جلسة 8 من يناير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / يحيى عبد العزيز ماضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي نور الدين الناطـوري ومحمد محمود محمد علي نائبي رئيس المحكمة وحاتم حميدة ومحمد هديب .
----------------
(5)
الطعن رقم 25831 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بهما وإيراده مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .
عدم تحرير الحكم على نموذج مطبوع . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
(3) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً .
إثبات الحكم إسهام الطاعن في ارتكاب التزوير . مفاده : توافر علمه بتزوير المحرر .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم مؤدى أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية في بيان وافٍ . لا قصور . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(5) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها . ما لا يقبل منها " .
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه .
منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشهود . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
النعي بتناقض أقوال الشهود في قول مرسل مجهل . غير مقبول .
(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . تزوير " أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . مسئولية جنائية .
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
جرائم التزوير . لم يجعل القانون الجنائي لإثباتها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
اصطناع المحررات وتزوير بياناتها بيد شخص آخر . لا يؤثر في مسئولية الطاعن كشريك في جريمة التزوير . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي . للمحكمة الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة إلى متهم واطراحها بالنسبة لآخر . قضاء الحكم ببراءة متهم للأسباب التي أوردها عقب إفصاحه عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن بمقتضاها . لا يعيبه .
(8) دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
نعي الطاعن بالتفات الحكم عن دفعه بعدم جدية التحريات لخلوها من تحديد دوره في ارتكاب الواقعة . غير مقبول . ما دام لم يعول عليها في الإدانة . تقدير أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية بشأنها . موضوعي .
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القول بقصور التحقيقات في عبارة مرسلة . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . النعي بإغفاله الرد على هذا الدفاع الذي ورد في عبارة مرسلة دون طلب اتخاذ إجراء معين . غير مقبول . علة ذلك ؟
(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(11) استيراد وتصدير . تعويض . جمارك . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
اختصاص وزير التجارة أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية بالإفراج عن السلع التي تستورد بالمخالفة لحكم المادة 1 من القانون 118 لسنة 1975 أو القرارات المنفذة لها على أساس دفع المخالف تعويضاً يعادل قيمة السلع المفرج عنها حسب تثمين مصلحة الجمارك يُحصل لحساب وزارة التجارة . قضاء الحكم بإلزام الطاعن بذلك التعويض . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه لمصلحته ولو لم يرد بأسباب الطعن . أساس ذلك؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
2- لما كان الحكم المطعون فيه لم يُحرر على نموذج مطبوع على خلاف ما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له .
3- من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، وأن إثبات الحكم إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير بناءً على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحرر حال استعماله ، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
5- لما كان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
6- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في الإدانة على تقرير أبحاث التزييف والتزوير رغم عدم كفايته يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن اصطناع المحررات وتزوير بياناتها بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن عن جريمة التزوير التي دانه الحكم عنها بصفته شريكاً فيها وليس فاعلاً أصلياً لها ، ومن ثم فلا يجديه نفي تحريره لتلك البيانات أو التوقيعات الموجودة عليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى متهم آخر ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها ، فلا يعيبه - من بعد - أن يقضي ببراءة متهم آخر استنادًا للأسباب التي أوردها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
8- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وكتاب بنك .... وأن ما ورد بأقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
9- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة العامة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها ، ودون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم ، هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وما دام لم يطلب الدفاع استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سببًا لمنعاه .
10- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح في أسباب طعنه عما تضمنته مذكرة الدفاع والمستندات المقدمة منه ، وعن وجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق ، وكانت أسباب الحكم - حسبما يبين من المفردات المضمومة - قد خلت من هذا العيب ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
11- لما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن التصدير والاستيراد على أن : " لوزير التجارة أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية الإفراج عن السلع التي تستورد بالمخالفة لحكم المادة (1) أو القرارات المنفذة لها على أساس دفع المخالف تعويضاً يعادل قيمة السلع المفرج عنها حسب تثمين مصلحة الجمارك يحصل لحساب وزارة التجارة .... " يدل على أن إعمال التعويض المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر من اختصاص وزير التجارة أو من يفوضه وذلك قبل رفع الدعوى الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بدفع تعويض قدره مليون وخمسمائة ألف جنيه لوزارة التجارة والصناعة يكون قد خالف القانون ، مما يقتضي هذه المحكمة لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة إلى الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :
- وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية أو العاملين ببنك .... اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهم في ارتكاب تزوير في محرر لإحدى شركات المساهمة " ملحق رقم 4 نموذج تمويل الواردات رقم 646/2016 " الصادر من بنك .... فرع .... وكان ذلك بتغيير بيانات المحرر ، بأن غيروا القيمة الفعلية المدونة به وأضافوا بيانات لتصبح القيمة مائتان وخمسون ألف دولار بدلاً من خمس وعشرون ألف دولار وقد تمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة مستعملين إياه في البيانات الجمركية أرقام ( .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... لسنة .... ) وترتب على ذلك الاستعمال الجريمة محل الوصف الثاني على النحو المبين بالأوراق .
- استوردوا سلعاً بالمخالفة لقرار وزير التجارة الصادر بتحديد الإجراءات والقواعد المنظمة لذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة بعد أن خلصت إلى أن الاتهام يشكل في حق المتهمين الثاني " الطاعن " والثالث :ـــ
- اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهما وآخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر لإحدى شركات المساهمة " ملحق رقم 4 نموذج تمويل الواردات رقم 646/2016 " الصادر من بنك .... فرع .... وكان ذلك بتغيير بيانات المحرر ، بأن غيروا القيمة الفعلية المدونة به وأضافوا بيانات لتصبح القيمة مائتان وخمسون ألف دولار بدلاً من خمس وعشرون ألف دولار ، وقد تمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة مستعملين إياه في البيانات الجمركية أرقام ( .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... لسنة .... ) وترتب على ذلك الاستعمال الجريمة محل الوصف الثاني على النحو المبين بالأوراق .
- استوردوا سلعاً بالمخالفة لقرار وزير التجارة الصادر بتحديد الإجراءات والقواعد المنظمة لذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث عملاً بالمواد 40/ثانياً ، ثالثاً ، 41 /1 ، 214 مكرراً من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 15 /1-2-4 من القانون 118 لسنة 1975 ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات أولا: بمعاقبة كلٍ من .... ، .... بالسجن لمدة خمس سنوات وألزمتهما المصاريف الجنائية ، وأن يؤديا تعويضاً لوزارة التجارة والصناعة مبلغ وقدره مليون وخمسمائة ألف جنيه ، ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة . ثانياً : براءة .... من الاتهام المنسوب إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محرر لإحدى شركات المساهمة واستعماله ، واستيراد سلع بالمخالفة لقرار وزير التجارة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن حُرر في عبارات عامة شابها الإجمال والإبهام والغموض وعلى نموذج مطبوع ، وخلا من بيان وجه استدلاله على قيام الاشتراك وتوافر عناصره في حق الطاعن وعلمه به ، ولم يفطن أن توافر المصلحة من المحرر المزور أو الاستفادة منه والتمسك به لا يكفي للتدليل على هذا العلم ، وعول على أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية ولم يورد مؤداها ، وعلى أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها ، وأغفل دلالة ما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن الطاعن لم يحرر البيانات والتوقيعات المنسوبة له بالشهادات والبيانات الجمركية المزورة ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن ، وقضت المحكمة بإدانة الطاعن رغم قضائها ببراءة متهم آخر أحيل إليها بذات القيد والوصف ، والتفت الحكم عما أثاره الطاعن من الدفع بعدم جدية التحريات لخلوها من تحديد دوره في ارتكاب الواقعة ، وقصور تحقيقات النيابة العامة ، وما جاء بمذكرة الدفاع والمستندات المقدمة منه تأييداً لدفاعه ، هذا فضلاً عن مخالفته لما تضمنته الأوراق ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يُحرر على نموذج مطبوع على خلاف ما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، وأن إثبات الحكم إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير بناءً على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحرر حال استعماله ، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أأأأأأقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في الإدانة على تقرير أبحاث التزييف والتزوير رغم عدم كفايته يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن اصطناع المحررات وتزوير بياناتها بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن عن جريمة التزوير التي دانه الحكم عنها بصفته شريكاً فيها وليس فاعلاً أصلياً لها ، ومن ثم فلا يجديه نفي تحريره لتلك البيانات أو التوقيعات الموجودة عليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى متهم آخر ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها ، فلا يعيبه - من بعد - أن يقضي ببراءة متهم آخر استنادًا للأسباب التي أوردها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وكتاب بنك .... وأن ما ورد بأقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة العامة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها ، ودون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم ، هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وما دام لم يطلب الدفاع استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سببًا لمنعاه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح في أسباب طعنه عما تضمنته مذكرة الدفاع والمستندات المقدمة منه ، وعن وجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق ، وكانت أسباب الحكم - حسبما يبين من المفردات المضمومة - قد خلت من هذا العيب ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن التصدير والاستيراد على أن : " لوزير التجارة أو من يفوضه وقبل رفع الدعوى الجنائية الإفراج عن السلع التي تستورد بالمخالفة لحكم المادة (1) أو القرارات المنفذة لها على أساس دفع المخالف تعويضاً يعادل قيمة السلع المفرج عنها حسب تثمين مصلحة الجمارك يحصل لحساب وزارة التجارة .... " يدل على أن إعمال التعويض المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر من اختصاص وزير التجارة أو من يفوضه وذلك قبل رفع الدعوى الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بدفع تعويض قدره مليون وخمسمائة ألف جنيه لوزارة التجارة والصناعة يكون قد خالف القانون ، مما يقتضي هذه المحكمة لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة إلى الطاعن ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق