باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الخميس ( أ )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / أحمد مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نبيل الكشكي و حسام خليل وأشرف المصري و محمد أباظة " نواب رئيس المحكمة"
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد أمجد.
وأمين السر السيد / أيمن كامل مهنى.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الخميس السادس من رجب سنة 1445 ه الموافق 18 من يناير سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 10977 لسنة 91 القضائية.
المرفوع من:
............... " طاعن"
ضد
النيابة العامة " مطعون ضدها"
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ٥٣٨٧ لسنة ۲۰۲۰م مركز الإبراهيمية، والمقيدة برقم ١٤١٦ لسنة ۲۰۲۰ م كلي شمال الزقازيق.
بأنه في يوم الثامن من أغسطس سنة ۲۰۲۰م بدائرة مركز شرطة الإبراهيمية محافظة الشرقية
-قتل المجني عليه / ..... عمداً من غير سبق إصرار أو ترصد بأن أطلق صوبه عياراً نارياً بموضع قتل منه (صدره) باستخدام سلاح من شأنه القتل (طبنجة) فأحدث إصابته والموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته قاصداً قتله على النحو المبين بالتحقيقات.
وقد اقترنت تلك الجناية بجنايتين أخرتين حيث إنه في ذات الزمان والمكان:
أولاً: شرع في قتل المجني عليهم / ١- .... 2- .... ٣- ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلهم وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً من شأنه القتل( طبنجة) وتوجه للمكان الذي أيقن تواجدهم فيه وما أن ظفر بهم حتى اطلق صوبهم أعيرة نارية باستخدام السلاح آنف البيان محدثاً ما بهم من إصابات والموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق قاصداً قتلهم إلا أنه قد خاب أثر جريمته لسبب ليس لإرادته دخل به وهو الحيلولة دون موالاته التعدي عليهم لضبطه بمعرفة الأهالي وتدارك المجني عليهم بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانياً: بصفته موظف عام ( مساعد شرطة بمركز شرطة ههيا ) اختلس الذخيرة المسلمة إليه بسبب وظيفته والمستخدمة في ارتكاب الجريمتين محل الاتهامين السابقين على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى الأستاذ / ..... " المحامي" بصفته وكيلاً عن والدة وزوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ أربعين ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت و ادعى الأستاذ / ..... " المحامى" بصفته وكيلاً عن المجني عليهما / ..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت في الثالث من أبريل سنة ۲۰۲۱ م بإجماع الآراء إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها، وحددت جلسة 9 من مايو سنة ۲۰۲١ للنطق بالحكم.، وفيها قضت حضورياً وبإجماع الآراء - عملاً بالمواد ۲۲۰، 250، ٢٥١، 304/2، ٣١٣، 381/1 من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد ۳۲، 45، 46/١ ،٢، ١١۲ فقرة أولاً، ٢٣٤ من قانون العقوبات.
أولاً: بمعاقبة / ..... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية.
ثانياً: إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ٢٩ من مايو، ۱۹ من يونيو سنة 2021م، وأُودعت مذكرة بأسباب طعنه بالنقض بتاريخ الرابع من يوليو سنة ۲۰۲۱ م موقعاً عليها من الأستاذ / .... المحامي.
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد المرافعة والمداولة قانوناً.
أولاً :- بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن :-
من حيث إنَّ الطعن استوفى الشكل المقرر له في القانون.
ومن حيث إنَّ الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجنايتي الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والاختلاس بوصفه موظفاً عاماً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه صِيغ في عبارات عامة لا يَبين منها واقعة الدعوى وأدلة الإدانة فيها ومُؤدى كل دليل منها بما يتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ، ولم يستظهر قصد القتل في حق الطاعن بصورة سائغة مكتفياً بالأفعال المادية التي أتاها ، كما لم يُدلل تدليلاً سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار، وأورد نتيجة تقرير الطب الشرعي دون بيان مضمونه بياناً كافياً في أمور عددها ، ولم يستظهر ظرف الاقتران بين جريمة القتل العمد وباقي الجرائم التي دانه بها مُلتفتاً عن دفعه بعدم توافرها لدلالات عددها بأسباب طعنه، واطرح بردٍ غير سائغ دفوعه بعدم جدية التحريات لكونها ترديداً لأقوال المجني عليه وتناقضها مع أقوال الشهود وبطلان استجوابه بالنيابة العامة لعدم حضور محام معه أثناء التحقيقات بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية وبطلان الاعتراف المعزو إليه وأن التحقيقات معه تمت في أوقات غير مناسبة وعول على أقوال شهود الإثبات وتصويرهم للواقعة رغم عدم معقولية ذلك التصوير وتناقض أقوالهم ولكون الواقعة لا تعدو أن تكون جناية ضرب أفضى إلى الموت مُلتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وبَيَّن الحكم وجه استشهاده بتلك الأدلة على ثبوت التهمة في حق الطاعن – خلافاً لما يزعمه -. لمَّا كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك مُحققاً لحكم القانون وكان مُجمل ما أورده الحكم كافياً للإحاطة بالواقعة وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة قد ألمت بالواقعة وظروفها ودانت الطاعن وهي على بينةٍ من أمرها ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لمَّا كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة القتل العمد مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكانت الأدلة التى عول عليها الحكم في الإدانة تُؤدي إلى ما رتبه عليها من مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها. ومن ثم فلا محل لما أثير بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر أركانها في حقه واستناده إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يُضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بعد أن استخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها في استخلاص سائغٍ وكافٍ للتدليل على ثبوت توافرها لدى الطاعن حسبما هي معرفة به في القانون. وليس على المحكمة من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها وينحل جدل الطاعن في توافر تلك النية إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمة القتل العمد بغير سبق إصرار. فإن النعي على الحكم بالقصور في استظهار هذا الظرف لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعي لا يكون له محل. لمَّا كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقارير الطب الشرعي كافياً في بيان مضمونها والتي عول عليها الحكم في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور فى هذا المنحى . لمَّا كان ذلك، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن واستقلالهما عن بعضهما. وكان ما أورده الحكم في بيانه لتوافر ظرف الاقتران سائغاً يتفق وصحيح الواقع والقانون ويتحقق به توافر هذا الظرف كما هو مُعرف به في القانون ويترتب عليه تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن ويضحى معه منعى الطاعن غير سديد. لمَّا كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ولا ينال من صحتها أن تكون ترديداً لأقوال الشهود لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال. وكان تناقض التحريات مع أقوال الشهود لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه . ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وكان المستفاد من نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع قد حظر استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً إلا إذا حضر معه محاميه ، وأوجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه وأجاز للمحامي أن يقوم بذلك ، وفي حالة عدم حضور المحامي بعد دعوته أو إذا لم يكن للمتهم محام أوجب المشرع على المحقق أن ينتدب له محامياً واستثنى من هذا الوجوب حالتي التلبس بالجريمة والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة . وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد تم ضبط الطاعن في حالة تلبس بارتكاب جريمة القتل العمد المقترن بجنايتي الشروع في القتل والاختلاس، وما هو ثابت من واقعة الدعوى وظروفها من توافر حالة السرعة التي يقدرها المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع. الأمر الذي سقط معه موجب إعمال المادة 124 آنفة الذكر. وفضلاً عن ذلك ، فإن القانون لم يرتب البطلان على مخالفتها . ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لمَّا كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا مُعقب عليها. وإذ كانت المحكمة قد عرضت للدفع ببطلان الاعتراف واطرحته مُفصِحَةً عن اطمئنانها إلى أنه كان طواعيةً واختياراً ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته. فإن رد المحكمة على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم . ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لمَّا كان ذلك، وكان اختيار المحقق لوقت التحقيق متروكاً لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول. لمَّا كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يُؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها. فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى الموت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدان المحكمة مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن يكون غير مقبول . لمَّا كان ما تقدم، فإن الطعن في حدود الأسباب التي أقيم عليها يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية: -
ومن حيث إنَّ النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة – محكمة النقض – عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / أحمد السيد أحمد بشير. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إنَّ الحكم المعروض قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أوردها تفصيلاً عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه تُعزى لإصابة نارية بالصدر بفتحة دخول بمقدمة الصدر وخروج بالظهر لما أحدثته من تهتك بالرئة اليسرى ونزيف دموي إصابي غزير. فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن . لمَّا كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعتراف المحكوم عليه ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق. وكانت أقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني ، وكان الحكم المعروض قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني . ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة التناقض في هذا المنحى . لمَّا كان ذلك، وكانت المحاكمة قد جرت بحضور المحاميان / بشير أحمد سرحان، وأحمد محمد عبد الحليم علي وقدما ما رأيا تقديمه من أوجه الدفاع وثبت من كتاب نقابة المحامين أنهما من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الجنايات وفقاً لما توجبه المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة . لمَّا كان ذلك، وكان البين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بَيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار المتهم بارتكاب الواقعة وتمثيله لكيفية ارتكابها بالمعاينة التصويرية وعلى ما ثبت بتقارير الطب الشرعي والصفة التشريحية ومما ثبت بتقرير قسم الأدلة الجنائية. وهي أدلة سائغة مردودة إلى أصولها الثابتة بالأوراق وتُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. كما استظهر الحكم نية القتل وظرف الاقتران كما هما معرفان به في القانون ، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي فضيلة مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة التي أصدرته، وقد خلا من عيب مخالفته للقانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ولا يقدح في ذلك صدور القانون رقم 1 لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وما دفع به الحاضر عن الطاعن بجلسة نظر الطعن من كونه قانوناً أصلح للمتهم مطالباً بإعمال نص المادة 5 من قانون العقوبات ، ذلك لأنه من المقرر أن قانون المرافعات يعتبر قانوناً عاماً بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية ويتعين الرجوع إليه لسد ما يوجد في الأخير من نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها فيه . وكان قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من إيراد قاعدة تحدد القانون الذي يخضع له الحكم من حيث جواز الطعن فيه ، وكان الأصل في القانون أن الحكم يخضع من حيث جواز الطعن فيه وعدمه إلى القانون الساري وقت صدوره ، وذلك أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها وهو ما حرص المشرع بالنص عليه في المادة الأولى من قانون المرافعات ، وقد جرى قضاء محكمة النقض على تأكيد القواعد الواردة في هذه المادة من أن طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم ولا يرتد إلى الأحكام التي صدرت صحيحة في ظل القانون الساري قبل التعديل متى أنشأ طريقاً من طرق الطعن ، إذ الأصل أن كل إجراء تم صحيحاً في ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون . وهو ما يقطع بعدم جواز الطعن بطريق الاستئناف في أحكام محاكم الجنايات الصادرة قبل العمل بأحكام القانون رقم 1 لسنة 2024 في 17 من يناير من السنة عينها والذي أجاز الطعن بالاستئناف في أحكام محاكم الجنايات الدرجة الأولى، ولا وجه لما يتحدى به المتهم من تمسكه بقاعدة سريان القانون الأصلح . ذلك أن مجال إعمال تلك القاعدة يمس في الأصل القواعد الموضوعية لا الإجرائية هذا فضلاً عن أن المشرع نص صراحة في المادة الرابعة من القانون المَّار ذكره على عدم سريان أحكامه إلا على الدعاوى التي لم يُفصل فيها من محكمة الجنايات إعتباراً من تاريخ العمل به. فإنه يتعين القضاء بقبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: -
أولاً: - بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
ثانياً: - بقبول عرض النيابة العامة للقضية، وفي الموضوع بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / ...... شنقاً، وألزمته المصاريف الجنائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق