جلسة 25 مايو سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد. المستشارين.
--------------
(131)
القضية رقم 1474 لسنة 12 القضائية
قرار إداري - قرار إداري سلبي - تعويض
- امتناع وزارة عن تنفيذ حكم بغير حق واستمرار امتناعها عن تنفيذه مدة بلغت حوالي أربع سنوات - يعتبر بمثابة قرار إداري سلبي مخالف للقانون يوجب لصاحب الشأن حقاً في التعويض عما يلحقه بسببه من أضرار - شمول التعويض ما أصابه من أضرار مادية وأدبية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 9 من مايو سنة 1963 أقام السيد عبد العزيز أحمد الليثي الدعوى رقم 1357 لسنة 17 القضائية ضد السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير التربية والتعليم طالباً الحكم بإلزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ ألفين من الجنيهات وعشرة جنيهات يومياً من تاريخ إيداع صحيفة الدعوى حتى ينفذ الحكم الصادر لصالحه مع المصروفات والأتعاب وقال شرحاً لدعواه إنه صدر لصالحه حكم في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 ضد المدعى عليهما بجلسة 15 من يونيه سنة 1961 قاضياً بأحقيته في إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى التاريخ المحدد في القرار رقم 12521 لسنة 1954 الصادر في 25 من ديسمبر سنة 1954 بالترقية إلى الدرجة الأولى وبإلغاء القرار الجمهوري رقم 178 لسنة 1956 الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة مدير عام (ب) وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات. وذكر أن الوزارة قد طعنت في هذا الحكم وقيد الطعن برقم 1623 لسنة 7 القضائية وقضت دائرة فحص الطعون برفض هذا الطعن بجلسة 17 من نوفمبر سنة 1962 وقام هو بإعلان صورة تنفيذية من الحكم في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 القضائية إلى المدعى عليهما في أول ديسمبر سنة 1962 ولكن المدعي الثاني رفض تنفيذ الحكم بل واقترح ترقية ثلاثة من زملائه إلى درجة مدير عام وصدر بذلك قرار من رئيس الجمهورية في 28 من أول أبريل سنة 1963 وأضاف المدعي أنه من ضباط الاحتياط وأنه كان من الواجب أن يحصل على حقوقه بلا دعاوى وأنه قد أصابته أضرار جسيمة من جراء امتناع المدعى عليه الثاني عن تنفيذ الحكم وأنه يقدر هذه الأضرار حتى تاريخ إقامة الدعوى بمبلغ ألفين من الجنيهات يضاف إليها غرامة تهديدية قدرها عشرة جنيهات تبدأ من ذلك التاريخ.
وبصحيفة أعلنت في 11 من أغسطس سنة 1963 وجه المدعي طلباته إلى السيد وزير التربية والتعليم بصفته طالباً الحكم بإلزامه بصفته ضامناً مع الحكومة بأن يدفع له مبلغ ألفي جنيه وغرامة يومية عشر جنيهات عن كل يوم يتأخر فيه عن تنفيذ الحكم وذكر في هذه الصحيفة أن السيد الوزير شخصياً هو الذي يعطل التنفيذ رغم أن جميع الإدارات ووكلاء الوزارة قد أوصوا بتنفيذ الحكم.
وأودع المدعي مذكرات بدفاعه قال فيها إن الوزارة تتعمد عدم تنفيذ الحكم وأن السيد الوزير قد استصدر قرارين جمهوريين بترقية من هم أحدث منه إلى درجة مدير عام وذكر أن الوزارة قد نفذت أحكاماً مماثلة صدرت لصالح غيره وأن خطأ الوزير الشخصي خطأ واضح وظاهر وبين في مذكرته المقدمة لجلسة 31 من مايو سنة 1964 أن الفروق المالية المستحقة حتى 31 من مايو سنة 1964 تبلغ 2044 جنيه و651 مليم وأنه يحفظ حقه في فروق التأمين الحكومي وفي الفروق التي تستحق مستقبلاً من أول يونيه سنة 1964 وفي التعويض عن الأضرار الأدبية التي لحقت وستلحق به.
ولم تقدم الوزارة أي دفاع رداً على دعوى المدعي سوى ما ورد على لسان الحاضر في بعض الجلسات من أنها في سبيل تنفيذ الحكم وما قرره الحاضر عنها بجلسة 12 من يونيه سنة 1966 من أنها في سبيل عرض موضوع تنفيذ الحكم على لجنة العاملين بها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أنه بتاريخ 15 من يونيه سنة 1961 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً لصالح المدعي يقضي بأحقيته في إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى التاريخ المحدد في القرار رقم 12521 لسنة 1954 الصادر في 25 من ديسمبر سنة 1954 بالترقية إلى الدرجة الأولى وبإلغاء القرار الجمهوري رقم 178 لسنة 1956 الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة مدير عام (ب) وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات - وأصبح هذا الحكم نهائياً برفض الطعن المقدم من الحكومة - ولكن الوزارة تعمدت عرقلة تنفيذه بل أخذت في المماطلة واختلاق الأسباب لتأجيل الفصل في الدعوى وظل الحال هكذا عدة سنوات - ولئن كان المدعي قد رقي إلى درجة مدير عام في 16 من مارس سنة 1965 إلا أن هذه الترقية لم تكن تنفيذاً للحكم المذكور الذي كان يقتضي وضعه في درجة مدير عام منذ 10 من سبتمبر سنة 1956 ولم تكن الوزارة حسنة النية عندما أجرت حركة ترقيات إلى درجة مدير عام في 27 من إبريل سنة 1963 متجاهلة الحكم تجاهلاً تاماً ومن ذلك يبين الخطأ الذي تردت فيه والذي بلغ درجة الانحراف بالسلطة - أما الضرر الذي أصاب المدعي من جراء هذا التصرف فثابت من الناحية المادية ويتمثل في الفروق المالية التي لم يحصل عليها طيلة مدة عدم تنفيذ الحكم الصادر لصالحه وهي الفروق بين المرتب الذي حصل عليه في المدة من 25 من ديسمبر سنة 1954 إلى 16 من مارس سنة 1965 وبين المرتب الذي كان يتعين أن يحصل عليه فيما لو طبقت الوزارة الحكم الصادر لصالحه تطبيقاً فورياً سليماً وبحسن نية منذ اللحظة التي أصبح فيها نهائياً وبمجرد إعلانها بصيغته التنفيذية - وذكرت محكمة القضاء الإداري أنها تقدر قيمة التعويض الواجب الحكم به للمدعي بمبلغ 2500 جنيه عبارة عن الفروق المالية التي كان يستحقها فيما لو أرجعت أقدميته في الدرجة الأولى إلى 25 من ديسمبر سنة 1954 وفي درجة مدير عام إلى 10 من سبتمبر سنة 1956 وحتى حصوله بالفعل على كل من هاتين الدرجتين مضافاً إليه مبلغ من المال جبراً لجميع الأضرار الأدبية والمادية الأخرى التي أصابت المدعي من جراء عدم تنفيذ الحكم - وقضت المحكمة برفض طلب إلزام وزير التربية والتعليم بصفته الشخصية بدفع التعويض تأسيساً على أن المدعي عجز عن إثبات سوء نيته وانحرافه المتعمد المقصود كما رفضت طلب توقيع الغرامة التهديدية تأسيساً على أن التعويض المقضى به قد جبر الأضرار التي لحقت بالمدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الوزارة قد قامت بالفعل بتنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 القضائية إذ اعتمد السيد الوزير إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 25 من ديسمبر سنة 1954 وترقيته إلى درجة مدير عام (ب) من 10 من سبتمبر سنة 1956 ثم تطبيق لقرار رئيس الجمهورية رقم 2264 لسنة 1964 بحساب أقدميته في الدرجة الأولى (كادر جديد) من 10 من سبتمبر سنة 1956 وصدر القرار التنفيذي رقم 335 في 17 من يوليه سنة 1966 من وكيل الوزارة للشئون المالية والإدارية متضمناً هذا التنفيذ وتدرج مرتب المدعي على الأساس الذي قضى به الحكم - وبذلك انتفى الضرر المادي ولا وجه لادعاء تحقق أي ضرر أدبي إذ لم يبين الحكم ماهيته أو يوضح أساسه كما أخطأ الحكم إذ قضى بتعويض لا محل له وتجاوز طلبات المدعي إذ قضى له بألفين وخمسمائة جنيه وهو أكثر مما طلبه في صحيفة دعواه التي طلب فيها الحكم بألفي جنيه.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على الطعن بمذكرة قال فيها إنه قد حاقت به أضرار تتمثل في تعطيل الترقيات الأدبية وإيقاف صرف فروق المرتبات المستحقة له ومعاملته معاملة بعيدة عن العدالة بنقله إلى محافظة ثانية هي محافظة البحر الأحمر رغم أنه أقدم مدير عام متجاهلة بذلك الصالح العام ومفضلة عليه الأقل في المؤهلات وفي الكفاية - وذكر أن جملة الفروق المستحقة عن تسلسل المرتب وإعانة الغلاء حتى 30 من يونيه سنة 1966 بلغت 2167 جنيه و116 مليم وأن الحكم قد أضاف مبلغاً ضئيلاً لا يتناسب مع الأضرار المادية والأدبية وأخصها الإبعاد عن القاهرة والحرمان من تقلد الوظائف القيادية - كما تقدم بمذكرة أخرى أشار فيها إلى طعن الوزارة رقم 1142 لسنة 13 القضائية في الحكم الصادر لصالحه ضدها في الدعوى رقم 2983 لسنة 19 القضائية بإلغاء القرار الجمهوري رقم 267 لسنة 1965 المتضمن ترقية بعض مديري التربية والتعليم إلى درجة وكيل وزارة لعدم إدراج اسمه بين المرشحين للترقية وبين أن مصلحته تقتضي ضم هذا الطعن إلى الطعن الماثل - وأودع حافظة بمستنداته وذكر أن من بين المستندات شهادتين طبيتين عن إصابة العمل التي أصابته من جراء العنت والإرهاق النفسي والوجداني - وقرر المدعي بجلسة 27 من إبريل سنة 1968 أن القرارات المنفذة للحكم قد صدرت وأنه قد صرف له مبلغ 1554 جنيهاً خلال شهر سبتمبر سنة 1966.
ومن حيث إن الوزارة قد أودعت مذكرة بدفاعها أضافت فيها إلى ما ورد بتقرير الطعن أن دعوى المدعي تتعلق بتعويض بصفة أصلية عن القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر لصالحه في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 القضائية - وأن قيامها بتنفيذ هذا الحكم تنفيذاً عينياً يترتب عليه انتهاء الخصومة بشأن طلب التعويض فضلاً عن انتفاء ركن الخطأ من جانبها فلا وجه لمساءلتها عن التعويض - وذكرت أن هذا التنفيذ قد تم بالقرار الإداري رقم 335 لسنة 1966 في 17 من يوليه سنة 1966 وأنها قامت بتدريج مرتب المدعي على الأساس الذي قضى به الحكم ويصرف صافي الفروق المالية المترتبة على ذلك وقدرها 1554 جنيه و686 مليم الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه على غير أساس من القانون والواقع مما يحق معه للوزارة أن تطلب إلغاءه والحكم باعتبار الخصومة منتهية - وأضافت الوزارة أنه لو صح أن هناك خطأ فإن الأضرار المادية تتمثل في فروق المرتب ولا وجه للزعم بأن هناك أضراراً أدبية يمكن التعويض عنها وانتهت الوزارة إلى طلب قبول الطعن شكلاً والحكم أصلياً باعتبار الخصومة منتهية واحتياطياً برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أنه بتاريخ 15 من يونيه سنة 1961 صدر لصالح المدعي حكم في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 القضائية بأحقيته في إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى التاريخ المحدد في القرار رقم 12521 لسنة 1954 الصادر في 25 من ديسمبر سنة 1954 بالترقية إلى الدرجة الأولى وبإلغاء القرار الجمهوري رقم 178 لسنة 1956 الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة مدير عام (ب) وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات - وطعنت الوزارة في هذا الحكم وبجلسة 17 من نوفمبر سنة 1962 قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً - وقدم المدعي الحكم إلى الوزارة في أول ديسمبر سنة 1962 طالباً تنفيذه ولكنها امتنعت عن القيام بهذا بل أنها أجرت في 28 من إبريل سنة 1963 حركة ترقيات إلى درجة مدير عام متخطية المدعي في الترقية إلى تلك الدرجة ومتجاهلة الحكم الصادر لصالحه المتضمن استحقاقه لتلك الترقية اعتباراً من 10 من سبتمبر سنة 1956 - وإزاء ذلك اضطر المدعي إلى الالتجاء إلى القضاء مطالباً بالتعويض عن عدم تنفيذ الحكم فأقام ضد الوزارة الدعوى رقم 1357 لسنة 17 القضائية بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 9 من مايو سنة 1963 تضمنت أنه بقدر ما أصابه من ضرر بسبب امتناع الوزارة عن تنفيذ الحكم حتى تاريخ إقامة الدعوى ابتداء من ذلك التاريخ - ولم تقدم الوزارة أي دفاع رداً على الدعوى سوى ما قرره الحاضر عنها من أنها في سبيلها إلى تنفيذ الحكم - كما لم تقدم أي بيان عن فروق المرتب المستحق للمدعي وفقاً لما قضى به الحكم المذكور - وبجلسة 13 من مارس سنة 1966 طلبت محكمة القضاء الإداري من المدعي بيان طلباته على وجه التحديد وتحديد الفروق المالية المترتبة على رد أقدميته في الدرجة الأولى ودرجة مدير عام فقرر أن جملة الفروق حتى 31 من مايو سنة 1964 تبلغ 2044 جنيه و651 مليم يضاف إليها الفروق من أول يونيه سنة 1964 حتى تاريخ تلك الجلسة وقدرها حوالي 500 جنيه وسألته المحكمة عما إذا كان يطلب مبالغ أخرى فأجاب بأنه يطلب تعويضاً يومياً قدره عشرة جنيهات من يوم إعلان الحكم - ورغم أن الدعوى أجلت مراراً بناء على طلب الوزارة فإنها لم تقم بتنفيذ الحكم سالف الذكر حتى صدر الحكم المطعون فيه في 26 من يونيه سنة 1966 بإلزامها بأن تدفع للمدعي مبلغ 2500 جنيه - ثم في 17 من يوليه سنة 1966 أصدر وكيل الوزارة للشئون المالية والإدارية الأمر التنفيذي رقم 335 الذي يتضمن أن السيد الوزير اعتمد في 30 من يونيه سنة 1966 إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى (كادر قديم) إلى 25 من ديسمبر سنة 1954 بدلاً من سبتمبر سنة 1956 وترقيته إلى درجة مدير عام (ب) كادر قديم من 10 من سبتمبر سنة 1956 ثم تطبيق القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 على حالته وحساب أقدميته في الدرجة الأولى (كادر جديد) من 10 من سبتمبر سنة 1956 بدلاً من 16 من مارس سنة 1965 وذلك تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 القضائية - وأودعت الوزارة بياناً بالفروق المترتبة على هذه التسوية تضمن أن جملتها بلغت 2167 جنيه و116 مليم وأن الاستقطاعات الواجب خصمها منها بلغت 612 جنيه و110 مليم وأن الصافي المستحق للمدعي يبلغ 1555 جنيه و6 مليم - وقرر المدعي بجلسة 27 من إبريل سنة 1968 أنه قد صرف له مبلغ 1554 جنيهاً خلال شهر سبتمبر سنة 1966.
ومن حيث إن الوزارة تقيم طعنها على أنها وقد قامت بتنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 1178 لسنة 16 القضائية بتسوية حالته وفقاً لما قضى به هذا الحكم ويصرف صافي الفروق التي ترتبت على هذه التسوية - فإن الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس من القانون أو الواقع وتعتبر الخصومة منتهية - وأنه لو صح أن هناك خطأ من جانبها فإن الأضرار المادية تتمثل في فروق المرتب وليست هناك أضرار أدبية يمكن التعويض عنها.
ومن حيث إنه يجب على الجهات الإدارية المبادرة إلى تنفيذ ما يصدر ضدها من أحكام حائزة لقوة الشيء المقضى به فإن هي امتنعت دون حق عن تنفيذها في وقت مناسب أو تعمدت تعطيل هذا التنفيذ اعتبر ذلك بمثابة قرار إداري سلبي مخالف للقانون يوجب لصاحب الشأن حقاً في التعويض عما يلحقه بسببه من أضرار مادية وأدبية.
ومن حيث إنه لا شك في أن امتناع الوزارة عن تنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 1178 لسنة 13 القضائية في وقت مناسب بعد رفض طعنها فيه وإعلانها به في أول ديسمبر سنة 1962 واستمرار امتناعها عن هذا التنفيذ مدة بلغت حوالي أربع سنوات ينطوي على خطأ من جانبها - وقد ترتب على هذا الخطأ أضرار مادية وأدبية لحقت بالمدعي تتمثل في تأخير تسوية حالته وما فاته نتيجة لذلك من فرص شغل المناصب الرئيسية والقيادية التي تتناسب مع أقدميته ودرجته - وحرمانه من الفروق المالية التي يستحقها طوال المدة التي امتنعت فيها الوزارة عن تنفيذ الحكم - واضطراره في سبيل إلزامها بهذا التنفيذ إلى الالتجاء إلى القضاء وتكبد ما اقتضاه سلوك هذا السبيل من أعباء ونفقات وجهود وذلك بالإضافة إلى ما أصابه من آلام نفسية بسبب تعنت الوزارة وإصرارها على القعود عن تنفيذ الحكم طوال المدة التي استغرقتها نظر دعوى التعويض التي أقامها ضدها ونظر الطعن الذي أقامته في الحكم الصادر فيها وما انطوى عليه هذا المسلك من جانب الوزارة من امتهان لحقوقه وإهدار لمركزه بين زملائه الأحدث منه والذين تخطوه في الترقية إلى درجة مدير عام.
ومن حيث إنه لا يكفي لجبر جميع هذه الأضرار قيام الوزارة بعد صدور الحكم ضدها بالتعويض - بتسوية حالة المدعي وصرف فروق المرتب المستحق له بعد مدة بلغت حوالي أربع سنوات من تاريخ الحكم له بها لقي فيها من عنت الوزارة ما أرهقه والحق به ما سبقت الإشارة إليه من أضرار مادية وأدبية.
ومن حيث إنه لذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق إذ لم يقصر تقدير التعويض على مستحقات المدعي من فروق المرتب التي لم تكن الوزارة قد قامت بصرفها إليه بل أدخل في هذا التقدير ما أصابه من أضرار مادية وأدبية أخرى.
ومن حيث إنه ولئن كان هذا الحكم قد قدر التعويض المحكوم به بمبلغ إجمالي قدره 2500 جنيه وصفه في أسبابه بأنه (عبارة عن الفروق المالية التي كان يستحقها المدعي فيما لو أرجعت أقدميته في الدرجة الأولى إلى 25 من ديسمبر سنة 1954 وفي درجة مدير عام إلى 10 من سبتمبر سنة 1956 وحتى حصوله على كل من هاتين الدرجتين كما سلف بيانه مضافاً إليها مبلغ من المال جبراً لجميع الأضرار الأدبية والمادية الأخرى التي أصابت المدعي من جراء عدم تنفيذ الحكم المشار إليه) - لئن كان الحكم قد قدر التعويض على هذا الوجه دون بيان لقيمة الفروق المالية المشار إليها ولقيمة التعويض المقضى به عن الأضرار الأدبية والمادية الأخرى كل على حدة - إلا أن الذي يخلص من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قد أقامت تقديرها للتعويض الذي قضت به على أساس أخذها بأقوال المدعي التي لم تنازع فيها الوزارة في شأن تحديد الفروق المستحقة له بمبلغ 2044 جنيه و651 مليم حتى 31 من مايو سنة 1964 مضافاً إليها ما استحقه من فروق حتى 16 من مارس سنة 1965 تاريخ ترقيته إلى درجة مدير عام وذلك دون أن تخصم من هذه الفروق الاستقطاعات الواجب خصمها قانوناً نظراً إلى عدم إبداء الوزارة لأية منازعة في الرقم الذي حدده لهذه الفروق.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق المودعة ملف هذا الطعن أن جملة الفروق المستحقة للمدعي قبل خصم الاستقطاعات المشار إليها قد بلغت 2167 جنيه و116 مليم وعلى هذا الأساس يكون ما قضت به محكمة القضاء الإداري هو مبلغ يعادل هذه الفروق مضافاً إليها مبلغ 332 جنيه و884 مليم يمثل التعويض عن كافة الأضرار الأدبية وبعض الأضرار المادية الأخرى التي أصابت المدعي من جراء امتناع الوزارة عن تنفيذ الحكم - وذلك ما سلم به المدعي في مذكرته الأولى المودعة في هذا الطعن والتي قال فيها أن مبلغ 2500 جنيه المحكوم به تضمن الفروق المستحقة التي بلغت جملتها 2167 جنيه و116 مليم وأن الحكم أضاف مبلغاً ضئيلاً لا يتناسب مع الأضرار المادية والأدبية وأخصها الإبعاد عن القاهرة والحرمان من تقلد الوظائف القيادية.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في تحديده لعناصر التعويض بمبلغ يعادل الفروق المالية المستحقة للمدعي مضافاً إليه مبلغ لجبر الأضرار الأخرى إلا أنه كان يتعين أن تخصم من الفروق المذكورة ما أوجب القانون خصمه من استقطاعات بلغت جملتها حسبما يبين من الأوراق الموضوعة في هذا الطعن 612 جنيه و110 مليم وبذلك يكون صافي هذه الفروق هو مبلغ 1555 جنيه و6 مليم وإذ تم صرف هذا المبلغ الأخير إلى المدعي بعد صدور الحكم المطعون فيه فإن الوزارة تكون قد نفذت هذا الحكم فيما قضى به من تعويض يعادل الفروق المذكورة وذلك على الوجه الذي يقضي به القانون في شأن ما يستقطع منها - وبأداء الوزارة لهذه الفروق لا يكون للمدعي الرجوع عليها بأية مطالبة أو تعويض يعادل قيمتها - ويصبح حقه قبل الوزارة - وفقاً للحكم المطعون فيه - مقصوراً على مبلغ 332 جنيه و884 مليم التعويض المقضى به لجبر ما لحق به من أضرار أخرى مادية وأدبية وعلى المصروفات القضائية المحكوم بها.
ومن حيث إن نعي الوزارة على الحكم المطعون فيه أنه قضى بأكثر مما طلبه المدعي في صحيفة دعواه مردود بأن أقوال المدعي أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 13 من مارس سنة 1966 قد تضمنت طلباته إلى ما يزيد على مبلغ ألفين وخمسمائة جنيه فالحكم من هذه الناحية لم يقض بأكثر من طلبات المدعي.
ومن حيث إنه لما تقدم وحيال ما يبين من أوراق الدعوى من تنفيذ الحكم المطعون فيه جزئياً في حدود صافي الفروق المستحقة للمطعون ضده على ما سبق تحديدها ولما تراه هذه المحكمة من الاقتصار على القضاء للمطعون ضده بتعويض جزافي عن الأضرار الأدبية والمادية الأخرى مقداره 332 جنيه و884 مليم، فإنه يتعين من أجل ما سلف تعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلزام الوزارة بأن تدفع للمطعون ضده تعويضاً إجمالياً قدره 1887 جنيه و890 مليم والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ.
ومن حيث إنه وقد تبين أن الوزارة الطاعنة قد دفعت من هذا المبلغ ألفاً وخمسمائة وخمسين جنيهاً وستة مليمات بعد صدور الحكم المطعون فيه فإنه يتعين - والحالة هذه - الاقتصار على القضاء بإلزام الوزارة بأن تدفع للمدعي مبلغ ثلاثمائة واثنين وثلاثين جنيهاً مصرياً وثمانمائة وأربعة وثمانين مليماً فقط لا غير (884 م و332 ج) والمصروفات المناسبة لمبلغ 1887.890 ج على ما سلف الإيضاح.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلزام الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ ثلاثمائة واثنين وثلاثين جنيهاً وثمانمائة وأربعة وثمانين مليماً فقط (884 م 332 ج) والمصروفات المناسبة على الوجه المبين بالأسباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق