الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 يونيو 2022

الطعن 44863 لسنة 85 ق جلسة 10 / 9 / 2017 مكتب فني 68 ق 58 ص 558

جلسة 10 من سبتمبر سنة 2017


برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عـادل عـمـارة ، أحـمد رضوان ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة ووائل صبحي .
------------

(58)

الطعن رقم 44863 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة اختلاس مرتبطة بجريمتي تزوير محررات رسمية واستعمالها .

(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تقدير جدية التحريات . موضوعي .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .

(3) تزوير " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إثبات بيانات المحررات المزورة في صلب الحكم . غير لازم . ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في حضور الخصوم. حد ذلك؟

(4) اختلاس أموال أميرية . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .

   لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة التزوير . ما دامت العقوبة الموقعة تدخل في الحدود المقررة لجريمة الاختلاس باعتبارها الأشد .

(5) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً صريحاً . استفادته من الأدلة التي عوَّلت عليها المحكمة .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(6) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .

القصور في أمر الإحالة . لا يُبطل المحاكمة ولا ينال من صحة الإجراءات . إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها . غير جائز . علة ذلك ؟

(7) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

مثال .

(8) عقوبة " تقديرها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . ظروف مخففة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها . موضوعي .

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال .

مثال .

(9) غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .

إغفال الحكم المطعون فيه توقيع عقوبة الغرامة بالمخالفة للمادة 118 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

(10) قانون " القانون الأصلح " " تفسيره " . صلح . اختلاس أموال أميرية .

المادة 18 مكرراً (ب) عقوبات المضافة بالقانون 16 لسنة 2015 . مفادها ؟

القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة 5/2 عقوبات . ماهيته ؟

صدور القانون 16 لسنة 2015 لا يحقق معنى القانون الأصلح للطاعن في الدعوى الماثلة متى كان محل جريمة الاختلاس هو اختلاس أوراق لا يمكن تقويمه بالمال . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... وما ثبت من مطالعة دفتري حصر الحبس ، والتنفيذ ، وأجندة الجلسات ، وإقرارات المتهم بالتحقيقات بأنه المُحرر للعبارات المزورة الثابتة بجدول جنح .... ، وطلبات الحصول على شهادات الجدول ، وكذا الطلب المقدم من المتهم الثاني في القضية .... لسنة .... جنح .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .

2- لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر لمحكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الثالث وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين للتثبت من صحة التحريات أو عدم صحتها ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل .

3- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة واطلعت عليه ، فإنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات في صلب الحكم بعد أن ثبت أنهم كانوا مطروحين على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم ، وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليهم أن يُبدي ما يعن له بشأنهم في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي لهذا السبب على غير أساس .

4- من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، مادامت المحكمة قد طبَّقت على الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد ، وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله .

5- لما كان الدفع بنفي التهمة دفعاً موضوعياً لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عوَّلت عليها بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن انقطاع صلته بالواقعة لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي لها أمام محكمة النقض .

6- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ، ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

7- لما كان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلاً عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن ، ولم تر فيها ما يغير وجه الرأي لديها فاطرحتها ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .

8- من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أنه موظف والعائل الوحيد لأسرته وما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول .

9- لما كان الحكم المطعون فيه وإن قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات والعزل ، إلَّا أنه لم يقض بعقوبة الغرامة على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن في تصحيحه ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ المقرر أنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه .

10- لما كان قد صدر المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بعد صدور الحكم المطعون فيه ، ونص في مادته الثانية على إضافة المادة 18 مكرراً ب إلى قانون الإجراءات الجنائية التي تتضمن النص على جواز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ومن بينها الجريمة موضوع الطعن ، ورتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية سواء كانت مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ، أما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً فلهذه المحكمة – محكمة النقض – منعقدة في غرفة المشورة بناءً على طلب النائب العام أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة . لما كان ذلك ، وكان القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون له أصلح من القانون القديم ، وكان القانون سالف البيان لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن – في الدعوى الماثلة – إذ إن الاختلاس محل الدعوى هو اختلاس أوراق لا يمكن تقويمه بالمال ، وإنما له قيمة أدبية أو اعتبارية ، وهو ما لا يتصور فيه حصول تسوية وفقاً لاشتراطات النص لإعمال مقتضاه ، ومن ثم فلا محل لإعمال القانون سالف البيان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :

أولاً - المتهم الأول :

1 – بصفته موظفاً عاماً ( كاتب بجداول نيابة .... ) والمسئول عن تسديد المعارضات والاستئنافات بتلك الجداول اختلس الغلاف الخاص بالقضية رقم .... المدون عليه القيد والوصف والاتهام المقدم به المتهم الثاني للمحاكمة ، وكذا الصفحة رقم .... بجدول جنح .... المدون بها ذات البيانات سالفة البيان والمملوكين لجهة عمله والمسلمين إليه بمناسبة صفته ووظيفته آنفتي البيان ، وقد ارتبطت تلك الجناية بجنايتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته ووظيفته آنفتي البيان ارتكب تزويراً في محررات رسمية ، وذلك بطريق تغيير المحررات وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها ، وذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة بطلب إبداء الأقوال المقدم من المتهم الثاني في القضية سالفة الذكر أن تلك القضية مازالت بالعرض ولم يتم التصرف فيها على الرغم من تقديمها لجلسة وإعلان المتهم الثاني بها ونزع صفحة الجدول الأصلية رقم .... محل الاختلاس ولصق مكانها أخرى لم يثبت بها البيانات الحقيقية الخاصة بتلك القضية وذلك ستراً لاختلاسه ، واستعمل المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن احتج بما دون بها على جهة عمله ولإعمال آثارها في صدور قرار النيابة العامة بقيد الأوراق برقم إداري وحفظها إدارياً وإصدار شهادة من واقع الجدول للمتهم الثاني تضمنت تلك البيانات .

2 - بصفته سالفة البيان حصل للمتهم الثاني على منفعة من عمل من أعمال وظيفته دون وجه حق ، بأن ارتكب الجريمة موضوع التهمة السابقة ، مما ظفره بعدم المثول أمام القضاء وحفظ القضية سالفة البيان إدارياً والحصول على شهادة تفيد ذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .

3 - بصفته سالفة البيان أتلف عمداً الأوراق والمستندات لجهة عمله وهي ( الصفحة رقم مسلسل .... بدفتر جدول جنح .... ، غلاف الحفظ للقضية رقم .... ) والمسلمين إليه بصفته ووظيفته ، بأن قام بنزع تلك الأوراق واستبدالها بأخرى ، وكان ذلك بقصد تسهيل ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ثانياً - المتهم الأول :

1 - بصفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في محررات رسمية ، وهي جدول قيد جنح .... وطلبي الحصول على شهادتين من ذات الجدول ، وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة بالمحررات سالفة البيان أن القضيتين رقمي .... ، .... صدر الحكم فيهما ببراءة المتهم الثالث على الرغم من صدوره بإدانته ، واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله بأن قدمها لجهة عمله للاحتجاج بصحة ما دون فيها ولإعمال آثارها في إصدار شهادتين من واقع الجدول تضمنتا تلك البيانات المزورة على النحو المبين بالتحقيقات .

2 - بصفته ووظيفته سالفتي البيان حصل للمتهم الثالث على منفعة من عمل من أعمال وظيفته دون وجه حق ، بأن ارتكب الجريمة موضوع التهمة السابقة مما ظفر المتهم الثالث بالحصول على شهادتين من جدول الجنح في القضيتين رقمي .... ، .... تفيد صدور حكم ببراءته على النحو المبين بالتحقيقات .

ثالثاً - المتهم الأول : بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال ومصالح جهة عمله وبأموال ومصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة ( مشروع استغلال المحاجر بمحافظة .... ) بأن ارتكب الجرائم موضوع التهم السابقة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

رابعاً - المتهم الثاني :

اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجرائم موضوع البند أولاً وثالثاً سالفة البيان بأن اتفق معه وساعده بأن أمده بكافة البيانات المزورة المراد إثباتها وقدم كافة الطلبات المشار إليها سلفاً ، وقد تمت تلك الجرائم بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

خامساً - المتهم الثالث :

اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجرائم موضوع البند ثانياً وثالثاً سالفة البيان بأن اتفق معه وساعده بأن أمده بكافة البيانات المزورة المراد إثباتها وقدم كافة الطلبات المشار إليها سلفاً ، وقد تمت تلك الجرائم بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني والثالث عملاً بالمواد40 /ثانياً ، ثالثاً ، 41/1 ، 112/1 ، 2 بند ( ب ) ، 115 ، 116 مكرراً /1 ، 117 مكرراً ، 118 ، 118 مكرراً ، 119 /أ ، 213 ، 214 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات ، وعزل الأول من وظيفته ، ومصادرة المحررات المزورة .

فطعـن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنها تقرير الأسباب المقدم من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم الاختلاس المرتبط بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، والإتلاف ، والإضرار العمدي بمصالح الجهة التي يعمل بها ، والحصول لغيره بدون وجه حق على منفعة من أعمال وظيفته ، قد شابه القصور في التسبيب ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يورد مؤدى الأدلة التي عوّل عليها في إدانته ، واطرح برد قاصر دفعه ببطلان التحريات لعدم جديتها وانعدامها دون أن تجري المحكمة تحقيقاً للوقوف على مدى صحتها ، ولم يورد الحكم مضمون الأوراق المزورة ، وأغفل الرد على دفوعه بانتفاء الركن المادي والمعنوي لجريمة التزوير واستعمال المحرر المزور ، وانقطاع صلته بالواقعة ، وبطلان أمر الإحالة ، ولم يعرض لحوافظ المستندات المقدمة منه ، هذا إلى أن الطاعن موظف والعائل الوحيد لأسرته وفي تنفيذه للعقوبة المحكوم بها عليه أبلغ ضرر به وبأسرته . كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... وما ثبت من مطالعة دفتري حصر الحبس ، والتنفيذ ، وأجندة الجلسات ، وإقرارات المتهم بالتحقيقات بأنه المُحرر للعبارات المزورة الثابتة بجدول جنح .... ، وطلبات الحصول على شهادات الجدول ، وكذا الطلب المقدم من المتهم الثاني في القضية .... لسنة .... جنح .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر لمحكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الثالث وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين للتثبت من صحة التحريات أو عدم صحتها ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة واطلعت عليه ، فإنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات في صلب الحكم بعد أن ثبت أنهم كانوا مطروحين على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم ، وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليهم أن يُبدي ما يعن له بشأنهم في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي لهذا السبب على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، مادامت المحكمة قد طبَّقت على الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد ، وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله . لما كان ذلك ، وكان الدفع بنفي التهمة دفعاً موضوعياً لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عوّلت عليها بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن انقطاع صلته بالواقعة لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي لها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ، ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلاً عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن ، ولم تر فيها ما يغير وجه الرأي لديها فاطرحتها ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أنه موظف والعائل الوحيد لأسرته وما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات والعزل ، إلَّا أنه لم يقض بعقوبة الغرامة على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن في تصحيحه ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ المقرر أنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

وتشير المحكمة إلى أنه قد صدر المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بعد صدور الحكم المطعون فيه ، ونص في مادته الثانية على إضافة المادة 18 مكرراً ب إلى قانون الإجراءات الجنائية التي تتضمن النص على جواز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ومن بينها الجريمة موضوع الطعن ، ورتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية سواء كانت مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ، أما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً فلهذه المحكمة – محكمة النقض – منعقدة في غرفة المشورة بناءً على طلب النائب العام أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة . لما كان ذلك ، وكان القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون له أصلح من القانون القديم ، وكان القانون سالف البيان لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن – في الدعوى الماثلة – إذ إن الاختلاس محل الدعوى هو اختلاس أوراق لا يمكن تقويمه بالمال ، وإنما له قيمة أدبية أو اعتبارية ، وهو ما لا يتصور فيه حصول تسوية وفقاً لاشتراطات النص لإعمال مقتضاه ، ومن ثم فلا محل لإعمال القانون سالف البيان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق