جلسة 18 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، واميل جبران، وأحمد حسن هيكل،
والسيد عبد المنعم الصراف.
-------------------
(1)
الطلب
رقم 37 لسنة 29 ق "رجال القضاء"
(أ) قضاة. "معاش أو مكافأة".
استقالة القاضي لا يترتب
عليها سقوط حقه في المعاش أو المكافأة. تسوية أيهما على أساس آخر مرتب سواء كان
انتهاء الخدمة بسبب الاستقالة أم لأي سبب آخر.
(ب) قانون. "استدراك الخطأ المادي أو المطبعي".
"حجيته".
تصويب الخطأ المادي أو
المطبعي. اعتباره جزءاً من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته. تجاوز الاستدراك
هذا النطاق وانطواؤه على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى. لا حجية له ولا أثر
له بالنسبة للنص الأصلي الذي يتعين إعمال أحكامه.
(ج) قانون. "التفسير التشريعي". "الأثر الرجعي
للقانون".
النص القانوني الجديد.
عدم انعطاف أثره على الماضي ما لم ينص على سريانه استثناء بأثر رجعي أو كان نصاً
مفسراً للنص القديم.
-----------------
1 - تنص المادة 75 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 على
أنه "استثناء من أحكام موظفي الدولة وقوانين المعاشات لا يترتب على استقالة
القاضي سقوط حقه في المعاش أو في المكافأة. وفي جميع الأحوال يسوى معاش أو مكافأة
القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". ومفاد هذا النص هو إطلاق الحكم على
جميع الحالات بإجراء تسوية المعاش أو المكافأة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه
القاضي وذلك دون تفرقة بين ما إذا كان انتهاء خدمته بسبب استقالته أم لأي سبب آخر.
2 - الاستدراك الذي ينشر بالجريدة الرسمية لتصحيح نص بالقانون هو
وسيلة تتخذ لتدارك ما عسى أن يكون قد اكتنف النص الأصلي من أخطاء مادية أو مطبعية
عند نشره بقصد تصويبها ويعتبر التصويب عندئذ جزءاً من النص التشريعي المصحح وله
نفس قوته فإذا جاوز الاستدراك هذا النطاق وانطوى على تغيير في النص المنشور لفظاً
ومعنى فهو تعديل له من جهة لا تملكه لا يجوز إلا بصدور قانون آخر ولا ينال من النص
الأصلي الذي يتعين إعمال أحكامه.
3 - متى كان النص القانوني الجديد ليس مفسراً للنص القديم بل كان
في حقيقته تعديلاً له بحكم يخالفه ولم ينص في التشريع الجديد على سريانه استثناء
بأثر رجعي فإنه لا ينعطف أثره على الماضي ولا ينطبق على الوقائع السابقة عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد
المرافعة والمداولة.
حيث إن الطلب استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من سائر الأوراق - تتحصل في أن الطالب تقدم في 30/ 7/ 1959 إلى الهيئة العامة
للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض بطلب الحكم بتعديل قرار ربط المعاش الوارد
بالسركي الخاص به وربطه على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه وإلزام وزارتي العدل
والخزانة بأداء المعاش على الأساس المعدل وبرد ما استقطع منه بدون وجه حق عن المدة
من أول يوليه سنة 1959 إلى تاريخ الحكم في الدعوى - وقال شرحاً لطلبه إنه التحق
بالقضاء في 16 مارس سنة 1944 وتدرج في مناصبه إلى أن عين مستشاراً بمحكمة استئناف
أسيوط في 31 يوليه سنة 1956 بمرتب سنوي قدره 1300 ج ابتداء من سبتمبر سنة 1956،
زيد إلى 1400 ج ابتداء من سبتمبر سنة 1958، وأنه بلغ سن التقاعد في 22 مايو سنة
1959 وظل بالخدمة حتى أول يوليه سنة 1959 عملاً بالفقرة الثانية من المادة 74 من
القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية، وقد ربط معاشه باعتبار متوسط
مرتبه في السنة الأخيرة استناداً إلى الفقرة الأخيرة من المادة 15 من المرسوم
بقانون رقم 37 سنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية - وجاء ربطه على هذا الأساس
مخالفاً لنص الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن قانون
السلطة القضائية وهو نص صريح يسوى بمقتضاه معاش أو مكافأة القاضي على أساس آخر
مرتب كان يتقاضاه وذلك في جميع الحالات وبغير تفرقة بين حالة وأخرى، ولا عبرة
بالاستدراك الذي نشر بالعدد 49 من الجريدة الرسمية في 12 مارس سنة 1959 - بحجة أن
هناك أخطاء مطبعية وقعت عند نشر القانون رقم 56 لسنة 1959 - والذي جاء به يستبدل
بنص الفقرة الثانية من المادة 75 النص الآتي - "ويسوى معاش أو مكافأة القاضي
في هذه الحالة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". أي قصر تسوية معاش أو مكافأة
القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه على حالة الاستقالة فقط، ذلك أن هذا
الاستدراك يخالف تمام المخالفة ما نصت عليه الفقرة المستبدلة وينطوي على تعديل
لها، وهو ما لا يجوز إلا بتشريع جديد - وبتاريخ 26 أكتوبر سنة 1963 قررت الهيئة
العامة للمواد المدنية والتجارية إحالة الطلب إلى هذه الدائرة لاختصاصها بنظره
عملاً بالمادة 90 من قانون السلطة القضائية بعد تعديلها بالقانون 74 سنة 1963 -
وقدمت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطلب مستندة في ذلك إلى أن نص
الفقرة الثانية من المادة 75 قد اكتنفه بعض أخطاء مادية عند نشره وأن العبرة بالنص
الوارد بالاستدراك لأنه لا يعد تعديلاً للتشريع وإنما هو من قبيل لفت النظر إلى
وقوع خطأ مادي وتصحيحه، وإلى أن النص مطابق لأصل التشريع قبل نشره - كما استندت
إلى أن المشرع قد فسر الفقرة الثانية من المادة 75 من قانون السلطة القضائية
بالقانون رقم 74 لسنة 1963 إذ نصت الفقرة الثانية بعد تعديلها على أنه "يسوى
المعاش أو المكافأة في هذه الحالة وفقاً لقواعد المعاشات والمكافآت المقررة
للموظفين بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر"، فقصر بذلك تسوية المعاش أو المكافأة
على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه القاضي على حالة الاستقالة فقط. وقدمت النيابة
مذكرة رأت فيها وجوب إطلاق النص ومعاملة الطالب على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه وفق
ما جاء بالنص عند نشره وقبل تصحيحه بالاستدراك كما رأت النيابة أن النص الذي أورده
القانون رقم 74 سنة 1963 لا يعد تفسيراً للمادة 75 سالفة الذكر وإنما هو تعديل لها
وأنه ما دامت الواقعة المنشئة لحق الطالب - وهي انتهاء الخدمة - قد تمت واكتملت
عناصرها قبل هذا التعديل فهو لا ينصرف إليها.
وحيث إن قانون السلطة
القضائية رقم 56 لسنة 1959 المنشور بالجريدة الرسمية في 21/ 2/ 1959 بالعدد رقم 33 مكرر ب غير اعتيادي نص بالمادة 75 منه على أنه:
"استثناء من أحكام موظفي الدولة وقوانين المعاشات لا يترتب على استقالة
القاضي سقوط حقه في المعاش أو في المكافأة - وفي جميع الأحوال يسوى معاش أو مكافأة
القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". ومفاد هذا النص هو إطلاق الحكم على
جميع الحالات بإجراء تسوية المعاش أو المكافأة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه
القاضي وذلك دون تفرقة بين ما إذا كان انتهاء خدمته بسبب استقالته أم لأي سبب آخر
- ولا يقدح في إطلاق النص ما نشر في 12/ 3/ 1959 بالعدد رقم 49 من الجريدة الرسمية
من أنه "يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 75 النص الآتي - ويسوى المعاش
أو المكافأة في هذه الحالة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". إذ أن هذا النص
وإن وصف بأنه استدراك قصد به تصحيح أخطاء مطبعية وردت بالنص الأصلي، إلا أنه في
حقيقته مما لا ينطبق عليه هذا الوصف، ذلك أن الاستدراك هو وسيلة تتخذ لتدارك ما
عسى أن يكون قد اكتنف النص الأصلي من أخطاء مادية أو مطبعية عند نشره بقصد
تصويبها، ويعتبر التصويب عندئذ جزءاً من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته، فإذا
جاوز الاستدراك هذا النطاق وانطوى على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى فهو
تعديل له لا يجوز إلا بصدور قانون آخر - لما كان ذلك، وكان النص اللاحق الذي نشر
في 12/ 3/ 1959 يحمل على ما سلف بيانه - تغييراً أساسياً للفقرة الثانية من المادة
75 من قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1959، وكان ما ادعته - وزارة العدل من أن
النص اللاحق المشار إليه تصحيح لخطأ مطبعي وأنه يطابق أصل التشريع قبل نشره، هو
قول لم يقم عليه أي دليل، فإن هذا النص والحال كذلك إنما هو تعديل لأصل التشريع
صدر من جهة لا تملكه ولا ينال بالتالي من النص الأصلي الذي يتعين إعمال أحكامه
التي أحيل الطالب إلى المعاش في ظلها بتاريخ 22 مايو سنة 1959 - ولا يغير من ذلك
ما طرأ على النص من تعديل بموجب القانون رقم 74 لسنة 1963 تضمن الآتي "ويسوى
المعاش أو المكافأة في هذه الحالة - أي حالة استقالة القاضي المنصوص عليها بالفقرة
الأولى - وفقاً لقواعد المعاشات المقررة للموظفين بسبب إلغاء الوظيفة أو
الوفر" ولا ما تثيره الوزارة من وجوب إعمال هذا النص الجديد استناداً منها
إلى أنه مفسر للنص القديم وليس معدلاً له، ذلك أن النص القديم لم يكتنفه غموض أو
إبهام يستلزم إصدار تشريع مفسر له يعتبر جزءاً منه ويمتد إلى حكم ما تم في ظله،
والنص الجديد ليس مفسراً للنص القديم بل هو في حقيقته تعديل له بحكم يخالفه، وإذ
لم ينص في التشريع الجديد على سريانه استثناء بأثر رجعي فلا ينعطف أثره على الماضي
ولا ينطبق على الوقائع السابقة عليه، ومن ثم فلا يسري على حالة الطالب الذي اكتملت
عناصر الواقعة المنشئة لحقه وهي إحالته إلى المعاش في ظل النص قبل تعديله - لما
كان ما تقدم فإنه يتعين تعديل قرار ربط المعاش المستحق للطالب بجعله على أساس آخر
مرتب كان يتقاضاه في تاريخ إحالته إلى المعاش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق