جلسة ٢١ من فبراير سنة ٢٠٢١
برئاسة السيـد القاضي/ أحمد عبدالحميد حامد "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمد عباس منيعم، عرفة أحمد سيد دريع، أحمد علي راجح ومجدي محمد عبدالرحيم "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(31)
الطعن رقم 3914 لسنة 72 القضائية
(1- 3) ارتفاق " من أنواع الارتفاق : قيود البناء الاتفاقية " .
(١) قيود البناء الاتفاقية . ماهيتها . حقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين . مخالفة بعض الملاك لها . أثره . تحلل باقي الملاك من الالتزام بها . انتهاؤه بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة . م 1027 مدني . مؤداه . خضوع أحكام الارتفاقات لاتفاقات الأفراد وإرادتهم . مناطه . قائمة تقسيم الأراضي المعدة للبناء . ق 52 لسنة 1940 الملغى بق 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني .
(٢) اختلاف الارتفاقات الاتفاقية طبيعةً وحكمًا عن القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح الصادرة بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أو الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى . مؤداه . إدخالها ضمن القيود القانونية التي يتضمنها التنظيم العام لحق الملكية أو القيود الواردة على قائمة الشروط الملحقة بقرارات تقسيم الأراضي المعدة للبناء . مناطها . قواعـد آمرة . علة ذلك .
(٣) شروط تقسيم الأراضي المعدة للبناء ليست ذات طبيعة واحدة . علة ذلك . صدور بعضها بالاتفاق وخضوعها لأحكام القانون المدني وبعضها يتعلق بالنظام العام لا يجوز مخالفتها لصدورها وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء والتخطيط العمراني . قضاء الحكم بزوال وسقوط الاشتراطات الموضوعة من الشركة المطعون ضدها استنادًا إلى سقوطها بالتقادم بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر عامًا دون تحديد ماهيتها . قصور مبطل . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن قيود البناء الاتفاقية تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين؛ إذ يترتب عليها أن تصبح كلُّ قطعة من الأرض مرتفقًا بها لمنفعة جميع القطع الأخرى التي في نفس الحي، بحيث إذا خالفها بعض الملاك أصبح الآخرون في حلٍ من الالتزام بها؛ لانتفاء سبب هذا الالتزام أو الحكمة منه، وأن الارتفاق ينتهي -عملًا بالمادة 1027 من القانون المدني ــــــ بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة، إلا أن مناط ذلك كله أن تكون الارتفاقات التي يسري عليها ما سلف من أحكام، مردها في الأصل الإرادة واتفاقات الأفراد، وهي ما تشتمل عليه ــــ في الأغلب الأعم ـــــ قائمة تقسيم الأراضي المعدة للبناء والتي نظمها القانون 52 لسنة 1940 والذي أُلغي بالقانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الارتفاقات الاتفاقية تختلف - طبيعة وحكمًا - عن القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح الصادرة بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أو تلك الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى، فهذه إنما تندرج ضمن القيود القانونية التي يتضمنها التنظيم العام لحق الملكية، والتي يُحمل الكافة على احترامها بنصوص آمرة باعتبارها تتغيا الصالح العام، وهي قيود قد ترد -أيضًا- في قائمة الشروط الملحقة بقرارات تقسيم الأراضي المعدة للبناء.
3 - إذ كان الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه بزوال وسقوط الاشتراطات التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الأخيرة ملحقة بعقود البيع الصادرة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول، على سندٍ من شيوع مخالفات هذه الاشتراطات وسقوطها بالتقادم بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر عامًا، وكانت شروط تقسيم الأراضي المعدة للبناء لا تعتبر ـــ وكما سلف البيان ـــ ذات طبيعة واحدة، فمنها ما يُرد إلى الاتفاق مما يخضع لقواعد القانون المدني، ومنها ما يصدر وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء والتخطيط العمراني، مما لا يجوز مخالفتها باعتبارها قواعد متعلقة بالنظام العام، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق حكمه على كافة الاشتراطات الواردة بعقود البيع وقائمة التقسيم دون أن يحدد ماهيتها وما إذا كانت تتبع أيًا من النوعين آنفي البيان، فإنه يكون قد جهل بالوقــائع التي فصل فيهـا قضاؤه، وأعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون، بما يعيبه بالقصور الذي يبطله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقررُ، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 2001 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم على الطاعن الأول بصفته في مواجهة الطاعنين الثاني والمطعون ضده الرابع بصفتيهما بإنهاء وزوال كافة القيود والاشتراطات التي وضعها المطعون ضده الأخير بصفته والملحقة بعقود البيع وسقوطها بقوة القانون، لعدم استعمالها لأكثر من خمسة عشر عامًا، على سندٍ من أنهم يمتلكون قطع الأراضي الفضاء المبينة بصحيفة الدعوى بطريقة الشراء من المطعون ضده الأخير بصفته، والذي ضمَّن عقود البيع اشتراطات بنائية أُلغيت بالقانون رقم 101 لسنة 1996 وقد خالفتها جهات عديدة، فضلًا عن سقوطها لعدم استعمالها لأكثر من خمسة عشر عامًا، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. حكمت محكمة أول درجة بالطلبات. استأنف الطاعنان بصفتيهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 118ق، وبتاريخ 24/4/2002 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان بصفتيهما على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث ينعى الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن القيود والاشتراطات البنائية التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الأخيرة تندرج ضمن القيود الملزمة، وهي شروط تأتي في مرتبة الأحكام، وهي من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام التي لا يجوز مخالفتها والاتفاق على ما يخالفها، وإذ قضى الحكم الابتدائي -المؤيد بالحكم المطعون فيه- بسقوط وزوال القيود والاشتراطات البنائية التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الأخيرة لشيوع مخالفتها ولعدم استعمالها لأكثر من خمسة عشر عامًا، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أنه وإن كان من المقرر -وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة- أن قيود البناء الاتفاقية تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة مقررة لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين؛ إذ يترتب عليها أن تصبح كل قطعة من الأرض مرتفقًا بها جميع القطع الأخرى التي في نفس الحي، بحيث إذا خالفها بعض الملاك أصبح الآخرون في حلٍ من الالتزام بها؛ لانتفاء سبب هذا الالتزام أو الحكمة منه، وأن الارتفاق ينتهي عملًا بالمادة 1027 من القانون المدني بعدم استعماله خمس عشرة سنة، إلا أن مناط ذلك كله أن تكون الارتفاقات التي يسري عليها ما سلف من أحكام، مردها في الأصل إلى الإرادة واتفاقات الأفراد، وهي ما تشتمل عليه -في الأغلب الأعم- قائمة تقسيم الأراضي المعدة للبناء؛ والتي نظمها القانون رقم 52 لسنة 1940 والذي أُلغي بالقانون رقم ٣ لسنة ١٩٨٢بإصدار قانون التخطيط العمراني، وتلك الارتفاقات الاتفاقية تختلف -طبيعةً وحكمًا- عن القيود والشروط البنائية التي تنظمها القوانين واللوائح الصادرة بتنظيم وتوجيه أعمال البناء أو تلك الصادرة بتنظيم التخطيط العمراني للمدن والقرى، فهذه تندرج ضمن القيود القانونية التي يتضمنها التنظيم العام لحق الملكية، والتي يحمل الكافة على احترامها بنصوص آمرة باعتبارها تستهدف الصالح العام، وهي قيود ترد -أيضًا- في قائمة الشروط الملحقة بقرارات تقسيم الأراضي المعدة للبناء. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي -المؤيد بالحكم المطعون فيه- قد أقام قضاءه بزوال وسقوط الاشتراطات التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الأخيرة ملحقة بعقود البيع الصادرة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول على سند من شيوع مخالفات هذه الاشتراطات وسقوطها بالتقادم بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر عامًا، وكانت شروط تقسيم الأراضي المعدة للبناء لا تُعتبر - وكما سلف البيان - ذات طبيعة واحدة، فمنها ما يُرد إلى الاتفاق ويخضع لقواعد القانون المدني، ومنها ما يصدر وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء والتخطيط العمراني مما لا يجوز مخالفتها باعتبارها قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق حكمه على كافة الاشتراطات الواردة بعقود البيع وقائمة التقسيم دون أن يحدد ماهيتها وما إذا كانت تتبع أيًا من النوعين آنفي البيان، فإنه يكون قد جهل بالوقائع التي فصل فيها قضاؤه، وأعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون، بما يعيبه بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق