جلسة 25 من مايو سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بهجت عتيبة. المستشارين.
----------------
(133)
القضية رقم 878 لسنة 13 القضائية
اختصاص "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري".
يخرج عنه الطعون في القرارات التي تصدرها اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية في شأن القيد أو الحذف من جداول الانتخابات أو تصحيح البيانات الخاصة بالقيد في تلك الجداول - ينعقد الاختصاص بالنظر في هذه الطعون للمحاكم الابتدائية - بقاء الاختصاص بنظر تلك الطعون منعقداً للمحاكم المذكورة بعد العمل بأحكام القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى ضد السيدين وزير الداخلية ومدير أمن سوهاج بعريضة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 14 من يوليه سنة 1965، وطلب الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر من لجنة الطعون بمديرية أمن سوهاج في 22 من إبريل سنة 1965 بحذف اسمه من جدول انتخاب ناحية الكوامل قبلي وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه في 22 من إبريل سنة 1965 أصدرت لجنة الطعون بمديرية أمن سوهاج قراراً بحذف اسمه ضمن 99 مواطناً من جداول انتخاب ناحية الكوامل قبلي مركز المنشأة بمحافظة سوهاج بدعوى أنهم لا يقيمون بالبلدة وهذا القرار قد انطوى على مخالفة القانون ذلك أنه ولد ونشأ في البلدة المشار إليها ويقيم فيها هو وزوجته وأولاده ويمتلك بها أراضي زراعية وعقارات ولا يحول دون اعتباره مقيماً بها تردده على القاهرة أو عاصمة محافظته لأمور تتعلق بالتعامل والإشراف على تعليم أولاده وأنه سبق أن مارس حقوقه الانتخابية في هذه البلدة على كافة المستويات.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة تضمنت أن اسم المدعي أدرج بجدول الانتخاب بقرية الكوامل قبلي عند تعديلها في شهر ديسمبر سنة 1964 وقد تقدم المواطن كمال أحمد خاطر بطعن طالباً حذف اسم المدعي من جداول الانتخاب استناداً إلى أنه لا يقيم بالقرية وأسفرت التحريات عن صحة أسباب الطعن وعرض الطعن على لجنة الطعون المشكلة وفقاً للمادة 16 من القانون رقم 73 لسنة 1956 في شأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية فقررت بجلستها المنعقدة في 22 من إبريل سنة 1965 قبول الطلب شكلاً وفي الموضوع بحذف اسم علي حسانين كامل من جداول انتخاب القرية واستندت في قرارها إلى أن المذكور لا يقيم بالقرية وأنه أدرج بالجدول بغير حق. وأضافت الجهة الإدارية إلى أن المشرع رسم طريق الطعن في القرار الصادر من اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بما نص عليه في المادة 17 من القانون المذكور من أن يكون الطعن في القرار أمام المحكمة الابتدائية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ إبلاغه بالقرار وعلى ذلك فإن هذا النزاع يخرج على ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وانتهت الجهة الإدارية في مذكرتها إلى طلب الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 30 من مايو سنة 1966 قضت المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري فقيدت بسجلاتها برقم 1906 لسنة 20 القضائية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى وانتهت فيه إلى رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها ورفضها موضوعاً. وبجلسة 4 من إبريل سنة 1967 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه والصادر من لجنة الطعون بمديرية أمن سوهاج في 22 من إبريل سنة 1965 فيما تضمنه من حذف اسم المدعي من جداول الانتخاب بناحية الكوامل قبلي وألزمت الحكومة المصروفات وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن ما تصدره اللجنة المشكلة طبقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 73 لسنة 1956 في شأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية هي قرارات إدارية صادرة من هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعون التي ترفع عنها طبقاً لنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة وعلى هذا جرى قضاء مجلس الدولة قبل العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 سالف الذكر وإذا كانت المادة 17 من القانون المذكور قد نصت على اختصاص المحكمة الابتدائية المختصة بالفصل في الطعون في القرارات التي تصدرها اللجنة فإن القانون لم يتضمن نصاً مانعاً لولاية القضاء الإداري من الفصل في هذه الطعون الذي جرى على اختصاصه بالفصل في نظائر تلك المنازعات ولو أراد المشرع أن يسلخ الفصل في هذه الطعون من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري لنص على ذلك في القانون اللاحق رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة كما نص على الطعون الخاصة بالقرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل والقرارات الصادرة من لجان قيد المحامين بالجدول العام وقبولهم للمرافعة أمام المحاكم وتأديبهم حسبما جاء في المادة 11 من قانون مجلس الدولة. لذلك يكون المشرع قد ترك لذوي الشأن الخيرة في اللجوء إلى أي من القضاءين ومتى كان الثابت أن المدعي لم يلجأ إلى المحكمة الابتدائية المختصة طبقاً للقانون رقم 73 لسنة 1956 فإنه يحق له اللجوء إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري للفصل في هذه المنازعة - ولذلك يكون الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة غير قائم على أساس سليم من القانون. أما بالنسبة للموضوع فقد استندت المحكمة في قضائها إلى أن المادة 11 من القانون رقم 73 لسنة 1956 تضمنت تعريف الموطن الانتخابي بأنه الجهة التي يقيم فيها الشخص عادة وأجازت أن يختار الشخص لقيد اسمه الجهة التي بها محل عمله الرئيسي أو التي بها مصلحة جدية أو مقر عائلته ولو لم يكن مقيماً فيها. لذلك فإن لجنة الطعون إذ اتخذت من عدم إقامة المدعي بقرية الكوامل قبلي سبباً في حذف اسمه من جدول الانتخاب بتلك القرية بالرغم من أن للمدعي مصلحة جدية في القرية المذكورة وبها مقر عائلته فإن قرارها يكون قد صدر على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن نص المادة 17 من القانون رقم 73 لسنة 1956 في شأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية والتي تجعل الاختصاص بنظر دعاوى إلغاء قرارات لجان الطعون الانتخابية من اختصاص المحكمة الابتدائية المختصة لم ينسخه نص المادة 11 من قانون مجلس الدولة لأن هذا النص تضمن قاعدة عامة في شأن اختصاص مجلس الدولة لذلك لا ينسخ القاعدة الخاصة الواردة في المادة 17، وأن الحكم المطعون فيه صدر على خلاف إرادة المشرع التي تغياها من تقصير مواعيد الطعن في القرارات الصادرة بالتطبيق لحكم القانون رقم 73 لسنة 1956 وجعلها غير قابلة للطعن وهي الإسراع في حسم المنازعات التي تدور حول قيد المواطنين بجداول الانتخاب.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
ومن حيث إن المادة 5 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية تنص على أن تنشأ جداول انتخاب يقيد فيها أسماء الأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط الناخب في أول ديسمبر من كل سنة ولم يلحق بهم أي مانع من موانع مباشرة الحقوق السياسية.. وتنص المادة 15 من القانون المذكور على أن لكل من أهمل قيد اسمه في جداول الانتخاب بغير حق أو حدث خطأ في البيانات الخاصة بقيده أو توافرت فيه شروط الناخب أو زالت عنه الموانع بعد تحرير الجدول أن يطلب قيد اسمه أو تصحيح البيانات الخاصة بالقيد ولكل ناخب مقيد اسمه في أحد جداول الانتخاب أن يطلب قيد اسم من أهمل بغير حق أو حذف اسم من قيد من غير حق أو تصحيح البيانات الخاصة بالقيد، ويجب تقديم هذه الطلبات لغاية اليوم الخامس عشر من شهر فبراير من كل سنة وتقدم كتابة للمدير أو للمحافظ وتقيد بحسب تاريخ ورودها في سجل خاص وتعطى إيصالات لمحضريها كما تنص المادة 16 من القانون على أن تفصل في الطلبات المشار إليها في المادة السابقة لجنة مؤلفة من المدير أو المحافظ رئيساً ومن قاض يعينه رئيس المحكمة الابتدائية ومن عضو نيابة يعينه النائب العام وذلك خلال أسبوع من تاريخ تقديمها وتبلغ قراراتها إلى ذوي الشأن خلال ثلاثة أيام من تاريخ إصدارها، وتنص المادة 17 من القانون على أن لكل من رفض طلبه أو تقرر حذف اسمه أن يطعن في قرارات اللجنة المشار إليها في المادة السابقة وذلك خلال أسبوع من إبلاغه إياه بغير رسوم إلى المحكمة الابتدائية المختصة وعلى قلم كتاب هذه المحكمة قيد تلك الطلبات بحسب ورودها في سجل خاص وإخطار مقدم الطلب ورئيس لجنة القيد والمحافظة أو المدير وذوي الشأن بكتاب موصى عليه بعلم وصول بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الطلب، على أن يتم الإخطار قبل ذلك بخمسة أيام على الأقل، وتنص المادة 18 من القانون على أنه يجوز لكل ناخب مقيد اسمه في أحد جداول الانتخاب أن يدخل خصماً أمام المحكمة في أي نزاع بشأن قيد اسمه أو حذفه كما تنص المادة 19 من القانون على أن تفصل المحكمة الابتدائية في الطعون على وجه السرعة وتكون الأحكام الصادرة في هذا الشأن نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن ويجوز للمحكمة أن تحكم على من يرفض طلبه بغرامة لا تجاوز خمسمائة قرش، وتنص المادة 20 من القانون على أن تخطر المحكمة المدير أو المحافظ ولجان القيد بما أصدرته من الأحكام بتعديل الجداول في الخمسة الأيام التالية لصدورها وحتى هذا الإخطار يكون لقرارات لجان القيد آثارها.
ومن حيث إنه يبين مما سبق إيضاحه أن المشرع قد رسم طريقاً قضائياً لرفع الطعون التي تقام عن القرارات التي تصدرها اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية في شأن القيد أو الحذف من جداول الانتخاب أو تصحيح البيانات الخاصة بالقيد في تلك الجداول وكفل لذوي الشأن الضمانات الكافية لحسم المنازعات الخاصة بذلك بأحكام نهائية تصدرها المحكمة الابتدائية المختصة وذلك لاعتبارات رآها المشرع وأفصحت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور حين نوهت بأنه "حرصاً على حقوق الناخبين وضماناً لعدالة القرارات التي تصدرها اللجنة المذكورة أجاز المشرع لكل من رفض طلبه أو تقرر حذف اسمه بغير حق أن يطعن في قرار هذه اللجنة خلال أسبوع من إبلاغه إليه بغير رسوم إلى المحكمة الابتدائية المختصة. ولما كان الانتخاب من المسائل العامة التي تهم جمهرة الناخبين وضماناً للدقة المطلقة في تحرير الجداول فقد أجاز المشروع لكل ناخب مقيد اسمه في أحد جداول الانتخاب أنه يدخل خصماً أمام المحكمة في أي نزاع بشأن إدراج اسمه أو حذفه وضماناً لسرعة الفصل في الطعون فقد أوجب المشروع على المحكمة الابتدائية أن تفصل في الطعون على وجه السرعة كما نص على أن تكون الأحكام الصادرة في هذا الشأن نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن، وحتى لا يساء مباشرة حق الطعن أمام المحكمة بدعوى كيدية غير مستندة إلى أساس سليم فقد أجيز للمحكمة أن تحكم على من يرفض طلبه بغرامة لا تجاوز خمسمائة قرش" لذلك فإن النصوص التي احتواها القانون رقم 73 لسنة 1956 آنف الذكر والمنظمة للطعن في قرارات اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 منه تكون قد تضمنت أحكاماً خاصة وردت على نوع معين من القرارات، ولما كان من المقرر أنه إذا ورد نص خاص يتناول بحكمه حالة معينة وجب اتباع حكمه دون الأحكام الأخرى الواردة في قانون عام ولو كان لاحقاً للقانون الخاص ما لم يتناول القانون اللاحق الحكم الخاص صراحة بالحذف أو التعديل، لذلك فإن هذه القاعدة الخاصة التي تضمنتها أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 لا يلغيها مجرد صدور قانون مجلس الدولة بالقانون رقم 55 لسنة 1959 وتخويله في المادة 11 منه مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري اختصاص الفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل والقرارات الصادرة من لجان قيد المحامين بالجدول العام وقبولهم للمرافعة أمام المحاكم وتأديبهم، ذلك أن هذا النص لا يختلف عن نص المادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 165 لسنة 1955 والذي كان نافذاً عند صدور القانون رقم 73 لسنة 1956، وإذ كانت نية المشرع قد وضحت عند وضعه حكم المادة 17 من القانون رقم 73 لسنة 1956 في إخراج الطعون في قرارات اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من هذا القانون من ولاية مجلس الدولة وتخويل المحكمة الابتدائية المختصة هذا الاختصاص استثناء من الأحكام العامة المحددة لاختصاص مجلس الدولة فإن حكم المادة 17 من القانون رقم 73 لسنة 1956 وهو نص خاص ينبغي أن يظل قائماً في مجال التطبيق رغم صدور القانون رقم 55 لسنة 1959 الذي تضمن القواعد العامة في تحديد اختصاص مجلس الدولة بما لا يخرج عن الحكم القديم الذي كان وارداً في القانون رقم 165 لسنة 1955 ومؤدى تطبيق حكم المادة 17 آنفة الذكر هو انحسار ولاية مجلس الدولة عن الفصل في الطعون التي ترفع عن هذه القرارات وتكون المحكمة الابتدائية المختصة هي صاحبة الولاية في الفصل فيها وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير هذا النظر وقضى باختصاصه بالفصل في الطعن المرفوع عن القرار الصادر من لجنة الطعون بمديرية أمن سوهاج في 22 من إبريل سنة 1965 بحذف اسم المدعي من جداول انتخاب ناحية الكوامل قبلي يكون هذا الحكم قد خالف القانون ويتعين من أجل ذلك القضاء بإلغائه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق