جلسة 25 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / مصطفى حسان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علاء الدين مرسي ، خلف عبد الحافظ ، أحمد فرحان وأيمن الجمال نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(109)
الطعن رقم 932 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلا ًأو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤديا ًإلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . سرقة . إكراه . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة السرقة . ماهيته ؟
تحدث الحكم عن أركان جريمة السرقة والإكراه فيها استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
بيان الحكم كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام ودور كل طاعن في ارتكابها . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين فيها .
مثال .
(3) سلاح . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري لا يجوز الترخيص به . تحققها بالإحراز أو الحيازة المادية له طالت المدة أم قصرت وأياً كان الباعث عليها . عدم اشتراط ضبط السلاح مع شخص المحرز لتوافر هذا الركن . كفاية ثبوت إحرازه بأي دليل . توافر القصد الجنائي فيها بالعلم والإرادة . استظهاره . موضوعي . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
مثال .
(4) استدلالات . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات ولعدم اختصاص الضابط مكانياً بالضبط والتفتيش وبطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ولحصوله قبل صدور الإذن. غير مجد. ما دام لم يستند في الإدانة لدليل مستمد من القبض والتفتيش المدعى ببطلانهما .
(5) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . عدم جواز مطالبته الأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك .
عدم اشتراط وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جرائم استعراض القوة والسرقة بالإكراه وإحراز أسلحة نارية وذخائرها .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
عدم التزام محكمة الموضوع بالأخذ بالأدلة المباشرة . حقها في استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها .
ورود أقوال الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق . غير لازم . حد ذلك ؟
تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
تأخر المجني عليه في الإبلاغ لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله متى اطمأنت إليها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي . للمحكمة الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة إلى متهم وعدم الاطمئنان إليها لمتهم آخر . لمحكمة الموضوع تجزئة شهادة الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه . علة ذلك ؟
(7) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
مثال .
(8) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بإنكار الاتهام وتلفيقه وكيديته وعدم الصلة بالواقعة . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(9) سرقة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إدانة الطاعنين بجريمة السرقة ولو لم تضبط المسروقات . صحيح . علة ذلك ؟
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة التعويل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
النعي على المحكمة استنادها للتحريات وحدها في إدانة الطاعنين . غير مقبول . ما دامت عولت على أدلة أخرى في إدانتهم .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين على الحكم بشأن جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف . غير مقبول . ما دام لم يدنهم بها .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استكمال المدافع عن الطاعنين مرافعته بعد سماع المحكمة لأقوال المجني عليهما . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
سماع المحكمة أقوال المجني عليهما بعد إبداء الطاعنين دفاعهم . لا بطلان . ما داموا تنازلوا عن حقهم بأن يكونوا آخر من يتكلم . أساس ذلك ؟
(14) نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون متصلاً بشخص الطاعنين ولهم مصلحة فيه .
مثال .
(15) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله متى رأت رد الواقعة للوصف القانوني السليم . اقتصار التعديل على استبعاد جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لمَّا كان الحُكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المُقرَّر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد ولا عن الركن المادي فيها بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه ، وكان الحكم قد عرض صراحة لأركان جريمة السرقة بالإكراه واستظهر دور كل طاعن في ارتكابها بأن قام الطاعن الأول والمتهمة الثانية باستدراج المجني عليه - شاهد الإثبات الأول – لمكان الواقعة بحجة توصيلهما بالدراجة البخارية قيادته وحال ذلك حضر باقي الطاعنين وأطلقوا الأعيرة النارية وقام الطاعن الأول بإشهار سلاح أبيض مهدداً به المجني عليه وصديقه الشاهد الثاني وتمكنوا بذلك من إلقاء الرعب في نفسيهما والاستيلاء على الدراجة البخارية ومتعلقاتهم الشخصية ، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه بالطريق العام التي دان الطاعنين بها ويكفي لتضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد .
3- من المُقرَّر أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة أسلحة نارية وذخائرها قبل الحصول على ترخيص ، مجرد الإحراز أو الحيازة المادية لها طالت المدة أم قصرت أياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ متى توافرت عناصرها القانونية ، وأنه لا يُشترط لتوافر الركن المادي في تلك الجريمة أن يكون السلاح أو الذخيرة قد تم ضبطهما مع شخص المحرز بل يكفي أن يثبت إحرازهما بأي دليل يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك ، ولو بالواسطة وهو ما نصت عليه صراحة الفقرتان الثالثة والسابعة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والمستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 – والتي حدثت الواقعة في ظله – فقد جعلت حيازة الأسلحة والذخائر بالواسطة في حكم الإحراز والحيازة المادية ، كما أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بمجرد حيازة السلاح والذخائر أو إحرازهما بدون ترخيص عن علم وإرادة ، وأن استظهار هذا القصد من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة عليها ، وهي غير مكلَّفة بالتحدث في حكمها استقلالاً عن هذا الركن ما دام ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على قيامه ، ولمَّا كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه من دلالة أقوال شهود الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت في صحتها أن الطاعن الأول أتى بالمجني عليهما لمكان الواقعة باتفاق مسبق مع باقي الطاعنين والذين كانوا محرزين لأسلحة نارية غير مششخنة وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية بهدف ترويع المجني عليهما بقصد السرقة ، فإن ما أورده الحكم – فيما تقدَّم – سائغ وتتوافر به أركان جرائم إحراز وحيازة سلاح ناري غير مششخن – وذخائره - بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها ، ويكون منعاهم في هذا الصدد غير قويم .
4- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات ولعدم اختصاص الضابط مكانياً وبطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ولحصوله قبل صدور الإذن ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض والتفتيش المدعى ببطلانهما ومن ثم يكون النعي بهذا الخصوص غير مقبول .
5- من المُقرَّر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، ولما كان القانون الجنائي لم يشترط لإثبات الجرائم التي دان الطاعنين بها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم – على فرض صحته - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، كما أن تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليهما وضابط الواقعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حمله حكمها ، فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوالهم على النحو الذي أثير بأسباب طعنهما لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض .
6- من المُقرَّر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى متهم آخر ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة بالنسبة للطاعنين دون المتهمين السادس والسابع وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون في غير محله .
7- من المُقرَّر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات المقدمة من الطاعنين والتي يتساندون إليها للتدليل على انتفاء صلتهم بالواقعة ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقـــــل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه ، ومن ثم يكون النعي بهذا الخصوص غير مقبول .
8- من المُقرَّر أن الدفع بإنكار الاتهام وتلفيقه وكيديته وعدم الصلة بالواقعة ، هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير صائب .
9- من المُقرَّر أنه لا يؤثر في قيام جريمة السرقة عدم العثور على الأشياء المسروقة ، فإن إدانة الطاعنين الأول والثاني والثالث من أجل سرقة هذه الأشياء تكون صحيحة ، ولو لم يتم ضبطها ، ومن ثم يكون منعاهم بهذا الشأن غير سديد .
10- من المُقرَّر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات وردت عليه رداً كافياً وسائغاً استناداً إلى اطمئنانها إلى صحة تلك التحريات وجديتها ولم تجعل منها وحدها – على خلاف ما يزعمه الطاعنون – عماد حكمها في الإدانة ولكنها عولت على أدلة أخرى تساندت جميعها لحمل الإدانة قبل الطاعنين على نحو ما استخلصته المحكمة منها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير قويم .
11- لما كان الحكم لم يدن الطاعنين الأول والثاني والثالث بجريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف ، فإن ما يثيروه في هذا الشأن فضلاً عن انعدام مصلحتهم فيه يكون وارداً على غير محل .
12- لما كان ما يثيره الطاعنون الأول والثاني والثالث في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين آنفي الذكر قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
13- لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافع عن الطاعنين الأول والثاني والثالث بعد أن ترافع في الدعوى قامت المحكمة بسماع شهادة المجني عليهما ثم قامت المحكمة بالسماح له باستكمال مرافعته - على خلاف ما يزعمه الطاعنون سالفي الذكر- وانتهى إلى طلب البراءة ، وكان فضلاً عن ذلك أن المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت أن يكون المتهم أخر من يتكلم ، إلا أن ذلك لا يبطل المحاكمة ما دام الطاعنين المذكورين لا يدعون في طعنهم أنهم طلبوا من المحكمة أن تسمعهم بعد سماع شهادة المجني عليهما فرفضت ذلك ، مما يعتبر أنه قد تنازل عن حقه في أن يكون أخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله في ختام المحاكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون الأول والثاني والثالث في هذا الخصوص يكون غير سديد .
14- لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعنين وكان له مصلحة فيه ، وكان منعى الطاعنين الأول والثاني والثالث بشأن قضاء المحكمة غيابياً على المتهمة الثانية على نحو ما أثاروه بأسباب الطعن لا يتصل بشخصهم ولا مصلحة لهم فيه بل هو يخص المتهمة الثانية وحدها فلا يقبل ما يثار في هذا الصدد .
15- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين الأول والثاني والثالث بتهم استعراض القوة والتلويح بالعنف والسرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص ، وقصرت المحكمة في حكمها المطعون فيه الإدانة عن تهم السرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص دون استعراض القوة والتلويح بالعنف لما تبين لها من عدم توافر أركانها ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته ، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله ، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة ، وإذ كانت الواقعة المبينة في أمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة تتضمن تهم السرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص وهي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان المتهم به ، وكان مرد التعديل هو استبعاد تهمة استعراض القوة والتلويح بالعنف وقصر الإدانة على تهم السرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص ، ودون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن تلك التهم الأخيرة ، فإن الوصف المعدل الذي انتهت إليه المحكمة حين قصرت الإدانة على تهم حيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص ، لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يعطي المتهم حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ، إذ إن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذا الحال بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في وصف التهمة ما دام قد اقتصر على استبعاد إحدى التهم التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( طاعن ) ، 2- .... ، 3- .... ( طاعن ) ، 4- .... ( طاعن ) ، 5- .... ( طاعن ) ، 6- .... ، 7- .... بأنهم :-
المتهمون من الأول حتى الخامس :-
- استعرضوا القوة ولوحوا بالتهديد بالعنف مستخدمين أسلحة نارية وبيضاء ضد المجني عليهما .... ، .... وذلك بأن أطلق المتهمون من الثالث إلى الخامس أعيرة نارية في الهواء من أسلحة نارية (فرد خرطوش ، طبنجة) بقصد ترويعهما وإلحاق أذى بدني بهما والتأثير في إرادتهما بغرض السطوة عليهما وإرغامهما على تسليم الدراجة الآلية قيادة المجني عليه الأول ، وباقي المنقولات حوزتهما وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفس المجني عليهما وتكدير أمنهما وسلامتهما وتعريض حياتهما للخطر حال تواجد المتهمان الأول والثانية على مسرح الجريمة للشد من أزرهم وحثهم على ارتكابها .
وقد وقع بناءً على ارتكابها جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان :-
- سرقوا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة وقدراً بالأوراق ( الدراجة الآلية وهاتفين خلويين ومبلغ مالي مائة وتسعون جنيهاً ودبلة فضية) والمملوكين للمجني عليهما .... ، .... كرهاً عنهما وكان ذلك بالطريق العام وبطريق التهديد باستعمال سلاح الواقع على المجني عليهما بأن استدرجهما المتهمان الأول والثانية إلى حيث تواجد باقي المتهمين وما إن ظفروا بهما حتى أشهر المتهم الأول في وجههما سلاحاً أبيض (سكين) مهدداً إياهما فتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من شل مقاومتهما والاستيلاء على المسروقات حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الواقعة محرزين أسلحة نارية ظاهرة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز المتهمون من الثالث إلى الخامس وحاز الآخران بواسطتهم أسلحة نارية غير مششخنة (فرد خرطوش ، طبنجة) بدون ترخيص.
- أحرز المتهمون من الثالث إلى الخامس وحاز الآخران بواسطتهما ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة البيان دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازتها أو إحرازها .
المتهم الأول :-
- أحرز أداة (سكين) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الحرفية أو المهنية .
المتهمان السادس والسابع :-
- أخفيا المنقولات محل التهمة الأولى مع علمهما بكونها متحصلة من الجناية محل الاتهام الأول على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليه .... مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للثانية وحضورياً للباقين عملاً بالمادة 315/أولاً - ثانياً من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكرراً/1 ، 26 /1-4 ، 30 /1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند الأول من الجدول رقم 2 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة كل من .... بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما أسند إليهم وألزمتهم المصروفات الجنائية ، ثانياً : ببراءة / .... عما نسب إليهما . ثالثاً : إحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف ، وذلك بعد أن دانت المتهمين جميعاً بأنهم سرقوا المركبة النارية (التوك توك) المبين وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوك لـ .... والهاتفين المحمولين والمبلغ النقدي المملوك له وكان ذلك بالتهديد بالسلاح الناري غير المششخن (فرد خرطوش) والأبيض (سكين) بأن استوقف المجني عليه الأول المتهم الأول والثانية حال قيادته المركبة المار ذكرها بالطريق العام لتوصيلهما لأحد الأماكن واستقلالهما معه وبرفقته المجني عليه الثاني واستدرجاه إلي حيث يوجد باقي المتهمين الذين أطلقوا وابلاً من الأعيرة النارية من أسلحة نارية غير مششخنة وأشهر الأول في وجهه سلاحاً أبيض مهدداً إياه بإعمالها فيه ، فبثوا الرعب في نفسه وشلوا مقاومته وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من شل مقاومته والاستيلاء على المسروقات .
المتهم الأول :-
أحرز سلاحاً أبيض (سكين) مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
المتهمان الأول والثانية :-
- حازا بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش) .
- حازا ذخائر مما تستعمل علي السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازة السلاح أو إحرازه .
المتهمة الثانية :-
حازت سلاحاً أبيض (سكين) مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
المتهمون من الثالث حتى الخامس :-
- أحرزوا بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش) .
- أحرزوا ذخائر مما تستعمل علي السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازة السلاح أو إحرازه .
- حازوا سلاحاً أبيض (سكين) مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحُكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون – بمذكرتي أسباب الطعن - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحيازة وإحراز سلاح ناري مششخن وذخائره بغير ترخيص وسلاح أبيض بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والظروف التي وقعت فيها ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه وجاءت عباراته عامة مجملة لا يمكن الوقوف منها على عناصر اشتراك واتفاق الطاعنين على ارتكاب الواقعة ودور كل منهم فيها وتوافر القصد الجنائي لديهم ، ودان الطاعن الأول بجريمتي حيازة وإحراز السلاح ناري والذخائر رغم انتفاء الركن المادي في حقه ، واطرح بما لا يسوغ دفعهم ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات ولعدم اختصاص الضابط مكانياً بالضبط والتفتيش ودون أن تعن المحكمة بتحديد مكان الواقعة ، والتفت الحكم عن دفعهم ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ولحصوله قبل صدور الإذن به بدلالة ما قدمه الطاعنان الثالث والرابع من برقيتين تلغرافيتين مرسلتين من ذويهما وما جاء بأقوال المجني عليه الأول بالتحقيقات ، ودانهم الحكم رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابهم الواقعة إذ عول في إدانتهما على أقوال المجني عليهما رغم تمسكهم بعدم معقوليتها وتأخرهما في الإبلاغ وتناقض أقوالهما بمحضر الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وإقرارهما بأن الواقعة حدثت ليلاً وأن الطاعنين الثاني والثالث والرابع كانا ملثمين وأن المجني عليه الثاني لم يتعرف عليهم بجلسات المحاكمة وأن الطاعن الرابع لم يرد له ذكر في أقوال الطاعنين الآخرين رغم تعرضهم للإكراه ، كما عول الحكم على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم صحتها وتناقضها مع أقوال المجني عليهما ، فضلاً أن المحكمة لم تعمل أثرها مع المتهمين السادس والسابع وقضت ببراءتهما مما نسب إليهما ، ولم يحفل الحكم بما قدمه الطاعنون من مستندات تدلل على انتفاء صلتهم بالواقعة ، بما ينبئ عن كيدية الاتهام وتلفيقه ، ودانهم رغم عدم ضبط المسروقات ، كما ركنت المحكمة إلي تحريات الشرطة علي الرغم من عدم جديتها كما جعلت منها أساس اقتناعها في الإدانة ، وجاء أمر الإحالة باطلاً بشأن تهمة استعراض القوة والتلويح بالعنف لسبق القضاء بعد دستوريتها ، وعدم إجراء النيابة العامة معاينة لمكان الواقعة ، وأن المحكمة سمعت المجني عليهما بعد مرافعة المدافع عن الطاعنين الأول والثاني والثالث بالمخالفة لنص المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية بأن يكون المتهم أخر من يتكلم ، وقضت المحكمة غيابياً على المتهمة الثانية رغم أنها كانت مقيدة الحرية على ذمة القضية ، وأخيراً عدلت المحكمة وصف الاتهام دون أن تنبه الدفاع إلى ما أجرته من تغيير في التهم المسندة إلى الطاعنين ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد ولا عن الركن المادي فيها بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه ، وكان الحكم قد عرض صراحة لأركان جريمة السرقة بالإكراه واستظهر دور كل طاعن في ارتكابها بأن قام الطاعن الأول والمتهمة الثانية باستدراج المجني عليه - شاهد الإثبات الأول – لمكان الواقعة بحجة توصيلهما بالدراجة البخارية قيادته وحال ذلك حضر باقي الطاعنين وأطلقوا الأعيرة النارية وقام الطاعن الأول بإشهار سلاح أبيض مهدداً به المجني عليه وصديقه الشاهد الثاني وتمكنوا بذلك من إلقاء الرعب في نفسيهما والاستيلاء على الدراجة البخارية ومتعلقاتهم الشخصية ، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه بالطريق العام التي دان الطاعنين بها ويكفي لتضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرَّر أنه يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة أسلحة نارية وذخائرها قبل الحصول على ترخيص ، مجرد الإحراز أو الحيازة المادية لها طالت المدة أم قصرت أياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ متى توافرت عناصرها القانونية ، وأنه لا يُشترط لتوافر الركن المادي في تلك الجريمة أن يكون السلاح أو الذخيرة قد تم ضبطهما مع شخص المحرز بل يكفي أن يثبت إحرازهما بأي دليل يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك ، ولو بالواسطة وهو ما نصت عليه صراحة الفقرتان الثالثة والسابعة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والمستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 – والتي حدثت الواقعة في ظله – فقد جعلت حيازة الأسلحة والذخائر بالواسطة في حكم الإحراز والحيازة المادية ، كما أن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بمجرد حيازة السلاح والذخائر أو إحرازهما بدون ترخيـــــــص عن علم وإرادة ، وأن استظهار هذا القصد من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة عليها ، وهي غير مكلَّفة بالتحدث في حكمها استقلالاً عن هذا الركن ما دام ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على قيامه ، ولمَّا كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه من دلالة أقوال شهود الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت في صحتها أن الطاعن الأول أتى بالمجني عليهما لمكان الواقعة باتفاق مسبق مع باقي الطاعنين والذين كانوا محرزين لأسلحة نارية غير مششخنة وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية بهدف ترويع المجني عليهما بقصد السرقة ، فإن ما أورده الحكم – فيما تقدَّم – سائغ وتتوافر به أركان جرائم إحراز وحيازة سلاح ناري غير مششخن – وذخائره - بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها ، ويكون منعاهم في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات ولعدم اختصاص الضابط مكانياً وبطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ولحصوله قبل صدور الإذن ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم استدلاله أنه لم يستند في الإدانة الى دليل مستمد من القبض والتفتيش المدعى ببطلانهما ومن ثم يكون النعي بهذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، ولما كان القانون الجنائي لم يشترط لإثبات الجرائم التي دان الطاعنين بها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطــــروحة – وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشــــرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم – على فرض صحته - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، كما أن تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليهما وضابط الواقعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حمله حكمها ، فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوالهم على النحو الذي أثير بأسباب طعنهما لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى متهم آخر ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة بالنسبة للطاعنين دون المتهمين السادس والسابع وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات المقدمة من الطاعنين والتي يتساندون إليها للتدليل على انتفاء صلتهم بالواقعة ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه ، ومن ثم يكون النعي بهذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بإنكار الاتهام وتلفيقه وكيديته وعدم الصلة بالواقعة ، هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير صائب . لما كان ذلك ، وكان لا يؤثر في قيام جريمة السرقة عدم العثور على الأشياء المسروقة ، فإن إدانة الطاعنين الأول والثاني والثالث من أجل سرقة هذه الأشياء تكون صحيحة ، ولو لم يتم ضبطها ، ومن ثم يكون منعاهم بهذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات وردت عليه رداً كافياً وسائغاً استناداً إلى اطمئنانها إلى صحة تلك التحريات وجديتها ولم تجعل منها وحدها – على خلاف ما يزعمه الطاعنون – عماد حكمها في الإدانة ولكنها عولت على أدلة أخرى تساندت جميعها لحمل الإدانة قبل الطاعنين على نحو ما استخلصته المحكمة منها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعنين الأول والثاني والثالث بجريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف ، فإن ما يثيروه في هذا الشأن فضلاً عن انعدام مصلحتهم فيه يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون الأول والثاني والثالث في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين آنفي الذكر قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافع عن الطاعنين الأول والثاني والثالث بعد أن ترافع في الدعوى قامت المحكمة بسماع شهادة المجني عليهما ثم قامت المحكمة بالسماح له باستكمــال مرافعته - على خلاف ما يزعمه الطاعنون سالفي الذكر- وانتهى إلى طلب البراءة ، وكان فضلاً عن ذلك أن المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت أن يكون المتهم أخر من يتكلم ، إلا أن ذلك لا يبطل المحاكمة ما دام الطاعنين المذكورين لا يدعون في طعنهم أنهم طلبوا من المحكمة أن تسمعهم بعد سماع شهادة المجني عليهما فرفضت ذلك ، مما يعتبر أنه قد تنازل عن حقه في أن يكون أخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله في ختام المحاكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون الأول والثاني والثالث في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعنين وكان له مصلحة فيه ، وكان منعى الطاعنين الأول والثاني والثالث بشأن قضاء المحكمة غيابياً على المتهمة الثانية على نحو ما أثاروه بأسباب الطعن لا يتصل بشخصهم ولا مصلحة لهم فيه بل هو يخص المتهمة الثانية وحدها فلا يقبل ما يثار في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين الأول والثاني والثالث بتهم استعراض القوة والتلويح بالعنف والسرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص ، وقصرت المحكمة في حكمها المطعون فيه الإدانة عن تهم السرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص دون استعراض القوة والتلويح بالعنف لما تبين لها من عدم توافر أركانها ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته ، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله ، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة . وإذ كانت الواقعة المبينة في أمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة تتضمن تهم السرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص وهي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان المتهم به ، وكان مرد التعديل هو استبعاد تهمة استعراض القوة والتلويح بالعنف وقصر الإدانة على تهم السرقة بالإكراه بالطريق العام وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص ، ودون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن تلك التهم الأخيرة ، فإن الوصف المعدل الذي انتهت إليه المحكمة حين قصرت الإدانة على تهم حيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص ، لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يعطي المتهم حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ، إذ إن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذا الحال بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في وصف التهمة ما دام قد اقتصر على استبعاد إحدى التهم التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق