جلسة 8 من فبراير سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ زغلول البلشي ، رفعت حنا ، مهاد خليفة نواب رئيس المحكمة ومجدي شبانة .
----------
(15)
الطعن 3391 لسنة 79 ق
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع الأسباب
والتقرير بالطعن بالنقض بعد الميعاد المقرر قانوناً. أثرهما : عدم قبول الطعن شكلاً
. أساس ذلك ؟
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة
الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى"
"سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها".
استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
وزن أقوال
الشهود وتقديرها. موضوعي .
أخذ محكمة
الموضوع بشهادة شاهد . مفاده ؟
الجدل
الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " استعراف " " معاينة ".
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
عدم رسم القانون صورة خاصة لتعرف الشاهد على المتهم.
لمحكمة الموضوع الأخذ بتعرف شاهد على المتهم ولو لم يجر
عرضه في جمع من أشباهه. متى اطمأنت إليه . علة ذلك؟
طلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث أو إجراء تجربة
للتحقق من رؤية الشهود له وسائر المتهمين وقت مقارفتهم للحادث . عدم جواز
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) فاعل أصلي . اشتراك . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم المطعون فيه إسهام الطاعن بنصيب في الأفعال
المادية المكونة للجريمة بتواجده على مسرحها مع باقي المتهمين وقيامهم جميعاً
بالسرقة مع حمل بعضهم سلاحاً . كاف لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين.
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها .
غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) استدلالات . إثبات " بوجه عام". محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة التعويل على
تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . مادامت قد عرضت على بساط البحث
.
(6) إثبات " بوجه عام" . دفاع " الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي
دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً. استفادة الرد عليها من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم.
مثال.
(7) طفل . عقوبة " تطبيقها ". ظروف مخففة .
قانون " تفسيره" "تطبيقه". سرقة "سرقة بإكراه". حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب".
المواد 72 عقوبات ، 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن
الأحداث ، 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن
الطفل . مفادها ؟
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن الطفل بجريمة السرقة
المعاقب عليها بالمادة 315 عقوبات ومعاملته بالرأفة طبقاً للمادة 17 من القانون
ذاته ومعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات
صحيح. تمسكه بوجوب معاملته بالمادة 111 من قانون الطفل . غير جائز.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ــــ لما كـــــان المحكوم
عليه ... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يـودع أسباباً لطعنه، أما المحكوم عليه "..." فإن الحكم
المطعون فيه صدر بتاريخ .... فلم يقرر بالطعن فيه بطريق النقض إلا بتاريخ ....
متجاوزاً في ذلك الميعاد المقرر قانوناً ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن
المرفوع من كل منهما عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2ـ من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحـث الصـورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير
محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال
شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن استحالة حدوث
الواقعة وفق تصوير الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به
محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
3- من المقرر أن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل بها إذا لم
يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر
عرضه في جمع من أشباهـه ، ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة
إلى صدق الشاهد نفسه، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد دفاع الطاعن في شأن بطــــلان
عملية العــــرض رد عليه باطمئنان المحكمة إلى أقوال الشاهد الرابع وتعرفه عليه،
وهو أمر تملكه محكمة الموضوع وحدها وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن
المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث بل اقتصر في
مرافعته على التشكيك في أدلة الثبوت في الدعوى، كما أنه لم يطلب من المحكمة إجراء
تجربة للتحقق من رؤية الشهود له وسائر المتهمين وقت مقارفتهم للحادث، فإنه لا يحق
له من بعد أن يثير هذين الأمرين لأول مرة أمام محكمة النقض.
4- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت
في حق الطاعن إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهي تواجده على
مسرح الجريمة مع سائر المتهمين وقيامهم جميعاً بالسرقة مع حمل المتهمين الأول
والثاني سلاحاً وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعــــــاً فاعلين أصليين فيها، فإن ما
ينعاه الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن
يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا
تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء
بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت
على بساط البحث، ومن ثم يضحـى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
6- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه
المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة
الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن في خصوص اختلاف المبلغ
المضبوط عن المسروق لا يكون له محل .
7- لما كان النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم ينزل بالعقوبة التي
قضى بها على الطاعن إلى عقوبة الحبس لا يصادف صحيح القانون : ذلك بأن المادة 72 من
قانون العقوبات - قبل إلغائها - كانت تنص على أنه: " لا يحكم بالإعدام ولا
بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد عمره على خمس عشرة سنة
ولم يبلغ سبع عشرة سنة كاملة". وفي هذه الحالة يجب على
القاضي أن يبيـن أولاً العقوبــــة الواجـــب تطبيقها بقطع النظر عن هذا النص مع
ملاحظة موجبات الرأفة إن وجدت ، فإن كانت العقوبة هي الإعدام أو الأشغال الشاقة
المؤبدة يحكم بالسجن مدة لا تنقص عن عشر سنين ، وإن كانت الأشغال الشاقة المؤقتة
يحكم بالسجن وقد استقر الفقه والقضاء في ظل تطبيق هذا النص ـ المنقول عن نص المادة
66 من قانون العقوبات الصادر سنة 1904 ـ على أن القانون يفترض فيمن بلغ الخامسة
عشرة أن إدراكه قد كمل وأصبح أهلاً لحمل مسئولية أفعاله كاملة ، من أجل ذلك توقع
عليه العقوبات العادية . غير أنه رؤى أن يجنب من يكون في هذه السن عقوبتي الإعدام
والأشغال الشاقة لأن في تنفيذ الأولى قسوة لا تقبلها النفوس، وعقوبة الأشغال
الشاقة أشد من أن تحتملها بنيته فتعرضها للتلف. وأن كل ما يتطلبه القانون بهذا
النص ألا يحكم على من يكون في هذه المرحلة من العمر بعقوبة الإعدام أو الأشغال
الشاقة بنوعيها، فلا يلجأ لهذا النص إلا إذا رأت محكمة الجنايات أن تحكم عليه
بعقوبة منها، فإن أمكن تلافيها بوسيلة أخرى فلا حاجة له. ولذلك نصت المادة
المذكورة صراحة على وجوب مراعاة موجبات الرأفة إن وجدت قبل تطبيق النص، فإذا نزلت
العقوبة بتطبيق ظروف الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات عن عقوبـــــة الأشغال
الشاقة المؤقتة بأن صارت سجناً أو حبساً فلا تطبق المادة 72 المشار إليها لأن
أغراض الشارع قد تحققت. وإذ ألغيت المادة 72 من قانون العقوبات بالقانون رقم 31
لسنة 1974 بشأن الأحداث، حلت محلها المادة 15 من هذا القانون فنصت على قاعدة
استبعاد عقوبتي الإعدام والأشغال الشاقة بنوعيها دون أن تشير إلى مبررات الرأفـة،
إلا أن الرأي ظـل مستقراً على ما كان عليه في ظل المادة 72 من قانون العقوبات .
على ما سلف بيانه. وأخيراً فقد حل قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996
محل قانون الأحداث ونص في المادة 111 المعدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ـ الذي يسرى على واقعة الطعن الماثل ـ على أنه: "
لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز
سن الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة. ومع عدم الإخلال بحكم
المادة 17 من قانون العقوبات، إذا ارتكب الطفل الذي تجاوز سن خمس عشرة سنة جريمة
عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجـــن ، وإذا كانت الجريمة
عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. ويجوز
للمحكمة بدلاً من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم عليه بالتدبير المنصوص عليه في البند
(8) من المادة (101) من هذا القانون " ومن ثم فقد عاد المشرع ـ بإشارته
الصريحة للمادة 17 من قانون العقوبات ـ إلى ما كان عليه في ظل المادة 66 من قانون
العقوبات الصادر سنة 1904 ثم المادة 72 الملغاة من قانون العقوبات القائم، مؤكداً
بذلك ما استقر عليه الفقه والقضاء من فهم لمقصد المشرع من معاملة الطفل الذي جاوز
سن الخامسة عشرة على ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
والذي دان الطاعن ــــ بجريمة السرقة المعاقب عليها بالمادة 315 من قانون العقوبات
بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت ـــ قد عامله بالرأفة في الحدود المقررة بالمادة 17
من قانون العقوبات فنزل بالعقوبة المقررة إلى عقوبة السجن ثلاث سنوات ـ وهي عقوبة
يجوز الحكم بها على الطفل ـ فإنه لا يجوز له أن يتمسك بوجوب معاملته بالمادة 111
من قانون الطفل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1ـ ... طاعن. 2ـ.... 3ـ.... 4ـ ... " طاعن
" 5ــ ... "طاعن" بأنهم: أ- المتهمين جميعاً: سرقوا المنقول والمبلغ
النقدي المبينين وصفاً وقدراً بالتحقيقات والمملوكين للمجني عليهما
"..." و"...." وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليهما بأن اعترضوهما وأشهر المتهمان الأول والثاني سلاحين
أبيضين (مطواة وسنجة) مهددين إياهما بالإيذاء فشلا بذلك مقاومتهما وتمكنا بذلك من
الاستيلاء على المسروقات سالفة البيان بينما وقف باقي المتهمين بمسرح الجريمة يشدوا
من أزرهما وكان ذلك ليلاً بالطريق العام حال كونهم خمسة أشخاص.
ب- المتهمين الأول الثاني: أحرزا بغير ترخيص سلاحين
أبيضين (مطواة قرن غزال وسنجة).
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً
عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات والمادتين 1/1، 25 مكرراً /1 من القانون رقم
394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمي 5 ، 7 من الجدول رقم 1 الملحق والمواد 95، 111، 112 من قانون
الطفل رقم 12 لسنة 1996 مع إعمال المواد 17، 30، 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهم
بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه
"..." وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه،
أما المحكوم عليه "..." فإن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ .... فلم يقرر
بالطعن فيه بطريق النقض إلا بتاريخ ... متجاوزاً في ذلك الميعاد المقرر قانوناً
ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المرفوع من كل منهما عملاً بنص المادة 34 من
قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن ".... " ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخرين بجريمة السرقة بطريق الإكراه ليلاً بالطريق
العام مع حمل سلاح قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال
بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في إدانته على أقوال شهود الإثبات
رغم عدم صحتها واستحالة حدوث الواقعة وفق تصويرهم لها وبالمكان المدعى به، ونازع الطاعن في إمكانية أن يرى الشاهد ....
الحادث وقت وقوعه لحلكة الظلام ، ودفع ببطلان تعرفه على المتهمين ، فلم تحقق
المحكمة دفاعه هذا بإجراء تجربة للرؤية ومعاينة لمكان الحادث ، وردت عليه بما لا يسوغ
، كـما تمسك الطاعن بأنـه لــم يكـن لــه دور على مسرح
الحادث وأن ما قيل بضبطه معه من نقود لا يخص المجني عليه، فاطرح الحكم دفاعه جملة
بعبارة قاصرة وعول على تحريات المباحث وحدها وهي لا تصلح دليلاً ، وأخيراً أخطأ
الحكم في تطبيـق القانون إذ أعمل في حقه المادة 17 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبتـــه
بالسجن ثلاث سنوات وكان يتعين على المحكمة وقد أخذته بالرأفة النزول بعقوبة السجن
إلى عقوبة الحبس عملاً بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، كل ذلك مما يعيب الحكم
ويوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها
في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها
على بساط البحـث الصـورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن
تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في
العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي
يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد
فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ
بها ، كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن
ما يثيره الطاعن بشأن استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير الشهود ينحل إلى جدل موضوعي
في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة
عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة
خاصة يبطل بها إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد
على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهـه ، ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة
هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد
دفاع الطاعن في شأن بطلان عملية العرض رد عليه باطمئنان المحكمة إلى أقوال الشاهد
الرابع وتعرفه عليه ، وهو أمر تملكه محكمة الموضوع وحدها وكان الثابت من مطالعة
محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء
معاينة لمكان الحادث بل اقتصر في مرافعتــه على التشـكيك
في أدلة الثبوت في الدعوى، كما أنه لم يطلب
من المحكمة إجراء تجربة للتحقق من رؤية الشهود له وسائر المتهمين وقت مقارفتهم للحادث ، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير
هذين الأمرين لأول مرة أمام محكمة النقـــض
. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن
إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهي تواجده على مسرح الجريمة مع
سائر المتهمين وقيامهم جميعاً بالسرقة مع حمل المتهمين الأول والثاني سلاحاً وهو
ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل
على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة
المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة
النقض. وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، ومن ثم
يضحـى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة
يثيرها على استقلال، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها
الحكم فإن ما ينعاه الطاعن في خصوص اختلاف المبلغ المضبوط عن المسروق لا يكون له
محل. أما عن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم ينزل بالعقوبة التي قضى بها على
الطاعن إلى عقوبة الحبس فهو لا يصادف صحيح القانون: ذلك بأن المادة 72 من قانون العقوبات
ـ قبل إلغائها ـ كانت تنص على أنه: " لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة
المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد عمره على خمس عشرة سنة ولم يبلغ سبع عشرة
سنة كاملة". وفي هذه الحالة يجب على القاضي أن يبين أولاً العقوبة الواجب
تطبيقها بقطع النظر عن هذا النص مع ملاحظة موجبات الرأفة إن
وجدت ، فإن كانت العقوبة هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم بالسجن مدة لا
تنقص عن عشر سنين ، وإن كانت الأشغال الشاقة المؤقتة يحكم بالسجن وقد استقر الفقه
والقضاء في ظل تطبيق هذا النص . المنقول عن نص المادة 66 من قانون العقوبـات الصادر سنـة
1904. على أن القانون يفترض فيمن بلغ الخامسة عشــرة أن إدراكه قد كمل وأصبح أهــلاً
لحمل مسئوليــة أفعاله كاملة ، من أجل ذلك توقع عليه العقوبات
العادية . غير أنه رؤى أن يجنب من يكون في هذه السن عقوبتي الإعدام والأشغال
الشاقة لأن في تنفيذ الأولى قسوة لا تقبلها النفوس، وعقوبة الأشغال الشاقة أشد من
أن تحتملها بنيته فتعرضها للتلف. وأن كل ما يتطلبه القانون بهذا النص ألا يحكم على
من يكون في هذه المرحلة من العمر بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة بنوعيها، فلا
يلجأ لهذا النص إلا إذا رأت محكمة الجنايات أن تحكم عليه بعقوبة منها، فإن أمكن
تلافيها بوسيلة أخرى فلا حاجة له. ولذلك نصت المادة المذكورة صراحة على وجوب
مراعاة موجبات الرأفة إن وجدت قبل تطبيق النص، فإذا نزلت العقوبة بتطبيق ظروف
الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات عن عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بأن
صارت سجناً أو حبساً فلا تطبق المادة 72 المشار إليها لأن أغراض الشارع قد تحققت. وإذ
ألغيت المادة 72 من قانون العقوبات بالقانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، حلت
محلها المادة 15 من هذا القانون فنصت على قاعدة استبعاد عقوبتي الإعدام والأشغال
الشاقة بنوعيها دون أن تشير إلى مبررات الرأفـة، إلا أن الرأي ظـل مستقراً على ما
كان عليه في ظل المادة 72 من قانون العقوبات . على ما سلف بيانه. وأخيراً فقد حل
قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 محل قانون الأحداث ونص في المادة
111 المعدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008. الذي يسرى على واقعة الطعن الماثل . على أنه: " لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن
المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سن الثامنة عشرة سنة ميلادية
كاملة وقت ارتكاب الجريمة. ومع عدم الإخلال بحكم المادة 17 من قانون العقوبات، إذا
ارتكب الطفل الذي تجاوز سن خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو
السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس
مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم
عليه بالتدبير المنصوص عليه في البند (8) من المادة (101) من هذا القانون "
ومن ثم فقد عاد المشرع ـ بإشارته الصريحة للمادة 17 من قانون العقوبات ـ إلى ما
كان عليه في ظل المادة 66 من قانون العقوبات الصادر سنة 1904 ثم المادة 72 الملغاة
من قانون العقوبات القائم، مؤكداً بذلك ما استقر عليه الفقه والقضاء من فهم لمقصد
المشرع من معاملة الطفل الــذي جاوز سن الخامسة عشرة علـى ما
سلف بيانه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه والذي دان الطاعن - بجريمة السرقة المعاقب عليها بالمادة 315
من قانون العقوبات بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت - قد عامله بالرأفة في الحدود
المقررة بالمادة 17 من قانون العقوبات فنزل بالعقوبة المقررة إلى عقوبة السجن ثلاث
سنوات- وهي عقوبة يجوز الحكم بها على الطفل - فإنه لا يجوز له أن يتمسك بوجوب
معاملته بالمادة 111 من قانون الطفل، ويكون الطعن برمته على غير أساس حرياً
بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق