جلسة 2 من فبراير سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عاطف عبد السميع فرج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين، كمال صقر، هشام عبد الرحمن وعبد الحميد جابر نواب رئيس المحكمة .
----------------
(11)
الطعن رقم 5366 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان بهما الطاعنين وإيراده على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إهانة محكمة قضائية . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . باعث .
جريمة إهانة محكمة قضائية وفقاً للمادة ۱۳۳ عقوبات . لا يشترط لتوافرها أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة تشتمل على قذف أو سب أو إسناد أمر معين . كفاية أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الحط من الكرامة . القصد الجنائي فيها . مناط تحققه ؟
تدليل الحكم على أن الجاني قصد الإهانة أو الإساءة للمحكمة . غير لازم . ما دام أثبت صدور الأفعال والألفاظ المهينة منه . جلوس الطاعنين على درج قفص الاتهام يديرون ظهورهم للمحكمة اعتراضاً منهم على محاكمتهم ورفضاً لها . يفيد قصد الإهانة بصرف النظر عن باعثهم .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
إثبات الحكم في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
الأصل في الإجراءات أنها روعيت . عدم جواز دحض ما أثبته الحكم بتمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير .
(4) محكمة الجنايات " اختصاصها " . اختصاص " الاختصاص المكاني " . قانون " تفسيره " . جرائم الجلسات . تلبس .
توزيع الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف القضايا على الدوائر المختلفة . لا يسلب محكمة الجنايات اختصاصها المقرر قانوناً بدائرة المحكمة الابتدائية التي تنعقد في مدينتها . أساس ذلك ؟
النعي ببطلان حكم محكمة الجنايات لصدوره من محكمة لا اختصاص لها بإصداره . غير مقبول . ما دام الطاعنين لا يجادلون أن المحكمة التي أصدرته من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة الاستئناف .
جرائم الجلسات من جرائم التلبس . حق المحاكم في الحكم فيها ليس مؤسساً على القواعد العامة للاختصاص ولا تتبع بشأنها الإجراءات المعتادة . علة ذلك ؟
(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع الطاعنين بعدم التواصل مع دفاعهم لوضعهم في قفص زجاجي دون أن يبدى أمامها . غير جائز إثارته أمام محكمة النقض .
وضع الطاعنين في قفص زجاجي . لا يتنافى مع العلانية . علة ذلك ؟
(6) إجراءات " اجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محاماة .
حضور محام مع متهم بجنحة معاقب عليها بالحبس جوازاً أو مخالفة . غير لازم . سكوت المتهم عن المرافعة فيها . لا إخلال بحق الدفاع . حد ذلك ؟
مثال .
(7) دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . نظام عام . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة . غير متعلق بالنظام العام . مؤدى وأساس ذلك ؟
النعي على الحكم تطبيقه المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية رغم مخالفتها المبادئ الدستورية المقررة بموجب المادتان 188 و189 من الدستور . غير مقبول . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون .
2- لما كان الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد أورد أفعال الإهانة التي صدرت من الطاعنين وبين أنها وجهت منهم إلى محكمة قضائية أثناء انعقادها ، وإذ كان لا يشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة ۱۳۳ من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة تشتمل على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الحط من الكرامة ، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ أو أفعال أو إشارات تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور الأفعال أو الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل في حكمها على أن الجاني قصد بها الإهانة أو الإساءة ، وكانت الأفعال التي أثبت الحكم المطعون فيه صدورها من الطاعنين لهيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة وهي ( جلوسهم على درج قفص الاتهام يديرون ظهورهم للمحكمة اعتراضاً منهم على محاكمتهم ورفضاً لها ) تفيد بذاتها قصد الإهانة فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت أركانها وقامت في حقهم بصرف النظر عن باعثهم على صدور تلك الأفعال منهم .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة أسباب الطعن - وكان الأصل أن الإجراءات قد روعيت ، فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعنون - ومن ثم فلا يقبل منهم ما يثيرونه في هذا الشأن أمام محكمة النقض .
4- لما كانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة ۱۹۷۲ بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن ( تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية ) ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة ۳۰ من القانون سالف الذكر من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة المار ذكرها ، بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به الدائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعنون لا يجادلون في أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف .... ، فإن ما يدعونه من بطلان الحكم لصدوره من محكمة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون ، وفوق ذلك ، فإنه من المقرر أن حق المحاكم في الحكم في جرائم الجلسات ليس مؤسساً على القواعد العامة في الاختصاص ، وإنما هو مؤسس على أن جريمة الجلسة هي من جرائم التلبس لوقوعها في الجلسة أمام هيئة القضاء ، فلا تتبع بشأنها الإجراءات المعتادة .
5- لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين - أو المدافع عنهم - أثار أمام محكمة الموضوع دفاعاً قام على الحيلولة بينهم وبين التواصل مع دفاعهم بوضعهم داخل قفص زجاجي ، فإنه ليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ، ولا يقبل منهم إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن وضع الطاعنون داخل قفص زجاجي لا يتنافى مع العلانية إذ المقصود من ذلك هو إدارة الجلسة وتنظيمها .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمتي إهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة والإخلال بمقام وهيبة القضاة وأعمل في حقهم مقتضى نص المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بالعقوبة المقررة لأشدهما والمعاقب عليها - بمقتضى المادة 133 /2 من القانون سالف الذكر - بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو إحداهما ، وكان القانون لا يستوجب حضور محام مع متهم بجنحة معاقب عليها بالحبس جوازاً أو مخالفةً ، وأنه لا يجوز أن يبنى على سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع مادام لا يدعي أن المحكمة قد منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد .
7- لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بعدم دستورية نص المادة ۲44 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها المبادئ الدستورية المقررة بموجب المادتين ۱۸۸ ، ۱۸۹ من الدستور ، فإن النعي على الحكم تطبيقه أحكام تلك المادة على الدعوى وأياً كان وجه الرأي فيها يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
أقامت محكمة جنايات .... ( الدائرة .... جنايات .... ) الدعوى ضد الطاعنين في قضية الجنحة رقم .... لسنة .... قسم .... بأنهم : 1ــــ أهان كل منهم بالإشارة والأفعال محكمة قضائية ( الدائرة .... جنايات .... ) أثناء انعقاد الجلسة لنظر الدعوى رقم .... لسنة .... جنايات قسم .... ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم .... لسنة .... ) والمقامة ضدهم وآخرين بأن وجهوا إليها الإشارات والأفعال المثبتة بالأوراق . 2ــــ أخل كل منهم علناً بمقام وهيبة قضاة دائرة محكمة الجنايات سالفة الذكر بأن وجهوا إليهم الإشارات والأفعال المبينة بالأوراق وهم بصدد نظر الدعوى المقامة ضدهم .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلستها المنعقدة بذات اليوم وعملاً بالمواد 133 /2 ، 171 ، 186 من قانون العقوبات ، وأعملت في حقهم المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إلى كل منهم وألزمت كل من المحكوم عليهم بالمصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي إهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة والإخلال بمقام وهيبة القضاة - قد تردى في البطلان وشابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة وجاءت عباراته مجهلة ، ودانه رغم بطلان الحكم لاتخاذ رئيس المحكمة قراراً - بمفرده - دون مداولة زميليه عضوي هيئة المحكمة بتحريك الدعوى الجنائية ضد الطاعنين بمجرد مشاهدته الأفعال التي أتاها سالفي الذكر واعتبرها إهانة ، ولصدوره من محكمة لا ولاية لها بنظر الدعوى ، وافتقدت إجراءات المحاكمة للضمانات التي نص عليها الدستور والقانون للفصل بين الطاعنين ومن يتولى الدفاع عنهم بوضعهم داخل القفص الزجاجي ، ولعدم حضور محام معهم أثناء نظر الدعوى ، وأخيراً فإن نص المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية قد خالف المبادئ الدستورية إذ جعلت لجهة واحدة سلطات الضبط القضائي والتحقيق والإحالة والمحاكمة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، فضلاً عن أن الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد أورد أفعال الإهانة التي صدرت من الطاعنين وبين أنها وجهت منهم إلى محكمة قضائية أثناء انعقادها ، وإذ كان لا يشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة ۱۳۳ من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة تشتمل على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الحط من الكرامة ، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ أو أفعال أو إشارات تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور الأفعال أو الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل في حكمها على أن الجاني قصد بها الإهانة أو الإساءة ، وكانت الأفعال التي أثبت الحكم المطعون فيه صدورها من الطاعنين لهيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة وهي ( جلوسهم على درج قفص الاتهام يديرون ظهورهم للمحكمة اعتراضاً منهم على محاكمتهم ورفضاً لها ) تفيد بذاتها قصد الإهانة فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت أركانها وقامت في حقهم بصرف النظر عن باعثهم على صدور تلك الأفعال منهم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة أسباب الطعن - وكان الأصل أن الإجراءات قد روعيت ، فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعنون - ومن ثم فلا يقبل منهم ما يثيرونه في هذا الشأن أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة ۱۹۷۲ بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن ( تنعقد محكمة الجنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية ) ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة ۳۰ من القانون سالف الذكر من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر في توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة المار ذكرها ، بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به الدائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعنون لا يجادلون في أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه من إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف .... ، فإن ما يدعونه من بطلان الحكم لصدوره من محكمة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون ، وفوق ذلك ، فإنه من المقرر أن حق المحاكم في الحكم في جرائم الجلسات ليس مؤسساً على القواعد العامة في الاختصاص ، وإنما هو مؤسس على أن جريمة الجلسة هي من جرائم التلبس لوقوعها في الجلسة أمام هيئة القضاء ، فلا تتبع بشأنها الإجراءات المعتادة . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين - أو المدافع عنهم - أثار أمام محكمة الموضوع دفاعاً قام على الحيلولة بينهم وبين التواصل مع دفاعهم بوضعهم داخل قفص زجاجي ، فإنه ليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ، ولا يقبل منهم إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن وضع الطاعنون داخل قفص زجاجي لا يتنافى مع العلانية إذ المقصود من ذلك هو إدارة الجلسة وتنظيمها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمتي إهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة والإخلال بمقام وهيبة القضاة وأعمل في حقهم مقتضى نص المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بالعقوبة المقررة لأشدهما والمعاقب عليها - بمقتضى المادة 133/2 من القانون سالف الذكر - بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو إحداهما ، وكان القانون لا يستوجب حضور محام مع متهم بجنحة معاقب عليها بالحبس جوازاً أو مخالفةً ، وأنه لا يجوز أن يبنى على سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع مادام لا يدعي أن المحكمة قد منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سدید . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بعدم دستورية نص المادة ۲44 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها المبادئ الدستورية المقررة بموجب المادتين ۱۸۸ ، ۱۸۹ من الدستور ، فإن النعي على الحكم تطبيقه أحكام تلك المادة على الدعوى وأياً كان وجه الرأي فيها يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق