جلسة 30 من مارس سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم، زكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق وعبد المنعم إبراهيم.
----------------
(108)
الطعن رقم 983 لسنة 50 القضائية
(1) إعلان. نقض "السبب الجديد".
النعي بعدم صحة إعلان الطاعنين بصحيفة الدعوى في موطنهما. دفاع يخالطه واقع غير متعلق بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(2) دعوى "الخصوم في الدعوى".
اختصام الطاعنين بصفتهما ممثلين لشركة وليس بصفتهما الشخصية. تضمين منطوق الحكم إلزامهم وآخر بالدين. لا ينصرف إليهم بصفاتهم الشخصية بل قضاء ضد الشركة.
(3) تقادم. أوراق تجارية.
التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة لا يسري إلا على الدعاوى الصرفية التي تنشأ مباشرة عن الورقة التجارية. الدعاوى غير الصرفية خضوعها للتقادم العادي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت على شركة........ ويمثلها الطاعن الأول عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنتيه المطعون ضدهما الثالثة والرابعة والطاعن الثاني والمطعون ضده الثاني - الدعوى رقم 46 لسنة 1971 تجاري كلي جنوب القاهرة طالبة الحكم بإلزامهم بصفتهم بأن يؤدوا لها مبلغ 5924.445 جنيه وبياناً لذلك قالت أنه بتاريخ 19/ 3/ 1962 عهدت إليها الشركة المذكورة بتوريد أعمدة خرسانية مسلحة وتركيبها بمنطقة وادي النطرون بلغت قيمتها 17403.750 جنيه يخصم 10% كنسبة سماح فضلاً عما سدد من دفعات نقدية فيتبقى للمطعون ضدها الأولى في ذمة تلك الشركة المبلغ المطالب به. وبجلسة 28/ 11/ 1972 قضت محكمة أول درجة بندب خبير. وبعد أن قدم تقريره حكمت في 27/ 1/ 1976 بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بأن يؤدوا للشركة المطعون ضدها الأولى مبلغ 5435.055 جنيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 136 لسنة 94 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 29/ 4/ 1979 بندب خبير. وبعد أن قدم تقريره حكمت في 24/ 2/ 1980 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب أربعة ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كانت الشركة المطعون ضدها الأولى قد خاصمتهما في الدعوى بصفتهما ممثلين لشركة........ فقد كان يتعين عليها إعلانهما بالصحيفة في مركز إدارة تلك الشركة عملاً بالمادة 13 من قانون المرافعات وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بإعلانهما في موطنهما رغم تمسكهما بعدم صحة هذا الإعلان، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعنين حينما تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان صحيفة الدعوى قد أسسا ذلك على عدم إعلانهما أصلاً بهذه الصحيفة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد واجه هذا الدفع ورد عليه بأسباب سائغة ومقبولة وكان ما أثاره الطاعنان بوجه النعي من عدم صحة إعلانهما بصحيفة الدعوى في موطنهما لا يتعلق بالنظام العام وينطوي على دفاع يخالطه واقع لم يثبت أنهما تمسكا به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما بخطأ الحكم الابتدائي لقضائه بإلزامهما بالدين بصفتهما الشخصية في حين أن الطاعن الثاني - وهو ليس شريكاً في شركة........ - والطاعن الأول كانا مختصمين في الدعوى بصفتهما ممثلين لهذه الشركة وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن الشركة المذكورة هي المحكوم عليها لأنها المقصودة بالخصومة فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائي أن اختصام الطاعنين في الدعوى لم يكن بصفتهما الشخصية، بل كان بصفتهما ممثلين لشركة........ وإذ كان لا يؤثر في صحة اختصام هذه الشركة مجرد الخطأ في اسم ممثلها ومن ثم فإن ما ورد بمنطوق ذلك الحكم من إلزام الطاعنين وآخر بالدين لا ينصرف إليهم بصفاتهم الشخصية، بل هو قضاء ضد الشركة دون غيرها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر عند الرد على دفاع الطاعنين في هذا الشأن فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي. أولاً: لعدم المطالبة به خلال الخمس سنوات التالية لتصفية الشركة عملاً بالمادة 65 من القانون التجارة. وثانياً: لانقضاء أكثر من خمس سنوات على استحقاقه وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع وقضى بإلزامهما بالدين فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول إذ أنه دفاع جديد يخالطه واقع لم يثبت أن الطاعنين تمسكا به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. والنعي في شقه الثاني مردود ذلك أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل في المادة 194 من قانون التجارة وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية. وهذا التقادم اقتضته الطبيعة الخاصة للالتزامات الصرفية مما يتعين معه عدم جريانه إلا على الدعاوى التي يناط بها حماية أحكام قانون الصرف وهي تلك الناشئة مباشرة عن الورقة التجارية، أما إذا كانت الدعوى لا تمت بسبب إلى قانون الصرف أي لا تتصل مباشرة بالورقة التجارية فتخضع للتقادم العادي لما كان ذلك وكان الدين المطالب به في الدعوى ليس ناشئاً عن ورقة تجارية، بل ناشئاً عن عقد مقاولة فإنه لا يخضع لأحكام التقادم الخمس المشار إليه وإنما يخضع لأحكام القانون العادي مما يضحي معه دفاع الطاعنين بسقوط الدين بالتقادم الخمسي على غير أساس، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد عليه.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الثاني والسببين الثالث والرابع القصور في التسبيب ومخالفة الثابت من الأوراق، وفي بيان ذلك يقولان أنهما اعترضا على تقريري الخبيرين المنتدبين لأنه رغم أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تقدم ثمة مستندات تظاهر بها دعواها فإنهما انتهيا إلى دائنتيهما لهما بالمبلغ المحكوم به وهو ما يناقض الفاتورة المقدمة من تلك الشركة والمؤرخة 13/ 10/ 1962 وإذ لم يرد الحكم على تلك الاعتراضات ولا على أسباب الاستئناف المتعلقة بها ولم يعن بخصم قيمة التأمين الذي لهما لدى الشركة المذكورة فإنه يكون قد اعتراه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع لها السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات، بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات قانوناً ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه فيه وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بتتبع الخصومة في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل مستند قدموه أو كل حجة أو قول أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك المستندات والأقوال والحجج وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تكفل بالرد على أسباب استئناف الطاعنين واستخلص مما أثبته الخبيرين من صدور الأمر الجمهوري رقم 203 لسنة 1968 برفع الحراسة عن شركة........ وعن أموال الشركاء فيها، وقرار الإفراج النهائي رقم 562 لسنة 1968 ومن استلام وكيل الشركاء في 27/ 11/ 1968 موجودات الشركة ودفاترها أنه لم يتم تصفيتها - وهو ما لم تنفه الشهادة الصادرة من جهاز تصفية الحراسات - وخلص من تعاقد هذه الشركة مع الهيئة العامة لتعمير الصحاري على قيام الأولى بتوريد وتركيب الأدوات والمهمات اللازمة لاستصلاح 3000 فدان بمنطقة وادي النطرون وتقدم الشركة المذكورة إلى المطعون ضدها الأولى بالعطاء المؤرخ 19/ 3/ 1962 لتقوم الشركة الثانية بتوريد وتركيب أعمدة خرسانية لهذه المنطقة ومن المكاتبات المتبادلة بين هاتين الشركتين ومستخلصات تنفيذ موضوع العطاء وأحدها عليه بصحة خاتم شركة........ أن الأخيرة مدينة بالمبلغ المحكوم به ضدها. وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولا ينال منه ما يثيره الطاعنان عن الفاتورة الصادرة من الشركة المطعون ضدها الأولى رقم 579 إذ أن الثابت أن صافي الرصيد الوارد بها ليس هو النتيجة النهائية للمديونية وإنما استخرج بعد خصم قيمة ما أصدرته من فواتير سابقة عن تنفيذ المراحل السابقة من العملية وغير مقبول التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بمديونية الشركة المطعون ضدها بقيمة التأمين لما يخالطه من واقع، ومن ثم فإن النعي في جملته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق