الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 أغسطس 2014

الطعن 54932 لسنة 75 ق جلسة 6 /12/ 2005 مكتب فني 56 ق 103 ص 677

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2005
 برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سمير أنيس، عمر بريك، فرحان بطران وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة .
-------------
(103)
الطعن 54932 لسنة 75 ق
1) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير لازم . علة ذلك ؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها .
2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب " . قصد جنائي . قتل عمد . نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى . تناقض يعيبه .
مثال .
3) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة " أركانها ". قتل عمد . قصد جنائي .
جناية القتل العمد . تميزها بقصد إزهاق روح المجني عليه. اختلافه عن القصد الجنائي العام المتطلب في سائر الجرائم. أثر ذلك ؟
إدانة المتهم في جناية القتل العمد. وجوب تحدث الحكم عن قصد القتل استدلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه بياناً واضحاً. مجرد الحديث عن الفعل المادي لا يفيد توافر هذا القصد. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
إزهاق الروح هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه .
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد لعدم استظهار قصد إزهاق الروح .
4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دستور. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب تعيين محام لكل متهم في جناية تحال إلى محكمة الجنايات. ما لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه. المادتان 67 من الدستور، 214 من قانون الإجراءات الجنائية.
المحامون المختصون بالمرافعة أمام محكمة الجنايات . هم المقبولون للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية . المادة 377 إجراءات جنائية .
عدم وقوف محكمة النقض على أمر قيد المحامي الذي تولى المرافعة عن المحكوم عليه بالإعدام وخلو محضر الجلسة والحكم من ذلك البيان. يصم إجراءات المحاكمة بالبطلان. أساس ذلك ؟
5) محكمة النقض "سلطتها". حكم "بطلانه". بطلان.
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها إذا وقع فيه بطلان. أساس ذلك؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (46) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام الطاعنة ، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين – من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب . يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً .
2- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه حصّل واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة بما حاصله أن المتهمة – الطاعنة – والبالغة من العمر إحدى وعشرين سنة قد اعتادت التغيب عن منزل والدها والمبيت خارجه بطريقة تثير الشك والريبة في مسلكها، مما أثار غضب أهليتها عليها وأنها إذ خشيت العودة إلى مسكن والدها توجهت حيث إقامة جدتها لأمها وخالها – المجنى عليه – وبعد أن باتت ليلتها طرفهما وفى صباح اليوم التالي حدث شجار بينها وخالها المجنى عليه " ... " وذلك لمعاتبته لها عن تصرفاتها وغيابها تم تعدى عليها بالضرب ،الأمر الذي أثار حفيظتها وغضبها، فصممت على الانتقام منه بقتله وأعدت لذلك سكيناً وما أن أيقنت استغراقه في النوم حتى قامت بطعنه في بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأنها قد اعترفت بارتكابها الجريمة . ثم عاد الحكم في معرض استعراضه لأدلة الدعوى ومنها اعتراف المتهمة معتنقاً صورة أخرى للواقعة تتعارض على الصورة السابقة ، إذ ذهب إلى القول " أن المجنى عليه – وفقاً لاعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة - عندما عاتبها لتغيبها محتجاً على سلوكها قام بالاعتداء عليها بالضرب " بخنجر " إلا أنها أمسكت يده فسقط أرضاً فقامت بالتقاطه وطعنته به طعنة واحدة في بطنه فأحدثت إصابته وكان ذلك منها دفاعاً عن نفسها ". لما كان ما تقدم ، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لواقعة الدعوى ،مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى . فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يُؤْمَن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة . ومن ثم يكون حكمها متخاذلا في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه بما يوجب نقضه.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل ودلل على توافرها بقوله ".... لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق ومن اعتراف المتهمة أنه إثر مشادة كلامية بينها وبين المجنى عليه تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها بضربها على وجهها، مما أثار غضبها وصممت على الانتقام منه وقتله فقامت بطعنه أثناء نومه بسكين وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب فضلاً عن طعنه في بطنه وهو موضع قاتل في جسده فزاد ذلك من خطورتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اعترفت المتهمة في التحقيقات بأنها قامت بطعنه بالسكين في بطنه بنية قتله وإزهاق روحه انتقاماً منه . ومن ثم ، فقد توافر في حقها القصد الجنائي الخاص الذي تتطلبه جريمة القتل العمد المنصوص عليها في المادة 234 من قانون العقوبات ". لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه ، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذى يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المُسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه . وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تُبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبّينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل على ما سلف القول ، وكان ما أورده في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة، لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته ، ذلك أن ضرب المجنى عليه بسكين في بطنه مرة واحدة، لا يفيد حتماً أن الطاعنة انتوت إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيتها- في هذه الحالة - مجرد التعدي . خاصة وأن الثابت بالتحقيقات قولها أنها لم تكن تقصد قتله وإنما كان قصدها الدفاع عـن نفسها وذلك خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعـون فيه مـن أنهـا قررت بذلك ، فإنه وبغـض النظر عما ذهب إليه الحكم ، فإنه لا يغني في ذلك ما قاله من أنها اعترفت أنها كانت تقصد قتله ، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه ويكشف عنه ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في هذا الصدد.
4- لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعنة لم توكل محامياً للدفاع عنها وانتدبت لها المحكمة الأستاذ " ... " المحامي والذي حضر إجراءات المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليها ، إلا أن المحكمة لم تقف على صحة أمر قيده أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها ، إذ أفادت نقابة المحامين أنه لم يستدل عليه . لما كان ذلك ، وكانت المادتان 67 من الدستور و214 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبتا تعيين محام لكل متهم في جناية تحال إلى محكمة الجنايات ما لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه ، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات . لما كان ما تقدم بيانه وكانت هذه المحكمة – محكمة النقض – لم تقف على صحيح أمر قيد الأستاذ " ... " المحامي أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها حتى يستقيم القول بأن حضوره إجراءات المحاكمة و مرافعته عن المحكوم عليها قد تم صحيحاً ، وإذ غلب الظن على الأوراق في هذا الشأن ، وكان يتعين حتى تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة أن يكون القطع في صحة هذا الأمر قائماً ولا تحوطه شكوك ولا ريب ، لأنه يتعلق بضمانة أوردها الدستور وعينها المشرع تحديداً في المادتين 214، 377 من قانون الإجراءات الجنائية . ولا ينال من ذلك القول بأن الأصل في الأحكام أن تكون الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى إعمالاً للمادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، إذ أن مناط ذلك أن تكون الإجراءات مذكورة في محضر الجلسة أو الحكم وهو ما خلا كل منهما من بيان قيد المحامي الذي تولى المرافعة عن المحكوم عليها بالإعدام، مما يُصم إجراءات المحاكمة بالبطلان.
5- لما كان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959، التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة ( 39) وكانت المادة (46) من القانون سالف الذكر قد أوجبت على المحكمة – محكمة النقض – أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل . فمن ثم ، ولِما تقدم جميعه ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية والطعن المقدم من المحكوم عليها شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها : أولاً :- قتلت المجنى عليه " ... "عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله وأعدت لهذا الغرض سلاح أبيض " سكين " وما أن ظفرت به أثناء نومه حتى عاجلته بطعنه قاصده من ذلك قتله فأحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . ثانياً :- أحرزت سلاح أبيض دون مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية .
وأحالتها إلى محكمة جنايات " .... " لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت ، بإحالة الأوراق لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي . ثم وبجلسة ..، قضت حضورياً وبإجماع الآراء – عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1، 25 مكرر/1 ، 30/ 1 من قانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 97 لسنة 1991 والبند رقم (1) من الجدول رقم (1) المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726 لسنة 1998 – بمعاقبة " ... " بالإعدام شنقاً وبمصادرة السلاح المضبوط .
 فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
 كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي على محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (46) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام الطاعنة ، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين – من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب . يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص وقضى بإعدامها ، قد شابه قصور وتناقض في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق ، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتنق صورتين متناقضين لواقعة الدعوى ذلك أنه بعد تحصيله لواقعة الدعوى - حسبما استخلصتها محكمة الموضوع – بما مجمله حدوث مشادة كلامية بين الطاعنة والمجنى عليه انتهت بقيامه بصفعها على وجهها مما أثار حفيظتها فصممت على الانتقام منه بقتله ، فأعدت سكيناً وانتظرته حتى استغرق في النوم فطعنته في بطنه ، إلا أن الحكم عاد في موضع آخر وفي معرض سرده لأدلة الإدانة قِبل المتهمة ومنها اعترافها بجلسة المحاكمة فيقول باعترافها بقتل المجنى عليه دفاعاً عن نفسها عندما حاول التحرش بها جنسياً الأمر الذي يصمه بالتناقض، كما أن الحكم تساند في التدليل على توافر نية القتل قبل الطاعنة على أنها اعترفت بذلك بتحقيقات النيابة ، بيد أن أقوالها لم تتضمن هذا الذى ذهبت إليه المحكمة . كل ذلك ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن البيّن من الحكم المطعون فيه أنه حصّل واقعة الدعوى حسبما استقرت في عقيدة المحكمة بما حاصله أن المتهمة – الطاعنة – والبالغة من العمر إحدى وعشرين سنة قد اعتادت التغيب عن منزل والدها والمبيت خارجه بطريقة تثير الشك والريبة في مسلكها، مما أثار غضب أهليتها عليها وأنها إذ خشيت العودة إلى مسكن والدها توجهت حيث إقامة جدتها لأمها وخالها – المجني عليه – وبعد أن باتت ليلتها طرفهما وفى صباح اليوم التالي حدث شجار بينها وخالها المجنى عليه " ... " وذلك لمعاتبته لها عن تصرفاتها وغيابها تم تعدى عليها بالضرب، الأمر الذى أثار حفيظتها وغضبها، فصممت على الانتقام منه بقتله وأعدت لذلك سكيناً وما أن أيقنت استغراقه في النوم حتى قامت بطعنه في بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأنها قد اعترفت بارتكابها الجريمة . ثم عاد الحكم في معرض استعراضه لأدلة الدعوى ومنها اعتراف المتهمة معتنقاً صورة أخرى للواقعة تتعارض على الصورة السابقة ، إذ ذهب إلى القول " أن المجنى عليه – وفقاً لاعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة - عندما عاتبها لتغيبها محتجاً على سلوكها قام بالاعتداء عليها بالضرب " بخنجر " إلا أنها أمسكت يده فسقط أرضاً فقامت بالتقاطه وطعنته به طعنة واحدة في بطنه فأحدثت إصابته وكان ذلك منها دفاعاً عن نفسها ". لما كان ما تقدم ، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لواقعة الدعوى ،مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى . فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يُؤْمَن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة . ومن ثم ، يكون حكمها متخاذلا في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل ودلل على توافرها بقوله ".... لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق ومن اعتراف المتهمة أنه إثر مشادة كلامية بينها وبين المجني عليه تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها بضربها على وجهها، مما أثار غضبها وصممت على الانتقام منه وقتله فقامت بطعنه أثناء نومه بسكين وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب فضلاً عن طعنه في بطنه وهو موضع قاتل في جسده فزاد ذلك من خطورتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اعترفت المتهمة في التحقيقات بأنها قامت بطعنه بالسكين في بطنه بنية قتله وإزهاق روحه انتقاماً منه . ومن ثم ، فقد توافر في حقها القصد الجنائي الخاص الذى تتطلبه جريمة القتل العمد المنصوص عليها في المادة 234 من قانون العقوبات ". لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه ، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضى بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المُسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه . وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تُبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبّينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل على ما سلف القول ، وكان ما أورده في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة، لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته ، ذلك أن ضرب المجنى عليه بسكين في بطنه مرة واحدة ، لا يفيد حتماً أن الطاعنة انتوت إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيتها- في هذه الحالة - مجرد التعدي . خاصة وأن الثابت بالتحقيقات قولها أنها لم تكن تقصد قتله وإنما كان قصدها الدفاع عـن نفسها وذلك خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعـون فيه من أنها قررت بذلك، فإنه وبغض النظر عما ذهب إليه الحكم ، فإنه لا يغني في ذلك ما قاله من أنها اعترفت أنها كانت تقصد قتله ، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه ويكشف عنه ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعنـة لم توكل محامياً للدفاع عنها وانتدبت لها المحكمة الأستاذ "... " المحامي والذي حضر إجراءات المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليها ، إلا أن المحكمة لم تقف على صحة أمر قيده أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها ، إذ أفادت نقابة المحامين أنه لم يستدل عليه . لما كان ذلك ، وكانت المادتان 67 من الدستور و 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبتا تعيين محام لكل متهم في جناية تحال إلى محكمة الجنايات ما لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه ، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات . لما كان ما تقدم بيانه وكانت هذه المحكمة – محكمة النقض – لم تقف على صحيح أمر قيد الأستاذ " ... " المحامي أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها حتى يستقيم القول بأن حضوره إجراءات المحاكمة و مرافعته عن المحكوم عليها قد تم صحيحاً ، وإذ غلب الظن على الأوراق في هذا الشأن ، وكان يتعين حتى تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة أن يكون القطع في صحة هذا الأمر قائماً ولا تحوطه شكوك ولا ريب ، لأنه يتعلق بضمانه أوردها الدستور وعينها المشرع تحديداً في المادتين 214، 377 من قانون الإجراءات الجنائية . ولا ينال من ذلك القول بأن الأصل في الأحكام أن تكون الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى إعمالاً للمادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ،إذ أن مناط ذلك أن تكون الإجراءات مذكورة في محضر الجلسة أو الحكم وهو ما خلا كل منهما من بيان قيد المحامي الذي تولى المرافعة عن المحكوم عليها بالإعدام ، مما يُصم إجراءات المحاكمة بالبطلان . لما كان ذلك ، وكان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959، التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة ( 39) وكانت المادة (46) من القانون سالف الذكر قد أوجبت على المحكمة – محكمة النقض – أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل . فمن ثم ، ولِما تقدم جميعه ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية والطعن المقدم من المحكوم عليها شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

الطعن 1566 لسنة 75 ق جلسة 6 /12/ 2005 مكتب فني 56 ق 102 ص 671

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سمير أنيس، عمر بريك، فرحان بطران وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة .
----------
(102)
الطعن 1566 لسنة 75 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن و إيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس وعلة ذلك ؟
(2) استدلالات. مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تزوير. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نيابة عامة. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب"
تقابل الضابط مع المتهم بمسكنه عقب انتقاله إليه نفاذاً لإذن النيابة العامة بضبطه وإحضاره وإقراره له بارتكابه واقعة تزوير الأوراق المالية المضبوطة بواسطة جهاز الكمبيوتر وإرشاده له عنه بمسكنه والسماح له بالدلوف بداخله برضائه وضبطه دون البحث والتقصي عنه. لا يعد تفتيشاً. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. علة ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان التفتيش.
(3) أمر بألا وجه. نيابة عامة. دفوع" الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية". حكم "تسبيب. تسبيب غير معيب".
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. الأصل فيه أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة. استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر. شرطه ؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الطاعن وإن قرر بالطعن فى الحكم بطريق النقض الميعاد ، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه . ولما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع أسبابه في الميعاد الذى حدده القانون، هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه ، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل .
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تفتيش مسكنه وضبط جهاز الكمبيوتر المستعمل بالتقليد لأن إذن النيابة لم يشمله ورد عليه بقوله :" وحيث انه بالنسبة لضبط جهاز الكمبيوتر فغير سديد ذلك أن الثابت بأن القبض على المتهم الأول كان بناء على قرار النيابة العامة وهو الذي أرشد عن ذلك الجهاز وقدمه للضابط حال ضبطه في مسكنه وهو ذات جسم الجريمة بعد أن أقر المتهم بأنه قلد العملات الورقية عليه :" . لما كان ذلك ، وكان البين من أوراق الطعن ومفرداته- أن الرائد " ..... " أثبت بمحضر الضبط وأقر بالتحقيقات أنه توجه لمنزل الطاعن بناء على إذن النيابة العامة بضبطه وإحضاره وبطرقه على باب مسكنه فتح له وبمواجهته بأقوال المتهم الثاني اعترف بتقليد العملات الورقية المضبوطة فئة العشرون جنيهاً على جهاز كمبيوتر قام هو وشقيقه بشرائه وأبدى استعداده لإحضار هذا الجهاز المستخدم والذى كان متواجداً بصالة الشقة سكنه حيث سمح له بالدخول وقام بضبط الجهاز- مما مفاده أن تفتيشاً ما لم يتم. ولم يحصل من مأمور الضبط ثمة إجراء بمسكن المتهم ينم بذاته عن أنه قام بالبحث والتقص داخله بحثاً عن المضبوطات. ولما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس . خاصة وقد بان من الأوراق أن دخول الضابط مسكن المتهم كان برضاء من الأخير وما قاله الحكم من ذلك سائغ وصحيح في القانون، ذلك بأن الرضا بدخول المسكن وتفتيشه يكفى فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه . ومن ثم ، فإن دخول الضابط مسكن الطاعن وضبط جهاز الكمبيوتر المستخدم يكون صحيحاً ومشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً الى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون .
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وأطرحه بقوله :" وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فمردود بأن هذا الدفع جاء مرسلاً ولم يسانده ثمة دليل مادى بالأوراق. ومن ثم، تقضي المحكمة برفضه وبنظر الدعوى .." . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية، فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر، إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى. وإذ كان البين من المفردات أنها خلت مما يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر محكوم عليه بأنهم : أولاً :- المتهم الأول " الطاعن الأول " أ- قلد عملات ورقية متداولة قانوناً داخل البلاد (عدد خمس عشرة ورقة مالية من فئه العشرين جنيه المصرية ) بأن اصطنعها على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة على النحو الوارد بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وعلى النحو المبين بالتحقيقات . ب- روج العملة الورقية المقلدة موضوع الوصف أولاً بأن قدمها للمتهم الثاني لترويجها مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات . ج- حاز بغير مسوغ أدوات وآلات مما تستخدم في عملية تقليد العملات الورقية على النحو المبين بالتحقيقات . ثانياً :- المتهم الثاني :- أ- حاز العملة الورقية المقلدة موضوع الوصفين السابقين بقصد ترويجها مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات ب- روج أربعة ورقات مالية مقلدة من فئة العشرين جنيها المصرية من بين العملات الورقية المقلدة المضبوطة موضوع الأوصاف السابقة بأن قدمها للمتهم الثالث لترويجها مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات .ثالثاً:- المتهم الثالث :- أ- حاز بقصد الترويج الأوراق المالية المقلدة موضوع الوصف السابق مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات . ب- شرع فى ترويج ورقة مالية مقلدة من بين الأوراق المالية موضوع الوصف السابق بأن قدمها للمدعو " ... " نظير شراء علبة من لفافات التبغ مع علمه بأمر تقليدها وخاب أثر جريمته لسبب خارج عن إرادته هو ضبطه والجريمة متلبساً بها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات " ..... " لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. 
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً– عملاً بالمواد 45 /1، 46 /3، 202 /1، 202 مكرر (ب) والمواد 95 ، 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 والمادتين 2 /3 من القانون رقم 95 لسنة 2003 مع تطبيق المادتين 17، 32 من قانون العقوبات وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية . أولاً :- بمعاقبة كلاً من " ... " و " ... " – الطاعنين – بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند لكل منهما . ثانياً :- بمعاقبة " ... " بالحبس مع الشغل لمدة سنه لما أسند إليه . ثالثاً :- بمصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة

أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الثاني " ... "
من حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض الميعاد ، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه . ولما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع أسبابه في الميعاد الذي حدده القانون، هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه ، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل .

ثانيا :- بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الأول " ... "
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقليد وحيازة عمله ورقية مقلدة بقصد الترويج قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بان الحكم رد بما لا يسوغه على الدفع ببطلان تفتيش مسكنه وضبط الكمبيوتر الذى استعمل بالتقليد لعدم صدور إذن بذلك من النيابة العامة، إذ انصب الإذن فقط على ضبطه وإحضاره كما قصر في الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة استبعاد النيابة العامة للطاعن من الاتهام، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تفتيش مسكنه وضبط جهاز الكمبيوتر المستعمل بالتقليد لأن إذن النيابة لم يشمله ورد عليه بقوله :" وحيث انه بالنسبة لضبط جهاز الكمبيوتر فغير سديد ذلك أن الثابت بأن القبض على المتهم الأول كان بناء على قرار النيابة العامة وهو الذى أرشد عن ذلك الجهاز وقدمه للضابط حال ضبطه فى مسكنه وهو ذات جسم الجريمة بعد أن أقر المتهم بأنه قلد العملات الورقية عليه :" لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن ومفرداته- أن الرائد " ... " أثبت بمحضر الضبط وأقر بالتحقيقات أنه توجه لمنزل الطاعن بناء على إذن النيابة العامة بضبطه وإحضاره وبطرقه على باب مسكنه فتح له وبمواجهته بأقوال المتهم الثاني اعترف بتقليد العملات الورقية المضبوطة فئة العشرون جنيهاً على جهاز كمبيوتر قام هو وشقيقه بشرائه وابدى استعداده لإحضار هذا الجهاز المستخدم والذي كان متواجداً بصالة الشقة سكنه حيث سمح له بالدخول وقام بضبط الجهاز- مما مفاده أن تفتيشاً ما لم يتم. ولم يحصل من مأمور الضبط ثمة إجراء بمسكن المتهم ينم بذاته عن أنه قام بالبحث والتقص داخله بحثاً عن المضبوطات. ولما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس . خاصة وقد بان من الأوراق أن دخول الضابط مسكن المتهم كان برضاء من الأخير وما قاله الحكم من ذلك سائغ وصحيح في القانون، ذلك بأن الرضا بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه . ومن ثم، فإن دخول الضابط مسكن الطاعن وضبط جهاز الكمبيوتر المستخدم يكون صحيحاً ومشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً الى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وأطرحه بقوله: " وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فمردود بأن هذا الدفع جاء مرسلاً ولم يسانده ثمة دليل مادى بالأوراق . ومن ثم، تقضى المحكمة برفضه وبنظر الدعوى .." . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية، فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى ، لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر ، إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى. وإذ كان البين من المفردات أنها خلت مما يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

الطعن 19365 لسنة 70 ق جلسة 6 /12/ 2005 مكتب فني 56 ق 101 ص 669

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عمر بريك، فرحان بطران، عبد التواب أبو طالب وفؤاد نبوي نواب رئيس المحكمة .
------------
(101)
الطعن 19365 لسنة 70 ق
إثبات "خبرة". ضرب "ضرب بسيط". حكم "تسبيبه تسبيب معيب". دعوى مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القول أن آلة الاعتداء على الطاعن المدعي المدني لا تحدث مثل إصابته وفقاً لروايته دون الاستناد إلى رأي فني والتدليل على أسباب البراءة. يعيب الحكم . أثر ذلك : نقض الحكم في خصوص الدعوى المدنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالبراءة على فهم منه بوجود تناقض بين قول المجني عليه بأن المتهم ضربه " بشومة " وبين ما جاء بالتقرير الطبي عن وصف الإصابات بأنها "كدمات وتجمع دموي " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدلل استناداً إلى رأى فنى إلى أن آلة الاعتداء لا تحدث مثل تلك الكدمات ، فإنه يكون معيباً بالقصور ، إذ لم يدلل على أسباب البراءة وبالفساد في الاستدلال إذ لم يقم التناقض استناداً إلى دليل فنى ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه فى خصوص الدعوى المدنية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه : أحدث عمداً بالمجني عليه الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرون يوماً . وطلبت عقابه بالمادة 242 /1، 3 من قانون العقوبات .
وادعى المجنى عليه قبله مدنياً بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح قسم " ... " قضت حضورياً– عملاً بمادة الاتهام – بحبس المتهم شهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه والزامه بأن يؤدي للمدعي المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه كتعويض مدني مؤقت.
استأنف ومحكمة " .... " الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية .
فطعن الأستاذ " ... " المحامي بصفته وكيلاً عن المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال ،إذ قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله، دون أن يقيم قضاءه على أسباب تنتجه تؤدي إلى نفى الاتهام أو التشكيك ، معولاً على وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني، حالة أن الاتهام ثابت من الاعتداء الذى خلّف إصابة بالمجنى عليه أيّدها التقرير الطبي، دون تناقض بين الدليلين القولي والفني، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية .
ومن حيث إن لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالبراءة على فهم منه بوجود تناقض بين قول المجني عليه بأن المتهم ضربه " بشومة " وبين ما جاء بالتقرير الطبي عن وصف الإصابات بأنها "كدمات وتجمع دموي ". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يدلل استناداً إلى رأي فني إلى أن آلة الاعتداء لا تحدث مثل تلك الكدمات، فإنه يكون معيباً بالقصور، إذ لم يدلل على أسباب البراءة وبالفساد في الاستدلال إذ لم يقم التناقض استناداً إلى دليل فني ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية. 

الطعن 55 لسنة 67 ق جلسة 28 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 296 ص 1595

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري، أحمد خيري، كمال عبد النبي نواب رئيس المحكمة وسامح مصطفى.

---------------

(296)
الطعن رقم 55 لسنة 67 القضائية

(1) استئناف "الحكم في الاستئناف". تعويض. عمل.
قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول الطلبات المتعلقة بالأجر المتأخر وبدل الإنذار والأجازات السنوية والعلاوات الدورية والاجتماعية على سند من وجوب إبدائها بدعوى مبتدأة ولا يجوز الجمع بينها وبين طلب التعويض عن الفصل التعسفي. قضاء يتعلق بشكل الإجراءات لا تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر الموضوع. إلغاء المحكمة الاستئنافية الحكم. أثره. وجوب إعادتها الدعوى إلى المحكمة الابتدائية للفصل في موضوعها. علة ذلك.
(2) دعوى "الدفاع في الدعوى". بطلان "بطلان الأحكام". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
إغفال بحث دفاع جوهري للخصم. قصور في أسباب الحكم الواقعية موجب لبطلانه.
(3) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
رفع الاستئناف. أثره. نقل موضوع الاستئناف برمته إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع. اعتبارها مطروحة أمام محكمة الاستئناف ولو لم يعاود التمسك بها ما دام يتنازل عنها.
(4) قانون. جمعيات.
الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي. منوط به مباشرة إجراءات تصفية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية. حقه في أن يعهد إلى الاتحادات التعاونية الإقليمية بمباشرة الإجراءات وأن يحدد لها ما تستحقه من أتعاب.

----------------
1 - لما كانت محكمة أول درجة قد قضت بعدم قبول طلبات المطعون ضدها المتعلقة بالأجر المتأخر وبدل الإنذار والأجازات السنوية والمنحة والعلاوات الدورية والاجتماعية تأسيساً على أنه يتعين على المطعون ضدها إبداؤها بدعوى مبتدأة ولا يجوز الجمع بينهما وبين طلب التعويض عن الفصل التعسفي وإقامة الدعوى بالشكل المتقدم، وهو قضاء يتعلق بشكل الإجراءات لم تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر موضوع هذا الطلبات فإن محكمة الاستئناف متى ألغت هذا الحكم لا يكون لها أن تتصدى للفصل في موضوعها، بل يكون عليها أن تعيد الدعوى - بالنسبة لها - إلى المحكمة الابتدائية لنظره والفصل فيه حتى لا يحرم الخصوم من إحدى درجتي التقاضي.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه.
3 - يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة أما محكمة الاستئناف ويتعين عليها أن تفصل فيها ولو لم يعاود المستأنف عليه التمسك بها ما دام أنه لم يتنازل عنها.
4 - مفاد نص المادة 80 من القانون رقم 109 لسنة 1975 بإصدار قانون التعاون الاستهلاكي أن الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي هو المنوط به مباشرة إجراءات تصفية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية اعتباراً من تاريخ نشر القرار بانقضائها أو حلها بالوقائع المصرية وأن له أن يعهد إلى الاتحادات التعاونية الإقليمية بمباشرة تلك الإجراءات وأن يحدد لها ما تستحقه من أتعاب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى تقدمت في 7/ 7/ 1993 بشكوى إلى مكتب علاقات العمل بدمياط لوقف تنفيذ القرار الصادر من الطاعن "بصفته رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الاستهلاكي الإقليمي لمحافظة دمياط, بفصلها من العمل مع صرف مستحقاتها تأسيساً على أنها كانت تعمل بالجمعية التعاونية لتجارة الأدوية وأن الطاعن قام بإنهاء خدمتها بتاريخ 30/ 6/ 1993 بحجة صدور قرار محافظ دمياط بحل وتصفية الجمعية, وإذ لم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع فقد أحال الأوراق إلى الدائرة المستعجلة بمحكمة دمياط الابتدائية وقيدت الدعوى برقم 143 لسنة 1993 مستعجل دمياط, وبتاريخ 16/ 11/ 1993 قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وإلزام الطاعن أن يؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ مائة جنيه شهرياً اعتباراً من تاريخ الفصل وأحالت الأوراق إلى محكمة بندر دمياط لنظر الموضوع حيث قيدت برقم 528 لسنة 1993 مدني, وأمام تلك المحكمة طلبت المطعون ضدها الأولى الحكم بإلزام الطاعن أن يدفع لها مبلغ 43246.235 جنيهاً منه 868.420 جنيهاً متأخر الأجر منذ تاريخ فصلها في 30/ 6/ 1993 حتى 1/ 2/ 1994, 124.060 جنيهاًَ بدل إنذار, 323.850 جنيهاً بدل الأجازات السنوية بحدها الأدنى, 330.160 جنيهاً منحة مايو المتأخرة منذ عام 1988, 42 جنيهاً قيمة العلاوات الدورية المتأخرة, 1557.745 جنيهاً قيمة العلاوات الاجتماعية منذ شهر يوليو سنة 1989 و40000 ألف جنيه تعويضاً عن الفصل التعسفي, وبتاريخ 5/ 5/ 1994 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة دمياط الابتدائية وقيدت برقم 40 لسنة 1994 عمال, دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن الجمعية التعاونية لتجارة الأدوية التي كانت تعمل بها المطعون ضدها الأولى صفيت وأن صاحب الصفة هو رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي لجمهورية مصر العربية بصفته مصفياً للجمعية, وقام الطاعن بإدخاله خصماً في الدعوى للمرافعة وليقدم مادية ما لديه من مستندات, ندبت المحكمة خبيراً, وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 21/ 1/ 1996 برفض الدفع المبدي من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبرفض طلب التعويض عن الفصل التعسفي وبعدم قبول باقي طلبات المطعون ضدها الأولى. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" بالاستئناف رقم 8 لسنة 28 قضائية, وبتاريخ 13/ 11/ 1996 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن أن يؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 9246 جنيهاً قيمة مستحقاتها وتعويضاً عن الفصل التعسفي, طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم, وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك يقول إن الحكم فصل في موضوع طلبات المطعون ضدها المتعلقة بالأجرة المتأخرة وبدل الإنذار والأجازات السنوية المنحة والعلاوات الدورية والاجتماعية, رغم أن محكمة أول درجة لم تستفيد ولايتها بالنسبة لهذه الطلبات إذ اقتصر قضاءها على عدم قبولها تأسيساً على أنه يتعين أن ترفع بها دعوى مبتدأة
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن لما كانت محكمة أول درجة قد قضت بعدم قبول طلبات المطعون ضدها المتعلقة بالأجر المتأخر وبدل الإنذار والأجازات السنوية والمنحة والعلاوات الدورية والاجتماعية تأسيساً على أنه يتعين على المطعون ضدها إبداؤها بدعوى مبتدأة ولا يجوز الجمع بينهما وبين طلب التعويض عن الفصل التعسفي وإقامة الدعوى بالشكل المتقدم، وهو قضاء يتعلق بشكل الإجراءات لم تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر موضوع هذا الطلبات فإن محكمة الاستئناف متى ألغت هذا الحكم لا يكون لها أن تتصدى للفصل في موضوعها، بل يكون عليها أن تعيد الدعوى - بالنسبة لها - إلى المحكمة الابتدائية لنظره والفصل فيه حتى لا يحرم الخصوم من إحدى درجتي التقاضي, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوعها, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب, وفي بيان ذلك إنه دفع أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له تأسيساً على أن الجمعية التعاونية لتجارة الأدوية التي كانت تعمل بها المطعون ضدها الأولى صفيت وأن صاحب الصفة هو رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي لجمهورية مصر العربية بصفته مصفياً للجمعية تطبيقاً لحكم المادة 80 من القانون رقم 109 لسنة 1975 بإصدار قانون التعاون الاستهلاكي, ودلل على ذلك بكتاب الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي رقم 757 المؤرخ 26/ 12/ 1993 قام بإدخاله خصماً في الدعوى, ولما قضت محكمة أول درجة برفض هذا الدفع وقضت في ذات الوقت برفض طلب التعويض عن الفصل التعسفي وعدم قبول باقي طلبات المطعون ضدها الأولى لم يكن له مصلحة في الطعن على هذا الحكم, ومن ثم فإن استئناف المطعون ضدها الأولى لهذا الحكم يطرح على المحكمة الاستئنافية الدفع المبدي منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له, غير أن الحكم المطعون فيه أغفل بحث هذا الدفع الجوهري ولم يرد عليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه، وأنه يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أو درجة من دفوع وأوجه دفاع وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف ويتعين عليها أن تفصل فيها ولو لم يعاود المستأنف عليه التمسك بها ما دام أنه لم يتنازل عنها, وكان مفاد نص المادة 80 من القانون رقم 109 لسنة 1975 بإصدار قانون التعاون الاستهلاكي السالف الذكر أن الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي هو المنوط به مباشرة إجراءات تصفية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية اعتباراً من تاريخ نشر القرار بانقضائها أو حلها بالوقائع المصرية وأنه له أن يعهد إلى الاتحادات التعاونية الإقليمية بمباشرة تلك الإجراءات وأن يحدد لها ما تستحقه من أتعاب؛ لما كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن الطاعن - في مذكرتيّ دفاعه المقدمتين أمام محكمة أول درجة بتاريخ 6/ 11/ 1994, 12/ 12/ 1995 - دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له على سند من أن الجمعية التعاونية لتجارة الأدوية التي كانت تعمل بها المطعون ضدها الأولى قد صفيت وأن صاحب الصفة هو رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي لجمهورية مصر العربية بصفته مصفياً لحكم المادة 80 من القانون رقم 109 لسنة 1975 بإصدار قانون التعاون الاستهلاكي ودلل على ذلك بكتاب الاتحاد التعاوني الاستهلاكي المركزي السالف البيان, ولم يثبت من الأوراق أنه تخلى عن هذا الدفع أو تنازل عنه ومن ثم يبقى مطروحاً على محكم الاستئناف لتقول كلمتها فيه؛ لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبإلزام الطاعن أن يؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 9246 جنيهاً ودون أن يشر إلى هذا الدفع والتفت عن تناوله بما يقتضيه من البحث ولم يرد عليه, مع أنه دفاع جوهري قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 2082 لسنة 59 ق جلسة 28 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 294 ص 1579

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري, أحمد خيري, كمال عبد النبي نواب رئيس المحكمة وسامح مصطفى.

--------------

(294)
الطعن رقم 2082 لسنة 59 القضائية

(1) تأمينات اجتماعية "التأمين على أصحاب الأعمال" "اشتراكات التأمين" "استحقاق المعاش" "فئات مستثناة".
صغار المشتغلين لحساب أنفسهم في ظل قراري وزير الشئون والتأمينات الاجتماعية رقميّ 282 لسنة 1977، 18 لسنة 1978. انتفاعهم بأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976 في شأن التأمين على أصحاب الأعمال. شرطه. عدم الاعتداد بقرار وزير التأمينات رقم 160 لسنة 1983. علة ذلك.
(2) عمل "تأمينات اجتماعية". قانون. نظام عام.
قوانين التأمينات الاجتماعية من النظام العام. أثره. عدم جواز مخالفتها. قبول الهيئة العامة للتأمينات اشتراكات التأمين من صاحب العمل رغم عدم التزامه بها لا يكسبه حقاً تأمينياً لم ينص عليه.

------------------
1 - لما كان القانون رقم 108 لسنة 1976 في شأن التأمين على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم بعد أن حدد في المادة الثالثة منه الفئات التي تسري عليها أحكامه - قد استثنى منها الفئات التي أوردها في المادة الرابعة ومنها صغار المشتغلين لحساب أنفسهم وأحال في شأن قواعد تحديد هذه الفئات إلى القرار الذي يصدره وزير الشئون والتأمينات الاجتماعية وكان القرار الوزاري رقم 282 لسنة 1977 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه ومن بعده القرار الصادر برقم 182 لسنة 1978 قد أفصحا عن الشروط اللازمة لانتفاع هذه الفئة بأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976 وهي استخدام عامل أو أكثر ومزاولة النشاط في محل عمل ثابت. لما كان البيّن من الأوراق أن المطعون ضده هو من صغار المشتغلين لحساب أنفسهم قد مارس نشاطه في محل ثابت "محل..... بناحية..... مركز....." دون أن يستخدم عاملاً أو أكثر ومن ثم فإنه يعد - وفي ظل قراري وزير الشئون والتأمينات الاجتماعية سالفي الذكر من الفئات التي استثناها المشرع من الخضوع لأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976 لا يغير من ذلك صدور قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 160 لسنة 83 والذي لم يستلزم سوى توافر أحد الشرطين المنصوص عليهما فيه وهو استخدام عامل أو أكثر أو مباشرة العمل في محل عمل ثابت له سجل تجاري أو تتوافر في شأنه شروط القيد في السجل التجاري، أو أن يكون النشاط خاضعاً لنظام الترخيص من جانب أي من الأجهزة المعينة، وذلك أن هذا القرار نشر في الوقائع المصرية في 27/ 11/ 1983 ولم يعمل به إلا بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرة إذ لم يستوف المطعون ضده منذ العمل بهذا القرار حتى رفع دعواه بتاريخ 15/ 3/ 1987 المدة الموجبة لاستحقاق المعاش ومقدارها 120 شهر بالتطبيق لنص المادة 12 من القانون رقم 108 لسنة 1976 بعد تعديلها بالقانون رقم 48 لسنة 1984 فإنه يكون فاقد الحق في المطالبة به.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قوانين التأمينات الاجتماعية من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها وأن قبول الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية اشتراكات تأمينية رغم عدم التزام صاحب العمل بموجب هذه القوانين لا يكسبه حقاً تأمينياً لم ينص عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1151 لسنة 1987 مدني كلي دمنهور على الطاعنة "الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" وآخر بطلب الحكم بأحقيته في صرف المعاش، وقال بياناً لدعواه إنه يمارس مهنة بقال بناحية.... مركز..... وقام بسداد الاشتراكات المستحقة عليه اعتباراً من 1/ 5/ 1977 وفقاً لأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976 في شأن التأمين على أصحاب الأعمال، وإذ بلغ السن المقررة لاستحقاق المعاش، وامتنعت الطاعنة عن صرفه بدعوى عدم خضوعه لأحكام القانون المشار إليه، كما انتهت لجنة فحص المنازعات إلى رفض طلبه فقد أقام دعواه، ندبت المحكمة خبيراًً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 16/ 4/ 1988 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية - مأمورية دمنهور - وقيد الاستئناف برقم 72 لسنة 42 ق، وبتاريخ 15/ 3/ 1989 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده معاش شيخوخة قدره 29 جنيه شهرياً اعتباراً من 1/ 5/ 1977. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه قضى بسريان أحكام القانون رقم 108 لسنة 1976 على المطعون ضده رغم ما هو ثابت بالأوراق من أنه لم يستخدم عملاً بمحل تجارته بالمخالفة لما نص عليه قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 182 لسنة 1978 بتعديل القرار رقم 282 لسنة 1977 الصادر باللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر من أنه يشترط لانتفاع المؤمن عليهم بأحكامه استخدام عامل أو أكثر ومباشرة النشاط في محل عمل ثابت ولا عبرة بقبول الهيئة لاشتراكات المطعون ضده ما دام لم تتوافر فيه الشروط اللازمة للانتفاع بأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن القرار الوزاري رقم 160 لسنة 1983 اكتفى للاستفادة من أحكام هذا القانون أن يكون صاحب العمل ممن يستخدم عاملاً أو أكثر أو يباشر العمل في محل عمل ثابت، وطبق في شأن المطعون ضده أحكام القرار الأخير بمقولة أنه يباشر عمله في محل عمل ثابت، وبذلك يكون الحكم قد أعمل القرار الوزاري السالف الذكر بأثر رجعي بالرغم من أنه لم يعمل به إلا اعتباراً من 1/ 9/ 1983 الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأن لما كان القانون رقم 108 لسنة 1976 في شأن التأمين على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم - بعد أن حدد في المادة الثالثة منه الفئات التي تسري عليها أحكامه - قد استثنى منها الفئات التي أوردها في المادة الرابعة ومنها صغار المشتغلين لحساب أنفسهم، وأحال في شأن قواعد تحديد هذه الفئات إلى القرار الذي يصدره وزير الشئون والتأمينات الاجتماعية، وكان القرار الوزاري رقم 282 لسنة 1977 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، ومن بعده القرار الصادر برقم 182 لسنة 1978 قد أفصحا عن الشروط اللازمة لانتفاع هذه الفئة بأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976 وهي استخدام عامل أو أكثر ومزاولة النشاط في محل عمل ثابت. لما كان البيّن من الأوراق أن المطعون ضده - وهو من صغار المشتغلين لحساب أنفسهم قد مارس نشاطه في محل ثبات "محل بقالة بناحية..... مركز....." دون أن يستخدم عاملاً أو أكثر، ومن ثم فإنه يعد - وفي ظل قراريّ وزير الشئون والتأمينات الاجتماعية سالفي الذكر - من الفئات التي استثناها المشرع من الخضوع لأحكام القانون رقم 108 لسنة 1976، لا يغير من ذلك صدور قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 160 لسنة 1983 والذي لم يستلزم سوى توافر أحد الشرطين المنصوص عليهما فيه وهو استخدام عامل أو أكثر أو مباشرة العمل في محل عمل ثابت له سجل تجاري أو تتوافر في شأنه شروط القيد في السجل التجاري أو أن يكون النشاط خاضعاً لنظام الترخيص من جانب أي من الأجهزة المعينة، وذلك أن هذا القرار نُشر في الوقائع المصرية في 27/ 11/ 1983 ولم يُعمل به إلا بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرة، إذ لم يستوف المطعون ضده منذ العمل بهذا القرار حتى رفع دعواه بتاريخ 15/ 3/ 1987 المدة الموجبة لاستحقاق المعاش ومقدارها 120 شهر بالتطبيق لنص المادة 12 من القانون رقم 108 لسنة 1976 بعد تعديلها بالقانون رقم 48 لسنة 1984، فإنه يكون فاقد الحق في المطالبة به، ولا وجه في هذا الصدد للتحدي بقبول الطاعنة لاشتراكات التأمين منذ 1/ 5/ 1977 إذ المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قوانين التأمينات الاجتماعية من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها وأن قبول الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية اشتراكات تأمينية رغم عدم التزام صاحب العمل بها بموجب هذه القوانين لا يكسبه حقاً تأمينياً لن ينص عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وطبق في شأن المطعون ضده أحكام القرار رقم 160 لسنة 1983 اعتباراً من 1/ 5/ 1977 بمقولة إن هذا القرار صدر قبل استحقاقه للمعاش في 22/ 6/ 1986، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 72 لسنة 42 ق إسكندرية "مأمورية دمنهور" بتعديل الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان.

الطعن 4861 لسنة 61 ق جلسة 28 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 295 ص 1584

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، خيري فخري، حسين نعمان نواب رئيس المحكمة وفتحي حنضل.

--------------

(295)
الطعن رقم 4861 لسنة 61 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. مسئولية "مسئولية تقصيرية: مسئولية المتبوع". محكمة الموضوع "مسائل الواقع". نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي".
(1) الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق. عدم اكتسابها أية حجية أمام القضاء المدني. علة ذلك. قرار النيابة بحفظ أوراق جنحة لعدم معرفة الفاعل. لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.
(2) مساءلة المتبوع عن أعماله تابعه غير المشروعة. كفاية ثبوت أن الحادث نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض لرده الحادث الذي نجم عنه إصابة المطعون عليه إلى خطأ أحد تابعيها. نعي الطاعنة عليه بالخطأ لانتفاء مسئوليتها لصدور أمر النيابة بحفظ الجنحة لعدم معرفة الفاعل. جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) تأمينات اجتماعية. تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية: مسئولية المتبوع". كفالة.
تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التزامها بشأن تأمين إصابات العمل. لا يخل بما يكون للعامل أو ورثته من حق قبل الشخص المسئول عن الإصابة. مسئولية رب العمل عن أعمال تابعه. جواز رجوع العامل على رب العمل استناداً إلى أحكام المسئولية التقصيرية باعتباره متبوعاً مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع. شرطه. م 174 مدني. مسئولية المتبوع ليست مسئولية ذاتية وإنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون. م 68/ 2 ق 79 لسنة 1975. نطاق تطبيقها.
(4) تعويض "تقديره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
تقدير التعويض. سلطة قاضي الموضوع. شرطه.
(5، 6) تقادم "تقادم مسقط" "التقادم الثلاثي: وقف التقادم" "انقطاع التقادم". تعويض "دعوى التعويض". "مسئولية تقصيرية". دعوى "الدعوى الجنائية".
(5) دعوى التعويض المدنية التي تتبع الدعوى الجنائية. لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية. م 172 مدني.
(6) الدعوى الجنائية في مواد الجنح. انقضاءها بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة. انقطاع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وبالأمر الجنائي أو إجراءات الاستدلال. شرطه. اتخاذها في مواجهة المتهم أو إعلانه بها رسمياً. تخلف ذلك. لازمة. انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. أثره. زوال المانع الذي كان سبباً في وفق سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المسئول.
(7) نقض "صحيفة الطعن" "أسباب الطعن" "السبب المجهل". بطلان.
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً. م 253 مرافعات. مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً دقيقاً نافياً عنه الغموض أو الجهالة يبين منها العيب الذي يغزوه إلى الحكم وموضعه وأثره في قضائه.

-------------------
1 - الحكم الجنائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يُقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا ثبت إلا للأحكام الفاصلة في الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل في موضوعها ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني، ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق. لما كان ذلك، فإن قرار النيابة بحفظ أوراق الجنحة المشار إليها لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية.
2 - إقامة الحكم قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض على ما استخلصه من أوراق الجنحة آنفة الذكر أن الخطأ وقع من أحد العمال التابعين لها الذي أدار مفتاح تشغيل الآلة "البريمة" أثناء قيام المطعون عليه بأعمال صيانتها مما نجم عنه حدوث إصابته فإنه يكون قد رد الحادث إلى خطأ تابع الطاعنة ورتب على ذلك مسئوليتها عن الضرر، وكان مؤدى هذا الذي قرره الحكم المطعون في أنه قطع - وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية - وبأسباب سائغة أن مرتكب الفعل الضار رغم الجهالة بفاعله أو تعذر تعيينه من بين العاملين لديها هو أحد تابعي الطاعنة وكان يكفي في مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه وكان الثابت أنه لم يصدر حكم جنائي بات فاصلاً في الدعوى الجنائية ينفي الخطأ في جانب أي من العاملين بالشركة والذي سبب إصابة المطعون عليه فإن تعييب الحكم بما ورد بسبب النعي لا يعدو أن يكون - في حقيقته - جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون ما قرره الحكم في صدد مسئولية الطاعنة عن التعويض صحيحاً في القانون.
3 - النص في المادة 66 من القانون 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي - المنطبق على واقعة الدعوى - مقتضاه أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها الناشئ عن القانون المذكور لا يُخل بما يكون للمؤمن له - العامل وورثته - من حق قبل الشخص المسئول، ولما كانت المادة 174/ 1 من القانون المدني نصت على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشرع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون فيكون مسئولاً عن تابعه وليس مسئولاً معه ومن ثم فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 68/ 2 سالفة الذكر والتي لا تُجيز للعامل الرجوع على صاحب العمل لاقتضاء التعويض إلا عن خطئه الشخصي الذي يترتب المسئولية الذاتية، وذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بني قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض المقضي به، وعلى سند مما استخلصه من توافر عناصر مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم، وكان العامل يقتضي حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي شارك هو ورب العمل في دفعها بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ثمة ما يمنع من الجميع بين الحقين.
4 - لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تقدير التعويض طالما لم يوجد نص فى القانون يلزمه بإتباع معايير معينة لتقديره.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
6 - مؤدي نص المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية في مواد الجنح تنقضي بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أُعلن بها بوجه رسمي، فإذا مضت مدة التقادم دون تمام ذلك فإن لازمه انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المسئول.
7 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في بيان أسباب الطعن بالنقض هي بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يُغني عنه الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى وأنه يجب طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان هذه الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياًً نافياً عنه الغموض أو الجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، وإذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع التي تعيب على الحكم المطعون فيه إغفاله إيرادها أو الرد عليها بما لا يُغني عنه إحالتها في هذا الشأن إلى مذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 7/ 1991، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 17136 سنة 1989 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 21/ 1/ 1989 ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 60000 جنيه، وقال بياناًً لذلك إنه بتاريخ 6/ 9/ 1985 وأثناء قيامه بعمله لديها في صيانة البريمة الخاصة بها قام مجهول من بين تابعيها بإدارة مفتاح التشغيل ونتيجة لخطئه هذا حثت إصابته بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وتحرر عن ذلك قضية الجنحة رقم 1156 سنة 1985 الحوامدية وفيها أمرت النيابة العامة بحفظها لعدم معرفة الفاعل وإذ لحقته من جراء إصابته أضرار مادية وأدبية يُقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. بتاريخ 27/ 2/ 1990
حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 8000 جنيه. استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2623 سنة 107 ق، كما استأنفته الطاعنة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 3828 سنة 107 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، حكمت بتاريخ 7/ 8/ 1991 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضدها - الطاعنة - بأن تؤدي للمطعون عليه مبلغ 18000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنه لما كانت النيابة العامة قد أمرت بحفظ الأوراق لعدم معرفة الفاعل فإن مرتكب الفعل الضار يكون مجهولاً وغير معلوم صفته ومن ثم تنتفي مسئوليتها عن الحادث وإذ أقام الحكم قضاءه بإلزامها بالتعويض تأسيساً على أن مجهولاً من بين عمالها هو الذي ارتكب الفعل الذي سبب الضرر للطعون عليه بما يوجب
مسئوليتها عن التعويض باعتبارها متبوعاً له فإنه يكون قد أقام قضاءه على أساس مسئولية افتراضها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الجنائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يقيد القضاء المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل في موضوعها ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني، ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق؛ لما كان ذلك، فإن قرار النيابة بحفظ أوراق الجنحة المشار إليها لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وكان الحكم قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض على ما استخلصه من أوراق الجنحة آنفة الذكر أن الخطأ وقع من أحد العمال التابعين لها الذي أدار مفتاح تشغيل الآلة "البريمة" أثناء قيام المطعون عليه بأعمال صيانتها مما نجم عنه حدوث إصابته فإنه يكون قد رد الحادث إلى خطأ تابع الطاعنة ورتب على ذلك مسئوليتها عن الضرر، وكان مؤدى هذا الذي قرره الحكم المطعون في أنه قطع - وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية - وبأسباب سائغة أن مرتكب الفعل الضار رغم الجهالة بفاعله أو تعذر تعيينه من بين العاملين لديها هو أحد تابعي الطاعنة وكان يكفي في مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه وكان الثابت أنه لم يصدر حكم جنائي بات فاصلاً في الدعوى الجنائية ينفي الخطأ في جانب أي من العاملين بالشركة والذي سبب إصابة المطعون عليه فإن تعييب الحكم بما ورد بسبب النعي لا يعدو أن يكون - في حقيقته - جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون ما قرره الحكم في صدد مسئولية الطاعنة عن التعويض صحيحاً في القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً للمادة 68 من القانون رقم 79 لسنة 1975 لا يجوز للعامل أو ورثته الرجوع عليها لاقتضاء التعويض إلا بثبوت الخطأ الشخصي الموجب لمسئوليتها الذاتية وإذ انتفت مسئوليتها هذه عن الحادث بعد أن أمرت النيابة العامة بحفظ الأوراق في قضية الجنحة لعدم معرفة الفاعل هذا إلى ثبوت تقاضي المطعون عليه حقوقه التأمينية من الهيئة المختصة فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإلزامها بالتعويض على أساس مسئوليتها طبقاً للمادتين 163, 174 من القانون المدني وأجاز له الجمع بين التعويض وتلك المستحقات يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 66 من القانون 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي - المنطبق على واقعة الدعوى – على أن "تلتزم الجهة المختصة بجميع الحقوق المقررة وفقاً لأحكام هذا الباب حتى ولو كانت الإصابة تقتضي مسئولية شخص آخر خلاف صاحب العمل دون إخلال بما يكون للمؤمن عليه من حق قبل الشخص المسئول"، مقتضاه أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها الناشئ عن القانون المذكور لا يخل بما يكون للمؤمن له - العامل وورثته - من حق قبل الشخص المسئول، ولما كانت المادة 174/ 1 من القانون المدني نصت على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن كفالة ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون فيكون مسئولاً عن تابعه وليس مسئولاً معه ومن ثم فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 68/ 2 سالفة الذكر والتي لا تجيز للعامل الرجوع على صاحب العمل لاقتضاء التعويض إلا عن خطئه الشخصي الذي يترتب المسئولية الذاتية، وذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية. لما كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بني قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض المقضي به، وعلى سند مما استخلصه من توافر عناصر مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم، وكان العمل يقتضي حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي شارك هو ورب العمل في دفعها بينما يتقاضي حقه في التعويض قبل مسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين وكان لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في تقدير التعويض طالما لم يوجد نص في القانون يلزمه بإتباع معايير معينه لتقديره, وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن عليه بهذا السبب يكون في جملته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط دعوى التعويض بالتقادم عملاً بالمادة 172 من القانون المدني لرفعها بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الحادث الذي ضبط عنه قضية الجنحة رقم 1156 سنة 1985 الحوامدية في 6/ 9/ 1985 والتي أصدرت النيابة العامة فيها قراراً بحفظ الأوراق لعدم معرفة الفاعل ولم يرفع عليه دعواه بالتعويض إلا بتاريخ 4/ 12/ 1989 غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفع وألزمها بالتعويض المقضي به وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، وأن مؤدى نص المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية في مواد الجنح تنقضي بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أُعلن بها بوجه رسمي. فإذا مضت مدة التقادم دون تمام ذلك فإن لازمه انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المسئول. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أمرت بحفظ المحضر رقم 1156 سنة 1985 جنح الحوامدية مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل وكان هذا الأمر بالحفظ هو إجراء إداري صدر عن النيابة العامة بوصفها السلطة التي تُهيمن على جمع الاستدلالات فإنه لا يقيدها ولا يجوز لها العدول عنه في أي وقت إلى ما قبل انقضاء الدعوى الجنائية. وإذ لم يتم معرفة الفاعل حتى انقضت الدعوى الجنائية في 5/ 9/ 1988 فإنه منذ هذا التاريخ يبدأ تقادم الدعوى المدنية ولمدة ثلاث سنوات نهايتها في يوم 6/ 9/ 1991 بعدها يسقط الحق فيها, وكان المطعون عليه قد أقام الدعوى بطلب اقتضاء التعويض في 21/ 11/ 1989 وقبل سقوط الحق فيها, فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بأداء التعويض للمطعون عليه لا يكون أخطأ في القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها أوردت بمذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 6/ 7/ 1991 الأسباب التي تركن إليها في طلبها رفض دعوى المطعون عليه غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن إيراد هذا الدفاع أو الرد عليه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في بيان أسباب الطعن بالنقض هي بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يُغني عنه الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى وأنه يجب طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان هذه الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض أو الجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، وإذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع التي تعيب على الحكم المطعون فيه إغفاله إيرادها أو الرد عليها بما لا يُغني عنه إحالتها في هذا الشأن إلى مذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 7/ 1991، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1726 لسنة 59 ق جلسة 28 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 293 ص 1575

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري، أحمد خيري، حامد مكي نواب رئيس المحكمة وسامح مصطفى.

----------------

(293)
الطعن رقم 1726 لسنة 59 القضائية

(1، 2) عمل "بنك التنمية والائتمان الزراعي". قانون. دعوى "رفع الدعوى".
(1) خلو لائحة العاملين ببنك التنمية والائتمان الزراعي بالزقازيق من نص يواجه الآثار المترتبة على إخلال العامل بالتزامه بالمحافظة على أمواله. أثره. وجوب الرجوع إلى أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 والقانون رقم 137 لسنة 1981.
(2) حق العامل في اللجوء إلى القضاء مباشرة للفصل في الخلاف الذي ينشأ بينه وبين صاحب العمل بشأن تطبيق حكم المادة 68 ق العمل. اللجوء إلى اللجنتين المنصوص عليهما بها. ليس إجراءً لازماً قبل رفع الدعوى.

-----------------
1 - لما كانت لائحة العاملين بالبنك المطعون ضده والصادرة في 28/ 2/ 1979 نفاذاً لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي قد خلت من نص يواجه الآثار المترتبة على إخلال العامل بالتزامه بالمحافظة على أموال البنك أو ما يكون في عهدته أو تحت يده من مهمات أو آلات بما يتعين معه الرجوع إلى أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وإذ خلا هذا النظام بدوره من نص في هذا الشأن فإنه يتعين إعمال أحكام قانون العمل وفق ما تقضي به المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1978.
2 - مفاد نص المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أن المشرع رسم سبيلاً للفصل في الخلاف الذي ينشأ بين العامل وصاحب العمل بشأن تطبيق حكم هذه المادة لكي يضع حداً للمنازعة في هذا الخصوص لكنه لم يسلب حق العامل الأصيل في اللجوء إلى القضاء مباشرة فلم يورد حظراً على حقه في التقاضي بالطرق المعتادة لرفع الدعوى ولم يجعل من الالتجاء إلى أي من اللجنتين المنصوص عليهما بها إجراءً مسبقاً قبل رفعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده - بنك التنمية والائتمان الزراعي بالزقازيق - الدعوى رقم 3182 لسنة 1983 مدني الزقازيق الابتدائية وطلب الحكم بإلغاء قرار التحميل رقم 146 لسنة 1983 واعتباره كأن لم يكن. وقال بياناً لدعواه إنه من العاملين لدى المطعون ضده الذي أبلغه بتحميله مبلغ 963.248 جنيه بموجب القرار الذي أصدره برقم 146 لسنة 1983 بمقولة أنه يمثل قيمة الزيادة الموجودة بمخازن مندوبيه أنشاص مركز بلبيس والتي رفضت شركة التأمين سدادها للبنك، وإذ لم يقع منه ثمة خطأ يستوجب إصدار هذا القرار فقد أقام الدعوى بطلبه السالف البيان. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/ 3/ 1987 بإلغاء القرار رقم 146 لسنة 1983 واعتباره كأن لم يكن. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" بالاستئناف رقم 475 لسنة 30 ق، أعادت المحكمة المأمورية للخبير، وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 6/ 3/ 1989 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على أنه لم يسلك سبيل التظلم المنصوص عليه في المادتين 68، 77 من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 في حين أن سلوك هذا السبيل هو أمر جوازي للعامل ولا يحول دون لجوئه إلى المحكمة مباشرة للطعن في قرار صاحب العمل.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كانت لائحة العاملين بالبنك المطعون ضده والصادرة في 28/ 2/ 1979 نفاذاً لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي قد خلت من نص يواجه الآثار المترتبة على إخلال العامل بالتزامه بالمحافظة على أموال البنك أو ما يكون في عهدته أو تحت يده من مهمات أو آلات، بما يتعين معه الرجوع إلى أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وإذ خلا هذا النظام بدوره من نص في هذا الشأن، فإنه يتعين إعمال أحكام قانون العمل وفق ما تقضي به المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه؛ لما كان ذلك، وكانت المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أنه "إذا تسبب العامل في فقد أو إتلاف أو تدمير مهمات أو آلات أو منتجات يملكها صاحب العمل وكانت في عهدته وكان ذلك ناشئاً عن خطأ العامل وجب أن يتحمل المبلغ اللازم نظير ذلك. ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجر العامل على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ويجوز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام اللجنة المشار إليها في المادة 77 فإذا كان صاحب العمل يستخدم أقل من خمسين عاملاً يكون التظلم أمام اللجنة المشار إليها بالمادة 62 من هذا القانون. ويكون قرار اللجنة في الحالتين قابلاً للطعن فيه خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره أمام المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها محل العمل...." ويفصح هذا النص على أن المشرع رسم سبيلاً للفصل في الخلاف الذي ينشأ بين العامل وصاحب العمل بشأن تطبيق حكم هذه المادة لكي يضع حداً للمنازعة في هذا الخصوص، لكنه لم يسلب حق العامل الأصيل في اللجوء إلى القضاء مباشرة، فلم يورد حظراً على حقه في التقاضي بالطرق المعتادة لرفع الدعوى، ولم يجعل من الالتجاء إلى أي من اللجنتين المنصوص عليهما بها إجراءً مسبقاً قبل رفعها, لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم قبول دعوى الطاعن تأسيساً على أنه لم يسلك الطريق الذي رسمته المادة 68 من قانون العمل المشار إليه للتظلم من القرار الذي أصدره البنك بتحميله مبلغ 923.248 جنيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 434 لسنة 66 ق جلسة 29 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 أحوال شخصية ق 298 ص 1607

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، حسين السيد متولي، عبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة وحسن حسن منصور.

---------------

(298)
الطعن رقم 434 لسنة 66 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2) دعوى "قبول الدعوى: المصلحة في الدعوى: الصفة في الدعوى". حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
(1) المصلحة. مناط الدفع والدعوى. قبول الخصومة أمام القضاء. شرطه. عدم كفاية المصلحة النظرية البحتة.
(2) الدعوى. ماهيتها. وجوب توافر الصفة الموضوعية لطرفيها. القضاء السابق بانتفاء صفة المدعي في الحق المتمسك به. اعتباره قضاءً موضوعياً. اكتسابه قوة الأمر المقضي. أثره. منع إعادة طرح ذات النزاع لذات السبب بين نفس الخصوم.

--------------
1 - المصلحة هي مناط الدفع والدعوى ومن شروط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، ولا يكفي في ذلك وجود مصلحة نظرية بحتة.
2 - الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفيّ هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، وسبق القضاء بانتفاء صفة المدعي في الحق المتمسك به يعد قضاءً موضوعياً تستقر به مراكز الخصوم وصفاتهم بصدد الحق المدعي به، متى حاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي كانت له حجية مانعة للطرفين من إعادة طرح ذات النزاع لذات السبب ضد نفس الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 2554 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على المطعون ضده بطلب الحكم ببطلان إعلام الوراثة رقم 37 لسنة 1970 الوايلي ونفى نسبه إلى المرحوم......، وقال بياناً لدعواه، إن والده...... وشهرته..... توفى بتاريخ 20/ 12/ 1969 فاستخرج مورث المطعون ضدهم ثانياً والمطعون ضدها الأولى إعلام الوراثة المذكور وادعياً نسبه إلى المرحوم..... رغم أنه هو الوارث الوحيد لوالده المتوفى......، ومن ثم أقام الدعوى، بتاريخ 8/ 3/ 1982 حكمت المحكمة ببطلان إعلام الوراثة رقم 37 لسنة 1970 الوايلي، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 362 لسنة 99 ق القاهرة واستأنفه المطعون ضدهم ثانياً بالاستئناف رقم 365 لسنة 99 ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 22/ 11/ 1984 برفضهما لرفعها بعد الميعاد، طعن المطعون ضدهم في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 9 لسنة 55 ق "أحوال شخصية" وبتاريخ 23/ 2/ 1988 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 17/ 5/ 1995 أقام الطاعنون الدعوى رقم 1102 لسنة 112 ق أمام محكمة استئناف القاهرة طالبين انقضاء الخصومة في الاستئنافين رقميّ 326، 356 لسنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 6/ 6/ 1996 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ولعدم وجود مصلحة يقرها القانون، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم, عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقولون, إنهم عجلوا السير في الدعوى بتاريخ 17/ 5/ 1995 طالبين الحكم بانقضاء الخصومة فيها ومقتضى نص المادة 140 من قانون المرافعات أن الخصومة تنقضي بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها وهو حكم النقض في الطعن رقم 9 لسنة 55 ق "أحوال شخصية" الصادر بتاريخ 23/ 2/ 1988, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المصلحة هي مناط الدفع والدعوى، ومن شروط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، ولا يكفي في ذلك وجود مصلحة نظرية بحتة، وكانت الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفيّ هذا الحق بأن تُرفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يُراد الاحتجاج عليه بها، وسبق القضاء بانتفاء صفة المدعي في الحق المتمسك به يعد قضاءً موضوعياً تستقر به مراكز الخصوم وصفاتهم بصدد الحق المدعى به، ومتى حاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي كانت له حجية مانعة للطرفين من إعادة طرح ذات النزاع لذات السبب ضد نفس الخصوم, لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول دعوى الطاعنين بطلب انقضاء الخصومة في الاستئناف لعدم تعجيلها خلال الأجل القانوني على أساس أنه سبق القضاء بأحكام باتة بأن مورثهم ابناً للمرحوم......... فإن هذه الأحكام تكون قد حسمت مراكزهم القانونية وصفاتهم بشأن دعواهم المطروحة التي لا يحققون من ورائها سوى مصلحة نظرية غير جديرة بالحماية، وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بأوراق الدعوى ومستنداتها وتؤدي إلى النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها الحكم, ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون, ويقول الطاعنون بياناً لذلك, أن الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 2554 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة - المستأنف - قضى بثبوت نسب مورثهم إلى أبيه المرحوم .......، وعلى أساسه تتوافر لهم مصلحة وصفة في دعواهم المطروحة, وإذ خالف الحكم المطعون فيه النظر, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن أسباب حكم النقض الصادر في الطعن رقم 1 لسنة 53 ق "أحوال شخصية" - بصدد ذات النزاع ونفس الخصوم - قد تضمنت ثبوت نسب مورث الطاعنين لأبيه........ وليس إلى........، كما جاء بأسباب الحكم الصادر في الطعن بالنقض رقم 7 لسنة 55 ق "أحوال شخصية" أنه بعد القضاء في الاستئنافين رقميّ 6 لسنة 87, 7 لسنة 90 ق القاهرة بنفي نسب مورث الطاعنين للمورث "........" فإن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2554 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة ببطلان إعلام الوارثة موضوع المادة 37 لسنة 1970 وراثات الوايلي إذ أسس قضاء على سند من ثبوت نسب الطاعن لمورث المطعون عليهن المرحوم........ وانحصار إرثه فيه يكون فاقد الحجية كأثر لازم لزوال الأساس الذي أُقيم عليه بعد نقض الحكم الصادر في الاستئنافين رقميّ 6 لسنة 87, 7 لسنة 90 ق القاهرة وصدور الحكم النهائي فيهما بنفي ذلك النسب ...."، ومفاد هذا القضاء البات أن الحكم الابتدائي المستأنف لا حجية له لزوال الأساس الذي أُقيم عليه بقضاء حائز قوة الأمر المقضي, ومن ثم فإن الحكم المذكور لا يصلح متمسكاً للطاعنين في توافر الصفة والمصلحة لهم في طلب تعجيل الاستئناف وانقضاء الخصومة فيه, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر, فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1617 لسنة 60 ق جلسة 29 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 297 ص 1602

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم صالح، لطف الله جزر، زهير بسيوني نواب رئيس المحكمة ووجيه أديب.

----------------

(297)
الطعن رقم 1617 لسنة 60 القضائية

(1، 2) قانون "سريانه من حيث الزمان". نظام عام. عقد. نقد.
(1) آثار العقد. خضوعها كأصل لأحكام القانون الذي أبرم في ظله. الاستثناء. سريان أحكام القانون الجديد عليها متى كان متعلقاً بالنظام العام فيسري على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل به. القانون. مقصوده.
(2) أحكام قوانين النقد الأجنبي. تعلقها بالنظام العام. علة ذلك. قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية. أثر ذلك. سريانها بأثر مباشر على آثار العقود ولو كانت مبرمة قبل العمل بها.

------------------
1 - المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشرا تخضع لسلطاته الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أُبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين، وكان المراد بالقانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم فتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها.
2 - لما كانت أحكام قوانين النقد الأجنبي المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام إذ قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فتسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على العقود حتى لو كانت مبرمة قبل العمل بها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 1507 سنة 1985 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزامه بخصم قيمة الكمبيالة المعادلة لنسبة 80 بالمائة من قيمة الاعتماد المستندي رقم 87541 البالغ مقدارها 426642.86 دولاراً أمريكياً بعد معادلته بالجينه المصري لدى البنك وببراءة ذمتها من الالتزامات الناشئة عن الاعتماد المذكور وشطب بروتستو عدم الدفع الذي أجراه المطعون ضده. وقالت شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 28/ 1/ 1985 تقدمت إلى المطعون ضده بطلب فتح اعتماد مستندي لاستيراد حديد تسليح بناء على الموافقة الاستيرادية التي تمت وفقاً لقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 5 سنة 1985 وإذ وافق المطعون ضده على هذا الطلب وقام بفتح اعتماد مستندي غير قابل للإلغاء برقم 87541 بمبلغ 485000 دولاراً أمريكياً وأخطرها بالموافقة بتاريخ 17/ 2/ 1985 بالشروط المبينة بعقد فتح الاعتماد على أن يقوم بتدبير العملة الصعبة اللازمة للاعتماد. قامت بفتح حساب لديه بالعملة المحلية، كما قام المطعون ضده بسداد نسبة ال 20 بالمائة المتفق عليها في عقد الإيجار إلى الشركة العربية الأفريقية للاستثمار - الموردة - وبتدبير نسبة الـ 10 بالمائة قيمة الزيادة المحتمل توريدها في كمية الحديد. ووقعت على الكمبيالة المحررة لصالح الشركة الموردة بمبلغ 426642.86 دولاراً أمريكياً وهي تعادل نسبة ال80 بالمائة من ثمن الشحنة وعلى أن تستحق بعد 120 يوماً من تاريخ الشحن الذي تم في 28/ 5/ 1985 مع تفويض المطعون ضده بخصم ما يعادل هذا المبلغ بالجنيه المصري من حسابها لديه. إلا أن الأخير أخطرها بتاريخ 25/ 9/ 1985 بضرورة سداد قيمة الكمبيالة بالدولار الأمريكي وليس بالجنيه المصري وقام بتحرير بروتستو عدم الدفع ضده ولتخلف المطعون ضده عن تنفيذ التزامه أقامت دعواها بطلباتها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 12/ 1988 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 528 لسنة 106 ق القاهرة. بتاريخ 6/ 2/ 1990 قضت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استند في قضائه على أن موضوع التداعي الكمبيالة المحررة في 17/ 6/ 1985 والمستحقة في 24/ 9/ 1985 وأنها باعتبارها من آثار عقد فتح الاعتماد ويسري عليها القرار الوزاري رقم 169 لسنة 1985 لتعلقه بالنظام العام دون أن يبين سبب ذلك في حين أن موضوع التداعي هو الاعتماد المستندي الذي تم في 17/ 2/ 1985 وأن سحب الكمبيالة وسيلة للوفاء بالعملة المصرية المقابلة للدولارات التي تعهد البنك المطعون ضده بتوفيرها في عقد فتح الاعتماد وأن الالتزام بوفاء كامل قيمة الاعتماد قد نشأ في ظل القرار رقم 5 لسنة 1985 فتخضع له آثاره ولا يؤدي بالضرورة تعلق القرار رقم 169 لسنة 1985 بالنظام العام إلى تطبيقه على الاعتماد موضوع النزاع إلا أن الحكم طبقه دون أن يشير إلى تقرير الخبير الذي خالف رأيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً تخضع لسلطاته الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أُبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين، وكان المراد بالقانون وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم فتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها، وكانت أحكام قوانين النقد الأجنبي المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام إذ قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فتسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على العقود حتى ولو كانت مبرمة قبل العمل بها. لما كان ذلك، وكان قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 5 لسنة 1985 قد جعل استيراد القطاع الخاص من الخارج عن طريق البنوك على أن يقوم المستورد بسداد قيمة الاعتمادات ونسب التأمين النقدي بالجنيه المصري التي تحدده اللجنة المختصة بالبنك المركزي على أن يتولى الجهاز المصرفي تدبير النقد الأجنبي اللازم للتغطية, وكان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قد أصدر قراره رقم 169 لسنة 1985 المعمول به من 6/ 4/ 1985 وأوجب فيه على المستورد سداد قيمة الاعتمادات الخاصة بالاستيراد ونسب التأمين بالنقد الأجنبي ملغياً قراره السابق في هذا الشأن. وكان الثابت أن الكمبيالة موضوع النزاع أثر من الآثار المترتبة على الاعتماد المستندي الذي نشأ في ظل القرار رقم 5 لسنة 1985 وأن تاريخ تحريرها 17/ 6/ 1984 واستحقاقها 25/ 9/ 1985 ومن ثم يسري عليها أحكام القرار رقم 169 لسنة 1985، وإذ اعتنق الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا عليه إن التفت عن النتيجة المغايرة التي انتهى إليها الخبير في تقريره ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 655 لسنة 62 ق جلسة 31 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 299 ص 1612

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ فهمي السيد الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري أبو الليل، محمد يسري زهران، حسن يحيي فرغلي وأحمد هاشم عبد الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(299)
الطعن رقم 655 لسنة 62 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن: تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار". اختصاص. "اختصاص المحاكم المدنية". تعويض.
(1) المحكمة المدنية. لها سلطة أصيلة في الاختصاص بنظر طلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار أو بطلب التعويض عنه. يستوي أن يكون الفعل الضار جريمة أم لا أو كان التعويض المطلوب عيناً أو نقداً.
(2) اختصاص المحاكم المدنية بدعوى التعويض العيني أو النقدي لا يحول دونه سماح المشرع للمضرور من الجريمة في بعض الحالات من الادعاء مدنياً أمام المحاكم الجنائية ولا ما أوجبه على هذه المحاكم بالقضاء بالرد وإعادة الحال إلى ما كانت عليه. علة ذلك. عدم وجود نص على انفراد المحاكم الجنائية بالاختصاص في طلب رد الحال إلى ما كانت عليه أو طلب التعويض الناشئ عن الجريمة أو على ما يمنع أولي الشأن من اللجوء إلى المحاكم المدنية.

----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المحاكم المدنية هي السلطة الأصيلة التي لا شبهة في اختصاصها بنظر رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار، أو بطلب التعويض عنه، سواء اعتبر هذا الفعل جريمة - تختص المحاكم بتشكيلها الجنائي بالعقاب عليها - أو لم يكن كذلك، وسواء كان التعويض المطلوب عيناً وذلك بإصلاح الضرر الناشئ عن هذا الفعل لإزالة آثاره وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو كان التعويض نقداً.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يمنع اختصاص المحاكم المدنية بدعوى طلب التعويض العيني أو النقدي، وسماح المشرع لمن لحقه ضرر من الجريمة بالادعاء مدنياً أمام المحاكم الجنائية المنظورة أمامها الدعوى الجنائية, ولا ما أوجبة المشرع على تلك المحاكم في حالات محددة بأن تقضي - دون توقف على طلب المضرور - وتبعاً لقضائها بالعقوبة بالرد وإعادة الحال إلى ما كانت عليه باعتبار أن القضاء بحرمان المتهم من ثمار عدوانه وإن كان يستكمل الغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها للردع إلا أنه في حقيقته يتضمن تعويضاً عن ضرر فعلي حاق بالمضرور، ومن هذه الحالات ما نص عليه المشرع في المادة 77 من القانون 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن من معاقبة من تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وعلى أنه "وفي جميع الأحوال يجب الحكم على المخالف بأن يرد غلي صاحب الشأن ما تقاضاه....." وما نص عليه في المادة 25/ 2 من القانون 136 لسنة 1981 من أنه "وفضلاً عن الحكم بالغرامة المنصوص عليها في هذه القوانين تقضي المحكمة المختصة بإبطال التصرف المخالف واعتباره كأن لم يكن وبرد الحالة إلى ما يتفق مع أحكام القانون مع إلزام المخالف بالتعويض إن كان له مقتضى" وليس في هذين النصين ولا في أي تشريع آخر ما يدل على انفراد المحاكم الجنائية في هذه الحالة وأمثالها بالاختصاص بالفصل في طلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار أو طلب التعويض عن الضرر الفعلي الناشئ عن الجريمة، ولا يمنع أولي الشأن من اللجوء إلى المحاكم بتشكيلها المدني باعتبارها صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بالفصل في هذه الطلبات وإلا استحال على المضرور إصلاح الضرر الناشئ عن جريمة وعلاج آثارها التي لحقته سواء بطلب التعويض أو بطلان التصرف في حالة انقضاء الدعوى لأي سبب من أسباب الانقضاء أو عند محاكمة الجاني أمام محكمة جنائية لا يسمح المشرع للمضرور برفع الدعوى المدنية أمامها تبعاً للدعوى الجنائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم 12 لسنة 1991 أمام محكمة سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يرد إليه مبلغ 4110 جنيهاً، اشترط عليه سدادها لصندوق الخدمات التنمية المحلية بالمحافظة التي يمثلها ليؤجره المحل المبيّن بالصحيفة، حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ أربعة آلاف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 347 لسنة 66 ق لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" التي قضت بتاريخ 10/ 12/ 1991 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الاختصاص النوعي إذ ألزمه برد المبلغ المدعى به باعتباره مبلغاً إضافياً دفع للمحافظة بوصفها مؤجرة خارج نطاق عقد الإيجار وهي مسألة اختص المشرع محاكم أمن الدولة الجزئية دون غيرها بالفصل فيها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المحاكم المدنية هي السلطة الأصلية التي لا شبهة في اختصاصها بنظر طلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار، أو بطلب التعويض عنه، سواء اعتبر هذا الفعل جريمة - تختص المحاكم بتشكيلها الجنائي بالعقاب عليها - أو لم يكن كذلك، وسواء كان التعويض المطلوب عيناً وذلك بإصلاح الضرر الناشئ عن هذا الفعل بإزالة آثاره وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو كان التعويض نقداً، ولا يمنع اختصاص المحاكم المدنية بدعوى طلب التعويض العيني أو النقدي، سماح المشرع لمن لحقه ضرر من الجريمة بالادعاء مديناً أمام المحاكم الجنائية المنظورة أمامها الدعوى الجنائية, ولا ما أوجبه المشرع على تلك المحاكم في حالات محددة بأن تقضي - دون توقف على طلب المضرور وتبعاً لقضائها بالعقوبة بالرد وإعادة الحال إلى ما كانت عليه باعتبار أن القضاء بحرمان المتهم من ثمار عدوانه وإن كان يستكمل الغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها للردع إلا أنه في حقيقته يتضمن تعويضاً عن ضرر فعلي حاق بالمضرور، ومن هذه الحالات ما نص عليه المشرع في المادة 77 من القانون 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن من معاقبة من تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار وعلى أنه "وفي جميع الأحوال يجب الحكم على المخالف بأن يرد إلى صاحب الشأن ما تقضاه...." وما نص عليه في المادة 25/ 2 من القانون 136 لسنة 1981 من أنه "وفضلاً عن الحكم بالغرامة المنصوص عليها في هذه القوانين تقضي المحكمة المختصة بإبطال التصرف المخالف واعتباره كأن لم يكن، وبرد الحالة إلى ما يتفق مع أحكام القانون مع إلزام المخالف بالتعويض إن كان له مقتض" وليس في هذين النصين ولا في أي تشريع آخر ما يدل على إنفراد المحاكم الجنائية في هذه الحالة وأمثالها بالاختصاص بالفصل في طلب رد الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الضار أو طلب التعويض عن الضرر الفعلي الناشئ عن الجريمة، ولا يمنع أولي الشأن من اللجوء إلى المحاكم بتشكيلها المدني باعتبارها صاحب الولاية العامة والاختصاص الأصيل بالفصل في هذه الطلبات وإلا استحال على المضرور إصلاح الضرر الناشئ عن جريمة وعلاج آثارها التي لحقته سواء بطلب التعويض أو بطلان التصرف في حالة انقضاء الدعوى لأي سبب من أسباب الانقضاء أو عند محاكمة الجاني أمام محكمة جنائية لا يسمح المشرع للمضرور برفع الدعوى المدنية أمامها تبعاً للدعوى الجنائية...... وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.