروط التي يتطلب القانون توافرها لقيام هذا الظرف المشدد. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدها بجريمة اعتياد ممارسة الدعارة حالة كونها عائدة، لم يبين توافر ظرف العود في حقها بالشروط المنصوص عليها في المادة 49 من قانون العقوبات سالفة الذكر، مما يعيبه بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - ويعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وتقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها اعتادت ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز ولقاء أجر حال كونها عائدة وسبق الحكم عليها في جنحة مماثلة. وطلبت عقابها بالمادتين 9/ حـ، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961، 49/ 2 - 3، 50 من قانون العقوبات. ومحكمة آداب القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ والمراقبة والإيداع استأنفت ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسها سنتين مع الشغل والنفاذ والمراقبة لمدة مساوية لمدة العقوبة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دان المطعون ضدها بجريمة اعتياد ممارسة الدعارة حالة كونها عائدة، وأغفل القضاء بعقوبة الإيداع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً، وكان يشترط لاعتبار المتهم عائداً بمقتضى المادة 49 من قانون العقوبات أن يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية وثبت ارتكابه بعد ذلك جناية أو جنحة أو من حكم عليه بالحبس مدة سنة أو أكثر وثبت أنه ارتكب جنحة قبل مضي خمس سنين من تاريخ انقضاء هذه العقوبة أو من تاريخ سقوطها بمضي المدة، أو من حكم عليه لجناية أو جنحة بالحبس مدة أقل من سنة واحدة أو بالغرامة وثبت أنه ارتكب جنحة مماثلة للجريمة الأولى قبل مضي خمس سنين من تاريخ الحكم المذكور. كما يشترط في الحكم الذي يتخذ سابقة في العود أن يكون الحكم قد صار نهائياً قبل وقوع الجريمة الجديدة، ويجب على المحكمة - متى انتهت إلى اعتبار المتهم عائداً - أن تعنى باستظهار الشروط التي يتطلب القانون توافرها لقيام هذا الظرف المشدد. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدها بجريمة اعتياد ممارسة الدعارة حالة كونها عائدة، لم يبين توافر ظرف العود في حقها بالشروط المنصوص عليها في المادة 49 من قانون العقوبات سالفة الذكر، مما يعيبه بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - ويعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وتقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 48368 لسنة 59 ق جلسة 10 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 166 ص 1162

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة وناجي أحمد عبد العظيم.

----------------

(166)
الطعن رقم 48368 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "حقها في تعديل وصف التهمة". استئناف "نظره والحكم فيه".
اتصال محكمة ثاني درجة بالدعوى. مقيد بالوقائع التي طرحت على محكمة أول درجة. حق المحكمة في تعديل وصف التهمة. مشروط بألا يكون من شأنه إحداث تغيير في أساس الدعوى نفسه.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "حقها في تعديل وصف التهمة". استئناف "نظره والحكم فيه".
عدم جواز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور.
(3) بناء على أرض زراعية. وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الاستئناف. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقديم المتهم إلى المحاكمة بتهمة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص. توجيه المحكمة الاستئنافية للمتهم تهمة تقسيم أرض للبناء عليها. خطأ في تطبيق القانون. علة ذلك؟

----------------
1 - لما كانت المحكمة وإن صح لها ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنعها من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي تراه أنه الوصف القانوني السليم، إلا أنه ليس لها أن تحدث تغييراً في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة.
2 - من المقرر طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور وأن محكمة ثاني درجة إنما تتصل بالدعوى مقيدة بالوقائع التي طرحت على المحكمة الجزئية.
3 - لما كانت التهمة التي وجهت إلى الطاعن والتي تمت المرافعة على أساسها أمام محكمة أول درجة قد حددت بالفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه وهو إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص، ولم تقل النيابة أنه أجرى تقسيم أرض بقصد البناء عليها ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بهذه التهمة، وكانت هذه الجريمة تختلف في عناصرها المكونة لها وأركانها عن جريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص وتتميز عنها بذاتية خاصة وسمات معينة، فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن توجه إلى الطاعن أمام محكمة ثاني درجة هذه التهمة التي لم تعرض على المحكمة الجزئية والتي لم تفصل فيها لما ينطوي عليه هذا الإجراء من تغيير في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة وما يترتب عليه من حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة أساس من التحقيقات، فإن هذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه في جريمة إنشاء تقسيم أرض زراعية بقصد البناء عليها بدون ترخيص هو قضاء في جريمة لم تتصل بها المحكمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمادتين 152، 156 من القانون 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح مركز الخانكة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وغرامة عشرة آلاف جنيه والإزالة. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط. باعتبار الواقعة إجراء تقسيم أرض للبناء عليها بدون ترخيص.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إنشاء تقسيم أرض زراعية للبناء عليها بدون ترخيص من الجهة المختصة قد شابه البطلان، ذلك بأن الجريمة المذكورة التي دين بها لم تشملها ورقة التكليف بالحضور أمام محكمة أول درجة وهي جريمة تخالف جريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص التي رفعت بها الدعوى أصلاً وتتميز عنها بأركان قانونية خاصة، وقد ترتب على ذلك حرمانه من إحدى درجتي التقاضي، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة وطلبت النيابة عقابه بالمادتين 152، 156 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل، ومحكمة أول درجة قضت بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة. فاستأنف، وأمام المحكمة الاستئنافية - وعلى ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة الاستئنافية - عدلت المحكمة التهمة الموجهة إلى الطاعن إلى جريمة إجراء تقسيم أرض للبناء عليها بدون ترخيص من الجهة المختصة، وانتهى الحكم في أسبابه إلى إدانة الطاعن بهذه الجريمة الأخيرة وأسس قضاءه على قوله: "وحيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق وما احتوته محاضر الضبط المرفقة ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المتهم هو صاحب شركة تقسيم أراضي وارتكب جريمة تقسيم أرض الاتهام إلى عدة قطع صغيرة وقد قام بالتصرف فيها ببيعها لآخرين كشف عنهم تقرير الخبير وكان ذلك بقصد البناء عليها وكانت هذه الواقعة بذاتها هي المطروحة على محكمة الدرجة الأولى والتي انتهت إلى إدانة المتهم بناء على هذه الوقائع وفاتها تعديل في الوصف القانوني للتهمة من جريمة إقامة مباني على أرض زراعية بغير ترخيص إلى تقسيم الأرض الزراعية بغير ترخيص وقد قامت هذه المحكمة بما لها من سلطة مقررة قانوناً بإعطاء الدعوى وصفها الحق إذ أن واجبها هو تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.. وحيث إن التهمة المطروحة المسندة للمتهم وهي تقسيم أرض زراعية ثابتة قبله ثبوتاً كافياً قد توافرت أركانها القانونية وذلك لما هو ثابت من محاضر المخالفات وتقرير الخبير ومن ثم يتعين معاقبته طبقاً لمواد الاتهام عملاً بنص المادتين 152، 156 من القانون 53 لسنة 1966 المعدل بق 116 لسنة 1983...". لما كان ذلك، وكانت المحكمة وإن صح لها ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنعها من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي تراه أنه الوصف القانوني السليم، إلا أنه ليس لها أن تحدث تغييراً في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة، وكان من المقرر أيضاً طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور وأن محكمة ثاني درجة إنما تتصل بالدعوى مقيدة بالوقائع التي طرحت على المحكمة الجزئية، وإذ كانت التهمة التي وجهت إلى الطاعن والتي تمت المرافعة على أساسها أمام محكمة أول درجة قد حددت بالفعل الجنائي المنسوب إليه ارتكابه وهو إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص، ولم تقل النيابة أنه أجرى تقسيم أرض بقصد البناء عليها ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بهذه التهمة، وكانت هذه الجريمة تختلف في عناصرها المكونة لها وأركانها عن جريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص وتتميز عنها بذاتية خاصة وسمات معينة، فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن توجه إلى الطاعن أمام محكمة ثاني درجة هذه التهمة التي لم تعرض على المحكمة الجزئية والتي لم تفصل فيها لما ينطوي عليه هذا الإجراء من تغيير في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة وما يترتب عليه من حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة أساس من التحقيقات، فإن هذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه في جريمة إنشاء تقسيم أرض زراعية بقصد البناء عليها بدون ترخيص هو قضاء في جريمة لم تتصل بها المحكمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً بما يوجب نقضه والإعادة.