جلسة 25 من يونيه سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش، محمد عبد البر حسين سالم ومحمد محمد طيطه.
-----------------
(184)
الطعن رقم 2561 سنة 56 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن" "احتجاز أكثر من مسكن".
حظر احتجاز الشخص الواحد أكثر من مسكن في المدينة الواحدة. م 8/ 1 ق 49 سنة 1977. عدم سريانه على الأماكن التي يؤجرها مالكها لحسابه مفروشة أو خالية عملاً بالرخصة المخولة له بالمادة 39 ق 49 سنة 1977. مثال بشأن تملك شقة تؤجر خالية للغير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 6676 سنة 1981 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار وتسليمها له خالية، وقال بياناً لها أنه أجر الشقة محل النزاع إلى الطاعن بمقتضى العقد المؤرخ 1/ 1/ 1961 إلا أنه أغلقها منذ أكثر من عامين وانتقل للإقامة بشقة أخرى مملوكة له بذات المدينة مما يحق له طبقاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 49 سنة 1977 طلب إخلائه منها لاحتجازه أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض وإذ تدخل المطعون ضده الثاني في الدعوى طالباً رفضها استناداً إلى أنه يستأجر الشقة المملوكة للطاعن بعقد مؤرخ 1/ 2/ 1972 ثابت التاريخ في 19/ 2/ 1977، فقد قضت المحكمة بتاريخ 31/ 5/ 1983 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول احتجاز الطاعن لأكثر من مسكن بذات المدينة دون مقتض، وبعد أن سمعت المحكمة شاهد المطعون ضده الأول، حكمت بتاريخ 28/ 5/ 1985 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 493 سنة 41 ق الإسكندرية، وبتاريخ 20/ 5/ 1986 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده الأول خالية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه يجوز للمالك وفقاً لنص المادة 39 من القانون رقم 49 سنة 1977 أن يحتجز مسكنين مملوكين له في البلد الواحد وذلك في الحدود التي يجوز له فيها تأجيرهما مفروشين ومن باب أولى يجوز له التأجير خالياً، وعلى ذلك فإن تأجير الطاعن للشقة الأخرى التي يمتلكها مناصفة مع ابنه، إلى الغير خالية لا يعد من قبيل الاحتجاز لأكثر من مسكن ورغم تقديم صورة عقد الإيجار إلى محكمة الموضوع، إلا أنها قضت بإخلاء العين المؤجرة له على سند من أن تأجيره لتلك الشقة يعد من قبيل المضاربة الممنوعة ويعتبر احتجازاً لأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضى دون أن يبين من أسباب الحكم انتقاء هذا المقتضى، الأمر الذي يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 سنة 1977 - المقابلة لنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 52 سنة 1969 - على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" وفي المادة 39 منه على أنه "لا يجوز للمالك في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر سوى وحدة واحدة مفروشة في العقار الذي يملكه، وفي تطبيق هذه المادة يعتبر الشخص وزوجته وأولاده القصر مالكاً واحداً، واستثناء من ذلك يجوز للمالك أن يؤجر وحدة أخرى مفروشة في أي من الأحوال أو الأغراض الآتية..." يدل - وعلى ما جرى ما به قضاء هذه المحكمة - أن الحظر من احتجاز الشخص الواحد بذاته لأكثر من مسكن في المدنية الواحدة لا يسري على الأماكن التي يؤجرها مالكها لحسابه مفروشة أو خالية للغير عملاً بالرخصة المخولة له قانوناً بالمادة 39 المشار إليها، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الشقة الأخرى المملوكة له مناصفة مع ابنه، إنما يؤجرها منذ سنة 72 خالية إلى المطعون ضده الثاني، وقدم لها صورة عقد إيجارها، إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من أن هذا التأجير للغير لا يعد من قبيل المقتضى، بل هو من قبيل المضاربة الممنوعة، ورتب على ذلك قضاءه بإخلاء العين المؤجرة له باعتباره محتجزاً إياها مع الشقة الأخرى المؤجرة منه للغير ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وإذ حجبه ذلك عن بحث حقيقة استئجار المطعون ضده الثاني لهذا المسكن وإنفراده دون الطاعن بالسيطرة المادية والقانونية عليه، فإنه يكون قد شابه أيضاً القصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق