الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 يونيو 2015

دستورية العقاب على البلاغ الكاذب

قضية رقم 22 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المن عقدة يوم السبت الرابع عشر من مارس سنـة 2015م، الموافـق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور         رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبد الوهاب عبدالرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجــــــــار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى اسكندر                          نواب رئيس ا لمحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /محمد ناجى عبد السميع                        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجـدول المحكمـة الدستورية العليـا برقـم 22 لسنة 25 قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيدة /افتراج مختــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار على
ضــــــد
1 - السيد رئيس الجمهوريــــــــــــــــــــــــــة
2 - السيد رئيس مجلسالـــــــــــــــــوزراء
3 - السيد المستشار وزير العـــــــــــــــدل
4 - السيد المستشار النائب العــــــــــــــــام
5 – السيد / عصام زكىعبد العـــــــــــــال
الإجـــــــــراءات
          بتاريخ السادس عشر من يناير سنة 2003،أودعت المدعية قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا صحيفة هذه الدعوى، طلبًا للحكم بعدم دستورية المادة (305) من قانون العقوبات .
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكـرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
          وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضينتقريرًا برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمـــــة
          بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليه الخامس أقام بطريق الادعاءالمباشر الجنحة رقم 6342 لسنة 2002 جنح قسم بولاق الدكرور قِبَلَ المدعية، بطلبعقابها بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة (305) من قانون العقوبات، وإلزام ها أنتؤدى له تعويضاً مؤقتاً مقداره (2000) جنيه، بوصف أنها أبلغت كذباً، وبسوء قصد،باعتدائه عليها بالضرب. فقضت محكمة جنح بولاق الدكرور بمعاقبة المتهمة بالحبس شهرًا مع الشغل، وإلزام ها أن تؤدى للمدعى بالحقوق المدنية (2000) جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وإذ لم ترتض المتهمة هذا الحكم فاستأنفته، وقُيِّدَ استئنافها برقم 16546 لسنة 2002 جنح مستأنف بولاق الدكرور، وحال نظر الاستئناف، دفعت بعدم دستورية المادة (305) من قانون العقوبات . وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى الماثلة .
   وحيث إن المادة (305) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 تنص على أن " وأما منأخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فيستحق العقوبة ولو لم يحصل منه إشاعة غير الأخبار المذكورة ولم تقم دعوى بما أخبر به " .
    وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية، لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع . إذ كان ذلك،وكانت المدعية قد قدمت للمحاكمة الجنائية، بوصف قيامها بالإبلاغ كذباً، وبسوء قصد، باعتداء المدعى عليه الخامس عليها بالضرب، وكان ذلك الفعل هو صورة التجريم التي تضمنتها المادة (305) من قانون العقوبات . ومن ثم، فإن الفصل فى دستورية خضوع الفعل المشار إليه لنموذج التجريم الوارد بذلك النص، يرتب انعاكسًا أكيدًاومباشرًا على الدعوى الموضوعية، وتتوافر للمدعية مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن على دستوريته، ويتحدد به نطاق الدعوى الماثلة .
    وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه أنه ورد خالياً من تحديد العقوبة الواجبة التطبيق على من يخالف شق التكليف الوارد بها، فلم تحدد المادة العقوبة لا تصريحاً ولا إحالة إلى غيرها من المواد،مخالفة بذلك ما أوجبه الدستور من أن تحدد الجرائم تحديداً من ضبطاً، من خلال نصوصقانونية واضحة، يبين منها أركان الجريمة، والعقوبة المقررة لها، مما يصم النص المطعون فيه بالغموض؛ على نحو يكون معه إنفاذه مرتبطاً بمعايير شخصية قد تخالطها الأهواء، وهو ما يخل بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. كما أن تقييد المحكمة التىتفصل فى دعوى البلاغ الكاذب بالأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، وبالحكم الصادر عنالواقعة التى كانت محلًّا للجريمة، يمثل إخلالاً بحق المتهم فى محاكمة من صفة، يكفلله فيها ضمانات الدفاع عن نفسه؛ الأمر الذى يتعارض مع ما توجبه المادتان (10) ،(11) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، كما يتعارض مع المواد (64) ، (65)، (165)من دستور سنة 1971 .
    وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – وعلى ماجرى عليه قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه؛وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم،ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النص المطعون فيه فى ضوء أحكام الدستور الحالىالصادر فى 18/1/2014 .
    وحيث إن النطاق الحقيقى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – إنما يتحدد على ضوء عدة ضمانات يأتى على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة، لا خفاء فيها أو غموض. فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًاباتساعها، أو بخفائها، من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها . متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه، قد صيغت عباراته بطريقة واضحة لا خفاء فيها أو غموض، تكفل لأن يكون المخاطبون بها علىبينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها؛وكان البين من مطالعة الباب السابع من الكتاب الرابع من قانون العقوبات، أن المادة (302) منه عرفت جريمة القذف، وحددت المادة (303) منه عقوبة تلك الجريمة، ثم أحالنص المادة (305) "النص المطعون عليه" فى بيان العقوبة على أقرب عقوبة مذكورة، وهى عقوبة جريمة القذف، الواردة فى المادة (304)، وبحسبان أن البلاغ الكاذب،صورة خاصة من صور جريمة القذف؛ فإن ما تنعاه المدعية على النص المطعون عليه من عدمتقريره لعقوبة ما لجريمة البلاغ الكاذب، يكون قد جاء على غير سند .
   وحيث إن افتراض أصـل البراءة – وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة – يُعد أصلاً ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية، وينسحب إلى الدعوى الجنائية فى جميع مراحلها، وعلى امتداد إجراءاتها . وقد غدا حتميًّا عدم جواز نقض البراءة بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها المحكمة، وتكوّن من مجموعها عقيدتها حتى تتمكن من دحض أصل البراءة المفروض فى الإنسان، على ضوء الأدلة المطروحة أمامها، والتى تثبت كل ركن من أركان الجريمة، وكل واقعة ضرورية لقيامها،بما فى ذلك القصد الجنائى بنوعيه إذا كان متطلبًا فيها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة . ولما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد أو رد بيانًا لصورة الركن المادى المكون للجريمة، وما يجب أن يقارنها من قصد عمدى من علم وإرادة، وكلها عناصر تتناضل النيابة العامة، والمتهم، فى إثباتها ونفيها أمام محكمة الموضوع، والتى لاتقضى بإنزال العقوبة بالمتهم بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها، وتكوّن من مجموعها عقيدتها. ومن ثم، فإن ما تنعاه المدعية على النص الطعين من إخلال بضمانات المحاكمة المنصفة، والحق فى الدفاع، يكون لا أساس له .
وحيث إنه من المقررأيضًا فى قضاء هذه المحكمة أنه يجب أن يقتصر العقاب الجنائى على أوجه السلوك التيتضر بمصلحة اجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامح مع من يعتدى عليها، ذلك أن القانون الجنائى، وإن اتفق مع غيره من القوانين فى سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها فى اتخاذهالجزاء الجنائى أداة لحملهم على إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلى عن تلكالتي ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد من منظور اجتماعى ما لا يجوزالتسامح فيه من مظاهر سلوكهم، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًاللدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة فى مرحلة منمراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفةالدستورية . متى كان ذلك، وكان المشرع قد توخى بالنص المطعون فيه حماية مصلحةاجتماعية معتبرة، بهدف الحفاظ على كيان المجتمع ولحمته،تتمثل فى وجوب حمايةالأعراض، وصون سمعة الأفراد، وتجنيبهم مغبة المكايدة وجرهم إلى ساحات المحاكم، أومجالس التحقيق، دون ما ذنب جنوه أو جريرة اقترفوها، إلا رغبة الجانى التشهيربالمجنى عليه، واغتيال سمعته، والنيل من مكانته، فضلاً عن صون مرفق العدالة من الاضطراب، وحمايته من شغله بما لا طائل من ورائه ولا جدوى من إشغاله به، فتتعطلمصالح من يلجأ له من المواطنين، وتضحى الحقوق عرضة للضياع، أو تأخير اقتضائها علىأفضل الفروض. وإذ رصد المشرع فى النص المطعون فيه عقوبة الغرامة التى لا تقل عنخمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه، لكل من أبلغ السلطات بواقعةمكذوبة، وأوجب لاكتمال التجريم أن يتوافر لدى الجانى علم بكذب البلاغ، وإرادةالإبلاغ رغم ذلك، وأن يثبت فوق ما تقدم سوء قصد الفاعل؛ بانتوائه الإضرار بالمجنىعليه، واغتيال سمعته، والتشهير به، وجاءت العقوبة التي رصدها النص المطعون فيه، فىإطار العقوبات المقررة للجرائم المعتبرة جنحًا، وتلك العقوبة فضلاً عن أنها تتناسبمع الإثم الجنائى لمرتكب تلك الجريمة، دون أن يصيبها غلو، أو يداخلها تفريط، فإنهاتدخل فى إطار سلطة المشرع التقديرية فى اختيار العقاب، ودون مصادرة أو انتقاص منسلطة القاضى فى تقديرها فى ضوء الخطورة الإجرامية للمتهم، إذ احتفظ النص المطعون فيه للقاضى بسلطة تقديرية فى الحكم بمقدار الغرامة المناسبة للفعل الذى قارفهالجانى، بحسب ظروف كل جريمة وظروف مرتكبها. ومؤدى ما تقدم جميعه، أن النص المطعون فيه قد التزم جميع الضوابط الدستورية المتطلبة فى مجـال التجريـم والعقـاب،موضـوعًا وصياغة، بما لا مخالفة فيه لأى من المواد ( 94، 95، 96، 151، 184) من الدستور الحالى، أو أىٍّ من أحكامـه الأخرى، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى .
فلهـــذهالأسبـــاب
          حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرةالكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
          صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره،أما السيد المستشار الدكتور عادل عمر شريف، الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقععلى مسودة الحكم، فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار رجب عبد الحكيم سليم .

الخميس، 4 يونيو 2015

عدم دستورية المغايرة بين ضوابط الدراسات العليا في ذات الكلية بين الجامعات المختلفة

قضية رقم 144 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المن عقدة يـوم السبت الرابع عشر من مارس سـنة 2015م، الموافق الثالثوالعشرين من جمادى الأولى سنة 1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور حنفى على جبالى ومحمد عبدالعزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر
والدكتور حمدان حسن فهمى                 نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم        رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع               أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
          فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 144 لســنة 24 قضائية " دستورية" المحالة من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بحكمها الصادر بجلسة 17/1/2002 في الدعوى رقم 716 لسنة 55 قضائية .
المقامة من
السيد / أشرف نزيه عرفه إبراهيم
ضـــــــــــد
1- السيد رئيس جامعة الإسكندريـــة
2- السيد عميد كلية السياحة والفنادق
بجامعة الإسكندرية
الإجراءات
بتاريخ التاسع والعشرين من أبريل سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 716 لسنة 55 قضائية، بعد أن قضت الدائرةالأولى بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 17/1/2002؛ أولاً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ثانيًا: بوقف الدعوى، وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية للدراسات العليابكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمةإصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام ضد المدعى عليهما الدعوى رقم 716 لسنة 55 قضائية أمام الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وطلب في ختامها الحكم؛ أولًاـ وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثانية (دبلوم الإرشاد السياحي والفنادق) بجامعةالإسكندرية عن العام الدراسي 1999/2000، فيما تضمنه من اعتباره راسبًا في هذهالفرقة، وما يترتب على ذلك من آثار؛ أخصها اعتباره ناجحًا مع عقد امتحان دور ثانللمادة التي رسب فيها، ثانيًا: وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية لكلية السياحةوالفنادق بجامعة الإسكندرية، فيما تضمنه من عدم عقد امتحان دور ثان لطلبة مرحلةالدبلوم، ثالثًا: بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار. وقد قررالمدعي بصحيفة دعواه أمام محكمة الموضوع أنه كان مقيدًا بالفرقة الثانية بدبلوم الإرشاد السياحي والفنادق بالكلية المذكورة في العام الدراسي (1999/2000) ورسبللمرة الثانية في امتحان مادة "الحضارة"، فأعلنت الكلية - إعمالًا للنصالمُحال - رسوبه في ذلك العام الدراسي رسوبًا كاملًا وإلغاء قيده نهائيًّابالدبلوم، كما امتنعت الكلية عن عقد امتحان دور ثان له. وبجلسة 17/1/2002 قضت محكمة الموضوع؛ أولًا: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تمكين المدعي من أداء امتحان الدور الثاني لدبلوم الإرشاد السياحي، بالفرقةالثانية (دراسات عليا) في مادة "الحضارة" في العام الجامعي (2001/2002)،ثانيًا: بوقف الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية للدراسات العليا بكلية السياحة والفنادق بجامعةالإسكندرية، لما تراءى لها من شبهة مخالفة النص المُحال لحكم المادة (40) من دستور سنة 1971، تأسيسًا على أن لائحة كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان قد منحتالطالب، في حالة رسوبه في مادة أو مادتين، الحق في إعادة الامتحان في الدورالثاني، كما منحت الطالب، في حالة رسوبه في الدور الثاني، الحق في إعادة الامتحانفي هذه المادة أو هاتين المادتين في السنة التالية، كذلك منحت الطالب، في حالةرسوبه في أكثر من مادة، الحق في إعادة الامتحان في السنة التالية في المواد التيرسب فيها، وبذلك يكون النص المُحال، دون أن تظاهره مصلحة قام الدليل على اعتبارها،قد أنشأ تمييزًا غير مبرر بين طلاب الكليتين في مرحلة الدبلوم .
وحيث إن المادة (19) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات عهدت إلى المجلس الأعلى للجامعات بوضع اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات واللوائح الداخلية للكليات والمعاهد التابعة للجامعة، لتحدد هذه اللوائح- على ما تطلبته المادة (167) من هذا القانون - الهيكل الداخلي لتكوينها والأحكامالتفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحان فيما يخصها، وذلك في حدود الإطار العامالمقرر في القانون وفي لائحته التنفيذية.
          كما ناطتالمادة 197 من قانون تنظيم الجامعات بوزير التعليم العالى إصدار قرار بلائحةداخلية لكل كلية أو معهد تابع للجامعة وذلك بعد أخذ رأى مجلس الكلية أو المعهدومجلس الجامعة وموافقة المجلس الأعلى للجامعات، على أن تنظم هذه اللائحة علاوة علىالمسائل المحددة فى قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية الشروط التفصيليةللحصول على الدرجات والشهادات العلمية والدبلومات، والقواعد الخاصة بالامتحاناتفيها .
          وتنفيذًالذلك أصدر وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى قراره رقم 256 لسنة 1993باللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية التى تنص فى المادة32 منها على أن " يُمنح الراسبون فى أى من مقررات الماجستير أو الدبلوم فرصةواحدة لإعادة الامتحان فى جميع المقررات " .
وحيث إن هذه المادة قد جرى تعديلها بمقتضى المادة الأولى منقرار وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي رقم 49 لسنة 2006 بشأن إجراء بعضالتعديلات باللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق، جامعة الإسكندرية (مرحلةالدراسات العليا)، وأصبحت تنص بعد التعديل على أن :"يُعقد امتحان دور ثانخلال شهر سبتمبر للطلاب الراسبين فيما لا يزيد على مقررين دراسيين من مقرراتالماجستير أو الدبلوم، فإذا تكرر رسوبهم، تعين عليهم إعادة إجراءات التسجيل أوالقيد في العام الجامعي التالي وأداء الامتحانات في جميع المقررات، كفرصة أخيرة،لا يجوز لهم بعدها تكرار القيد في نفس الدرجة".
وحيث إن قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقم 920لسنة 1997 قد نص على أن :"يُستبدل بنص المادة (25) من اللائحة الداخلية لكليةالسياحة والفنادق بجامعة حلوان والصادرة بالقرار الوزاري رقم 18 بتاريخ 9/1/1983النص التالي:
مادة (25): " يحدد مجلس الدراسات العليا والبحوثبالجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية مواعيد الامتحان ويمنح الراسبون في أي من مقرراتالماجستير فرصة واحدة لإعادة الامتحان في جميع المقررات.
أما بالنسبة لمرحلة الدبلوم: يُعقد امتحان دور ثان لامتحانالدبلوم في شهر سبتمبر من كل عام في مواد الرسوب فقط، على  أن يُعقد امتحان الدور الثاني للراسب في مادةأو مادتين فقط.
وفي حالة رسوب الطالب في الدور الثاني، يكون امتحانه فيالسنة التالية في مواد الرسوب فقط كفرصة أخيرة.
وفي حالة الرسوب في أكثر من مادتين، يتم امتحانه في السنةالتالية في مواد الرسوب فقط كفرصة أخيرة ".
وحيث إن المادة الأولى من قرار وزير التعليم العالي والبحثالعلمي رقم 918 لسنة 1997 تنص على أن :"تُطبق اللائحة الداخلية لكلية السياحةوالفنادق بجامعة حلوان والصادرة بالقرار الوزاري رقم 18 بتاريخ 9/1/1983، على كليةالسياحة والفنادق بجامعة المنيا".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع فيالدعوى الموضوعية تدور حول صحة قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثانية (دبلومالإرشاد السياحي والفنادق) بجامعة الإسكندرية عن العام الدراسي (1999/2000) فيما تضمنه من اعتبار المدعي راسبًا، ومن ثم فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون متحققةفي الطعن على النص المُحال المشار إليه، قبل تعديله بقرار وزير التعليم العاليوالدولة للبحث العلمي رقم 49 لسنة 2006، فيما تضمنه من منح الراسبين في أي منمقررات الدبلوم فرصة واحدة لإعادة الامتحان في جميع المقررات، وفيه ينحصر نطاق الدعوى الماثلة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعي على النص المحال مخالفته المادة(40) من دستور سنة 1971، تأسيسًا على منحه الطالب في مرحلة الدبلوم بكلية السياحةوالفنادق بجامعة الإسكندرية فرصة واحدة لإعادة الامتحان في جميع المقررات؛ في حينأن قرينه الطالب بجامعة حلوان يُمنح، في حالة رسوبه في مادة أو مادتين، الحق فيإعادة الامتحان في الدور الثاني أو في السنة التالية، كما يُمنح، في حالة رسوبه فيالدور الثاني، الحق في إعادة الامتحان في السنة التالية كذلك، وبذلك يكون النص المطعون فيه قد مايز، دون مبرر موضوعي، بين طلاب الكليتين في مرحلة الدراساتالعليا بالرغم من تماثل مراكزهم القانونية، بما يُعد إخلالًا بمبدأ المساواة.
وحيث إن حماية هذه المحكمة للدستور - وفقًا لما جرى بهقضاؤها - إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثررجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر النص المحال في ظل العملبأحكامه، طالما أن هذا النص قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استُبدل نص آخربه خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان النص المحال قد تم استبدال نصآخر به قبل نفاذ الدستور الحالي الصادر في 18/1/2014، ومن ثم يتعين الاحتكام، فيشأن المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المحال، إلى نصوص دستور سنة 1971 الذي عُملفي ظله بالنص المطعون فيه، إلى أن تم استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلكالدستور.
وحيث إن المادة (18) من دستور سنة 1971 تنص على أن:"التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولةعلى مد الإلزام إلى مراحل أخرى، وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعاتومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمعوالإنتاج" .
وحيث إن كفالة الدستور لحق التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما جاء انطلاقًا من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة،وأكثرها خطرًا، بحسبانه أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربويةوالثقافية لدى النشء والشبيبة، إعدادًا لحياة أفضل يتوافق فيها الإنسان مع بيئتـهومقتضيات انتمائه إلى وطنـه، ويتمكـن في كنفها من اقتحام الطريـق إلى آفاق المعرفةوألوانها المختلفة.
وحيث إن التعليم العالي - بجميع كلياته ومعاهده - يشكلالركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع علىعواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، فإن ارتباطه - في أهدافه وأسس تنظيمه -بحاجات هذا المجتمع ومتطلبات تنمية إنتاجه يكون لازمًا، وفقًا لمعايير الجودةالعالمية، وهو ما حرص المشرع الدستوري على النص عليه صراحةً، ورددته من بعد المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات السالف الذكر عند تحديدها لرسالة الجامعات بأن يكون التعليم فيها موجهًا لخدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا، والإسهام في النهوضبالفكر وتقدم العلوم، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، المطلع على أحدث طرائقالبحث، والقيم الرفيعة لضمان ازدهار الوطن وتنمية ثروته البشرية، والعمل على بعثالحضارة العربية واستعادة التراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصلية، وذلك كله  بما يحقق الربط بين التعليم الجامعيوحاجات المجتمع والإنتاج، وفقًا للقواعد التي يتولى المشرع وضعها تنظيمًا للحق فيالتعليم، بما لا يؤدي إلى مصادرته أو الانتقاص منه، وعلى ألا تخل القيود التييفرضها في مجال هذا التنظيم بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما فيالمادتين (8) و(40) من دستور سنة 1971.
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مبدأ المساواةأمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحريةوالسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلًا في صون حقوقالمواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها  أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ ـ في جوهرهـ وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعما لها كذلك إلى تلك التي كفلهاالمشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتأيه محققًا للصالحالعام. إذ كان ذلك، وكان من المقرر أيضًا أن صور التمييز المجافية للدستور، وإنتعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة  أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلهاالدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه دستوريًّا هو ما يكون تحكميًّا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لايُعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها،وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذًامن القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلًا إليها. إذ إن ما يصونمبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيمًا تشريعيًّا ترتبطفيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، كانالتمييز انفلاتًا وعسفًا، فلا يكون مشروعًا دستوريًّا.
وحيث إن التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميعالمواطنين دون تمييز، وفقًا لنص المادة (8) من الدستور ذاته، مؤداه أن الفرص التيتلتزم الدولة بأن تتيحها للراغبين في الالتحاق بالدراسات العليا بالتعليم الجامعيمقيدة بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلىطبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة فيه، والتى يتحقق بها ومن خلالهاالتكافؤ في الفرص والمساواة أمام القانون، بما يتولد عن تلك الشروط في ذاتها منمراكز قانونية متماثلة تتحدد على ضوئها ضوابط الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فيالانتفاع بهذه الفرص، بحيث إذا استقر لأي منهم الحق في الدراسات العليا وفق هذهالشروط، فلا يجوز من بعد أن يميز بينه وبين من يماثله في مركزه القانوني، وإلا كان ذلك مساسًا بحق قرره الدستور.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلاب الدبلوم بالدراساتالعليا في كليات السياحة والفنادق، وإن تباينت هذه الكليات التي تضمهم، يتكافأونمن حيث نوع التعليم الذي يتلقونه ومن حيث إنفاق المجتمع عليهم وحاجته إلى جهودهمبعد تزودهم بالقدر اللازم من الدراسات المتخصصة في مجاله؛ فإنه يجب ردهم إلى قاعدةموحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث نظم الامتحان التي تفضي إلى ارتقائهم فيالدراسات العليا، بلوغًا في خاتمتها إلى المؤهل الذي يدفع بهم إلى معترك الحياة،خدمة لوطنهم، وتوظيفًا لما حصلوه من العلوم في مجال السياحة والفنادق، وإسهامًافاعلًا في حركة الإنتاج، وما ذلك إلا توكيدا لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حقللفرد على مجتمعه، فإنه - وبذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء. إذ كان ذلك، وكان النص المُحال لم يلتزم هذه القاعدة، وإنما تضمن تقييد حق الطلاب فيإعادة الامتحان في دبلوم الدراسات العليا بكلية السياحة والفنادق بجامعةالإسكندرية؛ بأن منح الراسبين في أي من مقررات الدبلوم بها فرصة واحدة لإعادةالامتحان في جميع المقررات، دون النص على ذلك التقييد في نظيرتيها بجامعتي حلوانوالمنيا، ودون أي مبرر موضوعي لهذا التمييز، متحيفًا بذلك الحق في التعليم،ومتنكبًا ـ تبعًا لذلك ـ الهدف الذي تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكًا كلاً منمبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص في الحق في التعليم، ومن ثم يكون هذا النصالمُحال مخالفًا لأحكام المواد (8) و(18) و(40) من دستور سنة 1971؛ بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
فلهـذه الأسبـاب
     حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (32) من اللائحة الداخلية لكلية السياحة والفنادق، جامعة الإسكندرية، الصادرة بقرار وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي رقم 256 لسنة1993؛ قبل تعديله بقرار وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي رقم 49 لسنة2006، فيما تضمنه من منح الراسبين في أي من مقررات الدبلوم فرصة واحدة لإعادةالامتحان في جميع المقررات.

دستورية تخويل المستأجر الحق فى إجراء تغيير بالعين المؤجرة بدون إذن المؤجر

قضية رقم 323 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المن عقدة يوم السبت الرابع عشر من مارس سنـة 2015م، ‏الموافـق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة1436 هـ .‏
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور‏        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبدالوهاب عبد الرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى ‏وسعيد مرعـىعمـــــرو والدكتور عادل عمـر شريف ورجب عبد الحكيـــــــم سليم ‏وبولس فهمىاسكندر                                     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم      رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /محمد ناجى عبد السميع            أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجـدول المحكمـة الدستورية العليـا برقـم 323 لسنة ‏‏23 قضائية" دستورية " .‏
المقامة من
الطائفةاليهودية بالإسكندرية – هيئة دينية مصرية –‏
ويمثلهاالسيد / يوسـف دافيد هــــــــــرارى
ضـــــــــــد
‏1-‏  السيد / ينى نيكيتاجافــــــــــــالاس
‏2-‏  السيد رئيس الجمهوريــــة
‏3-‏  السيد رئيس مجلــــس الوزراء
‏4–‏  السيد رئيس مجلس الشـــعب
الإجـــــــــــــراءات
   بتاريخ الخامس من شهر نوفمبر سنة 2001،أودعت الطائفة المدعية ‏صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم ‏دستورية الفقرة الأولى من المادة (580) من القانون المدنى، وذلك فيما تضمنته ‏من تخويل المستأجر الحق فى إجراء تغيير بالعين المؤجرة بدون إذن المؤجر، ‏طالما كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أى ضرر بالمؤجر .‏
   وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم أصليًا بعدم قبول ‏الدعوى، واحتياطيًا برفضها .‏
  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .‏
  ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة ‏إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .‏
المحكمــــــة
 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.‏
  حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق – ‏تتحصل فى أنه بموجب عقد إيجار أماكن مؤرخ 17/9/1973استأجر المدعى ‏عليه الأول من الطائفة المدعية وحدة بالعقار رقم 63 شارع النبىدانيال، قسم ‏العطارين، بالإسكندرية بغرض استعما لها مكتبًا سياحيًّا . وحظر العقد،فى الفقرة ‏الخامسة من البند الرابع منه، على المستأجر أن يجرى فى العين المؤجرةأى ‏تغييرات بالتنسيق أو البناء، أو القيام بأى أعمال هدم أو نقب أو أى عمل من‏شأنه إفساد معالم العين، ما لم يحصل على إذن كتابى صريح من المالك، ‏وبمراعاة أنتتم الأعمال تحت الإشراف والملاحظة الدقيقة للمهندس الذى يعينه ‏المؤجر . وإذ خالفالمستأجر هذا الحظر، وأجرى بالعين – دون موافقة المؤجر ‏‏(الطائفة المدعية) – جملةتعديلات إنشائية تضررت منها الأخيرة، فأقامت الدعوى ‏رقم 851 لسنة 1996 (مساكن) أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، وطلبت فيها ‏أصليًّا الحكم بثبوت استعمال المستأجرللعين المؤجرة استعما لاً ضارًّا بسلامة ‏المبنى، وإبان نظرها، تقدمت بطلب احتياطىبتقرير حق الانتفاع المستحق لها ‏عن التعديلات التى أجريت بالعين، فقضت المحكمةبجلسة 27/12/1999 ‏برفض الطلب الأصلى، وبجلسة 25/12/2000 برفض الطلب الاحتياطى؛مما ‏حدا بالطائفة المدعية إلى إقامة دعوى جديدة قيدت برقم 492 لسنة 2001،‏أمـــام محكمة الإسكندرية الابتدائيـــــة، وطلبت فيهــــــا الحكــــم ( أولاً )بتقدير ‏المحكمة لجدية الدفع بعدم دستورية المادة (580/1) من القانون المدنى فيما‏تضمنته من تخويل المستأجر الحق فى إجراء تغييرات بالعين المؤجرة بدون إذن‏المؤجر، طالما كانت تلك التغييرات لا ينشأ عنها أى ضرر به، وذلك لمخالفتها ‏لنص المادتين (34 و41) من دستور سنة 1971، وتمكينها من رفع الدعوى ‏الدستورية بذلكأمام المحكمة الدستورية العليا. و(ثانيًا) بالحكم فى موضوع ‏الدعوى بإلزامالمستأجر بإزالة التغييرات والتعديلات والإنشاءات التى أقامها بالعين ‏المؤجرة، معإلزامه بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، وعلى نفقته الخاصة، حتى ‏ولو لم يكن قد نشأعن تلك التغييرات والتعديلات أى ضرر للطالبة. و(ثالثًا) إلزام ‏المستأجر بأن يدفعللطالبة غرامة تهديدية، مقدارها خمسون جنيهًا، عن كل يوم ‏من أيام التأخير فى تنفيذ حكم الإزالة، وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، وحتى يوم ‏التنفيذ . وأثناء نظر الدعوى، دفعت المدعية مجددًا بعدم دستورية النص الطعين . ‏وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية، فقد ‏أقامت الدعوى الماثلة .‏
وحيث إن المادة (580) من القانون المدنى تنص على أنه : 
‏"(1) لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييرًا بدون إذن المؤجر إلا إذا‏كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أى ضرر للمؤجر .‏
‏(2)فإذا أحدث المستأجر تغييرًا فى العين المؤجرة مجاوزًاً فى ذلك حدود الالتزام‏الوارد فى الفقرة السابقة، جاز إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التى كانت عليها‏وبالتعويض إن كان له مقتض ".‏
          وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة المباشرة ‏يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها ‏العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل فى غير المسائل الدستورية التى ‏يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى . ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع ‏عنصرين، أولهما : أن يقيم المدعى أو حكم الإحالة، وفى الحدود التى اختصم‏فيها النص المطعون فيه، الدليل على أن ضررًا واقعيًّا، اقتصاديًّا أو غيره قد لحق‏به، وثانيهما : أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه وليس ضررًا‏متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً عليه، أو كان‏من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، ‏دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى ‏فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها ‏مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.‏
          وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية ‏تدور حول طلب الطائفة المدعية إلزام المدعى عليهالأول بإزالة ما أدخله على ‏العين المؤجرة من تغييرات وتعديلات بدون إذنها، وإعادةالحالة إلى ما كانت ‏عليه، على نفقته الخاصة، حتى ولو لم ينشأ عن هذه التعديلات أىضرر ‏للمدعية، وكذلك إلزامه بدفع غرامة تهديدية للمدعية عن كل يوم من أيام التأخير‏فى تنفيذ حكم الإزالة، وكان نص البند (1) من المادة (580) من القانون المدنى‏يجيز للمستأجر إحداث تغييرات بالعين المؤجرة بدون إذن المؤجر، متى كانت هذه‏التغييرات لا ينشأ عنها ضرر للمؤجر، فإن الفصل فى دستورية هذا النص يعد ‏لازمًاللفصل فى الدعوى الموضوعية، ومن ثم يتوافر للمدعية المصلحة الشخصية ‏المباشرة فى الطعن عليه، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الماثلة     وحيث إن المدعية تنعى على النص الطعين إخلاله بالحماية المقررة ‏للملكية الخاصة،وإهداره لمبدأ حرية التعاقد، بالمخالفة لنص المادتين (34 و41) ‏من دستور سنة 1971،المقابلتين لنص المادتين (35 و54) من الدستور ‏القائم، تأسيسًا على أن تخويلالمستأجر إجراء ما يتراءى له من تعديلات بالعين ‏المؤجرة بالضوابط التى حددها النص الطعين، ودون موافقة أو إذن المالك، وحتى ‏فى الحالات التى يتضمن العقد فيها شرطًااتفاقيًّا بمنع قيام المستأجر من إجراء ‏مثل هذه التعديلات، هو أمر فيه عدوان على حق الملكية الخاصة، وتقييد لها، ‏ومساس بحق المالك فى الحفاظ على التصميم الهندسىوالمعمارى لملكه، وإهدار ‏لحجية العقد، واتفاق المتعاقدين .‏
          وحيث إن الرقابة على دستورية القوانينواللوائح، من حيث مطابقتها ‏للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم ‏دون غيره . إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – وعلى ماجرى عليه قضاء ‏هذه المحكمة – صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه؛وأن ‏نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم،‏ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما ‏يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . لما كان ذلك، فإن هذه‏المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النص الطعين فى ضوء أحكام الدستور ‏القائمالصادر فى 18/1/2014 .‏
          وحيث إن ما تنعاه المدعية على النص الطعين على النحو المتقدم مردود؛ ‏ذلك أن المقرر قانونًا – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن حق الملكية، ‏وباعتباره من صرفًا إلى الحقوق العينية والشخصيةجميعها، وكذلك إلى حقوق ‏الملكية الأدبية والفنية والصناعية – هو حق نافذ فى مواجهة الكافة، ليختص ‏صاحبه دون غيره بالأموال التى يملكها، وتهيئة الانتفاعالمفيد بها، لتعود إليه ‏ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها؛ وكان صون حرمتها مؤداه ألا تزول الملكية عن ‏ذويها بانقطاعهم عن استعما لها، ولا أن يجردها المشرع من لوازمها،أو يفصل ‏عنها بعض الأجزاء التى تكونها، ولا أن ينال من أصلها، أو يعدل منطبيعتها، أو ‏يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها‏الاجتماعية، ولا أن يتذرع بتنظيمها إلى حد هدم الشئ محلها. ذلك أن إسقاط ‏الملكيةعن أصحابها - سواء بطريق مباشر أو غير مباشر – عدوان عليها ‏يناقض ما هو مقررقانونًا من أن الملكية لا تزول عن الأموال محلها، إلا إذا ‏كسبها أغيار وفقًاللقانون .‏
          وحيث إن السلطة التقديرية التى يملكهاالمشرع فى موضوع تنظيم ‏الحقوق، لازمها أن يفاضل بين بدائل متعددة مرجحًا من بينهاما يراه أكفل ‏لتحقيق المصالح المشروعة التى قصد إلى حمايتها. إلا أن الحدود التىيبلغها هذا ‏التنظيــــم لا يجوز بحــــال أن ينفلت مداهـــا إلى ما يعد أخذًاللملكية من أصحابها، ‏سواء من خلال العدوان عليها بما يفقدها قيمتها، أو عن طريقاقتحامها ماديًّا. ‏بل إن اقتلاع المزايا التى تنتجها، أو تهميشها مؤداه سيطرةآخرين فعلاً عليها، أو ‏تعطيل بعض جوانبها .‏
          وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الدستور قد ‏كفل حق الملكية الخاصة، وحوطه بسياج من الضمانات التىتصون هذه الملكية، ‏وتدرأ كل عدوان عليها، إلا أنه فى ذلك كله لم يخرج عن تأكيدهعلى الدور ‏الاجتماعى لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التى تقتضيها أو‏تفرضها ضرورة اجتماعية، وطالما لم تبلغ هذه القيود مبلغًا يصيب حق الملكية فى‏جوهره أو يعدمه جل خصائصه. كما جرى قضاء هذه المحكمة أيضًا على أن حرية ‏التعاقد– وهى وثيقة الصلة بالحق فى الملكية – قاعدة أساسية يقتضيها الدستور ‏صونًا للحريةالشخصية، وهذه الحرية التى تعتبر حقًّا طبيعيًّا ولازمًا لكل إنسان ‏يستحيل وصفهابالإطلاق، بل يجوز فرض قيود عليها وفق أسس موضوعية تكفل ‏متطلباتها دون زيادة أونقصـــان، فلا تكون حرية التعاقـــــد بذلك إلا حقًّا موصوفًا ‏لا يدنيها من أهدافهاإلا قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها، وبين تمردها ‏على كوابحها والحدودالمنطقية لممارستها، وبين مروقها مما يحد من اندفاعها ‏وردها إلى ضوابط لا يمليهاالتحكم. وفى إطار هذا التوازن تتحدد دستورية القيود ‏التى يفرضها المشرع عليها. فإذا ساغ للسلطة التشريعية استثناءً أن تتناول ‏أنواعًا من العقود لتحيط بعضجوانبها بتنظيم أمر، فإن ذلك لابد أن يكون مستندًا ‏إلى مصلحة مشروعة . ‏
          لما كان ذلك، وكان النص الطعين، في معالجته للمسألة التى نظمها، قد ‏أقام موازنة دقيقة استهدف من وراء إقرارها مراعاة مصالح كل من المؤجر ‏والمستأجر على السواء، حتى لا يمتد الضرر إلى أى منهما، وعلى نحو لا يسمح ‏لأيهما بالاستئثار على الآخر؛ فقصر الالتزام بالحصول على الموافقة المسبقة ‏للمؤجر، عند إجراء المستأجر لتعديلات بالعين المؤجرة، على الحالات التىقد ‏يترتب فيها على إحداث مثل هذه التعديلات إضرار بالمؤجر، تاركًا للمستأجر إجراء‏ما يلزمه من تعديلات، تحقق له الاستفادة المثلى من العين المؤجرة، التى يتمتع‏وحده، ومؤقتًا، بالحق فى استعما لها طبقًا للعقد. ومن ثم، لا يكون النص الطعين ‏قدانطوى على انتهاك لحقوق المؤجر أو مساس بملكيته؛ وإنما قرر قاعدة ‏موضوعية تفرضهاضرورات منطقية، وتستلزم أن يكون لمن انتقل إليه الحق فى ‏الاستعمال مؤقتًا حرية ممارسة هذا الحق بما ليس فيه إضرار بحقوق المالك. ‏وليس فى ذلك إخلال بحرية التعاقد. ذلك أن حرية التعاقد – وأيًّا كان الأصل الذى ‏تتفرع عنه أو تُرد إليه –لا تعنى على الإطلاق أن يكون لسلطان الإرادة دور كامل ‏ونهائى فى تكوين العقود،وتحديد الآثار التى ترتبها. وقد يورد المشرع فى شأن ‏بعض العقود – حتى ما يكونواقعًا منها فى نطاق القانون الخاص – قيودًا يرعى ‏على ضوئها حدودًا للنظام العام لا يجوز اقتحامها. وقد يخضعها لقواعد الشهر أو ‏لشكلية ينص عليها. وقد يعيد إلىبعض العقود، توازنًا اقتصاديًّا اختل فيما بين ‏أطرافها. وهو يتدخل إيجابيًّا فىعقود بذواتها محورًا من التزاماتها انتصافًا لمن ‏دخلوا فيها من الضعفاء. بما مؤداه أن للمشرع أن يرسم للإرادة حدودًا لا يجوز أن ‏يتخطاها سلطانها، ليظل دورهاواقعًا فى إطار دائرة منطقية، تتوازن الإرادة فى ‏نطاقها، بدواعى العدل وحقائقالصالح العام. ومن ثم، لا تكون حرية التعاقد – ‏مُحددة على ضوء هذا المفهوم –حقًّا مطلقًا، بل موصوفًا، فليس إطلاق هذه ‏الحرية وإعفاؤها من كل قيد، بجائزقانونًا، وإلا آل أمرها سرابًا انفلاتًا. متى كان ‏ذلك، وكان التنظيم الذى أقامهالنص الطعين ليس من شأنه أن يخل بالتوازن ‏المطلوب فى العلاقات الإيجارية، ولايهدف إلى إثراء المستأجر على حساب ‏المؤجر، وإنما سمح للمستأجر بإجراء التعديلاتاللازمة فى العين، بما ليس فيه ‏إضرار بالمؤجر، بما يضمن له مباشرة حقه فىالاستعمال الذى انتقل إليه بصفة ‏مؤقتة من المؤجر خلال فترة الإجارة، وهو ما منشأنه إعمال أحكام العقد وفقًا ‏للمقصود منها، على النحو الذى يحقق التضامن بين المؤجر والمستأجر من ‏الوجهة الاجتماعية، وتتوافق فيه مصالحهما، ولا تتنافر، من الوجهة الاقتصادية، ‏وهو ما يبرأ معه النص الطعين من شبهــة المخالفة الدستورية .‏
          وحيث إن النص الطعين لا يخالف الدستور من أى وجه آخر، فإنه يتعين ‏القضاء برفض الدعوى .‏
فلهــــــــذه الأسبــــاب
          حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الطائفة المدعية ‏المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .‏

          صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره ، أما السيد المستشار الدكتور ‏عادل عمر شريف، الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقععلى مسودة الحكم، ‏فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار محمد خيرى طه .‏

دستورية تمييز العامل بسبب نشاطه النقابي

قضية رقم 120 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
  بالجلسة العلنية المن عقدة يـوم السبتالرابع عشر من مارس سـنة 2015م، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة 1436هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبدالوهاب عبدالرازق والدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر
والدكتور حمدان حسن فهمى        نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم                  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبدالسميع    أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
          فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 120 لســنة 20 قضائية " دستورية "
المقامة من
السيد /محمد حسن فج النور
بصفته رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة الشرق الأقصى
ضـــــــــد
1- السيد رئيس الجمهوريـــــــــــــة
2- السيد رئيس مجلس الشعـــــــــــــــــب
3- السيد رئيس مجلس الـــــــــــــــــــوزراء
4- السيد وزير العــــــــــــــــــــدل
5- السيد /محسن عبد الله عبد المعطي أبو سعدة
الإجراءات
بتاريخ الرابع من يونيه سنة 1998، أودع المدعي صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا في ختامها الحكم بعدم دستورية نصي الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة (48) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة1976.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى، كما قدم المدعى عليه الخامس مذكرة بدفاعه، طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضيرالدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرتالدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليهالأخير، وهو عضو باللجنة النقابية للعاملين بالبنك المدعي، كان قد أقام الدعوى رقم639 لسنة 1997"عمال" أمام محكمة الجيزة الابتدائية؛ طالبًا الحكم بصفة مستعجلة : بوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس إدارة البنك المدعي الصادر بنقله من المركزالرئيسي للبنك الكائن بشارع النيل بالجيزة إلى فرع البنك للمعام لات الإسلاميةالكائن بشارع مصدق بالجيزة، وفي الموضوع : بإلغاء هذا القرار، مع إلزام البنكبتعويضه عن الأضرار المترتبة على ذلك؛ استنادًا إلى ما تنص عليه المادة (48) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 من عدم جواز نقل عضومجلس إدارة المنظمة النقابية من المنشأة داخل أو خارج المدينة التي يوجد بها مقرعمله خلال مدة الدورة النقابية إلا بعد موافقته الكتابية على ذلك. وبجلسة11/4/1998 دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (48) من قانون النقابات العماليةالصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعيبإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (48) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976المستبدلة بالقانون رقم 1 لسنة 1981 تنص على أنه :"لا يجوز وقف عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية عن العمل بالمنشأة التابع لها احتياطيًّا أو تأديبيًّا أوتوقيع عقوبة الفصل عليه إلا بناءً على قرار أو حكم من السلطة القضائية المختصة.
كما لا يجوزندبه لمدة تزيد على أسبوعين أو نقله من المنشأة داخل أو خارج المدينة التي يوجدبها مقر عمله خلال مدة الدورة النقابية إلا بعد موافقته الكتابية على ذلك.
وتسري أحكامالفقرتين السابقتين على المرشح لعضوية المنظمة النقابية خلال فترة الترشيح لهذهالمنظمة.
ويُعتبرباطلاً كل قرار يصدر بالمخالفة لأحكام أي من الفقرات السابقة".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول صحة القرار الصادر بنقل المدعى عليه الأخير، وهو عضو باللجنة النقابية للعاملين بالبنكالمذكور، ومن ثم فإن مصلحة المدعي الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (48) السالفة الذكر من عدم جواز نقل عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية من المنشأة داخل أو خارج المدينة التي يوجد بها مقر عملهخلال مدة الدورة النقابية إلا بعد موافقته الكتابية على ذلك، وفيها ينحصر نطاق الدعوى الماثلة، ولا يمتد لغيرها من أجزاء النص المطعون عليه.
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه مخالفته لنصوص المواد (7) و(8) و(40) و(41)و(65) و(68) و(165) من دستور سنة 1971، وذلك تأسيسًا على أنه يمايز - دون مسوغ -بين العامل عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية وزميله العامل في المنشأة ذاتها؛ بأنمنح الأول حصانة عدم نقله من مقر عمله، ووضع قيودًا على حرية رب العمل في تنظيممنشأته؛ فأعدم بذلك سلطته المستمدة من العقد المبرم مع العامل النقابي، ومن القانون الذي أعطاه حق نقل العامل من وظيفة إلى أخرى بلا معقب عليه في هذا الشأن،ما دام أن هذا النقل قد تم طبقًا لمقتضيات مصلحة العمل وخلا من إساءة استعما لالسلطة، بالإضافة إلى أن هذا النص قد منح العامل النقابي معاملة تفضيلية تنافي حقائق العدل وتخل بمباشرة السلطة القضائية لولايتها؛ عن طريق إضفاء حصانة خاصةعليه دون سواه من أعضاء النقابات المهنية الأخرى، مما يُعد معه النص المطعون فيهمخلاًّ بالتضامن الاجتماعي ومهدرًا مبدأ المساواة، فضلًا عن مخالفته حق التقاضي ومبدأ خضوع الدولة للقانون.
وحيث إنالرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنهاالدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنماتستهدف أصلاً -على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة -صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المطعون عليها من خلال أحكام الدستور الحالي الصادر سنة 2014 باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
وحيث إنمبنى الطعن مخالفة النص المطعون فيه لأحكام المواد (7) و(8) و(40) و(41) و(65)و(68) و(165) من دستور سنة 1971، وكانت نصوص هذه المواد تتضمن الأحكام الدستوريةذاتها التي تنص عليها المواد (8) و(9) و(53) و(54) و(94) و(97) و(184) من دستور سنة 2014.
وحيث إن المادة (76) من الدستور تنص على أن:"إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطيحق يكفله القانون. وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم.
وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي،ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية".
وحيث إن الدستور قد كفل - بهذا النص - جوهر الأحكام التي انتظمتها كل من الاتفاقية السابعةوالثمانين في شأن الحرية النقابية، التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العملالدولية في دورته الحادية والثلاثين، والنافذة أحكامها اعتبارًا من 4 يوليه سنة1950، والاتفاقية الثامنة والتسعين في شأن التنظيم النقابي، التي اعتمدها المؤتمرذاته في دورته الثانية والثلاثين، والنافذة أحكامها اعتبارًا من 8 يوليه سنة 1951،وتُعتبر مصر طرفًا في هاتين الاتفاقيتين بتصديقها عليهما؛ وقد خولت أولاهما العمال- دون تمييز من أي نوع - الحق في تكوين منظماتهم التي يختارونها بغير إذن سابق،ودون تقيد بغير القواعد المنصوص عليها في دساتيرها وأنظمتها، وهي قواعد تصوغهابإرادتها الحرة وتنظم
بها – على الأخص - طرق إدارتها وبرامجها ومناحي نشاطها وبما يحول بين السلطة العامة والتدخلفي شئونها، أو الحد من ممارستها لتلك الحقوق أو تعطيلها، كما لا يجوز حل تلكالمنظمات أو تعليق نشاطها عن طريق الجهة الإدارية. وكفلت ثاني الاتفاقيتين المشار إليهما لكل عامل الحماية الكافية من أى أعمال يقصد بها التمييز بين العمال في مجالاستخدامهم؛ إخلالاً بحريتهم النقابية، ويكون ضمان هذه الحماية لازمًا بوجه خاصإزاء الأعمال التي يُقصد بها تعليق استخدام العامل على شرط عدم الانضمام إلى منظمةنقابية، أو حمله على التخلي عن عضويته فيها، أو معاملته إجحافًا لانضمامه إليها أولإسهامه في نشاطها بعد انتهاء عمله.
وحيث إنمؤدى ما تقدم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن حرية العمال في تكوينتنظيمهم النقابي، وكذلك حرية النقابة ذاتها في إدارة شئونها، بما في ذلك إقرارالقواعد التي تنظم من خلالها اجتماعاتها وطرائق عملها وتشكيل أجهزتها الداخليةوأحوال اندماجها في غيرها ومساءلتها لأعضائها عما يقع منهم بالمخالفة لنظمها، لا ينفصلان عن انتهاجها الديمقراطية أسلوبًا وحيدًا يهيمن على نشاطها ويكفل الموازنةبين حقوقها وواجباتها، وكذلك بناء تشكي لاتها وفق الإرادة الحرة للعمال المنضمينإليها. ولا يجوز - بوجه خاص - إرهاقها بقيود تعطل مباشرتها لتلك الحقوق، أو تعلقتمتعها بالشخصية الاعتبارية على قبولها الحد منها، ولا أن يكون تأسيسها رهنًا بإذنمن الجهة الإدارية، ولا أن تتدخل هذه الجهة في عملها بما يعوق إدارتها لشئونها، ولا أن تقرر حلها أو وقف نشاطها عقابًا لها، ولا أن تحل نفسها محل المنظمة النقابيةفيما تراه أكفل لتأمين مصالح أعضائها والنضال من أجلها. وهذه الحقوق التي تتفرع عنالحرية النقابية تُعد من ركائزها، ويتعين ضمانها لمواجهة كل إخلال بها، وبوجه خاصلرد خطرين عنها لا يتعادلان في آثارهما، ويتأتيان من مصدرين مختلفين، ذلك أن المنظمة النقابية ذاتها قد تباشر ضغوطها في مواجهة العمال غير المنضمين إليها لجذبهم لدائرة نشاطها توصلاً لإحكام قبضتها على تجمعاتهم، وقد يتدخل رجال الصناعة والتجارة في أوضاع الاستخدام في منشآتهم أو بالتهديد بفصل عما لهم أو بمساءلتهمتأديبيًّا، أو بإرجاء ترقياتهم؛ لضمان انصرافهم عن التنظيم النقابي، أو لحملهم علىالتخلي عن عضويتهم فيه.
وحيث إن ماتقدم مؤداه أن ثمة تدابير تشريعية يتعين ضمانها في شأن أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية من أجل كفالة الحماية اللازمة لهم لأداء دورهم بصفتهم ممثلين مفوضين عنزملائهم العمال الذين أولوهم ثقتهم للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم؛ وأخصها حرية أولئكالعمال في تكوين تنظيمهم النقابي، فضلًا عن حرية النقابة ذاتها في إدارة شئونهاعلى أساس ديمقراطي، وهو عين ما حققه النص الطعين؛ إذ كفل استمرار عضو مجلس إدارةالمنظمة النقابية بالمنشأة التي يعمل بها خلال مدة الدورة النقابية، وتبعًا لذلك؛فلا يجوز نقله من مقر عمله خلال تلك المدة إلا بعد موافقته الكتابية على ذلك.
وحيث إن ما ينعاه المدعي على النص المطعون فيه مردود أولًا: بأن تأسيس المواطنين لمجتمعهم علىقاعدة التضامن الاجتماعي وفقًا لنص المادة (8) من الدستور، مؤداه تداخل مصالحهم لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تعارضها بما يرعى القيم التييؤمنون بها؛ فلا يتقدم على ضوئها فريق على غيره انتهازًا، ولا ينال قدرًا من الحقوق التي يكون بها - دون مقتض - أكثر امتيازًا من سواه، بل يتمتعون جميعًابالحقوق عينها - التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها - وبالوسائل ذاتها التيتعينهم على ممارستها، فإن تدخل المشرع بكفالة الحماية القانونية للعامل عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية، بعدم جواز نقله من مقر عمله خلال مدة الدورة النقابية إلا بعد موافقته الكتابية على ذلك، بهدف إقرار حرية العمال في تكوين تنظيمهم النقابيفضلًا عن حرية النقابة في إدارة شئونها؛ فإنه لا يعد بذلك متصادمًا مع مبدأالتضامن الاجتماعي المقرر بنص المادة (8) من الدستور.
ومردودثانيًا: بأن مضمون مبدأ تكافؤ الفرص، الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة وفقًا لنص المادة (9) من الدستور، يتصل بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وأن إعما له يقععند التزاحم عليها، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية في مجالالانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض، وهي أولوية تتحدد وفقًا لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام. إذ كان ذلك فإن مجال إعمال مبدأ تكافؤ الفرص في نطاق تطبيق النص المطعون فيه يكون منتفيًا؛ إذ لا صلة له بفرص قائمة يجري التزاحم عليها، بما لا مخالفة فيه - من هذا الوجه - لأحكام الدستور.
ومردود ثالثًا: بأن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه في المادة (53) من الدستور، لا يعني - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تُعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، ولا يقوم كذلك على معارضة جميع أشكال التمييز أيًا كانت مبرراتها الموضوعية؛ ذلك أن صور التمييز المجافية للدستور - وإن تعذر حصرها - هي وحدها التي يكون قوامها كل تفرقة أو تقييدأو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون. لما كان ذلك، وكان إعمال مبدأ المساواة يفترض التماثل في المراكز القانونية، وكان المركز القانونى للعاملين أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية يختلف عن المركز القانونى لغيرهم من العاملين بالمنشأة من ناحية، كما يختلف عن المركز القانونى لغيرهم من أعضاء النقابات المهنية غير الخاضعة لأحكام قانون النقابات العمالية المشار إليه من ناحية أخرى فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة لا يكون لها محل.
ومردود رابعًا: بأن حرية التعاقد التي يندرج مفهومها تحت الحرية الشخصية التي كفلها الدستور بنص المادة (54) منه، لا تعني على الإطلاق أن يكون لسلطان الإرادة دور كامل ونهائي في تكوين العقود وتحديد الآثار التي ترتبها ، وقد يورد المشرع في شأن العقود - حتى ما يكون واقعًا منها في نطاق القانون الخاص - قيودًا يرعى على ضوئها حدودًا للنظام العام لا يجوز اقتحامها، وقد يعيد إلى بعض العقود توازنًا اقتصاديًا اختل فيما بين أطرافها، وهو يتدخل إيجابيًّا في عقود بذواتها محورًا من التزاماتها انتصافًا لمن دخلوا فيها من الضعفاء، مثلما هو الأمر في عقود الإذعان والعمل، وما زال يقلص من دور الإرادة في عقود تقرر تنظيمًا جماعيًّا ثابتًا؛ كتلك التي تتضمن تنظيمًا نقابيًّا، بما مؤداه أن للمشرع أن يرسم للإرادة حدودًا لا يجوز أن يتخطاها سلطانها، ليظل دورها واقعًا في إطار دائرة منطقية، تتوازن الإرادة في نطاقها، بدواعي العدل وحقائق الصالح العام، ومن ثم لا تكون حرية التعاقد - محددة على ضوء هذا المفهوم - حقًّا مطلقًا، بل موصوفًا، فليس إطلاق هذه الحرية وإعفاؤها من كلقيد، بجائز قانونًا، وإلا آل أمرها سرابًا أو انفلاتًا . إذ كان ذلك، وكان القيد الذي فرضه النص المطعون فيه على سلطة رب العمل في شأن العاملين أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية، غايته كفالة الديمقراطية النقابية إعمالًا لنص المادة (76) من الدستور، فإن النعي عليه إخلاله بحرية التعاقد، ومخالفته بالتالي لنص المادة (54)من الدستور، يكون على غير أساس.
ومردودخامسًا: بأن ضمان الدستور لحق التقاضي - بنص المادة (97) منه - مؤداه ألا يُعزل الناس جميعهم أو فريق منهم أو أحدهم عن النفاذ إلى جهة قضائية تكفل، بتشكيلها وقواعد تنظيمها ومضمون القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها أمامها، حدًّا أدنى من الحقوق التي لا يجوز إنكارها عمن يلجون أبوابه ضمانًا لمحاكمتهم إنصافًا، وكان لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها، كان ذلك إخلالاً بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق. لما كان ذلك؛ وكان النص المطعون فيه لا يتضمن أي قيود تحول دون النفاذ إلى القضاء أو تعسر الحصول على الحقوق المطلوبة أو تحول دونها، فإن قالة مخالفته لنص المادة (97) من الدستور، لا يكون لها من محل.
ومردود سادسًا: بأن مبدأ خضوع الدولة للقانون - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة -مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يُعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وشخصيته المتكاملة، كما أن استقلال السلطة القضائية، وإن كان لازمًا لضمان موضوعية الخضوع للقانون ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم، إلا أن حيدتها عنصر فاعل في صون رسالتها لا تقل شأنًا عن استقلالها بما يؤكد تكاملهما. إذ كان ذلك؛ وكان النص المطعون فيه لا ينطوي على أي إخلال بمبدأي خضوع الدولة للقانون واستقلال القضاء، فإن النعي عليه بمخالفته أحكام المادتين (94) و(184) من الدستور، يكون على غير أساس.      
وحيث إنهمتى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه لا يُعد مخالفًا لأحكام المواد(8) و(9)و(53) و(54) و(94) و(97) و(184) من الدستور، كما لا يخالف أي أحكام أخرى فيه، مما يتعين معه القضاء برفض هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

قانون 7 لسنة 2015 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996

الجريدة الرسمية العدد 6تابع (أ) بتاريخ 5-2-2015 –
ديباجة
بعد الاطلاع على الدستور؛ 
وعلى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937؛ 
وعلى قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996؛ 
وبعد أخذ رأي المجلس القومي للأمومة والطفولة والمجلس القومي لحقوق الإنسان؛ 
وبناءً على ما ارتآه مجلس الدولة؛ 
وبعد موافقة مجلس الوزراء؛ 
قرر القانون الآتي نصه:

المادة 1
يستبدل بعبارة (الحادية والعشرين) الواردة بالمادة رقم 110 من قانون الطفل المشار إليه وبعبارة (واحداً وعشرين عاماً) الواردة بالمادة رقم 141 من ذات القانون عبارة (ثمانية عشر عاماً).
المادة 2
ينشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره.