جلسة 23 من أغسطس سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ محمود التركاوي، د/ مصطفى سالمان، صلاح عصمت وأحمد العزب نواب رئيس
المحكمة.
--------------
(110)
الطعن 9142 لسنة 85 ق
(1) إفلاس "شروط شهر الإفلاس: صفة
التاجر".
إشهار إفلاس التاجر. شرطه. أن يكون ممن يلتزمون بإمساك دفاتر تجارية
قانونا. مناطه. مجاوزة رأس المال المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه. المادتان
21، 550/1 ق 17 لسنة 1999. استخلاص حقيقة مقداره. من سلطة قاضي الموضوع. عدم
اقتصار التقدير على رأس المال الذي يملكه التاجر وإنما يمتد إلى حجم تعاملاته
المالية وما يؤدي لتيسير وتنشيط أعماله التجارية وزيادة ائتمانه.
(2) أعمال تجارية" ما يعد عملا تجاريا".
الأعمال التي يقوم بها التاجر. أعمال تجارية باعتبارها متعلقة بتجارته
ما لم يثبت غير ذلك. مناط اكتسابها الصفة التجارية. حرفه القائم بها. م 8 ق 17
لسنة 1997." مثال: بشأن القضاء بتجارية الدين استنادا إلى عمل الطاعنين
بالتجارة".
(3 ، 4) إفلاس "شروط شهر الإفلاس:
التوقف عن الدفع" "حكم شهر الإفلاس: حجية حكم إشهار الإفلاس".
(3) تقدير مدى جدية المنازعة في الدين
المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وحالة التوقف عن الدفع. مما تستقل به محكمة الموضوع
متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(4) الأحكام الصادرة في دعوى الإفلاس لها
حجية مؤقتة. شرطه. عدم تغير الظروف التي أقيمت عليها الدعوى. تغير تلك الظروف.
أثره. عدم جواز الاحتجاج بالحكم الأول أمام الدعوى الثانية. مثال.
(5 - 7) أوراق تجارية" من صور الأوراق
التجارية: الشيك" "التقادم: التقادم الصرفي". قانون "القانون
واجب التطبيق: سريان القانون: سريان القانون من حيث الزمان".
(5) الشيك. نفاذ أحكامه الجديدة ومنها
التقادم اعتبارا من الأول من أكتوبر سنة 2005. نشأة واقعة النزاع في ظل سريان
أحكام قانون التجارة القديم. مؤداه. عدم خضوعه للأحكام الجديدة الخاصة بالشيك
ومنها التقادم. م 3/1 ق التجارة الجديد 17 لسنة 1999 المعدلة.
(6) التقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة
194 من قانون التجارة. سريانه على الأوراق التجارية دون غيرها. الشيك. عدم اعتباره
ورقة تجارية إلا إذا كان مترتبا على عمل تجاري أو كان ساحبه تاجرا فيفترض أنه سحب
لعمل تجاري حتى يثبت العكس.
(7) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة:
إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه".
الدفاع الذي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. إغفال الحكم الرد عليه.
لا قصور. "مثال: بشأن تطبيق مدة التقادم الخاصة بالشيك والواردة في قانون
التجارة القديم".
(8 - 11) إفلاس "شروط شهر الإفلاس:
التوقف عن الدفع" "تعيين مأمور التفليسة". نظام عام "المسائل
المتعلقة بالنظام العام: المسائل الموضوعية الآمرة".
(8) قواعد الإفلاس. تعلقها بالنظام العام.
عله ذلك.
(9) التاريخ المؤقت للتوقف عن الدفع. للمحكمة
من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب النيابة أو المدين أو أحد الدائنين أو أمين
التفليسة أو ذوي المصلحة تعديل ذلك التاريخ إلى انقضاء عشرة أيام من تاريخ إيداع
قائمة الديون المحققة. انقضاء ذلك الميعاد. أثره. اعتبار التاريخ المعين للتوقف عن
الدفع نهائيا. عدم جواز إرجاع تاريخ التوقف عن الدفع إلى أكثر من سنتين سابقتين
على تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس. عله ذلك. المادة 563 من قانون التجارة رقم
17 لسنة 1999.
(10) تحديد الحكم المطعون فيه تاريخا مؤقتا
للتوقف عن الدفع بمدة تزيد على سنتين. خطأ.
(11) وجوب أن تحدد المحكمة في حكم شهر
الإفلاس أحد قضاتها ليكون قاضيا للتفليسة. م 561/1 ق 17 لسنة 1999. التزام الحكم
المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(12) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى".
تحديد صفة المدعي والمدعى عليه في الدعوى. العبرة فيه بحقيقة الواقع.
استقلال قاضي الموضوع به.
(13) دفوع "الدفوع الشكلية: الدفع بعدم
القبول".
الدفع بعدم القبول. إغفال الحكم الرد عليه. لا عيب. شرطه.
(14) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة:
إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه".
الدفاع الذي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. إغفال الحكم الرد عليه.
لا قصور. مثال: بشأن مخالفة شروط التعاقد حال تعديل الشكل القانوني للمنشأة وأثر
ذلك على إغفال الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة".
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه وإن اشترطت الفقرة الأولى من
المادة 550 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 لشهر إفلاس التاجر أن يكون ممن
يلزمه هذا القانون بإمساك دفاتر تجارية وتطلبت المادة 21 منه على كل تاجر يجاوز
رأس ماله المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه أن يمسكها إلا أن المشرع لم ير
تعريفا لهذا المال وإنما ترك أمر استخلاص حقيقة مقداره المستثمر في التجارة لقاضي
الموضوع والذي لا يقتصر بالضرورة على رأس ماله الذي يملكه سواء ورد بصحيفة سجله
التجاري أو ما استخدمه في تجارته بالفعل، وإنما يمتد كذلك إلى حجم تعاملاته من بضائع
أو ما يبرمه من صفقات تجارية أو ما يعقده من قروض أو غيرها لتيسير وتنشيط أعماله
التجارية وزيادة ائتمانه، دون أن يقيد فيما قد ينتهي إليه في ذلك إلا أن يكون
سائغا يرتد إلى أصل ثابت في الأوراق وكافيا لحمل قضائه في هذا الخصوص.
2 - مفاد نص المادة الثامنة من ذات القانون
أن الأعمال التي يقوم بها التاجر لشئون تتعلق بتجارته تعد أعمالا تجارية ما لم
يثبت غير ذلك، وأن كل عمل يقوم به التاجر يعد متعلقا بتجارته ما لم يثبت غير ذلك
إذ تكتسب هذه الأعمال الصفة التجارية على أساس حرفة القائم بها ما دامت تتعلق
بأعمال تجارته، وهو ما يفترض في أعمال التاجر حتى يقام الدليل على عدم تعلقها بتلك
الأعمال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تجارية الدين استنادا
إلى أن الطاعنين يعملان بالتجارة ... أو أن رأس مال الشركة جاوز عشرين ألفا وأنهما
مدينان بدين تجاري قيمة الشيك الصادر من الشركة لصالح البنك، يكون قد انتهى صائبا،
ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تقدير
جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس، وحالة التوقف عن الدفع وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو من المسائل التي يترك الفصل فيها لمحكمة الموضوع
بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الأحكام
الصادرة في دعوى الإفلاس تعد من الأحكام التي تحوز حجية مؤقتة طالما كانت الظروف
التي أقيمت عليها لم تتغير، بحيث إذا وجدت وقائع أو ديونا جديدة من شأنها أن تؤثر
لو صحت على المركز المالي للمدين وتهدد مصير الديون سند دعوى الإفلاس فإن الحكم
الأول لا يحاج به أمام الدعوى الثانية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
استدل على عدم جدية منازعة الطاعنين في الدين من توقفهما عن سداد الشيك موضوع
الدعوى طول فترة النزاع التي قاربت ثلاثة عشر عاما وأنهما أقاما دعوى حساب في
تاريخ لاحق على دعوى الإفلاس ورفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
لانتهاء الدعوى المحاج بها صلحا دون صدور حكم فيها وانتهى إلى قضائه بإشهار إفلاسهما
لاضطراب مركزهما المالي بما يعرض حقوق دائنيهما للخطر، وكانت هذه الأسباب سائغة
وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذه الأسباب يضحى في
حقيقته جدلا فيما لقاضي الموضوع من حق تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى مما لا
تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص
الفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999
المعدلة أن الأحكام الخاصة بالشيك أصبحت نافذة اعتبارا من الأول من أكتوبر سنة
2005، ومن ثم فإن الأحكام الجديدة الخاصة بالشيك ومنها التقادم لا محل لتطبيقها على
واقعة النزاع التي نشأت في ظل سريان أحكام قانون التجارة القديم.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن التقادم
الصرفي المنصوص عليه في المادة 194 من هذا القانون لا يسري إلا على الأوراق
التجارية دون غيرها، وكان الشيك لا يعتبر ورقة تجارية إلا إذا كان مترتبا على عمل
تجاري أو كان ساحبه تاجرا فيفترض أنه سحب لعمل تجاري حتى يثبت العكس.
7 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الشيك محل
التداعي حرر في 31 من ديسمبر سنة 2000 وكان المصرف المطعون ضده الأول أودع صحيفة
الدعوى بتاريخ 27 من مارس سنة 2003 قبل سريان أحكام قانون التجارة الجديد المتعلقة
بالشيك وهو إجراء قاطع للتقادم ومن ثم فلا محل لتطبيق مدة التقادم المقررة فيه
ويحكمه التقادم المقرر في المادة 194 من قانون التجارة القديم والذي لم تكن مدته
قد اكتملت وقت المطالبة القضائية وصدور الحكم الابتدائي، وإذ كان دفاع الطاعنين
بهذا السبب لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فلا يعيب الحكم المطعون فيه إغفال الرد
عليه ويضحى النعي على غير أساس.
8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن أحكام
قواعد الإفلاس تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان.
9 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد
النص في المادة 563 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 يدل على أن المشرع في صدد
تعيين تاريخ مؤقت للتوقف عن الدفع أجاز للمحكمة التي قضت بإشهار الإفلاس تعيين
تاريخ مؤقت للتوقف عن الدفع من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب من النيابة أو المدين
أو أحد الدائنين أو أمين التفليسة أو غيرهم من ذوي المصلحة ولها تعديل هذا التاريخ
إلى انقضاء عشرة أيام من تاريخ إيداع قائمة الديون التي تم تحقيقها وأسباب
المنازعة فيها إن وجدت، وما يراه بشأن قبولها أو رفضها على النحو المبين في المادة
563/ 1 من هذا القانون، وبعد انقضاء هذا الميعاد يصير التاريخ المعين للتوقف عن
الدفع نهائيا، واستقرارا للمعاملات حدد المشرع الفترة التي يجوز للمحكمة إرجاع
تاريخ التوقف عن الدفع بسنتين، ولا يجوز إرجاع تاريخ التوقف إلى أكثر منها وذلك من
تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس.
10 - إذ كان الحكم المطعون فيه بإشهار
الإفلاس قد صدر بتاريخ 11 من مارس سنة 2015 وحدد تاريخا مؤقتا للتوقف عن الدفع 31
من ديسمبر سنة 2000 أي بمدة تزيد على سنتين، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما
يوجب نقضه نقضا جزئيا في خصوص تحديد تاريخ التوقف عن الدفع.
11 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص
في المادة 561/1 من القانون 17 لسنة 1999 يدل على أن للمحكمة أن تختار أحد قضاة
المحكمة التي أصدرت الحكم بإشهار الإفلاس قاضيا للتفليسة. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بتعيين عضو يمين الدائرة التي أصدرت حكم
الإفلاس قاضيا للتفليسة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا
الوجه على غير أساس.
12 - المقرر- بقضاء محكمة النقض- أن العبرة
في تحديد صفة المدعي والمدعى عليه في الدعوى هي بحقيقة الواقعة المطروح فيها، وهو
مما يستقل به قاضي الموضوع.
13 - المقرر- بقضاء محكمة النقض- أنه متى كان
الدفع بعدم قبول الدعوى على غير أساس فإنه لا يعيب الحكم إغفال الرد عليه متى كان
لا يحوي دفاعا جوهريا يصح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
14 - إذ كان الثابت من عقد القرض محل الدعوى
أنه محرر بين المصرف المطعون ضده الأول وشركة .... ويمثلها الطاعنان كشريكين
متضامنين في الشركة وباقي الشركاء الموصين وقد تضمن العقد في بنوده النص على عدم
تعديل الشكل القانوني للمنشأة دون موافقة المصرف الكتابية، وفي حالة التغيير يصبح
الدين واجب الأداء، وكان الثابت في تعديل عقد الشركة المؤرخ 18 يونيه سنة 2000 أنه
قد تم إدخال شريك متضامن جديد قد تم دون موافقة المصرف المطعون ضده الأول من ثم لا
يسري في مواجهته، وإذ كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة لا
يقوم على أساس قانوني صحيح، فلا يعيب الحكم المطعون فيه إن أغفل الرد عليه، ويضحى
النعي على غير أساس.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن المصرف المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 2003 إفلاس أسيوط
الابتدائية بطلب الحكم بإشهار إفلاس الطاعنين بصفتيهما شريكين متضامنين في شركة
..... "شركة توصية بسيطة"، وقال بيانا لذلك أنه يداين الشركة بمبلغ
148180 جنيه بموجب شيك مصرفي أفاد المصرف المسحوب عليه بعدم كفاية الرصيد، وإذ كان
امتناع الطاعنين عن السداد ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مالية مستحكمة فقد أقام
الدعوى، وبتاريخ 18 من نوفمبر سنة 2003 حكمت محكمة أول درجة برفضها. استأنف
المطعون ضده الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 78ق أمام محكمة
استئناف أسيوط، وبتاريخ 28 من فبراير سنة 2005 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار
إفلاس الطاعنين وتعيين صاحب الدور في جدول أمناء التفليسة بالمحكمة وكيلا
للدائنين. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 75ق،
وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 2012 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى
محكمة استئناف أسيوط، وبعد أن عجل المصرف المطعون ضده السير في الاستئناف قضت
بتاريخ 11 من مارس سنة 2015 بإلغاء الحكم المستأنف وبشهر إفلاس الطاعنين واعتبار
يوم 31 من ديسمبر سنة 2000 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع وتعيين عضو يمين الدائرة
قاضيا للتفليسة وتعيين السيد/ ...... صاحب الدور بالجدول الخاص أمينا
للتفليسة. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا، وإذ عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعي الطاعنان بالوجه الأول من
السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في
التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الثابت في الشهادة الصادرة من الهيئة العامة
للاستثمار أن الشركة الخاصة بهما ليست مقيدة لديها ولم تبدأ نشاطها ولم تمسك دفاتر
تجارية، ومن ثم فلا تكون قد اكتسبت صفة التاجر، فضلا عن أن القرض موضوع الدعوى كان
بغرض شراء معدات وماكينات لتأسيس المصنع وتم تسليم قيمته مباشرة إلى الشركة
الموردة بما يكون الدين الناشئ عنه مدنيا وليس تجاريا ولا يتوافر بشأنه الشروط
اللازمة لشهر الإفلاس، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بشهر إفلاسهما
فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه
وإن اشترطت الفقرة الأولى من المادة 550 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 لشهر
إفلاس التاجر أن يكون ممن يلزمه هذا القانون بإمساك دفاتر تجارية وتطلبت المادة 21
منه على كل تاجر يجاوز رأس ماله المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه أن يمسكها إلا
أن المشرع لم ير تعريفا لهذا المال وإنما ترك أمر استخلاص حقيقة مقداره المستثمر
في التجارة لقاضي الموضوع والذي لا يقتصر بالضرورة على رأس ماله الذي يملكه سواء
ورد بصحيفة سجله التجاري أو ما استخدمه في تجارته بالفعل، وإنما يمتد كذلك إلى حجم
تعاملاته من بضائع أو ما يبرمه من صفقات تجارية أو ما يعقده من قروض أو غيرها
لتيسير وتنشيط أعماله التجارية وزيادة ائتمانه، دون أن يقيد فيما قد ينتهي إليه في
ذلك إلا أن يكون سائغا يرتد إلى أصل ثابت في الأوراق وكافيا لحمل قضائه في هذا
الخصوص، وأن مفاد نص المادة الثامنة من ذات القانون أن الأعمال التي يقوم بها
التاجر لشئون تتعلق بتجارته تعد أعمالا تجارية ما لم يثبت غير ذلك، وأن كل عمل يقوم
به التاجر يعد متعلقا بتجارته ما لم يثبت غير ذلك إذ تكتسب هذه الأعمال الصفة
التجارية على أساس حرفة القائم بها ما دامت تتعلق بأعمال تجارته، وهو ما يفترض في
أعمال التاجر حتى يقام الدليل على عدم تعلقها بتلك الأعمال. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تجارية الدين استنادا إلى أن الطاعنين يعملان
بالتجارة ... أو أن رأس مال الشركة جاوز عشرين ألفا وأنهما مدينان بدين تجاري قيمة
الشيك الصادر من الشركة لصالح البنك، يكون قد انتهى صائبا، ويكون النعي عليه في
هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول
والسبب الخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق
والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسك بالدفع بعدم جواز نظر الدعوى
لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم ... لسنة 76ق أسيوط وبوجود نزاع جدي حول أصل الدين
محل دعوى شهر الإفلاس مقام بشأن دعوى حساب ما زالت متداولة وعدم تحديد مقدار الدين
النهائي، فضلا عن قيامهما بسداد سائر ديونهما المستحقة للمصرف المطعون ضده الأول
ومصرفين آخرين مما تنتفي معه حالة التوقف عن الدفع إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بشهر
إفلاسهما وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة-
أن تقدير جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس، وحالة التوقف عن
الدفع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو من المسائل التي يترك الفصل فيها لمحكمة
الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن الأحكام
الصادرة في دعوى الإفلاس تعد من الأحكام التي تحوز حجية مؤقتة طالما كانت الظروف
التي أقيمت عليها لم تتغير، بحيث إذا وجدت وقائع أو ديونا جديدة من شأنها أن تؤثر
لو صحت على المركز المالي للمدين وتهدد مصير الديون سند دعوى الإفلاس فإن الحكم
الأول لا يحاج به أمام الدعوى الثانية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
استدل على عدم جدية منازعة الطاعنين في الدين من توقفهما عن سداد الشيك موضوع
الدعوى طول فترة النزاع التي قاربت ثلاثة عشر عاما وأنهما أقاما دعوى حساب في
تاريخ لاحق على دعوى الإفلاس ورفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
لانتهاء الدعوى المحاج بها صلحا دون صدور حكم فيها وانتهى إلى قضائه بإشهار
إفلاسهما لاضطراب مركزهما المالي بما يعرض حقوق دائنيهما للخطر، وكانت هذه الأسباب
سائغة وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذه الأسباب
يضحى في حقيقته جدلا فيما لقاضي الموضوع من حق تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى
مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم
المطعون فيه البطلان، إذ أغفل الرد على الدفع المبدى منهما بسقوط حق المصرف
المطعون ضده في الرجوع عليهما بقيمة الشيك محل التداعي بالتقادم طبقا لنص المادة
531/ 1 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة-
أن مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة
1999 المعدلة أن الأحكام الخاصة بالشيك أصبحت نافذة اعتبارا من الأول من أكتوبر
سنة 2005، ومن ثم فإن الأحكام الجديدة الخاصة بالشيك ومنها التقادم لا محل
لتطبيقها على واقعة النزاع التي نشأت في ظل سريان أحكام قانون التجارة القديم، وأن
التقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 194 من هذا القانون لا يسري إلا على
الأوراق التجارية دون غيرها، وكان الشيك لا يعتبر ورقة تجارية إلا إذا كان مترتبا
على عمل تجاري أو كان ساحبه تاجرا فيفترض أنه سحب لعمل تجاري حتى يثبت العكس. لما
كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الشيك محل التداعي حرر في 31 من ديسمبر سنة
2000 وكان المصرف المطعون ضده الأول أودع صحيفة الدعوى بتاريخ 27 من مارس سنة 2003
قبل سريان أحكام قانون التجارة الجديد المتعلقة بالشيك وهو إجراء قاطع للتقادم ومن
ثم فلا محل لتطبيق مدة التقادم المقررة فيه ويحكمه التقادم المقرر في المادة 194
من قانون التجارة القديم والذي لم تكن مدته قد اكتملت وقت المطالبة القضائية وصدور
الحكم الابتدائي، وإذ كان دفاع الطاعنين بهذا السبب لا يستند إلى أساس قانوني صحيح
فلا يعيب الحكم المطعون فيه إغفال الرد عليه ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أرجع تاريخ التوقف عن الدفع إلى
أكثر من سنتين سابقتين على تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس، مخالفا بذلك لنص
المادة 563/ 2 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
أحكام قواعد الإفلاس تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان، وأن مفاد
النص في المادة 563 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 يدل- وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة- على أن المشرع في صدد تعيين تاريخ مؤقت للتوقف عن الدفع أجاز للمحكمة
التي قضت بإشهار الإفلاس تعيين تاريخ مؤقت للتوقف عن الدفع من تلقاء ذاتها أو بناء
على طلب من النيابة أو المدين أو أحد الدائنين أو أمين التفليسة أو غيرهم من ذوي
المصلحة ولها تعديل هذا التاريخ إلى انقضاء عشرة أيام من تاريخ إيداع قائمة الديون
التي تم تحقيقها وأسباب المنازعة فيها إن وجدت، وما يراه بشأن قبولها أو رفضها على
النحو المبين في المادة 563/ 1 من هذا القانون، وبعد انقضاء هذا الميعاد يصير
التاريخ المعين للتوقف عن الدفع نهائيا، واستقرارا للمعاملات حدد المشرع الفترة
التي يجوز للمحكمة إرجاع تاريخ التوقف عن الدفع بسنتين، ولا يجوز إرجاع تاريخ
التوقف إلى أكثر منها وذلك من تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه بإشهار الإفلاس قد صدر بتاريخ 11 من مارس سنة 2015 وحدد تاريخا
مؤقتا للتوقف عن الدفع 31 من ديسمبر سنة 2000 أي بمدة تزيد على سنتين، فإنه يكون
قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضا جزئيا في خصوص تحديد تاريخ التوقف عن
الدفع.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الرابع من أسباب الطعن
على الحكم المطعون فيه، إذ قضى بتعيين عضو يمين قاضيا للتفليسة رغم وجوب تعيين
قاضي التفليسة من بين قضاة المحكمة الابتدائية بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 561/ 1 من
القانون 17 لسنة 1999 بأن "تحدد المحكمة في شهر الإفلاس تاريخا مؤقتا للتوقف
عن الدفع، وتعيين أمينا للتفليسة، وتختار أحد قضاة المحكمة ليكون قاضيا للتفليسة
..." يدل على أن للمحكمة أن تختار أحد قضاة المحكمة التي أصدرت الحكم بإشهار
الإفلاس قاضيا للتفليسة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر
وقضى بتعيين عضو يمين الدائرة التي أصدرت حكم الإفلاس قاضيا للتفليسة فإنه يكون قد
أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الرابع من أسباب
الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ تمسكا أمام محكمة الإفلاس بالدفع
بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة لعدم اختصام باقي الشركاء المتضامنين
في الشركة المطالب بشهر إفلاسها بالمخالفة لنص المادة 703 من قانون التجارة، إلا
أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفع وقضى بإشهار إفلاس الشركة دون جميع
الشركاء المتضامين فيها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر- بقضاء هذه المحكمة- أن
العبرة في تحديد صفة المدعي والمدعى عليه في الدعوى هي بحقيقة الواقعة المطروح
فيها، وهو مما يستقل به قاضي الموضوع. وأنه متى كان الدفع بعدم قبول الدعوى على
غير أساس فإنه لا يعيب الحكم إغفال الرد عليه متى كان لا يحوي دفاعا جوهريا يصح أن
يتغير به وجه الرأي في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد القرض محل الدعوى
أنه محرر بين المصرف المطعون ضده الأول وشركة ..... ويمثلها الطاعنان كشريكين
متضامنين في الشركة وباقي الشركاء الموصين وقد تضمن العقد في بنوده النص على عدم
تعديل الشكل القانوني للمنشأة دون موافقة المصرف الكتابية، وفي حالة التغيير يصبح
الدين واجب الأداء، وكان الثابت في تعديل عقد الشركة المؤرخ 18 يونيه سنة 2000 أنه
قد تم إدخال شريك متضامن جديد قد تم دون موافقة المصرف المطعون ضده الأول من ثم لا
يسري في مواجهته، وإذ كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة لا
يقوم على أساس قانوني صحيح، فلا يعيب الحكم المطعون فيه إن أغفل الرد عليه، ويضحى
النعي على غير أساس.
وحيث إن الطعن بالنقض للمرة الثانية وأن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما
تقدم، يتعين القضاء بتعديل الحكم المستأنف بجعل تاريخ التوقف عن الدفع 10 من مارس
سنة 2013.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق