برياسة السيد المستشار / نصر الدين عزام, وعضوية السادة المستشارين:
سعد الدين عطية, ومحمود عطيفة, وطه الصديق دنانة, وعبد الحميد الشربيني.
-------------
إثبات "خبرة". إصابة
خطأ . قتل " قتل خطأ". حكم "
بيانات الحكم . التسبيب المعيب".
وجوب اتخاذ المحكمة الوسائل اللازمة لتحقيق المسائل الفنية حق المحكمة
الاستناد إلى الحقائق الثابتة علميا ، لا يجيز لها أن تستند في تفنيد المسائل
الفنية إلى ما قد يختلف الرأي فيه انتهاء الحكم إلى أن قائد السيارة الحريص يمكنه
التحكم في عجلة القيادة وتلافى وقوع أي حادث يرجع إلى انفجار إحدى إطاراتها دون أن
يبين سنده في هذه المسائل الفنية ودون الاستعانة بخبير قصور .
من المقرر أنه متى واجهت المحكمة مسألة فنية، فإن عليها أن تتخذ ما
تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها، وأنه وإن كان لها أن تستند في
حكمها إلى الحقائق الثابتة علمياً، إلا أنه لا يحق لها أن تقتصر في تفنيد تلك
المسألة إلى ما قد يختلف الرأي فيه. وإذ كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد
ذهب إلى أن قائد السيارة الحريص يمكنه التحكم في عجلة القيادة وتلافي وقوع أي حادث
بسبب انفجار إحدى إطارات السيارة، دون أن يبين سند هذا الرأي في هذه المسألة
الفنية، وكانت المحكمة قد أرجعت خطأ الطاعن إلى هذه المسألة الفنية التي تصدت لها
دون الاستعانة بخبير، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 13/10/1968 بدائرة مركز قوص
محافظة قنا: (أولا) تسبب خطأ في موت ..... و..... و..... وكان ذلك ناشئا عن إهماله
وعدم احتياطه وتحرزه ومراعاته اللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص
والأموال للخطر مما تسبب في انفجار العجلة الأمامية اليسرى واختلال توازن السيارة
فصدمت المجني عليهم الثلاثة. وانقلابها في ترعة الطلابية وإصابتهم والمجني عليه
الأول بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أدت إلى وفاتهم (ثانيا) تسبب خطأ
في إصابة .... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وتحرزه ومراعاته اللوائح
بأن قاد سيارة بكيفية تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر مما أدى إلى انقلابها على
النحو سالف الذكر وحدثت إصابة المجني عليه الموصوفة بالتقرير الطبي. (ثالثا) قاد
سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمواد 238/1 - 3
و244/1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و8 و81/90 من القانون رقم 449 لسنة 1955
وقرار الداخلية. ومحكمة قوص الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من
قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة قدرها عشرون جنيها لإرجاء
التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية -
قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن
وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمتي
القتل والإصابة الخطأ قد أخطأ في الإسناد وشابه فساد في الاستدلال وقصور في
التسبيب، ذلك بأن استند في إدانة الطاعن إلى ما نسبه للشاهد .... من أنه قرر في
تحقيقات الشرطة والنيابة أن الطاعن كان يقود السيارة وبسرعة شديدة جداً، مع أن
الثابت في تحقيق النيابة أن الشاهد المذكور قرر بأنه لا يعرف سرعة السيارة كما أنه
لم يقرر شيئاً بخصوص السرعة في محضر الشرطة. هذا إلى أن الحكم عول في قضائه على
تقرير خاطئ هو أنه لو كان الطاعن يقظاً قابضاً على عجلة القيادة بكلتا يديه
لاستطاع لحظة انفجار إطار السيارة التحكم في عجلة القيادة بحيث لا تنحرف السيارة
يمنة أو يسرة إلى أن يبطئ حركتها بطريقة تدريجية يتفادى بها وقوع الحادث. وهذه
الصورة من صور الخطأ أقامها الحكم على أساس نظري بعيد عن الواقع وما يلابسه من
مؤثرات فضلاً عن الاعتبارات الفنية الأخرى التي ما كان يسوغ للمحكمة أن تشق طريقها
إليها دون الاستعانة برأي فني.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل
بالحكم المطعون فيه أنه أثبت توافر عنصر الخطأ في حق الطاعن من أمرين: أولهما
قيادته السيارة بسرعة واستند في التدليل على ذلك - من بين ما استند إليه - على
أقوال كل من شاهدي الإثبات .... و.... ونسب إليهما أنهما قررا في تحقيقات الشرطة
والنيابة أن السيارة كانت قادمة بسرعة شديدة جداً، وثانيهما أنه لم يكن يقظاً
حريصاً قابضاً على عجلة القيادة بكلتا يديه وإلا لاستطاع لحظة انفجار الإطار أن
يتحكم في عجلة القيادة فلا تنحرف السيارة يميناً أو يساراً إلى أن يبطئ حركتها
مستعملاً الفرامل بطريقة تدريجية يتفادى بها وقوع الحادث. لما كان ذلك, وكان يبين
من المفردات المضمومة أن الشاهد .... لم يقرر شيئاً في محضر الشرطة بخصوص سرعة
السيارة التي كان يقودها الطاعن، كما أنه قرر في تحقيقات النيابة لدى سؤاله عن
السرعة التي كانت تسير عليها السيارة وقت مشاهدته إياها "مشفتش السرعة وما
أعرفش فيها بس هي انحرفت في الترعة". ولما كان ما أجراه الحكم على لسان
الشاهد سالف الذكر يخالف الثابت في الأوراق فإنه يكون قد انطوى على خطأ في الإسناد
مما يعيبه، ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد
الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط
أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي
الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن
السائق الحريص يمكنه التحكم في عجلة القيادة وتلافي وقوع أي حادث بسبب انفجار إحدى
إطارات السيارة دون أن يبين سنده في هذا الرأي. وكان من المقرر أنه متى واجهت
المحكمة مسألة فنية - كهذه التي واجهتها في الدعوى المطروحة - فإن عليها أن تتخذ
ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها، وأنه وإن كان لها أن تستند
في حكمها إلى الحقائق الثابتة علمياً إلا أنه لا يحق لها أن تقتصر في تفنيد تلك
المسألة إلى ما قد يختلف الرأي فيه، وكانت المحكمة قد أرجعت خطأ الطاعن إلى هذه
المسائل الفنية التي تصدت لها دون الاستعانة بالخبير الفني، فإن حكمها يكون مشوباً
بالقصور. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالخطأ في الإسناد
والفساد في الاستدلال فضلاً عن القصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة
دون حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق