جلسة 6 من يونيه سنة 1949
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي
إبراهيم بك وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.
---------------------
(929)
القضية
رقم 901 سنة 19 القضائية
اختصاص.
محاكم عسكرية. الجرائم التي خولت الفصل فيها. تقديم قضية خاصة بجريمة
منها إلى المحاكم العادية. لا يجوز لهذه المحاكم أن تتخلى من تلقاء نفسها عن نظرها.
-------------------
إن المحاكم العسكرية إنما
تؤدي عملها فيما يختص بالجرائم التي خولت الفصل فيها إلى جانب المحاكم العادية.
وإذن فإذا قدمت قضية من القضايا الخاصة بهذه الجرائم من النيابة إلى المحاكم
العادية فلا يجوز لهذه المحاكم أن تتخلى من تلقاء نفسها عن نظرها بمقولة إن
المحاكم العسكرية هي المختصة بالفصل فيها.
المحكمة
وحيث إن النيابة تقول في طعنها إن القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص
بالأحكام العرفية لا نص فيه على انفراد المحاكم العسكرية بالحكم في القضايا التي
خولت الفصل فيها. فهي إذن بالنسبة إلى هذه القضايا تؤدي عملها بجانب المحاكم
العادية التي لم يسلبها القانون حق الفصل فيها. وإذن فالحكم المطعون فيه إذ قضى
بعدم الاختصاص بنظر الدعوى يكون مخطئاً.
وحيث إن النيابة العمومية
رفعت الدعوى على المتهمين بأنهما "شرعا في سرقة قطع الزهر المبينة الوصف
والقيمة بالمحضر لمصلحة السكة الحديد", ومحكمة أول درجة قضت بالإدانة.
فاستأنف المتهمان فحكمت المحكمة الاستئنافية بعدم الاختصاص مستندة إلى الأمر
العسكري رقم 36 الصادر في 20 من يونيو سنة 1948 على اعتبار أن سرقة قطع الحديد
الزهر بوصف كونها مما يستعمل في وسائل النقل البرية يدخل في نطاق ما تحكم فيه
المحاكم العسكرية تطبيقاً لهذا الأمر، وأن المحاكم العسكرية أصبحت بمقتضى ذلك
الأمر هي دون غيرها المختصة بالنظر في هذا النوع من الجرائم.
وحيث إنه غير صحيح ما جاء
بالحكم المطعون فيه من أن الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1948 قد جعل الفصل في جريمة
سرقة المهمات أو الأدوات التي تستعمل في وسائل النقل البرية من اختصاص المحاكم
العسكرية دون سواها، فإن هذا الأمر ليس فيه هذا التخصيص، وكل ما نص عليه هو تخويل
المحاكم العسكرية النظر في الجرائم التي من هذا النوع والتي تقررت عقوبتها بقانون
العقوبات. ولما كانت المحاكم الجنائية هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالفصل في جميع
الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام، وكان القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص
بالأحكام العرفية ليس فيه ولا في غيره من القوانين أي نص على انفراد المحاكم
العسكرية بالاختصاص بالفصل في الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات، فإنه يجب
القول بأن المحاكم العسكرية إنما أنشئت لتؤدي عملها فيما يختص بهذه الجرائم بجانب
المحاكم العادية. وفي الحق فإن الاعتبارات التي تقتضي الخروج على الأصل وتستدعي
المحاكمة العسكرية فيما هو من اختصاص المحاكم العادية يجب أن يوكل أمر تقديرها إلى
الحاكم العسكري على حسب ظروف وملابسات الجرائم والدعاوى المختلفة. فإذا ما رأى
لسبب من الأسباب عدم تقديم قضية إلى المحاكم العسكرية، فذلك لا يمكن بداهة أن يكون
من شأنه إفلات الجاني من العقاب بمقتضى أحكام القانون العام، وإذا ما رأى وجوب
تقديم القضية إلى المحاكم العسكرية كان العمل برأيه متعيناً. ولذلك فإذا قدمت قضية
من القضايا المذكورة من النيابة العمومية إلى المحاكم العادية فلا يجوز لهذه
المحاكم أن تتخلى من تلقاء نفسها عن اختصاصها بمقولة إن المحاكم العسكرية مختصة
بالفصل فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق