الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يونيو 2022

الطعن 29699 لسنة 86 ق جلسة 27 / 9 / 2017 مكتب فني 68 ق 64 ص 685

جلسة 27 من سبتمبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / يحيى خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت طلبه ، علاء مرسي ، هاني عبد الجابر وأحمد عبد الفتاح الحنفي نواب رئيس المحكمة .
-----------

(64)

الطعن رقم 29699 لسنة 86 القضائية

(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .

  إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام. غير لازم. أساس وعلة ذلك؟

اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بميعاد محدد أو مبني الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها.

(2) قتل عمد . سبق إصرار . ترصد . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن. ما يقبل منها " .

وجوب استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار بما يدل عليه وبيان الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنه وكيفية انتهائها إلى ثبوته.

تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه لمفاجأته بالاعتداء عليه. كفايته لتحقق ظرف الترصد. جوهره. انتظاره لمباغته والغدر به لدى وصوله أو مروره بمكان الانتظار.

استخلاص ظرفي سبق الإصرار والترصد. موضوعي. شرط ذلك؟

للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت ظرفي سبق الإصرار والترصد.

مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة بجريمة القتل العمد لدى استظهاره ظرفي سبق الإصرار والترصد.

(3) قانون " تطبيقه " . اقتران . ظروف مشددة . قتل عمد . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

تغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية للمادة 234 عقوبات. شرطه؟

إغفال الحكم بيان ما إذا كان المحكوم عليه قد أطلق الأعيرة النارية صوب المجني عليهم دفعة واحدة أم أنها أطلقت على عدة مرات للتدليل على توفر ظرف الاقتران. قصور يستوجب النقض والإعادة. أساس ذلك؟

مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر ظرف الاقتران في جريمة القتل العمد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة الميعاد المحدد في المادة 34 من القانون المشار إليه المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل أن محكمة النقض تفصل في الدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .

2- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها اقتصر في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن على قوله : - " أنه يقوم على عنصرين الأول نفسي وهو إمعان التفكير فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل في الواقع ذات الإصرار ، والثاني زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة في ذهن الجناة وعزمه عليها وبين تنفيذها ومقدار القوة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للجاني في حاله من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال إنه ارتكب الجريمة بعد تدبر، والجاني في الدعوى الراهنة ضغط عليه شيطانه مستغلاً الضغينة التي يختزنها في نفسه تجاه المجني عليهما الأول والثاني لوجود خلافات فيما بينهما حول حصيلة جريمة سرقة ، فأخذ يفكر في كيفية الانتقام وهداه أن ضالته المنشودة تكمن في قتل المجني عليهم فأعد لذلك سلاحاً نارياً ( بندقية آلية ) وسيارة ملاكي قادها مجهول وانتظر المجني عليهم بالمكان الذي أيقن مرورهم به وكان من الممكن له أن ينهي فعله عند هذا الحد ولكن كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً في ذهنه حيث قام المتهم باعتراض الدراجة النارية التي يستقلها المجني عليهم وما أن ظفر بهم حتى قام بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم في أماكن متفرقة من أجسادهم وفي مواضع قاتلة حتى يتيقن من إزهاق أرواحهم وهكذا توافر ظرف سبق الإصرار في الأوراق بعد اطمئنان المحكمة إلى أدلة الإثبات وتصوير النيابة العامة للواقعة ". لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له - في ظاهر الأمر - مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ، ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى ، كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار ، وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها ، مما كان ينبغي على المحكمة معه ، أن توضــح كيف انتهت إلــى ثبوت توافـــر ظــرف سبــق الإصرار في حق المحكوم عليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر قيام ظرف الترصد في قوله : - " وحيث إنه عن الترصد فيتكون من عنصرين أولهما زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر ، ثانيهما مكاني ويتطلب انتظار الجاني للمجني عليه في مكان ما والمحكمة تشير بداءة أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد وأن الآخر يكفي لتشديد العقاب والمادة 230 صريحة في ذلك إذ تتحدث عن سبق الإصرار أو الترصد والأخير يخضع في إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف وبشهادة الشهود وتقدير أدلته مسألة موضوعية ، ولما كان المتهم قد ترصد المجني عليهم بالمكان الذي أيقن سلفاً مرورهم به حال ذهابهم لمقابلته بناء على الاتفاق بينهم وانتظرهم على أحر من الجمر بمسرح الجريمة وبدأ في التنفيذ " . لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الترصد هو تربص الجاني للمجني عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليهم لمباغتتهم والغدر بهم لدى وصولهم أو مرورهم بمكان الانتظار، كما أنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص ظرفي سبق الإصرار والترصد من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى. لما كان ذلك ، وكانت أدلة الدعوى قد خلت مما يدل على ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما أورده الحكم من وجود خلافات بين المتهم والمجني عليهم حول حصيلة جريمة سرقة وتفكيره في قتل المجني عليهم وإعداد سلاح آلي لتنفيذ قصده وانتظاره المجني عليهم في المكان الذي أيقن مرورهم فيه ، إذ لا سند له في ذلك إلا من تحريات الشرطة والتي لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت ظرفي سبق الإصرار والترصد ، فإن الحكم لا يكون قد أورد الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذانك الظرفين ، ومن ثم فإن الحكم يكون فوق قصوره فاسداً في استدلاله .

3- من المقرر أنه يشترط لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/2 من قانون العقوبات ، أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة ، عن جناية القتل ، وتميزها عنها ، وقيام المصاحبة الزمنية ، بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد ، أو فترة قصيرة من الزمن ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل التدليل على توافر ظرف الاقتران ، وأن ما أورده لا يبين منه ما إذا كان المحكوم عليه قد أطلق الأعيرة النارية - من بندقيته الآلية - صوب المجني عليهم ، دفعة واحدة ، فتكون جنايتا قتل المجني عليه ، والشروع في قتل المجني عليهما ، قد ارتكبتا بفعل واحد ، وينتفي بالتالي ظرف الاقتران ، أم أن تلك الأعيرة النارية ، قد أطلقت على عدة مرات ، فتكون كل من جنايتي القتل العمد ، والشروع فيه ، قد نشأتا عن فعل مستقل ، فيتحقق بذلك معنى الاقتران ، المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ، مادامت قد توافرت الرابطة الزمنية ، بين هاتين الجنايتين ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في استظهار ظرف الاقتران . لما كان ذلك، وكان هذا العيب الذي لحق الحكم - عدم التدليل على توافر ظرف الاقتران - يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة، أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم، إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم، والإعادة.

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل / .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتله، وأعد لهذا الغرض سلاح ناري " بندقية آلية " وكمن له بالطريق العام الذي أيقن سلفاً مروره فيه حال توجهه لرؤيته وما أن ظفر به حتى أطلق صوبه وابلاً من الأعيرة النارية من سلاحه الناري قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت تلك الجنائية بجناية أخرى إذ أنه في ذات الزمان والمكان: - شرع في قتل المجني عليهما 1- .... 2- .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلهما وأعد لهذا الغرض السلاح الناري ذاته آنف البيان وكمن لهما بالطريق العام الذي أيقن سلفاً مرورهما فيه حال توجههما لرؤيته رفقة المجني عليه الأول، وما أن ظفر بهما حتى أطلق صوبهما وابلاً من الأعيرة النارية من سلاحه الناري قاصداً من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي للمجني عليه الأول، والتقرير الطبي المبدئي للمجني عليه الثاني، إلا أنه قد خاب أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيها وهو مداركتهما بالعلاج. الأمر المنطبق عليه نصوص المواد 45، 46/1، 230، 231، 232 من قانون العقوبات.

ــــ أحرز سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.

ـــــ أحرز ذخيرة مما تستخدم على السلاح الناري آنف البيان.

ـــــ أحرز سلاحاً أبيض (سنجة) بدون ترخيص.

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قررت إحالة القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم مع استمرار حبس المتهم.

وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/1، 230، 231، 232،234/2 من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 2، 6، 26/4،3،1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) المحلق بالقانون ذاته والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995، والمادة 32 من القانون الأول بإجماع آراء أعضائها بمعاقبته بالإعدام شنقاً، وألزمته بالمصاريف الجنائية.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ.

كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها فيها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً: عن عرض النيابة العامة للقضية: -

حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة الميعاد المحدد في المادة 34 من القانون المشار إليه المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تفصل في الدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .

ثانياً: عن الطعن المرفوع من المحكوم عليه: -

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية القتل العمد مـع سبق الإصــرار والترصــد المقترنة بجريمتــي الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإحراز سلاح ناري مششخن - بندقية آلية - مما لا يجوز الترخيص به وذخيرته، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن لم يدلل تدليلاً سائغاً وكافياً على ظرفي سبق الإصرار والترصد في جريمة القتل العمد، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها اقتصر في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن على قوله : - " أنه يقوم على عنصرين الأول نفسي وهو إمعان التفكير فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبير عواقبه ثم الإقدام على فعل القتل وهذا العنصر يمثل في الواقع ذات الإصرار ، والثاني زمني لسبق الإصرار يقتضي مرور فترة من الوقت بين نشوء سبب الجريمة في ذهن الجناة وعزمه عليها وبين تنفيذها ومقدار القوة الزمنية بما يحقق العنصر الأول أي يهيئ للجاني في حاله من الهدوء النفسي تسمح بأن يقال أنه ارتكب الجريمة بعد تدبر ، والجاني في الدعوى الراهنة ضغط عليه شيطانه مستغلاً الضغينة التي يختزنها في نفسه تجاه المجني عليهما الأول والثاني لوجود خلافات فيما بينهما حول حصيلة جريمة سرقة ، فأخذ يفكر في كيفية الانتقام وهداه أن ضالته المنشودة تكمن في قتل المجني عليهم فأعد لذلك سلاحاً نارياً ( بندقية آلية ) وسيارة ملاكي قادها مجهول وانتظر المجني عليهم بالمكان الذي أيقن مرورهم به وكان من الممكن له أن ينهي فعله عند هذا الحد ولكن كان القتل وسبق الإصرار عليه مختمراً في ذهنه حيث قام المتهم باعتراض الدراجة النارية التي يستقلها المجني عليهم وما أن ظفر بهم حتى قام بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم في أماكن متفرقة من أجسادهم وفي مواضع قاتلة حتى يتيقن من إزهاق أرواحهم وهكذا توافر ظرف سبق الإصرار في الأوراق بعد اطمئنان المحكمة إلى أدلة الإثبات وتصوير النيابة العامة للواقعة ". لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له - في ظاهر الأمر - مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ، ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى ، كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار ، وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها ، مما كان ينبغي على المحكمة معه ، أن توضــح كيف انتهت إلــى ثبوت توافـــر ظــرف سبــق الإصرار في حق المحكوم عليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر قيام ظرف الترصد في قوله : - " وحيث إنه عن الترصد فيتكون من عنصرين أولهما زمني يتطلب ضرورة مرور فترة من الوقت قد تطول أو تقصر ، ثانيهما مكاني ويتطلب انتظار الجاني للمجني عليه في مكان ما والمحكمة تشير بداءة أن تحقق أحد الظرفين المشددين سبق الإصرار أو الترصد وأن الآخر يكفي لتشديد العقاب والمادة 230 صريحة في ذلك إذ تتحدث عن سبق الإصرار أو الترصد والأخير يخضع في إثباته للقواعد العامة فهو واقعة مادية ويثبت عادة بالاعتراف وبشهادة الشهود وتقدير أدلته مسألة موضوعية ، ولما كان المتهم قد ترصد المجني عليهم بالمكان الذي أيقن سلفاً مرورهم به حال ذهابهم لمقابلته بناء على الاتفاق بينهم وانتظرهم على أحر من الجمر بمسرح الجريمة وبدأ في التنفيذ " . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الترصد هو تربص الجاني للمجني عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه ، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليهم لمباغتتهم والغدر بهم لدى وصولهم أو مرورهم بمكان الانتظار ، كما أنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص ظرفي سبق الإصرار والترصد من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت أدلة الدعوى قد خلت مما يدل على ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما أورده الحكم من وجود خلافات بين المتهم والمجني عليهم حول حصيلة جريمة سرقة وتفكيره في قتل المجني عليهم وإعداد سلاح آلي لتنفيذ قصده وانتظاره المجني عليهم في المكان الذي أيقن مرورهم فيه ، إذ لا سند له في ذلك إلا من تحريات الشرطة والتي لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت ظرفي سبق الإصرار والترصد ، فإن الحكم لا يكون قد أورد الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذانك الظرفين ، ومن ثم فإن الحكم يكون فوق قصوره فاسداً في استدلاله . لما كان ذلك، وكان يشترط لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/2 من قانون العقوبات، أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة، عن جناية القتل، وتميزها عنها، وقيام المصاحبة الزمنية، بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد، أو فترة قصيرة من الزمن، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل التدليل على توافر ظرف الاقتران ، وأن ما أورده لا يبين منه ما إذا كان المحكوم عليه قد أطلق الأعيرة النارية - من بندقيته الآلية - صوب المجني عليهم ، دفعة واحدة ، فتكون جنايتا قتل المجني عليه ، والشروع في قتل المجني عليهما ، قد ارتكبتا بفعل واحد ، وينتفي بالتالي ظرف الاقتران ، أم أن تلك الأعيرة النارية ، قد أطلقت على عدة مرات ، فتكون كل من جنايتي القتل العمد ، والشروع فيه ، قد نشأتا عن فعل مستقل ، فيتحقق بذلك معنى الاقتران ، المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ، مادامت قد توافرت الرابطة الزمنية ، بين هاتين الجنايتين ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في استظهار ظرف الاقتران . لما كان ذلك، وكان هذا العيب الذي لحق الحكم - عدم التدليل على توافر ظرف الاقتران - يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة، أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم، إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم، والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق