الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 10 فبراير 2022

الطعن 3229 لسنة 77 ق جلسة 2 / 11 / 2015 مكتب فني 66 ق 155 ص 1060

جلسة 2 من نوفمبر سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله, مجدي مصطفى، علي جبريل "نواب رئيس المحكمة" وياسر فتح الله العكازي.
-------------

(155)
الطعن رقم 3229 لسنة 77 القضائية

(1 - 5) عقد "آثار العقد: أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين" "بعض أنواع العقود: عقد الهبة". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتكييف الدعوى". هبة "الرجوع في الهبة" "من أحكام الهبة: التزامات الموهوب له".
(1) الهبة. ماهيتها. مؤداه. عقد ملزم للواهب دون الموهوب له. أثره. عدم خضوعه القواعد الفسخ. علة ذلك. تقيد الهبة بالتزام مقابل على الموهوب له. مؤداه. اعتباره عقدا ملزما للجانبين. أثره. خضوعه لقواعد الفسخ. المادتان 486 ، 497 مدني.
(2) حق طلب الفسخ في العقود الملزمة للجانبين. عدم جواز الحرمان أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح. م 157 مدني.
(3) طلب فسخ عقد الهبة لإخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته. اختلافه عن طلب الرجوع فيها لقيام إحدى حالاته المنصوص عليها في م 500 وبعدها مدني.
(4) تكييف المدعي للدعوي. لا يقيد المحكمة. وجوب إسباغها الوصف القانوني الصحيح عليها.
(5) تضمن عقدي الهبة موضوع الدعوى التزام الموهوب لهما بدفع مبلغ شهري كنفقة للواهب ولزوجته. دعوى الواهب بطلب الرجوع فيها لامتناع الموهوب لهما عن الوفاء بذلك الالتزام. اعتبارها دعوى بفسخ عقدي الهبة وليس دعوى الرجوع فيها. تكييف الحكم المطعون فيه طلبات الطاعن بأنها دعوى رجوع في الهبة وقضاؤه برفضها لكونها لذي رحم محرم يمتع عليه الرجوع فيها م 500 وما بعدها مدني. مخالفة للقانون وخطأ. علة ذلك.

--------------

1 - إن مؤدى نص المادتين 486، 497 مدني يدل على أنه ولئن كان الأصل في الهبة أنها تبرع محض، فتكون عقداً ملزماً لجانب واحد هو الواهب، ولا يلتزم الموهوب له بشيء، ومن ثم لا يرد عليه الفسخ لأن مبناه الارتباط بين الالتزامات المتقابلة، إلا أنه إذا كانت الهبة مقيدة أي مقترنة بفرض التزام معين على الموهوب له كاستعمال المال الموهوب في غرض محدد، أو بعوض اشترط فيها الواهب عوضاً لهبته كأن يؤدي إليه الموهوب له نفقة مقدرة طوال حياته، فإن عقد الهبة على الحالين يكون عقداً ملزماً للجانبين يرد عليه الفسخ طبقاً للقواعد المقررة في القانون المدني.

2 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه يجوز لكل من العاقدين طلب الفسخ إذا لم يوف العاقد الآخر بالتزامه إعمالاً لنص المادة 157 من التقنين المدني باعتباره من النصوص المكملة لإرادة المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين، ولا يجوز حرمان المتعاقدين من هذا الحق أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح.

3 - لا يجوز الخلط بين طلب فسخ عقد الهبة المؤسس على إخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته الناشئة عن عقد الهبة باعتباره كسائر العقود الملزمة للجانبين يخضع لأحكام الفسخ القضائي المقررة في القانون المدني، وبين طلب الرجوع في الهبة لقيام عذر يسوغ للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع والذي تحكمه القواعد والضوابط المنصوص عليها في المادة 500 وما بعدها من التقنين المدني المتعلقة بالرجوع في الهبة وموانعه.

4 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن تكييف المدعي لدعواه تكييفاً خاطئاً لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في صحيفتها أو تمسك بها في دفاعه لا يقيد القاضي ولا يمنعه من إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح.

5 - إذ كان الواقع الثابت في الدعوى أنه بموجب العقدين المؤرخين 1/ 6/ 2000 قد وهب الطاعن لولديه المطعون ضدهما في صورة عقدي بيع المحلين المبينين بالأوراق والتزم الموهوب لهما بأن يدفعا مبلغا مقداره 1200 جنيه شهريا نفقة له ولزوجته، وإذ جحد الموهوب لهما تعهدهما وامتنعا عن الوفاء لوالدهما الواهب بما التزما به فقد أقام الدعوى بطلب الرجوع في الهبة، فإن دعواه وإن وصفت بأنها دعوى رجوع في الهبة إلا أنها في حقيقتها وبحسب الوقائع المؤسسة عليها إنما هي دعوى بفسخ عقدي الهبة السالف بيانهما مبناها إخلال ولديه الموهوب لهما بالتزاماتهما الناشئة عن هذين العقدين باعتبار أن هبة الطاعن بعوض، فتكون من العقود الملزمة للجانبين تخضع للقواعد العامة في الفسخ المقررة في القانون المدني، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن المطعون ضدهما قدما أي دليل على الوفاء بالعوض الذي التزما به، وهو أن يؤديا لأبيهما الواهب نفقة شهرية مقدارها 1200 جنيه، وقام دفاعهما أمام محكمة الموضوع على جحد وإنكار هذا الالتزام ثم الادعاء بالوفاء به وهو ما لم يقم عليه دليل، بل قام الدليل على عكسه وفقاً للثابت من محضر جلسة 21/ 6/ 2005 الذي أقر فيه شقيقهما المدعى عليه الثالث بصحة الوقائع المؤسس عليها طلبات الطاعن وسلم له بهذه الطلبات بوصفه الموهوب له الثالث، ومن ثم يحق للطاعن طلب فسخ عقدي الهبة موضوع التداعي، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بذلك التكييف الذي يتفق وصحيح القانون وبنى قضاءه على التكييف المستمد من ظاهر طلبات الطاعن بوصفها دعوى رجوع في الهبة تسري عليها أحكام الرجوع وموانعه الواردة في المادة 500 وما بعدها من القانون المدني، ورتب على ذلك القضاء برفض الدعوى تأسيساً على أنها هبة لذي رحم محرم يمتنع على الواهب الرجوع فيها، فإنه يكون بذلك قد خلط بين أحكام الرجوع في الهبة وموانعه وأحكام فسخ عقد الهبة لإخلال الموهوب له بالتزاماته الناشئة عن العقد، مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم .... لسنة 2005 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما وآخر بطلب الحكم بإثبات رجوعه في الهبة الصادرة منه لهم عن حق الرقبة في المحلين المبينين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقدين المؤرخين 1/ 6/ 2000، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقدي هبة مستترة وصفا بأنهما عقدا بيع وهب - لهم المحل الأول كما وهب للمطعون ضده الثاني وآخر حصة مقدارها 12 ط من 24 ط في كامل المحل الثاني دون مقابل مادي، وذلك عن حق الرقبة مع الاحتفاظ بحق الانتفاع مدى الحياة، إلا أنهم أنكروا تلك الهبة ووضعوا يدهم على المحلين محل النزاع ومنعوه من دخولهما واستغلالهما واستأثروا لأنفسهم بريعها فقد أقام الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حكمت بالطلبات.
استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ...... لسنة 123 ق وبتاريخ 20/ 12/ 2006، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة:-
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ تمسك في دفاعه بأنه اشترط عند إبرام عقدي الهبة المستترة - للمحلين المبينين بالأوراق - في صورة عقدي البيع المؤرخين 1/ 6/ 2000 على ولديه الموهوب لهما أن يدفعا نفقة شهرية مقدارها 1200 جنيه له، إلا أنهما أخلا بالتزامهما فيحق له الرجوع في الهبة، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يتناوله بما يقتضيه بحثا وردا وأقام قضاءه على أنه لا يجوز للطاعن الرجوع في الهبة لصدورها لذى رحم محرم، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 486 من التقنين المدني على أنه "1- الهبة عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض 2- ويجوز للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع، أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين" وفي المادة 497 منه على أنه "يلتزم الموهوب له بأداء ما اشترط عليه من عوض سواء اشترط هذا العوض لمصلحة الواهب أم لمصلحة أجنبي أم للمصلحة العامة". يدل على أنه ولئن كان الأصل في الهبة أنها تبرع محض فتكون عقداً ملزماً لجانب واحد هو الواهب ولا يلتزم الموهوب له بشيء، ومن ثم لا يرد عليه الفسخ لأن مبناه الارتباط بين الالتزامات المتقابلة، إلا أنه إذا كانت الهبة مقيدة أي مقترنة بفرض التزام معين على الموهوب له كاستعمال المال الموهوب في غرض محدد، أو بعوض اشترط فيها الواهب عوضاً لهبته كأن يؤدي إليه الموهوب له نفقة مقدرة طوال حياته، فإن عقد الهبة على الحالين يكون عقداً ملزماً للجانبين يرد عليه الفسخ طبقاً للقواعد المقررة في القانون المدني، فيجوز لكل من العاقدين طلب الفسخ إذا لم يوف العاقد الآخر بالتزامه إعمالاً لنص المادة 157 من التقنين المدني باعتباره من النصوص المكملة لإرادة المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين، ولا يجوز حرمان المتعاقدين من هذا الحق أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح ولا يجوز الخلط بين طلب فسخ عقد الهبة المؤسس على إخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته الناشئة عن عقد الهبة باعتباره كسائر العقود الملزمة للجانبين يخضع لأحكام الفسخ القضائي المقررة في القانون المدني، وبين طلب الرجوع في الهبة لقيام عذر يسوغ للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع والذي تحكمه القواعد والضوابط المنصوص عليها في المادة 500 وما بعدها من التقنين المدني المتعلقة بالرجوع في الهبة وموانعه. وكان تكييف المدعي لدعواه تكييفاً خاطئاً لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في صحيفتها أو تمسك بها في دفاعه لا يقيد القاضي ولا يمنعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح.
لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت في الدعوى أنه بموجب العقدين المؤرخين 1/ 6/ 2000 قد وهب الطاعن لولديه المطعون ضدهما في صورة عقدي بيع المحلين المبينين بالأوراق والتزم الموهوب لهما بأن يدفعا مبلغا مقداره 1200 جنيه شهريا نفقة له ولزوجته، وإذ جحد الموهوب لهما تعهدهما وامتنعا عن الوفاء لوالدهما الواهب بما التزما به فقد أقام الدعوى بطلب الرجوع في الهبة، فإن دعواه وإن وصفت بأنها دعوى رجوع في الهبة إلا أنها في حقيقتها وبحسب الوقائع المؤسسة عليها إنما هي دعوى بفسخ عقدي الهبة السالف بيانهما مبناها إخلال ولديه الموهوب لهما بالتزاماتهما الناشئة عن هذين العقدين باعتبار أن هبة الطاعن بعوض، فتكون من العقود الملزمة للجانبين تخضع للقواعد العامة في الفسخ المقررة في القانون المدني، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن المطعون ضدهما قدما أي دليل على الوفاء بالعوض الذي التزما به، وهو أن يؤديا لأبيهما الواهب نفقة شهرية مقدارها 1200 جنيه، وقام دفاعهما أمام محكمة الموضوع على جحد وإنكار هذا الالتزام ثم الادعاء بالوفاء به وهو ما لم يقم عليه دليل، بل قام الدليل على عكسه وفقاً للثابت من محضر جلسة 21/ 6/ 2005 الذي أقر فيه شقيقهما المدعى عليه الثالث بصحة الوقائع المؤسس عليها طلبات الطاعن وسلم له بهذه الطلبات بوصفه الموهوب له الثالث، ومن ثم يحق للطاعن طلب فسخ عقدي الهبة موضوع التداعي، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بذلك التكييف الذي يتفق وصحيح القانون وبنى قضاءه على التكييف المستمد من ظاهر طلبات الطاعن بوصفها دعوى رجوع في الهبة تسري عليها أحكام الرجوع وموانعه الواردة في المادة 500 وما بعدها من القانون المدني، ورتب على ذلك القضاء برفض الدعوى تأسيساً على أنها هبة لذي رحم محرم يمتنع على الواهب الرجوع فيها، فإنه يكون بذلك قد خلط بين أحكام الرجوع في الهبة وموانعه وأحكام فسخ عقد الهبة لإخلال الموهوب له بالتزاماته الناشئة عن العقد، مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

هناك تعليق واحد: