الطعن6 لسنة 37 قضائية "منازعة
تنفيذ".جلسة
6/2/2016
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من فبراير سنة 2016م،
الموافق السابع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1427هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدکتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد
عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر.
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 37
قضائية "منازعة تنفيذ".
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة
جنايات القاهرة في الجناية رقم 3237 لسنة 2013 المقيدة برقم 1791 لسنة 2013 جنايات
کلي جنوب القاهرة، متهمة إياه بأنه في يوم 4/3/2013، بدائرة قسم شرطة المعادي/
محافظة القاهرة: (1): أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدسا فردي
الإطلاق"، (2): أحرز ذخائر (عدد ثلاث طلقات) مما تستعمل على السلاح الناري
سالف البيان بدون ترخيص. وبجلسة 9 فبراير سنة 2014، قضت تلك المحكمة حضوريًا
بمعاقبة المدعي بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه، لم يرتض
المدعي هذا الحكم، فطعن عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 9414 لسنة 84 قضائية
فقضت تلك المحكمة بجلسة 4 نوفمبر سنة 2014، بتأييد الحكم المطعون عليه. وإذ أصدرت
المحكمة الدستورية العليا حكمها في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية
"دستورية"، تقدم المدعي بالتماس إلى النائب العام طالبًا إعادة محاكمته
في ضوء هذا القضاء إلا أنه تم حفظه على سند من أن الحكم الجنائي أصبح نهائيًا
وباتًا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة
والذخائر، المُستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 تنص على
أن: "يُعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز،
بالذات أو بالواسطة، بغير ترخيص، سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2)
المرافق.
ويُعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تجاوز خمسة عشر ألف جنيه كل من يحوز
أو يحرز، بالذات أو بالواسطة، بغير ترخيص، سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم
الأول من الجدول رقم (3) المرافق.
وتكون العقوبة السجن المؤبد، وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان
الجاني حائزا أو محرزا، بالذات أو بالواسطة، سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها
بالقسم الثاني من الجدول رقم (3).
ويعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز،
بالذات أو بالواسطة، ذخائر مما تُستعمل في الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقمي
(2 و3).
وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان
الجاني من الأشخاص المذكورين بالبنود من (ب) إلى (و) من المادة (7) من هذا القانون.
ومع عدم الإخلال بأحكام الباب الثاني مكررا من قانون العقوبات، تكون
العقوبة السجن المشدد أو المؤبد...... .
واستثناءً من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات، لا يجوز النزول
بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في هذه المادة".
وتنص المادة (17) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937
على أن: "يجوز في مواد الجنايات – إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها
الدعوى العمومية رأفة القضاة - تبديل العقوبة على الوجه الآتي:
- عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
- عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
- عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن
ستة أشهر.
- عقوبة السجن بعقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة أشهر".
وحيث إن المدعي أقام منازعة التنفيذ الراهنة؛ على سند من القول بأن
الحكم الجنائي البات الصادر بإدانته، يُعد عائقا يحول دون إعمال الأثر الرجعي
للحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في القضيتين الدستوريتين رقمي 196
لسنة 35 قضائية بجلسة 18/11/2014 و78 لسنة 36 قضائية بجلسة 14/2/2015، تطبيقا لما
نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ من أن الأحكام التي تصدر بالإدانة استنادا إلى نص
جنائي قضي بعدم دستوريته تُعتبر كأن لم تكن، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية
لهذا القانون بأنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي، فإن جميع
الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص تُعتبر كأن لم تكن، حتى ولو
كانت أحكاما باتة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص
المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقا لنص المادة (50) من قانونها الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونا - بمضمونها -
دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها،
ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار
القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا
لإزاحة هذه العوائق التي يُفترض أن تكون قد حالت فعلاً، أو من شأنها أن تحول، دون
تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحًا مكتملاً، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ
أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطل مجراه. بيد أن تدخل هذه المحكمة لهدم
عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص
الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز يفترض أمرين؛ أولهما: أن تكون هذه
العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو
مقيدة لنطاقها، ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيّا بها
ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة؛ فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل
تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية، وهي بطبيعتها من الدعاوى
العينية، قوامها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقابلة النصوص التشريعية
المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريّا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية،
ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها،
وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية
التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا
بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت في مضمونها، كما أن قوة
الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتميًا بحيث
لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية
وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .... .
فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي، تُعتبر الأحكام التي
صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ
النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه".
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن قانونها - ضمانا
لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز
الإخلال بها عدوانا - قد نص في المادة (49) منه على أنه إذا كان الحكم بعدم
الدستورية متعلقا بنص جنائي فإن أحكام الإدانة الصادرة استنادًا إليه تُعتبر كأن
لم تكن. وهو ما يعني سقوطها بكل آثارها ولو صار الطعن فيها ممتنعًا، لتفارقها قوة
الأمر المقضي التي قارنتها، وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون المحكمة
الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية، وهي - بعد - رجعية لا
قيد عليها ولا عاصم منها، بل يكون أثرها جارفا لكل عائق على خلافها ولو كان حكمًا
باتا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن التفسير المنطقي السديد
لما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون هذه المحكمة؛ بشأن إعمال الأثر الرجعي للحكم
الصادر منها بعدم دستورية نص جنائي صدر بالإدانة واعتباره كأن لم يكن ولو كان
باتا، ينسحب إلى الأحكام التي تزيل وصف التجريم أو تضيّق من مجاله؛ باعتباره وضعًا
تأباه العدالة إذا ما أسقط الحكم هذا الوصف عن الأفعال التي ارتكبها المتهم، أو عن
طريق تعديل تكييفها، أو بتغيير بنيان بعض عناصرها، بما يمحو عقوبتها كلية أو
يجعلها أقل وطأة؛ استنادًا إلى أن هذا الحكم يسري في شأن الأحكام السابقة على
صدوره ولو كانت باتة، طبقا لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة
الدستورية العليا المشار إليه.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الحكمان الصادران من المحكمة
الدستورية العليا في القضيتين الدستوريتين رقمي 196 لسنة 35 قضائية بجلسة
8/11/2014 و78 لسنة 36 قضائية بجلسة 14/2/2015، ولئن لم يتعرضا - سواء في
منطوقيهما أو ما يتصل بهما من أسبابهما اتصالاً حتميًا - للفصل في دستورية أي من
نصوص مواد الاتهام المسند إلى المدعي ارتكاب الجرائم الواردة بها، والتي صدر على
أساسها الحكم بمعاقبته في القضية الجنائية المشار إليها، وهو الحكم الذي يطلب عدم
الاعتداد به في منازعة التنفيذ الراهنة، إلا أنهما انتهيا إلى عدم دستورية نص
الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة
والذخائر، المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، فيما
تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات، بالنسبة للجرائم
المنصوص عليها بالفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة ذاتها؛ وتبعًا لذلك،
ينصرف أثر هذين الحكمين إلى إزالة القيد الوارد على السلطة التقديرية لمحكمة
الموضوع بنص الفقرة الأخيرة من المادة (26) المشار إليها، وهو القيد المتمثل في
عدم جواز النزول بالعقوبة؛ بما يجعل حكمها - بعد إزالة هذا القيد - أقل وطأة؛ إذا
ارتأت استعمال سلطتها التقديرية طبقا لنص المادة (17) من قانون العقوبات، ومن ثم
يكون حكم محكمة جنايات القاهرة المشار إليه، فيما تضمنه من عدم إمكان استعمال تلك
السلطة التقديرية، مخالفا لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكميها الآنفي
الذكر، وتبعًا لذلك يشكل عقبة عطلت تنفيذ هذين الحكمين؛ مما يتعين معه القضاء
بإزالتها، وما يترتب على ذلك من إعادة نظر الدعوى الموضوعية واسترداد محكمة جنايات
القاهرة سلطتها التقديرية في هذا الصدد؛ نتيجة الأثر الكاشف لحكمي المحكمة
الدستورية العليا؛ إعمالاً لأحكام المادة (49) من قانونها على النحو السالف البيان.
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة جنايات القاهرة المشار إليه
يُعد فرعا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ الماثلة، وإذ قضت هذه المحكمة في
موضوع النزاع على النحو السالف البيان؛ فإن مباشرتها اختصاص البت في طلب وقف تنفيذ
ذلك الحكم قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة
الدستورية العليا في القضيتين الدستوريتين رقمي 196 لسنة 35 قضائية بجلسة
8/11/2014 و78 لسنة 36 قضائية بجلسة 14/2/2015، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ
مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق