جلسة 22 من مايو سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم أحمد إبراهيم نائب رئيس المحكمة، محمد أحمد رشدي، عبد المنعم مندور علما، وعبد الجواد موسى عبد الجواد.
----------------
(153)
الطعن رقم 8547 لسنة 66 القضائية
(1) دعوى. دستور.
الالتجاء إلى القاضي الطبيعي. حق للناس كافة. م 68 من الدستور. مؤداه. عدم جواز قصر مباشرته على فئة دون أخرى أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها. القيود التي يقتضيها تنظيمه لا يجوز بحال أن تصل إلى حد مصادرته.
(2) اختصاص "اختصاص ولائي".
القضاء العادي. صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(3) ضرائب "الضريبة على المبيعات". اختصاص.
تسوية الخلافات التي تنشأ بين صاحب الشأن ومصلحة الضرائب بشأن الالتزام بالضريبة على المبيعات أو مقدارها. جواز سلوك طريق نظام التحكيم بشأنها. عدم قيام صاحب الشأن بطلب إحالة النزاع للتحكيم في خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 17 ق 11 لسنة 1991. لا يسلب حقه في اللجوء إلى القضاء العادي دون التقيد بميعاد.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
3 - يدل النص في المادتين 17، 35 من القانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة على المبيعات - على أن المشرع رغبة منه في تسوية الخلافات التي تنشأ بين المسجل أو صاحب الشأن ومصلحة الضرائب بشأن الالتزام بالضريبة على المبيعات أو مقدارها وللحد من الأنزعة المطروحة على القضاء بشأنها أنشأ نظام التحكيم أجاز فيه لصاحب الشأن عرض خلافاته عليه بغية حلها ودياً دون أن يكون سلوك هذا الطريق وجوبياً فلا يترتب على عدم قيام صاحب الشأن بطلب إحالة النزاع للتحكيم في خلال الميعاد المنصوص عليه بالمادة 17 من القانون رقم 11 لسنة 1991 سلب حقه في اللجوء إلى القضاء العادي دون التقيد بميعاد طالما لم يحدد القانون ميعاداً للجوء إلى القضاء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1013 سنة 1995 طنطا الابتدائية على المطعون ضدها - مصلحة الضرائب بطلب الحكم بعدم أحقيتها في مطالبة الطاعنة بمبلغ 18807.290 جنيه قيمة ضريبة المبيعات على غزل الصوف والتريكو بنسبة 8% عن الفترة من 1/ 2/ 1994 حتى 30/ 4/ 1994 وبراءة ذمتها من هذا المبلغ تأسيساً على أنها منتج نهائي تخضع لضريبة المبيعات بالسعر العام الوارد بالمادة 3 من القانون رقم 11 سنة 1991 بنسبة 10% سبق أن سددتها الطاعنة، وأن المطالبة تحمل المنتج بضريبة أخرى لا تستحق عليه، بتاريخ 28/ 1/ 1996 أجابت المحكمة الطاعنة إلى طلباتها، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 312 سنة 46 ق أمام محكمة استئناف طنطا التي قضت بتاريخ 10/ 7/ 1996 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء بنظر الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ أقام قضاءه بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى على أن الاختصاص في منازعات تقدير قيمة السلعة أو الخدمة ومقدار ضريبة المبيعات ينعقد لهيئات التحكم دون المحاكم وفقاً لنص المادة 17 من القانون رقم 11 سنة 1991 بإصدار قانون الضريبة على المبيعات في حين أن مؤدى النص المشار إليه أن اللجوء إلى التحكيم هو حق جوازي ليس من شأنه نزع الاختصاص من المحاكم صاحبة الولاية العامة، ولصاحب الشأن أن يلجأ إليها مباشرة.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الدستور بما نص عليه في المادة
68 منه أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته حق للناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم في مجال اللجوء إليه وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية، وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى, أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها، أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته، لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً لكل من يلوذ به، وغير مقيد في ذلك إلا بالقيود التي يقتضيها تنظيمه والتي لا يجوز بحال أن تصل إلى حد مصادرته، وبذلك يكون الدستور قد كفل الحق في الدعوى لكل مواطن، وعزز هذا الحق بضماناته التي تحول دون الانتقاص منه. لما كان ذلك، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان النص في المادة 17 من القانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة على المبيعات على أن "للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه في المادة السابقة، ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول خلال ستين يوماً من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة، وللمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسليم الإخطار، فإذا رفض التظلم أو لم يبت فيه خلال خمسة عشر يوماً فلصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع إلى التحكيم المنصوص عليه في هذا القانون خلال الخمسة عشرة يوماً التالية. وفي جميع أحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير، ويعتبر تقدير المصلحة نهائياً إذا لم يقدم التظلم أو يطلب إحالة النزاع إلى التحكيم خلال المواعيد المشار إليها" والنص في المادة 35 من ذات القانون على أنه "إذا قام نزاع مع المصلحة قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو كميتها أو مقدار الضريبة المستحقة عليها وطلب صاحب الشأن إحالة النزاع إلى التحكيم في المواعيد المقررة وفقاً للمادة 17 من هذا القانون، فعلى رئيس المصلحة أو من ينيبه خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ إخطاره بطلب التحكيم أن يحيل النزاع - كمرحلة ابتدائية - للتحكيم إلى حكمين تعين المصلحة أحدهما ويعين صاحب الشأن الآخر..." يدل على أن المشرع رغبة منه في تسوية الخلافات التي تنشأ بين المسجل أو صاحب الشأن ومصلحة الضرائب بشأن الالتزام بالضريبة على المبيعات أو مقدارها وللحد من الأنزعة المطروحة على القضاء بشأنها، أنشأ نظام التحكم أجاز فيه لصاحب الشأن عرض خلافاته بغية حلها ودياً دون أن يكون سلوك هذا الطريق وجوبياً فلا يترتب على عدم قيام صاحب الشأن بطلب إحالة النزاع التحكيم في خلال الميعاد المنصوص عليه بالمادة 17 من القانون رقم 11 لسنة 1991 سلب حقه في اللجوء إلى القضاء العادي دون التقيد بميعاد طالما لم يحدد القانون ميعاد للجوء إلى القضاء العادي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.