الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 مايو 2016

انتفاء مصلحة المدعي المدني في النعي بوقف وانقطاع مدة انقضاء الدعوى الجنائية

الطعن 151 لسنة 34 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 151 لسنة 34 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام ضد المدعى عليه الخامس، بطريق الادعاء المباشر، الدعوى رقم 2248 لسنة 2004 أمام محكمة جنح قصر النيل؛ بطلب الحكم بمعاقبته بمقتضى المادتين 336 و337 من قانون العقوبات، وبإلزامه بأن يؤدي إليه تعويضا مؤقتًا مقداره 2001 جنيه، لإصداره للمدعي شيكًا بمبلغ 81500 دولار، مسحوبا على المصرف العربي الدولي "فرع القاهرة"، دون رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وبجلسة 21/4/2004 قضت المحكمة غيابيا بحبسه ثلاث سنوات مع الشغل، وألزمته أن يؤدي للمدعي 2001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، فطعن المدعى عليه الخامس على هذا الحكم بطريق المعارضة, وبجلسة 11/7/2012 دفع المدعي بعدم دستورية نصي المادتين (16) و(17) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (16) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "لا يوقف سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية لأي سبب كان". 
وتنص المادة (17) من القانون ذاته على أن: "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أُخطر بها بوجه رسمي، وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع
وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة، فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وكان من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مخالفة النص التشريعي المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعي - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررا مباشرا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة، وبالتالي لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان معا مفهومها؛ أولهما: أن يقيم المدعي – في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، وليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تُحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا عن هذا النص ومترتبا عليه؛ فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى عما كان عليه عند رفعها
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المشرع الجنائي، وإن خول المدعي بالحقوق المدنية في بعض الجرائم التي يجوز فيها الادعاء المباشر سلطة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون، إلا أن هذه السلطة تقف عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوطة بالنيابة العامة وحدها باعتبارها نائبا قانونيا عن المجتمع، ويقتصر دور المدعي بالحقوق المدنية على دعواه المدنية؛ فيباشر بالنسبة لها ما يباشره كل خصم في الدعوى المدنية التي يقيمها، أما الشق الجنائي من الدعوى فلا علاقة له به؛ إذ لا يعد طرفًا من أطراف الخصومة الجنائية التي انعقدت بين النيابة العامة والمتهم، وتنحصر طلباته - باعتباره مدعيا بالحقوق المدنية - في طلب تعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء الجريمة التي اقترفها المتهم في الدعوى الموضوعية، فهو لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه حولها، وإنما يدخل فيها بصفته مضرورا من الجريمة التي وقعت، طالبا تعويضه مدنيا عن الضرر الذي لحق به، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا تبعيتها لها
وحيث إن المادة (259) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "تنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني، ومع ذلك لا تنقضي بالتقادم الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (15) من هذا القانون والتي تقع بعد تاريخ العمل به
وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها". 
وحيث إن مفاد هذا النص - وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن لكل من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية أسباب انقضاء خاصة بها، فأسباب انقضاء الدعوى الجنائية مقصورة عليها وحدها ولا تأثير لها على انقضاء الدعوى المدنية التي تنقضي كأصل عام بمضي المدة المقررة في القانون المدني
وحيث إن الدفع المبدي من المدعى عليه الخامس – المدعى عليه في الدعوى الجنائية – بانقضاء الدعوى بمضي المدة عملاً بحكم المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية والتي تقضي بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ليس له من صلة بالدعوى المدنية فلا تسقط تبعا لها، ولا تأثير لهذا الانقضاء على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، إذ المقرر - وفقًا لما تقدم - أن التقادم في الدعوى الجنائية يسقط حق الدولة في العقاب، أما حق المدعي بالحقوق المدنية في التعويض فيظل قائما لا ينقضي إلا بانقضاء المدة المقررة لانقضاء الحقوق في القانون المدني على النحو الذي قررته المادة (172) منه، ومن ثم فإن المركز القانوني للمدعي، باعتباره مدعيا بالحق المدني - وهو ليس طرفًا من أطراف الدعوى الجنائية لن يتغير حتى ولو قُضي بعدم دستورية النصين المطعون فيهما؛ اللذين ينظمان وقف وانقطاع سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية، وبالتالي لا يكون للمدعي ثمة مصلحة في الطعن بعدم دستوريتهما؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق