----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم طريق استثنائي لفض
الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات.
2 - اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع
المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز سلب ولاية جهات القضاء.
3 - التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على
رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن
تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية.
4 - إرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم
وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة
التحكيم وسلطتها وإجراءات التحكيم وغيرها.
5 - شرط التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء محكمة
النقض - لا يتعلق بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء
نفسها، وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عن صراحة أو ضمنا، ويسقط الحق
فيه فيما لو أثير متأخرا بعد الكلام في الموضوع، كما أن قاضي الموضوع يخضع لرقابة
محكمة النقض في تكييفه للطلبات التي يبديها الخصم قبل التمسك بشرط التحكيم للوقوف
على ما إذا كانت تعد تعرضا الموضوع الدعوى الذي من شأنه أن يسقط الحق في التمسك
بهذا الشرط.
6 - إذ كان الواقع في الدعوى أنه إبان إقامة
الطاعنة لدعواها - موضوع الطعن الراهن - على المطعون ضدها أقامت الأخيرة على
الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 1998 مدني كلي شمال الجيزة بطلب الحكم لها بالطلبات
الواردة بالصحيفة، مما يعد تنازلا من كلاهما عن شرط التحكيم الوارد بعقد المقاولة،
وإذ تصدت المحكمة لدعوى المطعون ضدها وحكمت برفضها وكان لازما عليها التصدي لدعوى
الطاعنة وأن تفصل في موضوعها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد
حكم أول درجة بعدم جواز نظر دعوى الطاعنة لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم ... لسنة
1990 مدني كلي شمال الجيزة واستئنافها رقم ... لسنة 115 ق المقضي بعدم قبولها
لوجود شرط تحكيم، حال أن إقامة المطعون ضدها لدعواها يؤدي إلى تغيير هذه الظروف
التي تؤدي إلى عدم إعمال حجية الأحكام سالفة الذكر، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون
فيه.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال
الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعا جوهريا ومؤثرا
في النتيجة التي انتهى إليها، وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات تمسك
بدلالتها فالتفت الحكم عنها أو أطرح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصم دون أن يبين
بمدوناته ما يبرر هذا الاطراح، فإنه يكون قاصرا.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أسباب
الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق
ذلك إذ استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية
للاقتناع بها، أو أن عدم فهم العناصر الواقعية التي ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين
هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها
بناء على تلك العناصر الذي ثبتت لديها. لما كان ذلك، وكانت الجمعية الطاعنة قد
تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجيتها بدلالة تقرير المكتب الاستشاري
المشرف على تنفيذ المشروع وتقرير أساتذة كلية الهندسة بالقاهرة، وقدمت سندا لذلك
صورتي هذين التقريرين لبيان مدى إخلال الشركة المطعون ضدها بالتزاماتها طبقا للعقد
وكراسة الشروط، وإذ خلا تقرير الخبير مما يفيد بحث هذا الدفاع، وإذ أيد الحكم
المطعون فيه الحكم المستأنف دون أن يرد على دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي رغم
أنه دفاع جوهري - إن صح - يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيبا.
----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الشركة الطاعنة في الطعن رقم ... لسنة 77 ق أقامت ضد الجمعية المطعون
ضدها الدعوى رقم ... لسنة 1998 مدني كلي شمال الجيزة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي
لها مبلغ 6248635 جنيها وأعباء التمويل عن هذا المبلغ طبقا لتعليمات البنك المركزي
المصري بالإضافة إلى مبلغ ستة ملايين جنيه عما أصابها من أضرار وما فاتها من كسب
نتيجة عدم استكمال المشروع، ومبلغ عشرة آلاف جنيها تعويضا عن الأضرار الأدبية،
وقالت بيانا لذلك إنها بتاريخ 11 من أغسطس 1988 تعاقدت مع الجمعية على بناء قرية
... السياحية بالكيلو ... بالساحل الشمالي بقيمة إجمالية قدرها 57138418 جنيها،
نفذت منها الشركة أعمال تقدر بالمبلغ المطالبة به، و بتاريخ الأول من أبريل سنة
1992، تم توقيع ملحق للعقد أقرت فيه الجمعية بتناقص عدد أعضائها من 1000 عضو إلى
300 عضو، مما سبب عجزا في التمويل وتعهدت بسداد ما عليها من مستحقات فورا، وطبقا
للبند 28 من العقد أقامت الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 1993 تحكيم لدى هيئة التحكيم
المختصة، وبعد أن أصدرت حكمها طعنت المطعون ضدها على حكم التحكيم بالبطلان وقضى
لها بطلباتها بحكم بات فأقامت الدعوى، كما أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم ... لسنة
1998 مدني كلي شمال الجيزة ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم أولا: باعتبار عقد
المقاولة المؤرخ 11 من أغسطس سنة 1988 مفسوخا اعتبارا من تاريخ 16 من يونيه سنة
1991 تاريخ توقف الشركة عن العمل بمشروع قرية ... المملوكة لها، مع إلزامها
بتسليمها كافة الأوراق التي تخص المشروع وذلك خلال شهر من تاريخ صدور الحكم وإلا
يحكم عليها بغرامة يومية قدرها عشرة آلاف جنيه لتأخرها في التسليم والإضرار بها.
ثانيا: ببطلان ملحق العقد المؤرخ أول أبريل سنة 1992. ثالثا: إلزام الشركة بأن
تؤدي لها مبلغ 3952525.51 جنيها قيمة المستحق لها كفرق بين قيمة ما قبضته الشركة
وما قامت به من أعمال بالمشروع. رابعا: إلزام الشركة بأن تدفع لها مبلغ 13795000
جنيه قيمة غرامات التأخير المستحقة عليها نفاذا لعقد المقاولة عن المدة من 25 من
أغسطس سنة 1980 وحتى 15 من مارس سنة 1997. خامسا: إلزام الشركة بأن تدفع لها مبلغ
خمسين مليون جنيه تعويضا جابرا لما أصابها من أضرار مادية وأدبية، وقالت بيانا
لذلك أن عطاء مشروع قرية ... السياحية تم إسناده للطاعنة في الطعن الأول، إلا أنه
بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1989 وأثناء التنفيذ حرر المهندس الاستشاري لها خطابا
بوجود مخالفات خطيرة في تنفيذ الأعمال ووجود تأخير قدره 96 يوما تقدر بمبلغ 480000
جنيه غرامات تأخير فأقامت الدعوى. ضمت المحكمة الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم
واحد، ثم حكمت في الدعوى رقم ... لسنة 1998 بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها
بالدعوى رقم ... لسنة 1995 مدني كلي شمال الجيزة واستئنافها رقم ... لسنة 115 ق
استئناف القاهرة. ثانيا: وفي الدعوى رقم ... لسنة 1998 برفضها. استأنفت الطاعنة
هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق القاهرة، كما استأنفته المطعون ضدها برقم
... لسنة 124 ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط قضت فيهما
بتاريخ 26 من أغسطس سنة 2007 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا
الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 18603 لسنة 77 ق، كما طعنت فيه الجمعية بالطعن رقم
19616 لسنة 77 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين، وإذ
عرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظرهما، وفيهما ضمت
الطعن الثاني للأول، والتزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق