جلسة 31 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية
السادة المستشارين: محمد راسم نائب رئيس المحكمة، جرجس إسحق، د. رفعت عبد المجيد
والسيد السنباطي.
----------------
(260)
الطعن
رقم 885 لسنة 52 القضائية
(1) التزام
"الدفع بعدم التنفيذ" حيازة. بيع "حق الحبس".
حق الحبس المقرر لحائز
العقار. م 246/ 1 مدني. عدم سريانه في حق أصحاب الحقوق العينية التي أشهرت قبل
ثبوته للحائز.
(2) إثبات
"شهادة الشهود". محكمة الموضوع.
تقدير أقوال الشهود
وترجيح شهادة شاهد على آخر. من إطلاقات قاضي الموضوع. عدم التزامه بيان أسباب هذا
الترجيح طالما لم يخرج عن مدلولها.
-------------------
1 - حق الحائز في حبس العقار مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - تنفيذاً للحق في الحبس الذي نصت عليه المادة 246/ 1 من القانون المدني
من أن "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض
الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم
بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا" ومن ثم فإن للحائز أن يحتج بالحق في
حبس العقار في مواجهة الغير ومن بينهم الخلف الخاص للبائع له، إلا أن هذا الحق لا
يسري على من يشهر حقه من أصحاب الحقوق العينية قبل أن يثبت للحائز الحق في حبس
العين، لأن الحق في الحبس لا يختلط بالحقوق العينية ولا يشاركها في مقوماتها ولا
يعطي لحائز الشيء الحق في التتبع والتقدم.
2 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع وترجيح شهادة شاهد على
شاهد آخر هو من إطلاقات قاضي الموضوع ولا شأن فيه لغير ما يطمئن إليه وجدانه، وليس
عليه أن يبين أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه
مدلولها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على
المطعون ضدهما الأولين الدعوى رقم 2634 لسنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة بطلب
الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 31/ 10/ 1978 المتضمن بيعهما لهم
الأرض الفضاء المبينة بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 9104 ج و400 م تدخل المطعون ضده
الرابع في هذه الدعوى بطلب رفضها تأسيساً على أنه اشترى ذات العين من المطعون
ضدهما الأولين بالعقد المؤرخ 27/ 12/ 1976 وقام بتسجيل الحاكم الصادر لصالحه في
الدعوى رقم 7453 لسنة 1978 مدني كلي القاهرة بصحة ونفاذ هذا العقد. وبتاريخ 28/ 1/
1981 حكمت المحكمة برفض الدعوى، كما أقام المطعون ضده الرابع الدعوى رقم 9556 لسنة
1979 مدني كلي شمال القاهرة طالباً الحكم في مواجهة الطاعنين بإلزام المطعون ضدهما
الأولين بتسليمه الأرض الفضاء سالفة البيان المباعة له منهما بالعقد المؤرخ 27/
12/ 1976 تدخل الطاعنون في الدعوى طالبين رفضها تأسيساً على شرائهم للأرض بالعقد
المؤرخ 31/ 10/ 1978 وأن عقد المطعون ضده الرابع صوري صورية مطلقة. وبتاريخ 16/ 4/
1980 حكمت المحكمة بعدم قبول تدخلهم، وبتسليم الأرض للمطعون ضده الرابع. استأنف الطاعنون
الحكم الصادر في كل من الدعويين أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 318
لسنة 98 ق و3347 لسنة 97 ق على التوالي وبتاريخ 18/ 2/ 1981 حكمت المحكمة في
الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول طلب التدخل
الهجومي المقدم من الطاعنين وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق
ليثبت الطاعنون بكافة طرق الإثبات أن عقد شراء المطعون ضده الرابع لأرض النزاع
صوري صورية مطلقة، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين قررت ضم الاستئناف
الأول والثاني، وحكمت بتاريخ 27/ 1/ 1983 برفضهما وتأييد الحكمين المستأنفين. طعن
الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك
أن الطاعن الأول مثل في الاستئنافين بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر مما كان
يوجب قبل الحكم فيهما إخبار النيابة العامة بوجود قصر في الدعوى وإذ أغفلت محكمة
الاستئناف اتخاذ هذا الإجراء فإن حكمها يكون باطلاً طبقاً لنص المادتين 89، 92 من
قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح، ذلك أن الثابت بملفي الاستئنافين أن النيابة قد أخطرت في الاستئناف رقم 3347
لسنة 97 ق بتاريخ 11/ 5/ 1980 وفي الاستئناف رقم 1318 لسنة 98 ق بتاريخ 16/ 2/
1981، مما يكون معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني من أسباب الطعن الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول
الطاعنون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بحقهم في حبس العين المباعة تحت يدهم
لحين استرداد ما أدوه من ثمن للمطعون ضدهما الأولين بالإضافة لقيمة ما أقاموه من
منشآت عليها بعد معاينتها بمعرفة أهل الخبرة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد
الحكم المستأنف بتسليم تلك العين إلى المطعون ضده الرابع دون أن يرد على هذا
الدفاع الجوهري الذي لو ثبت لتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً
بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن حق الحائز في حبس العقار مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنفيذاً
للحق في الحبس الذي نصت عليه المادة 246/ 1 من القانون المدني من أن "لكل من
التزم" بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام
مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين
كاف للوفاء بالتزامه هذا" ومن ثم فإن للحائز أن يحتج بالحق في حبس العقار في
مواجهة الغير ومن بينهم الخلف الخاص للبائع له، إلا أن هذا الحق لا يسري على من
يشهر حقه من أصحاب الحقوق العينية قبل أن يثبت للحائز الحق في حبس العين، لأن الحق
في الحبس لا يختلط بالحقوق العينية ولا يشاركها في مقوماتها ولا يعطي لحائز الشيء
الحق في التتبع والتقدم، وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده
الرابع قد سجل الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 7453 لسنة 1978 بصحة ونفاذ عقد
مشتراه للعين محل النزاع والمؤرخ 27/ 12/ 1976 وذلك بتاريخ 11/ 5/ 1980 وارتد أثر
هذا التسجيل إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى المذكورة في 28/ 6/ 1978 أي قبل شراء
الطاعنين لذات العين بالعقد المؤرخ 31/ 10/ 1978 ومن ثم فإنه لا يجوز لهم التمسك
بالحق في حبس العين في مواجهة المطعون ضده الرابع الذي قام بشهر حقه قبل أن يثبت
للطاعنين الحق في حبسها، لما كان ذلك وكان الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه
هو الدفاع الجوهري المنتج في الدعوى مما قد يتغير به وجه الرأي فيها، وكان ما ذهب
إليه الطاعنون من تمسكهم أمام محكمة الاستئناف بالحق في حبس العين وعلى ما سلف
بيانه غير مؤثر في النزاع المطروح أمامها، فإنه لا على الحكم المطعون فيه أن هو لم
يرد على هذا الدفاع ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي
بيان ذلك يقولون إنه رغم ما ساقوه من قرائن مؤيدة لشهادة شهودهم بصورية عقد شراء
المطعون ضده الرابع إلا أن الحكم أطرح دلالتها في هذا الصدد ورجح عليها أقوال شهود
النفي دون الإفصاح عن سبب الاطمئنان إلى شهادتهم.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها، وترجيح شهادة شاهد على
شاهد آخر هو من إطلاقات قاضي الموضوع، ولا شأن فيه لغير ما يطمئن إليه وجدانه،
وليس بلازم أن يبين أسباب هذا الترجيح ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه
مدلولها، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود المطعون ضده الرابع في نفي
ما ادعاه الطاعنون من صورية عقد شرائه، فإنه لا عليها بعد ذلك إن هي لم تصرح
بأسباب اطمئنانها لأقوالهم دون أقوال الشهود الآخرين، أو تتحدث عما ساقه الطاعنون
من قرائن غير قانونية تأييد لدفاعهم، طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله،
ويكون النعي بهذا السبب مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام
محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق